02/18/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Monday, February 18, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 18, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثالث عشر - بقلمي منى سليمان

* هدية أمير *

ترك أمير مقعده وثنى ركبتيه ليجلس أمام والدته فربتت على كتفه وهي مازالت تحتفظ بابتسامة شفتيها فأمسك كفيها بين كفيه وطبع على كل واحد منهم قبلة حانية 

- مبروك يا حبيبي
- الله يبارك فيكي يا ست الكل، كنت خايف ترفضي
- مستحيل أرفض بعد الظروف اللي حكتها 
- ربنا يخليكي لينا

قالها ثم ابتعد عن والدته وأشار برأسه إلى شقيقته فتركت مقعدها ولحقت به إلى غرفته ثم أغلفت الباب وهتفت مازحة

- أوامرك يا كبير

ضربها بخفة على رأسها فتأوهت بمشاكسة لكنه لم يهتم ورفع أحد حاجبيه ثم تحدث قائلاً 

- عايز منك خدمة
- تحت أمرك 
- عايزك تيجي معايا الصبح نشتري لوعد فستان وشبكة محترمة

تنهدت أمل بهيام فابتسم على فعلتها وتابع قائلاً: قولتي إيه؟ 

- موافقة طبعاً، بس قولي بصراحة بتحبها؟ 

ابتعد عنها خطوات قليلة ثم اتجه صوب الشرفة دون أن يجيبها... لم تستسلم لهروبه فلحقت به وكررت سؤالها فنظر إليها وهتف بهدوء 

- مش عارف، خايف يكون شعوري نحيتها شفقة و

قاطعته قائلة بحدة: شفقة!!!!!! ده أنت كنت هتاكلها بعينيك وهي بتضحك وتهزر معايا

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغره ثم دلف إلى الداخل وجلس على أحد المقاعد فلحقت به علها تحصل منه على اعتراف لكنها لم تحصل منه على أي شيء فتركته وعادت إلى غرفتها لتحصل على قسط من الراحة

********

في منزل حسام.... 
كانت حنين تتناول طعام العشاء برفقة شقيقها حينما صدع صوت رنين هاتفها... تبدلت ملامحها حينما رأت أسم المتصل "وعد"، فزفر حسام بضيق وقال بهدوء 

- ردي عليها 

أجابت حنين المكالمة وثحدثت لعدة دقائق ثم أبعدت الهاتف عن أذنها وأعطته إلى حسام 

- وعد عايزه تكلمك

شعر حسام بغصة في قلبه لكنه لم يظهر ذلك بل أخذ الهاتف وتحدث بهدوء مصطنع قائلاً 

- أزيك يا وعد؟ 
- الحمد لله، أنت عامل إيه؟ 
- بخير، ألف مبروك حنين قالتلي أنك هتتجوزي
- الله يبارك فيك، كتب الكتاب بكرة ومحتجالك جمبي

أغمض عينيه وتملكه الحزن لدرجة منعته من الرد عليها فكررت كلماتها بطريقة أقرب إلى الرجاء 

- حاضر يا وعد، أنا وحنين هنكون موجودين من الصبح
- أنا متشكرة أوي، بجد أنت أعظم أخ في الدنيا 

ارتسمت ابتسامة سخرية على ثغره ثم أعاد الهاتف إلى شقيقته ودلف إلى غرفته فتابعته حنين بعينيها وشعرت بالأسى على حاله، لكن أعادها صوت وعد إلى أرض الواقع

- حنين أنتي معايا؟ 
- م معاكي
- مالك؟ 
- مفيش فرحانه علشانك، صحيح أمير عرف أن بكرة عيد ميلادك
- لا بس أكيد هيعرف لما يشوف البطاقة

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والضحك أنهت وعد المكالمة وأراحت جسدها على الفراش، بينما تركت حنين مقعدها ودلفت إلى غرفة شقيقها 

- هتنام؟ 
- اه فصلت خلاص
- زعلان؟ 
- لا، يلا أدخلي نامي علشان نصحى بدري نروح لوعد
- أكيد ربنا هيرزقك ببنت الحلال اللي تستاهلك 

جذبها حسام إلى صدره وحاوطها بحنان بالرغم من بركان الغضب الكائن بداخله فحاوطت خصره بذراعها علها تخفف الحزن الذي يشعر به

*********

في غرفة وعد... 
فرغت من صلاة ركتي استخارة ثم جلست على سجادة الصلاة لتتلو آيات الله، وما أن فرغت من القراءة انتبهت إلى صوت رنين هاتفها فاتجهت صوب الهاتف وابتسمت حينما رأت أسم المتصل

- السلام عليكم
- وعليكم السلام، بتعملي إيه؟ 
- كنت هنام

رفع أمير أحد حاجبيه وهتف بجدية مصطنعة: كنتي هتنامي من غير ما تكلميني؟ 

اندهشت من كلماته ولم تجد ما تقوله فقررت الصدمت، بينما أسر أمير  ابتسامته وتابع قائلاً 

- من النهارده مفيش نوم يا هانم من غير ما تقوليلي تصبح على خير يا سي أمير، مفهوم؟ 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيها وتسارعت نبضات قلبها في سعادة لكنها التزمت الصمت لشعورها الشديد بالخجل فأردف هو بمشاكسة

- وعد
- نعم 
- وحشتيني 

توردت وجنتيها وازداد شعورها بالخجل، ولم تجيبه ولو بكلمة لكنه لم يستسلم وكرر كلمته بنبرة صوت تحمل الحنان بطياتها فاستجمعت شجاعتها وهتفت برقة

- أنا متشكرة ليك أوي

اندهش أمير وهتف متسائلاً: بتشكريني ليه؟ 

- بشكرك على وجودك في حياتي، تصبح على خير 

قالت كلماتها بخجل ثم أنهت المكالمة دون أن تنتظر رده فابتسم على فعلتها وأبعد الهاتف عن أذنه ثم أراح جسده على الفراش وهو يفكر في رقتها وبراءتها التي لم يجدها في أي فتاة عرفها 

*********

في غرفة حنين... 
دلفت حنين إلى غرفتها حاملة كوب من الشاي ثم جلست على مقعدها لتذاكر دروسها، لكن قاطعها صوت رنين هاتفها... جحظت عينيها في عدم تصديق حينما رأت أسم المتصل في هذا الوقت المتأخر وقررت عدم الرد... 
على الجانب الأخر انتظر أمجد أن يستمع إلى صوتها إلا أنها لم تسمح له بذلك... فكرر الاتصال أكثر من عشر مرات فتمسكت بقرارها ولم تجب أي من مكالماته.... زفر بضيق وأبعد الهاتف عن أذنه ثم اقترب من فراشه وأراح جسده ليخلد إلى النوم، لكن لاحت أمامه فكرة فترك الفراش وأمسك هاتفه ثم كتب رسالة نصية وأرسلها إلى المشاكسة 

(هفضل أرن عليكي كده كتير يا دكتورة حنين؟) 

قرأتها وتسارعت نبضات قلبها بالرغم من شعورها بالسعادة... وما هي إلا دقائق حتى أرسلت إليه رسالة 

(ومن هي حنين؟!) 

ارتسمت ابتسامة على ثغر أمجد حينما قرأ رسالتها فبادلها المشاكسة بالمثل حينما كتب لها

(حنين، وآه من حنين... 
إنها جنية صغيرة.. في صورة إمرأةٌ جميلة... 
تفعل ما يحلو لها وقتما تشاء، ضاربة عرض الحائط بسيارات العباد... 
لو أوتيت من الكرم مقدار الجمال، لكنت أحادثها الأن عوضاً عن الدلال... 
أعلمتي يا حلوتي من هي حنين؟!!) 

قرأت حنين كلماته العذبة وهي تضع يدها على فاها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق من شفتيها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى استردت أنفاسها وهمت أن تراسله، لكنه سبقها وجعل صوت رنين هاتفها يصدع في أرجاء المكان فابتسمت وضغطت زر الإيجاب، وقبل أن تجيب سبقها وقال 

- رفقاً بي يا سيدتي

ابتسمت بدلال على استمراره في المشاكسة ثم استردت أنفاسها وهتفت بذات المشاكسة

- عفونا عنك يا أبا أمجد

أسر ابتسامته على مشاركتها له في المشاكسة والجنون وتابع بذات الجنون

- أخبريني يا فتاة من عفى عني سوى عيناكِ ؟

خجلت حنين من كلماته ولم تجيبه فابتسم بخفوت وأردف قائلاً: حبيت أسمع صوتك قبل ما أنام

- وسمعته؟ 

قالتها بهيام فرفع كتفيه بلا مبالاة وأجابها: ذكية ماشاء الله 

تبدلت قسمات وجهها من السعادة إلى الغضب أثر كلماته التي تحمل السخرية، فهتفت بحدة وصوت عال

- أنت رخم وغتت وغلس، أقفل

أنهت المكالمة وأغلقت الهاتف تماماً حتى لا يحادثها مرة أخرى، بينما انفجر هو ضاحكاً وقهقه بأعلى طبقات صوته، وما أن استرد أنفاسه ترك الهاتف واتجه صوب الفراش وهو يتمتم بخفوت

- مجنونة 
*********

رحل الليل بظلامه وسطعت شمس يوم جديد حاملة المزيد والمزيد من المشاعر والأمل... 
في السابعة صباحاً تململ أمير في فراشه ثم فتح عينيه ورقد على ظهره... شرد في ما حدث بالأمس وما سيحدث بعد عدة ساعات... أغمض عينيه وتنفس بعمق وعاد القلق ليتملك أفكاره من جديد، لكنه لم يسمح له بسرقة الفرحة التي سكنت قلبه... ترك فراشه ودلف إلى الحمام ثم توضأ وغادره ليصلي فرضه، وما أن فرغ رفع يديه إلى السماء ودعا الله كثيراً... وبعد مرور عدة دقائق غادر الغرفة واتجه صوب غرفة شقيقته.. اقترب منها وجلس على حافة فراشها وأخذ يداعب أنفها وعينيها بأطراف أنامله... زفرت بضيق عدة مرات اعتقاداً منها أنها مجرد ذبابة، لكنها فاقت على صوت ضحكاته فزفرت من جديد ثم اعتدلت في جلستها وهتفت بغيظ

- في إيه يا أمير؟ 
- قومي علشان نروح نشتري الحاجات اللي قولتلك عليها

مطت شفتيها بضجر حينما نظرت إلى الساعة الموضوعة إلى جوارها ووجدتها تشير إلى السابعة والنصف ثم تحدثت بغضب قائلة

- أنت أتجننت رسمي
- يلا بقى بلاش رخامة
- المحلات ما بتفتحش قبل تسعة 
- ما على ما تقومي يا قمر وتلبسي ونفطر مع ماما وتجهزي الهدوم اللي هتلبسيها بالليل

قال كلماته الأخيرة وهو ينظر إلى السقف بلامبالاة فرفعت أحد حاجبيها وهتفت مازحة

- كمل كمل شكل فيوزاتك ضربوا، هدوم إيه اللي هجهزها الساعة سبعة ونص ولسه كتب الكتاب بعد العصر؟! 

ابتسم لها بخبث ثم أجابها بمرح: هو أنا ما قولتلكيش؟ 

- لا ما قولتليش
- أصل أنا ناوي أوصلك عند وعد بعد ما نخلص وهتفضلي هناك لحد معاد كتب الكتاب 

لوت شفتيها بضجر ثم اعتلت الفراش واضعة كفيها بمنتصف خصرها وقالت بغيظ وحدة مصطنعة 

- نعم نعم نعم نعم، هروح أحرسهالك ولا إيه؟!!! 

أسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يزيد غضبها ثم قبض برفق على معصمها وجذبها بخفة لتجلس على الفراش وتحدث بهدوء قائلاً 

- علشان خاطري يا لولو 
- لولو هي وصلت للولو، خلاص موافقة 

غمز لها بمشاكسة ثم طبع قبلة على مقدمة رأسها وغادر الغرفة متجهاً إلى غرفة والدته فتنهدت أمل بهيام وتحدثت إلى نفسها 

- يارب ألاقي حد يحبني كده

******

 طرق أمير باب غرفة والدته ثم دلف إليها وابتسم حينما رآها تدعو له وهي مازالت تجلس على سجادة الصلاة... اقترب منها وجلس إلى جوارها فربتت على كتفه وهتفت بسعادة

- صباح الخير يا نور عيني
- صباح النور يا ست الكل
- صاحي بدري ليه ولا منمتش من أصله؟ 

تنحنح حينما فهم مشاكستها له فابتسمت له وتابعت قائلة بحنان وصوت دافئ

- ربنا يسعدك
- ربنا يخليكي لينا

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والضحك غادر أمير إلى غرفته ليبدل ثيابه... وبعد أن تناول طعام الإفطار اصطحب شقيقته وانطلق إلى وجهته

******

في منزل حسام... 
زفر حسام بضيق وهو مازال ممداً على الفراش، فقد جاهد طوال الليل ليغفو ولو لدقيقة لكنه لم يستطع النوم.... ترك فراشه ودلف إلى الشرفة ثم جلس على المقعد وأغمض عينيه بأسى على ضياع وعد من بين يديه.... في ذات اللحظة تركت حنين غرفتها واتجهت صوب غرفة شقيقها ثم دلفت إليها على أطراف أصابعها لتطمئن عليه، وصدمت بشدة لرؤيته يجلس على المقعد مغمض العينين... شعرت بالأسى عليه وعلى الجرح الذي سكن قلبه ثم اقتربت منه وجلست على المقعد المقابل له وقالت مازحة

- صباح الخير يا سيادة الرائد 
- صباح النور يا قلب سيادة الرائد 
- صاحي بدري ليه؟ 
- لازم أروح الشغل، هوصلك في طريقي عند وعد وعلى الظهر هستأذن وأجيلكم

قال كلماته بجدية مصطنعة ليخبئ الحزن الذي تملكه بينما لم تستطع حنين منع الحزن من الظهور على قسمات وجهها فربت على كتفها وتابع بحنان قائلاً 

- أنا كويس، يلا قومي حضري الفطار علشان نلحق وقتنا

حركت رأسها بالموافقة ثم طبعت قبلة على وجنته وغادرت إلى المطبخ 

********

في أحد المراكز التجارية... 
مضى أمير برفقة شقيقته إلى أحد المتاجر ليشتري خاتم الخطبة... عرض عليه البائع العديد والعديد من الخواتم وأطقم الذهب لكن لم يعجبه شيئاً فزفرت أمل بضيق وهتفت بغيظ

- يا أمير بقالنا ساعة بنشتري الشبكة، أختار أبوس أيدك
- مفيش حاجة عجباني

جحظت عينيّ أمل في عدم تصديق بينما نظر إليه البائع وهتف متسائلاً 

- طيب إيه التصور اللي في دماغ حضرتك؟ 
- عايز سلسلة رقيقة وتكون بالخاتم بتاعها وعايز دبلة كمان رقية وشغلها بسيط مش حابب الشغل الأوفر كل ما كان بسيط هيطلع أجمل
- تقصد حضرتك عايز حاجة هادية وما يكونش شغلها كتير
- بالظبط وفي نفس الوقت متكنش رخيصة 
- طيب أنا هفرج حضرتك على كتالوجات ولو عجبك منهم حاجة خلال ساعة واحدة هتوصل من الفرع التاني 

حرك أمير رأسه بإهتمام فابتعد البائع قليلاً ثم عاد وأعطاه ألبوم من الصور لينتقي ما يريد... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وجد ضالته فأطلقت أمل صفيراً لحسن اختياره... بعد مرور عدة دقائق غادروا المتجر وذهبوا لانتقاء الفستان... رفض أمير جميع الفساتين التي انتقيها أمل وأخذ يبحث بعينيه عن فستان يليق بالساحرة خاصته.... أتسع فاه أمل حينما أخرج فستان فخم من بين الفساتين الأخرى ثم اقتربت منه وقالت باندهاش

- واوووووو إيه الفستان التحفة ده!! 
- ذوقي عالي 
- فعلاااااااااا
- طيب يلا نحاسب علشان نروح نشتري شوز وبعدين نرجع ناخد الشبكة 

بعد مرور ما يقارب نصف الساعة دلف أمير إلى سيارته بعد أن وضع الفستان والأشياء الأخرى بالخلف، ثم انطلق صوب منزل وعد وهو يشعر بسعادة لم يتذوق نكهتها يوماً 

********

في منزل وعد.... 
دلفت حنين إلى غرفة وعد ثم خلعت حذائها وأخذت تقفز فوق الفراش في سعادة، تململت وعد في فراشها ثم فتحت عينيها ببطء وابتسمت على جنون صديقتها... علا صوت ضحكات حنين وأنضمت وعد إليها وهي لا تصدق أنها ستصبح زوجة لأمير بعد عدة ساعات 

- النهارده فرحي يا جدعان عايز كله يبقى تمام

هكذا دندندت حنين وهي تتمايل فوق الفراش فضحكت وعد بأعلى طبقات صوتها وهتفت مازحة

- دماغك ضربت أكتر ما هي
- النهارده لازم نفرح 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي وعد ثم تلاشت سريعاً فجلست حنين إلى جوارها وأخذت تحرك كفها يميناً ويساراً أمام عينيّ وعد 

- روحتي لحد فين؟ 
- مش عايزه أشوفه 
- هو مين؟ 
- الراجل اللي أسمه بعد أسمي في البطاقة 

لم تستطع وعد أن تطلق عليه لقب أبي، فحزنت حنين لأجلها وأسرعت في احتضانها ثم هتفت بحنان وصوت دافئ

- النهارده لازم تفرحي وبس وأي حاجة تانية أرميها وراكي، ممكن؟ 
- ممكن 
- قوليلي مامتك عرفت؟ 
- لا بس أول ما تتصل هقولها خوفت أتصل وجوزها يعملها مشكلة، شفتي وصل بينا الحال لإيه

تلألأت الدموع في عينيّ وعد فمطت حنين شفتيها بضجر ثم قالت بحدة وصوت عال

- النهارده مفيش دموع، مفهوم ولا أعضك؟ 
- مفهوم يا مجنونة 

ما أن وصلت الكلمة إلى مسامع حنين، ابتعدت عن وعد واعتلت الفراش مرة أخرى وهي تضحك وتغني بأعلى طبقات صوتها فقهقهت وعد وانضمت إليها سوسن بل وشاركت حنين الرقص والغناء، وظلوا هكذا حتى قاطعهمن صوت رنين هاتف وعد فأجابت برقة قائلة 

- صباح الخير
- صباح الورد، صاحية ولا صحيتك؟ 
- لا صحيت من شوية، أستاذة حنين إزعاج هنا 

ابتسم أمير وكاد أن يتحدث لكنه انتبه إلى أمل التي تطالعه بهيام فرمقها بنظرة غيظ ثم أشار أليها لتترك السيارة وتابع حديثه قائلاً 

- أنا تحت البيت 

ارتبكت وعد بشدة ووقفت عن فراشها وهي تقول: هتطلع؟ 

- لا أمل بس هتطلع وباعتلك معاها هدية
- هدية علشاني أنا؟ 
- أمال علشاني أنا 

قالها مقلداً طريقتها في الحديث فابتسمت بخجل ولم تتحدث ولو بكلمة فأردف قائلاً 

- ممكن أشوفك قبل ما أمشي
- طيب أطلع 
- لا أمل طلعت خلاص، بصيلي من البلكونة هشوفك وأمشي

لم تتردد ولو لدقيقة فقد شعرت هي الأخرى برغبة في رؤيته، فاتجهت صوب شرفتها وفتحتها لتشاهده يستند على سيارته ويرتدي نظارة شمسية زادته وسامة وطلة رجولية... تسارعت نبضات قلبها لدرجة جعلتها تشعر أنها على وشك فقدان الوعي وتمسكت بالصمت لشعورها بهروب الكلمات من بين شفتيها... لم يختلف شعوره عنها فقد تسارعت نبضاته بمجرد أن وقعت عينيه عليها وشعر هو الأخر بنسيان الكلمات، ولكن أعادهما إلى أرض الواقع دخول أمل إلى الشرفة وهي تقول 

- ناس عماله تحب وناس طلع عينيها لف مع سي أمير 

استمع أمير إلى كلمات شقيقته عبر الهاتف وانتظر حتى رحبت وعد بها ثم تابع حديثه قائلاً 

- أنا هقفل بقى علشان مش هخلص من لسان أمل
- ماشي، خد بالك من نفسك
- وأنتي كمان خدي بالك من نفسك، ويارب هديتي تعجبك
- أكيد هتعجبني، مع السلامة 

ودعها وأنهى المكالمة ثم لوح بيده مودعاً ودلف إلى السيارة وانطلق بها... تابعته بعينيها حتى اختفى عن نظرها ثم دلفت إلى الداخل لتتفاجأ بفستان فخم فيروزي اللون ومرصع بالأحجار الكريمة موضوع فوق فراشها فوضعت يدها على فاها لتكتم شهقاتها ثم فاقت من صدمتها وهتفت في نفسها 

- أخبرني يا زماني هل اليوم نهاية دموعي وأحزاني، أم مازلت تخبئ لي صفعة جديدة تعيد الألم إلى قلبي وأوصالي؟ 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

المتيم في هواها/ صافيناز يوسف

February 18, 2019 0
المتيم في هواها/ صافيناز يوسف


في سالف الأزمان وفي الصحراء الشاسعة المترامية الاطراف الخالية الا من الرمال الحارقة والتلال المتناثرة ، شق سكون الصحراء صوت حوافر جواد جامح يقوده فارس ملثم، وعندما تخطى حدود قد صنعها الزمن بين مملكتين حتى انبثق من وراء أحد التلال القريبة مجموعة من المحاربين الاقوياء يلوحون بسيوفهم بغضب ويندفعون باتجاه الفارس مطلقين صرخات ترتجف لها قلوب  اشجع الرجال ، وقد ساءهم انتهاك هذا الفارس لحرمة أراضيهم.

للقراءة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا