02/26/19 - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, February 26, 2019

طريقي بقربك/مني سليمان

February 26, 2019 0
طريقي بقربك/مني سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان

* اعتراف *

أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً 

- أبقى خد بالك يا أخ

تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة

- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج

توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود

- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!

شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها

- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه 

نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع 

- همجي
*******

كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة 

- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟ 
- لا هنزل هنا شكراً 

ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة

- قاعد لوحدك ليه؟ 

التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل

- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟! 

تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟ 

- ممكن أي عصير فريش

أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل

- بتهربي مني ليه؟ 
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه

قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً 

- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى 
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت

ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً 

- أنتي لسه زعلانة؟ 

حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه

- أصل أنا يعني يعني يعني يعني

قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟ 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت

- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي

كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل

- خلصتي؟ 

حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن الصمت لم يدوم فقد قطعه أمجد حينما هتف بصوت دافئ غلفه الحنان 

- أولاً كل كلمة قولتيها دلوقتي تخليني أحترمك جداً، ثانياً أنا كمان مستحيل أعرفك من ورا أخوكي علشان كده هطلب أيدك منه ووقتها نقدر نتعرف على بعض أكتر، قولتي إيه؟ 

جحظت عينيها بعدم تصديق ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم الصرخة التي كانت على وشك الانطلاق من بين شفتيها فأسر ابتسامته بصعوبة وكرر سؤاله مرة أخرى فأجابته قائلة

- حسام مش هيوافق
- أفهم من كده أنك موافقة بس المشكلة في حسام 
- أ أ أنا ما ما قولتش أني موافقة 

قاطعها قائلاً: مش مهم تقولي على فكرة لأن عيونك قالوا كل حاجة، أنا مش عارف أزاي وأمتى أتعلقت بيكي بس الحاجة الوحيدة اللي عارفها أني عايز أفضل معاكي على طول

- حسام بجد مش هيوافق على الأقل لحد ما أخلص الكلية لأن ابن عمي أتقدملي من كام شهر وحسام قاله لسه بدري أوي 
- سيبي حسام عليا ولو على دراستك اللي صبرني ٢٨ سنة من غير جواز يصبرني كام سنة كمان، المهم هنكون مع بعض

أتسعت ابتسامتها فشعر بالربيع يسري بداخله، ربيع مختلف الألوان يحمل السعادة بلون والعشق بلون ونبضات القلب وهمساته بلون... ربيع لا يعرف المستحيل، يتخطى كل الحواجز ليجمع قلبين في قلب واحد ينبض فقط بأسم كليهما 

*******

بمقر إدارة البحث الجنائي... 
اجتمعت قيادات الإدارة داخل غرفة الاجتماعات لمناقشة تفاصيل الخطة التي وُضعت من أجل الإيقاع بواحدة من أكبر شبكات تجارة الأعضاء... رحبوا جميعاً بوجود أمل وأثنى الكتير منهم على المجهود الرائع الذي بذلته من أجل جمع المعلومات فتذوقت طعم نجاحها 

- الملفات اللي قدامكم بتدين أسماء لدكاترة في كلية طب عين شمس ومتورطين في القضية وكتير منهم مسكنا دليل إدانته بس مش هنقدر نتحرك غير لما نجيب الراس الكبيرة اللي هو وزير الصحة ومعالي رئيس الوزراء أطلع على ملف القضية من خلال وزير الداخلية شخصياً حرصاً على الكتمان

ارتدى اللواء نظارته الطبية ثم فتح الملف الموضوع أمامه وتابع وهو مازال ينظر إلى الأوراق

- من مراقبة الإيميل اللي تم من خلاله إرسال المستندات ليكي توصلنا لأنه يخص أحد أفراد طقم الحراسة الخاص بوزير الصحة والسؤال ليه أرسل ليكي أنتي بالذات قال أنك قابلتي وزير الصحة في كذا مؤتمر صحفي

رفع اللواء رأسه عن الأوراق وسأل أمل عن صحة ما قاله فحركت رأسها كإشارة لتأكيد المعلومات التي وصلت إليه فأردف

- اللي وصلنا أنك لفتي نظر الوزير في كذا مؤتمر واللي عرفناه أنه ليه في سكة الدعارة كمان من الأخر عجبتيه 

ما أن وصلت كلمات اللواء الأخيرة إلى مسامع حسام مط شفتيه بضجر بينما ابتلعت أمل ريقها بصعوبة ثم أرجعت نظارتها الطبية إلى الخلف وتساءلت 

- معجب بيا أنا؟ 
- ده اللي أكده فرد الحراسة في اعترافاته وبناءاً عليه وضعنا خطة وهنبدأ في تتفيذها من بكرة و

قاطع حسام كلمات اللواء حينما وقف عن مقعده وقال بحدة: خطة إيه اللي تنفذها سعادتك، مواصفات البنت اللي في الخطة ملهاش أي علاقة بالأخ اللي جمب حضرتك

اندهش الجميع من كلمات حسام فكاد اللواء أن يعنفه لكن سبقته أمل ووقفت هي الأخرى عن مقعدها ثم تقدمت من حسام وأشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بصوت عال لم تعتاده من قبل

- قسماً بالله لو ما أحترمت نفسك بالذوق لأخليك تحترمها بالعافية
- الكلام ده ليا أنا؟ 

وكزته أمل بظاهر يدها في كتفه وأجابته: اه ليك يا خفيف

جز حسام على أسنانه واشتعل غضباً أثر كلماتها والضربة التي سددتها إلى كتفه فقبض يده بعنف على معصمها وسط اندهاش الجميع فأبت أمل أن تتأوه بالرغم من شعورها بالألم فضرب اللواء بيده على سطح المكتب وقال بحدة

- رائد حسام 

انتبه حسام إلى الغضب المصاحب لصوت رئيسه المباشر فنفض يدها وهتف بعد أن أدى التحية الرسمية 

- أسف سعادتك بس الأخ ده لا يصلح للمهمة

لم تستطع أمل أن تتحمل وقاحته فمدت يدها لتصفعه لكنه سبقها كالمرة السابقة ومنعها من ذلك بعد أن قبض على معصمها مرة أخرى فتحول الاجتماع إلى معركة لا يعلم سببها سوى حسام فقد كان ينتقم من زواج وعد وأمير من خلال شقيقته أو بالأحرى ينفس عن غضبه بإغضابها... وقف اللواء عن مقعده وتقدم منهما ثم قام بتفريق أيديهم ونظر إلى حسام قائلاً 

- ده هيكون أخر تحذير يا حسام وبعد كده هحولك للتأديب

ابتلع حسام ريقه بصعوبة ثم نظر إلى أمل ليرمقها بنظراته الحادة والغاضبة إلا أنه شعر بغصة في قلبه حينما رأى الدموع الحبيسة داخل مقلتيها، بينما اعتذر اللواء وطلب منها الجلوس ليشرح باقي الخطة 

- إحنا هنساعدك بطريقتنا تقابلي الوزير وتقربي منه لحد ما توصلي لبيته وتجبيلنا أي دليل يدينه ومعاكي مهلة أربعة وعشرين ساعة تفكري فيهم هل هتقدري على ده ولا لا وبأمر الله بكرة في اجتماع في نفس المعاد علشان نعرف قرارك 

لم تمض سوى دقائق قليله حتى انتهى الاجتماع وغادرت أمل لتذهب إلى عملها بينما عاد حسام إلى مكتبه وتابعها من الشباك حتى انطلقت بسيارتها فزفر بضيق ثم جلس على مقعده وردد في نفسه 

- أول مرة أعامل بنت كده، أكيد هي ملهاش ذنب في غضبي بس حظها أني فقدت السيطرة على أعصابي لما تيجي بكرة هعتذرلها وأمري لله

*******

بعد مرور عدة ساعات... 
كانت وعد تتابع عملها بالمشفى حينما شعرت برغبة في رؤية أمير فهي لم تراه منذ أن وصلت... تركت مقعدها وغادرت الغرفة ثم اتجهت صوب غرفة مكتبه ودلفت إليها بدون سابق إنذار لتفاجئه لكنها عبست بشدة حينما لم تجدة فتراجعت بظهرها إلى الخلف لتغادر إلا أنها اصطدمت بجسد تميز رائحته جيداً... التفتت إليه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها وتصاحبها حمرة خجل تلون وجنتيها... تقدم منها فتراجعت بدورها إلى الخلف، وبمجرد أن أغلق الباب اقترب منها حتى وقف أمامها وتساءل بصوت دافئ

- مالك؟ 
- ما مفيش، كككنت جاية أشوفك لو محتاج حاجة م مش أنا المساعدة بتاعتك

قالت كلماتها بصوت مرتعش وارتباك ملحوظ فعلم أنها تكذب ما جعل ابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيه لتزين ثغره ثم نظر مُباشرةً إلى عينيها وهتف متسائلاً 

- وحشتك في الساعتين دول، صح؟ 

خفق قلبها بسرعة وازدادت حمرة الخجل خاصتها فكانت الجواب لسؤاله... لم يشعر بنفسه إلا وهو يجذبها بين أحضانه ثم حاوطها بحنان فتمسكت به لتشعر بالدفء الذي لم تشعر به إلا عندما يغمرها بحنانه، وظلا هكذا حتى طبع قبلة على مقدمة رأسها وأردف

- ربنا يخليكي ليا
*******

أمام مقر إدارة البحث الجنائي أوقف أمجد سيارته ثم ترجل منها ودلف إلى الداخل عازماً النية على التحدث إلى حسام بشأن التقدم لخطبة حنين... صعد مُباشرةً إلى مكتب حسام بعد أن رحب بوجوده العديد من الضباط بوجوده، ثم دلف إلى الداخل بدون سابق إنذار ليشاكس حسام لكن الأخير كان شارداً في لمعة الدموع الحبيسة داخل عينيّ أمل فاندهاش أمجد بشدة من رؤيته هكذا ثم ضرب بيده على سطح المكتب 

- حسام

انتفض حسام عن مقعده ثم رمقه بنظرة نارية وقال بغيظ: في حد يدخل كده؟ 

رفع أمجد كلا حاجبيه باندهاش ثم جلس على أحد المقاعد وأجابه ببرود

- من يوم ما بقينا أصحاب بدخل كده، في إيييييه؟  من يوم كتب كتاب وعد وأمير وأنا متأكد أن في حاجة

ابتلع حسام ريقه بصعوبة وشعر بالإحراج لافتضاح أمره فكرر أمجد كلماته وسؤاله وزاد عليهم سؤال جعل حسام يتمنى أن تنشق الارض به
فقد سأله إن كانت وعد هي الفتاة التي يعشقها فأجاب قائلاً 

- إي إيه يا أمجد الكلام الفارغ ده، وعد طول عمرها زي حنين و

قاطعه أمجد: أهو عصبيتك وتوترك بيقولوا أنها هي

زفر حسام بضيق ثم اتجه صوب شباك الغرفة وأسند يده على الحائط وبدأ يقص على صديقه كل شيء فشعر أمجد بالشفقة على حاله ثم ترك مقعده واقترب منه إلى أن وقف إلى جواره وهتف

- لازم تنسى يا حسام، وعد خلاص أتكتبت لأمير وكل شيء قسمة ونصيب
- عارف يا أمجد وبحاول أتعود 
- أمال مضايق ليه؟ 

رفع حسام كلا حاجبيه وتردد في الاعتراف بفعلته مع أمل فهي ابنة خالته ومن المؤكد أنه سيلومه لأجلها ولكن مع إصرار أمجد جلس حسام على الأريكة الجلدية وبدأ يقص عليه ما فعله مع أمل في لقائهم الأول وما حدث منذ قليل فانتفض أمجد عن الأريكة وقال بحدة وصوت عال

- نهارك أسود يا حسام، أنت اللي عمرك ما غلطت في واحدة تيجي تغلط في أمل، أمل يا حسام دي أغلب من الغلب
- أنا مش عارف عملت كده أزاي بس أنا عارف أني غلطت في حقها

جز أمجد على أسنانه ثم اتجه مرة أخرى صوب الشباك وأخرج هاتفه ليتحدث إلى أمل ويطمئن عليها فجاءه صوتها باكية

- الو 

شعر أمجد بالأسى عليها فتساءل بصوت دافئ: بتعيطي ليه؟ 

ما أن وصل سؤاله إلى مسامع حسام شعر بغصة في قلبه فهو يعلم جيداً أنه جرحها في أنوثتها بالرغم من كونها فتاة جميلة بل صارخة الجمال فتنهد بحرقة ثم تابع باقي الحديث

- خلاص بقى يا أمول، أنا هاجي أتغدى معاكم وأفرفشك

بعد مرور عدة دقائق أنهى المكالمة وعاد ليعاتب حسام بينما كفكفت أمل دموعها وقادت سيارتها إلى مركز تجاري ضخم بعد أن أقسمت أن تعطي لهذا الهمجي درساً لن ينساه... 
بينما بمكتب حسام وقف أمجد عن مقعده بعد أن أنهى حديثه فأوقفه حسام حينما هتف متسائلاً 

- رايح فين؟ 
- هروح أطمن على أمل بجد مش هرتاح إلا لو شوفتها
- بكرة هعتذرلها قدام كل الموجودين، بس قولي أنت كنت جاي ليه؟ 

ضرب أمجد جبينه بباطن يده فقد نسى تماماً ما جاء لأجله لكنه شعر بتوتر الأجواء فقال بهدوء 

- هقولك بس خليها مرة تانية تكون أعصابك أهدى، يلا سلام

صافح حسام ثم غادر إلى سيارته، وبمجرد أن دلف إليها أجرى اتصالاً بهاتف حنين فتسارعت نبضات قلبها خوفاً إلا أنها استجمعت شجاعتها وأجابت قائلة

- الو 
- أنا لسه نازل من عند حسام بس مقدرتش أكلمه في حاجة لأن عنده مشكلة في الشغل بس بإذن الله هكلمه في أقرب فرصة
- ماشي 

قالتها بطريقة طفولية أسرة للقلوب فارتسمت على شفتيه ابتسامة تمنى أن تراها لتعلم كم هو يريدها إلى جواره، فبالرغم من أنه لم يقابلها إلا منذ عدة أيام إلا أنها أصبحت تشغل تفكيره في كل ساعة وكل دقيقة 

********

مضت الساعات واستيقظت الشمس لتنشر أشعتها الذهبية على الكون حاملة معها مفاجأت ومشاكسات وصوت ضحكات وكذلك نبضات تتسارع لتخبر صاحبها أن قلبه عاشق.... 
في الثامنة والنصف أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد فدلفت وركبت إلى جواره وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالتوتر فاندهش أمير وتساءل بقلق

- مالك؟ 
- متوترة شوية دي أول مرة نروح الجامعة بعد المشكلة وخايفة من

قاطعها قائلاً بحنان وصوت دافئ غلفه العشق: طول ما أنا جمبك مش هسمح للخوف يعرف لقلبك طريق

استطاعت كلماته أن تهدئ من خوفها لكنها تسببت في تسارع نبضاتها فالحنان المصاحب لصوته جعلها تشعر نحوه بالانجذاب فغمز لها وتابع

- بقول نروح الجامعة بدل ما نتأخر، ولا إيه رأيك؟ 
- نروح طبعاً 

قالتها بصوت مرتعش فأسر ابتسامته بصعوبة حينما علم أن وجوده يسبب لها الارتباك ثم أدار محرك السيارة وانطلق بها إلى الجامعة

*******

في ذات الوقت وصلت حنين إلى الجامعة فترجلت من إحدى سيارات الأجرة ثم أدارت جسدها لتدلف إلى الداخل إلا أنها توقفت حينما رأت أمجد يستند على سيارته ويقف في انتظارها... خفق قلبها بسعادة فاقتربت منه شيئاً فشيئاً حتى استقرت أمامه... تأمل البريق الساكن داخل عينيها لعدة دقائق لم يتحدث فيها أحد وما أن فاق من سحر نظرتها ابتسم لها وقال بهدوء 

- وحشتيني

أتسعت ابتسامتها الساحرة وخجلت أن تجيبه فتابع بذات الهدوء: مضايقة علشان جيت؟ 

حركت رأسها يميناً ويساراً كإشارة بالنفي فتساءل: أمال مش عايزه تردي عليا ليه؟ 

- مفيش حاجة 

خيم الصمت من جديد وتبادلا نظرات كانت أصدق من الكلام ولكن قاطعهما صوت سيارة أمير فخجلت حنين بشدة وكادت أن تبتعد إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت أمير يقول

- أركبي يا حنين

دلفت إلى السيارة دون أن تودع أمجد فصر على أسنانه وشرع أن يتحدث لكن سبقه أمير وقال بصوت خفيض بعد أن ترجل من السيارة واقترب من ابن خالته

- لم نفسك واقف تسبلها قدام باب الجامعة
- أعوذ بالله منك دايماً سادد نفسي 

عاد أمير إلى السيارة وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونه ثم قاد السيارة إلى الداخل فلوح أمجد بيده إلى حنين ثم تنهد براحة وغادر إلى عمله

********

في العاشرة إلا عشر دقائق ترجلت من سيارتها وهي تشعر بأنها أميرة في هذا الثوب الأسود القصير الذي أظهر رشاقتها بوضوح... كان شعرها يتطاير مع كل خطوة تخطوها ما جعلها محط أنظار الكثيرين فاستقبلها أحدهم بابتسامة وأخر بغمزة وغيره أطلق صفيراً ليعبر عن جمالها، فبالرغم من ارتدائها لنظارتها الشمسية إلا أن سحر عينيها اخترق قلوب الكثيرين... لم تهتم لأحد وأكملت طريقها إلى غرفة الاجتماعات حيث يجلس الجميع في انتظارها، وبمجرد أن فتح أحد الضبّاط باب الغرفة دلفت إلى الداخل ليقطع صوت كعب حذائها الصمت الذي ساد المكان فرفع الجميع بصرهم إليها واندهشوا من تبدلها التام فألقت عليهم التحية وكادت أن تجلس على مقعدها إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت حسام يقف خلفها

- أسف على التأخير

التفتت إليه وابتسامة ماكرة ترتسم على ثغرها فبادلها بأخرى وقال بترحاب وهي مازالت تضع نظارتها الشمسية

- أهلاً بحضرتك نورتي

نظر حسام إلى اللواء ورمقه بنظرة تساؤل عن هوية المرأة الساحرة التي تقف أمامه فقال اللواء وهو يأسر ضحكته بصعوبة

- الآنسة أمل، معرفتهاش ولا إيه؟ 

جحظت عينيّ حسام بعدم تصديق وأتسع ثغره من هول الصدمة فأزالت أمل نظارتها ورمقته بنظرة انتصار ثم مضت دون أن تعيره أي اهتمام وجلست على مقعدها فبقى حسام واقفاً في مكانه وهو لا يستوعب أي شيء 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف