03/05/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, March 5, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

March 05, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك 

الفصل الثالث والعشرون - بقلمي منى سليمان

* صدمة *

اصطحب يحيى ولديه إلى شقة حسام وطرق بابها عدة مرات ليتركهما برفقة حنين لكن لم يجبه أحد فنظر إلى العسكري وتساءل

- ممكن أخدهم معايا علشان أمهم مش موجودة ولا الجيران؟ 
- اه طبعاً 

شكره يحيى ثم مضى إلى سيارته وانطلق بها خلف سيارة الشرطة وهو يشعر بخوف لم يختبره يوماً... حاول طوال الطريق الاتصال بمنيرة لكنه وجد هاتفها مغلق فشعر بالقلق عليها ودعا الله أن لا يكون قد أصابها مكروه

******

في ذات الوقت انتهى حسام من قص ما حدث فأتسع ثغر أمل من وقاحة منيرة وعشيقها فضيق حسام بين حاجبيه وأردف بغيظ مصطنع

- عرفتي بقى كنت متعصب ليه، وفوق ده كله تيجي تقوليلي الساعة قدام البطارية

قال كلماته الأخيرة مقلداً طريقتها في الحديث فابتسمت رغماً عنه وهتفت وهي تنظر إليه بأعين راجية 

- أنا آسفة 
- مفيش داعي للاعتذار، حصل خير
- طيب أنا هروح أطمن على وعد وأتخانق مع أمير علشان ما قاليش

قالتها بتوعد فابتسم على طريقتها و هيئتها الأشبه بهيئة أحد وكلاء النائب العام فهتف مازحاً 

- تنفعي وكيل نيابة على فكرة 
- بجد؟ 

تساءلت وهي تضم كفيها أمام صدرها فأسر ابتسامته حتى لا يقلل من فرحتها فحرك رأسه كإشارة لتأكيد ما قاله دون أن يتفوه ولو بكلمة ثم أمسك نظارتها الطبية الموضوعة على سطح المكتب وأعطاها إياها لترتديها فنفذت رغبته وأردفت بسعادة

- كده بقيت وكيل نيابة أصلي، صح؟ 

لم يستطع أن يأسر ضحكته أكثر من ذلك فانفجر ضاحكاً بأعلى طبقات صوته وبمجرد أن استرد هيبته نظر إليها وقال مازحاً 

- كنت بقول على حنين مجنونة بس الحمد لله أختي جمبك طلعت عاقلة
- ظريف

قالتها بصوت خفيض لكنه وصل إلى مسامعه وكاد أن يشاكسها إلا أنها وقفت عن المقعد لتغادر فتابع قائلاً 

- أنا منتظر والد وعد وبعدها هروح أطمن عليها فلو تحبي خليكي ونروح سوا 
- ماشي هستناك، هتستلم شغلك الجديد بكرة؟ 
- بأمر الله مش هينفع نأجل أكتر من كده، هروح أجبلك حاجة تشربيها أوعي تخرجي من هنا

حركت رأسها بالموافقة وانتظرت حتى غادر ثم أجرت اتصالاً بهاتف أمير لتطمئن على وعد

*******

بغرفة وعد... 
كانت تبكي بحرقة حينما أخبرها أمير أن منيرة هي من خططت لذلك فضمها إلى صدره علها تتوقف عن البكاء لكنها قررت إخراج الغضب والحزن الذي لازمها طوال السنوات التي قضتها بمنزل أبيها... وما أن صدع صوت رنين هاتفه أبعدها عنه قليلاً وضغط زر الأيجاب وقبل أن يتحدث سبقته أمل وتساءلت بقلق

- وعد عامله إيه؟ 
- الحمد لله أحسن، أنا قولت لماما ما تقولكيش علشان ما تتوتريش وأنتي سايقه
- حسام هو اللي قالي، أنا في النيابة دلوقتي شوية وهنيجي
- ماشي يا عمري خدي بالك من نفسك 

ودعته أمل وأنهت المكالمة ثم جلست في انتظار حسام بينما كفكفت وعد دموعها ونظرت إليه قائلة

- هي أمل عرفت منين؟ 
- في بينها وبين حسام شغل فتقريباً حكالها، هي شوية وهتيجي
- أنا مخنوقة أوي، حاسة أني اتظلمت كتير والنهارده ربنا جابلي حقي وحق أمي وأخويا اللي مات قبل ما يجي الدنيا بس برضو مخنوقة 

قالت كلماتها الأخيرة بصوت غلبه البكاء فأمسك وجهها بين كفيه وهتف بحنان وصوت دافئ غلفه العشق

- أنسي كل اللي فات وخلينا في بكرة واللي ظلموكي ربنا هياخد حقك منهم، وعلشان خاطري ما تعيطيش

حركت رأسها بالموافقة فحرر وجهها ثم جذبها إلى صدره ليغمرها بحنانه وساد الصمت بينهما لدقائق قطعها عندما أردف قائلاً 

- تعالي نتمم جوازنا ونعيش سوا لأخر العمر 

ابتعدت عنه قليلاً فتقابلت أعينهم في نظرة ساحرة فبادر برسم الابتسامة على شفتيه ثم كرر كلماته بصوت أكثر هدوءاً فحركت رأسها يميناً ويساراً لتخبره بعدم موافقتها فتساءل بهدوء 

- ليه؟ 
- إحنا لسه ما نعرفش بعض كويس واللي بيجي بسرعة بيروح بسرعة
- وجودنا سوا هيقويكي يا وعد وأنا عايزك جمبي في أسرع وقت

ما أن وصلت كلماته الأخيرة إلى مسامعها، توردت وجنتيها خجلاً وخبأت عينيها عنه فابتسم على فعلتها لكنه لم يرفع راية الاستسلام فوضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها لتتقابل أعينهم من جديد

- أنا مش بشفق عليكي، ولا بلعب بيكي، أنا عايزك جمبي كل دقيقة وكل ثانية عايز أنام وأقوم وأنتي في حضني وتكون عيونك أخر حاجة أشوفها وأول عيون أصحى عليها، قولتي إيه؟ 

لم تجيبه ولو بكلمة فقد كانت تحت تأثير كلماته العذبة فأخذت ترمش بعينيها عدة مرات لتتأكد أن ما سمعته ليس حُلماً فابتسم على هيئتها واقترب منها شيئاً فشيئاً عله يسرق قلبته الأولى ليهدم الجدار القائم بينهما إلا إنها سبقته وأسندت رأسها على صدره فحاوطها بحنان وأردف 

- وافقي بقى
- والدراسة؟ 
- هساعدك وهذاكرلك كل المواد وببلاش كمان

ارتسمت ابتسامة على شفتيها أثر مزحته لكن كلماته لم تستطع قتل الخوف الساكن بقلبها فقالت برقة

- طيب خليها في الأجازة 
- السنة لسه طويلة إيه يخلينا نستنى سنة؟ 
- مش عارفه 

وضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها قليلاً وهي مازالت تستند على صدره ثم غمز لها بمشاكسة وهتف مازحاً 

- هوافق وأمري لله مع أنك مراتي ولو عايز أخطفك حالا محدش هيمنعني بس طول السنة مش هبطل أقولك تعالي نوري بيتي

كانت كلماته بمثابة الدواء الشافي لجميع جروحها لكنها فضلت الانتظار حتى يتأكد كل واحد من مشاعره تجاه الأخر 

*******

في ذات اللحظة وصل حسام أمام غرفة المكتب التي توجد بها أمل، لكنه قبل أن يدخل إليها رأى يحيى يقترب برفقة أحد العساكر ومعه طفليه مصطفى وعبد الرحمن... زفر بضيق حينما رأى الولدين ثم اقترب من يحيى وقال بصوت رجولي

- في حد يجيب أطفال هنا؟ 
- خبطت على حنين ملقتهاش وأمهم مش موجودة

ابتسم حسام بسخرية حينما استمع إلى كلمات يحيى الأخيرة ثم هتف بغيظ

- أنا هاخد مصطفى وعبد الرحمن على ما تخلص
- طيب قولي الأول أنا هنا ليه؟ 

لم يجيبه حسام لكنه رمقه بنظرة اشمئزاز وأخذ الولدين إلى الغرفة التي توجد بها أمل ثم تركهم برفقتها وغادر ليصطحب يحيى إلى غرفة مكتب وكيل النائب العام فدلف وهو يشعر بالقلق والخوف فنظر حسام إلى المحقق وقال بصوت رجولي 

- جوز المتهمة منيرة 

جحظت عينيّ يحيى بعدم تصديق وردد بخفوت: متهمة

فاق من صدمته حينما أشار إليه المحقق بالجلوس فوصل إلى المقعد بصعوبة لشعوره باهتزاز الأرض تحت قدميه ثم جلس في انتظار ظهور منيرة بعد أن أرسل حسام في طلبها من محبسها بينما بدأ وكيل النائب العام يقص عليه كل ما حدث فشعر أنه على مشارف الموت حينما شعر بالاختناق فحل رابطة عنقه وكاد أن يتحدث إلا أن دخول دخول منيرة قاطعه فرفع بصره إليها وجحظت عينيه حينما رأى الملاءة التي تستر جسدها فوقف عن مقعده واقترب منها ثم أنهال عليها بالصفعات وهو يقول 

- خربت بيتي علشانك وشردت بنتي بسببك وأنتي كلبة ولا تسوي

أشار حسام بيده إلى العسكري فاستطاع بصعوبة إبعاد يحيى عنها ثم ساعده على الجلوس فقد كاد أن يسقط عدة مرات فأعطاه المحقق كوباً من المياه عله يرتشق القليل فأخذه وشرب منه بصعوبة نظراً لارتعاش يده وبمجرد أن انتهى سأله المحقق

- تحب ترفع قضية زنا؟ 

حرك يحيى رأسه بالموافقة ثم هتف بصعوبة: وهطلقها في النيابة كمان بعد ما تتنازل عن حضانة الولاد وكل حقوقها فيهم و

قاطعة المحقق قائلاً: أنصحك كمان تعمل تحليلي DNA للأولاد 

أتسع ثغر يحيى في صدمة حينما فهم ما يرمي إليه المحقق وقال بعدم تصديق

- هم هما ممكن ما يكونوش ولادي؟ 
- واحدة زي دي توقع منها أي شيء 

لم يستطع يحيى أن يتفوه بالمزيد وظل صامتاً حتى انتهت إجراءات إثبات واقعة الزنا ثم ألقى عليها يمين الطلاق وغادر الغرفة وهو يشعر بالاختناق فشعر حسام بقليل من الشفقة على حاله لكنه لم يظهر له ذلك وهتف بجدية

- شفت منيرة وصلتلك لفين، شفت ذنب ظنط رمزية وأبنك اللي قتلته بأيدك وذنب بنتك اللي رمتها في الشوارع وصلك لفين، يا خسارة يا ألف خسارة، أتفضل خد ولادك أعملهم تحليل ده لو طلعوا ولادك أصلاً 

تركه حسام واتجه صوب الغرفة التي توجد بها أمل ثم اصطحب مصطفى وعبد الرحمن إلى الخارج فركضا باتجاه يحيى وتساءل مصطفى ببراءة 

- بتعيط ليه يا بابا؟ 
- مفيش مفيش يا حبايبي 

قالها ثم ثنى ركبتيه وجذب مصطفى إلى صدره وأحاطه بحنان لدقائق ثم مد يده وجذب عبد الرحمن أيضاً وأخذ يستنشق عبير عطرهما وهو يشعر بنيران تسري بداخله وتحرق كل ما يقابله فراقبهم حسام في صمت ثم زفر بضيق وعاد إلى أمل وجلس على المقعد المقابل لها دون أن يتفوه ولو بكلمة فشعرت بالقلق عليه وتساءلت

- مالك؟ 
- برغم كل اللي عمله في وعد ووالدتها إلا أنه صعبان عليا 
- ده ذنب وعد وطنط رمزية، هو استقوى عليهم والنهارده ربنا بيجيب حقهم جته القرف هو والحرباية اللي فرحان بيها، اللهم لا شماته

قالت كلماتها بغيظ فرفع بصره إليها وابتسم فأردفت متسائلة: مبتسم ليه؟ 

- حاسك بتاعت مشاكل أوي، بتفكريني بأمين عندنا سميناه سعيد شكل علشان بتاع مشاكل فشكلي هسميكي أمل شكل

صرت على أسنانها وشعرت برغبة ملحة في الفتك به لكنها لم تفعل بل حملت حقيبتها وغادرت دون أن تعيره أي اهتمام فلحق بها وقبل أن تدلف إلى سيارتها وقف أمامها وقال بجدية مصطنعة

- بهزر على فكرة
- ماشي، ممكن تبعد عن العربية بقى
- طيب هاتي الساعة بتاعتي الأول

رفعت أحد حاجبيها فرفع كلا حاجبيه في المقابل وتابع: هي مش بتاعتي ولا إيه؟ 

مد لها يده فأخرجت العلبة من حقيبتها ووضعتها داخل كف يده وطلبت منه الابتعاد فافسح لها المجال ثم اتجه صوب سيارته ولحق بها 

*******

بمنزل سوسن... 
انتهت سوسن من إعداد السفرة بمساعدة حنين ثم دعت كل من أمجد وسلوى للجلوس على مائدة الطعام بينما اتجهت حنين صوب غرفة وعد وطرقت بابها فابتعدت عن صدر أمير وقالت برقة

- أدخل 

دلفت إلى الداخل واقتربت من وعد ثم طبعت قبلة على وجنتها وهتفت مازحة

- صح النوم 
- أنا صاحية من بدري بس كنت برغي مع أمير
- طيب يلا جهزنا الغداء وكمان حسام وأمل على وصول وكلهم بره قلقانين عليكي
- حاضر هنخرج وراكي

بمجرد أن غادرت حنين الغرفة، همت وعد أن تقوم عن الفراش إلا أنها شعرت بدوار خفيف فجلست مرة أخرى وهي تضع يدها على رأسها فجلس أمير إلى جوارها وانتظر حتى تحسنت قليلاً ثم ساعدها على الوقوف ومضى معها إلى الخارج فاحتضنتها سلوى لتغمرها بالدفء الذي تحتاج إليه وفعلت سوسن المثل لكنها بكت لا إرادياً فربتت وعد على ظهرها وهتفت برقة

- أنا كويسه

ابتعدت سوسن عنها بصعوبة ثم أخذت تمرر يدها على خصلات شعر وعد وهي تقول 

- ربنا يحفظك من كل شر
- ما تخلصونا يا جدعان أنا جعاااااان

قالها أمجد بطريقة تمثيلية فانفجروا جميعاً ضاحكين وأنضموا إليه بينما لوت حنين شفتيها بضجر وتساءلت في نفسها

- هو مفجوع ولا إيه؟!! 

******

أسفل العقار أوقف حسام سيارته ثم ترجل منها ووقف في انتظار أمل، لم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصلت إلى وجهتها وترجلت هي الأخرى وما أن رأته يقف في انتظارها عبست بشده وهمت أن تتخطاه لكنه سبقها وقبض على معصمها فرفعت بصرها إليه وشرار الغضب يتطاير من مقلتيها فأسر ابتسامته وهتف مازحاً 

- عيونك بيطلعوا شرار وبتزعلي لما أقولك أمل شكل
- أنت رخم أووووي ودمك سم 
- من بعض ما عندكم
- أنا رخمة ودمي سم؟ 

تساءلت بطريقة طفولية أسرة للقلوب فابتسم لها وقال بجدية مصطنعة ونبرة صوت هادئة

- لا أنا اللي رخم ودمي سم، ما تزعليش بقى
- ماشي

قالتها ببراءة فحرر معصمها وأشار إليها بالدخول فمضت معه إلى الداخل وشاركها كذلك صعود الدرج فهو يعلم جيداً أنها مصابة برهاب المصاعد وما أن وصل إلى باب الشقة مد يده ليضغط زر الجرس فسبقته وقالت برقة

- هقولك على حاجة قبل ما ندخل
- سامعك
- ماما وأمير عارفين موضوع المهمة أنا مبقدرش أخبي عنهم حاجة 

قالت كلماتها دون أن تنظر إليه اعتقاداً منها أنه سيعنفها كعادته لكنه لم يفعل بل تحدث إليها بهدوء قائلاً 

- دي حاجة أحترمها فيكي
- كنت فكراك هتزعق وهولاكو اللي جواك هيطلع
- أهو لو ما سكتيش حالاً هولاكو هيطلع 

أتسعت ابتسامتها الساحرة أثر مزحته فشاكسها بغمزة من عينه اليسرى ثم ضغط زر الجرس واصطحبها إلى الداخل بمجرد أن فتحت حنين فاندهشت بشدة من وجودهما سوياً ورددت بخفوت

- هو إيه النظام؟!!!! 

******

في ذات اللحظة أنهى يحيى إجراءات الطلاق ثم اصطحب ولديه إلى السيارة  وانطلق بها نحو المعمل المختص بتحليل البصمة الوراثية ليجري تحليل الحمض النووي لولديه... كان يشعر بالضيق والاختناق فما حدث ليس بالقليل لكنه دعا الله طوال الطريق لكي يكذب ظنونه... بعد مرور عدة دقائق وصل إلى وجهته ثم دلف إلى الداخل وهو يشعر باهتزاز الأرض تحت قدميه، استقبله أحد العاملون وطلب منه الانتظار فجلس على أحد المقاعد ونظر إلى ولديه قائلاً 

- تعالوا أقعدوا جمبي
- أنا عايز أنام

قالها عبد الرحمن ببراءة فتابع مصطفى: وأنا جعان

تلألأت الدموع داخل عينيّ يحيى وشعر كذلك بغصة في قلبه لما وصل إليه بسبب عشقه لمنيرة وظل يسترجع ذكرياته معها وما ضحى به من أجلها ثم فاق من شروده حينما احتضنه مصطفى وفعل عبد الرحمن المثل فحاوطهما بحنان وظلوا هكذا حتى عاد العامل وطلب منه الدخول فوقف عن مقعده ومضى إلى الداخل وقص على الطبيب ما حدث فأخد منه مسحة من الحلق وخصلة من شعره ثم أمر العامل بإدخال الطفلين وفعل معهما مثلما فعل مع أبيهم وبمجرد أن غادرا الغرفة نظر يحيى إلى الطبيب وهتف

- أنا عايز النتيجة في أسرع وقت، أرجوك
- خلال أربع أيام أو خمس أيام بالكتير هتطلع النتيجة

شكر يحيى الطبيب وغادر وبداخله صوت يخبره أن ما يدور برأسه مجرد أوهام ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى انطلق بسيارته إلى أحد المطاعم ليتناولوا الطعام 

******

بمنزل سوسن... 
انتهوا من تناول الطعام فجلست سوسن تتحدث إلى سلوى بينما أفرغت حنين محتويات السفرة بمساعدة وعد وأمل،  أما أمير فجلس يخبر أمجد برغبته في إكمال الزيجة لتعيش وعد تحت رعايته، في حين دلف حسام إلى الشرفة ليجرى اتصالاً هاتفياً بأحد زملائه... ما أن انتبه أمير إلى إنهاء حسام للمكالمة، ترك مقعده ولحق به إلى الشرفة ثم هتف بصوته الرجولي

- أنا مش عارف أشكرك أزاي على كل اللي عملته علشان وعد

ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغر حسام وهتف بهدوء: وعد أختي وعلشانها أعمل المستحيل ولو حنين في نفس الموقف كنت هعمل اللي عملته 

- لما أمل حكتلي على القضية قلقت عليها بس طالماً هتكون معاها يبقى هطمن 

شعر حسام بالإطراء لما قاله أمير فربت على كتفه وطمئنه أكثر وأكثر على أمل وأخبره أنها أمانة في رقبة كل رجال وزارة الدخلية فشكره أمير مرة أخرى ثم دلفوا إلى الداخل فمال أمجد على أذن سلوى وهتف مازحاً كعادته

- خالتي تعالي عايزك
- ومالك بتوشوشني كده ليه؟
- تعالي بس وهقولك كل حاجة

مضت معه إلى الشرفة فقص عليها ما يريد فشعرت بالسعادة تسري بداخلها وتساءلت وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغرها 

- بتتكلم بجد؟ 
- اه وربنا
- ألف حمد وشكر ليك يارب، تعالى أدبسك قبل ما تغير رأيك

جذبته من معصم يده كطفل صغير تصطحبه أمه إلى المدرسة فجاهد ليحرر معصمه لكنها لم تسمح بذلك ضاربة عرض الحائط بمحاولاته وظلت هكذا حتى استقرت أمام حسام فضحكت أمل على هيئته وكذلك حنين فتوعد لهن بنظراته ثم انتبه إلى حديث سلوى 

- شوف بقى يا حسام أنا بحب الكلام الدغري وما بحبش اللف والدوران 

نظر حسام إليها بعدم فهم فتابعت بسعادة: أنا عايزه أطلب منك أيد حنين لأمجد

اندهش حسام بشدة بينما وقفت حنين عن مقعدها وركضت إلى الداخل لشعورها الشديد بالخجل فابتسم أمجد على فعلتها ثم نظر إلى حسام وتساءل

- قولت إيه يا شيخ الشباب؟ 

رفع حسام أحد حاجبيه ثم رمقه بنظرة نارية وأجاب بثبات: مش موافق


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

طريقي بقربك/ منى سليمان

March 05, 2019 0
طريقي بقربك/ منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الرابع والعشرون - بقلمي منى سليمان

قبل الفصل أدعولي لأن عيني تعبانه جداااااااااا بفتحها بالعافية وبعتذر أني ما بردش عالتعليقات يادوب بنشر الفصل وأقفل 😭😭😭

* رسالة *

جحظت أعينهم جميعاً في عدم تصديق فأسر حسام ابتسامته ثم وقف عن مقعده ورسم الجمود المصطنع على قسمات وجهه، لكن أمجد لم يستسلم فاقترب منه أكثر وقال بصوت أقرب إلى الرجاء 

- ورحمة أبوك وأمك وافق
- مش هينفع يا أمجد 
- ليييييه ده انا هحطها جوه عيوني وكمان أنا عريس لقطه 

قالها بطريقة تمثيلية فجاهد حسام بشتى الطرق ليأسر ضحكته ثم هتف بجدية مصطنعة وصوت غلفته الحدة

- أختي وأنا حر فيها ومش عايز أجوزها 
- طب فكر تاني، بلاش ترفض على طول
- لا على طول ولا على عرض هي لا وخلاص
- بس أنا عايز أتجوزها

قال كلماته ببلاهة بعد أن ضرب قدمه بالأرض كالأطفال فانفجروا جميعاً ضاحكين بالرغم من شعورهم بالغضب من رفض حسام الذي ما أن استرد أنفاسه وكز أمجد في كتفه وقال مازحاً 

- يا ابني تتجوز مين، أخاف لتجبلها تخلف وهي مش ناقصة ولا تاكلها وهي نايمة

أتسع ثغر أمجد بعدم تصديق ثم أشهر سبابته وأشار إلى حسام قائلاً بسعادة 

- أنت بتهزر، صح؟ 
- هو أنا هلاقي لأختي أعز منك يا أهبل
- ينصر دينك 

قفز أمجد في صدر حسام فضحكوا من جديد على جنونه حتى دمعت أعينهم وما أن تمالك حسام أنفاسه تركهم ولحق بشقيقته ثم اقترب منها وطبع قبلة على مقدمة رأسها وقأل بعد أن جلس إلى جوارها

- كسوفك ده علامة القبول ولا صدمة؟ 

خجلت بشدة أن تجيبه فوجهت نظرها إلى الأرض وهي تفرك أنامها ببعضهم البعض فابتسم على براءتها ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها إليه وساد الصمت لدقائق تذكر فيها والديه فنظرت إليه وتساءلت بقلق

- مالك؟ 
- مفيش حاجة يا قلبي، قوليلي رأيك
- أنت شايف إيه؟ 
- أنا شايف أنك لسه صغيرة وكمان قدامك سنين دراسة بس في نفس الوقت أنتي عارفه أن شغلي صعب وممكن في أي لحظة أتصاب وأسيبك في الدنيا لوحدك و

قاطعته قائلة بصوت كساه الألم: بعد الشر عليك، ربنا يخليك ليا 

- ويخليكي ليا، ها قولتي إيه؟ 
- اللي تشوفه

قالتها بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس فقرر مشاكستها قائلاً بجدية مصطنعة وصوت رجولي حاد

- ما تعلي صوتك ولا أخرج أقوله مش موافقة
- ب ب بقولك موافقة

ضربها بخفة على مقدمة رأسها وقال مازحاً: ناس ما تجيش إلا بالعين الحمراء صحيح

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيها أثر مزحته فبادلها بقبلة طبعها على جبينها قبل أن يغادر... وبمجرد أن أخبر أمجد بموافقتها علّا صوت الفرح في أرجاء المكان وتبادلوا كذلك التهاني فيما بينهم إلى أن استقرت أمل أمام حسام فقالت برقة

- عقبالك يا هولاكو

رفع أحد حاجبيه وهتف بغيظ: وعقبالك يا شكل 

لوت شفتيها بضجر ثم ابتعدت عنه دون أن تتفوه بالمزيد فأسر ابتسامته بصعوبة وعاد إلى حنين ليصطحبها إلى الخارج، وما أن وقعت عينيّ أمجد عليها اقترب منها وقال وهو ينظر مُباشرةً إلى عينيها

- مبروك 
- الله يبارك فيك 

قالتها ثم ابتعدت عنه وتلقت التهاني من الجميع وعندما استقرت أمام سلوى ربتت الأخيرة على يدها بحنان ثم جذبتها بخفة لتجلس إلى جوارها والسعادة تظهر بوضوح داخل مقلتيها فقد استجاب الله لدعواتها بعد طول انتظار 

******

بعد مرور عدة ساعات عاد أمجد إلى منزله وهو يشعر بسعادة لم يتذوق نكهتها يوماً... خلع جاكيت حلته ثم جلس على أقرب مقعد وأجرى اتصالاً دولياً... في ذات اللحظة صدع صوت رنين هاتف محمود فاستيقظ من نومه وشعر بالقلق حينما رأى أسم المتصل ثم أجاب قائلاً 

- مالك يا أمجد؟ 
- مفيش حاجة 
- أمال بتتصل بدري كده ليه؟ 

ضرب أمجد جبهته بكف يده عندما تذكر فرق التوقيت فتحدث قائلاً: لمؤاخذة يا كبير نسيت فرق التوقيت

- طيب قولي مالك

أخبر أمجد والده برغبته في الأرتباط بفتاة وقص عليه كذلك تفاصيل كل ما حدث فشعر محمود بالسعادة لأجل ابنه الوحيد وبارك الزيجة فلوى أمجد شفتيه بضجر وقال بغضب

- مبروك من بعيد لبعيد ما تنفعش لازم تيجي تخطبهالي وتحضر فرحي كمان وكفاية سفر 
- حاضر يا أمجد، هسيب كل حاجة وأجيلك أنت ابني الوحيد ونور عيوني كمان 

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والمشاكسات أنهى أمجد المكالمة ودلف إلى غرفته ليحصل على قسط من الراحة بينما اعتدل والده في جلسته قليلاً وأخرج صورة زوجته الراحة التي يحتفظ بها دائماً وأبداً تحت وسادته ثم أخذ يمرر ظاهر أصابعه عليها عله يشعر بوجودها فقد ترك مصر بأكملها بعد وفاتها واليوم عليه العودة لتطارده الذكريات الأليمة التي عاشها عند وفاتها 

- وحشتيني 

قالها بحنان وصوت دافئ ثم أعاد الصورة إلى حيث كانت وأراح جسده مرة أخرى ليكمل نومه ويراها في أحلامه ككل ليلة

********

خرج حسام من الحمام بعد أن أنعش جسده تحت المياه فقد كان يومه شاق... ارتدى ثيابه وصلى فرضه ثم أراح جسده على الفراش لينعم بقسط من الراحة... رقد على ظهره ونظر إلى سقف الغرفة ثم أخذ يتذكر تفاصيل يومه المليء بجنون أمل، ابتسم عدة مرات عندما تذكر ملامح وجهها وهو يناديها "شكل" كما أطلق عليها وشعر كذلك بالغضب من نفسه حينما تذكر معصمها الذي تورم جراء قبضته... بقى على تلك الحالة ساعة كاملة خاصمه خلالها النوم فأخذ يعبث بهاتفه وولج إلى حسابه الشخصي الخاص بتطبيق "الفيس بوك" ثم بحث عن حساب أمل لعدة دقائق وبمجرد أن وجده أرسل إليها طلب صداقة قبلته على الفور فقد كانت مستيقظة هي الأخرى... جاءه أشعار بقبول الصداقة فأرسل إليها رسالة عبر تطبيق "الماسنجر" 

"صاحيه ليه؟!!"

قرأت الرسالة على الفور ثم لوت شفتيها بضجر ورددت في نفسها: وأنت مالك 

ترددت لدقائق في الرد عليه ولكن بالنهاية أخذت قرارها وكتبت 

"مش جايلي نوم، طلع عندك فيس زي باقي الناس سبحان الله"

مط شفتيه بضجر عندما قرأ رسالتها الاستفزازية ثم كتب

 "ظريف يا شكل"

بمجرد أن قرأت رسالته صرت على أسنها وأرسلت

"خفيف يا هولاكو"

انفجر ضاحكاً عندما قرأ كلماتها ثم وضع الهاتف إلى جواره عله يغفو لكن ذلك لم يحدث فظل يتق في الفراش حتى صدع صوت رنين هاتفه معلناً عن وصول رسالة 

"أنا خايفة"
"؟؟؟"

فهمت سؤاله فأجابته "خايفة من اللي جاي"

"ما تخافيش طول ما أنا موجود"

ما أن قرأت كلماته شعرت بالطمأنينة وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها إلا أنها تلاشت تماماً حينما تابع مازحاً 

"وبعدين الراجل معجب بيكي يعني الله يسهلو"
"تصبح على خير يا رخم"
"تصبحي على خير يا أم لسان طويل"

وضع حسام الهاتف إلى جواره ثم استسلم إلى النوم خلال دقائق قليلة بينما أخذت أمل تتصفح حسابه وكلما وقعت عينيها على صورة له كانت تردد بغيظ

- رخم 

*******

بمنزل نادين... 
تململت في الفراش حينما صدع صوت رنين هاتفها فاندهشت بشدة حينما رأت ساعة الهاتف تشير إلى التانية صباحاً وزاد اندهاشها عندما وجدت الاتصال من جماعة تجارة الأعضاء فأجابت قائلة

- الو
- إبراهيم أتقبض عليه

جحظت عينيها في عدم تصديق ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم الصرخة التي كانت على وشك الانطلاق فتابع الشاب

- الخط ده كسري شريحته وهنهدي اللعب مؤقتاً ولما الأمور تستقر هنكلمك، سلام

أنهى المكالمة دون أن ينتظر ردها فأبعدت الهاتف عن أذنها ثم فعلت ما قاله وهي تشعر بالخوف فتركت فراشها واتجهت صوب غرفة والدتها ثم جلست على حافة فراشها وأيقظتها فجحظت عينيها هي الأخرى تساءلت بخوف

- وبعدين يا نادين، هنعمل إيه؟ 
- قومي لمي هدومك وهروح ألم هدومي وأول ما الشمس تطلع تعالي ننزل في أي فندق ولا نأجر شقة مفروشة لحد ما الموضوع يعدي على خير 

حركت خيرية رأسها بالموافقة ثم تركت فراشها وأخذت تجمع كل ما قد تحتاج إليه وفعلت نادين المثل وبمجرد أن فرغت من جمع أشيائها وضعت كرسياً أمام حافظة الثياب ثم أحضرت الحقيبة الموضوعة أعلاه ووضعتها على فراشها وما أن فتحتها لمعت عينيها بسعادة فبداخلها ما يقارب مائتي وخمس وعشرون ألف جنية 

- محدش هياخدكم مني أبداً 

********

مضت الدقائق والساعات والأيام على الجميع وانخرط كل منهم في حياته، لكن لم يتوقف أحد منهم عن التفكير في الأخر... 
انتظر  يحيى طوال الأربعة أيام الماضية نتيجة تحليل الحمض النووي ولم يفارق منزله منذ القبض على منيرة بل اعتنى بولديه جيداً مكذباً الشكوك الساكنه بداخله
تم ترحيل منيرة إلى سجن النساء لتمضي عقوبة الحبس خمسة عشر يوماً على ذمة قضية التخطيط لخطف أنثى وخمسة عشر أخرى على ذمة قضية الزنا، كما تم ترحيل إبراهيم والشاب الذي كان يلاحق وعد إلى سجن الرجال
*كان أمجد دائم الاتصال بحنين وانتظر عودة والده بفارغ الصبر لتتم الخطبة وكان ينتظرها كل صباح أمام بوابة الجامعة ليشاكسها قبل أن ينطلق إلى عمله *
*تعلقت حنين بأمجد أكثر وأكثر فأصبحت رؤيته كل صباح جزء لا يتجزأ من يومها *
عملت رمزية بكل ما حدث لابنتها من خلال مكالمة هاتفية فشعرت بغصة في قلبها لما أصاب ابنتها، كما شعرت بالشفقة على ولدي يحيى فقد أصبحت والدتهم صفحة سوداء في حياتهم
* لم تذهب وعد إلى الجامعة خلال الثلاثة أيام الماضية وفضلت البقاء في المنزل حتى تتحسن حالتها النفسية فكان أمير دائم الذهاب إليها كل مساء بعد انتهاء عمله فشعرت في قربه بحنان يغمرها*
أدمنت وعد البقاء بين أحضان أمير وبداخله تشعر بالأمل والسعادة والحنان لكنها رفضت إتمام الزيجة عدة مرات حتى تتأكد من مشاعره ومشاعرها
اعتاد حسام على عمله المؤقت وراقب هدفه جيداً وكان دائم الاتصال برؤسائه ليطلعهم على أخر المستجدات
ازداد شعور أمل بالخوف لما هي مقبلة عليه وشعرت كذلك برغبة في التحدث إلى حسام عله يهدئ من خوفها لكنها لم تفعل حتى لا يتعطل عن عمله

******

في صباح اليوم الخامس استيقظ أمجد في السابعة ثم ترك فراشه في عُجالة ودلف إلى الحمام، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى ارتدى ثيابه وأجرى اتصالاً بهاتف حنين قبل أن يغادر للقائها فأجابته بهدوء قائلة

- الو 
- يا صباح الورد والفل والياسمين، أنا هتحرك حالاً و

قاطعته قائلة: أنا تعبانه أوي ومش هقدر أنزل

قالت كلماتها بصعوبة نظراً لمرضها الشديد فحمل مفتاح سيارته وهو مازال يتحدث إليها ثم انطلق إلى منزلها ليطمئن عليها... ما هي إلا دقائق حتى وصل إلى وجهته وصعد مُباشرةً إلى شقتها وطرق بابها وزر الجرس كذلك فاندهش حسام بشدة ثم ترك غرفته وفتح الباب وقبل أن يتحدث سبقه أمجد ودلف إلى الداخل وأخذ يبحث بعينيه عن حنين لكنه لم يجدها فنظر إلى حسام وتساءل بقلق

- فين حنين؟ 

عقد حسام ذراعيه أمام صدره ورمق أمجد بنظرات نارية فابتلع الأخير ريقه بصعوبة وأردف

- سوري قلقت عليها لما قالتلي أنها تعبانة
- تقوم تخبط زي أمن الدولة على الباب والساعة لسه ٨ وربع
- معلش معلش، خليني أشوفها وهطمن عليها وأمشي على طول

قالها أمجد بصوت أقرب إلى الرجاء فزفر حسام بضيق وردد في نفسه وهو في طريقه إلى غرفة حنين 

- الصبر من عندك يارب

دلف إلى الغرفة واقترب من شقيقته ثم طبع قبلة على مقدمة رأسها وأخبرها بوجود أمجد فتركت فراشها بصعوبة ومضت برفقة حسام إلى الخارج فاقترب منها أمجد وقال بهيام

- هما التعبانين بيحلوا أوي كده؟ 

ضحكت بصعوبة على جنونه بينما قبض حسام على ملابسه وقال بغيظ: ما تلم نفسك، بتعاكسها وأنا واقف يا 

قاطعه أمجد قائلاً: ما تكملش عارف الباقي، بس دي خطيبتي وحبيت أطمن عليها

حرر حسام ثياب أمجد وأشار بيده إلى حنين لكي تعود إلى غرفتها وتحصل على قسط من الراحة ثم اصطحب أمجد إلى سيارته وما أن وصل أمامها هتف بصوت رجولي 

- يلا يا حنين على شغلك علشان أنا مش فاضي للعب العيال ده 

لم ينتظر حسام رده واتجه صوب سيارته ثم انطلق بها فاليوم سيقام مؤتمر طبي ضخم وسيلقي وزير الصحة كلمة خلاله ومن خلال المؤتمر ستجتمع أمل معه حسب تفاصيل الخطة 

******

في التاسعة فرغت أمل من أداء فرضها ثم جلست على سجادة الصلاة ودعت الله كثيراً.... خلال دقائق قليلة اتجهت صوب حافظة ثيابها وأخرجت فستاناً زهري اللون، وأخر أسود وغيره فيروزي يصل إلى أسفل الركبة ثم وضعت إياهم على الفراش ووقفت تنتقي ما يظهر أنوثتها جيداً... أخذت قرارها وارتدت الأسود فبدت كملكة على وشك الجلوس على عرشها... مشطت خصلات شعرها ورفعته لأعلى على هيئة ذيل حصان ووضعت لمسات طفيفة من مساحيق التجميل فتطاير من عينيها سحر من نوع الخاص يجعل الكثيرين أسرى لعشقها.... جلست على حافة الفراش وارتدت حذاءً ذو كعب عال وقبل أن تغادر أمسكت هاتفها وأرسلت إلى حسام رسالة نصية من كلمتين

"أنا خايفة"

صدع صوت رنين هاتفه معلناً عن وصول رسالة فأوقف السيارة على جانب الطريق وقرأ محتواها البسيط ثم بادل رسالتها باتصال فأجابت قائلة بهدوء لم تعتاد عليه

- أنا خايفة أوي، حاسة أني رايحة امتحان ومش مذاكرة 

ارتسمت ابتسامه خفيفة على شفتيه أثر كلماتها ثم هتف مازحاً: أجمد يا وحش، ولا الخوف للوزير وطولت اللسان ليا

ابتسمت هي الأخرى دون أن تجيبه فتابع: لسه ساعة ونص على المؤتمر تعالي أعزمك على أي حاجة وأديكي شوية طاقة إيجابية

- ومش هعطلك؟ 
- لا هكلم زميلي وهقوله هوصل على معاد الموتمر
- يبقى موافقة

قالتها ببراءة ثم حصلت منه على العنوان وغادرت المنزل بعد أن ودعت والدتها التي دعت لها كثيراً لكي لا يصيبها مكروه

********

في ذات الوقت أوقف أمير سيارته أسفل منزل وعد ليصطحبها في نزهة لكنه لم يخبرها بذلك بل أصر عليها لكي تذهب إلى الجامعة وأتفق فقط مع سوسن حتى لا تشعر بالقلق عليها .... هبطت وعد الدرج واقتربت من سيارته فترجل منها واستقبلها بابتسامة فبادلته بأخرى رقيقة 

- وحشتيني 
- وأنت كمان

قالتها بخجل دون أن تنظر إليه ثم مضت إلى السيارة فلحق بها وانطلق فاندهشت وعد حينما وجدت الطريق يختلف عن طريق الجامعة لكنها لم تعلق وأخذت تتابع الطريق في صمت 

*******

وصلت أمل إلى وجهتها فترجلت من السيارة ودلفت إلى الداخل وأخذت تبحث بعينيها عن حسام حتى وجدته يجلس في نهاية المطعم... اقتربت منه ثم جلست على المقعد المقابل له دون أن تزيل نظارتها الشمسية فقرر مشاكستها قائلاً 

- خير مين حضرتك؟ 
- ظريف 

قالتها ثم أزالت نظارتها لتظهر عينيها بوضوح فأردف بذات المشاكسة: شكل!!!! تصدق ما عرفتكش

صرت على أسنانها وشعرت برغبة في الفتك به فأشهرت سبابتها في وجهه وقالت بحدة 

- لو مبطلتش رخامة هقوم وأسيبك
- بهزر معاكي 
- هزار رخم وأنا أصلاً خايفة وقلقانة

استشعر الخوف في نبرة صوتها فوضع يده في جيب بنطاله وأخرج منها ساعة يد فخمة تليق بالفاتنة الجالسة أمامه ثم قدمها إليها دون ان يتفوه ولو بكلمة فتساءلت 

- إيه ده؟ 
- جبتلك هدية
- بجد؟ 

حرك رأسه كإشارة بنعم فتابعت: بمناسبة إيه؟ 

- طبعاً إمبارح في الإدارة علموكي تستخدمي الكاميرة والمايك اللي هتسجلي بيهم كل حاجة صوت وصورة، بس لما قولتيلي من كام يوم أنك خايفة جهزت الساعة دي علشانك 

نظرت إليه بعدم فهم فابتسم لها وأردف: الساعة فيها جهاز تتبع هيخليني أعرف مكانك حتى لو في القمر، وفي الجمب هتلاقي المكان اللي بتظبطي منه الساعة بس ده بمجرد ما تضغطي عليه هعرف أنك في ورطة ومحتجالي وهجيلك ولو في أخر الدنيا

قال كلمته الأخيرة بصوت دافئ فرفعت بصرها إليه وتقابلت أعينهم لدقائق قطعتها أمل حينما هتفت مازحة

- طلعت طيب أوي يا هولاكو
- وأنت النهارده حلو أوي يا شكل

ضحكت أمل على جنونه ثم استردت أنفاسها وقالت: كداب يا هولاكو

******

أمام دار للأيتام أوقف أمير سيارته فاندهشت وعد بشدة وكادت أن تتحدث إلا أنه سبقها وترجل من السيارة ثم اتجه صوب بابها وفتحه فترجلت وهي لا تستوعب أي شيء 

- الملجأ ده كان ملك والدي ومن يوم ما أتوفى بديره زي ما بدير المستشفى وأمل بتساعدني، الأطفال اللي جوه بيحبوني جداً كل كام يوم بزورهم وفي وسطهم هتنسي همومك 

زاد انجذابها نحوه حينما رأت جانب جديد في شخصيته، جانب إنساني لا يوجد داخل الكثيرين فقالت بدون أي تردد او تفكير 

- أنت إنسان عظيم أوي 
- وأنتي جميلة أوي 

قالها بصوت دافئ فتوردت وجنتيها خجلاً ما جعل الربيع يسري بداخله فكم يعشق خجلها وهي بين يديه، وظل يتأمل حمرة وجنتيها لدقائق قطعها عندما اصطحبها إلى الداخل فركض الأطفال باتجاهه وكأنه بر الأمان بالنسبة إليهم

*******

كان يقود سيارته والخوف يمتلكه لما هو مقبل عليه، كم تمنى أن تنتهي شكوكه ليعود السلام إلى بيته وظل يفكر ويفكر وكأنه في صراع مع نفسه وما أن وصل إلى وجهته انتهى صراعه فترجل من سيارته ودلف إلى الداخل... اقترب من عامل الاستقبال وأعطاه الوصل الخاص بطلب الحصول على نتيجة تحليل الحمض النووي لولديه فأسرع العامل بإحضار النتيجة ثم سلم الظرف المغلق إلى يحيى فشعر الأخير بتسارع نبضاته.... بعد مرور عدة دقائق غادر المكان ومضى إلى سيارته لكنه لم يستطع الانتظار ففتح الظرف قبل أن يدلف إليها وأخذ يبحث بعينيه عن النتيجة فجحظت عينيه في عدم تصديق وشعر باهتزاز الأرض تحت قدميه بعد أن رأى نتيجة التحاليل تشير إلى عدم وجود أي تطابق بين الحمض النووي الخاص به والخاص بمصطفى وعبد الرحمن فكاد أن يسقط أرضاً إلا أنه استند إلى سيارته وهو يتحدث إلى نفسه كمن ذهب عقله

- مش ولادي، لا دول كدابين زي منيرة اه كدابين وعايزين ياخدوا ولادي مني، كدابيييييين كدابييييين 

ظل يردد كلمته الأخيرة مراراً وتكراراً بأعلى طبقات صوت فتجمع حوله المارة وأتهمه الكثيرين بالجنون فركض مبتعداً وهو يقول

- دول ولادي يا كدابين، ولادي مصطفى يحيى وعبد الرحمن يحيى ايوه ولادي 

ذهب عقله بلا رجعة فقد كانت الصدمة أكبر من قدرته على التحمل فركض بجنون وهو يخبر جميع الماره أنهم كاذبون وبقى على تلك الخالة حتى اصطدم بإحدى السيارت فارتفع جسده في الهواء ثم استقر على الجانب الأخر من الطريق

مش ولاده !!!

فصل بكرة بقى ما أقولكوش قنببببببلة احتمال تنفجر في وشي 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف