07/21/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Sunday, July 21, 2019

جوري / منى سليمان

July 21, 2019 0
جوري / منى سليمان

جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل الحادي عشر - بقلمي منى سليمان 

* حنين *   

بالمشفى... 
صدح صوت رنين هاتف أدم وهو يجلس إلى جوار جوري داخل أحد المطاعم القريبة من المشفى... أخرجه من جيب سرواله ثم أجاب على الفور عندما وجد الاتصال من رئيس الفرقة المسرحية بالجامعة

- السلام عليكم
- وعليكم السلام، فينك يا أدم؟ 
- أنا أسف جداً بس في ظرف طارئ منعني من المتابعة ونزول الجامعة

تفهم رئيس الفرقة ما قاله أدم ومع ذلك أخبره بما اتصل لأجله فلمعت عينيّ أدم فرحاً وردد بسعادة

- بجد مش عارف أشكر حضرتك أزاي، بكرة هكون متواجد في الميعاد
- مفيش داعي للشكر، أنت موهوب يا أدم وتستحق الفرصة دي

لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى أنهى أدم المكالمة ولمعة سعادة تظهر بوضوح داخل مقلتيه فشعرت جوري كذلك بالسعادة لأجله وقالت ببراءة

- شكلك مبسوط
- أووووووووي، أستاذ كريم اتصل علشان يبلغني أن المخرج فريد صلاح الدين هيجي بكرة يحضر العرض ويختار وجوه جديدة لمسرحيته الجديد

ازدادت ابتسامة جوري إتساعاً فبادلها بغمزة من عينه وأردف بسعادة: شوفتي وشك حلو علياً أزاي، بكرة عيد ميلادكِ واليوم اللي هتتحقق فيه أحلامي بأمر الله

- ربنا يرزقك كل ما تتمنى ويخليك ليا

خفق قلبه بسعادة فلم يشعر بنفسه إلا وهو يرفع كفها إلى شفتيه وطبع على باطنه قبلة عميقة فخجلت من فعلته لكنها لم تسحب يدها كعادتها بل تبادلت معه نظرات عشق أصدق من الكلام

*****

في ذات اللحظة أنهت لمياء المكالمة وهي تشعر بالحنين لسماع صوت عماد فقررت الاتصال به عوضاً عن مراسلته فضغطت زر الاتصال وجلست على الأرجوحة الكائنة بالشرفة لكنه لم يجيب فكررت الاتصال عدة مرات دون جدوى فظنت أنه خلد إلى النوم لشعوره بالتعب والإرهاق ومع ذلك شعرت بقليل من الغضب، وما هي إلا دقائق حتى غادرت الشرفة واتجهت صوب فراشها لتحصل على قسط من النوم...
على الجانب الآخر كان عماد يراقب هاتفه وشرار الغضب ينبعث من مقلتيه لدرجة جعلته يكور قبضته بغل متناسياً الألم الذي يشعر به وظل على تلك الحالة حتى توقفت عن الاتصال فردد في نفسه

- خلصتي مكالمتك مع حبيب القلب وافتكرتيني، كلكم زي بعض

ألقى بالهاتف على الفراش ثم دلف إلى الحمام لينعش جسده تحت المياه عله يخمد النيران المشتعلة بداخله، لكن زاره طيفها طوال الوقت فصرخ بحدة

- أطلعي من راسي

*****

مضى ما بقى من اليوم بدون أحداث جديدة، ومع الساعات الأولى للصباح ودع أدم حبيبته وانطلق بسيارته إلى الجامعة ليحلق التدريبات الأخيرة للعرض المسرحي الذي يقوم ببطولته أملاً في لفت انتباه المخرج المسرحي المشهور فريد صلاح الدين فلوت فاطمة ثغرها بضجر وقالت بغيظ

- هيفضل لأمتى يفكر في التمثيل، ده أنا قولت لما يدخل هندسة هينسى الهبل ده
- يا أختي سبيه براحته و

قاطعتها فاطمة قائلة: يا أحلام تمثيل إيه وبتاع إيه، يشوف مستقبله أحسن

- ما ده مستقبله يا طمطم

قالتها جوري فرمقتها فاطمة بنظرة غضب وهتفت: طبعاً ما أنتي معاه على طول الخط

اقتربت جوري منها وطبعت قبلة على وجنتها وقالت بمرح طفولي: بحبه أعمل إيه

- طيب غيري عليه ليمثل بصحيح وتيجي واحدة كده ولا كده تلف عليه، ده وسط اللهم أحفظناً
- لو حوالين أدم ألف واحدة، مش هيشوف غيري أنا عشقه وملكة قلبه

تناست فاطمة غضبها وابتسمت لا إردياً فاقتربت منها جوري مرة أخرى وعانقتها فبادلتها فاطمة العناق وهي تدعو الله لهما

****

في ذات اللحظة كانت لمياء تتناول طعام الإفطار برفقة والدتها ووالدها الذي لاحظ شرودها وتناولها للطعام ببطء شديد فابتسم بخبث وهتف مازحاً 

- اللي واخد عقلك

فاقت من شرودها وابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيها وقالت: محدش واخد عقلي غيرك يا حلو

رفع أحمد أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم نظر إلى زوجته وتحدث مازحاً: شوفي يا ستي بنتك بقت بكاشه، لا وبتعاكسني قدامك

اصطنعت ماجدة الغضب قائلة: كله من دلعك، بتدلع الكل وأنا منسيه

ضحكت لمياء بجنون وهي تردد: جبته لنفسك يا عم الحاج

- شكلي كده، قومي بينا نشوف عماد علشان تغيريله على الجرح وبعدها أجي أشوف الحلو اللي زعلان مني

نظر إلى زوجته وغمز لها بمشاكسة ثم اصطحب ابنته إلى شقة عماد وطرق بابها عدة مرات فاستيقظ عماد وترك فراشه على عُجالة بالرغم من شعوره بالتعب والإرهاق ثم اتجه صوب باب الشقة وفتحه فقال أحمد

- شكلك كنت نايم بس إحنا جايين حسب الميعاد 
- أتفضل يا عمي، أسف راحت عليا نومه

تراجع عماد خطوات قليلة إلى الوراء ليفسح لأحمد مجالاً للدخول فدلف ودلفت خلفه لمياء وهي تردد بسعادة

- صباح الخير

تجاهلها عماد بل وتركها ولحق بأحمد فمطت شفتيها بضجر وتمتمت بخفوت: ماله ده

أغلقت باب الشقة ولحقت بهما حاملة علبة الإسعافات الأولية لتُغير الضمادات الخاصة بجرحه، وبالفعل أزالت رباط يده القديم وبدأت في تطهير المنطقة المحيطة بالجرح ثم عاينت الجرح لتتأكد من عدم وجود أي عدوى أو التهابات، وخلال لحظات قليلة بدأت في وضع الضمادات الجديدة فصدح صوت رنين هاتف والدها ووقف عن مقعده قائلاً 

- لمؤاخذة يا ابني هدخل أرد على المكالمة في البلكونة علشان الشبكة بقالها كام يوم صعبة
- اه طبعاً يا عمي أتفضل البيت بيتك

ابتعد أحمد قليلاً فانتظر عماد حتى دلف بالفعل إلى الشرفة ثم قبض بعنف على معصم لمياء متناسياً الألم الذي يشعر به فجحظت عينيها وهي تكاد لا تصدق ما فعله وتساءلت بصوت مرتعش

- أن أنت بتعمل إيه؟ 

كانت النظرات المنبعثة من عينيه أشبه بسهام نارية مسمومة ما زاد شعورها بالخوف وكادت أن تكرر سؤالها وهي تحاول التملص من قبضته إلا أنه أحكم قبضته عليها وسبقها متسائلاً 

- مين سعد؟ 

تعالت شهقاتها وأتسع ثغرها في صدمة بل وأخذت ترمش عدة مرات ثم استوعبت ما حدث وبادلت سؤاله بسؤال

- أنت كنت واقف وسمعتني؟! يعني لما كلمتك كنت صاحي وما ردتش، صح؟ 
- ردي عليا وقوليلي مين سعد، حبيبك صح؟ 

تملكتها الصدمة من جديد كما تملكها الغضب فأجابته بحدة: أنت بني أدم مش طبيعي، سيب إيدي حالاً بدل ما أصوت و

بترت كلمتها حينما زاد قبضته أكثر وأكثر على معصمها لدرجة جعلتها تشعر أن عظامها على وشك التهشم فتأوهت بشدة وأجابته بصعوبة 

- أخويا، سعد أخويا

كانت أجابتها كفيلة بإخماد النيران المشتعلة بقلبه وعقله فحرر معصمها وأمسك يدها ثم رفعها إلى شفتيه وطبع على باطنها قبلة عميقة فتناست غضبها وشعرت بخجل لم تختبره يوماً فسحبت يدها وتراجعت إلى الخلف حتى اصطدم ظهرها بباب الشقة وفي حركة واحدة فتحت الباب وغادرت ما جعل ابتسامة ساحرة ترتسم على شفتي عماد الذي رفض عقله ما فعله لكنه لم يهتم واستمع فقط إلى صوت قلبه، ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى عاد أحمد واندهش لعدم وجود لمياء 

- أمال لمياء فين؟ 
- خلصت وقالت هترجع الشقة
- طيب يا ابني أنا كمان لازم أمشي علشان ورايا شوية شغل

أومأ برأسه كإشارة بتفهمه لما قاله فودعه أحمد وعاد إلى شقته...
في ذات الوقت كانت لمياء مازالت تقف خلف باب غرفتها واضعة يدها على قلبها علها تهدئ من دقاته المتسارعة... تضاربت المشاعر بداخلها بين الغضب لما فعله والألم الذي خلفته قبضته، والسعادة لاستشعارها الغيرة المصاحبة لنبرة صوته وأنفعاله ومع ذلك نفضت الفكرة من رأسها وتنفست بعمق ثم قررت وضع حد لمشاعرها تجاهه عن طريق خصامه فاتجهت صوب هاتفها وأغلقته حتى لا يتصل... 
على الجانب الأخر فاق عماد من شروده وترك مقعده ثم عاد إلى غرفته والتقط هاتفه ليتحدث إليها، لكنه وجد هاتفها مغلقاً فزفر بضيق وتمتم في نفسه

- أكيد زعلانه، بس مستحيل تبعد عني بعد ما لاقتها

*****

بجناح فخم بأحد الفنادق الكبرى تملمت فاتن بكسل عندما شعرت بيد هشام تحاول إفاقتها فخبأت رأسها بالوسادة ومع ذلك لم يستسلم وأزال الوسادة فزفرت بضيق وهتفت بغضب ملحوظ 

- أبو عبد الرحمن أنا تعبانة وعايزه أنام
- لا حبيبتي جومي 

اعتدلت فاتن في جلستها ويتطاير من عينيها شرار الغضب: عايز إيه دلوقتي؟ 

- عايزك
- أبو عبد الرحمن أنا تعبانة وجسمي مكسر و

قاطعها قائلاً: بس بيناتنا إتفاق 

صرت فاتن على أسنانها وشعرت برغبة ملحة في الفتك به لكنه سبقها وابتعد قليلاً ثم عاد حاملاً مفتاح سيارة من أحدث طراز، وبمجرد أن عاد إليها لوح بالمفتاح أمام عينيها وقال

- هاي مني إلك

التقطت المفتاح وهي تكاد لا تصدق ما تراه فابتسم بخبث وتابع: هالا خلينا نستمتع شوي

لم يترك لها فرصة للاعتراض وانقض على جسدها كمن وجد فريسته فاستسلمت لرغباته مقابل ما قدمه إليها

****

في ذات اللحظة استيقظت سهيلة وفتحت عينيها بكسل عندما وصل إلى أذنيها صوت رنين هاتف محسن الذي استيقظ هو الأخر، التقط الهاتف على الفور وأشار إليها لتلتزم الصمت ثم ضغط زر الإيحاب وقبل أن يتحدث سبقته زوجته وقالت بصوت كساه الحزن وغلفته الحسرة 

- أتجوزت عليا يا محسن، قصرت معاك في إيه علشان تبعني بالرخيص

جحظت عينيه وهو يكاد لا يصدق ما سمعه وتمنى أن يفيق من الكابوس الذي ظن أنه يعيشه لكنه تأكد أن ما سمعه حقيقة حينما تابعت

- بعتني ليه يا محسن، يا حب عمري يا أبو ولادي، يا اللي وقفت في ظهرك من أول يوم دخلت بيتك
- فرح حبيبتي إيه الكلام الفارغ ده، مين

قاطعته قائلة بحدة وصوت عالِ: كفاية كذب وقولي بعتني ليه؟ 

- حبيبتي أنا مش فاهم حاجة
- حبيبتك!! صورك مع الهانم اللي أكيد نايمة في حضنك دلوقتي ماليه السوشيال ميديا والجرايد الصفراء يا إعلامي يا عظيم

أتسع ثغر محسن في صدمة بينما أسرت سهيلة ابتسامة النصر بصعوبة واصطنعت عدم الفهم، ففاق محسن من صدمته عندما تابعت زوجته

- طلقني يا محسن، سمعت طلقني ولعلمك هترجع مش هتلاقيني في البيت

لم تنتظر رده وأنهت المكالمة فسقط الهاتف عن يده ما جعل سهيلة تتساءل بخبث: مالك يا حبيبي؟ 

- بيتي أتهد يا سهيلة، الدنيا كلها عرفت بجوازنا

تعالت شهقاتها واصطنعت عدم التصديق فوضع محسن رأسه بين كفيه كمن خسر الدنيا وما فيها فجذبته إلى صدرها وربتت على كتفه وهي تردد

- كل مشكلة وليها حل ولو الحل أننا نتفصل أنا موافقة 

استحضرت الدموع على الفور فرفع محسن رأسه إليها ثم جذبها إلى صدره وهتف

- أنا بحبك يا سهيلة ومقدرش أعيش من غيرك، فرح كمان حبيبتي ومقدرش أعيش بعيد عنها وعن ولادي 
- يعني مش هتسيبني؟ 
- مستحيل حاجة تفرقنا غير الموت أنا ما صدقت لقيتك، قومي لمي هدومك لازم نسافر حالا وأنا أكيد هلاقي حل

لم تعترض كعادتها ونفذت رغبته على الفور لتظهر أمامه الأنثى العاقلة المطيعة لكل أوامره على عكس زوجته الغاضبة، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت برفقته إلى السيارة فانطلق عائداً إلى القاهرة وبداخله حزن وحيرة وغضب

*****

بالجامعة.... 
جلس فريد على أحد مقاعد الصف الأول ليتابع العرض المسرحي فلفت انتباهه براعة أدم في التمثيل ومال على أذن رئيس الفرقة المسرحية وسأله عن أدم فأشاد هو الأخر بأدائه وإتقانه لفن التمثيل وتقمص الشخصيات، فتابعه فريد باهتمام وإعجاب، وبمجرد أن انتهى العرض أسرع أدم بالاقتراب من فريد وصافحه فقال الأخير 

- أنت مشروع نجم 
- رأي حضرتك وسام على صدري
- طلعت دبلوماسي كمان مش فنان وبس

ابتسم أدم بامتنان وهتف: حقيقي رأي حضرتك شرف ليا

- جهز نفسك هيكون ليك دور في المسرحية الجاية

سرت السعادة داخل أوردة أدم فربت رئيس الفرقة المسرحية على كتفه وتحدث قائلاً 

- صدقتيني لما قولتلك ليك مستقبل باهر
- بجد مش عارف أقول إيه
- ما تقولش حاجة، سيب أرقامك مع المساعد بتاعي وهكلمك قريب، بعد إذنكم

قالها فريد ثم ارتدى نظارته الشمسية وغادر برفقة رئيس الفرقة المسرحية فاقترب مساعده من أدم وحصل منه على جميع أرقام هواتفه ثم لحق بفريد فرفع أدم رأسه إلى السماء وردد بسعادة

- الحمد والشكر ليك يارب

أخرج هاتفه من جيب سرواله واتصل على الفور بصغيرته وقص عليها كل ما حدث فانطلقت صرخة سعادة من بين شفتيها وهتفت

- مبروك يا حبيبي، مبروك مبروك مبروك
- ربنا يخليكي ليا يا عمري، وجودك جمبي هو اللي بيقويني دايماً، جهزي نفسك نص ساعة وهكون عندك وهعزمك على الغداء في أجمل مطعم في القاهرة وضواحيها

قال كلماته الأخيرة بطريقة تمثيلية فضحكت بجنون ثم ودعته وأنهت المكالمة لتستعد للقائه 

*****

بعد مرور ما يقارب الخمس ساعات... 
شعر عماد بالحنين لرؤية لمياء أو لسماع صوتها على الأقل، لكنه كلما حاول الاتصال بها وجد هاتفها مغلقاً فأخذ يجوب غرفته ذهاباً وإياباً بطريقة هسترية وبالنهاية أخذ قراره وغادر شقته ثم تنفس بعمق وضغط زر جرس الشقة المجاورة فترك أحمد مقعده وفتح الباب، واندهش بشدة لرؤية عماد يقف أمامه فتساءل بقلق

- مالك يا ابني؟ 
- الجرح واجعني جداً خايف لتكون الخياطة فتحت
- يا ستار، أدخل وهندهلك لمياء تشوفه

شكره عماد ودلف إلى الداخل مدعياً الشعور بالألم بالرغم من السعادة الساكنة بداخله فهو على وشك لقائها وإطفاء شوقه لرؤيتها... لم تمض سوى دقائق قليلة حتى اقتربت منه والقلق يظهر بوضوح داخل عينيها فنست غضبها وسألته 

- إيه بيوجعك؟ 
- قلبي

قالها بصوت خفيض وصل مُباشرةً إلى مسامعها نظراً لقربها الشديد منه فأسرت ابتسامتها بصعوبة واصطنعت الجدية قائلة 

- لو الغرز فيها شيء كان الجرح نزف، حضرتك خد قرص مسكن ونام والصبح هتبقى تمام، بعد إذنك

كادت أن تغادر لكن سبقها أحمد قائلاً: يا بنتي فكي الرباط وشوفي كويس ليكون في التهاب ولا حاجة

استسلمت لمياء لرغبة أبيها واقتربت مرة أخرى من عماد ثم أمسكت يده فشعرت أن هناك ماس كهربائي أصابها ومع ذلك تمسكت بثباتها وتعمدت عدم النظر إليه، وما هي إلا دقائق حتى انتهت من فحصه وأعادت ربط يده ثم وجهت نظراتها صوب والدها وهتفت 

- الجرح مفيهوش حاجة يا بابا، محتاج مسكن شديد مش أكتر
- طيب الحمد لله
- بعد إذنكم عندي مذاكرة 

لم تستطع انتظار رد والدها فغادرت على عُجالة قبل أن يفهم والدها ما يدور بينهما، وما أن وصلت داخل غرفتها أغلقت بابها ووقفت خلفه وهي تتمتم في نفسها 

- مجنون

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

جوري / منى سليمان

July 21, 2019 0
جوري / منى سليمان

جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل العاشر - بقلمي منى سليمان 

* دفء أسري *   

شعرت لمياء بالخوف والتوتر في آن واحد، وشعرت كذلك بهروب الكلمات، لكنها استجمعت شجاعتها وقصت على والدها كل ما حدث ما زاد إعجاب عماد بها... انتقل أحمد بنظراته صوب عماد ورأى الدماء تغطي قميصه وسرواله فاقترب منه وقال بحنان 

- ألف سلامة عليك يا ابني، أبقى خد بالك
- الله يسلم حضرتك وأسف أني جيت مع الدكتورة في العربية بس حالتي ما سمحتش أسوق العربية و

قاطعه أحمد قائلاً: لا كده أزعل منك، إحنا ولاد أصول ونفهم في الواجب وأنا بثق في بنتي وعارف ومتأكد أنها مستحيل تعمل شيء غلط

ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتي عماد عندما رأى لمياء توجه نظراتها صوب الأرض في حضرة أبيها فهتف

- ونعم التربية يا عمي

طلب أحمد من السائق الانصراف ثم أشار بيده إلى حارس العقار وطلب منه مساعدة عماد وخلال دقيقة واحدة استقلوا جميعاً المصعد إلى الطابق العاشر... وما أن استقر المصعد غادرت لمياء إلى الشقة بينما دلف أحمد إلى شقة عماد وانتظر حتى أراح جسده على الفراش وتحدث بهدوء 

- لو أحتاجت أي حاجة ما تتكسفش، إحنا جيران والنبي وصى على سابع جار ما بالك الباب في الباب، ووالدك الله يرحمه كان إنسان محترم 
- بجد مش عارف أشكر حضرتك أزاي
- مفيش داعي للشكر بنتي دكتورة يعني ملاك رحمة وأنت زي ابني ربنا يرجعه بالسلامة ويوقفله ولاد الحلال في الغربة، هسيبك ترتاح

حرك عماد رأسه  بامتنان فغادر أحمد واتجه مُباشرةً نحو شقته ووجد لمياء تقف في انتظاره وهي تحني رأسها خجلاً فاقترب منها ووضع يده أسفل ذقنها ثم رفع وجهها إليه وهتف

- أوعي تحني رأسك أبداً قدام حد حتى لو أنا
- أنا آسفة يا بابا، لما عرفت أنه عمل حادثة أتخضيت ومحستش بنفسي غير وأنا بروحله

أزال أحمد يده عن ذقنها فأردفت: حضرتك زعلان مني؟ 

- شوفي يا بنتي أنا طول عمري مديكي حريتك ولحد النهارده ما شوفتش منك حاجة غلط لأني ربيتك صح ومتأكد أنك هتفضلي كده، طالماً التعامل بينكم بحدود وأدب يبقى أتصرفي على طبيعتك، وبالنسبة لموضوع الكتاب كان نفسي أعاكسك شوية بس جوري سبقتني 

ابتسمت لمياء بسعادة واقتربت من والدها ثم خبأت جسدها في صدره فأحاط جسدها بيديه ثم طبع قبلة على خصلات شعرها وتابع

- يلا يا بكاشه أدخلي أعملي أكل لينا وللمريض اللي جمبنا علشان أمك راحت لخالتك وبالليل هروح أجيبها
- حاضر يا أطيب بابا في الدنيا

ابتعدت عنه قليلاً ثم طبعت قبلة على وجنته ودلفت إلى الداخل فجلس أحمد على أحد المقاعد وتمتم في نفسه

- بناتي الأتنين كبروا ومش عارف السنين جريت أمتى، ربنا يحفظهم

****

بمكان أخر... 
جلست على الأرض تبكي وهس تتذكر ثورته لمجرد رؤيتها، تذكرت كيف ابعدها رجال الأمن الدار وتردد في أذنها صوت تكسير محتويات المكتب... تعالت شهقاتها وشعرت بغصة في قلبها وظلت على تلك الحالة حتى عادت شقيقتها إلى المنزل فاقتربت منها وتساءلت 

- روحتي لعماد؟ 

حركة رأسها لأعلى وأسفل والدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها فتابعت شقيقتها بغضب

- منظرك بيقول طردك وأنا قولتلك من الأول ما تروحيش لأته مستحيل يسامحك
- كفاية مش عايزه أسمع حاجة، مش هفضل عمري كله أتحاسب على غلطة 

قاطعتها شقيقتها قائلة: أنتي دمرتيه ودمرتي كل حاجة، مش هيسامحك بين يوم وليلة،  سبيه يهدى وأنا هروحله بنفسي وأحاول أقنعه، دلوقتي قومي أتوضي وصلي واستغفري ربنا وأدعيله 

استطاعت كلمات شقيقتها إخماد النيران المشتعلة بداخلها فرفعت رأسها وكفيها إلى السماء ودعت الله مراراً وتكراراً ليزيل الذنب عن كتفيها

***
بالمشفى... 
طرق أدم باب غرفة أحلام ثم دلف إليها حاملاً بيد باقة فخمة من الزهور الحمراء التي تعشقها جوري، وباليد الأخرى علبة من الحلويات المفضلة لمدللته ثم اقترب منها شيئاً فشيئاً حتى استقر أمامها فلمعت عينيها فرحاً وهي تضع يديها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق فابتسم بسعادة وهتف

- كل سنة وأنتي طيبة وعقبال مليون سنة تعيشيهم في حضني

تسارعت نبضاتها فرحاً وأتسعت ابتسامتها الساحرة فلم تشعر بنفسها إلا وهي تلقي بجسدها في صدره وهي تردد

- قولت هتنسى عيد ميلادي علشان الظروف اللي إحنا فيها
- أنا أنسى نفسي ومنساش اليوم اللي جيتي فيه الدنيا علشان تنو دنيتي 

أبعد رأسها عن صدره ووضع يده أسفل وجنتها ثم نظر مُباشرةً إلى زرقاوية عينيها وتابع

- بحبك يا جوري
- وأنا بحبك اوووي، كتيررررر

كاد أن يتحدث لكن قاطعه خروج أحلام مستندة على يد فاطمة من حمام الغرفة فابتعدت جوري عنه وتراجعت خطوات قليلة إلى الوراء وهي تتحدث بخجل

- كان بيقولي كل سنة وأنتي طيبة

أسرت أحلام ضحكتها بصعوبة بينما اصطنعت فاطمة الغضب وقالت بجدية مصطنعة

- عيشنا وشوفنا، معايدة عيد الميلاد بالأحضان 

ازداد خجل جوري وتمنت أن تنشق الأرض بها بينما رمق أدم والدته بنظرة نارية بادلته إياها بابتسامة لتزيد غضبه فرفع أحد حاجبيه وهتف

- بطلي هزارك التقيل ده يا طمطم
- طب لم نفسك بدل ما عمك يحلف يمين ما تفضلوش سوا في شقة واحدة، وتعالى وريني جايبلها إيه علشان

قاطعتها أحلام بوهن: طيب رجعيني السرير الأول وبعدين شغلي المفتش كرومبو اللي جواكي

- لمؤاخذة ياختي نسيتك

ابتسمت جوري وهي مازالت توجه نظراتها صوب الأرض بينما ضحك أدم على جنون والدته الذي ورثه عنها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى أراحت أحلام جسدها على الفراش فاقتربت فاطمة من أدم وتساءلت

- جايبلها إيه؟ 
- ورد وحلويات، تاخدي حته؟ 
- اه
- لا دي بتاعت جوري بس

رفعت جوري بصرها إليه وابتسامة عذبة ترتسم على ثغره فغمز لها بمشاكسة وأردف

- وجبتلها عربية علشان أكفر عن ذنبي وتعرف أني بثق فيها ومش عايز أخليها تابع ليا

لمعت عينيّ جوري من جديد وانبعث ضوء السعادة من وجهها لكن سعادتها لم تكن بسبب الهدية، بل لتبدل حاله وثقته بها فسألته برقة

- بجد يا أدم بتثق فيا ومش هتخليني تابع ليك؟ 
- أكيد يا عمري، وكمان هعلمك السواقة بنفسي بس لما لولي تشد حيلها 
- ربنا يخليك ليا
- ويخليكي ليا

راقبت فاطمة المشهد بسعادة وتأكدت بالدليل القاطع أن ابنها ورث جميع صفات والدته، الغيرة والحنان، الغضب والرحمة، العقل والجنون... تلألأت الدموع داخل مقلتيها عندما تذكرت حبيبها الراحل فدلفت إلى الحمام حتى لا تُفسد عليهما لحظات الصفاء والعشق، ثم نظرت إلى وجهها بالمرآة ورددت بخفوت

- وحشتني أوي يا صبري، ابنك طالع حتة منك كنت تغير وتزعق وتتخانق وبعد دقيقة تهدى وتاخدني في حضنك، الله يرحمك ويجمعنى بيك

غسلت وجهها وغادرت الحمام ثم اقتربت من أدم واختطفت منه علبة الحلويات لتشاكسه لكنه لك يرفع راية الاستسلام واسترد ما أخذته ثم قبض برفق على معصم جوري وركض إلى الخارج فضحكت أحلام حتى دمعت أعينها ثم نظرت إلى فاطمة وقالت مازحة

- مجنونة أكتر من ابنك
- أيوه كده اضحكي خلي الدنيا تنور
- ربنا يخليكي ليا يا سندي
- ويخليكي ليا ويشفيكي ويعافيكي يارب


****

انتهت لمياء من إعداد وجبة ذكية الرائحة ثم أحضرت صينية كبيرة ووضعت عليها العديد من الأطباق، وخلال دقائق قليلة غادرت المطبخ واتجهت صوب والدهاوهتفت مازحة

- الأكل كله جاهز يا أحمد باشا

رفع أحمد بصره إليها وضيق بين حاجبيه ليصطنع الغضب فابتسمت برقة وتابعت

- قصدي الأكل جاهز يا أطيب أب في الدنيا
- أكلنا ولا أكل جارنا اللي جاهز؟ 
- الأتنين

قالتها ثم عادت أدراجها إلى المطبخ وحملت الصينية وغادرت فاقترب منها أحمد وحمل الصينية عنها ثم غادر الشقة واتجه نحو شقة عماد وطرق بابها بخفة، فترك عماد فراشه بصعوبة ثم اتجه نحو باب الشقة وفتحه

- جبتلك أكل علشان تاكل كويس وبالمرة يبقى عيش وملح

شعر عماد بالسعادة فلم يهتم أحداً به منذ وفاة والده فابتسم بامتنان وهتف

- بجد مش عارف أقول إيه ولا أشكر حضرتك أزاي، أنا فعلاً كنت جعان ومش قادر أعمل أي شيء 
- يبقى أقعد كل بألف هنا وشفاء، لمياء اللي طبخت ربنا يستر بس ويطلع الأكل عدل 

تسارعت نبضات عماد في سعادة لمجرد وصول أسمها إلى أذنيه، لكنه استرد رباط جأشه وقال

- أكيد هيعجبني، كفاية تقدير حضرتك ليا
- طيب كل الأول وبعدين نتكلم حكم طبيخ بنتي عجيب، ربنا يستر

ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتي عماد فودعه أحمد وعاد إلى شقته ليتناول الطعام برفقة ابنته... 
أما عماد فجلس يأكل بنهم لشعوره الشديد بالجوع، وما أن فرغ اراح جسده إلى الخلف قليلاً وتمتم في نفسه

- من سنين ما أكلتش أكل حلوة كده

شرد لعدة دقائق في نظرة القلق التي رآها داخل عينيها، وعبس بشدة عندما تذكر دموعها فأكمل حديثه مع النفس قائلاً 

- بلاش تعلقها بيك وأنت عارف ظروفك كويس

بمجرد أن توقف عن الحديث، استمع إلى صوت يتردد بقوة داخل أذنيه، نعم أنه صوتها العذب الذي يجذبه إليها أكثر فأكثر فابتسم بسعادة وأردف

- مش يمكن تكون دوايا

أخرج هاتفه من جيب سرواله وقرر إرسال رسالة نصية فكتب

 (تسلم أيديك الأكل حلو جداً) 

اهتز هاتف لمياء الموضوع إلى جوارها على الفراش فالتقطته وأسرعت بقراءة الرسالة، واندهشت بشدة عندما رأت أسمه فأخذها الفضول لقراءة كلماته، فقرأتها وابتسمت ثم كتبت

(كنت فاكرة هتقولي أكلك غريب زي ما بابا دايماً بيقولي، بس والله ده الأكل اللي على الموضة، مبسوطة أنه عجبك) 

ضغطت زر الإرسال فصدح صوت رنين هاتفه فقرأ رسالتها على الفور ثم أرسل

(بالعكس الأكل جميل جداً، من سنين ما أكلتش أكل بيتي للأسف عايش على أكل الشارع) 
(يا حرام) 

أرسلتها بتلقائية فقرأها وابتسامة خلابة تزين ثغره وكاد أن يرسل واحدة لكنه رفع رأسه عن الهاتف وتحدث إلى نفسه

- أنا أكيد اتجننت، إيه شغل المراهقين اللي بعمله ده

ألقى بالهاتف على المقعد المجاور له وألف فكرة تدور برأسه فقاطعت لمياء شروده برسالة، التقط على أثرها الهاتف شوقاً لقراءة كلماتها

(الجرح بيوجعك ولا المسكن كويس؟) 
(لا مش حاسس بأي ألم، هستأذن والدك تغيريلي على الجرح مش هقدر أسوق العربية لحد المستشفى، هضايقك؟) 

قرأتها وابتسمت ثم أرسلت رسالة قصيرة تحمل معانِ كثيرة 

(بالعكس ده شيء يسعدني، مش هيضايقني أبداً) 
(لما تفضي أبعتيلي رسالة علشان أبعتلك الرواية) 
(أوك، هصلي العشاء وأقول لحضرتك تبعتها) 

قرأها عماد وابتسم ثم وضع الهاتف وترك مقعده متجهاً إلى الشرفة لينعم ببعض الهواء النقي ولكن طاردته ذكرياته الأليمة وما حدث صباحاً فتجدد الألم بقلبه وتمتم بحدة

- أنا بكرهك، وهعيش وأموت وأنا بكرهك يا حقيرة

****

أوقفت سيارتها أمام فندق فخم لكنها لم تترجل من السيارة بل ترددت في ما جاءت لأجله فظلت جالسة لمدة ليست بالقليلة أخذت قرارها وترجلت ثم دلفت إلى الداخل واستقلت المصعد إلى الطابق العاشر حيث يجلس الثري العربي في انتظارها... اقتربت من باب الغرفة وصدرها يعلو ويهبط لشعورها الشديد بالتوتر ومع ذلك طرقت الباب فانتفض هشام عن مقعدة وفتح الباب ثم جذبها بخفة إلى الداخل وهتف

- يا الله على هالچمال، الفندق نور والله

ضحكت فاتن بدلال وقالت: مش أوي كده يا أبو عبد الرحمن

- والله اشتاجتلك، هالا بنتمم عقد الزواچ وبتصيري إلي لأسبوع 

أخرج من جيب جلبابه سندات ورقية بقيمة مليون ريال سعودي ثم قدمه إليها وتابع

- مهرك يا عروسة

أخذت منه ما قدمه إليها فابتعد قليلاً ثم عاد حاملاً علية من الذهب الخالص فتحتها فاتن ووجدت بداخلها مجموعة من الحلي والمجوهرات  فأردف

- وهاد كله لألك
- كتير أوي كده

قاطعها قائلاً: ما في شي بيغلى عليكي، يلا أمضي ورق الزواچ لتحلى ليلتنا

- طيب والشهود؟ 
- مضوا قبلك وراحوا ولا تجلجي هاد عقد رح تمضي عليه بيلزمك تبقي معي لأسبوع ويلزمني طلجك بعد الأسبوع، بتجولي زوجتك نفسي وأنا بجبل

ابتلعت فاتن ريقها بصعوبة وقررت تنفيذ الصفقة فقامت بإمضاء عقد الزواج الأشبه بعقد شراكة ثك سلمت جسدها إليه ليفعل ما يحلو له

****

في ذات اللحظة كان محسن يتناول العشاء برفقة سهيلة على ضوء الشموع... أطعمها بيديه ليدللها فبادلته وأطعمته وهي تصطنع الدلال لمعرفتها الجيدة بأن هناك من يراقبهما ويلتقط لهما الصور الفوتوغرافية، وبمجرد أن علّا صوت الموسيقى، ترك مقعده وتقدم منها ثم مد لها يده فوضعت كفها بداخلها ومضت معه إلى حلبة الرقص ثم بدأت تتمايل وهي تتبادل معه نظرات العشق وبالنهاية اسندت رأسها على كتفه لتُعطي للفضيحة التي اعدت لها سالفاً مجموعة من الصور الرومانسية التي تُحاكي قصة عشقها له

***

في الثامنة مساءاً انتهت لمياء من أداء فرضها ثم رفعت يديها إلى السماء ودعت الله كثيراً... بعد لحظات قامت عند سجادة الصلاة وحملت الهاتف لتراسل عماد كما طلب منها حتى يرسل روايته، لكنها ما أن أمسكت الهاتف بين راحتها طرق والدها باب الغرفة ثم دلف إليها وهتف

- قاعده لوحدك ليه؟ 
- كنت بصلي وهذاكر شوية
- ربنا يفتح عليكي، أنا نازل أجيب أمك محتاجة حاجة وأنا راجع أجبهالك؟ 

ابتسمت لمياء بسعادة واقتربت من والدها ثم وقفت على أطارف أصابعها وطبعت قبلة على وجنته وقالت

- أنت مش مخليني عايزه حاجة، ربنا يخليك ليا
- ويخليكي ليا، صحيح جارنا طلب مني تغيريله على الجرح الصبح بدل ما يتصل بالمساعد بتاعه يجي ياخده المستشفى مخصوص يغير عالجرح، قولتي إيه؟ 

بالرغم من معرفتها المُسبقة بذلك إلا أنها شعرت بالخجل فأجابته بصوت مرتعش

- اللي حضرتك تشوفه
- خلاص الصبح نروحله سوا، هتحرك بقى بدل ما أتأخر على ماجدة 
- مع السلامة

انتظرت حتى غادر والدها وأمسكت هاتفها من جديد لتتحدث إلى عماد لكن سبقها صوت رنين فابتسمت بسعادة 

- وحشتني وحشتني وحشتنننننننني
- وأنتي كمان وحشتيني، الشبكة بتقطع أقفي في حته فيها شبكة

اتجهت لمياء مُباشرةً صوب الشرفة وقالت: بجد وحشتني يا سعد أرجع بقى

- سعد!!! 

رددها عماد بغضب ثم صر على أسنانه وترك الشرفة حيث كان يجلس في انتظارها، وبمجرد أن دلف إلى غرفته أخذ يجوب المكان ذهاباً وإياباً بطريقة هيسترية وهو يردد

- كلكم زي بعض، كلكم زي بعض، كلكم خاينين

توقف فجأةً عن الحركة ثم ثنى جزعه ونظر إلى عينيه عبر المرآة وتابع بنبرة صوت تثير الفزع

- هخليها تندم


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف