طريقي بقربك
الفصل الثالث والعشرون - بقلمي منى سليمان
* صدمة *
اصطحب يحيى ولديه إلى شقة حسام وطرق بابها عدة مرات ليتركهما برفقة حنين لكن لم يجبه أحد فنظر إلى العسكري وتساءل
- ممكن أخدهم معايا علشان أمهم مش موجودة ولا الجيران؟
- اه طبعاً
شكره يحيى ثم مضى إلى سيارته وانطلق بها خلف سيارة الشرطة وهو يشعر بخوف لم يختبره يوماً... حاول طوال الطريق الاتصال بمنيرة لكنه وجد هاتفها مغلق فشعر بالقلق عليها ودعا الله أن لا يكون قد أصابها مكروه
******
في ذات الوقت انتهى حسام من قص ما حدث فأتسع ثغر أمل من وقاحة منيرة وعشيقها فضيق حسام بين حاجبيه وأردف بغيظ مصطنع
- عرفتي بقى كنت متعصب ليه، وفوق ده كله تيجي تقوليلي الساعة قدام البطارية
قال كلماته الأخيرة مقلداً طريقتها في الحديث فابتسمت رغماً عنه وهتفت وهي تنظر إليه بأعين راجية
- أنا آسفة
- مفيش داعي للاعتذار، حصل خير
- طيب أنا هروح أطمن على وعد وأتخانق مع أمير علشان ما قاليش
قالتها بتوعد فابتسم على طريقتها و هيئتها الأشبه بهيئة أحد وكلاء النائب العام فهتف مازحاً
- تنفعي وكيل نيابة على فكرة
- بجد؟
تساءلت وهي تضم كفيها أمام صدرها فأسر ابتسامته حتى لا يقلل من فرحتها فحرك رأسه كإشارة لتأكيد ما قاله دون أن يتفوه ولو بكلمة ثم أمسك نظارتها الطبية الموضوعة على سطح المكتب وأعطاها إياها لترتديها فنفذت رغبته وأردفت بسعادة
- كده بقيت وكيل نيابة أصلي، صح؟
لم يستطع أن يأسر ضحكته أكثر من ذلك فانفجر ضاحكاً بأعلى طبقات صوته وبمجرد أن استرد هيبته نظر إليها وقال مازحاً
- كنت بقول على حنين مجنونة بس الحمد لله أختي جمبك طلعت عاقلة
- ظريف
قالتها بصوت خفيض لكنه وصل إلى مسامعه وكاد أن يشاكسها إلا أنها وقفت عن المقعد لتغادر فتابع قائلاً
- أنا منتظر والد وعد وبعدها هروح أطمن عليها فلو تحبي خليكي ونروح سوا
- ماشي هستناك، هتستلم شغلك الجديد بكرة؟
- بأمر الله مش هينفع نأجل أكتر من كده، هروح أجبلك حاجة تشربيها أوعي تخرجي من هنا
حركت رأسها بالموافقة وانتظرت حتى غادر ثم أجرت اتصالاً بهاتف أمير لتطمئن على وعد
*******
بغرفة وعد...
كانت تبكي بحرقة حينما أخبرها أمير أن منيرة هي من خططت لذلك فضمها إلى صدره علها تتوقف عن البكاء لكنها قررت إخراج الغضب والحزن الذي لازمها طوال السنوات التي قضتها بمنزل أبيها... وما أن صدع صوت رنين هاتفه أبعدها عنه قليلاً وضغط زر الأيجاب وقبل أن يتحدث سبقته أمل وتساءلت بقلق
- وعد عامله إيه؟
- الحمد لله أحسن، أنا قولت لماما ما تقولكيش علشان ما تتوتريش وأنتي سايقه
- حسام هو اللي قالي، أنا في النيابة دلوقتي شوية وهنيجي
- ماشي يا عمري خدي بالك من نفسك
ودعته أمل وأنهت المكالمة ثم جلست في انتظار حسام بينما كفكفت وعد دموعها ونظرت إليه قائلة
- هي أمل عرفت منين؟
- في بينها وبين حسام شغل فتقريباً حكالها، هي شوية وهتيجي
- أنا مخنوقة أوي، حاسة أني اتظلمت كتير والنهارده ربنا جابلي حقي وحق أمي وأخويا اللي مات قبل ما يجي الدنيا بس برضو مخنوقة
قالت كلماتها الأخيرة بصوت غلبه البكاء فأمسك وجهها بين كفيه وهتف بحنان وصوت دافئ غلفه العشق
- أنسي كل اللي فات وخلينا في بكرة واللي ظلموكي ربنا هياخد حقك منهم، وعلشان خاطري ما تعيطيش
حركت رأسها بالموافقة فحرر وجهها ثم جذبها إلى صدره ليغمرها بحنانه وساد الصمت بينهما لدقائق قطعها عندما أردف قائلاً
- تعالي نتمم جوازنا ونعيش سوا لأخر العمر
ابتعدت عنه قليلاً فتقابلت أعينهم في نظرة ساحرة فبادر برسم الابتسامة على شفتيه ثم كرر كلماته بصوت أكثر هدوءاً فحركت رأسها يميناً ويساراً لتخبره بعدم موافقتها فتساءل بهدوء
- ليه؟
- إحنا لسه ما نعرفش بعض كويس واللي بيجي بسرعة بيروح بسرعة
- وجودنا سوا هيقويكي يا وعد وأنا عايزك جمبي في أسرع وقت
ما أن وصلت كلماته الأخيرة إلى مسامعها، توردت وجنتيها خجلاً وخبأت عينيها عنه فابتسم على فعلتها لكنه لم يرفع راية الاستسلام فوضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها لتتقابل أعينهم من جديد
- أنا مش بشفق عليكي، ولا بلعب بيكي، أنا عايزك جمبي كل دقيقة وكل ثانية عايز أنام وأقوم وأنتي في حضني وتكون عيونك أخر حاجة أشوفها وأول عيون أصحى عليها، قولتي إيه؟
لم تجيبه ولو بكلمة فقد كانت تحت تأثير كلماته العذبة فأخذت ترمش بعينيها عدة مرات لتتأكد أن ما سمعته ليس حُلماً فابتسم على هيئتها واقترب منها شيئاً فشيئاً عله يسرق قلبته الأولى ليهدم الجدار القائم بينهما إلا إنها سبقته وأسندت رأسها على صدره فحاوطها بحنان وأردف
- وافقي بقى
- والدراسة؟
- هساعدك وهذاكرلك كل المواد وببلاش كمان
ارتسمت ابتسامة على شفتيها أثر مزحته لكن كلماته لم تستطع قتل الخوف الساكن بقلبها فقالت برقة
- طيب خليها في الأجازة
- السنة لسه طويلة إيه يخلينا نستنى سنة؟
- مش عارفه
وضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها قليلاً وهي مازالت تستند على صدره ثم غمز لها بمشاكسة وهتف مازحاً
- هوافق وأمري لله مع أنك مراتي ولو عايز أخطفك حالا محدش هيمنعني بس طول السنة مش هبطل أقولك تعالي نوري بيتي
كانت كلماته بمثابة الدواء الشافي لجميع جروحها لكنها فضلت الانتظار حتى يتأكد كل واحد من مشاعره تجاه الأخر
*******
في ذات اللحظة وصل حسام أمام غرفة المكتب التي توجد بها أمل، لكنه قبل أن يدخل إليها رأى يحيى يقترب برفقة أحد العساكر ومعه طفليه مصطفى وعبد الرحمن... زفر بضيق حينما رأى الولدين ثم اقترب من يحيى وقال بصوت رجولي
- في حد يجيب أطفال هنا؟
- خبطت على حنين ملقتهاش وأمهم مش موجودة
ابتسم حسام بسخرية حينما استمع إلى كلمات يحيى الأخيرة ثم هتف بغيظ
- أنا هاخد مصطفى وعبد الرحمن على ما تخلص
- طيب قولي الأول أنا هنا ليه؟
لم يجيبه حسام لكنه رمقه بنظرة اشمئزاز وأخذ الولدين إلى الغرفة التي توجد بها أمل ثم تركهم برفقتها وغادر ليصطحب يحيى إلى غرفة مكتب وكيل النائب العام فدلف وهو يشعر بالقلق والخوف فنظر حسام إلى المحقق وقال بصوت رجولي
- جوز المتهمة منيرة
جحظت عينيّ يحيى بعدم تصديق وردد بخفوت: متهمة
فاق من صدمته حينما أشار إليه المحقق بالجلوس فوصل إلى المقعد بصعوبة لشعوره باهتزاز الأرض تحت قدميه ثم جلس في انتظار ظهور منيرة بعد أن أرسل حسام في طلبها من محبسها بينما بدأ وكيل النائب العام يقص عليه كل ما حدث فشعر أنه على مشارف الموت حينما شعر بالاختناق فحل رابطة عنقه وكاد أن يتحدث إلا أن دخول دخول منيرة قاطعه فرفع بصره إليها وجحظت عينيه حينما رأى الملاءة التي تستر جسدها فوقف عن مقعده واقترب منها ثم أنهال عليها بالصفعات وهو يقول
- خربت بيتي علشانك وشردت بنتي بسببك وأنتي كلبة ولا تسوي
أشار حسام بيده إلى العسكري فاستطاع بصعوبة إبعاد يحيى عنها ثم ساعده على الجلوس فقد كاد أن يسقط عدة مرات فأعطاه المحقق كوباً من المياه عله يرتشق القليل فأخذه وشرب منه بصعوبة نظراً لارتعاش يده وبمجرد أن انتهى سأله المحقق
- تحب ترفع قضية زنا؟
حرك يحيى رأسه بالموافقة ثم هتف بصعوبة: وهطلقها في النيابة كمان بعد ما تتنازل عن حضانة الولاد وكل حقوقها فيهم و
قاطعة المحقق قائلاً: أنصحك كمان تعمل تحليلي DNA للأولاد
أتسع ثغر يحيى في صدمة حينما فهم ما يرمي إليه المحقق وقال بعدم تصديق
- هم هما ممكن ما يكونوش ولادي؟
- واحدة زي دي توقع منها أي شيء
لم يستطع يحيى أن يتفوه بالمزيد وظل صامتاً حتى انتهت إجراءات إثبات واقعة الزنا ثم ألقى عليها يمين الطلاق وغادر الغرفة وهو يشعر بالاختناق فشعر حسام بقليل من الشفقة على حاله لكنه لم يظهر له ذلك وهتف بجدية
- شفت منيرة وصلتلك لفين، شفت ذنب ظنط رمزية وأبنك اللي قتلته بأيدك وذنب بنتك اللي رمتها في الشوارع وصلك لفين، يا خسارة يا ألف خسارة، أتفضل خد ولادك أعملهم تحليل ده لو طلعوا ولادك أصلاً
تركه حسام واتجه صوب الغرفة التي توجد بها أمل ثم اصطحب مصطفى وعبد الرحمن إلى الخارج فركضا باتجاه يحيى وتساءل مصطفى ببراءة
- بتعيط ليه يا بابا؟
- مفيش مفيش يا حبايبي
قالها ثم ثنى ركبتيه وجذب مصطفى إلى صدره وأحاطه بحنان لدقائق ثم مد يده وجذب عبد الرحمن أيضاً وأخذ يستنشق عبير عطرهما وهو يشعر بنيران تسري بداخله وتحرق كل ما يقابله فراقبهم حسام في صمت ثم زفر بضيق وعاد إلى أمل وجلس على المقعد المقابل لها دون أن يتفوه ولو بكلمة فشعرت بالقلق عليه وتساءلت
- مالك؟
- برغم كل اللي عمله في وعد ووالدتها إلا أنه صعبان عليا
- ده ذنب وعد وطنط رمزية، هو استقوى عليهم والنهارده ربنا بيجيب حقهم جته القرف هو والحرباية اللي فرحان بيها، اللهم لا شماته
قالت كلماتها بغيظ فرفع بصره إليها وابتسم فأردفت متسائلة: مبتسم ليه؟
- حاسك بتاعت مشاكل أوي، بتفكريني بأمين عندنا سميناه سعيد شكل علشان بتاع مشاكل فشكلي هسميكي أمل شكل
صرت على أسنانها وشعرت برغبة ملحة في الفتك به لكنها لم تفعل بل حملت حقيبتها وغادرت دون أن تعيره أي اهتمام فلحق بها وقبل أن تدلف إلى سيارتها وقف أمامها وقال بجدية مصطنعة
- بهزر على فكرة
- ماشي، ممكن تبعد عن العربية بقى
- طيب هاتي الساعة بتاعتي الأول
رفعت أحد حاجبيها فرفع كلا حاجبيه في المقابل وتابع: هي مش بتاعتي ولا إيه؟
مد لها يده فأخرجت العلبة من حقيبتها ووضعتها داخل كف يده وطلبت منه الابتعاد فافسح لها المجال ثم اتجه صوب سيارته ولحق بها
*******
بمنزل سوسن...
انتهت سوسن من إعداد السفرة بمساعدة حنين ثم دعت كل من أمجد وسلوى للجلوس على مائدة الطعام بينما اتجهت حنين صوب غرفة وعد وطرقت بابها فابتعدت عن صدر أمير وقالت برقة
- أدخل
دلفت إلى الداخل واقتربت من وعد ثم طبعت قبلة على وجنتها وهتفت مازحة
- صح النوم
- أنا صاحية من بدري بس كنت برغي مع أمير
- طيب يلا جهزنا الغداء وكمان حسام وأمل على وصول وكلهم بره قلقانين عليكي
- حاضر هنخرج وراكي
بمجرد أن غادرت حنين الغرفة، همت وعد أن تقوم عن الفراش إلا أنها شعرت بدوار خفيف فجلست مرة أخرى وهي تضع يدها على رأسها فجلس أمير إلى جوارها وانتظر حتى تحسنت قليلاً ثم ساعدها على الوقوف ومضى معها إلى الخارج فاحتضنتها سلوى لتغمرها بالدفء الذي تحتاج إليه وفعلت سوسن المثل لكنها بكت لا إرادياً فربتت وعد على ظهرها وهتفت برقة
- أنا كويسه
ابتعدت سوسن عنها بصعوبة ثم أخذت تمرر يدها على خصلات شعر وعد وهي تقول
- ربنا يحفظك من كل شر
- ما تخلصونا يا جدعان أنا جعاااااان
قالها أمجد بطريقة تمثيلية فانفجروا جميعاً ضاحكين وأنضموا إليه بينما لوت حنين شفتيها بضجر وتساءلت في نفسها
- هو مفجوع ولا إيه؟!!
******
أسفل العقار أوقف حسام سيارته ثم ترجل منها ووقف في انتظار أمل، لم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصلت إلى وجهتها وترجلت هي الأخرى وما أن رأته يقف في انتظارها عبست بشده وهمت أن تتخطاه لكنه سبقها وقبض على معصمها فرفعت بصرها إليه وشرار الغضب يتطاير من مقلتيها فأسر ابتسامته وهتف مازحاً
- عيونك بيطلعوا شرار وبتزعلي لما أقولك أمل شكل
- أنت رخم أووووي ودمك سم
- من بعض ما عندكم
- أنا رخمة ودمي سم؟
تساءلت بطريقة طفولية أسرة للقلوب فابتسم لها وقال بجدية مصطنعة ونبرة صوت هادئة
- لا أنا اللي رخم ودمي سم، ما تزعليش بقى
- ماشي
قالتها ببراءة فحرر معصمها وأشار إليها بالدخول فمضت معه إلى الداخل وشاركها كذلك صعود الدرج فهو يعلم جيداً أنها مصابة برهاب المصاعد وما أن وصل إلى باب الشقة مد يده ليضغط زر الجرس فسبقته وقالت برقة
- هقولك على حاجة قبل ما ندخل
- سامعك
- ماما وأمير عارفين موضوع المهمة أنا مبقدرش أخبي عنهم حاجة
قالت كلماتها دون أن تنظر إليه اعتقاداً منها أنه سيعنفها كعادته لكنه لم يفعل بل تحدث إليها بهدوء قائلاً
- دي حاجة أحترمها فيكي
- كنت فكراك هتزعق وهولاكو اللي جواك هيطلع
- أهو لو ما سكتيش حالاً هولاكو هيطلع
أتسعت ابتسامتها الساحرة أثر مزحته فشاكسها بغمزة من عينه اليسرى ثم ضغط زر الجرس واصطحبها إلى الداخل بمجرد أن فتحت حنين فاندهشت بشدة من وجودهما سوياً ورددت بخفوت
- هو إيه النظام؟!!!!
******
في ذات اللحظة أنهى يحيى إجراءات الطلاق ثم اصطحب ولديه إلى السيارة وانطلق بها نحو المعمل المختص بتحليل البصمة الوراثية ليجري تحليل الحمض النووي لولديه... كان يشعر بالضيق والاختناق فما حدث ليس بالقليل لكنه دعا الله طوال الطريق لكي يكذب ظنونه... بعد مرور عدة دقائق وصل إلى وجهته ثم دلف إلى الداخل وهو يشعر باهتزاز الأرض تحت قدميه، استقبله أحد العاملون وطلب منه الانتظار فجلس على أحد المقاعد ونظر إلى ولديه قائلاً
- تعالوا أقعدوا جمبي
- أنا عايز أنام
قالها عبد الرحمن ببراءة فتابع مصطفى: وأنا جعان
تلألأت الدموع داخل عينيّ يحيى وشعر كذلك بغصة في قلبه لما وصل إليه بسبب عشقه لمنيرة وظل يسترجع ذكرياته معها وما ضحى به من أجلها ثم فاق من شروده حينما احتضنه مصطفى وفعل عبد الرحمن المثل فحاوطهما بحنان وظلوا هكذا حتى عاد العامل وطلب منه الدخول فوقف عن مقعده ومضى إلى الداخل وقص على الطبيب ما حدث فأخد منه مسحة من الحلق وخصلة من شعره ثم أمر العامل بإدخال الطفلين وفعل معهما مثلما فعل مع أبيهم وبمجرد أن غادرا الغرفة نظر يحيى إلى الطبيب وهتف
- أنا عايز النتيجة في أسرع وقت، أرجوك
- خلال أربع أيام أو خمس أيام بالكتير هتطلع النتيجة
شكر يحيى الطبيب وغادر وبداخله صوت يخبره أن ما يدور برأسه مجرد أوهام ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى انطلق بسيارته إلى أحد المطاعم ليتناولوا الطعام
******
بمنزل سوسن...
انتهوا من تناول الطعام فجلست سوسن تتحدث إلى سلوى بينما أفرغت حنين محتويات السفرة بمساعدة وعد وأمل، أما أمير فجلس يخبر أمجد برغبته في إكمال الزيجة لتعيش وعد تحت رعايته، في حين دلف حسام إلى الشرفة ليجرى اتصالاً هاتفياً بأحد زملائه... ما أن انتبه أمير إلى إنهاء حسام للمكالمة، ترك مقعده ولحق به إلى الشرفة ثم هتف بصوته الرجولي
- أنا مش عارف أشكرك أزاي على كل اللي عملته علشان وعد
ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغر حسام وهتف بهدوء: وعد أختي وعلشانها أعمل المستحيل ولو حنين في نفس الموقف كنت هعمل اللي عملته
- لما أمل حكتلي على القضية قلقت عليها بس طالماً هتكون معاها يبقى هطمن
شعر حسام بالإطراء لما قاله أمير فربت على كتفه وطمئنه أكثر وأكثر على أمل وأخبره أنها أمانة في رقبة كل رجال وزارة الدخلية فشكره أمير مرة أخرى ثم دلفوا إلى الداخل فمال أمجد على أذن سلوى وهتف مازحاً كعادته
- خالتي تعالي عايزك
- ومالك بتوشوشني كده ليه؟
- تعالي بس وهقولك كل حاجة
مضت معه إلى الشرفة فقص عليها ما يريد فشعرت بالسعادة تسري بداخلها وتساءلت وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغرها
- بتتكلم بجد؟
- اه وربنا
- ألف حمد وشكر ليك يارب، تعالى أدبسك قبل ما تغير رأيك
جذبته من معصم يده كطفل صغير تصطحبه أمه إلى المدرسة فجاهد ليحرر معصمه لكنها لم تسمح بذلك ضاربة عرض الحائط بمحاولاته وظلت هكذا حتى استقرت أمام حسام فضحكت أمل على هيئته وكذلك حنين فتوعد لهن بنظراته ثم انتبه إلى حديث سلوى
- شوف بقى يا حسام أنا بحب الكلام الدغري وما بحبش اللف والدوران
نظر حسام إليها بعدم فهم فتابعت بسعادة: أنا عايزه أطلب منك أيد حنين لأمجد
اندهش حسام بشدة بينما وقفت حنين عن مقعدها وركضت إلى الداخل لشعورها الشديد بالخجل فابتسم أمجد على فعلتها ثم نظر إلى حسام وتساءل
- قولت إيه يا شيخ الشباب؟
رفع حسام أحد حاجبيه ثم رمقه بنظرة نارية وأجاب بثبات: مش موافق
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف