جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء
الفصل السادس عشر - بقلمي منى سليمان
* العرض الأول *
وصل أدم إلى وجهته وصعد مُباشرةً إلى الطابق العاشر ليزف الخبر إلى حبيبته... طرق الباب على غير عادته بطريقة موسيقية فتركت ماجدة مقعدها واتجهت صوب الباب وفتحته فدلف أدم وشاكسها كعادته لكنه لاحظ على الفور دموع خالته فاقترب منها ثم ثنى ركبتيه وجلس القرفصاء
- مين مزعل قمري؟
لم تجيبه ولو بكلمة فلاحظ تبدل ملامح الجميع وتابع: أنتوا عاملين كده ليه؟
ما أن تفوه بكلماته دلفت جوري مستندة على ذراع أحمد وخلفها لمياء وعماد فجحظت عينيه وهو يكاد لا يصدق حالتها المزرية فابتلعت ريقها بصعوبة وتمسكت بعمها ثم طلبت منه التقدم من والدتها فساعدها على الفور وخلال لحظات قليلة جلست إلى جوار أحلام وعانقتها ثم رددت بوهن
- ما تعيطيش، أنا كويسة
- ليه كده يا بنتي؟ ده أنا مليش غيرك
- حقك عليا والله غصب عني
كادت أحلام أن تتحدث لكن سبقها أدم وتساءل بعد أن استوعب ما حدث: إيه اللي حصل؟
ابتعدت جوري عن صدر والدتها ثم كفكفت دموعها وأجابته: حادثة بسيطة وربنا ستر
- حادثة!!!
رددها أدم باندهاش وغضب ملحوظ فتدخل أحمد ليمتص غضب ابن شقيقه الذي يعلمه جيداً فربت على كتقه وتحدث بهدوء
- مش وقت تحقيق يا أدم، جوري تعبانة وأحلام كمان
وجه نظراته صوب ماجدة وتابع: يلا يا ماجدة خدي أحلام ترتاح في سريرها، وأنتي يا فاطمة ساعدي جوري ووصليها لأوضتها، وأنتي يا لمياء أدخلي جهزيلنا الغداء ومش عايز لا خناق ولا نكد في البيت
حركت لمياء رأسها بالموافقة ونفذت رغبة والدها وكذلك فعلت ماجدة وتبعتها فاطمة فبقى أدم واقفاً وهو مازال تحت تأثير الصدمة فتنحنح عماد قائلاً
- طيب يا عمي أنا هرجع شقتي و
قاطعه أحمد قائلاً: أقعد يا عماد أتغدى معانا، أنت مش غريب
- بس
قاطعه مرة أخرى قائلاً بحزم: ما توجعش قلبي أنت كمان، كفاية التور اللي هيدخل يسود عيشه جوري دلوقتي
قال كلمته الأخيرة وهو يوجه نظراته صوب أدم الذي أعاد طرح سؤاله فقص عليه عمه كل ما حدث، فتضاربت المشاعر بداخله بين الحزن لوجود كل هذا الخوف بداخلها لدرجة دفعتها لعدم الانتباه للسيارة وبين الغضب لأنها لم تنتبه لطريقها كما يطلب منها دائماً وبالنهاية تغلبت عاطفته على غضبه فزفر بضيق وهتف
- أنا لا هزعلها ولا هتخانق يا عمي، أنا زعلان من نفسي علشان ما كنتش جمبها وقت ضعفها وخوفها
- خلاص يا أدم اللي حصل حصل ولا إيه يا أستاذ عماد؟
فاق عماد من شروده وأفكاره والشك الذي تملكه وأخبره أن هناك علاقة بين أدم ولمياء كونها تعيش معه بذات المنزل وزاد شكه حينما تعرف إلى أدم ورأى وسامته التي قد تجذب الكثير من الفتيات، لكنه بالنهاية نفض الأفكار من رأسه وأجاب قائلاً
- عندك حق يا عمي، الندم والعتاب مالهومش لازمة
- هدخل أطمن عليها
قالها أدم ثم ترك مقعده واتجه إلى غرفة جوري بينما اعتذر أحمد من عماد وذهب إلى غرفة أحلام ليطمئن عليها، فغادرت لمياء المطبخ بعد أن أعدت كوباً من عصير الليمون لأحلام وأخر لجوري، بالإضافة إلى فنجان قهوة لعماد فاقتربت منه وقدمت إليه الصينية ثم قالت برقة
- عملت لحضرتك فنجان قهوة، يارب تعجبك
- متشكر
تعلقت عينيه بعينيها للحظات فخجلت بشدة وابتعدت قليلاً إلى الخلف لكنه لم يستسلم فوقف عن مقعده واقترب منها ثم أخد الصينية ووضعها على الطاولة وعاد لينظر إلى عينيها وهو يتساءل
- أدم زي سعد بالنسبالك، مش كده؟
- أكيد طبعاً وعمري ما شوفته غير أخويا
لا تعلم لما أجابته على الفور بدون أي تردد أو تفكير بالرغم من اندهاشها للسؤال فشعر بالراحة ثم أخذ فنجان القهوة وعاد ليجلس على مقعده وكأن شيئاً لم يكن فازداد اندهاشها لكنها لم تُعلق وحملت الصينية ثم اتجهت صوب غرفة أحلام فتنفس عماد بعمق وتمتم في نفسه
- أكيد مش بتكدب، مستحيل تكون زيهم، مستحيل تخون، قلبي بيقولي كده
****
بغرفة جوري...
طرق أدم الباب ودلف إلى الداخل بعد أن سمحت له والدته فاقترب من جوري وجلس على حافة فراشها، ثم تأمل ذراعها والكدمات التي افترشت وجهها فشعر بغصة في قلبه لكنه لم يُظهر ذلك وسألها بصوت هادئ لم تتوقعه في مثل هذا الموقف
- في حاجة بتوجعك؟
حركت رأسها يميناً ويساراً بالنفي فتابع: أنا مش زعلان منك، أنا زعلان عليكي
تلألأت الدموع داخل مقلتيها ثم تحدثت بنبرة صوت كساها الألم: كنت خايفة ومعرفتش أنا بعمل إيه، ولسه خايفة أنها تمشي وتسيبني لوحدي في الدنيا
- عمرك ما هتبقي لوحدك كلنا جمبك و
توقف عن إكمال كلماته حينما انتبه إلى والدته التي كانت تتابع ما يحدث وهي تضع كف يدها أسفل وجنتها فمط شفتيه واصطنع الغضب قائلاً
- جرا إيه يا حاجة طمطم، فاكرة نفسك في السينما ولا بتابعي تركي
- أنت عديت مرحلة التركي يا عين طمطم، دخلت مرحلة النحنحه
ضحكت جوري بجنون على حرب المشاكسات التي انطلقت بين أدم ووالدته فضيق أدم بين حاجبيه وردد بغيظ
- بتضحكي، ده بدل ما تقوليها أطلعي منها
- مقدرش طمطم حبيبتي
غمز لها أدم بمشاكسة وسألها: طيب وأنا؟
توردت وجنتيها خجلاً نظراً لوجود فاطمة ومع ذلك استجمعت شجاعته وأجابته: وأنت كمان حبيبي
- حاسه أني قرطاس في النص
- ده مش إحساس يا طمطم ده أمر واقع
قالها أدم ثم ركض مبتعداً وغادر الغرفة على الفور قبل أن تفتك به والدته فضحكت جوري من جديد متناسية كل ما مرت به
****
بالمسرح...
جلست فاتن تتابع الاستعدادات النهائية للعرض للمسرحي الخاص بوالدها وهي تشعر بالضجر فأخرجت هاتفها والتقطت لها صورة ثم قامت بنشرها على كافة مواقع التواصل الاجتماعي خاصتها وكتبت (جيت أحضر أخر بروفة لمسرحية دادي الجديدة، ربنا يخليه ليا)، خلال لحظات قليلة بدأ متابعيها في التعليق على الصورة فلمعت عينيها فرحاً وبقت هكذا حتى اقترب منها فريد وتحدث بغيظ
- الأستاذة جاية تتفرج على بروفة العرض ولا
قاطعته قائلة: سوري داد بس كنت بعمل للعرض دعاية و
توقفت عن إكمال كلماتها حينما اقترب مساعد والدها وبيده الغلاف الدعائي الأخير فرأت صورة الشاب الذي اصطدمت به فور وصولها وتساءلت
- مين ده؟
- شاب جديد بس هيكون ليه مستقبل في التمثيل
أجابها فريد ثم أدار وجهه وتحدث لدقائق مع مدير أعماله فشردت فاتن وتمتمت في نفسها
- شكلي هاجي أحضر العرض كمان
فاقت من شرودها عندما انتهى والدها وبدأ يتحدث معها ويُعطيها النصائح كعادته فاصطنعت الاهتمام ثم حملت حقيبتها وودعته، وخلال لحظات قليلة انطلقت بسيارتها لتعوض الأيام التي قضتها برفقة العجوز صاحب الأموال الطائلة
****
على مائدة الطعام اجتمعوا وجلسوا في انتظار أحلام لكنها لم تستطع مغادرة الفراش فعادت ماجدة من غرفتها وهتفت
- بتقول مش قادرة تقوم
تبدلت قسمات وجه جوري ووقفت عن مقعدها ثم طلبت من فاطمة مساعدتها للذهاب إلى غرفة والدتها فنفذت رغبتها على الفور وتبعها أحمد وأدم، بينما اتجهت ماجدة صوب غرفتها لتصلي فرضها لحين عودة الجميع فبقت لمياء جالسة على المقعد المقابل لعماد
- الأكل شكله تحفة، تسلم أيدك
- ماما اللي طابخه، أنا يادوب كملته لما هي انشغلت
قالتها ثم وجهت نظراتها صوب المائدة لشعورها بالخجل فابتسم على فعلتها وأكمل حديثه بجدية مصطنعة
- لما وقتك يسمح قوليلي أبعتلك العقد تمضيه
- حاضر
قالتها باقتضاب دون أن تنظر إليه فقرر مشاكستها قائلاً: هو أنتي جعانه أوي كده؟
- أنا؟!
تساءلت باندهاش بعد أن رفعت رأسها ونظرت إليه فحرك رأسه لأعلى وأسفل ليؤكد ما سمعته ثم هتف مازحاً
- أصلك مش بتبصيلي وبتبصي للأكل وبس
كادت أن تتحدث لكنها انتبهت إلى عودة الجميع برفقة أحلام وجلس كل واحد منهم على مقعده فأنضمت ماجدة إليهم وتناولوا الطعام في جو أسري افتقده عماد منذ نعومة أظافره، وبمجرد أن فرغوا نظر أحمد إلى أدم وتحدث بجدية
- أنا وماجدة لازم نسافر بكرة علشان عندي شغل مهم، تخلي بالك من الأمانة اللي سايبهالك
غمز أدم إلى عمه واصطنع الجدية قائلاً: دول أربع أمانات وكلهم في عينيا ما تقلقش وراك راجل
قالها بعد أن ضم قبضة يده وضرب بها صدره فضحكوا جميعاً على فعلته، وما أن توقفوا عن الضحك وقف أدم عن مقعده وأخبرهم بمستجدات الأمور وكيف حصل على دور لا يقل أهمية عن دور البطولة فشعروا جميعاً بالسعادة لأجله عدا فاطمة فرمقها أدم بنظرة عتاب وتساءل
- مش هتقوليلي مبروك؟
- مبروك با أبو دماغ ناشفه
- كان نفسي تكونوا معايا بس شكلي هكون لوحدي، عمي مسافر وجوري مش لازم تتعب نفسها زي الدكتور ما قال ولولي بتدلع علينا وطمطم مش طيقاني و
- أنا هاجي أتفرج
قالتها لمياء ما أشعل غيرة عماد فهتف بدون تردد أو تفكير: وأنا كمان، أنا أعرف أستاذ فريد معرفة شخصية
تنفس أدم براحة ثم نظر إلى عماد وقال: مش عارف أشكر حضرتك أزاي، وأنتي يا لمضة متشكر على الجدعنة
- يا ابني إحنا فنانين زي بعض، مش كده يا أستاذ عماد؟
تساءلت لمياء فحرك عماد رأسه مؤكداً ما قالته بينما مالت جوري على أذنها وتمتمت بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس
- يخربيت المحن، مش كده يا أستاذ عماد
قالتها مقلدة طريقة لمياء فوكزتها الأخيرة في قدمها فتأوهت جوري بشدة، فشعر أدم بالقلق عليها وطلب منها الاسترخاء قليلاً وساعدها على الذهاب إلى غرفتها، وكذلك ساعدت فاطمة شقيقتها على العودة إلى غرفتها فبدأت ماجدة في إفراغ محتويات السفرة برفقة لمياء بينما نظر أحمد إلى عماد وهتف
- مش هوصيك على لمياء والدنيا الجديدة اللي داخله عليها
- ما تقلقش يا عمي، أنا هكون معاها خطوة بخطوة ومش هتتعطل عن دراستها بأمر الله
- ربنا يكرمك يا ابني
- معلش أنا لازم استأذن، لازم أروح أفك السلك بتاعي
تفهم أحمد الوضع وترك عماد يغادر فعاد إلى شقته ليأخذ مفتاح سيارته لكنه توقف حينما وجد كتب لمياء الخاصة بالجامعة وروايته التي أخذتها معها إلى الجامعة علها تنتهي من قرأتها وتعلم من الجاني، فالتقط روايته وكتب لها إهداء، ثم أخذ ما جاء من أجله وقبل الذهاب اتجه صوب شقة أحمد ففتحت لمياء
- نسيتي كتبك وروايتي
شكرته وأخذت منه الكتب فتابع: كتبتلك إهداء يارب يعجبك، باي
لم ينتظر ردها وغادر على عُجالة فتنهدت براحة وأغلقت الباب ثم اتجهت مُباشرةً صوت غرفتها وجلست على أحد المقاعد لتقرأ ما كتب لأجلها
(إهداء إلى الطبيبة المزعجة، وجارتي المشاكسة، وزميلتي المتجددة...
إهداء إلى الفتاة المختلفة التي كلما قابلتها حدثت كارثة، فصرت أعشق الكوارث لأجلها... عماد القاضي)
رفعت رأسها عن الكتاب وابتسامة ساخرة تزين ثغرها ثم أمسكت هاتفها وقررت مراسلته فكتبت
(حبيت الإهداء، بس أنا مش مزعجة وبالنسبة للكوارث مش كتير يادوب كنت هتخطف وبعدها أنت تعبت والنهارده جوري تعبت، مش كتير يعني)
صدح صوت رنين هاتفه فأخرج هاتفه من جيب سرواله ثم قرأ الرسالة وابتسم ثم استرد أنفاسه وكتب
(ربنا يستر من الكارثة الرابعة)
(يارب)
****
مضى يومين هادئين لم يتغير خلالهما الكثير...
* سافر أحمد ليتابع أعماله ويباشر الأراضي الزررعية المملوكة له ولورثة شقيقيه، بينما تابع أدم الاستعدادات النهائية للعرض وبرع في أداء الشخصية الجديدة التي أُسندت إليه فشعر فريد بالرضا لنجاح اختباره *
* بقت جوري بالمنزل ولم تداوم بالجامعة تنفيذاً لأوامر الطبيب، ولازمت والدتها طوال الوقت علها تساعدها في تخطي المحنة والألم الجسدي بعد جرعات العلاج الكيميائي *
* كان عماد دائم مراسلة لمياء وحصل على توقيعها على العقد قبل وقوع الكارثة الرابعة، وشعر كذلك بالسعادة لأنها أنهت قراءة الرواية وبادلت إهدائه بتحليل عميق لأحداث روايته من حيث السرد والحوار والحكبة والصراع *
* عادت سهلية إلى منزلها مختلفة تماماً عن تلك المهشمة بعد الفضيحة والطلاق فقد قررت نسيان ما حدث لتستطيع المضي قدماً أو بالأحرى لتستطيع اصطياد رجل جديد، ولم تقل وقاحة فاتن عن وقاحة والدتها فقد قضت اليومين بين البارات والرقص والتدخين، ومع ذلك لم تنسى موعد العرض الأول الخاص بوالدها فقررت الذهاب لتطارد هي الأخرى فريستها *
*****
أغلقت الكتاب وشردت بشدة وبدأت تفكر في حبيبها الذي ستتبدل حياته بعد عدة ساعات، دار برأسها ألف سؤال وسؤال خوفاً من فقدانه، ومع ذلك نفضت جميع الأفكار من رأسها وتركت مقعدها ثم غادرت الغرفة واتجهت صوب غرفته وطرقت بابها لكنه لم يُجيب فعادت أدراجها إلى الخلف استعداداً للمغادرة إلا أنها اصطدمت بصدره وأدارت جسدها على الفور وحمرة الخجل تزين وجنتيها، فرفع كلا حاجبيه باندهاش وسألها بغيظ
- وبعدين في الكسوف ده؟! هتفضلي كده لحد أمتى؟
- بطل رخامة يا أدم
- بطل رخامة يا أدم
رددها مقلداً طريقتها في الحديث فوكزته في صدره وهتفت بغضب: أنت رخم
تخطته وهمت أن تبتعد إلا أنه سبقها وقبض برفق على معصمها ثم أعادها إلى حيث كانت تقف وقال بحزم مصطنع: إياكي تمشي تاني وأنا بكلمك، مفهوم؟
أسرت جوري ابتسامتها وحركت رأسها بالموافقة بعد أن اصطنعت الخوف فغمز لها أدم بمشاكسة وتساءل
- كنتي عايزه حاجة؟
- كنت جايه أشوفك قبل ما تنام، من بكرة هتدخل مرحلة جديدة في حياتك
بدأت كلماتها بنبرة صوت عادية وأنتهت بنبرة حزينة فهمها جيداً وقرر بث الطمأنينة بقلبها
- قصدك بكرة هندخل مرحلة جديدة في حياتنا
- أفهم من كده مش هتتغير ولا هتنساني وتروح لغيري؟
- لو عندك شك تعالي جوه وأضيعهولك
تطاير شرار الغضب من عينيها ووكزته من جديد في كتفه فتأوه كمشاكسة لها لكنها لم تهتم ورددت كعادتها: أنت قليل الأدب
تركته وعادت إلى غرفتها وهي تشعر بقليل من الألم في ذراعها وقدمها فراقبها أدم وهو يعقد ذراعيه أمام صدره، وبمجرد أن دلفت إلى غرفتها تمتم بغيظ
- البت دي بتطلع عليا إشاعات، قال قليل الأدب قال، هي اللي هبله وربنا
****
في الخامسة من عصر اليوم التالي وصل أدم إلى المسرح وهو يشعر بالتوتر والسعادة في آن واحد... دلف إلى الداخل واتجه مُباشرةً صوب الغرفة المُخصصة له...
في المساء انتهت لمياء من إبدال ثيابها لتذهب إلى المسرح وتتابع العرض الأول كما وعدت أدم فراقبتها جوري وهي تسند يدها أسفل وجنتها فتفهمت لمياء حزنها وهتفت
- معلش كلها أسبوع عشر أيام وتروحي تتفرجي وأنا لو قدرت هصورلك
- ماشي، بس خلي بالك لحد يعاكسه
- من عينيا، باي
ودعت الجميع وغادرت ثم وقفت في انتظار المصعد فاقترب عماد منها وهو يرتدي حلة سوداء أنيقة للغاية زادت وسامته وسامة فتسارعت نبضات قلبها في سعادة
- مساء الخير
- مساء النور، البدلة شيك أوي
- وأنتي كمان حلوة أوي
اندهشت بشدة وظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهها فتنحنح ثم تابع: رايحة لأدم؟
- أيوه وحضرتك رايح ولا غيرت رأيك؟
- حضرتي رايح
أجابها بغيظ ثم فتح باب المصعد فدلفت إلى الداخل وهي تأسر ضحكتها بصعوبة فقد بدأت تعشق كلمة (حضرتك) حتى ترى رد فعله الغاضب.... خلال لحظات قليلة توقف المصعد بالطابق الأرضي فودعته لمياء وهمت أن تغادر لكنه سبقها وقال بثبات
- إيه رأيك نروح سوا بدل ما تروحي مع السواق؟
- مش عايزه أضايق حضرتك
- الله يخربيت حضرتي
هكذا تمتم في نفسه ثم رسم ابتسامة على شفتيه وهتف بغيظ: حضرتي مش مضايق، يلا
نفذت رغبته ومضت برفقته إلى السيارة فانطلق إلى وجهته وساد الصمت لدقائق قطعها حينما أردف مازحاً
- عقبال حفل توقيع كتب حضرتكِ
اصطنعت عدم الفهم وقررت مبادلته المشاكسة فهتفت: متحمسة أووووي، والفضل لحضرتك
صر عماد على أسنانه دون أن يُظهر لها ذلك وأكمل طريقه في صمت فطالعته بين دقيقة وأخرى، بينما اختلس هو النظر إليها من خلال مرآة السيارة الجانبية وهو يشعر بالربيع يسري بداخله
****
في ذات اللحظة انتهى أدم من إبدال ثيابه ووضع الماكياج الخاص بالشخصية فانصرف جميع من بالغرفة وجلس هو يراجع الحوار، وبمجرد أن انتهى التقط هاتفه ليتحدث إلى حبيبته لكن قاطعه صوت طرق على باب الغرفة فترك الهاتف واتجه صوب الباب وفتحه ليتفاجأ بوجود فاتن التي لوحت بيدها مرحبة وقالت بدلال
- هاي (Hi)
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
No comments:
Post a Comment