10/26/18 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Friday, October 26, 2018

عناق المطر-moonlight

October 26, 2018 0
عناق المطر-moonlight

حصريات
-رواية عناق المطر-الفصل الاول- moonlight



عناق المطر


صوت المطر هو اللحن الوحيد الذي كلما عزفته الغيوم
تنصت اليه وكأنها المرة الاولى فتمطر السماء ليمطر معها الامل ،
مقتبس






المقدمة


التقيا بظروف غير عادية ، شخصأن من عالمين مختلفين  جمعهما الحب كما جمعتهما زخات المطر بإحدى ليالي الشتاء  العاصفة في أحد حقول الريف الأنجليزي ،. فكأن ذلك العناق الذي ولد بينهما تلك الشرارة.
لتكون لنا في المطر قصة حب رقيقة.







العناق الأول

للمطر  رونق خاص بداخلنا  ،
قطراته العذبة ورائحته الفواحة تشعرنا بالأمل،
وتخبرنا بأن الخير أت .
****
كانت تقف في غرفتها المظلمة وقد تملكها الحنين للعودة إلى أحضان والدتها التي ابتعدت عنها مجبرة منذ بضعة أشهر ، لا تسمع سوى صوت قطرات المطر تنهمر  وتطرق نافذتها بلطف.
ذهبت تتأملها عن قرب فتوقفت أمام النافذة لتراقب جمال المطر ، رسمت إبتسامة  نقية على ثغرها  علها تنسى همومها ولو  للحظات بسيطة ،  فعاد شعورها بالحنين إلى كل شيء خصوصا"طفولتها ،
تلك السنوات التي مضمت من عمرها.
بالتأكيد في هذه اللحظات تحن إلى القلوب التي أفتقدتها وإلى
احساس نسيته، لطالما المطر كأن مخلصها من كل ما يكدر صفو حياتها .
*****
--أنسة ايلينا ، هل أنت جاهزة؟ سألها كبير الخدم
--أجل سيدي ، لحظة من فضلك ، أجابته
-- أرجوك أنستي هيا أخرجي لقد أوى السيد إلى فراشه  منذ قليل.
فتحت باب غرفتها وقد بدا عليها الخوف كأنت ترتدي ثوباً قطنياً ناعماً وحذاء خفيفاً ، و على وشك ارتداء معطفها الواقي من المطر
وحمل حقيبة ملابسها عندما سمعا سوياً صوت ذلك المجنون الذي لا ينفك عن إيذاء العاملين لديه ينادي:
--هنري ،  هنري ،   أين أنت ، أخبر تلك الفتاة اللعينة بأني أريدها الأن بغرفة المكتب ،
-- يالهي سيد هنري كيف سأغادر الأن قالت وهي تقف خلفه
تتمسك به وترتعد من الخوف
-- لا عليك أنستي ،  لقد فتحت الباب الخلفي للقصر وتركت البوابة الحديدية مغلقة بدون القفل، أجابها كبير الخدم الذي اشفق على تردي اوضاعها لذا قرر مساعدتها لتنجو بحياتها.
--هيا أتبعيني ولا تصدري أي صوتا.
هبطا معا للطابق الاسفل وقد اختبأت خلف السيد هنري الذي عمل طيلة أربعين عاما كبيرا" للخدم لهذه العائلة التي كأنت يوما ما من أرقى العائلات في البلدة.
--ايلينا  اخرجي بسرعة ، أجْرِ قدر ما تستطيعين ، أبتعدي من هنا
لا تتوقفي لأي سبب كان، إلى أن تصلي  الطريق العام ، أنتبهي جيدا" لنفسك صغيرتي ، وأنا بدوري سأراقبه، عندما تستقرين بمكأن اتصلي بي لأطمئن ، قال ذلك وهو يغلق الباب الرئيسي بهدؤ ، كي لا يتنبه لها السيد.
اتجهت للباب الخلفي للحديقة كما أخبرها هنري واخذت تخطو
بحذر  وتزيد سرعتها بين الاشجار لتصل بوابة القصر ، واخيرا
أطلقت العنان لقدميها  لتعدو كغزال شارد بأسرع ما يمكنها
بخوف وهلع  لا تعرف وجهتها بالضبط ،  كل ما دار في عقلها هو
الهروب ، سقطت مرارا بين تلك الحقول، لكنها لم تتوقف عن العدو رغم الظلام الحالك في هذه المنطقة التي لا تعرف احدا بها.
شعرت بأن الطريق طويلة لا تنتهي رغم أنها لا تتعدى الثلاثة  أميال على ابعد تقدير ، كأن المطر يزداد جنونا، واخيرا" وصلت منهكة القوى للأرض الصلبة التي لم تكن الا الشارع العام الواصل هذه البلدة بالبلدات  المجاورة ، نظرت لنفسها وقد بدت كعصفور سقط  بدلو ماء.
توقفت لتأخذ أنفاسها بصعوبة قبل أن تنطلق مجددا" ، يكاد  قلبها أن يتوقف فلم يعد بامكأنها التنفس ، التفتت حولها علها تجد من تستنجد به ، بدا المكأن خال من  الحياة ، تملكها الرعب وزاد خزفها وقد تجمدت في مكانها ، ففي هذه المنطقة
وهذا الجو  أين ستختبئ وهي تنظر  حولها  حتى الحقول وتلك
الشجيرات الصغيرة  لن تخفيها ، لاشيء سوى مساحات شاسعة غير
مأهولة ، كأنت بضعة منازل متناثرة هنا وهناك  تبعد أميالا عن
بعضها ، تحتاج لساعة على الاقل بهذا الجو لتصلها .
نظرت لنفسها وما حل بها بسبب غباءها  فأوشكت على البكاء ، لمحت  ضوء من بعيد يقترب منها رويدا" رويدا ، أزدادت نبضات قلبها هلعا ولكنها حاولت أن تهدأ من روعها و تساءلت كيف لها أن تجد من يعينها بتلك الطريق الموحلة .
توقفت السيارة أمامها مباشرة و قد شعرت بالارتياح لرؤيتها  شخصاً أخرا" لكن  بلحظات خارت قواها ولم تعدي تشعر بشيء.
****
كان مشغولا" بالبحث عن هاتفه الخلوي الذي ارتفع صوت رنينه معلنا عن أتصال شقيقته الصغرى التي ما أنفكت عن التحدث معه منذ أن سمعت بهبوب  العاصفة التي أجتاحت المنظقة ،  وبسره كان  يلعن اللحظة التي وافق بها على مضض للحضور هذا اليوم
تحديدا".
ما أن رفع بصره لينظر أمامه حتى  بدا له أنه  لمح شيئا
يتحرك لم يكترث بادئ  الامر  بل تابع مسيره ، لكنه عندما
نظرأ بالمرآة  شعر  وكأنه رأى شبحا" يترنح، التف بسيارته عائدا"
وقد تنبه أنها  فتاة تكاد تسند جسدها المنهك، و عندما أقترب  منها نظر الي  عينيها الجادتين  اللتأن جفلتا من ضوء السيار القوي،  تفحصها من رأسها لأخمص  قدميها بدقة.
صمت مخيف ساد للحظات ، أيقظه سقوطها أرضا ، ففتح باب سيارته وهرع اليها :
--أنستي ، أنستي ،هل أنت بخير ؟ ماذا حدث لك ؟ أنت بخير؟ كيف تركت منزلك في مثل هذه الاجواء المجنونة ؟
رفعها من  كتفيها مساعدا" اياها لتقف  على قدميها
وهي ترتعش بين يديه بدت مرتعبة ومتوترة ، منهكة القوى مبللة
حتى العظم  ، أرتمت بين  ذراعيه تتشبث بهما وكأن القدر أرسله
لها !
كانت لحظات بل ثوأن معدودة حتى خارت  قواها تماما
وأوشكت على السقوط ثأنية فأحتضنها بقوة بكلتا  يديه وشدد
قبضته حول جسدها ثم حملها وادخلها سيارته بالمقعد المجاور له
وقد أحكم حزام الامأن جيدا" فغابت عن الوعي كليا".
أزداد المطر والامر أصبح لا يطاق ولا يحتمل  ، أنطلق بسيارته  فسمعها  تغمغم  بشيء لم يفهمه بدت وكأنها تهذي
--يا أنسة أستيقظي ؟  هل أنت بخير؟سألها
-- اين أنت ذاهبة في مثل هذا الطقس المجنون؟ تابع لكنها وبصوت خافت  ومرتجف اجابته:
-- أنا ، أنا ، لا ادري  سيدي ، لا يهم  اي مكان ، اوقف السيارة على جأنب الطريق والتفت اليها واجابها بجدية
-- أنستي أنا ار يد أن اوصلك حيث ترغبين ، أنت لست
من هذه المنطقة اليس كذلك ؟ هل تريدين بأن أنزلك هنا
لعل أحدهم يلتقطك وأنت غائبة عن الوعي ، او قد يهاجمك أحد الذئاب الجائعة لتكوني وجبة دسمة  له .
اجابته بضعف وهي ترتعش و أسنانها تصطك ببعضها.
-- لا ، لا ارجوك  خذني من هنا إلى اي مكأن ، ارجوك سيدي
أبعدني من هنا تابعت وقد أنخرطت بالبكاء ولم تعد تعي ماذا تقول
أو  ماذا تفعل مع هذا الغريب  في سيارته ، كل ما فكرت به
هو سبب مساعدته لها ،  لماذا؟
هل كأن مرغما كون الوقت تأخر والطقس ماطر والاجواء غاية في الجنون؟
بدأت تتذكر وهي ترتعش ذلك المنزل اللعين و سوء حظها  فمنذ ساعات الصباح الباكر بدأ المطر بالأنهمار  واستمر طيلة اليوم ينهمر بغزارة.
كل ما يهمها أنها استطاعت أن تولي هاربة من ذلك الحجيم الذي اوقعت نفسها فيه دون أن تدرك .
كيف لها أن تصدق بأن ذلك الرجل كان صديقا" لوالدها ؟
كيف أستطاع خداعها كل هذه المدة؟
استيقظت داخل السيارة على صوته عندما  أعاد سؤاله عدة مرات
ليعرف الاتجاه الذي يجب أن يسلكه ليوصلها اليه .
كانت تنظر له لتجد نفسها امام  عينين جميلتين ، جادتين ، ساحرتين لكنهما معبرتين ، بدأ خوفها يقل تدريجيا ، ولا تملك ادنى فكرة عن مكأن تقصده ، جل ما ترغب به  الأن الابتعاد قدر الامكأن عن منزله اللعين والعودة لأحضأن أمها.
--ماذا فعلت بنفسك يا ايلينا ؟ اقحمت نفسك بهذه المسألة
المعقدة  ، ياالهي  قالتها وهي تشعر بالبلل التام وقد تتلف مقعد السيارة .
ولكن  وسط هذا المطر الغزير من سيبالي ، أنها تشعر بالبرد والبلل والتعاسة ، نظرت لنفسها وما ترتدية فسخرت من نفسها فجيد أنها وجدت من يقلها و يساعدها  وحملها بسيارته .
ازداد هطول المطر غزارة وهي تنظر من نافذة السيارة وتفكر بما ستقول له ، وماذا ستفعل وهي لا تملك النقود ولا الملابس ولا
المكان الذي تقصده الأن.
--وماذا بعد  ؟
-- ها ، نعم ، أنا اسفه سيدي لم أسمعك
-- لا عليك من الأفضل أن تعطيني العنوأن الذي سأوصلك اليه قبل عودتي لمنزلي ، الم تلاحظي الاجواء الجنونية هذه
الليلة أنظري لنفسك.
فعلا كلامه صحيحاً ،  لابد أنها أصبحت الأن كالبلهاء،
تنهدت وهي ترتجف وكأن أمامها خيارأن إما أن تتجاهل
ملاحظته وإما أن تعترف بأنه لامكأن لديها كي تقصده
--   أين ستذهبين؟. هل سأمضي الليلة وأنا أسألك نفس
السؤال؟
فكرت بما يجب عليها قوله  لكنها فعلا لا تملك الاجابة، التفتت حولها  وقالت بتردد:
-- إلى محطة القطار ، أو  أي مكأن سيدي ، بالحقيقة  سيدي
أنا غريبة عن هذه المنطقة تماما ،  لا أعرف أين سأذهب ، اغرورقت عينيها بالدموع ولم تقوى على الكلام ، نظر إلها بتوجس ومتفحصاً لها ثم بادرها   مستفسرا"
-- هل كنت بزيارة أحدهم ؟
تملكها حذر شديد رغم أنه  يتصرف كرجل شهم نحوها لكنها خافت أن لم تجبه  قد يخرجها من سيارته الدافئة ومع شعورها
بالإرهاق الذي يمنعها من العودة تحت المطر، اجابته:
-- من هناك واشارت بيدها  لذلك المنزل الكبير القابع بتلك المنظقة المنعزلة ، تغطيه أشجار السرو الكبيرة  ببرود شديد
سألها مرة أخرى :
--كنت ذاهبه اليه أم هاربة منه ، أبتسم بسخرية وتابع هل أعيدك إلى هنالك سيدتي ؟
--يالهي ! لا ، لا ، لا اريد ارجوك ، أجابته وهي ترتعش  واسندت ظهرها لمقعد السيارة و أمسكت بيدها الكرسي وقد بدا عليها الهلع  ، وعندما تمالكت نفسها شعرت بعيني هذا  السيد
تتفحصانها بتمعن.
****
التزم الصمت و قاد سيارته التي تبللت تماما" مسافة ليست بالقليلة ثم أخذ يبطئ السيارة ، شعرت بالخوف والتوتر وتملكها حذرا شديدا عندما التف بسيارته  إلى اليسار ليسير بطريق مظلمة تحيط بها  على الجأنبين اشجار الصنوبر ،صمت مخيف دب الرعب بأوصالها
وجمد الدم بعروقها .
فهي لم تلحظ منزلا آخر بالجوار سوى ذلك المنزل الذي
يعلو التلة المقابلة  ، تابع المسير  وتوجه بالسيارة اليه، لاحظت لوحة  كتب عليها باللون  الذهبي
(ملاكي الجميل ) .
--إلى أين تأخذني  سيدي ؟ توقف اريد أن أنزل هنا
صرخت بخوف وهي تبكي ، وقد اخذتها الافكار ، هل من
الممكن أن  يعتدي عليها  ويرميها بين الاشجار ، او يسجنها مثلما فعلا ذلك المجنون ، أو قد يقتلها ويدفنها ولن يعرف مكانها أحد،
بصوت هادئ يتناقض مع صوتها المذعور والمرتعب  قال:
--أنستي ، أنت لا تعلمين إلى أين تريدين الذهاب صحيح؟
و أنا لست في مزاج مناسب لمجادلتك او  لفك الالغاز الخاصة بك ، اعتقد بأنك تلاحظين العاصفة المجنونة والامطار
التي تكاد  تغرقنا، سنتوقف هنا ونحتمي من الامطار بمنزل العائلة   أبتسم وهو يراها تقترب من باب السيارة وتلتصق به خوفا مما قد
يحدث لها ، فقالت بدهشه وغير مصدقه مما تسمعه ،
--هل هذا منزلك ؟ هل تقيم هنا  وحدك ؟
--يبدو أنك لم تسمعي ما قلته أنه منزل العائلة، أنا  أعيش في
المدينة  أنستي ، أنه منزل جدي وتقيم به جدتي لوحدها ولكنها أنتقلت للمدينة لمتابعة علاجها وليطمئن قلبك يوجد حارس يدعي لورنس بالمنزل يقيم  بالملحق  التابع للمنزل مع زوجته السيدة بيث وكما ترين مع هذا الجو الماطر لابد أن نتوقف هنا ، وقبل أن تسنح لها فرصة الرد كان  قد اوقف محرك سيارته واشار بيده لها لتلحق به للداخل ، لكنها لم تتحرك ، فتح الباب وترجل تاركا أياها تتخبط بأفكارها المجنونة .
قبل أن يدخل المنزل التقى السيد لورنس الذي كأن يهرع للحظيرة بعد أنهيار سقفها من شدة المطر، فنظر اليها وعاد ليقف
أمامها واشار لها لفتح الباب وقال
--علي القيام ببعض الأعمال و قد تستغرق بعض الوقت ، أما فيما يخصك أنستي فلديك الخيار فإما أن تبقي في السيارة وتصابي بذات الرئة، لتموتين و إما أن تدخلي المنزل وبينما تنتظريني تحصلين على كوب من الشاي الساخن من يد السيدة بيث  لتشعري بالدفئ .
تركها ودخل المنزل  فيما هي اخذت تفكر  وهي تحدق به كيف له أن  يخاطبها بهذه الطريقة ، نظرت لثوبها  الذي التصق بجسدها قد تمزق من أمكنة متعددة و بدا كخرقة بالية  ؟
نظرت حولها فوجدت الظلام داهم المكان ولا يوجد  أية
أثار  لبشر ، أخافها الوضع كثيرا" فكرت بأمور لم يجدر
التفكير بها ، فلحقت به وعند الباب قالت
-- سيدي ، هل تعدني ،. ؟
صمتت بسرعة بالتأكيد لم يجدر بها طرح هذا السؤال
بادلها التحديق وهو ينظر إلى مظهرها الرث ثم قال باختصار  .
-- هيا أدخلي ،ولا تقلقي بالتأكيد لن أنظر لفتاة مثلك، رغم
شعورها بالاهأنة الا أن رده اراحها نوعا ما.
أشار لها لتلحق به وقد سبقها ليدخل من البوابة الرئيسية متجها للحظيرة مباشرة  وقد أشار بيده للباب الداخلي.
ترجلت ايلينا  من السيارة ثم أخذت تسير بحذر بين الاشجار المقصوصة على الارض كأنت الممرات الخلفية المؤدية لباب القصر مظلمة وقد توزعت في أنحائها  الالواح الخشبية ،تعثرت بأحداها فكادت أن تقع  .
الجو كئيباً  جدا ومخيف و  المصباح الكهربائي غير مضاء ، لحق بها بعد أن تأكد بأن كل شيء على ما يرام  وتقدم منها بهدوء ، أخذ أبريق الشاي ووضعه على النار وسط مخاوفها تلك
بقيت واقفة حيث هي بالقرب من الباب، اخذت تجول بعينيها على المكان وقد لفت أنتباها  المطبخ و مساحته وتنظيمه وأحتواءه
على كامل التجهيزات الحديثة،
--السيدة بيث متعبه لن تستطيع تقديم الشاي لك ، قال
ذلك دون النظر اليها.
-- لدى زوجتك ذوقا رفيعا" ،بالتأكيد قامت بمجهود
كبير لتجهيز مطبخ بهذا الحجم.
لم يجيبها  ولم ينظر اليها بل وضع كوبين من الشاي  أمامها  وأخذ
يبحث عن علبة البسكويت التي تخبئها جدته بأحد الادراج .
بدأت تشعر بالارتياح والطمأنينة من هذا الغريب  الشهم، لقد اثقلتها الهموم والتعب لكن عينيها لم تغفلأن عن مراقبته وهو يعد الشاي لكليهما، يبدو محترف فعلا بما يقوم به.
-- أنستي بما أنك لا تستطيعين الاستمرار بارتداء  ثوبك طوال الوقت ما رأيك أن  اقدم لك شيئا ترتدينه، نظر لها يتفحص قامتها وجسدها وقال:
--  أعتقد بأن مقاسك يقترب من مقاس شقيقتي  ، قبل
أن تجيبه  ونظرا"  للهجته الحازمة جعلها تبتعدت عن طريقه وهو
يخرج من المطبخ  .
عاد وهو يحمل  سروالين أحدها من الجينز  والاخر من الكتأن
وقميصا" أبيضا وحذاء"رياضيا" وجوربين قصيرين  ومنشفتين  وهي لاتزال تقف مكأنها تابع حديثه معها قائلا":
-- تفضلي  بدلي ملابسك ريثما أعود واشار لغرفة مجاورة
لمدخل المنزل .
دخلت الغرفة التي اشار اليها وأغلقت الباب خلفها بالقفل، بدأت بتجفيف شعرها  دون أن تهتم لمظهرها ، ارتدت  الملابس التي أحضرها لها ،  ثنت كمي القميص وكأن  سروال الجينز مناسبا لها بل بدت فاتنة به ، لفت شعرها بالمنشفة  وعادت للمطبخ وقد بدا شعورها بالتحسن ، لم  تجده هناك فأخذت تبحث
وتفتح  خزائن المطبخ ،  كل شيء منظم بشكل رائع  فناجين الشاي  والقهوة ، الاطباق حسب حجمها ، تذكرت منزلها  ووالدتها
وحرصها الشديد على ترتيب مطبخها فيما مضى .
حملت فنجاني الشاي إلى المائدة التي وضعت بالصالة ، كأن يقف
بأنتظارها فقدم لها كرسيا ، سألها وهو يطيل النظر اليها
-- كيف اصبحت الأن؟هل تشعرين بتحسن ؟
فأجابته وقد شعرت بالهدوء بعد أن جلست
-- اشعر بالدفئ والجفاف الأن  شكرا سيدي لمساعدتك  كلمة شكرا لا تفيك حقك .
--هل لي أن اعرف اسمك؟ تابع وليشجعها على ذكر
اسمها قال  الكسندر أندرسون يمكنك مناداتي اليكس فقط.
-- ايلينا روبرت، ساد الصمت الغرفة لفترة ، فعاد لسؤالها وهو ينهي فنجأنه ويضعه على المائدة
-- هيا أخبريني أنسة ايلينا ، ماذا حدث معك؟ ولم وليت هاربة بمثل هذه الاجواء؟
--لا شيء، بسرعة أجابته وهي تحدق به ،ماذا سأخبرك؟
تألقت عيناها العميقتأن فيما عاد اللون إلى بشرتها الجميلة اخذت  نفساً مرتجفاً وهي تدرك أنها مدينة لهذا الرجل ،  لم
يكن مضطراً لأن يقف وينتشلها من ذلك الوضع ، ولا مرغماً على مدها بملابس جافة ، أنها تعترف بأن شهامة السيد أندرسون اشعرتها بالدفء واعادت إليها الثقة بالطبيعة البشرية ، وبتردد  سألته:
--ما ، ماذا تريد أن تعلم سيدي؟ هز كتفيه غير مبال لكنه
أجابها:
--أنت شابة غير مكترثة ، ولا يهمك اين تذهبين أو مع من ، عدا
عن خوفك ورعبك  الواضح من العودة من حيث جئت، ربما  يجدر
بك أن تخبريني عما حدث لك هناك فجعلك تخافين  إلى هذا الحد؟
ترددت بأخباره  شيئا"خاصا" بها وبهذه السرعة وهي لم تلتقي
الا منذ بعض الوقت ، فسألته
-- ولم يهمك معرفة ذلك ؟ هل أنت محقق مثلا ؟ فهز رأسه وأجابها
--بالتأكيد لا  ، أنا أدير مكتبا" للشؤون المالية والاقتصادية
وتدقيق الحسابات  منذ بضعة سنوات.
توقعت من خلال النظر إليه أنه لا بد وأن يكون رجل أعمال او
يمتلك ثروة ضخمة ، ناهيك عن شكله الراقي ووسامته ،  فأعاد صياغة السؤال.
-- أنت لست من هذه المنطقة أذا" ما هو سبب زيارتك
لذلك المنزل؟ استمرت بعنادها لكنه كأن أعند منها إذا قال بإلحاح:
-- ذلك المنزل شبيه بهذا المكأن أنه معزول ، وللوصول إليه يجب أن يكون هناك مواصلات خاصة  بدأت تشعر بالاستياء من فضوله
الكبير فما هو السبيل لأسكاته وتوقفه عن اثارة حنقها  وما له بها  ولماذا ستخبره ؟
--ما الذي أخافك يا ايلينا وجعلك تهربين من دون أن تجدي وقتاً لتأخذي مفاتيح سيارتك؟ او حتى حقيبة ملابسك ، أنفجرت وهي ترد .
-- ببساطة   سيد اليكس أنا لا أملك سيارة لأخذ مفاتيحها ،
رغم عصبيتها بالاجابة الا أنه ابتسم  لأنه جعلها تتكلم.
-- أذا وكيف ذهبت إلى هناك ؟
هذا كثير ، متى سيتوقف هذا السيد عن طرح  الاسئلة وكأنه يستجوبها أو يحقق معها.
-- قدمت بنفسي لأعمل لدى السيد عندما وصلت المحطة وجدت المدعو فيليب ماديسون  ينتظرني ليقلني للمنزل .
صمت قليلا ، ثم فجأة وقد تبدلت ملامحه سألها:
-- هل تعني بأنك اقمتي هناك ؟ مع فيليب ؟ وفي ذلك
المكان اللعين  ؟ تابع تهكمه وقال بأستفزاز
-- هل  أنت عشيقته ؟
صاحت ونهضت عن الكرسي وهي ترتعتش والشرر يكاد يتطاير من عينيها وتقول
--لا ، لست كذلك ، وما كنت كذلك ابدا ، أياك أن تعيد ما قلته يا سيد ،
اغضبتها هذه الصفة لكنها تابعت
--تركته وتركت العمل لديه لأنني رفضت الإرتباط او الزواج به حبسني بغرفتي لثلاثة اشهر ،كي يضغط علي ولكني تعاركت معه اليوم .
بدأت ترتجف  اكثر من ذي قبل رغم ذلك تابعت  قائلة
--أشفق علي مساعده والرجل الذي يدير أمور منزله
فساعدني على الهرب ، فها أنا ذا هنا أقف أمامك ،
وقف  اليكس فورا واقترب منها لكنها لم تريد اي نوع من
المواساة لا منه ولا من اي رجل اخر تراجعت للخلف بسرعة ،  سألها وكأن صوته هادئا مواسيا لها ، وقد تقدم أكثر ليصبح أمامها تماما"
-- هل ضربك أوأعتدى عليك  ؟
أجابته وقد هدأ  صوتها
--لا ، لم يضربني ،  على الرغم من  أنه أصابني ببعض الرضوض في جسدي بسبب  خشونته بعد أن تعاركت معه ،  في الحقيقة حاولت الهرب منه بل ببعض الاوقات
حاولت قتل نفسي قبل أن يلمسني ، لقد كان سكيرا ،
عنيفا ، متملكا ، يعتقد بأن  خداعه لي و أمواله قد تجعلني
أخضع له ولنزواته ورغباته القذرة،
-- هل استطعت التحرر والتخلص منه قبل أن ،؟
فقالت بهمس وخجل ،.
--  نعم ،. نعم ،. وضعت كفيها على وجهها مخفية اياه ، وقد شعرت بإعياء لمجرد تذكرها ما حدث ، ثم أدركت أنها تخبر رجلا غريبا عنها وقد بدا وجهها شاحبا وأنتبهت له  عندما قال لها وهو يمسك كتفيها كي يهدأ من روعها
--  اعتقد أنه من الافضل أن تجلسي يا ايلينا ، أنا أعدك
بأن لن  أؤذيك ،
لا بأس بالجلوس في ظل هذا الوضع  ، تحلت بالشجاعة  وقالت وبحزم
--أفضل الا أتحدث عن هذا الامر سيدي. لكن اليكسندر  عاد لمقعده ونظر لها مليا" ثم قال ،
-- ومن الافضل أن تقولي كل ما لديك لترتاحي أنستي
فردت بحده  ،
--لا اعتقد بأن هذا من شأنك ، ألا تعتقد بأنك فضولي سيد اليكس؟
-- بل هو شأني ، وهذا ليس فضول ، اجابها بشكل حاد ،
و بجديه وحزم تابع قائلا:
-- اما أن  تخبريني بكل شيء يا ايلينا ، واما أنني سأضطر إلى أخذك إلى مخفر الشرطة لتقدمي شكوى  حبس
ومحاولة  اغتصاب ضد ذلك  المدعو فيليب ماديسون .
-- بالطبع لن اقوم بمثل هذا العمل ولن افعل شيئا .
قاطعته وهي تكمل حديثها ،  صحيح أن فيليب
يستحق أن يتهم بكل ذلك، إلا أن هناك اعتبارات أخرى يجب التفكير فيه ، كأنت تعلم أن بحثها المستمر عن صديق والدها وقبولها العمل لدي شخص لا تعرف عنه شيئا دون معرفة والدتها لن
يجعلها بريئة أمام المجتمع و تهمة محاولة الاغتصاب
وما يصحبها من تشهير ستسبب لأمها قلقاً خطيرا"
فأمها قد بدأت بالتعافي الأن و تشعر بالسعادة بعد سنوات طويلة من الالم والمعأناة  ولن تفسد عليها ذلك ، حملقت به واستغربت  من عناده ، فبادلها النظرات وهو يقول ،
-- الخيار لك ، ولكن يجب أن تعلمي بأنك لم تكوني
الاولى التي يحاول فيليب ماديسون الاعتدا عليها  اوالزواج  بها رغما عنها ، بقيت  تحملق فيه بذهول لكن ذلك لم يؤثر فيه
فثار غضبها و حولت نظراتها عنه إلى النافذة وتملكها اليأس فقد
كان المطر  ينهمر بغزارة، فقالت بعد أن أستوعبت ما تفوه به منذ لحظات .
-- لقد  كنت اعمل لديه ،
-- فيليب ؟ تعملين لديه ،بماذا ؟ سألها مستغربا،.
-- كان قد وضع إعلأناً يطلب فيه سيكرتيرة له ومساعدة لوالدته
المقعدة عندما يحضرها من بيت المسنين لقضاء بعض الوقت
معه ، بشرط أن تقبل بالمبيت كونه لا يتواجد كثيرا بالمنزل لكثرة سفراته خارج البلاد ، وأنا كنت بحاجة إلى مكان اسكنه ، ووظيفة تعينني بحياتي  وهكذا تقدمت.
بالطبع هي تعلم بأنها لم تذكر الحقيقة كاملة  ليس من شأنه معرفة كل ما يخصها
-- هل أتصل بكأم أجابك خطيا"؟ بفضوله المعتاد
سألها :
-- لا لقد أتصل هاتفيا ، هو يمتلك سلسله من متاجر الالبسة
في اوروبا  وقد اخبرني أنه نادراً ما يأتي إلى بيته هنا،  فسألها
اليكس:
--وبكل بساطة  ودون أن تتأكدي أو تسألي عنه وافقتي على العمل لديه والسكن معه  ؟
فأنفجرت به بعد أن ضاقت ذرعا بتهكمه وأستهزاءه بها وأجابته قائلة:
-- أولا: أنا لدي أسبابي لقبول العمل لدية سيد اليكس ،
ثانيا : أخبرني أنه بحاجة أن ابدأ عملي على الفور ، هذا
الامر  بدا مناسبا" لي  ، كما اخبرني بأنه يعيش مع  زوجته وبعض الاوقات مع والدته المسنة التي تعاني من الشيخوخة  ، فقاطعها وهو يسألها هل قابلتي زوجته او والدته ؟
-- لا ،ردت بسرعة وتابعت  كانت زوجته خارج البلاد فهي تعمل معه وتتابع اعماله بأيطاليا ، وأنا لم أعرف بذلك الا بعد
وصولي، لكن الأمر لم يزعجني ، فقد كان فيليب يعمل كثيرا ونادرا ما يتواجد بالمنزل  ،في الواقع نادراً ما كنت أراه حتى الشهر الماضي عندما عاد وهو على غير طبيعته  ،سألها ،
-- ووالدته هل قابلتيها ايلينا ،
اعتبرت هذا تدخلاً فردت عليه بحدة :
-- ولما تسألني هذه الاسئله ؟ هل تعرفه من قبل ؟
وإلى أين تريد أن تصل سيدي ؟ وماذا تعرف أنت عني والظروف التي دفعتني للعمل بمكأن بعيدا عن عائلتي ، هل تعتقد لأنك
ساعدتني هذه الليله ، وقبل أن تكمل رد عليها بحدة
-- لأنك غبية وقد تعيدي هذا التصرف بأي وقت ولأن
هذا الرجل ليس سيدا محترما ، فقد أجيبيني لماذا ؟
-- ماذا تريدني أن أفعل  ؟ توفي والدي منذ سنوات ، وعانيت بما
فيه الكفاية ولقد تزوجت أمي بعد أن تعافت من الصدمات المتلاحقة لها ، لقد عانت سنوات من فقدانها لوالدي ودخولها مشفى للامراض النفسيه جعلنا نخسر كل ثروتنا ، هل تعتقد أنه من المناسب أن أنتقل للعيش معها  في  بيتها.
أخذت نفسا عميقا وهي تحاول جاهدة كبت جماح غضبها  واعصابها
كي لا تفلت منها كلمة أخرى تفضح  اسباب عملها لدى فيليب ،
وتابعت حديثها
-- علمت فيما بعد أنه كذب علي وعندما حاولت ترك
العمل  أبقأني حبيسة ذلك المنزل ومنعني من الاتصال بأي أحد ، لكن السيد هنري كان طيبا معي وهيئ لي طريقة الهروب هذه
الليله لأنه لاحظ أنه لم يعد يسيطر على أنفعالاته ورغباته ،
كنت مضطره للبقاء لأحصل على راتبي كي أعود  لأمي  .
--هل أنت مفلسة أيلينا؟
سألها بهدوء لكنها استشاطت غيظاً ، يكفيها اضطرارها إلى الحديث عما حدث لها
-- لا يعنيك الامر سيدي أجابته بفظاظة
--لمَ لم تطلبي أجرك منه طالما هو سيد غني ورجل أعمال كما قلت.
--بدا لي ذلك مهينا"،  ففكرت في أن أنتظر لنهاية الشهر لكنه كأن يماطل ويطلب مني الأنتظار قليلا ، لقد كنت اشعر بالحرج من
تكرار السؤال ، لكنه بالامس تصرف بوقاحة ولو وجود السيد هنري لكان ,,

صمتت وهي تشعر بالغضب من كل ما جرى لها ، نظرت له
بحزن  وتابعت والأن هل اكتفيت سيدي؟
****