طريقي بقربك/منى سليمان - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, March 12, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الثامن والعشرون - بقلمي منى سليمان

* فستان زفاف *

كبرت يا أمي وتذوقت نكهة الفراق... 
أحدهما فراق حبيب والأخر قريب... 
ولكن يبقى الفراق فراق.. 
ذات الألم.. 
ذات الوجع.. 
ذات السؤال..
متى تعود؟.... 

خطت وعد تلك الكلمات بدفترها وشردت في عالمها الخاص فبالرغم من مرور سبع أشهر على وفاة أبيها وشقيقيها إلا أنها لم تتوقف ولو لليلة عن الحنين لرؤية مصطفى وعبد الرحمن... انتبه أمير إلى شرودها فترك مقعده واقترب منها حتى استقر إلى جواها وأكمل شرحه فعادت إلى أرض الواقع... وبعد مرور ما يقارب نصف الساعة أنهى المحاضرة وجمع أشيائه ثم وقف خارج قاعة المحاضرات في انتظارها فقد كانت تتحدث إلى زميلاتها وما أن انتهت وودعت حنين، اقتربت منه والابتسامة التي يعشقها ترتسم على شفتيها ثم هتفت برقة

- أنا جاهزة
- قدامي يا هانم ولينا عربية تلمنا ونتحاسب فيها

أسرت ابتسامتها واصطنعت الغضب ثم تساءلت: هو أنا عملتلك حاجة ولا هي تلاكيك وخلاص؟ 

- لا مش تلاكيك بس حضرتك قاعده سرحانه في المحاضرة، يلا قدامي 

مضت برفقته إلى السيارة وركبت إلى جواره فمال عليها بشدة وسرق قبلة من شفتيها وبمجرد أن ابتعد عنها ضربته بخفة على كتفه وقالت بدلال

- بطل قلة أدب بدل ما حد يشوفنا
- عادي أنتي مراتي وكلها شهر بالظبط وتخلصي امتحانات وهخطفك في بيتي

غمز لها بمشاكسة فتوردت وجنتيها خجلاً ما جعل الربيع يسري بداخله فكم يعشق خحلها وارتباكها وهي إلى جواره

******

أمام الجامعة... 
كانت تنظر إلى ساعة يدها بين تارة وأخرى والغضب يتملكها فقد تأخر كعادته ولكن تلك المرة قررت تأديبه حتى لا يكرر فعلته... لم تمض سوى دقائق قليلة حتى أوقف سيارته وترجل منها ثم اقترب منها وقال كعادة كل يوم

- أنا أسف أسف أسف أسف

توقف عن إكمال اعتذراه المعتاد عندما رمقته بنظرة نارية لم يعتادها فابتلع ريقه وأردف مازحاً 

- أنتي قلبتي زي ريا وسكينة كده ليه؟ 
- أسكت يا أمجد بدل ما أفرج عليك الجامعة وضواحيها 
- يا ساتر

قالها ثم عاد إلى سيارته وفتح لها الباب فدلفت وأغلقت الباب بعنف فردد بخفوت

- العربية ذنبها إيييييييه؟! 

ركب إلى جوارها ثم قرر تلطيف الأجواء فأمسك كف يدها استعداداً لطبع قبلة على باطنه إلا أنها سحبت يدها وقالت بحدة وصوت عال

- بص لو هنكمل حياتنا تتأخر وتعتذر يبقى من أولها كل واحد في حاله أصلاً كلها قراية فاتحه فخلينا نفضها من أولها

شعر أمجد بغصة في قلبه فقد اعتقد أن ما يربطها به أكثر من الفاتحة التي قرأها والده مع شقيقها انتظاراً لإعلان الخطبة بعد إنهاء عامها الدراسي... شعر بالاختناق وقاد السيارة دون أن يتحدث إليها فكانت تختلس النظر إليه بين تارة وأخرى بعد أن انتبهت لوقاحة ما تفوهت به.... بعد مرور ما يقارب نصف الساعة أوقف السيارة أسفل منزلها فاندهشت بشدة وتساءلت 

- إحنا مش هنروح نشتري الشبكة زي ما قولتلي؟ 

لم يجيبها ولو بكلمة فظنت أنه لم يعد يرغب بها وأن قصة عشقهم انتهت فانفجرت دموعها كالشلال... لم يحتمل صوت بكائها أكثر من دقيقة واحدة ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها إليه فازداد بكائها وتعالت شهقاتها وأردفت بصوت غير مفهوم 

- أ ن باحب اااا ك

قاطعها قائلاً بعد أن أبعدها عنه ومسح دموعها: أشششش خلاص ما تعيطيش، أنا بحبك وعمري ما هبعد عنك

- وأنا كمان بحبك أوي بس بضايق لما بتتأخر عليا وأنت كل يوم بتتأخر
- والله العظيم غصب عني، أوقات أقول ساعة وهخلص والساعة توصل لساعتين وتلاتة
- عارفه أن شغلك صعب وأوعدك أني مش هزعلك تاني وهحاول استحمل
- وأنا أوعدك أني هحاول ما أتأخرش عليكي، يلا نجيب الشبكة والفستان قبل ما تنشغلي بالامتحانات 

حركت رأسها بالموافقة وابتسامة ساحرة تزين ثغرها فطبع قبلة على خصلات شعرها ثم انطلق إلى وجهته

******
أمام مقر جريدة الغد.... 
أوقف حسام سيارته وترجل منها ثم دلف إلى الداخل كالإعصار...  اقترب من موظف الاستقبال وسأله عن مكتب أمل ثم استقل المصعد إلى الطابق الرابع كما أخبره الموظف...  كان الشرار يتطاير من عينيه وكأن بداخله بركان نشط على وشك الانفجار وإلقاء الحمم المشتعلة هنا وهناك... وبمجرد أن توقف المصعد غادره وبحث عن مكتبها فرآها عبر الزجاج تبكي... زفر بضيق وانتظر بالخارج ليهدئ الغضب الذي تملكه حتى لا يزيد حزنها وما أن تمالك نفسه طرق بابها بخفة ثم فتحه وتساءل بهدوء 

- ممكن أدخل؟ 

حركت رأسها بالموافقة ثم كفكفت دموعها وهتفت بخوف: إيه اللي جابك؟ أفرض الزفت ده مراقبني

- طظ ولا يهمني، أنتي بس اللي تهميني

قالها بصوت دافئ فتقابلت أعينهم في نظرة طويلة تبادلا خلالها نظرات أصدق من الكلام ولكن قاطع حسام سحر اللحظة حينما أردف بصوت أقرب إلى الرجاء 

- ماتروحيش

حركت رأسها يميناً ويساراً لتخبره برفض ما قاله فتابع: اعتذري وقولي مش هتكملي المهمة بس ما تروحيش بيته

- مش هينفع وأنت تفتكر لو قولتله مش هروح واعتذرت للواء وقولتله مش هكمل عادل هيسيبني، ساعتها هيعرف أني كنت بخدعه و

قاطعها قائلاً بحنان: أنا هحميكي منه ومن الدنيا كلها بس ما تروحيش

نست تماماً حزنها والخوف المتملك لقلبها وتذكرت فقط لمسته فقد قال كلماته بعد أن وضع كفيها بين كفيه وكأنه يرجوها لكي لا تذهب إلى الموعد فحررت إحدى كفيها وربتت على كفه ثم نظرت مُباشرةً إلى عينيه وتحدثت بهدوء قائلة

- أوعدك مش هيلمس مني شعره وبعدين إحنا بقالنا سبع شهور بنخطط علشان أوصل لبيته ولما ننجح تقولي ما أروحش، وكمان لو حصل حاجة هدوس على الساعة وساعتها تدخل تطلع هولاكو اللي جواك وتفرمه

ارتسمت ابتسامة على ثغره إثر مزحتها ثم حرر كفها وهتف بذات المشاكسة 

- ماشي وخلي كمان شكل اللي جواكي يعطل نانسي ويفرمه
- بقالك كتير ما قولتليش يا شكل
- طبعاً ما أنتي مقضياها نانسي طول ما أنتي قاعده مع البغل اللي أسمه عادل

ضحكت بشدة على جنونه فشاركها الضحك وبقى معها لساعة كاملة ثم ودعها وعاد إلى عمله بعد أن أقسم على حمايتها حتى وإن كان الثمن حياته 

******

في الخامسة عصراً وصل محمود إلى شركته بعد يوم عمل شاق قضاه خارج الشركة نظراً لارتباطه باجتماعات مع شركات أخرى... دلف إلى الداخل واتجه صوب المصعد ليستقله إلى مكتبه ولكن ما أن فُتح باب المصعد وجد رمزية فقد كانت على وشك المغادرة... بادر برسم الابتسامة ثم أفسح لها المجال لتمر فقالت برقة

- ميرسي
- العفو إحنا أهل مفيش بينا ميرسي والحاجات دي

كادت أن تتحدث إلا أنها وجدت طليقها يدلف من باب الشركة ثم اقترب منها وتحدث قائلاً 

- عايز أتكلم معاكي
- من فضلك بطل تطاردني، أنا لا عايزه أتكلم معاك ولا طايقه أشوفك أصلاً 

تطاير شرار الغضب من عينيّ معتصم فقد كان يشعر بالحنين إليها وشعر كذلك بالندم لأنه تركها تضيع من بين يديه فأردف بهدوء عكس الغضب الكائن بداخله 

- أديني فرصة واحدة بس
- استغفر الله العظيم

قاطعها محمود قائلاً ببرود وهو يرمق معتصم بنظرات نارية: هو أنت ما بتسمعش ولا ما بتفهمش؟! ما بتقولك لا طيقاك ولا عايزه تتكلم معاك

أدار جسده ووجه نظراته إلى رمزية ثم تابع متسائلاً: مين الأخ؟ 

- طليقي ومش عايز يحل عني بقاله شهرين بيجري ورايا في كل حته
- أنا بحبك وعايزك ترجعيلي

قالها معتصم فصرت رمزية على أسنانها وقالت بحدة: حبك برص، هو واحد واطي زيك يعرف الحب ده أنا ما صدقت خلصت منك ومن السجن اللي كنت عايشه فيه

- طيب أديني فرصة أخيرة وهعوضك اللي فات و

قاطعته قائلة: والله العظيم لو ما بطلت تطاردني لكون عملالك محضر في القسم 

شرع معتصم أن يدافع عن نفسه إلا أن محمود سبقه وأشار إلى رجال الأمن بالشركة وطلب منهم إلقائه بالخارج، وبمجرد أن اختفى تماماً عن نظرها أردفت بغضب ملحوظ

- إنسان مريض بجد
- ما تضايقيش نفسك ولو أتعرضلك بعد كده أنا هقف في وشه
- متشكره أوي، بعد إذنك
- هخلي السواق يوصلك وبعدين يرجعلي وقبل ما تعترضي هقولك مش هقبل بالاعتراض 

ودعته بابتسامة رقيقة مثلها ثم غادرت فتابعها بعينيه حتى اختفت تماماً ثم ردد في نفسه 

- اللي يطلق واحدة زي دي لازم يندم لأنه أكبر حمار 

*******

مضى ما بقى من اليوم بدون أحداث ومضى الليل كذلك فسطعت الشمس من جديد حاملة معها مفاجأت ومشاكسات والكثير من المشاعر.... 
في الثامنة ترك حسام فراشه فلم يتذوق طعم النوم طوال الليل فكل ما كان يفكر به هو الجميلة التي ألقى بها وسط نيران الخطر والآن لا يتحمل ذلك... توجه صوب الشرفة وأجرى اتصالاً بهاتفها فأجابت برقة قائلة 

- صباح الخير 
- صباح النور، عامله إيه؟ 
- الحمد لله، كمان ساعة هروح الشغل والساعة تلاته هستأذن وأروحله

زفر بضيق ثم مسح وجهه بكف يده فأردفت: روحت فين؟ 

- معاكي، أوعي تنسي تلبسي الساعة و

قاطعته قائلة: أنا مبخرجش من غيرها ويمكن لما المهمة تخلص أخليها معايا

- ومين قالك أصلاً أنك لو رجعتيها هاخدها دي هتفضل معاكي للأبد
- ماشي، يلا أقفل علشان ما تتأخرش على شغلك وأنا كمان مش عايزه أتأخر
- أمل

انطلق أسمها من بين شفتيه بنبرة صوت دافئة فابتسمت بسعادة وهتفت برقة 

- نعم
- خدي بالك من نفسك
- حاضر، مع السلامة

ودعها وأنهى المكالمة ثم دلف إلى الحمام وأنعش جسده تحت المياه الباردة علها تخمد النيران المشتعلة بقلبه، بينما أنهت أمل المكالمة واحتضنت الهاتف ثم أخذت تدور حول نفسها في سعادة حتى اصطدمت بالفراش وسقطت فوقه على ظهرها فشردت في الهمجي الذي لا تشعر بالأمان إلا في حضرته 

******

في العاشرة تململت وعد في الفراش واستيقظت عندما صدع صوت رنين جرس الشقة، انتظرت أن تفتح سوسن لكن ذلك لم يحدث فتركت فراشها بصعوبة واتجهت صوب باب الشقة، وما أن فتحته تعالت شهقاتها حينما وجدت أمير وبيده علبة ضخمة بيضاء اللون وييوسطها شريط من الستان الأحمر فابتسم على هيئتها وقال بمشاكسة

- هو وأنتي صاحيه من النوم كمان بتبقي حلوة؟ 

أسرت ابتسامتها ورسمت الجمود على قسمات وجهها وبدلاً أن تجيبه هتفت بجدية مصطنعة 

- وبعدين في لعب العيال ده، مش أتفقنا تسيبني أذاكر علشان امتحاني أخر الأسبوع
- طلعت عيل ومقدرتش استحمل ما أشوفكيش وكمان جايبلك هدية مش هتقوليلي أتفضل؟ 

لم ينتظر ردها وتقدم إلى الأمام ليدلف إلى الداخل لكنها سبقته ووضعت يدها على صدره مانعة إياه من الدخول ثم هتفت بغيظ

- محدش موجود غيري
- ما أنا جوزك يجوز عادي
- لا أنت قليل الأدب ومش هتقعد بأدبك

قالتها بطريقة تمثيلية فلم يستطع أن يأسر ضحكاته التي صدع صوتها في المكان فشاركته الضحك ثم استردت أنفاسها وتابعت

- هات الهدية وأمشي 
- ظهرتي على حقيقتك وكل همك الهدية

مدت يدها واختطفت الصندوق ثم دلفت إلى الداخل لتضعه على المنضدة وترى ما بداخله فاستغل الفرصة ولحق بها إلى الداخل ثم أغلق الباب ليشاكسها فأتسع صغرها وهتفت بطريقة طفولية أسرة للقلوب

- عيب كده على فكرة
- هستنى تشوفي الهدية وهمشي على طول
- ماشي

أزالت الشريط الأحمر ووضعته على المنضدة ثم فتحت الصندوق ووضعت يديها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق فاقترب منها أكثر حتى استقر أمامها ثم أحاط كتفيها بذراعيه وقال بسعادة

- دي هدية بسيطة علشان مش هتبقي فاضية تشتريه وأنا مش عايز أي حاجة تعطل فرحتنا

تعلقت أعينهم لدقائق قطعها عندما طبع قبلة حانية على جبينها وأخرى على باطن يدها ثم ابتعد عنها ليغادر فلحقت به وقبل أن يغادر استجمعت شجاعتها وتحدثت بخجل قائلة

- أنا بحبك 

أتسعت ابتسامته وخفق قلبه بسعادة فلم تخبره من قبل أنها تحبه والآن قالتها بدون أي تردد أو تفكير فلم يشعر بنفسه إلا وهو يقترب من شفتيها ثم سرق منها قبلة بث فيها عشقه وما أن ابتعد عنها همس بحنان وصوت دافئ غلفه العشق

- وأنا بعشقك

قالها ثم غادر فأغلقت وعد باب الشقة ووقفت خلفه واضعة يدها على قلبها علها تهدى من دقاته ولم تنتبه لنادين التي كانت تختبئ لتراقب ما يدور بينهما فصرت على أسنانها وقالت بغضب

- أصبر عليا يا أمير وأنتي كمان يا خدامة أصبري عليا

بالداخل... 
عادت وعد إلى الصندوق وأخرجت منه فستان الزفاف الذي انتقاه أمير لها ثم ركضت باتجاه غرفتها وأسرعت في ارتدائه ثم وقفت تطالع هيئتها أمام المرآة فبدت ساحرة 

*******

بحديقة سجن النساء ساعدت إحدى السجينات منيرة لتجلس على أحد المقاعد بعد أن أصيبت بشلل تام في يد وصعوبة في الحركة كما أنها لم تعد تقوى على الحديث إلا بصعوبة بالإضافة إلى ثقل قدميها، ولكن ما أن أصدر القاضي الحكم عليها بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً تم ترحيلها من المشفى إلى السجن لتقضي عقوبتها كما سقطت عنها قضية الزنا بموت المدعي... كم تمنت أن يعود بها الزمن إلى الوراء لتغير كل ما فعلته إلا أن أمنتيها مستحيلة فما فعلته أكبر من أن يعطيها الزمان فرصة لتصلحه... فاقت من شرودها ومن ذكرياتها الأليمة عندما اقتربت منها إحدى العاملات بالسجن وقالت بغلظة

- ليكي زيارة

ساعدت منيرة على النهوض ثم اصطحبتها إلى غرفة الزيارة وهناك كانت تجلس رمزية في انتظارها وبمجرد أن جلست منيرة هتفت رمزية متسائلة 

- خير؟!!! المحامي بتاعك كل شوية يقول أنك عايزاني، إيه لسه في حاجة عايزه تسرقيها مني غير بيتي وجوزي وابني وبنتي؟ 

ابتلعت منيرة ريقها وقالت بصعوبة: سسسااام حيييني

- أسامحك؟!!! معتقدش أني ممكن أسامحك، عارفه لو ابني لسه في حضني ويحيى ما قتلوش بسببك كان ممكن أسامحكم لكن أنتوا قتلتوه وأخدتي بنتي من حضني ورمتيها في الأوضة بأيدك وقولتلها اعتبري أمك ماتت ورجعتي بصتيله وقولتيله بالحرف أرمي الزبالة دي بره، فاكره دم ابني اللي سال على رجلي وأنتي نايمة عريانه على سريري وبتبصيلي بانتصار وتضحكي وجايه بعد ده كله تقوليلي أسامحك، يوم القيامة هقف أنا وأنتي ويحيى قدام ربنا وهطلب حقي وحق بنتي وابني منك ومنه

- أرررجووووكي ساااام

قاطعتها قائلة: ربنا هو اللي بيسامح، ربنا يسامحك ويزيح الذنوب عن كتفك لأن ذنوبك كتير أوي، أنتي زيك زي الشياطين بالظبط

ارتدت رمزية نظارتها الطبية ثم حملت حقيبتها وغادرت  فانفجرت دموع منيرة كالشلال وظلت تبكي وتبكي حتى انقطع صوت بكائها وصعدت روحها إلى من سيحاسبها على كل ما فعلت بنفسها وبولديها وبيحيى وبرمزية وطفلها التي كانت سبباً في رحيله قبل أن يولد

******

في الثالثة عصراً حملت أمل حقيبتها لتغادر إلى موعد عادل، لكنها من أن غادرت مقر الجريدة تفاجأت بحسام ينتظرها بالخارج... خفق قلبها بسعادة بالرغم من شعورها بالخوف فاقتربت منه وقالت بارتباك

- جيت ليه، ممكن حد يشوفنا؟ 
- جيت أشوفك وأطمنك أني جمبك
- أنا بجد متشكرة ليك أوي وبأمر الله النهارده هعمل المستحيل علشان أكشفه

ودعته بابتسامة ثم اتجهت صوب سيارتها وانطلقت بها فتبعها بسيارته والخوف يتملكه... بعد مرور عدة دقائق أوقفت سيارتها أسفل عقار فخم ثم دلفت إليه بعد أن أطمئنت لوجود حسام بينما ترجل هو من سيارته وأنضم إلى شاحنة الحراسة الأشبه بمركز معلومات متنقل يسجل كل خطوات أمل وحديثها مع عادل صوت وصورة... في ذات اللحظة استقلت أمل المصعد إلى الطابق الأخير وتقدمت من باب الشقة بخطوات هادئة على عكس نبضات قلبها المتسارعة ثم استجمعت شجاعتها وضغطت زر الجرس... أسرع عادل وفتح باب الشقة، وبمجرد أن دلفت أغلق الباب ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها منه بشدة وهتف

- الشقة نورت
- هو هو أنت عايش هنا يا دودي؟ 
- لا عندي فيلا، لكن الشقة دي محدش بيدخلها غيري وأديكي نورتيها 

مال على شفتيها ليقتطف قبلة إلا أنه تراجعت قليلاً إلى الخلف وهتف بدلال مصطنع 

- مش على طول كده يا دودي خليني أخد عليك الأول
- اللي تأمري بيه هعمله، لو تعرفي أنا بحبك قد إيه كنتي تعشقيني أنا بقالي أكتر من سنة بحلم أكون معاكي لوحدي

خفق قلبها بسرعة وأخذ صدرها يعلو ويهبط من شدة الخوف فغيرت مجرى الحديث قائلة 

- قولي صحيح الحراسة مش تحت ليه؟ 
- لا محدش يعرف أني بره الفيلا، أوضتي فيها باب سري بيوصل لسلم ومنه على البدروم ومن البدروم بخرج من غير ما حد يعرف دخلت أمتى ولا خرجت أمتى
- ده أنت خطير أوي على كده
- ولسه هوريكي مواهبي كلها في الأوضة

اصطنعت الخجل لتخبئ خوفها ثم تركته ودلفت إلى المطبخ مدعية العطش فلحق بها وأحاط خصرها من الخلف بذراعيه وأردف بوقاحة

- أنتي حلوة أوي

حررت جسدها بصعوبة وأعطته كوب العصير خاصته بعد أن وضعت به قطرات المخدر فشربه بالكامل ثم اصطحبها إلى غرفة النوم وقام بخلع ثيابه وبدأ يقترب منها شيئاً فشيئاً لكنه ما أن استقر أمامها شعر بالتعب والإرهاق فساعدته في الوصول إلى الفراش وبقت جالسة إلى جواره حتى فقد وعيه فصفعته على وجنته بكل الغضب الكائن بداخلها ما أخمد النيران بقلب حسام الذي غادر سيارة المراقبة وصعد إليها بعد أن فشلت جميع محاولات زملائه في منعه... طرق الباب بعنف فتركت غرفة النوم واتجهت صوب باب الشقة وبمجرد أن فتحته جذبها إلى صدره فتمسكت به وانفجرت دموعها كالشلال فاندهش زملائه الذين راقبوا كل ما يحدث من خلال الكاميرا المعلقة بثياب أمل... بعد مرور عدة دقائق ابتعدت عنه والخجل يكسو وجنتيها فمرر يده بين خصلات شعره وقال بارتباك

- لازم ندور على شيء يدينه في تجارة الأعضاء 

حركت رأسها بالموافقة ثم بدأت تبحث عن أي شيء فساعدها حسام في ذلك، وبعد مرور ما يقارب الساعة مطت شفتيها بصجر وهتفت بحزن

- مش لاقيه حاجة
- ولا أنا بس الدور ده كله ليه وأنا حاسس أن حجم الشقة أصغر
- مش فاهمه
- يعني في جزء من الشقة مش موجود 

بدأ في إنزال جميع الصور المعلقة على الجدران بحثاً عن باب سري إلا أنه لم يجد شيئاً فنظرت أمل إلى المرآة الكبيرة الموجودة بغرفة النوم وقالت 

- أنا عمري ما شفت مراية من الحيطة للحيطة 
- عندك حق

اقترب من المرآة وأخذ يتحسسها بيده فوجد زر صغير في نهايتها وبمجرد أن ضغط عليه تحركت وكأنها بوابة لممر طويل فدلف إلى الداخل ووجد نفسه يقف بين جبل من الأموال بالإضافة إلى أوراق تبثت تورطه في تجارة الأعضاء كما وجد صور لنساء عاريات ورسائل تهديد لهن بغرض الإبتزاز وجعلهن يعملن بالدعارة وبالإضافة إلى كل ذلك وجد كمية من مخدر البانجو وكمية ليست بالقليلة من مادة الهيروين فأعطى الإشارة لرجاله وطلب منهم اقتحام المنزل


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

No comments:

Post a Comment