12/18/18 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, December 18, 2018

عناق المطر/moonlight

December 18, 2018 0
عناق المطر/moonlight




العناق السادس

رغم المسافة التي بيننا ، ما اقربك ،
اريد ان ابدا صباحي بك واخط اسمك على جبين المطر،
اريد ان اصنع قهوتي وارتشف منها دفء انفاسك،

****
نظرت أيلينا لمن حولها وكانها ذاهلة , حتى انه لم يبدو عليها الدهشة، اخذت تهمهم بشيء غير مفهوم لكن ما لفت نظر فيكي شحوب وجهها وصعوبة تنفسها فاقتربت منها
-- أيلينا هل أنت بخير سالتها وهي ترفع وجهها ، فاغمضت
عينيها أيلينا وبدات دموعها بالتساقط .
نهضت من مكانها مغادرة المكتب بصمت رهيب ، فلحقت بها فيكي وقد حملت حقيبتها وخرجت وراءها للشارع المؤدي لذلك المقهى القديم المقابل لمكتب المحاماة،
دخلت الفتاتين وجلسن مقابل بعضهن البعض وكل منهن تفكر بما سمعته وما عرفته للتو .
لقد زعزت المفاجاة كيان أيلينا ، كيف للقدر ان يلعب لعبته
لقاءها باليكس هل كان مقدر؟
كأنت عيناها ترسلان نظرات عميقة لفيكي التي لاحظت
ارتباكها واضطرابها ، بدت هي الاخرى تفكر بما يجول براس
أيلينا ، كم تحتاج كلاهما لوجوده الان ، هو الوحيد الذي قد يوضح لفيكي ما عناه ، واصراره على اخذها للمكتب للقاء العم ديفيد.
فجاة وجهت سؤالها  أيلينا  لفيكي التي كأنت تضع يدها على خدها بينما تتامل تساقط الامطار وتلك الزخات الخفيفة تطرق النافذة امامها
--  هل صحيح ما سمعته؟ هل كنت تعلمين ذلك؟
-- لا ، صدقيني لم اكن اعلم بشيء الا الان ، انا مصدومة تماما مثلك أيلينا ، اكاد لا اصدق ما قاله الاستاذ ديفيد.
التزمت كلا الفتاتين الصمت ، وبعد تناول فنجانين من القهوة
غادرتا المقهى عائدتين للمنزل.
****
لازمت غرفتها أيلينا بقية اليوم حتى انها لم تتناول الطعام ،
لم تعلم كم من الوقت امضته وحيدة ، ولكن طرقات الباب أيقظتها من الاحلام التي عاشتها  وعندما فتحت الباب وجدت فيكي تحمل صينية طعام.
-- تقول لك جدتي تناول الطعام  والا غضبت منك، قالت ذلك وهي تحاول رسم ابتسامة مصطنعة ، تناولت الصينية وابتعدت كي تفسح لها المجال لتدخل.
نظرت كلاهما لبعضهن البعض فانفجرتا بالضحك وكان ما جرى لم يكن سوى فيلما سينمائيا شاهدتاه سويا".
-- الى الان لا اصدق فعلا ما سمعته قالت فيكي وتابعت ولكني اتصلت منذ قليل بالاستاذ ديفيد الذي اكد لي الموضوع ، بل انه طلب رؤيتك مجددا ، فلدية امانة يود اعطاءها لك واردفت قائلة:
-- صحيح اليكس سيعود مساء السبت ، لقد اتصل بجدتي قبل
عودتنا وهو يرسل لك تحياته.
ابتسمت أيلينا بحزن واجابتها:
-- هذا جيد يجب ان اتحدث معه ، كما يجب ان استعد
للرحيل بسرعة  حدثت نفسها .
ودعتها أيلينا بعد ان اعادت الطعام لعدم رغبتها به في هذه الاثناء  واندست بفراشها محاولة النوم  ، بعد جهد مضني غفت
لكن تلك الكوابيس اللعينة عادت اليها اكثر من مرة خلال هذه الليلة .
****
بينما كأنت تقف امام المكتبة الضخمة التي احتوت اعدادً هائلة من الكتب والمجلدات القديمة سمعت صوتا جمد الدم في عروقها ، عندما اوشكت على الالتفاف لترى من هو !!
هي واثقة من ذلك ، انه هو ، انه المنحرف فيليب.
-- حسنا، حسنا ، أيلينا ، هذه أنت واخيرا وجدتك؟
استيقظت مذعورة وهي تتصبب عرقا " قلبها يخفق بسرعة لا متناهية ، كم تمنت ان يكون اليكس هنا.
نهضت من فراشها بحثا عن كوب ماء وعندما لم تجد بغرفتها استدارت وعادت مسرعة لسريرها واستلقت ثانية وهي قلقة ودعت الله ان يخلصها من هذه الكوابيس التي تفتك باعصابها .
****
وقفت امام نافدتها  بعد ان جافها النوم تراقب النجوم علها تحظى ببعض الهدوء ، فارتات ان تعد لنفسها فنجانا من القهوة ريثما يستيقظ اهل المنزل ، كأنت الساعة تشير للسادسة صباحا عندما  تخيلت انها سمعت ذلك الصوت المريح الذي يخرجها من دوامة التفكير والرعب الذي عاشته وتعيشه باستمرار.
انه اليكس ،  لا بد انه جاء اليوم بدلا من الغد ،.
خوفا من ان يظهر الانفعال في عينيها ووجهها بقيت تنظر حيث
تقف ، تمالكت مشاعرها عندما سمعت الصوت يقترب اكثر منها.
-- صباح الخير يا حلوة ، قال ذلك وقد وقف خلفها مباشرة .
في هذه الاثناء كأنت أيلينا على وشك البكاء فرحا لقدومه مبكرا  ، ورغم انها كأنت ترتجف الا انها تمالكت نفسها وردت بصوت هادئ.
-- صباح الخير سيد اليكس لم اتوقع قدومك اليوم،.
عادت ترتجف من جديد وهي ترى ان اليكس لم يبتعد بل ادار وجهها له وهو يمنحها تلك الابتسامة التي تربكها وتجعلها تتوتر اكثر ، و كما اعتادت منه مد يده ليحرر شعرها من رباطه المطاطي.
-- هكذا افضل ، قال ذلك وهو يتكئ على الحائط ويتناول فنجان قهوتها عن الحاجز الرخامي ليرتشف قليلا منه ثم يضعه جانبا وبدون مقدمات احتضنها قائلا":
-- اشتقت لك أيلينا
شعرت بارتباك ، بخوف ، بغضب  لا تدري بالضبط بماذا
شعرت ، لكنها تمالكت نفسها  وخلصت نفسها من عناقه وسارت مبتعدة نحو الباب .
وفي الغرفة كان شعورها مضطرب لم تحس هكذا من قبل تملكتها رغبة قوية في البكاء ، امضت بعض الوقت تفكر بكل ماذا ستفعل بعد الان؟
اخرجت ثوبا" قطنيا" رمادي اللون يتخلله شريط يحيط بخصرها قاني اللون وقبل ان تنوي تبديل ملابسها  فتح الباب ودخل منه،
-- أيلينا هل تثقي بي؟ هل تشعري بالامان معي ؟
سؤاله ليس مفاجئ لها ، اقتربت منه لتقف امامه مباشرة
لقد اصبحت تثق به نوعا ما ، نظرت الى عينيه العسليتين، فتبادلا النظرات ، اذ بابتسامة ساحرة ارتسمت على وجهه  فشعرت بالعجز، قال متوسلا بدعابة وهو يمرر يده على شعرها الاسود الذي يحبه:
-- ارجو الا تفقدي ثقتك بي يوما ، والا تكرهيني، والاهم الا ترحلي ، والا ترفعي شعرك ثانية.
ارادت ان تبادله الابتسام ، والرد عليه لكنها ادركت حينها انها لا تريد شيئا الان سوى ان تبقى معه.
-- انا لست شخصا جيدا صحيح!!  ابتسمت بخجل ونعومة
فبادلها ابتسامتها وليكسب مودتها مرة اخر قال
--ما من شخص كامل أيلينا ، نظر اليها وتابع سأنتظرك
لتناول الافطار معا".
غسلت أيلينا وجهها ووضعت زينة خفيفة عليه سرحت شعرها الاسود ،وارتدت ملابسها  وهي تعلم ان  اليكس لم يكن يفوته شيء ولم تشا ان يظن انها غيرت ملابسها لاجله . عند وصولها للاسفل ، لم تجده ، بل كأنت الجدة وفيكي بأنتظارها ، ما ان القت تحية الصباح وجلست بالقرب من فيكي حتى سمعت وقع خطى اليكس .
نظر اليها اليكس لحظات بصمت وهو يتخذ من المقعد المقابل لها مكانا له ، ثم قال بهدوء:
-- اتعلمين، يا أيلينا؟ اظنني كنت الرابح عندما طلبت منك الاقامة هنا .
الى حد ما لم تعرف ما تجيب ، ارادت ان تقول شيئا ظريفا لكنها لم تجد شيئا سوى الخجل ، بلعت ريقها بصعوبة، لتقول
اتظن ان كلاما كهذا سيعفيك من الاجابة على تساؤلاتي بعد الافطار ؟
ومره اخرى تملكها شعور بالخجل وهو ينظر اليها قائلا"
--انا مستعد للاجابة منذ الان لو اردت.
غيرت وضعها ، وتابعت تناول طعامها وهي تتساءل يا ربي، مالذي
حدث معي هي تشعر بان اهتمامها به طغى على اهتمامها بأي
رجل اخر حتى وليم ،  رفعت بصرها لاليكس فوجدته يرمقها بنظراته الثاقبة تلك ، وسالها
-- هل يمكنك ان توافيني الى المكتب ؟
نهض اولا وعندما وصل حيث تجلس توقف خلفها وتابع
-- ساكون شاكرا لك لو احضرتي فنجان قهوة اخر انسة أيلينا.
دخلت المطبخ لتسكب القهوة لكليهما ،تملكها شعور بعدم
الارتياح لانها لا تعلم ماذا سيقول او هل كان يعلم بما قاله المحامي.
دخلت للمكتب مباشرة فقد ترك الباب مفتوحا" ، وقفت ترقبه وهو يقف امام نافذة المكتب المطلة على  الحديقة الخلفية للمنزل، يضع يديه بجيب سرواله ، كم هو جذاب بجسده الممشوق رغم نحافته لكنه يمتلك جسدا متناسقا جدا ،  بدا وكانه يفكر بعمق حتى انه لم يتنبه لدخولها ،
مرت لحظات قبل ان تتدارك الموقف وتتقدم لتصل قرب
المكتب وضعت القهوة وحملت فنجانا" واحدا" لتقدمه له
-- تفضل سيد اليكس قالت وهي تمد يدها.
بقي صامتا لم يحول عينيه عنها ، نظر اليها نظرات لم تفهم
معناها ، ابتسمت بخجل شديد ، لاحظ ارتعاش يديها ، فتناول
فنجان القهوة ووضعه جانبا ثم امسك كفيها بين راحة يديه وكانه يبثها الامان الذي وعدها به، يمنحها الطاقة التي تحتاجها لتواجه هذا الموقف الغريب، يعطيها بعضا من مشاعره التي فاضت وعاد مسرعا" كي يبقى بجانبها .
التقطت انفاسها وتمالكت اعصابها وهي ترفع وجهها لتواجه
عينية العسليتين التي احبتهما منذ اللحظة الاولى ، فبادرها قائلا":
-- الا زلت واثقة بي عزيزتي؟
نظراتها المشعة رغم حزنها واضطرابها وازدياد خفقات قلبها جعلته يقف امامها مضطربا هو الاخر ، كيف سينقل اليها تبريراته، وهل ستتقبل اسباب اخفاءه معرفة  الحقيقة؟
-- بالطبع اثق بك سيد اليكس  والا لم تكن لتجدني اقف
امامك الان قالت وهي تبتعد بسرعة باتجاه المكتب وتتناول
قهوتها ، اشار اليها لتجلس امامه وتابع:
هيا أيلينا اسالي ، ماذا تودي ان تعرفي ؟
ابتسمت وهي ترتشف قهوتها رغم محاولتها عدم النظر اليه  بالتاكيد هو يشعر بما يعتريها ويستطيع فهم كل ما يدور
داخل عقلها المتعب من التفكير.
بادرها بقوله:
-- اخبرك السيد ديفيد بان والدينا كانا اصدقاء وزملاء دراسة وشركاء بنفس الوقت.
همت بالكلام لكنه اشار بيده ان تنتظر ليتابع حديثه
-- عندما التقيتك أيلينا لم اكن اعلم من أنت ، ولا ادري ما الدافع الذي جعلني اساعدك تلك الليلة ، راودني ذلك
الشعور الذي اجبرني على الاتفاف لانقاذك ، كان لدي احساس غريب اجبرني على الاعتناء بك وحمأيتك حتى من نفسي،  و بعدما اخبرتني من أنت ومن هو والدك، دهشت فعلا ،
فكيف للقدر ان تكون له اليد العليا بادارة حياتنا،
كنت قد سمعت عن والدك واسمه ورد باكثر من جلسة جمعتني بالسيد ديفيد عندما فض وصية والدي التي تضمنت نصيبه من مكتب المحاماة الذي شاركه اعز اصدقاءه به وهم السيد ديفيد ووالدك.
اتصلت تلك الليلة بالسيد ديفيد لكنه لم يجيبني ، فغادرت صباحا لمقابلته وعندما ذكرت له اسمك لم يصدق  ، اوشك على مرافقتي ليتاكد بنفسه ، ولكن ما حدث معك لم يكن ليسهل مهمتنا ، بعد تفكير توصلت لفكرة عملك مؤقتا معي ، ومن ثم دعوتك للمدينه لتقابلي السيد ديفيد
وان كنت من يبحث عنها سيقوم بتسليمك ميراثك  .
لم تتفوه بكلمة أيلينا بقيت تنظر له وهو يتحدث ويحاول شرح كل ما قام به انه كان لمصلحتها ، كأنت  مقتنعة بقرارة نفسها  لولا شهامته وحسن تفكيره لضاعت ولامضت ما تبقى من الحياة تسعى وراء لقمة العيش.
-- انا اسف عزيزتي اردف وهو ينهض ويمد يده لها كي يساعدها هي الاخرى بالنهوض ومغادرة المكتب ، بهدف الذهاب لمقابلة المحامي لكنها ارتات التمهل وتاجيل اللقاء ليوم اخر .
لم يكن السبب انها لا تثق به كما حدثت نفسها حين جلست
في غرفتها لتحلل مشاعرها، هي منسجمة معه ، لكنها عديمة الثقة بنفسها، ومن ناحية اخرى هي تثق به، تعرف ذلك في قرارة نفسها ، لقد ادركت بعد ذلك بساعتين، عندما استلقت لتنام، ان ثقتها بالكساندر ثابته.
وجدت اخيرا  سببا يدعوها الى النهوض من سريرها لتذهب اليه سارت نحو الردهة التي تصل لغرفته وجدته امامها ، كان يقف في بدأية الردهة  ادركت ان عليها ان تعود ادراجها ، لكنها لم تستطع عوضا عن ذلك وجدت نفسها تتقدم باتجاهه عندما اقتربت منه سارعت الخطى وهي تتنفس بعمق ،
تشعر بالتوتر والاضطراب فارتمت بين ذراعيه وهي تقول
-- عانقني اليكس ، من فضلك عانقني
احتضنها بقوة ، بقيا لفترة دون كلام وعندما حاولت الابتعاد عنه وجدت عيناه في عينيها ، اخفض نظراته الى فمها ، ثم عاد ليتمعن بوجهها ، وبتمهل عانقها مجددا بكل حنان ورقة ، شعرت بدفء عناقه واحضانه فانحبست انفاسها، ادركت ان هذا العناق الرقيق سرها للغأية ، تمنت الا ينتهي ابدا".
******