جوري/ منى سليمان - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, July 23, 2019

جوري/ منى سليمان


جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل الثاني عشر - بقلمي منى سليمان  

* راحة قلب *   

وقف عماد عن مقعده ليغادر لكن أحمد لم يسمح بذلك وأصر عليه للبقاء كما طلب منه تناول طعام الغداء برفقتهم فوجدها فرصة مناسبة للبقاء بالقرب من لمياء لأطول وقت ممكن، فترك أحمد مقعده على الفور وطلب من زوجته البدأ في تجهيز السفرة ثم اتجه صوب غرفة لمياء وطلب منها مساعدة والدتها فتضاربت المشاعر بداخلها بين السعادة لبقائه والغضب من مشاعرها المنجرفة بشدة تجاهه وبالنهاية قررت تنفيذ رغبة والدها فتركت غرفتها على الفور واتجهت إلى المطبخ

***

في ذات اللحظة كانت جوري تسير إلى جوار أدم بالقرب من كورنيش النيل لكنه لاحظ سكونها الذي لم يعتاده من قبل فانتظر حتى وصل أمام أحد المقاعد العامة المطلة على نهر النيل ثم توقف وطلب منها الجلوس قليلاً فنفذت رغبته وجلست إلى جواره فتساءل

- مالك يا عمري؟ 

أدارت وجهها إليه وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها ثم أجابته: مفيش حاجة 

كانت إجابتها كفيلة بتأكيد الشك الكائن بداخله بأن هناك أمراً تخبئه عنه فهتف بصوت دافئ

- في حاجة شغلاكي عني، إيه هي؟ 

تنهدت بحرقة ثم عادت لتنظر إلى مياه النيل وقصت عليه الحوار الذي دار بينها وبين فاطمة صباحاً فاندهش بشدة وكاد أن يتحدث إلا أنها سبقته وتساءلت بنبرة صوت كساها الألم

- هو أنت ممكن في يوم تحب واحدة غيري وتبعد عني؟ 

شعر بغصة في قلبه حينما رأى تلألأ الدموع داخل مقلتيها فقرر تلطيف الأجواء قائلاً 

- طيب أروح أخنق أمي ولا أغزها بمطواة؟! 

ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة سرعان ما تلاشت وهتفت والدموع تتساقط بغزارة على وجنتيها

- لما طمطم قالت كده قولتلها مستحيل يبص لغيري حتى لو قدامه ألف واحدة لأني وحدي ملكة قلبه، صح ولا ممكن في يوم تتشهر وتروح لغيري و

قاطعها قائلاً بحنان بعد أن احتضن كفها بكفه: أطمني قلبي وعمري كله ليكي وبس، ووقت ما أحقق حلمي هشاور عليكي للكل وأقول دي حبيبتي

- بجد يا أدم؟ 
- بجد يا عيون أدم

غمز لها بمشاكسة وأردف: بقول تعالي نتمشى ونرجع المستشفى قبل ما أتهور وتزعلي

- أنت قليل الأدب

قالتها ببراءة وهي تزيل أثار الدموع عن وجنتيها فضحك بجنون وهو يردد: عارف

***

على مائدة الطعام اختلس عماد النظر إلى لمياء كلما سمحت له الفرصة لكنها لم تبادله أي من نظراته ولم ترفع رأسها كذلك عن الطبق فشعر عماد برغبة ملحة في سماع صوتها العذب وقرر كسر الصمت فنظر إلى أحمد وهتف

- عمي كان في موضوع عايز أكلم حضرتك فيه
- اتفضل يا ابني
- الموضوع خاص بكتاب الخواطر الخاص بالدكتورة

رفعت لمياء رأسها لا إرادياً فتقابلت عينيها بعينيه إلا أنه اصطنع عدم الاهتمام وتابع حديثه

- أنا بأمر الله خلال أيام أو أسبوع بالكتير هرجع أتابع شغلي وكنت عايز الموافقة من حضرتك

شرعت لمياء أن تعترض وتخبره بالعدول عن رأيها، لكن سبقها والدها كالعادة وهتف

- أنا موافق وتقدر تتصرف على الأساس ده

أسر عماد ابتسامته بصعوبة ووجه نظراته صوب لمياء التي كانت على وشك الانفجار ومع ذلك رسم الجدية على وجهه وأردف

- مبروك يا دكتورة
- الله يبارك في حضرتك

قالتها بغيظ مكتوم ثم وقفت عن مقعدها وتابعت: أنا شبعت ولازم أمشي، عندي سيكشن مسائي

- خدي بالك من نفسك يا قلبي
- حاضر يا بابا

لم تودع عماد ولو بنظرة وحملت حقيبتها والكتب خاصتها ثم غادرت على عُجالة فشعر بألم حاد يعتصر قلبه، فكيف تعامله بتلك الطريقة الجافة وهو انتظر سنوات وسنوات حتى وجد امرأة تزلزل كيانه وتتخلل شراينه... بقى شارداً لعدة دقائق ثم عاد إلى أرض الواقع فوقف عن مقعده وأخبر أحمد برغبته في الحصول على قسط من الراحة فسمح له أحمد بالمغادرة، وخلال دقائق قليلة عاد إلى شقته واتجه مُباشرةً نحوم غرفة نومه وحاول الاتصال بها، لكنه وجد هاتفها مغلقاً فألقى بالهاتف إلى جواره ثم وقف عن الفراش واقترب من المرآة وشرار الغضب يتطاير من عينيه فطالبه صوت بالانتقام منها وأخر بفعل المستحيل حتى يراضيها وبالنهاية وضع رأسه بين كفيه وأخذ يدور حول نفسه وهو يتمتم بحدة

- كفاية، كفاية، كفاااااية

***

بمكان أخر... 
أوقف سيارته أمام عقار فخم بمنطقة راقية ثم ترجل منها ودلف مُسرعاً إلى الداخل ضارباً عرض الحائط بنظرات الجميع المصوبة نحوه... استقل المصعد إلى الطابق السابع ثم اتجه إلى شقة والديها وطرق بابها بحدة فانتفض والدها عن مقعده وأسرع بفتح الباب فدلف محسن وهو يتساءل 

- فين فرح؟ 

رمقته والدة فرح بنظرة اشمئزار وبادلت سؤاله بسؤال: أنت جاي هنا تعمل إيه؟ 

- جاي لمراتي وأولادي و

قاطعه والد فرح قائلاً: أولادك تقدر تشوفهم وقت ما يعجبك، لكن فرح هتطلقها برضاك أو هترفع عليك قضية طلاق للضرر واعتقد فضايحك وصورك مع العروسة الجديدة كفيلة بتأكيد الضرر النفسي اللي هي عيشاه

اقترب محسن منه وتحدث بصوت أقرب إلى الرجاء: أنا هعملها اللي هي عايزاه بس تديني فرصة أتكلم معاها

- تتكلم!!! 

قالتها والدة فرح باندهاش ثم تابعت: دلوقتي عايز تتكلم، مجتش ليه تقولها عايز أتجوز وحقها تقبل تكمل معاك أو لا

- غلطت بس عرفت غلطتي متأخر ودلوقتي عايز أصلح اللي أقدر عليه
- اللي اتكسر يا ابني عمره ما يتصلح، بنتي من يوم ما دخلت بيتك صاينه شرفك وعرضك وشيلالك من على الأرض شيل
- عارف يا عمي، بس أنا كل اللي عملته أني اتجوزت على سنة الله ورسوله وده لا عيب ولا حرام 

شعرت والدة فرح برغبة ملحة في الفتك به ومع ذلك تمسكت بهدوئها في حضرة زوجها وقالت 

- حلال ربنا قالك اتجوز في السر وأكدب، تقولها رايح شغل وأنت مسافر شهر العسل، صحيح اللي اختشوا ماتوا

حنى محسن رأسه فقد كان يشعر بندم لم يختبره يوماً، كم تمنى أن يعود الزمن إلى الوراء ليُصلح ما أفسده لكن أمنيته كانت بعيدة المنال وظل على تلك الحالة لعدة دقائق قطعها والد فرح عندما هتف

- روح يا ابني الله يسهلك، ووقت ما تحب تشوف ولادك كلمني وياريت النهارده تبعتلها ورقة طلاقها وألف مبروك على الجواز
- يا عمي أرجوك أديني فرصة أشوفها وأتكلم معاها
- طلبك مرفوض يا ابني، ربنا يسهلك ويكفينا شرك ويكفيك شر الحية اللي سرقتك من نفسك وخلتك تخرب بيتك بأيدك

لم تكن كلمات والد فرح كافية لجعل محسن يفقد الأمل في رؤية زوجته فبدأ ينادي بأسمها بأعلى طبقات صوته وفشلت جميع محاولات والدها في إسكاته فركض ولديه إليه وهما يشعران بالخوف، فضمهما محسن إلى صدره وهو يردد

- ما تخافوش يا حبايبي مفيش حاجة، كلها نص ساعة ونرجع بيتنا و

بتر محسن كلماته حينما اقتربت منه فرح كالإعصار واختطفت ولديه من بين أحضانه ثم تراجعت خطوات قليلة إلى الوراء وهتفت وهي توجه كلماتها إلى محمود ومصطفى 

- أنا قولت تفضلوا في الأوضة، من أمتى بتكسروا كلمتي؟! 
- بابا كان واحشني
- وأنا كمان با

قاطعته قائلة: ولا كلمة زيادة، على أواضكم

نفذا ما قالته فرح بالرغم من تعلق أعينهم بعينيّ والدهم، فانتظر محسن حتى تأكد من ابتعاد محمود ومصطفى واقترب من فرح قائلاً 

- أرجوكِ اسمعيني وبعدها هعملك اللي أنتي عايزاه

زفرت فرح بضيق وشرعت أن تعنفه لكنه سبقها وأردف: أرجوكِ يا فرح، وحياة ولادنا أديني فرصة

كانت نبرة صوته تحمل الذل والانكسار بطياتها ومع ذلك لم تشعر فرح بالشفقة عليه، فقط قررت سماعه لتتخلص منه الآن وإلى الأبد فأشارت إليه بالجلوس ثم جلست على المقعد المقابل له واضعة قدم فوق الأخرى فتنحنح قائلاً 

- أنا عارف أني غلطت لما اتجوزت ولما خبيت عليكي، بس صدقيني خوفت أخسرك أنا بحبك يا فرح

ما أن وصلت كلماته الأخيرة إلى مسامعها، انفجرت ضاحكة بأعلى طبقات صوتها فاندهش محسن بشدة وسألها

- إيه في كلامي ضحكك أوي كده؟ 

أجابته وهي مازالت تضحك بطريقة هسترية: بتحبني واتجوزت عليا لا وأعرف من الجرايد وأشوف صورك الرومانسية، أمال لو بتكرهني كنت عملت إيه

استمرت في الضحك كمن ذهب عقله بلا رجعة فشعر محسن بغصة في قلبه وترك مقعده على الفور ثم ثنى ركبتيه وجلس راكعاً أمامها فتابعت بصوت غلبه الجنون

- ما تضحك يا محسن، أنت ما بتضحكش ليه؟ 
- كفاية يا فرح أبوس أيدك، أنا بموت ألف مرة في الدقيقة وأنا شايفك كده

توقفت فجأةً عن الضحك وشرعت في البكاء حتى أن دموعها تساقطت على يديه ووجهه فقال بدون تردد أو تفكير

- أرجوكِ ما تعيطيش وأنا هعملك اللي أنتي عايزاه، حتى لو طلبتي مني أني أطلقها
- مبقاش فارق تطلقها ولا لا، أنا خلاص مش عايزاك ولو سمحت طلقني

أمسك كفيها بين كفيه ورفع واحد تلو الآخر إلى شفتيه طابعاً على باطن كل منهما قبلات حانية ثم رفع بصره إليها وهتف

- بس أنا مقدرش أعيش من غيرك
- قدرت وروحت لغيري، ما تحاولش لأني مستحيل أرجعلك
- طيب أديني فرصة أخيرة هطلقها ونرجع زي الأول

لم تستطع أن تجيبه فقد ازداد بكائها وتعالت شهقاتها فلم يستطع منع نفسه من جذبها إلى صدره فعانقته وأخذت تضربه بقوة على ظهره لتخبره مدى غضبها منه ومع ذلك بقت بين أحضانه فشدد في احتضانها حتى يُشعرها بالأمان الذي تحتاج إليه، وبقى على تلك الحالة لعدة دقائق قطعها عندما أبعدها عنه وتابع

- قومي اغسلي وشك وهاتي الولاد علشان نروح، وفي طريقنا همر على مأذون وأطلقها

كفكفت دموعها بيديها ثم حركت رأسها كإشارة بالموافقة وخلال دقائق قليلة عادت إليه برفقة ولديها اللذان ركضا باتجاه محسن فشعر برجوع الروح إلى جسده وقرر التخلي عن سهيلة مهما كلفه الأمر 

***

مرت عدة أيام وتبدل حال الجميع، بعضهم إلى الأفضل والبعض الأخر إلى الأسوأ... 
انقلبت خطة سهيلة ضدها وطلقها محسن بالفعل فأصبحت قصة زواجها وطلاقها مادة دسمة للجرائد والمجلات الفنية فقررت البقاء في المنزل لحين نسيان القصة
باعت فاتن جسدها خلال تلك الأيام لأجل هدايا هشام التي لا تتوقف، وبقت لعبة في يده يفعل بها وبجسدها ما يحلو له، حتى أنها أصبحت رهينته ولم تغادر الفندق منذ أن مضت عقد الزواج
اتصل مساعد المخرج فريد بأدم وطلب منه قراءة المشاهد وحفظ النص الذي تم إرساله إليه على أن يبدأ العرض المسرحي بعد عشر أيام، فكانت السعادة حليف أدم الذي حقق جزء صغير من حلمه بعد طول انتظار
غادرت أحلام المشفى وعادت إلى منزلها على أن تعود في الأيام المحددة لتلقي جرعات الكيماوي، فشعرت جوري بقليل من الطمأنينة وعادت لتدوام بالجامعة
لم تتوقف محاولات عماد في التحدث إلى لمياء لكنها لم تسمح بذلك فطلبت من جوري مساعدته وتغيير ضمادات جرحه عوضاً عنها، واستمرت كذلك في إغلاق هاتفها لتتجنب اتصالاته ورسائله، فكأن كالتائه في محراب الهوى لا يقدر على العودة ولا يقدر على المضي قدماً في بُعدها

***

جاهد فريد طوال تلك المدة الاتصال بفاتن ليطمئن عليها لكن هاتفها كان مغلقاً على مدار الأيام الماضية فازداد شعوره بالقلق وقررت الذهاب إلى القصر بالرغم من عدم رغبته في رؤية سهيلة ولكن تغلبت مشاعر الأبوة على غضبه وبالفعل ذهب إلى القصر وطلب من الخادمة إخبار فاتن بوجوده ليصدمه ردها بأن ابنته لم تعود إلى المنزل منذ عدة أيام، فطلب منها الصعود إلى غرفة سهيلة لتأتي إليه، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى هبطت سهيلة الدرج واقتربت منه متسائلة

- نعم، عايز إيه؟ 
- فين بنتك يا هانم؟ 

جلست سهيلة على أحد المقاعد وأشعلت سيجارتها ثم أخذت تنفس دخانها في وجهه ببرود فاشتعل فريد غضباً وكرر سؤاله بنبرة صوت حادة فتحدثت ببرود

- أنت بتزعق ليه؟ أنا عندي صداع ومش فيقالك

صر فريد على أسنانه وقال بحدة: طبعاً مش فيقالي، وأنتي من أمتى فايقه لحد طول عمرك ماشيه بمبدأ أنا ومن بعدي الطوفان، حتى لما اتجوزتي روحتي اتجوزتي في السر وكمان سارقة واحد من مراته وولاده

نفست دخان سيجارتها في الهواء وتساءلت ببرود: هاه خلصت؟ 

- أنتي معموله من إيه؟ أنتي أكيد شيطانه علشان كده ربنا خلصني منك

أطفأت سيجارتها ثم وقفت عن مقعدها وقالت ببرود: بنتك مسافرة مع صحباتها بره مصر وهترجع بعد تلات أيام وبتكلمني تطمني عليها كل يوم، اتجوز أو اطلق ده شيء ما يخصكش، أخر حاجة أطلع بره بيتي واتمنى ما أشوفش وشك تاني

رمقها فريد بنظرة اشمئزاز ثم غادر على الفور قبل أن يفقد أعصابه أكثر، وبمجرد أن دلف إلى سيارته انطلق بسرعة جنونية وهو يتمتم

- أزاي استحملتها السنين دي كلها وأقول بكرة ربنا يهديها، بس دي شيطان وربنا عمره ما يهدي شيطان

***

بالجامعة... 
انتهت محاضرات أدم فقرر الذهاب إلى جوري ليصطحبها إلى المنزل، وبالفعل ذهب ورآها تقف برفقة زميلاتها ومجموعة من الشباب فتملكه الغضب وكاد أن يعنفها كعادته، لكنه تذكر وعده فابتعد قليلاً ثم تنفس بعمق وهدأ من الغيرة التي تملكته وخلال دقائق قليلة استرد رباط جأشه واقترب منها قائلاً 

- خلصتي محاضراتك يا قلبي؟ 

تعمد أدم تدليلها ليبرز للجميع صك ملكيتها الممنوح له منذ نعومة أظافرها فخجلت بشدة وظهر ذلك بوضوح على وجنتيها الملونة بالحمرة فما كان منها إلا أنها حركت رأسها بالإيجاب فتابع

- طيب يلا نروح سوا

مضت برفقته دون أن تتفوه ولو بكلمة ثم دلفت إلى السيارة وانتظرت حتى ركب إلى جوارها وقالت بصوت مرتعش

- أ أدم أنا

قاطعها أدم قائلاً بهدوء مصطنع: ما تقوليش حاجة يا قلبي، أنا وعدتك عمري ما أزعلك ولا أقلل من كيانك ووجودك، مش هنكر وأقول مش مضايق بس أنا واثق فيكي

شعرت جوري بالرضا وراحة قلب لم تختبرها يوماً ما جعل ابتسامة ساحرة ترتسم على وجنتيها فغمز لها بمشاكسة وتابع

- الجميل مبتسم ليه؟ 
- بحبك يا أدم، وبحبك بجنون كمان

خفق قلبه بسعادة فرفع كفها إلى شفتيه وطبع على باطنه قبلة عميقة ثم نظر إلى عينيها وردد بدفء

- ربنا يخليكي ليا
- ويخليك ليا

***

في ذات الوقت انتهت محاضرات لمياء فودعت زميلاتها وغادرت ثم وقفت أمام باب الجامعة واندهشت لعدم وجود السائق يقف في انتظارها فبدأت تبحث بعينيها عنه دون جدوى، وما أن أخرجت هاتفها لتتحدث إليه سبقها الواقف خلفها حينما تحدث بثبات

- مستنيه حد؟ 

تعرفت على نبرة صوته فأدارت جسدها على الفور ثم تساءلت بصوت مرتعش: أنت بتعمل إيه هنا؟ 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتي عماد وأجابها: جيت أشوف الدكتورة بتاعتي، اللي بقالها كذا يوم ما بتغيرليش على الجرح وبتبعتلي بنت عمها

غمز لها بمشاكسة بمجرد أن توقف عن الحديث فخجلت بشدة وتخطته بسهولة ثم ابتعدت عنه قدر المستطاع فظهرت على شفتيه شبه ابتسامة تؤكد عدم رفعه لراية الاستسلام 


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

No comments:

Post a Comment