02/09/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Saturday, February 9, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 09, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان




طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل السادس - بقلمي منى سليمان 

* محاضرة *  

اقترب أمير من سيارة نادين وأعطاها الحقيبة، وبمجرد أن وقعت عينيه على خصلات شعرها المبللة بالعصير، انفحر ضاحكاً وقهقه بأعلى طبقات صوته، فاشتعلت غضباً وضربت قدمها في الأرض وهي تقول بحدة وصوت عالٍ

- أنت بتضحك على إااااااايه؟؟ 
- شكلك رهيب، مسخرة بصراحة أخدتي دش بهدومك بس بالعصير

تطاير شرار الغضب من عينيها بينما استمر هو في الضحك، فرمقته بنظرة نارية وهتفت بغيظ

- شكل الصداع راح على منظري
- فعلاً 
- أنت بتكرهني ليه؟ 

توقف عن الضحك ورفع أحد حاجبيه ثم لوح بسبابته في وجهها وهتف بحزم

- أسألي نفسك وأعرفي السبب اللي بيخلي الناس تكرهك قبل ما تيجي تسأليني يا بنت عمي

لم يترك لها فرصة لتتحدث أكثر وغادر إلى عمله فركبت سيارتها وأخذت تضرب المقود مراراً وتكراراً وهي تتمتم

- هخليك تحبني برضاك أو غصب عنك

لم تنتبه إلى السيارة التي كانت تسير أمامها فكادت أن تصطدم بها لكنها جذبت فرامل اليد فتوقفت السيارة واصطدم رأس نادين بالمقود فتأوهت بشدة لكنها تفاجأت بقائد السيارة المارة إلى جوارها

- ما تفتحي يا جاموسة، يخربيت اللي ركبكم عربيات

لوت شفتيها بضجر وهتفت بغيظ: بيئة أوي

*********

انتهى يوم العمل وعادت وعد إلى المنزل وقصت على سوسن تفاصيل يومها عدا معركة العصير فقد كانت تشعر بالخجل من فعلتها والحزن من كلمات المتعجرفة التي انسكب العصير فوق رأسها... انتظرت حتى خلدت سوسن إلى النوم وعادت إلى غرفتها ثم هاتفت حنين وقصت عليها ما حدث وهي تبكي بغزارة

- طيب خلاص ماتعيطيش

قالتها حنين في ذات اللحظة التي دخل فيها حسام إلى الغرفة فأشار إليها متسائلًا إن كانت تتحدث إلى وعد فأشارت إليه بنعم ما جعله يشعر بالقلق، لكنه لم يتحدث وجلس إلى جوار شقيقته ليستمع إلى باقي الحديث 

- بس عارفة في المطعم قالوا أنها كده على طول حتى أستاذ حسين المدير قبل ما أمشي قالي ما أزعلش بس أنا فعلاً غبية زي ما قالت وغلطت لما دلقت عليها العصير، لو أنا مكانها أكيد كنت هضايف
- بس يا بت يا هبله بلا غلطانة بلا بطيخ، والست دي لو جت تاني أدلقي عليها حاجة سخنة

اختلطت دموع وعد بضحكة سمعتها حنين فضحكت هي الأخرى وأردفت مازحة

- أيوه كده أضحكي وأدلقي على الوليه دي براحتك
- طيب يلا أقفلي علشان هنام، تصبحي على خير
- تلاقي الخير يا حبيبتي

ما أن أنهت حنين المكالمة، نظر حسام إليها بإهتمام ثم تساءل بنبرة صوت تحمل القلق

- مالها وعد؟!!!! 
- مفيش دلقت العصير على واحدة فزعلانه 
- بجد ولا في حاجة تانية؟ 
- يا عيني على الحب وقلق الحب و

توقفت عن إكمال كلماتها حينما رمقها بنظرة نارية تعرفها جيداً، فابتلعت ريقها بصعوبة واستطردت قائلة 

- هو ده اللي حصل مفيش حاجة تاني

لم يجيبها لكنه اكتفى بضربة خفيفة على رأسها ثم غادر إلى غرفته وهو يفكر في الجميلة صاحبة العيون البندقية التي دائماً ما تستحوذ على تفكيره ومشاعره التي لا يستطيع معرفة حقيقتها... هل هي حب أم إعجاب أم شفقة أم تعود على وجودها أمامه منذ أن كانت طفلة؟... عاد إلى غرفته ثم جلس على مقعده وأخذ يتذكر دموعها التي تقتله وتذكر كذلك ابتسامتها الرقيقة وملامحها البريئة فارتسمت ابتسامة على شفتيه ثم تنهد براحة وترك مقعده ليبدل ثيابه

**********

في صباح اليوم التالي.... 
كان أمير يجلس في مكتبه حينما دلف أمجد كعادته دائماً بدون سابق إنذا واقترب من ابن خالته وهو يقول 

- أزيك يا ميرو؟ 

قالها مقلداً طريقة نادين في الحديث فاشتعل أمير غضباً وقذفه بالملف الموضوع أمامه على سطح المكتب، لكن تفاداه أمجد بسهولة ثم أخرج لسانه لإغاظة أمير 

- بطل غتاتة يا أمجد
- أبطل غتاتة أزاي وأنا لسه شايفها بره، بصتلي بقرف ومشيت من غير ولا كلمة
- أريح، قولي إيه حدفك عليا؟ 
- خلصت شغلي بدري وقولت أشوفك ونتغدى سوا
- ما تفكرنيش بالغداء، أمبارح صممت أنزل أتغدى معاها وقلبت بمعركة 

جلس أمجد على المقعد المقابل له ونظر إليه بإهتمام فقص عليه أمير ما حدث فانفجر أمجد ضاحكاً ثم استرد أنفاسه وهتف مازحاً 

- حلال فيها
- أكيييييد
- طيب قوم أنا جعان
- حاضر يا مفجوع أفندي

********

أمام مقر إدارة البحث الجنائي.... 
أوقفت أمل سيارتها ثم حملت حقيبتها وترجلت منها.... وقفت تطالع مبنى البحث الجنائي لدقائق ثم أخذت نفساً عميقاً وارتدت نظارتها الطبية ثم دلفت إلى الداخل وهي تشعر بارتباك لم تختبره يوماً... بعد أن تم تفتيشها جيداً اتجهت صوب غرفة مكتب اللواء نجدت حمدي وطلبت من العسكري إخباره أنها بالخارج... دلف العسكري وعاد إليها بعد أقل من دقيقة وسمح لها بالدخول، فتنفست بعمق ودلفت إلى الداخل ثم وقفت أمام مكتب اللواء وهتفت وهي تحاول التماسك 

- أمل أحمد نور الدين صحفية بجريدة نور الغد
- تشرفنا، اتفضلي ارتاحي 

جلست على المقعد المقابل له وأخرجت ملف كان بحقيبتها ثم قدمته إليه فأخذه وهتف متسائلاً 

- طيب تحبي تشربي إيه الأول؟ 
- متشكرة جداً بس حقيقي مش عايزه أشرب حاجة
- زي ما تحبي

قالها ثم أخذ يطالع الأوراق فأغمضت أمل عينيها ودعت الله كثيراً لكي يحقق لها ما تمنت

*********

في المطعم... 
كانت وعد تتابع عملها حينما دلف أمير برفقة أمجد، فتوردت وجنتيها خجلاً حينما تذكرت ما فعلته.... نظر إليها وابتسم حينما رأى تورد وجنتبها ثم مال على أذن أمجد وهتف بصوت خفيض

- هي دي البطلة اللي حمت نادين بهدومها 

التفت أمجد وابتسم ببلاهة حينما وقعت عينيه عليها ثم نظر إلى أمير وهتف مازحاً 

- طيب أروح أبوسها ولا أعمل إيه؟ 
- لا عيب، بس ممكن نديها وسام التميز في النيشان 

انفجر كل منهم ضاحكاً وضرب كل واحد منهم كفه بكف الأخر ثم اتجهوا صوب طاولة في نهاية المطعم وجلسوا فهتف أمجد 

- شاورلها بقى علشان أتفرج براحتي
- أحترم نفسك شكلها بنت محترمة
- جتك نيلا قفل

قالها بغيظ فرمقه أمير بنظرة نارية ثم تعمد الإشارة إلى نادل أخر حتى لا يضايقها فتنفست وعد براحة ورددت في نفسها

- الحمد لله شاور لمصطفى 

*********

في مقر البحث الجنائي... 
لم تتوقف أمل ولو لدقيقة عن الدعاء وهي تفرك أناملها بتوتر، وبعد مرور عدة دقائق من الصمت أزال اللواء نظارته الطبية ورمقها بنظرة اندهاش تبعها سؤال

- أنتي جبتي المستندات دي منين؟ 

قال كلماته بجدية جعلت نبضات قلبها تتسارع، فابتلعت ريقها بصعوبة وهتفت بصوت مرتعش

- في في في 

قاطعها قائلاً بهدوء: أنتي خايفة كده ليه، خدي نفسك وأحكي بالراحة

حركت رأسها بالموافقة ثم تنفست بعمق وهتفت بنبرة صوت ثابتة

- الأوراق اللي في أول الملف أتبعتت من إيميل مجهول وبعدها بدأت أبحث عن باقي المعلومات بنفسي بس لكون المراكز حساسة جداً مقدرتش أوصل لأكتر من كده 
- ممتاز جداً 
- يعني حضرتك هتساعدني؟ 

قالتها بحماس فأجابها قائلاً: الأسماء المذكورة في الورق زي ما قولتي مراكز حساسة وممكن البلد تتقلب علشان كده هطلب منك تنتظري مني مكالمة، هعمل تحريات وهبلغك بنتيجتها بس مش عايز مخلوق يعرف اللي حصل هنا

حركت رأسها كإشارة بالموافقة ثم وقفت عن مقعدها ومدت يدها لتصافحه وهي تقول

- أنا متشكرة جداً جداً جداً 
- العفو ده شغلنا ومهما كان مين متورط أوعدك أن القانون هيطوله
- بعد إذن حضرتك

غادرت أمل وهي في قمة سعادتها بينما جلس اللواء على مكتبه وأخذ يطالع الأوراق مرة أخرى... وبعد مرور عدة دقائق رفع سماعة هاتفه وأمر بعقد اجتماع طارئ لقيادات المباحث الجنائية 

*********

في المطعم.... 
كانت وعد تتجنب الاقتراب من منضدة أمير ولاحظ ذلك بوضوح فكان يبتسم بين تارة وأخرى على الحمرة التي تسكن وجنتيها، ولاحظ أمجد أيضاً الابتسامات التي ترتسم على شفتي ابن خالته فهتف مازحاً 

- إيه يا عم أمير النظام؟ 
- نظام إيه يا أهبل؟ 
- نظام النظرات والابتسامات وال


قاطعه قائلاً بحزم: بطل هبل يا أمجد من أمتى أنا بتاع كده، كل الحكاية أن كسوفها بيضحكني

رفع أمجد أحد حاجبيه ورمق أمير بنظرة يعرفها جيداً فأردف الأخير قائلاً 

- أخلص علشان عندي شغل 
- سيبني أكل براحتي
- يا ابني أنت قربت تاكلني أنا
- أعوذ بالله منك هموت وأنا باكل

قال أمجد كلماته ثم تابع تناول الطعام، فقد تعمد الجلوس لأطول فترة ممكنة داخل المطعم ليتأكد من شكوكه 

*********

في إدارة البحث الجنائي.... 
بدأ الاجتماع الذي ضم جميع قيادات البحث الجنائي وعرض اللواء عليهم الأوراق التي سلمتها أمل فاندهشوا جميعاً وأصيبوا بالصدمة فهتف أحدهم

- الكلام ده ممكن يقلب البلد 
- ده كان نفس إحساسي لما قرأت الورق علشان كده قررت أننا نبدأ نعمل تحريات من غير ما أي متورط يحس

تشاوروا وتبادلوا أطراف الحديث لمدة ساعة كاملة ثم أنهوا الاجتماع وهم عازمون على كشف الحقيقة مهما كلفهم الأمر

**********

في المطعم.... 
أسند أمير يده أسفل وجنته فقد كان يشعر بالغضب الشديد من أمجد الذي مازال يتناول الطعام، فرفع أمجد رأسه وهتف وهو مصطنع عدم الفهم 

- بتبصلي كده ليه؟ 
- بقالك ساعة ونص بتاكل كفاية هتموت بجد
- أعوذ بالله منك ومن ألفاظك، وبعدين المفروض تشكرني علشان قاعد تبص عليها براحتك 

رفع أمير أحد حاجبيه وتمنى أن يفتك برأس هذا الأمجد، لكنه لم يفعل واكتفى بالإشارة إلى النادل فاقترب منه قائلاً 

- تحت أمرك
- الحساب من فضلك
- دقيقة ويكون عند حضرتك 

ابتعد النادل فنظر أمجد إلى أمير وتحدث قائلاً: هادم اللذات ومفرق الجماعات صحيح

- أخرس بقالك ساعة ونص بتاكل ودلوقتي بقيت هادم اللذات، ناقص تاكلني 

أسر أمجد ضحكته بصعوبة ثم وضع يده على بطنه واصطنع الشعور بالألم وهو يتمتم

- اه يا بطني عينك هتجيب أجلي
- قصدك الفجع هيجيب أجلك و

توقف أمير عن إكمال كلماته حينما رأى وعد تقترب بعد أن طلب منها النادل الأخر الذهاب إلى منضدة أمير.... وضعت الحافظة التي تحوي ورقة الحساب على الطاولة ثم ابتعدت دون أن تتفوه ولو بكلمة واحدة فتسرب شعوراً غريباً داخل قلب أمير بينما أسند أمجد يده بهيام على وجنته وقال بهدوء 

- دي حلوة أوي يا ابن خالتي، لو مش عجباك سيبهالي 

لم يجيبه أمير ووضع المبلغ المطلوب داخل الحافظة ثم ترك مقعده وتوجه إلى الخارج فابتسم أمجد ولحق به بعد أن تأكد من شكوكه ثم مضى برفقة أمير وهو يغني

- الجردل طب ااااااه والله طب ااااااه 

ابتسم أمير بالرغم من شعوره بالغضب ثم وكز أمجد في كتفه وهتف بغيظ

- أنا جردل يا مشراحجي
- ماله المشرحجي يا حبيب نادين زفت الطين

توقف أمير عن السير وشعر برغبة في الفتك بابن خالته لكن الأخير لم يهتم وأخرج لسانه في محاولة لإغاظته ثم لوح إليه بيده مودعاً ودلف إلى سيارته، فابتسم أمير على جنونه ثم دلف إلى المشفى ليتابع عمله 

*********

مضت أيام تلتها أيام وتبدل حال الجميع... 

* تعودت وعد على حياتها الجديدة، كانت تذهب صباحاً إلى العمل وتتجنب أمير كلما رأته، وتعود مساءاً لتقص على سوسن تفاصيل يومها... كما أنها قدمت أوراقها في كلية الطب وحققت ما تمنت*

كان أمير دائم الذهاب إلى المطعم، وكلما وقعت عينيه عليها كان يبتسم على الحمرة التي دائماً ما تسكن وجنتيها في وجوده

لم يتوقف أمجد عن مشاكساته لأمير وإغاظته لنادين "زفت الطين" كما لقبها

انتظرت أمل الاتصال الذي وعدها به اللواء نجدت لمدة شهرين كاملين لكنه لم يتصل

*كان حسام دائم السؤال عن وعد، وكُلف بمتابعة التحريات الخاصة بقضية أمل *

انتظرت حنين أن يعملها شقيقها كيفية قيادة السيارة، لكنه كان دائم الانشغال، فقررت أن تتعلم بمفردها عن طريق تطبيق" اليوتيوب"

كانت والدة وعد دائمة الاتصال بها وكانت وعد تفرح كثيراً بإهتمام والدتها بالرغم من كل ما حدث

سيطرت منيرة بشكل كامل على يحيى وأمواله فأصبح كالخاتم في إصبعها ترتديه وقتما تريد، وتزيله متى شاءت

*********

انتهت أجازة نهاية العام الدراسي وتركت وعد عملها لفترة مؤقتة حتى تهتم بدراستها... واندهش أمير لعدم رؤيته لها فقد ذهب إلى المطعم لمدة ثلاث أيام متتالية لكنه لم يجدها... وفي صباح اليوم الرابع تململت وعد في فراشها ثم فتحت عينيها بصعوبة حينما صدع صوت رنين هاتفها... تعالت شهقاتها حينما وقعت عينيها على ساعة الهاتف تشير إلى الثامنة والنصف فانتفضت عن فراشها وأجابت المكالمة قائلة

- يالهوي يا حنين راحت عليا نومة
- طيب أهدي لسه نص ساعة هتلحقي بأمر الله
- أمبارح كانوا بيقولوا دكتور المادة دي ما بيدخلش حد وراه
- معلش يلا غيري هدومك وأنزلي

أنهت المكالمة وارتدت ثيابها بسرعة لم تعتادها من قبل ثم غادرت دون أن تأكل شيئاً... أوقفت سيارة أجرة أوصلتها إلى الجامعة في التاسعة والربع، فترجلت منها وركضت إلى الداخل ثم وقفت أمام باب إحدى قاعات المحاضرات وترددت في طرق بابها، لكنها قررت الدخول فطرقت الباب وفتحته لتجد مفاجأة من العيار الثقيل في انتظارها... تقابلت عينيها بعينيّ أمير المختبئة تحت نظارته الطبية... لم تستطع أن تتفوه ولو بكلمة فقد سيطرت الصدمة عليها، بينما شعر أمير بسعادة لا يعرف سببها...  لم يراها لمدة ثلاث أيام واليوم تقف أمامه كطالبة بكلية الطب ما زاد إعجابه بها... لاحت شبه ابتسامة على شفتيه لكنه خبأها حتى لا يراها أحد ثم أشار إليها بالدخول وهو يقول بجدية مصطنعة حتى يستمع إلى صوتها

- أخر مرة يا دكتورة، ما بحبش حد يدخل بعدي

انتظر أن يأتيه ردها إلا أنها اكتفت بتحريك رأسها كإشارة بالموافقة ثم اتجهت صوب حنين وجلست إلى جوارها.... لم تستطع أن تنظر إليه فقد كانت تشعر بالإحراج، فهي الأن تجلس أمام دكتورها الجامعي الذي يعرف جيداً أنها تعمل نادلة بمطعم يرتاده دائماً... تلألأت الدموع في عينيها وجاهدت لتأسرها بالداخل لكنها لم تستطع فخانتها دمعة وسالت برفق على وجنتها رآها أمير بوضوح واندهش بشدة.... أزال نظارته لتعلو همسات الفتيات، لكنه لم يهتم لهن بل اقترب من المكان الذي تجلس به وعد ثم تحدث بصوت رجولي تألفه جيداً 

- بما أن دي أول محاضرة لينا، فأنا حابب أعرفكم بنفسي وأتعرف بيكم قبل ما نبدأ الدراسة،هبدأ بنفسي أمير أحمد نور الدين جراح قلب

قال كلمته الأخيرة وهو ينظر إلى عينيّ وعد ثم هتف بجدية مصطنعة

- نتعرف بالدكتورة

ابتلعت ريقها بصعوبة وشعرت بهروب الكلمات فوكزتها حنين في قدمها ثم تحدثت عوضاً عنها قائلة

- سوري يا دكتور، أصل وعد عندها برد وصوتها رايح
- وعد 

رددها بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس ثم انتقل إلى حنين وتعرف عليها وانتقل إلى باقي الطلاب حتى لا يشك أحد في غرضه من السؤال فقد كان يريد معرفة أسمها.... بعد مرور ساعتين انتهت المحاضرة وبدأ الطلاب في المغادرة وتجمع البعض منهم حول أمير الذي كان يختلس النظر إلى وعد بين تارة وأخرى... غادرت حنين لتذهب إلى الحمام وبقت وعد جالسة كما هي فقد انتظرت مغادرته حتى تغادر، ولكن انصرف الجميع عدا أمير بعد أن اصطنع البحث عن شيء فقده خلال المحاضرة فتركت وعد مكانها وهمت أن تغادر لكن أوقفها صوته حينما هتف

- مفيش سلام عليكم يا دكتور أمير؟!!! 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة.. دائرة حقوق المؤلف

عناق المطر/moonlight

February 09, 2019 0
عناق المطر/moonlight
العناق الحادي عشر

إن كان الحب قدرا فأنت قدري، وان كان الحب اختيارا فأنت اختياري، أيتها الفتاة التي مَلكت قلبي وأسرت فؤادي وتحكّمت في احاسيسي ومشاعري، لقد عَرفت أن للحب لذة وللحياة مَعنى، وذلك عندما نبض قلبي و نما حبك بداخلي حتى تملّكني فصرت اسيرا له.

****

في الاربع وعشرين ساعة التالية استعادت ايلينا في ذهنها كل ما حدث منذ تركت المنزل وغادرت ، وسبب ابتعادها
--لم اتوقع عودتك اعتقدت بأنني فقدتك للأبد ، قال ذلك اليكس وهو يقف امامها بعد أن فتح الباب الذي لم يكن مغلقا باحكام
--هل الأمر ازعجك ؟ سألته بمرح وهي تقترب منه بعد ان تركت سريرها لتقف امامه مباشرة
-- هل حقاً تسأليني ايلينا ؟ اه حبيبتي كم اسعدتني عودتك
شعرت بأن روحي قد ردت لي  ،اسند جسده للحائط وسألها
-- لمّ لم تاتي معك فيكي ؟
استغرقتها بضعة ثوان تنظر اليه بعمق ابتسمت وهي تمد يدها لتلامس شعره البني وقالت:
-- لا تعلم بأنني هنا ، لم اخبرها بمجيئي ، وتابعت
هل تعلم اليكس لقد  شعرت أن  عالمي انهار عندما سمعتك تقول 
زوجتي السابقة ، لم اتحمل او استوعب بأنك يوما ما كنت لإمرأة
غيري ، رغم انه كان عليً توقع ذلك ،
وقبل ان تكمل  احتضنها لبرهة من الزمن ثم امسك كفها ونزلا درجات السلم الى المطبخ
-- قررت بأن تعدي لي فنجان قهوة ، أنت تعلمي لا يحلو لي شرب القهوة الا من بين يديك ، أخبرها ذلك وهو يبتسم ، و بينما  جلس على المقعد لمواجتها  تابعت حديثها وهو يصغي لها تماما
--لأول مرة في حياتي تتملكني  الغيرة ، لقد نهشت بسهامها  روحي  كدت اسقط ارضا عندما رأيتها تحتضنك وأنت تستسلم لعناقها وقبلتها ، تابعت وهي تسكب  القهوة ، إنتبهت ان تلك العينان الدافئتان تحدقان بها ، فأخذ قلبها يدق واحمرت وجنتيها فحول نظراته عنها بسرعة ، ادرك خجلها وتوترها ، واحب صراحتها  وتعبيرها عما احست به تلك اللحظات .
وفي لحظة جنونية تناول قهوته وغادر المكان  وهي بدروها لم تقوم  بالقاء نظرة عليه ، بقيت مكانها وقد شردت بتفكيرها وصوبت نظرها للارض ،وقد ساد الصمت الارجاء.
التفت للخلف  على وقع خطوات فتجمدت مكانها ،
-- هل نسيت شيئا ؟ سألته وهو  ينظر لعينيها بعمق ،فأجابها بهدوء،
-- يبدو أنني ألمتك كثيرا ، انا اعتذر ولكنك غادرت قبل ان تعلمي الحقيقة ، لم تمنحيني الفرصة لاشرح لك الموقف
بقليل من المرح محاولة تغير دفة الحديث اجابته
-- ما هو شعورك لو أفترضنا بأنك عندما دخلت المنزل كان عليك مصافحة ضيفاً وسيما ومن ثم قدم  لك على أنه زوجي السابق؟
بحزن والم بدى على محياه قال  :
--  هل ازعجك الامرلهذه الدرجة ؟
أومأت برأسها بحزن واضح، فتابع قائلا
--  صحيح كانت زوجتي ولكن امام الجميع فقط.
-- هذا شأنك أنت ، ارادت منعه من متابعة الحديث لكنه ومرة اخرى تفحصها جيدا بالحاح شديد قال :
--هل  أنت متاكدة أنك لا تريدين معرفة الحقيقة.
-- ليس مهما الأن اليكس ، تفوهت بذلك وخرجت من المطبخ وقد تبعها للصالة وجلسا امام التلفاز.
-- ايلينا اسمعيني جيدا" ولا تقاطعيني ، بدا جديا ومصرا على توضيح الامور وللمرة الاخيرة ، تنهد بعمق وقال:
-- ليديا الابنة الوحيدة للورد ادوراد هاملتون  الذي كان صديقا" مقربا من والدي ، في مرحلتها الجامعية تعرفت على شاب مهذب يدعي ستيف وكان من عائلة محترمة لكنها ليست من طبقتهم ولا مستواهم الاجتماعي من وجهة نظر والدها ، رغم ذلك وقعا بالحب لدرجة انها كانت على استعداد للتضحية بكل شي من اجله ،
ولكن والدها بالطبع رفض ذلك بل هددها بإيذاءه إن لم تبتعد عنه .
 وعندما علم بذلك والدي ولأنه كان يحبها ويعتبرها كأبنة له ، وبما إنني لم اكن مرتبطاً ولا حتى بقصة حب عرض على الزواج بها ليحمي الشاب ويبعد اذى اللورد عنه ، بالطبع رفضت وتشاجرت معه،  فما لي انا ومشاكل صديقه .
بتلك الفترة عرض على مكتب التدقيق خاصتي القيام بالتدقيق على
مجموعة شركات تدار من جوهانسبرغ بجنوب افريقيا فوافقت على الفور.
كانت تنصت له باهتمام بالغ وهي تكاد لا تصدق ما يحدث ، هل هناك ظلم اكثر من ذلك ، فتابع سرد قصته قائلا"
-- ما صعقني  بعد عدة أيام كان طلبها شخصيا" الزواج مني  فقد حضرت لمكتبي لتتحدث معي، كانت هادئة وزرينة جدا" وقد اقنعتني فعلا، فوافقت.
-- ولم انفصلت عنها لاحقا ، سألته ايلينا فجأة.
نظر لها وابتسم لمعرفته ما يدور بخلدها فأجابها
-- علمت ان موافقتها ما هي الا طريقة من خلالها تسعى لحماية حبيبها ، فاتفقنا ان يكون زواجا صورياً ، وتم ذلك وانتقلت بعد اسبوع  لجنوب افريقيا للعمل هناك لمدة تقارب التسعة اشهر ، وعدت الى هنا بعد ان توفي اللورد .
بعد ثلاثة اشهر انفصلنا وتزوجت من تحب وقد منحهما الله طفلة جميلة اطلقت عليها اسم شارلوت ولكن القدر لم يمهله كثيرا فتوفي منذ ثلاثة سنوات بعد اصابته بتليف الكبد.
نظر لايلينا التي كانت تتابع حديثه بتركيز ، فوضع يده على رأسها قائلا":
-- ليديا سيدة رائعة وجميلة ومن عائلة مرموقة وابنة لورد ولكنني لم احبها كما انه لم يسبق لي ان احببت، الى ان التقيتك تلك الليلة.
-- يا الهي اليكس كم كنت  غبية قالت وهي تقترب منه لتحتضنه وتمنحه قبلة رقيقة على وجنته وتابعت
--هلا سامحتني من فضلك!!.
شدد من احتضانه لها وهو يهمس باذنها بصوته الشجي
-- منذ اللحظة التي رأيتك بها تلك الليلة علمت بإنك المرأة التي اريد ،
المرأة التي احب ، المرأة التي ستمنحني الابناء ، لا ادري لما عدت ،
ولكن هنالك ما دفعني للعودة ومساعدتك.
ضحك بصوت عال وهو يمسك وجهها بين كفيه ويتابع
-- ذلك العناق عندما احتضنتك  وللمرة الاولى  كان شعورا" لم أألفه من قبل بينما كنت ترتعيشين من المطر قلبي كان يهدا بين اضلعي ، كم وددت لو لامست شفتاي شفتيك لأمنحك القبلة الاولى التي تعيدك للحياة ، لحياتي ،  وبينما  وجنتيك  لامست كتفي شعرت بنبض قلبي يزداد ليمنحك الدفىء الذي تنشدينه ، تلك اللحظة شعرت بأنني في الجنة انعم بها وحبيبتي تشاركني سعادتي.
سالت دموعها التي تجمعت بمقلتيها رغما عنها وهي تستمع له ولكن هذا هو الوقت الملائم لتعترف هي الاخرى بما تحمله من مشاعر .
-- كنت الدفىء الاول ، والفرحة الاولى ، كنت النعيم الاول والخفقان الاول ، كنت الأمان الاول وهبط القلب الاول ، كنت الاحتيال الاول على الحزن والوحدة ، لو تعلم ان ذلك العناق اعادني لوعي تماما اليكس، واعاد ثقتي بنفسي وببعض البشر  كنت  اعتقد  باننا مخيرون بالحب ولكنك اثبت لي ان الحب عطاء عميق وشعور صادق ودافىء وتوافق بين شخصين وجدا ليكونا معا" ، ضحكت وهي تمسك بيده دون النظر اليه وتتابع حديثها بخجل :
-- اتعلم بأنني كنت أنتظر زيارتك هناك وعندما تتأخر ينتابني احباط 
واشعر بالم في قلبي،  لا ادري لماذا ولكنني كنت اتمنى قدومك وتحضير فنجان القهوة وأنت تقف معي بالمطبخ .
وهي تنظر للارض بتوتر وخجل تابعت وهي ترسم ابتسامة رقيقة على ثغرها .
--انا اعلم أنني ابدو لك كمراهقة اليس كذلك ؟
نظرت لعينيه وتابعت كأي  فتاة اعجبت برجل وتمنت قربه
هذا فعلا ما حدث معي ، ذلك العناق اليكس هو اغلى عناق حصلت عليه في حياتي ولن انساه طالما حييت ، صحيح كنت بوضع  مزر ولكنني شعرت بكل خلجة بصدرك قد وجدت توأمها بصدري ، بكل نبضة بعروقك قابلتها نبضاتي مرحبة بها.
لقد احببتك دون ان اشعر او أعي ماهية الحب ، كل ما شعرت به كان صادقا ،نابعا من قلبي لذا لم اعي ما سمعته ولم ارغب بتصديقة ، رحيلي كان هروبا ، انا اعترف بانني ضعيفة في هذا المجال، ولكن رفض قلبي بجنون ان يقبل المنطق المتزن، لا يعقل ابدا،  لا يمكن ان يعني ما...
لم يتحمل شعورها بالإحباط والآسى ذلك فما كان منه الا ان عانقها بشدة وهو يعتذر بصوت خافت لما سببه لها من اذى نفسي ، لكنها اثرت اكمال حديثها كي يغلقا باب الحديث بهذا الموضوع ثانية .
-- يكفي ايلينا ليس الان حبيبتي قال ذلك محاولا ثنيها عن سرد تلك التفاصيل الموجعة لكنها بابتسامتها المشرقة تابعت:
-- عندما استيقظت صبيحة ذلك اليوم شعرت بأنني  اكتفيت من توقعاتي وافكاري الجنونية  ، تنهدت وهي ترفع  فنجان قهوتها لشفتيها ترتشف بعضا" منه ، لم اخطط الى أين ساذهب ، ولكني استجمعت قواي وذهبت لنزل قريب من الجامعة ، وكان من حسن حظي بأنني  وجدت احدى الطالبات تود الإنتقال من جامعة ليدز الى هنا ، فقمنا سويا بنقل اوراقنا كل الى الجامعة المعنية وخلال اسبوع كنت قد قدمت اوراقي وقبلت بالسكن الداخلي ، واغرقت نفسي بالدراسة
والاستذكار كي انسى ما حدث وما سمعته.
الى ان جاء صباح ذلك اليوم الذي  اتصل به السيد ديفيد يود مقابلتي  لتوقيع بعض الاوراق، فالتقيت بفيكي التي كانت غاضبة وحاقدة علي، وعندما سمعت بمرضك لم أنتظر للصباح فحضرت لأراك ، هل تصدق اليكس تلك اللحظة نسيت كل شيء ، كل ما فكرت به أنت ، اريدك أنت ، لانني اكتشف بأن حياتي من دونك لا معنى لها.
لحظة صمت سادت بينهما على اثرها رفع رأسها واقترب منها مانحا نفسه وأياها اول قبلة حب عميقة اذابت الجمود الذي عاشاه وفتحت افاق جديدة بحياتهما معا ، قبلة جلت الحزن ، قبلة حب هي الحياة لهما .
*****
لم يشعرا بمرور الوقت ، كل ما عاشه كلاهما في هذه اللحظات انساهما الاسى والحزن وهذا كل ما يهم الان.
ارخت برأسها على صدره وهي تمسح دموعها التي انهمرت رغما عنها فسالها وهو يسمح لانامله بمداعبة خصلات شعرها
-- هل يعني هذا انك سامحتني حبيبتي؟
ابتسمت برقة واجابته :
-- طبعا صفحت عنك تماما وسامحتك  هل أنت راض الان عزيزي؟
لكنه استمر في احتضانها وقد خرج صوته مرتعشا"
-- انا احبك ايلينا كما لم احب في حياتي ، كدت اجن لاحساسي بفقدانك  ، لن اسمح لك بمغاردة حياتي بعد الان  ايلينا هل .. صمت قليلا
وتابع دون تردد هل تقبلي ان تكوني زوجتي ؟
لم تستطع ان تنطق بكلمة  ساد الصمت للحظات وقد بدأت ترتجف بين يديه ودموعها تغرق وجهها
-- ايلينا ماذا حدث؟ مالذي يحدث معك اخبريني؟ الح كثيرا عليها.
اعتقدت انها تتخيل ذلك ، لكن صوته بدا جديا وكأن
الارض ستنهار، هل هي  مجرد تخيلات ، لا بد ان تخبره بما تشعر به ، بل بما تحمله من حب له  ، تمالكت قليلا وقالت
--اليكس انا احبك أيضا"ولا يمكن ان اتخيل حياتي بدونك.
ساد صمت قصير اجابها بسعادة بالغة
-- اعلم ذلك حبيبتي ،أنت غبية يا ايلينا لتهربي من هذا الحب الذي اشعلتي قلبي به ، قبل جبينها وتابع ، سنناقش هذا اثناء عودتنا للمدينة.
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تضحك لأول مرة من فرط السعادة التي تشعر بها .
*****
--إنتظرتك قرون وبحثت عنك سنين ، اخترتك من بين جموع من البشر ،فلا تستائي كثيرا حبيبتي انا رجل في حالة عشق  ازهو بحبك ،  ردد على مسامعها تلك الكلمات التي زادت من تعلقها به فاجابته وهي تشدد من عناقها له
--منذ احببتك وانا اعيش بين عقارب الوقت،أنتظر لقاءك فبدون قصد
مني ، احببتك.
-- ما اجملكما من ثنائي عاشق حد النخاع، هل وصلت بوقت خاطئ؟  قالت ذلك فيكي وهي تبتسم بخبث وقد قبلت شقيقها مبتسمه، وتابعت من الجميل ان اراكما معا نظرت لايلينا وهي توجه لها الكلام رغم انني ما زالت غاضبة منك، ولكنني لن اطيل البقاء يجب ان اعود الليلة ، اردت الاطمئنان فقط ، الا يحق لي اخي؟
ابتسمت ايلينا لها وبقرارة نفسها هي سعيدة اكثر من الجميع
بعودتها.
****
دخلا المنزل في المدينة و أيديهما متشابكه سويا بينما شقيقته  تبتسم خلفهما سعيدة جدا لسعادة شقيقها.
لاحظت بشاشة ايلينا  وكم اصبحت ثقتها بنفسها اكبر ولم تعد بحاجة لسؤالها هل فعلا احبت شقيقها ؟
-- هيا يا صديقتي  تعالي لنعد القهوة قالت فيكي كي تختلي بها قليلا بعيدا عن اعين شقيقها
-- بعد ان اوصل اليكس لغرفته ساعود على الفور اجابتها ايلينا التي كانت تصعد درجات السلم متابطة ذراع حبيبها.
-- اجل فيكي انا ما زلت متعبا" قال ذلك وهو يغمز شقيقته
هزت راسها فيكي وهي تقول لنفسها كم هو عابث شقيقها لكنه يستحق الحب والحياة ويستحق فتاة مثلها تحبه وتخاف عليه .
بعد صعودهما للاعلى ادركت كم انها تشعر بالسرور لهذا الجو من الهدوء والسلام، وتمنت لو انها تشعر مثلهما او تحظى برفيق على الاقل ، فبدات باعداد القهوة وتحضير ما يلزم للعشاء ولا تدري كيف خطر ببالها ذلك الشاب قبل بضعة سنوات فضحكت بصوت عال
لتتفاجئ بيد على كتفها وصوت خافت:
-- اخبريني من هو صاحب الحظ السعيد؟
أنتفضت مبتعدة عنها وهي تضع يدها على قلبها مدهية الخوف والرعب
-- يا الهي اخفتني ايلينا؟ وما لك أنت بي؟ يكفي انك سرقتي شقيقي مني ، وبمرحها المعتاد تابعت لهذه اكرهك .
-- هيا اعترفي هل تشتاقين له اعادة سؤالها ايلينا ، فنظرت للخارج لتتاكد من خلو المكان وامسكت بيد ايلينا لتجلسا على المقاعد قائلة:
-- اسمعيني جيدا ،  ما ساقوله سر بين وبينك مفهوم؟
اومات برأسها ايلينا موافقه وكلها فضول لتكتشف هذا السر الخطير
-- قبل سنوات عديدة وعندما كنت بالعاشرة من عمري اقام والدي حفلا لعيد مولدي وقد دعى اصدقائي واقربائي وكان اليكس قد تخرج من الجامعة حديثا ، فحضر ومعه صديق له يدعى دانيال كان وسيما جدا وجميلا كابطال الروأيات الرومانسية ، ذو قوام ممشوق ، وشعر ذهبي ناعم وطويل وعيونه كزرقة السماء ، ياالهي ايلينا كم كان جميلا ، ضحكت بغباء فيكي وتابعت لقد اعجبت به واخذت التقط الصور معه وهو يبتسم لي ويعطيني قطع الكيك وقد احضر لي هدية احتفظ به الى الان.
-- ماذا ؟ كنت طفلة فيكي يالهي ، قاطعتها ايلينا وهي تضحك من طريقة سرد فيكي لمشاعرها وقصتها الغريبة.
-- لم أنتهي بعد أنتظري  اجابت فيكي وما زالت تضحك
على طفولتها وطريقة تفكيرها انذاك
-- مضت بنا السنين عزيزتي وهذا الدانيال يزورنا من حين لاخر الى ان
وصلت المرحلة الثانوية وقد بدات سن النضوج عقلا وجسدا" بدات اشعر بانني اميل له كثيرا ، لكنه بعمر اليكس يكبرني بخمسة عشرة عاما" فكيف له ان ينظر لطفلة ؟
تنهدت بعمق واكملت وايلينا ترمقها بنظرات الاستفهام
-- فجاة اختفى لم اعد اراه فتجرات وسالت اليكس عنه واحزنني ما عرفته
-- ماذا؟ هل تزوج واضاع حلمك سالتها ايلينا بمرح
-- سخيفة ، دعيني اكمل ، اجابتها ، لا لقد سافر الى
الولأيات المتحدة ليتابع تخصصه في جراحة الاعصاب ،
واستقر هناك رغم ان عائلته تعرضت لمصائب كثيرة ، لكنه لم يعد .
اما بالنسبة لي فقد  تابعت حياتي ولم اجد وسيما اخرا اعجب به .
عضت شفتها بسخرية ايلينا وقالت
-- يا لسخرية الاقدار، هل يحتمل بان تكوني وقعت بالحب في ذلك الوقت
-- هيا قومي بتحضير العشاء ردت فيكي وهي تقف ، واكملت حديثها ، وهل لانك وجدت وسيما كاخي تعتقدي بانني لن اجد واحد لي ؟
احتضنتها ايلينا وهي تشعر بقربها منها وكأنها شقيقتها
وليست صديقة .
****
صعدت الى غرفته لتخبرة بان العشاء جاهز فسمعته يتحدث هاتفيا مع شخص لم تتعرف عليه  ولكنها علمت بانه يدعوه للعشاء غدا"و قبل ان تتحول افكارها الى شيء غير موجود قرعت الباب ودخلت قبل ان ياذن لها.
-- هيا عزيزي حبيبتك اعدت لك وجبة دسمة قالت مبتسمة:
-- على الفور ا جابها اليكس وهو يترك هاتفه من يده ويقول
لها انه دعى صديقا" لم يراه منذ زمن لتناول العشاء وانها يجب ان تحضر مبكرا للقاءه ، فاستغربت اصراره على تواجدها
****
بعد أنتهاء العشاء جلس اليكس وايلينا بالصالة  بينما تطوعت فيكي بتقديم طبق الحلويات والقهوة كي تمنحهما وقتا للحديث
-- اليكس ، حبيبي  قبل ان تتم جملتها امسك يديها وقال
-- اعيدي ما قلت ايلينا ، اعيدها لو سمحت
-- نعم اليكس أنت حبيبي اجابته بخجل وتوتر فاحتضنها بقوة استكانت على اثرها  بين ذراعيه .
-- الم تكتفيان ؟
التفتا معا لفيكي التي وضعت الاطباق على المنضدة وعادت
للمطبخ تتمتم بما لم يسمعاه ولكنهما لم يابها بها ، امالت برأسها ايلينا على كتفه وقالت
-- انا واقعة بحبه حد الخدر ،
-- وانا متيم بها حد الهيام  ،
اجاب وهو يمنحها قبلة على راسها وشقيقته تقف وتهز راسها تتعجب من هذا الحب الذي جعلمها يتحليان بهذا القدر من الجراءة
****
قبل ان يودعها وهو يقف على باب غرفتها ممسكا يدها ويده الثانية تعبث بشعرها الاسود الذي اشتاق لملمسه قال لها:
-- بما انك الان سيدة المنزل الجديدة اذن غدا ستشرفي على
العشاء احتفاءا" بعودة صديق الطفولة
-- سيدة المنزل ، لا اليكس ارجوك لا اريد لعلاقتي مع فيكي ان تتاثر بشيء ردت عليه وهي تستدير لفتح باب غرفتها فاوقفها وادارها لتواجهه .
-- سيدة المنزل طبعا، قال بحدة وتابع ايلينا أنت هي السيدة فأنت من ستصبح زوجتي واما" لابنائي وفيكي يوما ما ستكون سيدة لمنزلها مع زوجها الذي ستختاره
-- كما تريد سيد اليكس قالت مبتسمة المهم الا تغضب حبيبي ، سانفذ اوامرك ، والان تصبح على خير.
التفت حوله وفجاذاة طبع قبلة رقيقة على شفتيها وقال:
-- الان تصبحين على خير حلوتي ايلينا .
***
استلقت على فراشها بعد ان بدلت ملابسها واندست اسفل الغطاء
الدافىء ، اغمضت عينيها بفرح وسعادة لم تعشها منذ وفاة
والدها  وهي تقول لنفسها:
-- ان الحب الذي تشعر به نحوه حقيقي ، فمنذ اللحظة التي راته فيها راته حبيبا" ، رفيقا لحياتها القادمة ، تذكر نظراته التي كانت تتركز على وجهها بثبات كلما اجتمعا بمكان واحد  . صحيح تالمت بسببه ،لكنه خطاها بالدرجة الاولى ،
لم تظهر ما تشعر به بل وبدون تفسير صريح طالبته  بكبح جماح رغباته  أيضا تجاهها ، ولكن القدر انصفها واعاد الامور لنصابها.
كانت تعلم بأن الحياة لن تقف بوجهها ثانية ، فما اكتشفته وما حصلت عليه من والدها كفيل بان تفتح ذراعيها للحياة وتحتضن الامل والحبيب معا، والعودة مجددا لإحضانه بالتأكيد يستحق العناء والصبر.
****