جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء
الفصل الرابع عشر - بقلمي منى سليمان
* سرقة واسترداد *
انتظرت جوري حتى تأكدت من نوم والدتها ثم تركت الغرفة على عُجالة لتطلق العنان لدموعها الحبيسة طوال اليوم... كانت تبكي بحرقة لدرجة جعلت أدم يستمع إلى صوتها أثناء مروره من أمام بابها فطرقه ودلف قبل أن تسمح له بالدخول، وما أن وقعت عينيه على خاصتها التي تورمت من كثرة البكاء شعر بخنجر مسموم في قلبه فاقترب منها وسألها عن سبب البكاء لكنها لم تجيبه بل وقفت عن مقعدها وألقت بجسدها في صدره وهي مازالت تبكي وبقت على تلك الحالة لعدة دقائق ثم ابتعدت عنه وكفكفت دموعها قائلة
- ماما تعبانة أوي وبتحاول ما تبيتش بس أنا حاسة بيها
تصادف مرور أحمد أمام الغرفة فشعر هو الأخر بالأسى على حال جوري وأحلام، وكاد أن يدلف إلى الداخل لكن سبقه أدم حينما قال
- أنتي قولتي الصبح هتستحملي علشان هي محتاجة مننا نقويها، وكنتي قوية فعلاً ولازم تفضلي قدامها قوية مهما حصل معاها، الفترة اللي هي فيها مؤقتة وهتعدي وهتكون أحسن، وصدقيني قوتك قدامها ومذاكرتك ونجاحك أكبر داعم ليها، أوعي تبكي أو تهملي دروسك أنتي كده بتقتليها بأيديكي
حركت جوري رأسها بتفهم وهي تزيل الدموع الساقطة من مقلتيها فابتسم لها أدم ليرسل إليها رسالة طمأنينة وتابع
- خلاص عيطتي بما فيه الكفاية، دلوقتي لازم تذاكري شوية وتنامي وترتاحي وماما الصبح هتبقى زي الفل
- حاضر
ما أن قالت جوري كلمتها دلف أحمد إلى الداخل ثم اقترب من أدم وربت على كتفه قائلاً
- كبرت وبقيت راجل يا أدم
غمز أدم إلى عمه بمشاكسة ثم تحدث مازحاً: وحضرتك كبرت وعجزت يا عمي
عقد أحمد بين حاجبيه واصطنع الغضب ثم ضرب أدم على مؤخرة رأسه وهتف
- لسانك ده عايز مقص
ضحكت جوري على حرب المشاكسات التي انطلقت بينهما ثم قاطعتهما قائلة
- هسيبكم بقى وأروح أذاكر عند لمياء
حملت الكتب خاصتها وتركت الغرفة فتابعها أدم بعينيه حتى اختفت تماماً ثم تنهد بحرقة وجلس على حافة فراشها وهو يردد
- صعبانة عليا ومش عارف أعملها حاجة
جلس أحمد إلى جواره والحزن يظهر على قسمات وجهه: والله يا ابني أنا كمان قلبي بيتقطع عليها وعلى أحلام بس كله اختبار من ربنا، المهم خليك دايماً جمبها وحافظ عليها وبأمر الله من هنا لأخر السنة هعملكم خطوبة تتحاكى بيها الناس
أمسك أدم يد عمه وطبع على ظاهرها قبلة ثم شكره بامتنان فربت أحمد على كتفه وهتف
- أوعى في يوم تجرحها أو تكون أنت والدنيا عليها
- جوري جوه عيوني، تعرف يا عمي أكتر حاجة بخاف منها في الدنيا هي أني أخسرها
- ربنا وفق بين قلوبكم وبأيدك تحافظ عليها العمر كله بس قول يارب
- يارب
كان حوار أدم وأحمد حواراً هادئاً مفعم بالدفء والحنان الأبوي، أما حوار جوري ولمياء كان ضرباً من الجنون...
دلفت جوري إلى الغرفة ووجدت لمياء غارقة في بحور القراءة لدرجة جعلتها لا تنتبه لدخولها فاقتربت منها على أطراف أصابعها ثم سرقت الكتاب من بين يديها فانتفضت لمياء عن الفراش وقالت بغيظ
- بطلي رخامة وهاتي الكتاب
نظرت جوري إلى الأسم المكتوب على الغلاف وشعار معرض الكتاب أسفله ثم رفعت رأسها وهتفت بمكر
- الله الله ده لسه بتاع المعرض الجاي، بقى ليكي special treatment (معاملة خاصة) يا دكتورة
ركضت لمياء خلف جوري لتسترد ما أخذته فركضت جوري بدورها واعتلت الفراش وهي تضحك بأعلى طبقات صوتها ما أشغل غضب لمياء فلحقت بها لتبدأ حرب السرقة والاسترداد فدلفت جوري إلى الشرفة وقالت مازحة
- ما قولتليش ليه؟
- مكنتيش هنا، هاتي بقى هموت وأعرف مين القاتل
في ذات اللحظة كان عماد يجلس على أحد المقاعد بالشرفة لكن لمياء لم تستطع رؤيته فالحائط حال بينهما فاستمع إلى باقي الحديث في صمت
- الرواية حلوة؟
تساءلت جوري فأجابتها لمياء بغيظ: حلوة أوي، هاتي بقى
اختبأت جوري خلف الأرجوحة واتخذت منها حصن أمان ثم تساءلت: طيب وصاحب الرواية أدهالك ليه قبل الكل؟
- مزاجه كده، هاتي يا رخمة
ابتسم عماد وحرك رأسه يميناً ويساراً على إجابتها النموذجية فتابعت جوري هجومها متسائلة
- مزاجه كده ولا قلبه قاله كده؟
- عارفه يا بت أنتي لما أمسكك هعضك
- هو اللي بيحب جديد بيبقى عصبي كده أسأليني أنا
ابتسمت لمياء لا إرادياً فبادلتها جوري بأخرى وتابعت: هو يتحب الصراحة وسمارت كده في نفسه و
قاطعتها لمياء قائلة بحدة: أنتي يا بت لمي نفسك
- الله الله ده إحنا بنغير كمان
- جوررررري، هاتي الكتاب وأطلعي بره أوضتي
- خلاص خلاص هديكي الكتاب بس خليني معاكي في الأوضة بدل ما اقعد لوحدي أعيط
استشعرت لمياء الحزن المصاحب لنبرة صوت ابنة عمها فمطت شفتيها بضجر وتساءلت بقلق: ماما تعبانة؟
- شوية وأنا مخنوقة أوي
تقدمت لمياء منها وعانقتها فبادلتها جوري العناق بعد أن تجددت دموعها، وبمجرد أن ابتعدت عنها كفكفت دموعها وأعطتها الكتاب ثم أردفت
- خدي كملي روايتك وأنا هقعد أذاكر شوية
- أقولك أنا بقى الأحلى، تعالي نعمل فشار ونشغل فيلم رعب والصبح هكمل الرواية وأنتي النهارده بلاها مذاكرة مش هتركزي أصلاً وأنا كمان مليش مزاج أذاكر فنقضيها رعب وفشار، قولتي إيه؟
اختلطت دموع جوري بابتسامة خفيفة فأكملت إزالة الدموع عن وجنتيها وأجابتها بمشاكسة
- موافقة بس أعملي أنتي الفشار وأنا هروح أجيب طمطم ومامتك نرعبهم معانا، ديل؟ (Deal)
- ديل (Deal)
غادرن الشرفة وانطلقت كل واحدة منهن إلى المهمة الصعبة التي كُلفت بها فترك عماد مقعده وبداخله مشاعر مختلفة تجاه لمياء تجذبه نحوها أكثر وأكثر فهي خليط من الأنوثة والطفولة، الجدية والجنون، الغضب والحنان، التفوق العلمي والعملي إلى جانب خفة الظل، فابتسم بسعادة ثم دلف إلى الداخل ليُكمل قراءة القصص القصيرة خاصتها التي سرقته من نفسه وجعلته للمرة الأولى يعيش في عالم ساحر مليء بالرومانسية التي لم يكتب عنها يوماً أو بالأحرى لا يعترف بوجودها إلا عندما اقتحم عالمها الخاص من خلال ما كتبت
*****
أوقفت فاتن سيارتها داخل أسوار منزلها ثم تنفست بعمق وهي تكاد لا تصدق أنها تحررت من ذلك العجوز، ترجلت على الفور وحملت حقيبة يدها ثم أشارات إلى الحارس وطلبت منه إحضار حقيبة سفرها فنفذ على الفور وأحضر الحقيبة ثم صعد الدرج لوضعها داخل غرفة فاتن التي جلست على أقرب مقعد لشعورها الشديد بالتعب والإرهاق، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد الحارس وبيده حقيبة سفر تُشبه خاصتها فتساءلت بحدة
- مش قولتلك حطها في أوضتي، نزلت بيها تاني ليه؟
شرع الحارس أن يجيبها لكن سبقته سهيلة عندما قالت وهي تهبط الدرج: دي بتاعتي أنا
انصرف الحارس فوقفت فاتن عن مقعدها واقتربت من والدتها وعانقتها فبادلتها سهيله العناق وهي تردد
- معلش لازم أسافر حالاً عندي شغل مهم
- كان نفسي أقعد معاكي بس شغلك أهم
- معلش مض هتأخر يومين تلاته بالكتير وهرجع، أبقي كلمي فريد جه هنا وعمال خناقة زي عادته
لوت فاتن ثغرها بضجر وهتفت: أنا راجعه تعبانه مش هستحمل محاضراته الأخلاقية، هطلع أنام وارتاح وبكرة هبقى أجهز نفسي للمحاضرة وأكلمه
- أوك براحتك، أنا لازم أمشي باي
انتظرت فاتن حتى غادرت والدتها ثم صعدت إلى غرفتها وأفرغت على الفور محتويات حقيبتها ثم خبأت عقد زواجها بمكان لا يستطيع أحد الوصول إليه تحسباً لأي طارئ وخبأت كذلك السندات المالية على أن تذهب صباحاً إلى البنك لصرفها ثم أراحت جسدها على الفراش وتمتمت بوهن
- أخيراً هنام براحتي
خلال لحظات قليلة استسلمت إلى النوم كمن لم يتذوق نكهته منذ عدة أشهر
*****
مضى الليل سريعاً وسطعت شمس يوم جديد حاملة معها المزيد من المشاعر والمفاجأت والنظرات والهمسات...
في التاسعة والنصف صباحاً غادرت جوري برفقة لمياء ليذهبن إلى الجامعة بينما بقى أدم ليذهب برفقة عمه إلى البنك لإنهاء مجموعة من المعاملات المالية... بالخارج وقفت لمياء في انتظار المصعد فابتسمت جوري بخبث حينما رأت عماد يقترب ثم وكزت ابنه عمها في معصمها وقالت
- سيدي يا سيدي على الصدف وجمال الصدف وشياكة الصدف
- أتهدي شوية بقى
اقترب عماد منهن وابتسامة ساحرة تزين ثغره ثم ألقى تحية الصباح فردتها لمياء بينما اصطنعت جوري البحث عن هاتفها ثم زمت شفتيها بضيق وهتفت
- نسيت الفون جوه، أنزلوا أنتوا علشان ما نعطلش الأسانسير وأنا هجيبه وأحصلك يا لمياء
فهمت لمياء ما فعلته جوري جيداً وكذلك عماد لكنه اصطنع عدم الفهم وفتح باب المصعد فسبقته لمياء ودلفت فلحق بها وأغلق الباب ثم ضغط زر الطابق الأرضي وسألها بهدوء
- عامله إيه؟
- كويسه الحمد لله وحضرتك؟
رفع أحد حاجبيه باستنكار وأجابها مازحاً: حضرتي بخير
وجهت نظراتها نحو الأرض حتى لا يرى ابتسامتها فتابع: هتيجي الدار النهارده؟
- بأمر الله، عندي بس سيكشن عملي هخلص وأجي على طول، القصص عجبتك؟
تلاعب عماد بقسمات وجهه فظنت أن قصصها لم تلقى لديه القبول وأردفت بنبرة صوت حزينة
- شكلهم مش حلوين وضيعت وقت حضرتك على الفاضي، آسفة
كاد عماد أن يتحدث لكنه توقف حينما استقر المصعد في الطابق الأرضي فغادر وانتظر حتى غادرت ثم أغلق الباب ومضى برفقتها إلى الخارج دون أن يتفوه ولو بكلمة فتلألأت الدموع داخل مقلتيها وتمتمت بخفوت
- للدرجة دي القصص بتاعتي وحشة، ده مش طايق يقولي كلمة و
بترت كلمتها عندما وصلت أمام السيارة فنظر عماد إلى الدموع الساكنة داخل عينيها وشعر بالحزن لأجلها فقال بصوت هادئ
- القصص أكثر من رائعة و النهارده هنمضي عقد القصص والخواطر
- بجد؟!!!
- أكيد بجد، سهرت طول الليل أقرأ وأنا مستمتع، لما تيجي الدار نتكلم أفضل من الشارع
حركت رأسها بتفهم فودعها بابتسامة خفيفة ثم ارتدى نظارته الشمسية ودلف إلى سيارته وخلال لحظات قليلة انطلق بها فاقتربت جوري من لمياء ووكزتها في كتفها قائلة
- أي خدمة، ما ردتش أكبس على نفسكم
- بجد أنتي مجنونة رسمي
ضحكت جوري بجنون فشاركتها لمياء ثم استردت أنفاسها وتابعت: يلا يا مجنونة هنتأخر
****
بعد مرور ما يقارب نصف الساعة انصرف أدم برفقة أحمد الذي ما أن ركب السيارة نظر إلى أدم وقال
- أمك مش مبسوطة خالص يا أدم من موضوع التمثيل واشتكتلي
- يا عمي ده حلمي، حضرتك سبت سعد يسافر بالرغم أننا الحمد لله مش محتاجين فلوس بس هو حب يعتمد على نفسه، حتى لمياء سمحتلها تطبع كتاب خواطر والنهارده هتمضي العقد وجوري كمان عمر ما حد مننا قالها لا على حاجة، ليه أنا حلمي ممنوع
ربت أحمد على كتفه ليهدأ من انفعاله المصاحب لنبرة صوته فهدأ أدم قليلاً وتابع
- أسف أني انفعلت بس ده حلم حياتي
- أمك خايفة عليك يا ابني من المجال ده، نفسها تكون حياتك هادية
- عارف بس أنا كبرت ومن حقي اختار حياتي
- المهم تثبتلها ده وتهتم بدراستك زي التمثيل ومهما حصل لا تتغير ولا تتكبر
حرك أدم رأسه بتفهم ثم طبع قبلة على ظاهر يد أحمد وخلال دقائق قليلة انطلق بالسيارة إلى وجهته وبداخله إصرار على تحقيق حلمه وإثبات نجاحه لوالدته علها تقتنع بموهبته
*****
دلفت الخادمة إلى الغرفة ثم اقتربت من فاتن وحاولت إيقاظها فزفرت بضيق ثم اعتدلت في جلستها وتساءلت بحدة وصوت عالِ
- إيه يا غبية أنتي، بتصحيني ليه؟
- الأستاذ فريد على التليفون ومصمم يكلم حضرتك
اعتدلت فاتن في جلستها ثم زفرت بضيق وأشارت إلى الخادمة لتقترب ثم أخذت الهاتف وأعادت فتح الصوت وأجابت قائلة
- صباح الخير Dad
- كويس أنك لسه فكراني
لوت ثغرها بضجر ولم تتفوه ولو بكلمة فتوقع فريد سبب صمتها وأردف
- طبعاً كلامي مش عاجبك، ما خلاص أتنسيت وأتنست حقوقي كأب بنته غايبة بقالها أسبوع وميعرفش عنها حاجة
قال كلماتها بحدة وصوت عالِ كان كفيل بإزعاج فاتن التي وضعت يدها على رأسها لشعورها بألم حاد يكاد أن يفتك برأسها وانتظرت حتى أنهى والدها وصلة التوبيخ المعتادة ثم تحدثت بهدوء قائلة
- آسفة دادي كنت في رحلة مع صحباتي وكنت بتصل بمامي كل يوم بس وعد بعد كده قبل ما أسافر هقولك وهتصل بيك كل يوم
- ماشي يا فاتن، بس يكون في علمك لو اللي حصل أتكرر يبقى تنسي أن ليكي أب
أخذت فاتن تفرك جبينها بأطراف أناملها وهتفت: خلاص داد ما تزعلش، أقولك إيه رأيك نتغدى سوا في النادي؟
- مش هينفع عندي بروفة جنرال، لو يهمك تشوفي فن راقي ومحترم تقدري تيجي
- أوك داد هاجي يمكن تديني دور ولا حاجة
قالتها مازحة فحرك فريد رأسه يميناً ويساراً بأسى ثم قال بحزم: خلصي جامعتك وبعدها أبقى أديلك دور ده كان إتفاقنا من الأول وعمري ما هغيره، سلام
أنهى فريد المكالمة ثم هبط الدرج ليتناول طعام الإفطار برفقة زوجته، بينما ألقت فاتن بالهاتف إلى جوارها وتمتمت ببعض كلمات غير مفهومة ثم أكملت نومها وكأن شيئاً لم يكن
*****
بالجامعة...
كانت جوري شاردة بشدة حتى أنها لم تنتبه لكل ما قاله المحاضر فقد كانت تفكر في والدتها ولكن قاطع شرودها اهتزاز هاتفها فأخرجته من حقيبتها لتجد رسالة من حبيبها المشاكس
(وحشتيني)
نست حزنها تماماً وكتبت (خلصت ولا لسه؟)
(لا لسه بدري، بس لو خلصت هجيلك)
قرأتها وابتسمت ثم كتبت (لسه عندي محاضرات كتيررررر، روح ارتاح أحسن)
(بحبك)
خفق قلبها بسعادة وبادلته الكلمة بأخرى ثم أعادت الهاتف إلى الحقيبة وتذكرت كلماته عندما أخبرها أن نجاحها سيكون أكبر داعم لوالدتها فبدأت تنتبه لما يقوله أستاذها الجامعي وتدون كل كلمة كما اعتادت دائماً
****
في الواحدة ظهراً توقف السائق أمام مقر دار الحكمة للنشر والتوزيع فترجلت لمياء وهي تشعر بالسعادة والتوتر في آن واحد... استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل فاستقبلها سامي بترحاب وسمح لها بالدخول تنفيذاً لتعليمات عماد فطرقت الباب ودلفت إلى الداخل لكنها لم تجد عماد في استقبالها فقد كان يصلي فرضه ما زاد إعجابها به... جلست على أحد المقاعد في انتظاره وخلال دقائق قليلة قليلة فرغ ووقف عن الأرض ثم اقترب منها مُرحباً فبادلته بابتسامة رقيقة وقالت
- آسفة علشان دخلت بس أستاذ سامي قالي أدخل و
قاطعها عماد قائلاً: أنا قولتله أول ما توصلي تدخلي على طول، قولتلك قبل كده أنتي مش زي أي حد
خجلت بشدة وظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهها ووجنتيها المائلة للحمرة فقرر تغيير مجرى الحديث
- عجبتك الرواية صحيح؟
- مقدرتش أكملها للأسف، فاضل ٢٥ صفحة هخلصهم النهارده بأمر الله
- أكيد كنتي مشغولة بالليل
تساءل بمكر فهو يعلم جيداً كل ما حدث بالأمس فأجابته ببراءة: فعلاً انشغلت شوية مع أني متشوقة أعرف مين القاتل
- تحبي أقولك؟
- لا لا لا لا
قالتها بجنون خوفاً من حرق الأحداث فرفع يديه لأعلى باستسلام ليشاكسها قليلاً فابتسمت على فعلته وأردفت
- عايزه أكملها قراءة مش بحب حد يحكي
- وأنا زيك بس قولت أساعدك شوية و
بتر عماد كلمته عندما طرق سامي باب غرفة المكتب ودلف إلى الداخل ثم اقترب منه وثنى جزعه قائلاً بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس
- في واحدة بره ومصممة تقابل حضرتك
- واحدة مين؟
تبدلت قسمات وجه سامي وأجاب بصوت مرتعش: واحدة جت مرتين لما حضرتك كنت في الأجازة و و و
تردد سامي في قول المزيد فوقف عماد عن مقعده ثم ابتعد قليلاً وطلب من سامي اللحاق به وتساءل: أوعى تكون هي؟
- لا مش هي بس اللي بره تشبهها أوي
كور عماد قبضة يده وتطاير الشرار من مقلتيه فابتلع سامي ريقه بصعوبة وغادر على عُجالة فلحق عماد به بعد أن اعتذر من لمياء، وبالخارج تأكدت شكوكه عندما وقعت عينيه على المرأة التي تقف في انتظاره فاقتربت منه وتساءلت بهدوء
- أزيك يا عماد؟
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف