02/25/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Monday, February 25, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 25, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الثامن عشر - بقلمي منى سليمان

* لقاء *

أنهى أمجد كتابة تقرير التشريح ثم حمل جاكيت حلته وغادر في عُجالة... دلف إلى سيارته وأدار محركها لكنه لم ينطلق بها بل أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بحسام فأجاب الأخير قائلاً 

- خلصت التقرير؟ 
- مفيش أزيك الأول؟ 
- أزيك؟ 
- كويس يا أخويا والتقرير بعته عالإيميل، قولي جاي العزومة؟ 

أغمض حسام عينيه بأسى وحاول التماسك حتى لا يشك فيه أمجد فقال بثبات وصوته الرجولي المعتاد

- للأسف عندي شغل بس حنين معاهم 

شعر أمجد بالسعادة لعدم حضور حسام إلى العزيمة إلا أنه لم يظهر ذلك بل اصطنع الغضب قائلاً 

- خسارة كان نفسي أشوفك
- معلش تتعوض، هقفل سلام

أنهى حسام المكالمة وعاد ليتابع عمله بينما فرك أمجد كفيه ببعضهم البعض ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى انطلق بالسيارة إلى متجر الزهور القريب من فيلا أمير وانتقى باقة فخمة من الزهور الحمراء لكنها لم تكن لسلوى كما اعتاد بل كانت هدية بسيطة لحنين ليعتذر عما فعله معها وعن تأخيره كذلك

*******

في ذات اللحظة وقفت وعد عن مقعدها لتغادر إلى غرفة أمل... لحق بها أمير ليذهب إلى حيث تجلس والدته، إلا أنها ما أن غادرت الشرفة تعثرت قدمها وكادت أن تسقط أرضاً فأسرع أمير وحاوط خصرها بذراعه ثم قربها إليه بشدة حتى أصبح لا يفصل بينهما شيئاً... توقع أن تبتعد عنه لكنه اندهش حينما سكنت بين أحضانه فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق ثم اقترب من شفتيها ليسرق قبلته الأولى فقاطعه صوت طرق على باب الجناح... ابتعدت عنه وحمرة الخجل تلون وجنتيها فأسر ابتسامته ثم اتجه صوب الباب وفتحه فقالت الخادمة 

- تليفون الآنسة بيرن والحاجة قالتلي أطلعه ليها
- شكراً 

قالها أمير بعد أن أخذ منها الهاتف ثم أغلق الباب وعاد إلى طفلته الرقيقة لكنها لم تستطع النظر إلى عينيه فوضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها لتتقابل أعينهم في نظرة قطعها صوت رنين هاتفها فقالت برقة

- ممكن أرد؟

أعطاها الهاتف فتلامست أيديهم دون قصد ولم تستطع الإمساك بالهاتف فسقط أرضاً وانقطع رنينه فهتف أمير بهدوء 

- أنا أسف أني خليتك مرتبكة ده
- مفيش حاجة 
- طيب أنا هنزل لماما وطنط سوسن وأنتي أتكلمي براحتك 
- ماشي

ودعها بغمزة من عينه اليسرى جعلت قلبها يخفق بسعادة ثم تنهدت براحة وأخذت هاتفها لتتحدث إلى والدتها

*******

أوقف أمجد سيارته داخل أسوار الفيلا ثم ترجل منها وحمل باقة الزهور ودلف إلى الداخل... اقترب من سلوى وطبع قبلة على ظاهر يدها وفعل المثل مع سوسن بينما وكز أمير في قدمه وتساءل بصوت خفيض

- فين حنين؟ 
- الله يخرب بيتك، رجلك عامله زي القطر 
- بطل رخامة وقول 

توقف أمجد عن إكمال كلماته حينما رأى المشاكسة الجميلة تهبط الدرج برفقة أمل... ارتسمت ابتسامة على شفتيه وأخذ يقترب منها شيئاً فشيئاً حتى وقف أمامها ومد يده ليعطيها الباقة فتنهدت أمل بهيام وسرقتها منه فصر أمجد على أسنانه وهم أن يسترد ما أخذته المشاكسة الأخرى إلا أنها سبقته وركضت مبتعدة فركض خلفها ما اشعل غيرة حنين دون أن تعرف السبب فجلست إلى جوار سوسن واضعة يدها أسفل وجنتها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد أمجد حاملاً الباقة بيد وممسكاً يد أمل بيده الأخرى فتركت حنين مقعدها وقالت دون أن تعيره أي اهتمام

- بعد أذنكم هروح الحمام

وقف أمير عن مقعده ومضى معها ليرشدها إلى وجهتها ثم صعد الدرج إلى جناحه ليطمئن على وعد، لكنه ما اقترب من باب غرفة النوم رآها ترتدي نظارته الطبية وتطالع هيئتها في المرآة فاقترب منها على أطراف أصابعه حتى استقر خلفها وحاوط كتفيها بيديه فتعالت شهقاتها وأدارت جسدها إليه وهي تقول بارتباك

- أنا ككك كنت 

قاطعها قائلاً بجدية مصطنعة: بقى أسيبك في أوضتي تقومي تاخدي حاجتي وكمان تلبسيها

خجلت من فعلتها ووجهت نظراتها إلى الأرض فأسر ابتسامته وتابع بذات الجدية 

- عمري ما توقعت كده منك
- أنا آسفة

قالتها ببراءة فلم يشعر بنفسه إلا وهو يحاوطها بحنان فأزداد خجلها لكنها سكنت بين أحضانه لشعورها بالدفء والحنان، وظلت هكذا حتى أبعدها عنه ونظر إلى عينيها قائلاً بهدوء 

- أنا بهزر على فكرة، أنا وبيتي وشغلي ونضارتي ملكك أنتي

ابتسمت برقة فبادلها بقبلة حانية طبعها على جبينها ثم أمسك يدها واصطحبها إلى مائدة الطعام

*******

اجتمعوا على مائدة الطعام ولاحظ أمجد تبدل قسمات وجه حنين فاختلس النظر إليها لكنها تجنبت نظراته فاندهش بشدة وقرر مشاكستها قائلاً 

- حنين ممكن المعلقة الزيادة اللي قدامك؟ 

أعطت الملعقة إلى سلوى لتوصلها دون أن تنظر إليه فازداد اندهاشه وكاد أن يتحدث مرة أخرى لكن قاطعه دخول نادين برفقة والدتها فأردف بغيظ

- أعوذ بالله، إيه اللي جاب المصيبتين دول هنا؟ 

ما أن تقابلت عينيّ أمير بعينيّ نادين صر على أسنانه بينما تبدلت قسمات وجه وعد فربت على يدها وقال بهدوء مصطنع 

- وعد أنا جمبك

نظرت إليه بامتنان فغمز لها بمشاكسة ثم ترك مقعده ورحب بزوجة عمه الراحل وفعلت سلوى المثل بينما لم يعير أحد منهم أي اهتمام بوجود نادين فاشتلعت خيرية غضباً لكنها تمسكت بهدوئها ثم نظرت إلى وعد وتساءلت

- دي بقى العروسة؟ 

كاد أمير أن يجيبها لكن سبقه أمجد حينما قال ببرود: اه العروسة ومش أي عروسة دي مراة الغالي

لوت نادين ثغرها بينما اقتربت خيرية من وعد وعانقتها ثم ابتعدت عنها وقالت بسعادة مصطنعة 

- مبروك 
- الله يبارك في حضرتك
- يا خواتي على الأدب اللي بينقط من شفايفك، تعالي يا نادين باركي للعروسة

اقتربت نادين من وعد وهي تتمايل بدلال، وما أن استقرت أمامها مدت يدها لتصافحها لكن وعد لم تهتم واكتفت بابتسامة زائفة فشعرت نادين برغبة ملحة في الفتك بها إلا أنها تمسكت بهدوئها حتى لا يشك بها أحد... جلست خيرية على المقعد المجاور لأمل، بينما جلست نادين إلى جوار حنين فقالت الأخيرة في نفسها

- جيتي لقضاكي يا شابه

تناولوا الطعام في صمت تام بينما انتظرت حنين اللحظة المناسبة لتنتقم من نادين وبالفعل جاءتها الفرصة حينما وضعت الخادمة أمامها صحن شوربة ساخنة فأسقطت الطبق عن المائدة وانسكب بالكامل على قدمي نادين فضرخت بأعلى طبقات صوتها وهمت أن تبوخ حنين لكنها سبقتها وهتفت ببرود

- سوري يا طنط مكنش قصدي

وجهت نظراتها صوب سلوى وأردفت متسائلة: معندكيش مرهم تسلخات يا طنط سلوى لطنط نادين؟ 

جزت نادين على أسنانها واقتربت من حنين لتصفعها على وجنتها، لكنها توقفت بنظرة من والدتها التي وقفت عن قعدها ونظرت إلى حنين قائلة 

- ما تتعبيش نفسك يا حبيبتي، إحنا هنروح يلا يا نادين

لم تمض سوى دقائق قليلة حتى دلفت نادين إلى سيارتها وهي تتألم فانطلقت بالسيارة إلى أقرب صيدلية لتشتري مرهم حروق 

********

في فيلا أمير... 
أكملوا تناول الطعام وهم يأسرون ضحكاتهم ولكن بمجرد أن تقابلت أعين حنين بعينيّ صديقتها وعد، فقدت الأخيرة سيطرتها وانطلقت من بين شفتيها ضحكة عالية فانفجروا جميعاً ضاحكين وتناولوا الطعام في أجواء ساحرة سُرقت من الزمن... بعد انتهاء الطعام صعدت أمل إلى غرفتها لتكمل مقالتها بينما مضت سوسن برفقة سلوى إلى جناج أمير لتعاينه سوسن، أما وعد فمضت برفقة أمير إلى الحديقة وجلست معه على الأرجوحة فأخذ يحركها بقدمه وهو يتحدث إليها فبقت حنين بمفرها مع أمجد لكنها لم تشاكسه ولم تتحدث إليه كعادتها فرفع كلا حاجبيه وتساءل بقلق

- أنتي تعبانه؟ 

ضيقت بين حاجبيها ثم وقفت عن مقعدها لتغادر إلا أنه سبقها وقبض على معصمها ثم جذبها بخفة فجلست إلى جواره على الأريكة وقالت بغيظ

- لو سمحت سيب أيدي
- لو سمحت؟!!! 

قالها باندهاش فحركت رأسها لتؤكد ما سمعته وتابعت: اه وسيب أيدي بقى

- بت أنتي لو مجنونة فلازم تعرفي أني أجن منك، ماااالك؟!!! 
- مفيش حاجة 
- لو ما قولتيش حالاً مالك 

انتقل بنظراته إلى شفتيها وأردف: مش هبقى مسؤول عن اللي هيحصل

ابتلعت ريقها بصعوبة وجاهدت لتسحب يدها لكنه لم يسمح بذلك وكرر كلماته بصوت أكثر جدية فعضت على شفاها السفلى وأشاحت بعينيها عنه ثم استجمعت شجاعتها وقالت بغيرة ملحوظة

- م م مفيش حاجة، ساكته علشان تهزر براحتك مع أمل 

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ابتسم ببلاهة فصغيرته تغار والغيرة تعني أنها تكن له مشاعر فتساءل بدون أي تفكير 

- حنين أنتي غيرانة من أمل؟ 

تسارعت نبضات قلبها وحاولت سحب يدها إلا أنه تمسك بها أكثر وتابع بصوت دافئ

- أنا أسف مكنش قصدي أضايقك، أمل أختي الصغيرة فاهمة يعني إيه أختي؟ 

حركت رأسها بنعم فابتسم لها بسعادة ثم حرر يدها لكنه لاحظ العلامة التي خلفتها قبضته فأمسك يدها مرة أخرى وطبع على ظاهرها قبلة رقيقة أحيت النبضات بقلب حنين إلا أنها فاقت من سحر اللحظة حينما استمعت إلى صوت سوسن تقترب برفقة سلوى فابتعدت عن أمجد قليلاً وأرجعت خصلات شعرها خلف أذنها فتأملها لدقائق ثم تركهن حينما صدع صوت رنين هاتفه

*******

العشق يا صغيرتي هو وجودكِ أمامي وأنتِ غير موجودة... فقد سكنتِ القلب وأصبح ينبض بعشقكِ... وسكنتِ العيون فأصبحت لا ترى سوى طيفكِ... فأخبريني بأي لعنة أصبتيني وعن الدواء أبعديني، فأنا أتنفس لعنة عشقكِ ومنها لا تداويني.. 
مر يومين هادئين بدون أحداث جديدة وفي صباح اليوم الثالث أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد، وما هي إلا دقائق حتى اقتربت منه وركبت إلى جواره... استقبلها بابتسامته الساحرة فبادلته بصوتها العذب

- صباح الخير
- صباح الورد لعيونك

غمز لها بمشاكسة ثم انطلق بسيارته إلى المشفى فاليوم ستستلم عملها كمساعدة له لكن أمير طلب منها الاهتمام كذلك بدروسها فستعمل معه يومي الجمعة والسبت فقط لتهتم بالجامعة باقي أيام الأسبوع

********

في ذات اللحظة أخرج شاب في مقتبل العشرينات هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً فابتعد إبراهيم عن أحضان عشيقته منيرة بصعوبة حينما صدع صوت رنين الهاتف ثم أحضره وأجاب قائلاً 

- إيه الأخبار؟ 
- الراجل بيوصلها دايماً و

قاطعه قائلاً: يعني معرفتش تجبها علشان غبي، أقفل وقدامك يومين كمان والبنت تبقى عندى

لم ينتظر رده وأنهى المكالمة فتركت منيرة الفراش ثم حاوطت خصره من الخلف بذراعيها وقالت

- كده أجيلك بدري وبدل ما تفضل معايا تسيبني وتتكلم في التليفون وكمان تتعصب

أدار جسده إليها وحاوط خصرها بذراعه ثم تملك شفتيها في قبلة طويلة لكنه ابتعد عنها بصعوبة وقال بهدوء 

- خلاص ما بقتش قادر أبعد عنك، سبيني أخلص عليه ومن بيع أعضائه هيطلع مبلغ كبير أوي هنعيش بيه كويس، وأنا معايا في البنك مليون وربع ده غير اللي هتورثيه منه بعد ما يغور في داهية

كادت أن تتحدث إلا أنه سبقها ومرر يده على جسدها ثم تابع: قدامك أسبوع بحاله تفكري وتقوليلي رأيك علشان دلوقتي ورانا حاجة تانية أهم

حملها بين ذراعيه واتجه بها صوب الفراش ليقضي معها نزواته الشيطانية ورغباته المحرمة فاستسلمت له كما تفعل دائماً ونست معه الزمان والمكان حتى أنها شعرت برغبة ملحة في التخلص من يحيى لتبقى مع إبراهيم إلى الأبد فما تجده معه لم تجده مع يحيى يوماً 

*******

وصل أمير إلى المشي ودلف إليها برفقة وعد فشعرت بالسعادة لأنها ستبدأ عمل يناسب الحلم الذي لازمها طوال سنوات حياتها... مضت معه إلى المصعد وصدرها يعلو ويهبط كطفلة صغيرة اصطحبها أبيها لشراء لعبة عاشت سنوات عمرها القليلة تتمناها، وما أن استقر المصعد بالطابق الثالث اصطحبها أمير إلى الغرفة المجاورة لغرفة مكتبه ثم فتح بابها وأشار إليها بالدخول فدلفت وهي لا تصدق ما تراه... اقتربت من مكتبها وتحسسته بأناملها وابتسمت حينما رأت صورة تجمعها بأمير موضوعة على سطحه فنظرت إليه وقالت برقة

- بجد مش عارفه أقولك إيه، أنا متشكرة ليك أوي 

ضيق بين حاجبيه واصطنع الغضب ثم اقترب منها حتى استقر أمامها فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق، وبمجرد أن فاق من سحر عينيها هتف بصوت دافئ

- مفيش بينا شكر ده أولاً، ثانياً أنتي مراتي والمستشفى كلها تحت أمرك وصاحبها كمان فوق البيعه 

قال كلماته الأخيرة كمشاكسة لها ثم غمز لها وتابع: ولا صاحبها مش عاجبك؟ 

توردت وجنتيها خجلاً فشعر بالربيع يسري بداخله ثم جذبها إلى صدره وحاوطها بحنان فتمسكت به كغريق وجد بر الأمان بعد طول انتظار، وما أن ابتعد عنها نظر إليها قائلاً بجدية مصطنعة 

- يلا على شغلك وأي غلطة كده ولا كده رفض على طول، أنا دكتور حمش أوي 

ودعها بغمزة من عينه اليسرى ثم غادر المكان بالرغم من رغبته في البقاء معها إلى الأبد فابتسمت بسعادة ثم جلست على مقعدها ورددت بصوت خفيض

- ألف حمد وشكر ليك يارب

*******

أوقف أمجد سيارته بالقرب من منزل حنين وابتسم حينما رآها تجلس بالشرفة وتتابع دروسها... تأملها لدقائق وهو لا يعرف سبب انجذابه إليها فقط يشعر برغبة ملحة في البقاء معها وفي مشاكستها كذلك ليتعرف أكثر وأكثر على جنونها... تنهد براحة ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتفها بل وراقب الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها بعد أن قرأت أسم المتصل إلا أنه عبس عندما وضعت الهاتف على المنضدة الموضوعة أمامها ولم تجيبه فرفع أحد حاجبيه باندهاش وأعاد الاتصال بها فتنفست بعمق وأجابت 

- الو 
- ما بترديش ليه؟ 

تثاءبت ثم أجابته بصوت غلبه النعاس المصطنع: كنت نايمة 

رفع كلا حاجبيه بعدم تصديق ثم أبعد الهاتف عن أذنه ونظر إليه قائلاً بصوت خفيض

- يا كدابة

أعاد الهاتف واستمع إلى صوتها تقول: الو الووووو

قاطعها قائلاً بغيظ: معاكي، مش شايفة أن هدومك مفتوحة شوية على المذاكرة في البلكونة 

جحظت عينيها وأخذت تنظر حولها لكنها لم تجده فتساءلت: أنت شايفني؟ 

- أنا بقالي نص ساعة تحت بيتك، صح النوم يا أبلة حنين

عضت على شفاها السفلى فقد شعرت بالإحراج وعادت لتبحث بعينيها عن سيارته فلم تجدها 

- أنا مش شايفه عربيتك تحت
- جاي بالعربية التانية في عربية حمراء كشافها منور 

قاطعته قائلة: شوفتك، أنا آسفه 

- بتهربي مني ليه؟ 
- مش عارفه
- طيب ينفع تنزلي؟ 

لم تجيبه لكنها حركت رأسها كإشارة بالنفي فحزن بشدة إلا أنه لم يظهر لها ذلك وتابع بهدوء

- طيب خليكي معايا عالفون بقالي يومين بحاول أتصل وأنتي ما بترديش، أنا زعلتك في حاجة؟ 
- لا
- أمال بتهربي مني ليه؟ 
- مش عارفه 

قالتها بارتباك ملحوظ فأغمض عينيه بأسى وشعر بغصة في قلبه بعد أن فهم أنها لا تبادله نفس المشاعر ففتح عينيه وهتف بصوت كساه الحزن 

- أسف لو ضايقتك بوجودي بس أوعدك أني مش هتقل عليكي أكتر من كده لأن دي هتكون أخر مرة اتصل بيكي بس لو أحتاجتيني في أي وقت هسيب الدنيا كلها وأجيلك مع السلامة

كاد أن يبعد الهاتف عن أذنه لينهي المكالمة إلا أنه توقف حينما استمع إلى صوت بكائها فاردف متسائلاً 

- بتعيطي ليه؟ 
- مش عارفه

ابتسم على براءتها ثم هتف بمشاكسة: دي تالت مش عارفه تقوليها، الرابعة هتلاقيني بخبط على باب الشقة

اختلطت دموعها بابتسامة ساحرة جعلت نبضاته تتسارع في سعادة فكاد أن يتحدث إلا أنها سبقته وبكت من جديد ثم قالت بصوت غلبه البكاء 

- ما تمشيش
- مش همشي بس ما تعيطيش، بنفع أشوفك بكرة؟ 
- ينفع
- يبقى هشوفك بكرة 

ظل يتحدث إليها ويشاكسها لكي يرى ابتسامتها ويستمع إلى صوت ضحكاتها وبعد ما يقارب الساعتين ودعها وغادر إلى عمله على أمل اللقاء غداً

*******

في صباح اليوم التالي استيقظت أمل مع أول ضوء لأشعة الشمس، تركت فراشها ودلفت إلى الحمام ثم توضأت وصلت فرضها... وما أن فرغت، صلت ركعتين لله ودعته كثيراً لكي يحقق لها ما تمنت.... في التاسعة إلا عشر دقائق حملت حقيبتها وغادرت ثم اتجهت إلى غرفة والدتها ودلفت إليها... ودعتها بقبلة على ظاهر يدها وانصرفت إلى سيارتها ثم انطلقت بها إلى مقر إدارة البحث الجنائي...
في التاسعة والنصف وصلت إلى وجهتها فأوقفت سيارتها ثم ترجلت منها ودلفت إلى الداخل فاصطحبها أحد رجال الأمن إلى غرفة الاجتماعات وقبل أن تدلف إليها قال بصوت رجولي

- لسه نص ساعة على الاجتماع تقدري تبقي هنا وهما على وصول
- شكراً 

قالتها بهدوء بالرغم من شعورها بالتوتر ثم دلفت إلى القاعة وتركت بابها مفتوحاً لكي لا تشعر بالاختناق... وقفت تطالع المقاعد الخالية وصدرها يعلو ويهبط فشعرت بالخوف لما هي مقبلة عليه فطالبها صوت بالمغادرة وأخذت تتراجع إلى الخلف حتى اصطدمت بصدر صلب فأدارت جسدها وجحظت عينيها في عدم تصديق بينما اندهش حسام بشدة وقال في ذات اللحظة التي تحدثت فيها أمل

- أنت                                        - أنتِ 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

طريقي بقربك/منى سليمان

February 25, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل السابع عشر - بقلمي منى سليمان  

* عزيمة *

ركضت نادين باتجاه غرفة والدتها ثم دلفت إليها كالإعصار...اقتربت منها وهي تصرخ منادية بأسم أمير كمن فقد عقله فانتفضت خيرية عن نومتها وجحظت عينيها في خوف ثم ابتلعت ريقها بصعوبة وتساءلت

- في إيه؟ 
- أمير أتجوز الخدامة 

تعالت شهقات خيرية بينما جلست نادين على حافة الفراش وانفجرت دموعها كالشلال فصرت والدتها على أسنانها وقالت بغضب

- كله منك يا خايبة، سنين بتجري وراه ومش عارفة تاخدي معاه حق ولا باطل

لم تتفوه نادين ولو بكلمة وأكملت البكاء لساعة كاملة قضتها خيرية في التفكير علها تجد مخرج من المصيبة التي سقطت فوق رأسها ورأس ابنتها وظلت هكذا حتى لمعت عينيها بسعادة وأردفت 

- أنا عندي حل

توقفت نادين عن البكاء وقالت: قولي

قصت والدتها عليها تفاصيل الخطة الشيطانية التي تفكر بها فمسحت نادين الدموع الساقطة على وجنتيها وظهرت لمعة سعادة داخل عينيها ثم تركت الغرفة وعادت إلى غرفتها... أمسكت هاتفها وأجرت اتصالاً هاتفياً بأحدهم لكنه لم يجيب فقد تخطت الساعة الثانية والنصف صباحاً فأنهت الاتصال ووضعت الهاتف إلى جوارها ثم رددت في نفسها

- بكرة هكلمه وأكيد هيوافق 

********

في ذات اللحظة خرج أمجد من الحمام بعد أن أنعش جسده تحت المياة... ارتدى ثيابه في عُجالة ثم أراح جسده على الفراش وأجرى اتصالاً بهاتف حنين إلا أنها نفذت ما توعدت به ولم تجيب المكالمة فأبعد الهاتف عن أذنه وكتب لها رسالة نصية من كلمة واحدة 

(حنين) 

صدع صوت رنين هاتفها معلناً عن وصول رسالة فرفعت وعد أحد حاجبيها وتساءلت بخبث 

- ده نفس الرقم اللي اتصل من دقيقة وما ردتيش؟ 
- عادي تلاقيه حد بيعاكس

قالتها حنين وهي تخبئ عينيها عن وعد فابتسمت الأخيرة وقالت بجدية مصطنعة 

- كوكي شكلها جعانة هقوم أحطلها أكل، أوعي تنامي 
- لا هستناكي

انتظرت حنين حتى غادرت وعد ثم أمسكت هاتفها وقرأت الرسالة لكنها تمسكت بقرارها ولم تبادله برسالة بالرغم من رغبتها في التحدث إليه... 
على الجانب الأخر كان أمجد يسند يده أسفل وجنته في انتظار رسالتها، وما أن طال الانتظار أرسل إليها رسالة من كلمتين

(وحشتني رخامتك) 

قرأتها حنين ثم ضيقت بين حاجبيها وكتبت له (أنا رخمة؟!!) 

صدع صوت رنين هاتفه معلناً عن وصول رسالة فقرأها وابتسم بسعادة حينما نجح في استفزازها لكي ترد على رسائله فضغط زر الاتصال... 
على الجانب الأخر كانت حنين تتحدث إلى نفسها وهي تشعر بالغيظ وبمجرد أن صدع صوت رنين هاتفها ضغطت زر الإيجاب وقبل أن يتحدث سبقته وقالت بغضب 

- أنا رخمة؟ 

أسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يزيد غضبها ثم استرد أنفاسه وأجابها بجدية وصوت دافئ غلفه الحنان 

- أجمل رخمة شافتها عيوني

ابتسمت ببلاهة ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها ولم تتفوه ولو بكلمة فتنهد بهيام وتابع 

- حنين
- نعم
- زعلانه مني؟ 

رفعت بصرها إلى سقف الغرفة وأجابته بطريقة طفولية: شوية

- طيب تسمحيلي أصلح غلطتي وأعزمك بكرة على أي حاجة تحبيها
- لا 

قالتها بدلال فعلم أنها تشاكسه فكرر كلماته بنبرة صوت هادئة جعلت نبضاتها تتسارع فتابع

- وافقي بقى
- خلاص الصبح هشوف ظروفي وأرد عليك
- وعد؟ 
- وعد

قالتها برقة لم تعتادها من قبل ثم ودعته وأنهت المكالمة وقبل أن تضع الهاتف على الفراش دلفت وعد إلى الغرفة وقالت بخبث

- ده مين بقى اللي هتشوفيه بكرة؟ 
- أنتي كنتي واقفه بتسمعي، صح؟ 

حركت وعد رأسها كإشارة بالموافقة وهي تأسر ابتسامتها بصعوبة فقذفتها حنين بالوسادة ثم قالت بغضب

- رخمة

أمسكت وعد بالوسادة ثم اقتربت من حنين وأخذت تضربها فعلّا صوت ضحكاتهن وما أن شعرت وعد بالإرهاق، ألقت بجسدها على الفراش وقالت بسعادة 

- الفرحة اللي حسيت بيها النهارده هي أول فرحة أحس بيها من سبع سنين
- ربنا يسعدك 

اعتدلت وعد في جلستها ثم نظرت إلى حنين وهتفت: أحكيلي بقى

بدأت حنين تقص عليها كل ما حدث معها، بدأت بلقائهم الأول حينما اصطدمت سيارتها بسيارته وانتهت بتفاصيل المكالمة ثم تنهدت بهيام وألقت بجسدها على الفراش فوكزتها وعد في كتفها وتحدثت بجدية قائلة

- لو حسام عرف أنك بتكلمي صاحبه من وراه هيولع فيكي
- عارفه

قالتها بنبرة صوت هادئة وهي تداعب خصلات شعرها بيدها فرفعت وعد أحد حاجبيها وقالت في نفسها

- البت أتجننت أكتر ما هي مجنونة

*******

وما الحب إلا نظرة تتبعها ابتسامة فكلمة ثم نبضات قلب ليخبر صاحبه أنه لم يعد ملكاً له بعد الآن فقد سُرق من بين الضلوه بعد أن سقط أسيراً في بحور الغرام....
في التاسعة والنصف صباحاً تململ أمير في الفراش وقبل أن يفتح عينيه، ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه فقد قضى ليلته برفقة وعد التي سكنت أحلامه... فتح عينيه وهو مازال راقداً على ظهره ثم نظر إلى سقف الغرفة وأخذ يتذكر اللحظات التي جمعته بها وتذكرها أيضاً وهي تتمايل بين أحضانه... اعتدل في جلسته قليلاً ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتفها فاستيقظت على صوت رنين الهاتف وأجابت بصوت غلبه النعاس دون أن تفتح عينيها

- الو

تسارعت نبضاته في سعادة ثم تنفس بعمق وهتف: أسف أني صحيتك

ما أن وصل صوته العذب إلى مسامعها فتحت عينيها واعتدلت في جلستها ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت برقة

- عادي ولا يهمك، صباح الخير
- صباح كل حاجة لعيونك

خجلت بشدة لكنها لم تظهر له ذلك بل تحدثت إليه بثبات فبادلها بكلمات غزل وأضاف إلى الكلمات صوت ضحكاته الرجولية فشعرت وعد بربيع عشق يسري بداخلها، وبعد مرور عدة دقائق من الثرثرة تنحنح قائلاً 

- ماما بالليل قالتلي أنها هتتصل بطنط سوسن وتعزمكم عندنا النهارده 
- بجد؟ 

تساءلت بطريقة تشبه طريقة الأطفال فابتسم بسعادة وأكد لها ما سمعته ثم تابع

- الساعة واحدة هكون عندكم
- ما تتعبش نفسك هنيجي لوحدنا
- التعب ملوش مكان بينا، من النهارده أنتي مراتي وملزومه مني وكل خطوة بره البيت هكون معاكي يعني من الأخر مفيش خروج بره البيت لوحدك، أنا راجل حمش فخافي مني

خفق قلبها بسعادة وقررت مشاكسته قائلة: يعني هتسيب شغلك وتفضل معايا علشان أنت راجل حمش؟ 

- لا هاخدك معايا الشغل
- مش فاهمة 
- لما نتقابل هتفهمي، سلام 

ودعته وأنهت المكالمة وبداخلها شعوراً غريباً لم تستطع أن تحدده، بينما ترك أمير فراشه ثم دلف إلى الحمام وتوضأ ليصلي فرضه، وما أن فرغ رفع كفيه لأعلى ودعا الله كثيراً... وبعد مرور عدة دقائق ترك غرفته واتجه صوب غرفة والدته ليطمئن عليها فقابلته بابتسامة ساحرة... اقترب منها وبادلها البسمة بقبلة رقيقة طبعها على ظاهر يدها ثم جلس إلى جوارها وقال بحنان

- صباح الخير يا عمري
- صباح النور يا عريس، عقبال يارب ما أصبح عليك يوم صبحيتك

رفع أحد حاجبيه باندهاش فتابعت: عارفه لسه بدري بس أعمل إيه نفسي الحق أشوف عيالك قبل ما 

قاطعها قائلاً: بعد الشو عنك يا ست الكل، ربنا يديكي الصحة 

- كلمت وعد؟ 
- كلمتها وقولتلها على العزومة
- أنا هقوم اتوضى واصلي وبعدين هتصل بسوسن وأنت أعزم الواد أمجد وهخلي سوسن تعزم حنين وحسام

شرد أمير بشدة حينما وصل أسم حسام إلى مسامعه وتذكر نظرة الحزن التي رآها داخل عينيه وكذلك الحدة المصاحبة لصوته ولكن قاطعت سلوى شروده حينما تساءلت

- مالك؟ 
- مفيش هقوم أكلم أمجد وأسيبك تصلي 

غادر إلى الحديقة وهو مازال يفكر في الحزن العميق الذي ظهر على قسمات وجه حسام ثم جلس على الأرجوحة ونفض الفكرة من رأسه حتى لا يسمح لأي شيء أن يسرق سعادته

*******

بمنزل نادين... 
تركت خيرية غرفتها واتجهت صوب غرفة ابنتها لتتحدث إليها، لكنها لم تجدها فأخذت تبحث عنها حتى وجدتها تجلس بالشرفة شاردة الذهن فجلست على المقعد المقابل لها وتساءلت

- قاعده كده ليه؟ 
- ما نمتش طول الليل 
- لا قومي نامي ساعتين علشان تقومي فايقه

نظرت نادين إليها ورفعت أحد حاجبيها باندهاش فتابعت والدتها بخبث ونظرة شيطانية

- علشان هنروح نزور بيت عمك ونبارك ونهني وكمان هرجعك شغلك
- نبارك على إيه؟! 
- على جوازة أمير علشان وقت الجد محدش يشك فينا

صمتت نادين للحظات وأخذت تفكر في كلمات والدتها ثم تركت مقعدها ودلفت إلى الغرفة وبداخلها حزن عميق لضياع أمير من بين يديها، لكنها اتجهت صوب المرآة ونظرت إلى وجهها وقالت 

- مبقاش نادين لو مخليتك تختفي عن وش الأرض يا خدامة 


*******

في الثانية عشر إلا سبع دقائق من ظهر اليوم أنهى حسام مكالمته مع سوسن بعد أن اعتذر عن ذهابه إلى العزيمة... ألقى بالهاتف على سطح مكتبه ثم وضع راسه بين كفيه وظل هكذا حتى صدع صوت رنين هاتفه من جديد فارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وأجاب قائلاً 

- كل ده نوم يا كسلانه
- أصل أنا ووعد سهرنا للصبح، هتيجي العزومة؟ 

أغمض عينيه بأسى وأجابها بثبات: لا اعتذرت لطنط سوسن، عندي شغل كتير 

- خلاص أنا كمان مش هروح و

قاطعها قائلاً بصوت دافئ: روحي يا حنين وخليكي النهارده كمان مع وعد

- أنت مش عايزني أرجع؟ 

قالتها بنبرة صوت حزينة فشعر بغصة في قلبه لكنه لم يظهر لها ذلك بل قال مازحاً 

- أنا مقدرش استغنى عنك يا عبيطة، ده أنتي بنتي مش أختي وبس
- ماشي 

قالتها بسعادة فحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونها وبعد مرور عدة دقائق أنهى المكالمة ثم حمل سلاحه وغادر غرفة مكتبه ليباشر عمله عله يتوقف عن التفكير في الجميلة التي ظفر بها شخص أخر

********

غادرت حنين الشرفة ودلفت إلى غرفة وعد، وما أن صدع صوت رنين هاتفها عادت إلى الشرفو وأجابت قائلة

- الو
- أحلى الو دي ولا إيه؟ 

ضحكت بدلال على جنونه وكادت أن تجييه بذات المشاكسة لكنها توقفت حينما استمعت إلى أحدهم يقول 

- الجثة جاهزة 

جز أمجد على أسنانه ثم أشار إلى مساعده لكي يغادر بينما مطت حنين شفتيها ولم تتفوه ولو بكلمة فتساءل

- روحتي فين؟ 
- معاك بس مش عايزه أعطلك عن الجثة و

قاطعها قائلاً: تولع الجثة المهم أسمع صوتك نقول من الأول بقى، صباح الخير 

- ده صباح مباشر من المشرحة يعني صباحك مشرط يا دكتور

قالتها ثم انفجرت ضاحكة فشعر برغبة ملحة في الفتك بها إلا أنه تمسك بهدوئه وتساءل

- هتيجي العزومة؟ 
- مش عارفه بس ممكن

قاطعها قائلاً: يبقى هتيجي سلام بقى

لم ينتظر ردها وأنهى المكالمة ثم اتجه إلى غرفة التشريح بينما أبعدت حنين الهاتف عن أذنها وابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيها ثم عادت إلى غرفة وعد لتستعد للقائه فانتقت ثوب بسيط من اللون الزهري أظهر جمالها بوضوح بينما ارتدت وعد ملابس مريحة لتتحرك براحتها

******

في الواحدة ظهراً أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد، ترجل من السيارة واستند عليها ثم تحدث إلى الجميلة خاصته وأخبرها بوجوده... لم تستطع الانتظار فتركت سوسن وحنين وهبطت الدرج لتذهب إليه، وما أن اقتربت منها خفق قلبها بسعادة فبادر برسم ابتسامة ساحرة على شفتيه... تقدم منها وأمسك يدها ليصافحها ثم فتح باب السيارة فركبت إلى جواره 

- عامله إيه؟ 

تساءل بحنان وهو ينظر إلى عينيها فتوردت وجنتيها خجلاً وكادت أن تجيبه لكنه سبقها وأردف بجدية مصطنعة

- وبعدين مع خدودك دول؟ 

تسارعت نبضاتها وازداد خجلها فابتسم على براءتها وتابع: مش معقول كل كلمة أقولها ألأقي لونهم بقى كده

لم تتفوه ولو بكلمة فقد كان شعورها بالخجل يفوق طاقتها فأدارت وجهها نحو الطرف الأخر لكنه لم يستسلم فوضع يده أسفل ذقنها وأداره إليه فتقابلت أعينهم في نظرة أصدق من الكلام تبادلا خلالها كلمات بلغة العيون فأخبرته خاصتها أن هناك مشاعر له بدأت تسكن جدار قلبها، أما عينيه أخبرتها أنه سقط أسير الغرام بنظرة، وظلا هكذا حتى قاطعهما اقتراب سوسن برفقة حنين... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى انطلق إلى الفيلا... 
بعد مرور ما يقارب نصف الساعة وصل إلى وجهته فترجلوا جميعاً من السيارة واستقبلتهم سلوى بترحاب شديد... تفاجأت حنين بعدم وجود أمجد فمطت شفتيها بضجر ثم مضت برفقة أمل ووعد إلى غرفة أمل... بعد مرور عدة دقائق شعر أمير بالحنين لرؤية طفلته الرقيقة فترك والدته وسوسن وصعد الدرج إلى غرفة أمل وطرق بابها ثم دلف إليها بعد أن سُمح له فقالت شقيقته مازحة

- أمير باشا في أوضتي، يا مرحباً يا مرحباً 

رفع أحد حاجبيه وضربها بخفة على رأسها فتابعتهم وعد بعينيها واستشعرت خفة ظله... اقترب منها حتى استقر أمامها فرفعت بصرها إليه وقبل أن تتحدث سبقها وقال 

- تعالي معايا

مد لها يده فوضعت كفها بداخله ومضت معه ثم صعدت الدرج إلى الطابق الأخير... فتح الباب ودلف إلى جناحه بعد أن أشار إليها بالدخول فدلفت وأخذت تتأمل المكان بعينيها فقد كان جناحاً كاملاً وليس فقط غرفة بل كان غرفتين نوم وحمام ومطبخ صغير بالإضافة إلى غرفة معيشة مجهزة بتلفاز ومكتبة وكذلك غرفة كبيرة لاستقبال الضيوف

- الجناح ده خاص بيا وقريب هيكون لينا إحنا الأتنين، إيه رأيك؟ 
- جميل 

قالتها ثم اتجهت صوب مكتبة كبيرة تضم مجموعة ضخمة من كتب الطب وأخذت تمرر يدها على الكتب حتى أخرجت أحدهم وتابعت بسعادة

- الكتاب ده كان نفسي أقرأه من زمان، ممكن أخده؟ 

ابتسم بسعادة وحرك رأسه بالموافقة فبادلته بالابتسامة التي أسقطته 
أسيراً في عشقها... احتضنت الكتاب كطفلة صغيرة ثم مضت معه إلى الشرفة وجلست على أحد المقاعد فجلس على المقعد المقابل لها وتحدث إليها فكانت تستمع إليه بإعجاب ولاحظ هو ذلك بوضوح فأمسك كفيها بين كفيه وتساءل 

- قوليلي حاجة نفسك فيها أو حلم نفسك تحققيه؟ 
- عايزه أتخرج بسرعة علشان أبقى الدكتورة وعد 
- طيب بمناسبة الدكتورة وعد، إيه رأيك تشتغلي معايا؟ 
- بجد؟!!! 

تساءلت بطريقة طفولية أسرة للقلوب فحرك رأسه ليؤكد لها ما سمعته فلمعت عينيها فرحاً وأجابته

- موافقة طبعاً بس هشتغل إيه؟ 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه وأجابها مازحاً: تشتغلي بدالي لو تحبي

بادلته الابتسامة بأخرى تفوق سحره فتابع: أو المساعدة بتاعتي، قولتي إيه؟ 

- موافقة 
- أنتي من امبارح بقيتي ملزمة مني وأي حاجة تحتاجيها أو تتمنيها هجبها لحد عندك 

للمرة الأولى تخلت وعد عن خجلها فنظرت مُباشرةً إلى عينيه فبادلها بنظرات عشق لم يختبرها من قبل ثم رفع كفيها إلى شفتيه واحداً تلو الأخر وطبع على ظاهر كل واحد منهم قبلة رقيقة فخجلت بشدة إلا أنها لم تظهر له ذلك وأخذت تشاكسه بكلماتها فشعر بالسعادة لاختفاء نظرة الحزن التي كان يراها دائماً داخل مقلتيها

********

بالطريق... 
كانت نادين شاردة الذهن وتفكر في أمير، لكنها عادت إلى أرض الواقع وأوقفت سيارتها على جانب الطريق حينما استمعت إلى صوت رنين هاتفها، وقبل أن تجيب المكالمة نظرت إلى والدتها وقالت

- ده هو 
- ممتاز ردي وقوليله اللي اتفقنا عليه علشان نخلص من البت دي

ضغطت زر الإيجاب وتحدثت إلى شخص مجهول لعدة دقائق وقصت عليه ما يدور برأسها فرحب بالفكرة قائلاً 

- أنا معنديش مانع، هاتيلي بس صورة ليها والعنوان وهخلي الرجالة تجيبها ونفرغها براحتنا، ده إحنا نخدمك بعينيا يا دكتورة وحقك محفوظ
- لا دي بالذات أنا اللي هشرحها بأيدي ومتتازله كمان عن أي فلوس تطلع من ببع أعضائها، المهم أخلص منها 

بعد مرور عدة دقائق أنهت المكالمة ولمعة الانتصار تظهر داخل مقلتيها فربتت والدتها على كتفها بسعادة ثم طلبت منها إكمال الطريق فانطلقت نادين بسيارتها إلى فيلا أمير لتكمل باقي الخطة 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف