02/15/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Friday, February 15, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 15, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل العاشر - بقلمي منى سليمان

* تعارف *  

التفتت وعد إليه فاقترب منها وأمسك يدها وساعدها على النهوض ثم نظر إلى عينيها التي تورمت من كثرة البكاء وهتف بصوت دافئ

- إيه اللي جابك هنا؟ 

لم تجيبه ولو بكلمة بل ألقت بجسدها في صدره وانفجرت باكية.... اندهش من فعلتها لكنه لم يظهر لها ذلك بل حاوطها بحنان وتركها تفرغ الغضب الكائن بداخلها.... ظلت تبكي وتبكي دون أن يمنعها أو يطلب منها التوقف، وبعد مرور عدة دقائق توقفت عن البكاء وسكنت بين أحضانه فأبعدها عنه ثم نظر إلى عينيها وتحدث قائلاً 

- تتجوزيني؟ 

حركت رأسها يميناً ويساراً كإشارة بالنفي وهمت أن تغادر لكنه لم يسمح لها بذلك وقبض يده على يدها ثم جذبها إليه وكرر سؤاله فأكدت رفضها وحاولت الابتعاد عنه إلا أنه تمسك بها أكثر وهتف متسائلاً 

- ليه؟!!! 

مسحت دموعها ثم قالت بصوت غلفه الحزن: مش عايزه حاجة من حد ولو سمحت سيبني، أنا هختفي من الدنيا كلها

- ودراستك؟ 
- مش هروح الجامعة دي تاني أبداً، سيبني من فضلك

قالت كلماتها ثم عادت لتبكي من جديد فشعر بجمرة نار تسري داخل قلبه و سمح لنفسه بأن يمسح دموعها وهو يتمتم

- اشششششش خلاص كفاية، لازم تبقي أقوى من كده وما تسمحيش لحاجة تافهة تكسرك 

ما أن وصلت كلماته الأخيرة إلى مسامعها انفجرت ضاحكة فاندهش بشدة لتبدل حالها وتابع متسائلاً 

- بتضحكي على إيه؟ 
- تافهة 

قالتها ثم علاّ صوت ضحكاتها فازداد اندهاشه وسألها مرة أخرى عن سبب الحالة التي أصابتها فتابعت وهي مازالت تضحك 

- حاجة تافهة، بقالي سبع سنين عايشه في جحيم مع مرات بابا وفي الأخر طردتني وبابا وقف ساكت، وجوز ماما وعمي ومراته كمان طردوني وقالولي طب إيه اللي عايزه تدخليه أنتي فاكرة نفسك مين، تخيل نمت ليلة على الرصيف قبل ما طنط سوسن تاخدني أعيش معاها، شوفت يا دكتور اللي كسرتني حاجة تافهة أزاي شوفت شوفت

ظلت تكرر كلمتها الأخيرة مراراً وتكراراً وتجدد بكائها فجحظت عينيّ أمير من هول ما سمع وسيطرت الصدمة على قسمات وجهه لكنه فاق من صدمته حينما سقطت مغشياً عليها فحملها واتجه بها صوب سيارته ثم وضعها بداخلها وانطلق إلى المشفى وقلبه ينزف دماً على حالتها والظلم والذل الذي تعرضت إليه

********

في منزل سوسن... 
كانت حنين تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهي تشعر بالقلق على وعد... ولم تتوقف سوسن عن البكاء من شدة قلقها هي الأخرى فأخرج أمجد هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتف أمير عله يحصل على أي معلومة تقلل من حدة توتر الجميع... ما أن صدع صوت رنين هاتف أمير، أجاب المكالمة وقص على أمجد كل ما حدث وأخبره أيضاً أنه في طريقه للذهاب إلى المشفى، فأنهى أمجد المكالمة ونظر إليهن قائلاً 

- أمير لقاها 
- ألف حمد وشكر ليك يارب

قالتها سوسن ثم اقتربت من أمجد وتابعت قائلة: هما جايين مش كده؟ 

نظر أمجد إلى حنين فعلمت أن هناك خطباً ما فاقتربت من سوسن وتحدثت بهدوء مصطنع

- المهم أننا لقيناها
- يعني هتيجي، صح يا حنين؟ 

نظرت حنين إلى أمجد فابتلع ريقه وأجابها: هي بس تعبت شوية وأمير 

قاطعته سوسن قائلة بنبرة صوت تحمل القلق: تعبت أزاي؟ 

- أغمى عليها وأمير هينقلها المستشفى 

وضعت سوسن يدها على ثغرها لتكتم صرختها بينما احتضنتها حنين لتقلل من حدة توترها وهتفت بهدوء 

- ما تقلقيش يا طنط هنروح نطمن عليها، مش كده يا دكتور؟ 
- أيوه طبعاً هنروح حالاً المستشفى 
- هدخل أغير وننزل على طول 

قالتها سوسن ثم دلفت إلى غرفتها لتبدل ثيابها فاقترب أمجد من حنين وتحدث بهدوء قائلاً 

- مش كفاية دموع وتوتر، خلاص أطمنا عليها

رفعت حنين بصرها لتتقابل عينيها الدامعة بعينيه فخجلت بشدة ووجهت نظراتها إلى الأرض ثم هتفت برقة

- حاضر

تركته ودلفت مسرعة إلى غرفة سوسن فابتسم على فعلتها وهتف في نفسه مازحاً 

- والله مجنونة
*******

وصل أمير إلى المشفى ودلف إليها حاملاً وعد ثم اتجه صوب غرفة الطوارئ ووضعها على الفراش وهو يشعر بالقلق عليها.... خلع جاكيت حلته ثم بدأ في معاينتها ليصدم بضعف نبضات قلبها وانخفاض ضغطتها بصورة جعلت الطبيب الساكن بداخله يعلن حالة الطوارئ... أسرع في تركيب المحاليل اللازمة ووضع بداخلها العقاقير المناسبة لمساعدتها ثم جلس إلى جوارها وأخذ يتأملها وهو يشعر بالأسى على ما مرت به بالرغم من سنوات عمرها القليلة.... أخذ يمرر ظاهر يده على وجنتها دون أن يعرف السبب الذي دفعه لذلك فقط أراد أن يخفف عنها ولو بلمسة... ابتعد عنها قليلاً ثم أحضر مقعداً وجلس إلى جوارها وكان يتفقد مؤشراتها الحيوية بين تارة وأخرى... وبعد مرور عدة دقائق وصل أمجد برفقة حنين وسوسن إلى المشفى وذهبوا مُباشرةً إلى غرفة وعد فبكت سوسن حينما رأتها فاقدة للوعي ثم اقتربت منها وأخذت تمسد على خصلات شعرها بحنان وهي تقول

- اوعي تسبيني وتمشي يا وعد، كفاية نور مشيت من غير ما تخدني معاها

في تلك اللحظة كانت وعد غارقة بأحلامها المخيفة، وجدت نفسها وحيدة في غرفة مظلمة وتشعر بالبرد والخوف في آن واحد... صرخت وصرخت لكن لم يسمعها أحد فجلست على الأرض في إحدى زوايا الغرفة وبكت على حالها، لكن الظلام لم يدوم كثيراً فقد كان صوت سوسن بمثابة بر الأمان لها، ما جعلها تسترد وعيها وتفتح عينيها لتتقابل بعينيّ أمير الذي تنفس براحة حينما عادت إليهم

- حمدالله على السلامة، إيه النوم ده كله؟

قالها مازحاً فظهرت شبه ابتسامة على شفتيها بادلها بغمزة من عينه ثم نظر إلى سوسن وهتف بجدية

- وعدتك إني هرجعها وبفضل ربنا رجعت
- ربنا يخليك ويحفظك لشبابك

طبعت سوسن قبلة على مقدمة رأس وعد وفعلت حنين المثل، بينما مال أمجد على أذن أمير وتحدث مازحاً كعادته

- بقيت السوبر هيرو بتاعها، الله يسهلك
- أتهد وأسكت كفاية وشك اللي يقطع الخميرة من البيت
- يا سلام!!!!! 
- ده أنت بس جيت تشوفها الدنيا ولعت، ما بالك لو كنت طولت شوية

اشتعل أمجد غضباً فضيق بين حاجبيه ثم وكز أمير في صدره فتأوه بمشاكسة ما جعل وعد تنظر إليه فغمز لها مرة أخرى وهتف بجدية مصطنعة

- وعد محتاجة ترتاح يا جماعة وبعد إذن حضرتك هخليها تحت الملاحظة النهاردة لأن تكرار الإغماء ما يطمنش

ابتسمت سوسن حينما استشعرت رغبته في البقاء معها فطبعت قبلة على مقدمة رأسها ثم تركت مقعدها واقتربت من أمير 

- أنا همشي وانا مطمنة عليها وهرجع الصبح بأمر الله
- مفيش داعي أنا الصبح هوصلها لحد البيت 

ربتت سوسن على كتفه ثم ودعت وعد وفعلت حنين المثل قبل أن تغادر برفقة أمجد، فعاد أمير إلى مريضته وجلس على حافة فراشها وهو يقول بابتسامة ساحرة

- أنا هتحفظ عليكي النهارده هنا ومش هروح هفضل جمبك
- ملوش لازمة، انا مش محتاجة شفقة من

قاطعها قائلاً بحزم: ولا كلمة زيادة أنا ما بشفقش عليكي، أنا عايز أتجوزك على سنة الله ورسوله 

- علشان الفضيحة يعني شفقة
- مين قالك كده

قالها بنبرة صوت هادئة وهو ينظر إلى عينيها فخجلت بشدة وتوردت وجنتيها فابتسم لها وتابع قائلاً 

- أعملي حسابك كتب الكتاب أخر الأسبوع وده أخر كلام عندي
- مجنون

قالتها بصوت خفيض وصل إلى مسامعه فأسر ابتسامته واقترب منها بشدة فخجلت ظناً منها أنه على وشك القيام بعمل متهور، لكنه فاجأها حينما ساعدها على الجلوس قليلاً ثم وضع وسادة خلف ظهرها، وما أن عاد لجلسته نظر إليها لدقائق ثم استرد انفاسه وهتف متسائلاً 

- إيه رأيك نتغدى بيتزا؟ 
- نعم؟!! 
- هطلب بيتزا مستغربة ليه؟ 

ابتسمت على جنونه فتسارعت نبضات قلبه في سعادة وأطال النظر إليها لدرجة أخجلتها فتنحنح قائلاً 

- أحم ها قولتي إيه؟ 
- موافقة
- على البيتزا ولا الجواز؟ 
- أنت مش طبيعي أبداً على فكرة

لا يعلم لما شعر برغبة ملحة في احتضانها، لكنه لم يفعل خوفاً من إغضابها واكتفى بابتسامة جعلتها تخبئ عينيها من شدة خجلها 

********

بالطريق ...
كان أمجد يختلس النظر بين تارة وأخرى إلى الجميلة الجالسة بالمقعد الخلفي من خلال مرآة السيارة الداخلية لكنها لم تنتبه لنظارته فقد كانت تتابع الطريق كالأطفال... وبعد مرور ساعة أوقف سيارة حنين أسفل العقار الذي تسكنه سوسن فترجلت حنين وودعتها ثم ركبت إلى جوار أمجد فانطلق مرة أخرى إلى منزلها وبمجرد أن وصل إلى وجهته أوقف السيارة ثم نظر إليها وأعطاها المفتاح 

- زي ما اتفقنا ما هتركبيهاش غير لما تتعلمي وتاخدي رخصة
- حاضر 
- وعد؟ 

قالها بجدية فابتسمت له وهتفت بذات الجدية: وعد

ترجل من السيارة ووقف في انتظار سيارة أجرة تقله إلى سيارته فتابعته بعينيها حتى أوقف سيارة واستعد لركوبها، لكنه لم يفعل بل أمر السائق بالانتظار وعاد إليها 

- تحبي أعلمك السواقة؟ 
- بجد؟!!!! 

قالتها وهي تضم كفيها إلى صدرها كطفلة شقية فابتسم على فعلتها وحرك رأسه بنعم، لكنها تذكرت شقيقها فتابعت قائلة

- معلش مش عايزه أتعبك
- مش هتتعبيني
- ما هو مش هينفع بصراحة، أخويا ممكن يقتلني وشبابي هيروح في الوبا زي هنادي 

رفع أحد حاجبيه وتساءل: مين هنادي؟ 

ضحكت بجنون ثم استردت انفاسها وأجابته: ما تاخدش في بالك

غمز لها بمشاكسة وقال مازحاً: ماشي يا هنادي

شعرت بالخجل ووجهت نظرها إلى الأرض فارتسمت ابتسامة على شفتيه خلفتها براءتها ثم أخرج ورقة وقلم وكتب رقم هاتفه وأعطاه إليها

- لو أحتاجتي سواق في أي وقت كلميني

أخذت منه الورقة ولوحت بيدها مودعة ثم دلفت إلى المنزل فتابعها بعينيه حتى اختفت تماماً ثم اتجه صوب السيارة وركبها

******

في المشفى.... 
كانت وعد تتناول الطعام في صمت تام دون أن تنظر إلى أمير أو تتحدث معه، فضيق بين حاجبيه وقرر مشاكستها قائلاً 

- وبعدين؟ 

رفعت رأسها ورمقته بنظرة اندهاش: هو إيه اللي بعدين؟ 

- هتفضلي ساكته ومش عايزه تبصيلي 

غمز لها فابتسمت رغماً عنها وكادت أن تتحدث لكن قاطعها صوت رنين هاتفه فاخرج الهاتف وقرأ أسم المتصل وقبل أن يجيب المكالمة نظر إليها وهتف 

- دي حبيبتي

ما أن وصلت كلمته الأخيرة إلى مسامعها مطت شفتيها بضجر ورمقته بنظرة غضب فأسر ابتسامته وأجاب قائلاً 

- نعم يا قلبي 

اشتعلت غضباً وهمت أن تقوم عن مقعدها إلا أنه لم يسمح لها بذلك وقبض يده برفق على يدها فجلست مرة أخرى وهي ترمقه بنظرات غضب

- أمير يا أمير روحت فين؟ 
- أسف يا قلبي معاكي 
- مش هتيجي على الغداء 

تساءلت سلوى فأجابها بمشاكسة: لا أنا مش هرجع البيت النهارده، أتغدي أنتي يا قلبي

أتسع فاه وعد من وقاحة كلماته كما اعتقدت فجاهدت لتحرر يدها من قبضته لكنه تمسك بها أكثر وأكثر ثم أكمل حديثه 

- ماما جهزي نفسك علشان هنروح بكرة نخطب

وضعت سوسن يدها على فاها لتكتم صرختها الناتجة عن السعادة، بينما عضت وعد على شفاها السفلى من شدة خجلها فابتسم على فعلتها ثم حرر يدها وتابع حديثه قائلاً 

- روحتي فين يا ست الكل؟ 
- بتتكلم بجد يا أمير؟ 
- العروسة قاعدة قدامي تحبي تكلميها؟ 
- أكيد 

أبعد الهاتف عن أذنه وأعطاه إلى وعد فأخذته وهي لا تصدق ما يحدث معها ثم ابتلعت ريقها بصعوبة وهتفت بصوت مرتعش

- ا السلام ع عليكم
- وعليكم السلام يا حبيبة قلبي، أنتي وعد مش كده؟ 

اندهشت وعد بشدة وشعرت بصدق أمير حينما أخبرها أنه لا يشفق عليها فأجابتها قائلة

- أيوه أنا وعد
- أمير ملوش سيرة غيرك

توردت وجنتيها خجلاً فشعر هو بالرضا فكم يعشق خجلها وتورد وجنتيها وهي إلى جواره... وبعد مرور عدة دقائق من الثرثرة أرجعت الهاتف إلى أمير بعد أن أنهت المكالمة فأخذه وتحدث قائلاً 

- أمي طيبة جداً، إيه رأيك نتعرف على بعض من أول وجديد؟ 
- مش فاهمة
- هنعتبر أننا أول مرة نتقابل، أنتي مريضة وأنا الدكتور بتاعك وحابب أتقدملك فنتعرف على بعض وكل واحد يحكي تفاصيل حياته

ابتسمت على جنونه لكنها قررت مسايرته لتتعرف إليه أكثر فابتسمت له ابتسامة رقيقة وحركت رأسها بالموافقة... بدأ يقص عليها تفاصيل سنوات عمره فأخبرها أنه الابن الأكبر لأسرته ولديه أخت تصغره بأربع سنوات وتعمل بجريدة شهيرة.... شردت في كلماته وطريقة حديثه عن أهله وبخاصة عشقه لوالدته فشعرت بالإعجاب والفخر في ذات الوقت، فبالرغم من إمتلاكه للمشفى وانتمائه لأسرة مرموقة إلا أنه حسن الخلق ومتواضع لدرجة تجعل من يجلس معه يشعر بالألفة.... وبعد مرور عدة دقائق من الثرثرة توقف عن الحديث وتأملها لدقائق فخجلت كعادتها وهتفت بصوت مرتعش

- طي طيب ليه يعني ما أتجوزتش لحد دلوقتي؟ 
- كنت بدور عليكي

ما أن وصلت كلماته إلى مسامعها، تسارعت نبضات قلبها لدرجة جعلتها تشعر أنه على وشك الخروج من بين الضلوع في أي لحظة، فارتبكت بشدة وهمت أن تقوم عن مقعدها متناسية المحلول المعلق بيدها، فتأوهت بشدة... انتفض عن مقعده وتقدم منها ثم أمسك يدها التي كانت تنزف وهتف بحدة 

- مش تخلي بالك من الكانيولا اللي في أيدك
- ك كنت رايحه الحمام

ارتسمت ابتسامة خفيفة على جانب ثغره لاستشعاره الكذب المصاحب لنبرة صوتها ثم أزال المحلول عن يدها وقام بتطهير الجرح وقبل أن تسحب يدها رفعها على شفتيه وطبع على جرحها الصغير قبلة رقيقة فأسرعت بسحب يدها والهروب منه في الحمام ثم وقفت خلف بابه ووضعت يدها على قلبها علها تهدئ دقاته المتسارعة 

*******

في منزل حسام.... 
خرجت حنين من الحمام بعد أن أنعشت جسدها تحت المياة ثم اتجهت صوت المرآة وأخذت تمشط خصلات شعرها وهي تفكر في الطبيب الذي جمعها القدر به... تركت الفرشاة من يدها وأمسكت حقيبتها ثم أخرجت منها الورقة التي أعطاها إياها، وبعد دقائق قليلة من التفكير أحضرت هاتفها وأجرت اتصالاً بهاتفه... في ذات الوقت كان أمجد يتابع عمله في المشرحة فلم يستطع أن يجيب المكالمة فزفرت حنين بضيق وهتفت بغيظ

- أحسن أنه ما ردش بتصل بيه ليه أنا أصلا، هقوم أتخمد

اتجهت صوب الفراش وأراحت جسدها عليه ثم احتضنت وسادتها واستسلمت إلى النوم في أقل من دقيقة 

********

في المشفى... 
أوقفت نادين سيارتها أمام المشفى ثم ارتدت نظارتها الشمسية لتداري أثر اللكمة التي وُجهت إلى عينها اليسري... ترجلت من السيارة ثم اتجهت صوب باب المشفى لتدلف لكن منعها حارس الأمن حينما وقف أمامها فزفرت بضيق وهتفت بحدة

- أبعد من وشي
- ممنوع يا دكتورة
- هو إيه اللي ممنوع يا متخلف أنت؟!!!   

جز الحارس على أسنانه واشتعل غضباً فشعر برغبة ملحة في الفتك بها لكنه لم يفعل بل رمقها بنظرة اشمئزاز وأجابها ببرود

- ممنوع تدخلي المستشفى ودي أوامر دكتور أمير
- أنت أكيد اتجننت وسع من وشي

همت أن تتخطاه لكنه منعها مرة أخرى وهتف: ما قولت ممنوع

- بقولك أبعد من وشي أحسنلك
- وإن ما بعدتش هتعملي إيه؟ 
- هخلي نهارك أسود 
- برضو ممنوع 

في ذات اللحظة طرقت إحدى الممرضات باب غرفة وعد التي كانت ما تزال داخل الحمام فترك أمير مقعده وفتح الباب

- آسفة على الإزعاج بس دكتورة نادين على باب المستشفى وعامله مشكلة

جز أمير على أسنانه وتطاير شرار الغضب من عينيه ثم نظر إلى الممرضة وتحدث بهدوء مصطنع

- خليكي مع وعد لحد ما أرجع
- تحت أمر حضرتك

دلفت الممرضة إلى الغرفة بينما اتجه أمير صوب باب المشفى وهو يتوعد لتلك الحرباء

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف