سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Saturday, March 16, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

March 16, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الحادي والثلاثون - بقلمي منى سليمان

* طلب زواج * 

في الرابعة عصراً وصل محمود إلى وجهته وبمجرد أن رأى رمزية تقف في انتطاره ترجل واقترب منها ثم ألقى عليها التحية وابتعدت ليفتح لها باب السيارة فاندهشت بشدة إلا أنها لم تعلق بل ركبت فأسرع بالركوب ثم انطلق إلى أحد المطاعم الهادئة.... في ذات اللحظة أوقف حسام سيارته أسفل منزل سوسن ثم ترجل منها وحمل الصغيرة واصطحب أمل إلى الداخل وخلال دقائق قليلة ضغط زر الجرس فتركت سوسن غرفتها واتجهت صوب الباب لتفتحه وابتسمت عندما رأت حسام يحمل طفلة صغيرة تشبه الملائكة إلى حد كبير فقالت بسعادة بعد أن حملتها بين ذراعيها

- بسم الله تبارك الله مين الجميلة دي؟ 
- أول ما ندخل هقولك على طول

قالها حسام بمشاكسة بعد أن نست سوسن أن تطلب منه الدخول فرحبت به وعانقت أمل وبمجرد أن أغلقت باب الشقة جلست على أحد المقاعد وأجلست الصغيرة فوق قدميها فمال حسام على أذن أمل وهتف بصوت خفيض

- شوفتي فرحانه بيها أزاي
- عندك حق وهتملي عليها هي وطنط رمزية البيت

أدار وجهه نحو سوسن وراقبها وهي تداعب الصغيرة بسعادة ثم تنفس بعمق وقرار إخبارها بالاقتراح داعياً إلى الله أن تقبل بقاء أمل معها

- الجميلة دي لقوها من سنة وشهر مرميه جمب برميل زبالة

تعالت شهقات سوسن وأتسع ثغرها في صدمة فأردف: ومن يومها وهي موجودة في دار الأيتام الخاصة بأسرة أمير فإيه رأيك تتبنيها وتملى عليكي البيت؟ 

تأملت سوسن الملاك الجالس على قدميها بأعين ملأتها الدموع فكيف لأم أن تتجرد من إنسانيتها وتلقي بطفلتها إلى جوار صناديق القمامة... بعد مرور عدة دقائق رفعت رأسها ونظرت إلى حسام قائلة

- البيت فضي عليا بعد ما وعد أتجوزت ورمزية كمان أجرت شقة ومصممة تعيش فيها علشان ما تقلش عليا بس قالت هتيجي كل فترة تشوفني فأكيد ربنا بعتكم ليا علشان تجيبولي القمر ده ينور حياتي، أنا موافقة

نظرت أمل إلى حسام بسعادة وامتنان كما فعلت سوسن فتركهن ودلف إلى الشرفة ليتحدث إلى أمير في الأمر... في ذات اللحظة كان أمير يطعم صغيرته بيده ليدللها ثم اقتربت منها بشدة ليقتطف من شفتيها قبلة ولكن قاطعه صوت رنين الهاتف فزفر بضيق وضيق بين حاجبيه قائلاً 

- تلاقيكي أنتي اللي موصياهم يقاطعوني

ضحكت بشدة على جنونه بالرغم من شعورها بالخجل فتركها واتجه صوب الهاتف وبمجرد أن وجد أسم المتصل "حسام" نظر إلى الهاتف بغيظ وتمتم في نفسه

- ليك يوم نقاطعك فيه

استرد هيبته وضغط زر الإيجاب فاطمئن حسام عليه وعلى وعد في البداية ثم قص عليه ما حدث فرحب هو الأخر بالفكرة قائلاً 

- أنا معنديش مانع طبعاً بس هكلم المحامي يشوف الإجراءات وهعرف منه ينفع ولا لا، أقفل هكلمه وأرجع أكلمك

ودعه حسام وأنهى المكالمة فعاد أمير إلى طفلته الرقيقة ثم طبع قبلة سريعة على وجنتها قبل أن يتركها ويدلف إلى الشرفة... بحث عن رقم المحامي الخاص بالعائلة ثم أجرى الاتصال وقص عليه الأمير فهتف

- قانوناً الاولوية في التبني بتكون لزوجين وميكونش عندهم أكتر من طفلين بس كمان مسموح للمطلقات والأرامل ومن لم تتزوج فوق التلاتين وأقل من الستين سنة بالتبني، الحمد لله في محضر للبنت يوم ما جابوها وبيه هقدم طلب للشئون الاجتماعية بطلب التبني

شعر أمير بفرحة عارمة فسيصبح لأمل الصغيرة أم جديدة تحبها وترعاها فقال بسعادة

- أنا متشكر جداً، ياريت تبدأ في الإجراءات وهديلك رقم القدم حسام علشان الأوراق المطلوبة لأني هسافر كمان ساعتين

بعد مرور عدة دقائق أنهى أمير المكالمة وبحث عن طفلته فوجدها تخرج من باب الحمام، اقترب منها وأحاط خصرها بذراعه ثم قربها إليه بشدة وسرق القبلة التي تمناها منذ دقائق وما أن ابتعد عن شفتيها أسند جيبنه على جبينها وقال بصوت دافئ

- بحبك 
- وأنا بموت فيك

قالتها بعد أن أبعدت رأسها إلى الخلف قليلاً وطوقت عنقه بذراعيها فابتسم بسعادة وتحدث قائلاً 

- عندي ليكي خبر حلو
- قول
- حسام كان بيكلمني علشان طنط سوسن عايزه تتبنى أمل فكلمت المحامي وطلبت منه يمشي في الإجراءات 

بمجرد أن توقف عن الكلام، نظر مُباشرةً إلى عينيها ليتأمل لمعة السعادة الساكنة بالداخل فقالت برقة

- أنا مبسوطة أووووي أمل هتملى البيت على ماما سوسن وهتحس بحنان الأم بجد
- نفسك يبقى لينا أولاد؟ 
- أيوه عايزه يبقى عندي تلات أربع بنات ومش عايزه ولاد خالص

قالت كلماتها الأخيرة بصوت كساه الألم فعلم أن الجرح الساكن بقلبها لم يلتئم فكل ما حدث لها بسبب تفضيل والدها للذكر على الأنثى فقرر تلطيف الأجواء قائلاً 

- أنا كمان عايز تلات أربع بنات، تعالي بقى أشرحلك بحب البنات قد إيه

غمز لها بمشاكسة فضحكت على جنونه الذي لا يتوقف ثم مضت برفقته لتقضي بين أحضانه لحظات سُرقت من الزمن

*******

بأحد المطاعم الهادئة... 
جلست رمزية على أحد المقاعد بعد أن سحبه محمود لها ثم جلس على المقعد المقابل لها وتساءل بهدوء 

- تحبي تشربي إيه ولا نتغدى؟ 
- لا شكراً مش جعانه، ممكن أخد فنجان قهوة

لم ينتظر ولو لدقيقة فأشار إلى النادل وطلب منه إحضار ما طلبته وبمجرد أن ابتعد نظرت إليه وتساءلت عن الموضوع الهام الذي تحدث عنه عبر الهاتف فارتبك بشدة خوفاً من رفضها إلا أنه استجمع شجاعته وقال بثبات

- من غير مقدمات ولا لف ودوران أنا عايز أتجوزك على سنة الله ورسوله 

أتسع ثغرها وجحظت عينيها بعدم تصديق فقد ظنت أنه سيتحدث معها في العمل والآن يتقدم إليها بعرض زواج، فابتلع ريقه بصعوبة نظراً للاندهاش الذي سيطر على قسمات وجهها وتابع

- خدي وقتك وفكري براحتك أنا مش مستعجل 
- أستاذ محمود أنا

قاطعها قائلاً: من فضلك بلاش تاخدي قرار سريع وأدي لنفسك فرصة تعرفيني قبل ما تقولي قرارك

- بس

قاطعها مرة أخرى قائلاً بصوت أقرب إلى الرجاء: أرجوكي فكري، أنا من يوم موت سهام الله يرحمها ما فكرتش أتجوز ولا شوفت ست غيرها لكن من أول مرة شوفتك حسيت أني محتاجلك وأنتي كمان محتاجة حد يعوضك اللي فات

شعرت بالخجل من كلماته كما شعرت برغبة ملحة في الاختفاء من أمامه... أرادت أن تصرخ بأعلى طبقات صوتها لتخبره برفضها لكن صوتاً بداخلها طالبها بالتمهل علها الفرصة المناسبة لتنسى ما مضى والعذاب الذي عاشته بين يدي يحيى ومعتصم... شردت بشدة لدرجة جعلته يعتقد أنها غرقت في بحور عميقة فأخرجها من شرودها عندما أردف

- تحبي تروحي؟ 

كادت أن تجيبه لكن قاطعها النادل حينما وضع فنجان القهوة أمامها وأخر أمام محمود وبمجرد أن ابتعد قالت بهدوء 

- لو تسمحلي فعلاً عايزه أمشي
- طيب أشربي قهوتك وهنمشي

حركت رأسها بالموافقة وبدأت في ارتشاف قطرات قهوتها المرة كأيام حياتها الماضية وبعد مرور عدة دقائق انتهت فاصطحبها محمود إلى السيارة وقادها إلى منزل سوسن دون أن تتحدث فاحترم سكونها وصمت هو الأخر

******

مضت عدة أيام هادئة كانت بمثابة نقطة فاصلة للجميع.... 
قضت وعد عشر أيام بمدينة العشق والعشاق فينسيا بمدينة السحر إيطاليا... شعرت بالحياة تسري بداخلها من جديد لوجودها في هذا المكان الساحر برفقة حبيبها ونبض قلبها الذي عاملها معاملة الأميرات وأذاقها السعادة بأنواعها المختلفة
تأكدت حنين بالدليل القاطع من جنون أمجد فبالرغم من وجودهما في إيطاليا إلا أنه لم يتوقف عن مشاكساته... تذوق بجوارها نكهة جديدة للسعادة وأسقاها كذلك من بحور عشقه فأصبحت تسكن روحه كما سكن روحها
حافظ حسام على الوعد الذي قطعه لأمل فعاملها بلطف طوال العشر أيام الماضية وتخلى تماماً عن أسلوبه الهمجي فشعرت بالسعادة وتمنت أن يصارحها بمشاعره لكنه كعادته لم يفعل بل خبئ مشاعره كما خبئ صورها الموجودة بهاتفه
أخبرت سوسن شقيقها بقصة التبني عبر مكالمة هاتفية نظراً لعمله خارج البلاد فرحب بشدة كما وعدها بزيارتها في أقرب وقت فقضت الأيام المنصرفة في تجهيز كل ما يلزم صغيرتها بداية من فراش ملائكي إلى ملابس وأدوات رضاعة فشعرت بالحياة تسري بداخلها من جديد
طوال تلك الأيام جهزت سوسن جناح أمير استعداداً لعودته هو وعروسه، كما أشرفت على تجهيز فيلا أمجد لاستقباله هو وعروسه وبداخلها فرحة عارمة
بحثت نادين عن عمل بعد أن خسرت كل أموالها مقابل صمت إبراهيم فحصلت على عمل بأحد المستشفيات الخاصة لكنها لم تكن مشفى كبري كالذي يمتلكه أمير ما زاد الحقد بقلبها
طوال العشر أيام تعمد محمود عدم اللقاء برمزية بالرغم من رغبته في ذلك إلا أنه فضل البقاء بعيداً عنها حتى تأخذ قرارها... أما هي فكانت أسيرة الحيرة هل توافق وتكمل حياتها معه ليعوضها ما فات، أم ترفض وتمضي في طريقها دون أن تعتمد على أحد؟

******

بجناح أمير... 
استيقظ في العاشرة صباحاً بتوقيت إيطاليا ثم إتكئ على ذراعه وأخذ يتأمل الجميلة النائمة إلى جواره... داعب خصلات شعرها بيده علها تستيقظ لكنها كانت غارقة بالنوم فاقترب منها بشدة وطبع قبلة على أرنبة أنفها وأخرى على وجنتها ثم انتقل إلى شفتيها فتململت بكسل ثم فتحت عينيها لتتقابل بزرقاوية عينيه فابتسمت وقالت بجدية مصطنعة

- بطل رخامة وسيبني أنام
- لا كفاية نوم وقومي علشان نفطر قبل ما نروح المطار

مطت شفتيها بضجر عندما تذكرت أنها ستغادر فينسيا فبدت كطفلة غاضبة... أسر ابتسامته بصعوبة وأزال الخصلات الساقطة على وجهها وشفتيها وأردف

- هنيجي تاني ما تزعليش
- كنت حاسه أننا بعيد عن الدنيا وما فيها ودلوقتي هنرجع وهتنشغل عني في شغلك وأنا في المذاكرة 

كانت كلماتها بسيطة إلا أنها أخبرته بأن صغيرته تعشقه حد الجنون وتتمنى قربه إلى ما لا نهاية فقبل جبينها بحنان ثم هتف بصوت هادئ غلفه العشق 

- مستحيل انشغل عنك عارفه ليه؟ 

خفق قلبها في سعادة أثر كلماته العذبة إلا أنها لا تعرف إجابة سؤاله وأرادت بشدة معرفتها فحركت رأسها يميناً ويساراً بالنفي ليتابع وهو يشير بسبابته إلى حيث قلبه

- لأنك عايشه هنا

لمعت عينيها فرحاً فتطاير سحر نظرتها وكأنها سهام عشق اخترقت قلبه ووجدانه ولم يفق من سحرها إلى عندما أسندت رأسها على صدره لتشعر بالدفء الذي لا تجده إلا بين أحضانه 

*****

بجناح أمجد... 
انطلق صوت آلة التنبيه فاستيقظ أمجد وأسرع بإيقافها قبل أن تفيق الجميلة النائمة وهي تتخذ ذراعه كوسادة... أخذ يتأملها في صمت وكأنه يود حفر صورة لها وتساءل في نفسه يا لكِ من جنية لتجعليني أسير عشقكِ فأصبحتِ لقلبي لعنة لا اتمنى زوالها... بعد مرور عدة دقائق شعرت بأنفاسه تقترب من أذنها ليهمس بصوت هادئ

- نونا حنون نونو يلا أصحي يا عمري

استيقظت مع أول كلمة نطق بها إلا أنها قررت مشاكسته ليزيد من دلاله فتابع بعد أن طبع قبلة على كتفها

- يلا يا عمري قومي علشان ما نتأخرش على الطيارة

اصطنعت الضجر فأدارت وجهها نحو الطرف الأخر وهي مازالت مغمضة العينين فذهب بإتجاه الطرف الأخر وعلم أنها تتصنع النوم عندما شددت في إغلاف عينيها فرفع أحد حاجبيه بعد أن أعلن عليها الحرب... أنقض عليها كفريسة وقعت أخيراً بين أنيابه ثم بدأ يدغدغها لتنطلق من بين شفتيها أعلى الضحكات وتوسلت عدة مرات ليتوقف لكنه لم يفعل 

- هموووت مش قادرة 

أعلن هدنة مؤقتة ليسرق قبلته الصباحية ثم أكمل حربه لكن تلك المرة لم يدغدغها بل حملها بين ذراعيه واتجه بها صوب الشرفة ثم قال مازحاً 

- أرميكي؟ 
- أهون عليك يا ميجو؟ 

قالتها بدلال فعض شفتيه بهيام ثم غمز لها ببلاهة فانفجرت ضاحكة بأعلى طبقات صوتها ورردت وهي تمسك بوجنتيه

- مجنون خالص يا روحي

*******

بعد مرو عدة ساعات هبطت طائرة مصر للطيران القادمة من إيطاليا داخل مطار القاهرة... ترجلوا منها واتجه كل منهم إلى سيارته مصطحباً عروسه فانطلق أمير إلى منزله ولحق به أمجد فخالته تعد عزيمة يحضرها الجميع احتفالاً بعودتهم... بعد مرور ما يقارب نصف الساعة وصلوا إلى وجهتهم ودلفوا مُباشرةً إلى الداخل فاستقبلتهم سلوى بفرحة وكأن اليوم عيدُ... اصطحب أمير زوجته إلى جناحهم لتبدل ثيابها، لكنه بمجرد أن دلف إلى الغرفة جذبها إلى صدره ونظر إلى عينيها قائلاً 

- الفيلا نورت يا عمري
- منورة بيك يا حبيبي
- قوليها كمان

طوقت عنقه بذراعيها وكررت كلمتها مراراً وتكراراً فغمرته السعادة بشتى أنواعها وكاد أن يبادلها بكلمات الغزل إلا أن الخادمة قاطعته عندما طرقت باب الغرفة لتخبرهم بوصول بوصول سوسن ورمزية فركضت وعد إلى الأسفل وارتمت بين أحضان والدتها لتقول الأخيرة بحنان

- وحشتيني
- وأنتي كمان 

شددت وعد في احتضانها ثم ابتعدت عنها واحتضنت سوسن وبمجرد أن وقعت عينيها على أمل الصغيرة اقتربت من سلوى وحملتها ثم أخذت تداعبها وتشاكسها فمال أمير على أذنها وهمس بمشاكسة

- أنا عايز واحدة زيها بالظبط، أتصرفي

غمز لها بمشاكسة فتوردت وجنتيها خجلاً ما جعل سلوى تبتسم وتدعوا لهما بالذرية الصالحة كما دعت لحنين وأمجد.... بعد مرور عدة دقائق حضر حسام فرحب به الجميع لكنه لم يرى سوى الجميلة الجالسة إلى جوار شقيقته ووعد فاقترب منهن وتأمل عينيها في صمت ثم احتضن شقيقته وطبع قبلة على وجنتها وهمس بالقرب من أذنها

- مبسوطة يا قلبي؟ 
- أوووي

أجابته وهي مازالت بين أحضانه فلم تستطع أسر الدموع التي تساقطت من مقلتيها... أبعدها عنه ومسح دموعها بيديه ما أشعل غيرة أمجد فقال بغيظ

- ما تخف يا عم الحلو

أدار حسام جسده ورمق أمجد بنظرة نارية فابتلع الأخير ريقه وأردف ببلاهة

- بهزر
- دي أختي قبل ما تبقى مراتك يا مشرحجي

قالها بعد أن أحاط خصر شقيقته وقربها إليه فطبعت قبلة على وجنته وقالت بسعادة

- ربنا يخليك ليا يا حبيبي

توعد لها أمجد لكنها لم تهتم بينما راقبته أمل في صمت وزاد انجذابها نحوه فبالرغم من كل شجارهم إلا أنها استشعرت الحنان الساكن بقلبه وبخاصة حينما حمل الصغيرة وأخذ يداعبها ويلقي بها في الهواء ثم يعود ليمسك بها

******

تبادلوا أطراف الحديث وقضوا أوقات سُرقت من الزمن وبمجرد أن وصل محمود اجتمعوا على مائدة الطعام... كان يختلس النظر إلى رمزية بين تارة وأخرى فخبأت عينيها عنه حتى لا يلاحظ أحد فمالت سوسن على أذنها وهتفت بصوت خفيض

- والله حرام عليكي ده شكله واقع خالص
- بس يا سوسن هو إحنا عيال صغيرين ولا إيه؟! 
- طيب خليكي قاعده تفكري لحد ما يزهق ويطفش

ما أن وصلت كلمات سوسن إلى مسامع رمزية ضيقت بين حاجبيها وأخذت تتحدث إلى نفسها فاندهش من هيئتها وتساءل

- الشغل عامل معاكي إيه يا مدام رمزية؟ 
- الحمد لله 

قالتها باقتضاب دون أن تنظر إليه وأكملت تناول الطعام فلوى ثغره بضجر بينما وكز أمير ذراع أمجد الجالس إلى جواره وسأله بصوت خفيض

- هو أبوك مش قاعد على بعضه كده ليه؟ 
- بعدين هقولك
- أنت عارف حاجة أنا معرفهاش؟ 
- ما قولت بعدين سيبني أكل، أنا جعاااااان

*******

ما أن فرغوا من تناول الطعام صعدت وعد إلى جناحها بعد أن اصطحبت حنين وأمل، بينما طلب حسام من أمير التحدث إليه في أمر هام فلحق بهما أمجد، أما سلوى فغادرت إلى غرفتها لتصلي فرضها ولم يتبق سوى محمود ورمزية بالإصافة إلى سوسن وطفلتها فقررت إفساح المجال لمحمود عله يقنع رمزية فلحقت بوعد... انتظر محمود حتى صعدت سوسن ثم نظر إلى رمزية وتنحنح قائلاً 

- أزيك؟ 
- بخير 

قالتها باقتضاب ثم وقفت عن مقعدها لتغادر لكنه لحق بها بل وسبقها ووقف أمامها بدون سابق إنذار فاصطدمت بصدره وكادت أن تسقط على ظهرها إلا أنها تمسكت بثيابه حتى استعادت توازنها ثم ابتعدت عنه وقالت بارتباك

- ح ح حضرتك ما ينفعش كده، لو حد شافنا هيقول إيه؟ 
- أنا منتظر قرارك من عشر أيام واعتقد ده وقت كافي أنك تقولي ردك

خفق قلبها بسرعة لم تعتادها منذ أن انفصلت عن يحيى فعلمت أنها تكن له مشاعر... ترددت في إجابته وصمتت تماماً فكرر كلماته بصوت أكثر دفئاً لتجيبه وهي توجه نظراتها إلى الأرض

- موافقة

لم تستطع أن تقف أمامه لدقيقة أخرى فقد كان شعورها بالخجل يفوق طاقتها فركضت مبتعدة ثم صعدت الدرج بسرعة جنونية حتى أنها تعثرت أكثر من مرة فابتسم بسعادة وشرد بشده ولكن أعاده صوت سلوى إلى أرض الواقع

- مبروك يا محمود، قولتلك هتوافق من غير ما أكلمها
- الله يبارك فيكي 
- تعالى أشرب الشاي وبعدين نجمعهم ونبلغهم الخبر، ربنا يسعدك وتقدر تعوضها اللي شافته في حياتها

*****

بغرفة الفتيات.... 
دلفت رمزية بدون سابق إنذار وجلست إلى جوار سوسن وحمرة الخجل تلون وجنتيها فابتسمت سوسن بسعادة ومالت على أذنها قائلة 

- نقول مبروك؟ 
- بس يا سوسن للبنات ياخدوا بالهم، أصلاً أنا متوترة جداً 

اتتبهت حنين إلى الحديث السري الذي يدور بين سوسن ورمزية فوكزت وعد في ذراعها وتساءلت

- بت يا وعد، أمك وطنط سوسن بيخططوا لحاجة
- اه وعلى السفرة كمان كانوا كده
- لازم نعرف

قالتها حنين ثم تركت مقعدها وجلست إلى جوار سوسن وعلها تحصل على معلومة وبالفعل نالت مرادها عندما اعترفت سوسن بمجرد أن سألتها حنين فتعالت شهقاتها ووقفت عن مقعدها قائلة بأعلى طبقات صوتها

- طنط رمزية هتتجوز عمو محمود، زعرطوا يا بنات

زاد شعور رمزية بالخجل والارتباك خوفاً من رد فعل وعد لكن الأخيرة ابتسمت بسعادة وأعطت الصغيرة إلى أمل ثم اقتربت من والدتها وعانقتها

- مبروك يا ماما، ربنا يسعدك ويعوضك اللي فات
- مش مضايقة؟ 
- لا طبعاً أنتي لسه صغيرة وزي القمر ومن حقك تعيشي حياتك 

******

بغرفة المكتب الخاصة بأمير... 
نظر أمير إلى أمجد بتساؤل فرفع الأخير كفيه ليخبره أنه لا يعرف شيئاً فنظر إلى حسام وتساءل 

- يا حسام إحنا مش فاهمين حاجة، قول على طول عايز إيه؟ 
- أنا معجب بأمل أو بمعنى أدق بحبها 

اندهش أمير بشدة بينما ابتسم أمجد فقد توقع حدوث هذا نظراً لقرب حسام من ابنة خالته لكنه قرر مشاكسته فهتف بحدة مصطنعة

- وبتقولها عادي كده طب أحترم أن أخوها قاعد وأنا

قاطعه حسام قائلاً بغيظ: أتهد شوية

- حاضر كمل يا عندليب

رمقه حسام بنظرة نارية ثم وجه نظراته إلى أمير وقال: أنا لحد دلوقتي ما صارحتهاش بمشاعري بس في اللحظة المناسبة هقولها ومش عايز أحس أني بسرق حاجة مش من حقي علشان كده عايز ده يتم بعلمك

شعر أمير بالرضا واطمئن على شقيقته فالجالس أمامه رجلُ بمعنى الكلمة ودخل البيت من بابه ليحافظ عليها فاقترب منه وربت على كتفه ثم تحدث قائلاً 

- وأنا مش هلاقي لأختي إنسان يحافظ عليها زيك

كاد حسام أن يتحدث لكن قاطعه دخول محمود إلى الغرفة وقص عليهم رغبته في الزواج من رمزية كما أخبرهم بموافقتها فرفع أمير أحد حاجبيه باندهاش وردد في نفسه

- شكلي فتحت نفسهم على الجواز 

*******

بسويسرا.... 
ترك مقعده عندما صدع صوت رنين هاتفه فالتقطه ولوى ثغره بغيظ ثم أجاب قائلاً بحدة وصوت عال

- بتتصل من رقمك ليه؟ أكيد متراقب
- ركبت فيه جهاز تشويش، هتوصل أمتى يا باشا؟ أنا بقالي أسبوعين متبهدل وعايز أخرج من مصر في أسرع وقت

جلس الشاب على مقعده واضعاً قدم فوق الأخرى وأجابه: أسبوع أو عشر أيام بالكتير وهاجي تكون الدنيا هديت، هبعتلك حد بمفتاح بيت الفيوم تفضل فيه

- وأنا هكون في انتطارك

أنهى المتصل المكالمة وكذلك الشاب ثم أشعل سيجارة وبدأ ينفس دخانها في الهواء بطريقة تدل على حزنه فردد في نفسه

- همحيكي من على وش الأرض بعد ما أخليكي تطلبيها بنفسك

ألقى بسيجارته على الأرض ثم دعسها بقدمه وغادر فصدع صوت ضحكاته الشيطانية بأرجاء المكان

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Thursday, March 14, 2019

القيصر الصغير/إبراهيم العمري

March 14, 2019 0
القيصر الصغير/إبراهيم العمري

وصوني ما تبقى من رميم القلب  ولا تذريه
شوقا اتاكي محترقا يا مليكتي الا تسعفيه
في بحور الحب وجذف اما كفاه الا ترسيه
اتري ذاك القلب مقيد وحصونا عنك تثنيه
لا يا مليكتي لاجل عيناك حلق فلا تذبحيه

للقراءة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا

Tuesday, March 12, 2019

حقيقة الحب/مجموعة كتاب

March 12, 2019 0
حقيقة الحب/مجموعة كتاب

حينما تشتد العواصف خارج حدود منزلي ، يبحر زورق الذكريات إلى تلك البحار المنسية في أعماق الروح ..فأذكرك ..
لسنا نشبه الأحباب ولا الأصدقاء . مابيننا ليس يشبه الذي يعرفه البشر 
للقراءة: إضغط هنا
للتحميل: إضغط هنا

طريقي بقربك/منى سليمان

March 12, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل التاسع والعشرون - بقلمي منى سليمان

* عرس * 

أعطى مفتاح سيارته إلى أحد زملائه بعد أن طلب منه توصيلها إلى مقر الإدارة ثم اتجه صوب سيارتها وانطلق إلى منزلها... كانت هادئة تماماً على غير عادتها فشعر بالقلق عليها وهتف بصوت دافئ

- مالك؟ 

أبعدت أمل رأسها عن زجاج السيارة الذي كانت تستند عليه ثم نظرت إلى حسام وأجابته بصوت كساه الحزن والألم

- زعلانه من الدنيا وناسها اللي قلوبهم مبقاش فيها رحمة، شوفت جبل الفلوس اللي شفناه بيقولنا أن العصابة قتلت ناس كتير أووووووي

شعر بغصة في قلبه إلا أنه لم يظهر ذلك بل أوقف السيارة على جانب الطريق وتحدث مازحاً 

- لا أنا مش واخد على هدوئك يا شكل، كده هأخدك لاقرب مستشفى علشان أطمن على قواك العقلية

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها سرعان ما تلاشت عندما أوقف المحرك تماماً ثم ترجل من السيارة واتجه صوب بابها وفتحه قائلاً بهدوء 

- يلا أنزلي

مد لها يده فوضعت كفها بداخل كفه وترجلت هي الأخرى فاصطحبها في نزهة سيراً على الأقدام لتلقي بحزنها داخل مياه النيل... كان يشاكسها تارة ويتحدث إليها بجدية تارة أخرى فنست بقربه حزنها كما نست الزمان والمكان

*******

مضت أيام تلتها أيام وحل الربيع بقلوب البعض بينما قضى البعض الأخو أسوأ أيام حياته
رفضت والدة منيرة استلام جثمانها فلم تكن تعلم بكل جرائم ابنتها فقررت إدارة السجن دفنها بمقابر الصدقة
تم ترحيل عادل إلى سجن المزرعة استعداداً لمحاكمته بعد أن تم إثبات التهم المنسوبة إليه، كما تم إلقاء القبض على جميع أفراد عصابته وتم حبسهم جميعاً على ذمة التحقيقات
انفردت أمل بنشر تفاصيل القضية باعتبارها الشاهدة الأساسية وتسابقت القنوات الفضائية والإذاعات على إجراء مقابلات معها
لازم حسام المشاكسة التي سيطرت على عقله وتفكيره أينما ذهبت فقد خشى أن يصيبها مكروه أو أن يقوموا بقتلها قبل جلسه النطق بالحكم
كان أمجد يصطحب حنين إلى الجامعة صباح كل امتحان ليشجعها وانتظر بفارغ الصبر انتهاء الامتحانات ليأتي يوم الخطبة وعقد القران
*أما أمير فانشغل طوال الوقت بتجهيز عرسه الذي سيقاوم بعد انتهاء امتحانات وعد بثلاث أيام *

******

بمنزل سوسن... 
علّا صوت الموسيقى في أركان المنزل كما علّا صوت الفرح... وقفت أمل عن مقعدها ثم جذبت وعد لترقص فالليلة هي ليلتها الأخيرة في منزل سوسن وغداً ستصبح عروس أمير... رفضت وعد بشدة ولكن مع إصرار أمل وحنين بدأت تتمايل في سعادة فبكت والدتها من شدة فرحتها وما أن رأتها سلوى أحاطت ظهر رمزية بذراعها وقربتها إليه ثم همست في أذنها

- النهارده مفيش دموع، هنفرح وبس

وقفت عن مقعدها هي الأخرى وجذبت رمزية بيد وباليد الأخرى جذبت سوسن ليشاركن وعد الفرحة فتمايلت رمزية في سعادة واحتضنت ابنتها بين الحين والأخر... 
بالخارج جلس أمير إلى جوار حسام بينما جلس أمجد إلى جوار والده واضعاً يده أسفل وجنته بضجر فمال أمير على أذن حسام وقال مازحاً 

- بص الواد أمجد شكله مسخرة 
- هو عامل كده ليه؟
- عايز يدخل يهيص في وسطهم 

وصلت كلمات أمير الأخيرة إلى مسامع أمجد فقال بحدة وصوت عال

- اه يا أخويا عايز أدخل أهيص بدل العزاء اللي قاعدين فيه ده

ضربه والده بعنف على مؤخرة رأسه وتحدث قائلاً: فال الله ولا فالك، أفتكرلنا حاجة عدله دي ليلة مفترجه

- طيب سيبوني أدخل أرقص معاهم
- أقعد مكانك بدل ما أجي أرقصك بطريقتي

قالها حسام فأخذ أمجد يتحدث إلى نفسه بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس فانفجروا جميعاً ضاحكين على ملامح وجهه الغاضبة... بعد مرور ساعة كاملة غادرت رمزية الغرفة لتذهب لاستسلام الفستان الذي سترتديه في العرس، عرض عليها أمير أن يذهب معها وكذلك حسام إلا أنها رفضت لكون المكان لا يبعد سوى أمتار قليلة عن المنزل فهتف محمود بحزم

- مستحيل تنزلي لوحدك، هاجي معاكي

حركت رأسها بالموافقة فاصطحبها إلى الخارج وهو يتفادى النظر  إلى ابنه المشاكس ثم مضى برفقتها وساد الصمت لدقائق قطعها عندما أردف 

- مبروك
- الله يبارك في حضرتك، مبروك لأمجد 
- الله يبارك فيكي بس ياريت بلاش حضرتك دي، مفيش رسميات بين الأهل

بادلت كلماته بابتسامة رقيقة كصاحبتها فخفق قلبه بطريقة كان قد نسيها وعلم أن الساحرة التي تمضي إلى جواره سرقت قلبه بدون سابق إنذار

*******

انتهت السهرة وعاد أمير إلى منزله مصطحبا أمجد ووالده بالإضافة إلى حسام حتى لا يبقى بمفرده، بينما قضت حنين ليلتها برفقة وعد بالإضافة إلى أمل وسلوى... في الثانية عشر صباحاً تململت وعد في فراشها فقد منعها التوتر من النوم فأمسكت هاتفها وأرسلت إلى أمير رسالة نصية

(نمت؟) 

كان مستيقظاً هو الأخر ويفكر في طفلته التي ستصبح ملكاً بعد عدة ساعات، وما أن صدع صوت رنين هاتفه معلناً عن وصول رسالة، ترك فراشه وأحضر الهاتف وبدلاً أن يبادلها رسالتها، أجرى اتصالاً هاتفيها بهاتفها فأجابت قائلة

- سوري شكلي صحيتك
- لا يا عمري أنا لسه ما نمتش
- ويا ترى بتفكر في إيه سرق النوم من عيونك؟ 

تساءلت بصوت دافئ غلفه الدلال فابتسم بسعادة وأجابها: بفكر فيكي

- وأنا كمان كنت بفكر فيك
- فرحانة يا وعد؟ ولا حاسة أننا استعجلنا؟ 
- طبعاً فرحانة جداً جداً جداً، ومش حاسة أننا استعجلنا لأن مكاني الطبيعي حضنك 

قالت كلماتها بدون أي تردد أو تفكير فمرر يده بين خصلات شعره وشعر بالربيع يسري بداخله وبدأ بمطرها بكلمات عشقه فبادلته بصوت ضحكاتها التي يعشقها

*******

بالغرفة المجاورة لغرفة سوسن كانت أمل تتحدث إلى حسام عير تطبيق (الواتساب) فزم شفتيه بضجر عندما رفضت إرسال صورة الفستان الذي سترتديه بالعرس فكتب

(أوعي ألاقي فستان عريان ولا كتف باين) 

ابتسمت بسعادة فهو دائماً ما يهتم بها فقررت مشاكسته قائلة

(وأنت مالك أصلا؟!!!! أنا حرة ألبس زي ما أحب) 

أرسلتها ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم ضحكتها حتى لا تفيق حنين النائمة إلى جوارها ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى أرسل

(لا مش حرة ولو شوفت فتفوته عريانه ما تلوميش غير نفسك) 

أتسعت ابتسامتها الساحرة حينما استشعرت الغيرة المصاحبة لكلماتها ولكن سرعان ما اختفت ابتسامتها ولوت شفتيها بضجر بعد أن تابع 

(اللي مقبولش على حنين مقبوليش عليكي، وأنتي عندي زيك زي حنين ولو فكرت بس تلبس عريان هخنفها) 

- أنا زي حنين يا بارد يا غتت يا تلم

رددت الكلمات في نفسها فقد أخبرها للتو أنها كشقيقته أي لا يكن لها أي مشاعر سوى الأخوة فأرسلت

(أنا هنام جتك القرف) 

رفع أحد حاجبيه باندهاش وتحدث في نفسه قائلاً: مالها دي؟!! 

********

في السادسة سطعت شمس يوم جديد ولكنه لم يكن يوماً كأي يوم فاليوم العرس وستنتقل وعد إلى جوار حبيبها لتغفى وتستيقظ بين أحضانه كما تمنى.... 
في الثانية عشر ظهراً أوقفت أمل سيارتها أمام أحد الفنادق الكبرى فترجلن جميعاً وذهبن إلى الداخل حيث الجناح الذي حجزه أمير لعروسه.. ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصل حسام مصطحباً باقي الرجال فقد حجز أمجد الجناح المجاور لجناح وعد وحنين.... مضت الدقائق والساعات كأنها دهر فقد كان التوتر حليف جميع الأطراف... جاهد حسام طوال الوقت أن يرى الجميلة خاصته إلا أنها لم تغادر جناح وعد وحنين بل وتعمدت ذلك كنوع من العقاب لمن يعتبرها كشقيقته.... في الخامسة عصراً غادر حسام جناح (الخناشير) كما أطلق عليه واتجه صوب جناح (النواعم) كما أسماه أمجد... طرق الباب بخفة ففتحت رمزية فأطلق صفيراً حينما رأى سحرها في هذا الثوب الفيروزي... ثنى جذعه وطبع قبلة على ظاهر يدها وفعل المثل مع سوسن وسلوى لكنه ما أن استقر أمام حنين تلألأت الدموع داخل مقلتيه حينما رآها فاتنه في ثوبها الأحمر الطويل فقبل جبينها وهتف بصوت دافئ

- مبروك يا أجمل عروسة
- الله يبارك فيكي يا حبيبي

انتقل بنظراته إلى وعد وللمرة الأولى لا يشعر بغصة في قلبه لضياعها من بين يديه بل شعر بالسعادة لأجلها بعد أن تأكد أن مشاعره تجاهها كمشاعره تجاه حنين فاقترب منها وطبع قبلة على ظاهر يدها فقالت برقة

- ربنا يخليك ليا، طول عمرك سندي والنهارده بتعوضني غياب أبويا 
- عيب عليكي أنتي أختي، يلا يا قمر علشان أمير مستني على نار

تابطت وعد ذراعه الأيمن وتأبطت حنين ذراعه الأيسر وقبل أن يغادر بحث بعينيه عن أمل لكنه لم يجدها فقد كانت تختبئ داخل حمام الجناح حتى لا يراها قبل أن ترتدي الثوب الخاص بالعرس... بأعلى الدرج وقف حسام وطفلتيه حوله... هبط الدرج ببطء إلى أن استقر أمام أمجد فسلمه حنين ثم اقترب من أمير وسلمه وعد فطبع قبلة على جبينها وهتف بصوت دافئ

- زي القمر
- وأنت كمان 

تابطت ذراعه ومضت برفقته إلى قاعة العرس والموسيقى تعلو شيئاً فشيئاً، أما أمجد فأخذ حنين وابتعد قليلاً ثم قال بجنون

- تعالي نهرب وسيبك منهم

وكزته في كتفه بخفة واصطنعت الغضب قائلة: بس هتبوظ الفرح

- اه صح هستنى الفرح يخلص وأخطفك

ضحكت بدلال وقالت: مجنون

- بحبك، مجنون بحبك يا حنين وعلشان أثبتلك أني بعشقك بعد شوية في مفاجأة ليكي

تقابلت أعينهم في نظرة ساحرة وساد الصمت لتتحدث لغة العيون ولكن قاطع حسام سحر اللحظة عندما ضرب أمجد بخفة على ظهره وتحدث بحدة مصطنعة قائلة

- لم نفسك يا خفيف، لسه مكتبناش الكتاب
- تمام يا فندم

قبض أمجد برفق على معصم حنين ثم ركض باتجاه القاعة فركضت خلفه وهي تردد بأعلى طبقات صوتها

- مجنوووووووووون

تابعهم حسام بعينيه والسعادة تملأ قلبه بعد أن اطمئن على وعد وحنين... انتظر خارج القاعة لعدة دقائق لكي يرى أمل إلا أنها لم تظهر فقرر الصعود إلى الجناح ليطمئن عليها.... ما أن وصل إلى الدرج واستعد لصعودة، أتسع ثغره في صدمة بعد أن رآها تهبط الدرج في فستانها الأسود الطويل المطعم بأحجار كريمة مختلفة الألون وذو ذيل طويل يتبعها مع كل خطوة تخطوها، لكن ذلك لم يكن سبب اندهاشه بل كان رؤيتها للحجاب الذي يغطي رأسها وزاد جمالاها جمالاً.... فاق من صدمته عندما تخطته لتدلف إلى القاعة فلحق بها إلى أن استقر خلفها ثم قبض يده برفق على معصمها وأدارها إليه فاصطنعت الغضب قائلة

- لو سمحت يا حضرة الرائد سيب أيدي
- حضرة الرائد؟!!! 
- هو أنت مش رائد ولا إيه؟ 

لم تنتظر رده فسحبت يدها ودلفت إلى القاعة فصر على أسنانه وقال بغيظ

- أنا أترقيت مقدم على فكرة وهطلعه عليكي 

دلف إلى الداخل وشرار الغضب يتطاير من عينيه وأخذ يراقبها بعينيه طوال الوقت... بعد مرور ما يقارب الساعة انتهى الشيخ من عقد قران حنين وأمجد فأحاط الأخيرة خصرها بذراعه ثم قربها إليها وهتف بسعادة

- مبروك يا عمري
- الله يبارك فيك

قالتها بخجل نظراً لاقترابه الشديد فابتسم على فعلتها وهتف: لا خلي الكسوف لما نروح

- يعني إيه؟ 
- تعالي معايا وأنا أقولك

اصطحبها إلى الجناح الخاص به ثم أدخلها وأغلق الباب فازداد شعورها بالخجل إلا أنه لم يهتم بل اقترب منها أكثر وطبع قبلة على جبينها وأخرى على وجنتها وما أن انتقل إلى شفتيها ابتعدت إلى الخلف ولم تسمح له بذلك فهتفت برقة

- أحترم نفسك 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه ثم أمسك يدها واصطحبها إلى غرفة النوم الملحقة بالجناح فوضعت يدها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق فثنى ركبتيه وجلس راكعاً أمامها ثم قال بحنان وصوت دافئ غلفه العشق

- تقبلي النهاردة يكون فرحنا وتعيشي معايا لأخر يوم في عمري؟ أنا بقالي أسبوعين بتسول على حسام علشان يوافق وبجد كان نفسي أعملهالك مفاجأة وطبعاً بعد ما طلع روحي واشتريت فيلا صغيرة جمب فيلا أمير وجهزتها من كل حاجة، تقبلي تشاركيني فيها عمري وأيامي؟ 

تعلقت أعينهم لدقائق وتبادلا خلالها نظرات العشق والغرام فحركت رأسها لأعلى وأسفل كإشارة بالموافقة فما كان منه إلا أنه وقف عن الأرض وحملها بين ذراعيه ثم أخذ يدور بها في سعادة وبمجرد أن توقف عن الدوران غمز لها بمشاكسة ثم غادر لترتدي فستان العرس الموضوع على الفراش

******

بالقاعة... 
وقف أمير عن مقعده ومد يده لوعد فوضعت كفها بيده ووقفت عن مقعدها فطبع قبلة على ظاهر يدها ثم اصطحبها إلى ساحة الرقص.. أحاط خصرها بذراعه فوضعت كفها على كتفه وبدأت تتمايل معه على أنغام موسيقى هادئة، وبمجرد أن هدأت الإضاءة سرق من شفتيها قبلة تمناها منذ أن رآها تقترب في فستانها الملائكي... بادلته قبلته بعشق متناسية كل من حولها وكذلك الزمان والمكان ....ما أن ابتعد عن شفتيها أسند جبينه على جبينها وهمس بعشق

- بحبك يا وعد

أحاطت عنقه بذراعيها وبدأت تتمايل في سعادة وبادلته كلماته قائلة: وأنا بحبك أووووووي كتيرررررررر

أبعد يديها عن عنقه ثم فاجئها عندما حملها ودار بها في لحظات سرقت من الزمن فراقبته نادين ونيران الغيرة تتأكلها... ما أن استقرت قدميها على الأرض انتبهت لعودة حنين لكن تلك المرة كانت ترتدي فستان زفاف فاقتربت منها وعانقتها بينما علّا صوت الموسيقى من جديد وتجمعوا داخل حلبة الرقص وبدأ كل منهم يتمايل مع حبيبته فاقترب حسام من أمل وجذبها بخفة إلى حلبة الرقص وتمايل في سعادة بالرغم من اعتراضها 

- أنا أترقيت من يومين وبقيت مقدم فلما تتعصبي عليا بعد كده أبقي قوليلي يا حضرة المقدم

أسرت ابتسامتها بصعوبة ولم تتحدث إليه ولو بكلمة فأبعدها عنه وجعلها تدور حول نفسها ثم جذبها إلى صدره مرة أخرى وأردف

- ما قولتليش ليه أنك قررتي تتحجبي؟ 
- علشان أنت رخم
- طيب متعصبه ليه؟ 

رمقته بنظرة عتاب فبادلها بنظرة هادئة وتابع: أسف لو ضايقتك بس حقيقي مقدرش على زعلك

- بجد؟!! 

تساءلت بدلال فحرك رأسه ليؤكد ما سمعته ثم أجابها: بجد

قربها إليه أكثر فأسندت رأسها على كتفه وأغمضت عينيها لتستمتع بسحر اللحظة وظلت هكذا حتى علّا صخب الموسيقى فابتعدت عنه وشاركت وعد وحنين الرقص بجنون... راقبها في البداية بسعادة لكنه ما أن رأى نظرات الجميع مصوبة باتجاهها شعر بالغيرة فانتظر حتى أنضم أمير وأمجد إلى الرقص ثم قبض على معصمها وأصطحبها إلى خارج القاعة وقال بحدة وصوت عال

- ما تلمي نفسك يا نانسي 

تعالت شهقاتها وأتسع ثغرها من هول ما قاله فرمقته بنظرة غضب ثم تركته وعادت إلى الداخل دون أن تعيره أي اهتمام فزفر بضيق ثم مسح وجهه بكف يده وأردف

- أنا أتجننت، أكيد أتجننت

في تلك اللحظة تقدم منه زميل له يخدم بالصعيد وتم نقله منذ عدة أيام إلى القاهرة 

- حسام مين القمر اللي كانت واقفة معاك دلوقتي؟ 
- نعم يا أخويا، قمر في عينك
- أسف يا كبير مكنتش أعرف أنها تخصك
- اه تخصني وإياك تبصلها تاني

تركه حسام وعاد إلى الداخل لكنه ابتسم حينما رآها تجلس إلى جوار والدتها فاقترب منها وهتف بهدوء 

- تعالي نرقص
- لا ولو سمحت ما تتكلمش معايا
- بطلي رخامة بقى وقومي 
- علشان تتعصب عليا تاني وكمان تقولي أني نانسي 

أسر ضحكته بصعوبة حتى لا يغضبها ثم قال: والله ما هزعلك تاني، قومي بقى

- ماشي

كانت الأجواء ساحرة وملأت السعادة قلوب الجميع... شعر أمير براحة قلب لرؤيته سعادة وعد وشعر أمجد بالاستقرار بعد طول انتظار، ولم تقل سعادة حنين عن وعد فبالنهاية تزوجت من دق له قلبها... أما حسام فوجد نفسه في عالم ساحر لم يعتاد عليه فالجميلة التي تتمايل أمامه تستطيع بنظرة جعل ألوان الربيع تسري بداخله لكنه فضل الانتظار ليتأكد من مشاعره نحوها ومن مشاعرها كذلك... في ذات الوقت كان محمود يتأمل الجميلة الجالسة إلى جوار سوسن فمنذ بداية العرس يراقبها بين تارة وأخرى، انتبهت لنظراته وخجلت بشدة عندما رأته يترك مقعده ويتقدم منها حتى استقر أمامها وهتف

- تعالي نشاركهم فرحتهم، وأنتي يا سلوى وحضرتك يا مدام سوسن
- لا خد رمزية وسوسن وسيبني، يلا قوموا معاه

قالتها سلوى فشعرت سوسن أن كلمات محمود موجهة فقط إلى رمزية فقالت 

- وأنا كمان مش قادرة، يلا يا رمزية قومي

كادت رمزية أن تعترض إلا أنها سبقها ومد لها يده ومع إصرار سوسن وسلوى وضعت يدها بداخل كف يده ثم مضت برفقته إلى حلبة الرقص وأخذت تتمايل في سعادة فشعر محمود بسعادة لم يتذوق نكهتها منذ ما يقارب العامين

*******

انتهى العرس ورحل الجميع فصعدت حنين برفقة أمجد إلى جناحه الخاص، كانت تشعر بالسعادة والخوف في آن واحد... أغلق الباب ثم قبض برفق على يدها وجذبها بخفة لتجلس على الأريكة فجلس إلى جوارها وتأملها بعشق لدقائق ثم هتف بسعادة

- مبروك يا قلبي
- الله يبارك فيك

لاحظ أمجد اضطراب أنفاسها لشعورها الشديد بالخوف فقد كان صدرها يعلو ويهبط بسرعةُ فربت على كفيها وتابع 

- أنتي خايفة مني؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم فابتسم لها وأردف بحنان: بس أنا بحبك وعمري ما هعمل حاجة تأذيكي أو تضايقك 

- المفاجأة اللي عملتهالي النهارده، أجمل مفاجأة حصلت في حياتي وكمان أكبر فرحة عشتها
- ربنا يقدرني وأجعل كل أيامك سعادة وفرحة

قبل جبينها برقة ثم وقف عن الأريكة ليبتعد حتى يفسح لها المجال لتسترد أنفاسها المضطربة، إلا أنها أسرعت وأمسكت يده بين راحتها فجلس مرة أخرى ثم أخدها معه في عالم ساحر لا يسكنه سواها 

*****

بجناح أمير... 
جاهدت وعد لتزيل عنها فستان العرس إلا أنها كانت أمنية بعيدة المنال فأخذت تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهي تشعر بالخجل من طلب المساعدة لكنه كان الحل الوحيد فغادرت غرفة النوم واقتربت منه قائلة بطريقة طفولية أسرة للقلوب

- مش عارفه أخلع الفستان، ممكن تساعدني؟ 

وقف عن مقعده ومضى معها إلى الداخل إلى أن استقرت أمام المرآة فأبعد خصلات شعرها على أحد كتفيها وقبل أن يفتح سحاب فستانها طبع قبلة على عنقها فخجلت بشدة لكنها تمسكت بسكونها بين يديه، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى ساعدها في خلع ثوبها ثم ترك الغرفة حتى لا يزيد خحلها... أبدل ثيابه ثم توضأ وجلس في انتظارها فاقتربت منه بعد ما يقارب نصف الساعة وهي ترتدي ملابس الصلاة فصلى بها ركعتين وما أن فرغ من صلاته وضع يده على جبينها ودعا الله ثم طبع قبلة على جبينها بمجرد أن انتهى وسألها بحنان

- جعانه؟ 

حركت رأسها بالنفي فابتسم لها وأردف: طيب عايزه تنامي؟ 

حركت رأسها مرة أخرى بالنفي فغمز لها بمشاكسة وتابع: طيب تعالي بقى أحكيلك حاجة مهمة أوي أوي أوي

قال كلماته الأخيرة بطريقة تمثيلية فابتسمت على جنونه الذي لا يتوقف ثم مضت معه لتبدأ ليلة عشق طال انتظارها 

******

كانت أمل تغفو كالملاك على فراشها لكنها استيقظت بمجرد أن صدع صوت رنين هاتفها فاعتدلت في جلستها وأجابت بصوت غلبه النعاس 

- الو
- أسف أني صحيتك بس مش قادر استنى أكتر من كده

قاطعته قائلة: مالك يا حسام؟ 

- أمل تتجوزيني؟ 

جحظت عينيها في عدم تصديق ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق وقبل أن تجيبه استيقظت من نومها بعد أن داعبت أشعة الشمس عينيها فقالت وهي مازالت ممدة على الفراش

- طب الحلم كان يستنى شوية أقوله موافقة، فقر من يومي واستاهل علشان كسلت بالليل أقفل الشباك

تمددت على ظهرها وأخذت تتأمل سقف الغرفة وهي تداعب خصلات شعرها ثم انفجرت ضاحكة ورددت بخفوت

- شكلي بحبه


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

طريقي بقربك/منى سليمان

March 12, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الثامن والعشرون - بقلمي منى سليمان

* فستان زفاف *

كبرت يا أمي وتذوقت نكهة الفراق... 
أحدهما فراق حبيب والأخر قريب... 
ولكن يبقى الفراق فراق.. 
ذات الألم.. 
ذات الوجع.. 
ذات السؤال..
متى تعود؟.... 

خطت وعد تلك الكلمات بدفترها وشردت في عالمها الخاص فبالرغم من مرور سبع أشهر على وفاة أبيها وشقيقيها إلا أنها لم تتوقف ولو لليلة عن الحنين لرؤية مصطفى وعبد الرحمن... انتبه أمير إلى شرودها فترك مقعده واقترب منها حتى استقر إلى جواها وأكمل شرحه فعادت إلى أرض الواقع... وبعد مرور ما يقارب نصف الساعة أنهى المحاضرة وجمع أشيائه ثم وقف خارج قاعة المحاضرات في انتظارها فقد كانت تتحدث إلى زميلاتها وما أن انتهت وودعت حنين، اقتربت منه والابتسامة التي يعشقها ترتسم على شفتيها ثم هتفت برقة

- أنا جاهزة
- قدامي يا هانم ولينا عربية تلمنا ونتحاسب فيها

أسرت ابتسامتها واصطنعت الغضب ثم تساءلت: هو أنا عملتلك حاجة ولا هي تلاكيك وخلاص؟ 

- لا مش تلاكيك بس حضرتك قاعده سرحانه في المحاضرة، يلا قدامي 

مضت برفقته إلى السيارة وركبت إلى جواره فمال عليها بشدة وسرق قبلة من شفتيها وبمجرد أن ابتعد عنها ضربته بخفة على كتفه وقالت بدلال

- بطل قلة أدب بدل ما حد يشوفنا
- عادي أنتي مراتي وكلها شهر بالظبط وتخلصي امتحانات وهخطفك في بيتي

غمز لها بمشاكسة فتوردت وجنتيها خجلاً ما جعل الربيع يسري بداخله فكم يعشق خحلها وارتباكها وهي إلى جواره

******

أمام الجامعة... 
كانت تنظر إلى ساعة يدها بين تارة وأخرى والغضب يتملكها فقد تأخر كعادته ولكن تلك المرة قررت تأديبه حتى لا يكرر فعلته... لم تمض سوى دقائق قليلة حتى أوقف سيارته وترجل منها ثم اقترب منها وقال كعادة كل يوم

- أنا أسف أسف أسف أسف

توقف عن إكمال اعتذراه المعتاد عندما رمقته بنظرة نارية لم يعتادها فابتلع ريقه وأردف مازحاً 

- أنتي قلبتي زي ريا وسكينة كده ليه؟ 
- أسكت يا أمجد بدل ما أفرج عليك الجامعة وضواحيها 
- يا ساتر

قالها ثم عاد إلى سيارته وفتح لها الباب فدلفت وأغلقت الباب بعنف فردد بخفوت

- العربية ذنبها إيييييييه؟! 

ركب إلى جوارها ثم قرر تلطيف الأجواء فأمسك كف يدها استعداداً لطبع قبلة على باطنه إلا أنها سحبت يدها وقالت بحدة وصوت عال

- بص لو هنكمل حياتنا تتأخر وتعتذر يبقى من أولها كل واحد في حاله أصلاً كلها قراية فاتحه فخلينا نفضها من أولها

شعر أمجد بغصة في قلبه فقد اعتقد أن ما يربطها به أكثر من الفاتحة التي قرأها والده مع شقيقها انتظاراً لإعلان الخطبة بعد إنهاء عامها الدراسي... شعر بالاختناق وقاد السيارة دون أن يتحدث إليها فكانت تختلس النظر إليه بين تارة وأخرى بعد أن انتبهت لوقاحة ما تفوهت به.... بعد مرور ما يقارب نصف الساعة أوقف السيارة أسفل منزلها فاندهشت بشدة وتساءلت 

- إحنا مش هنروح نشتري الشبكة زي ما قولتلي؟ 

لم يجيبها ولو بكلمة فظنت أنه لم يعد يرغب بها وأن قصة عشقهم انتهت فانفجرت دموعها كالشلال... لم يحتمل صوت بكائها أكثر من دقيقة واحدة ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها إليه فازداد بكائها وتعالت شهقاتها وأردفت بصوت غير مفهوم 

- أ ن باحب اااا ك

قاطعها قائلاً بعد أن أبعدها عنه ومسح دموعها: أشششش خلاص ما تعيطيش، أنا بحبك وعمري ما هبعد عنك

- وأنا كمان بحبك أوي بس بضايق لما بتتأخر عليا وأنت كل يوم بتتأخر
- والله العظيم غصب عني، أوقات أقول ساعة وهخلص والساعة توصل لساعتين وتلاتة
- عارفه أن شغلك صعب وأوعدك أني مش هزعلك تاني وهحاول استحمل
- وأنا أوعدك أني هحاول ما أتأخرش عليكي، يلا نجيب الشبكة والفستان قبل ما تنشغلي بالامتحانات 

حركت رأسها بالموافقة وابتسامة ساحرة تزين ثغرها فطبع قبلة على خصلات شعرها ثم انطلق إلى وجهته

******
أمام مقر جريدة الغد.... 
أوقف حسام سيارته وترجل منها ثم دلف إلى الداخل كالإعصار...  اقترب من موظف الاستقبال وسأله عن مكتب أمل ثم استقل المصعد إلى الطابق الرابع كما أخبره الموظف...  كان الشرار يتطاير من عينيه وكأن بداخله بركان نشط على وشك الانفجار وإلقاء الحمم المشتعلة هنا وهناك... وبمجرد أن توقف المصعد غادره وبحث عن مكتبها فرآها عبر الزجاج تبكي... زفر بضيق وانتظر بالخارج ليهدئ الغضب الذي تملكه حتى لا يزيد حزنها وما أن تمالك نفسه طرق بابها بخفة ثم فتحه وتساءل بهدوء 

- ممكن أدخل؟ 

حركت رأسها بالموافقة ثم كفكفت دموعها وهتفت بخوف: إيه اللي جابك؟ أفرض الزفت ده مراقبني

- طظ ولا يهمني، أنتي بس اللي تهميني

قالها بصوت دافئ فتقابلت أعينهم في نظرة طويلة تبادلا خلالها نظرات أصدق من الكلام ولكن قاطع حسام سحر اللحظة حينما أردف بصوت أقرب إلى الرجاء 

- ماتروحيش

حركت رأسها يميناً ويساراً لتخبره برفض ما قاله فتابع: اعتذري وقولي مش هتكملي المهمة بس ما تروحيش بيته

- مش هينفع وأنت تفتكر لو قولتله مش هروح واعتذرت للواء وقولتله مش هكمل عادل هيسيبني، ساعتها هيعرف أني كنت بخدعه و

قاطعها قائلاً بحنان: أنا هحميكي منه ومن الدنيا كلها بس ما تروحيش

نست تماماً حزنها والخوف المتملك لقلبها وتذكرت فقط لمسته فقد قال كلماته بعد أن وضع كفيها بين كفيه وكأنه يرجوها لكي لا تذهب إلى الموعد فحررت إحدى كفيها وربتت على كفه ثم نظرت مُباشرةً إلى عينيه وتحدثت بهدوء قائلة

- أوعدك مش هيلمس مني شعره وبعدين إحنا بقالنا سبع شهور بنخطط علشان أوصل لبيته ولما ننجح تقولي ما أروحش، وكمان لو حصل حاجة هدوس على الساعة وساعتها تدخل تطلع هولاكو اللي جواك وتفرمه

ارتسمت ابتسامة على ثغره إثر مزحتها ثم حرر كفها وهتف بذات المشاكسة 

- ماشي وخلي كمان شكل اللي جواكي يعطل نانسي ويفرمه
- بقالك كتير ما قولتليش يا شكل
- طبعاً ما أنتي مقضياها نانسي طول ما أنتي قاعده مع البغل اللي أسمه عادل

ضحكت بشدة على جنونه فشاركها الضحك وبقى معها لساعة كاملة ثم ودعها وعاد إلى عمله بعد أن أقسم على حمايتها حتى وإن كان الثمن حياته 

******

في الخامسة عصراً وصل محمود إلى شركته بعد يوم عمل شاق قضاه خارج الشركة نظراً لارتباطه باجتماعات مع شركات أخرى... دلف إلى الداخل واتجه صوب المصعد ليستقله إلى مكتبه ولكن ما أن فُتح باب المصعد وجد رمزية فقد كانت على وشك المغادرة... بادر برسم الابتسامة ثم أفسح لها المجال لتمر فقالت برقة

- ميرسي
- العفو إحنا أهل مفيش بينا ميرسي والحاجات دي

كادت أن تتحدث إلا أنها وجدت طليقها يدلف من باب الشركة ثم اقترب منها وتحدث قائلاً 

- عايز أتكلم معاكي
- من فضلك بطل تطاردني، أنا لا عايزه أتكلم معاك ولا طايقه أشوفك أصلاً 

تطاير شرار الغضب من عينيّ معتصم فقد كان يشعر بالحنين إليها وشعر كذلك بالندم لأنه تركها تضيع من بين يديه فأردف بهدوء عكس الغضب الكائن بداخله 

- أديني فرصة واحدة بس
- استغفر الله العظيم

قاطعها محمود قائلاً ببرود وهو يرمق معتصم بنظرات نارية: هو أنت ما بتسمعش ولا ما بتفهمش؟! ما بتقولك لا طيقاك ولا عايزه تتكلم معاك

أدار جسده ووجه نظراته إلى رمزية ثم تابع متسائلاً: مين الأخ؟ 

- طليقي ومش عايز يحل عني بقاله شهرين بيجري ورايا في كل حته
- أنا بحبك وعايزك ترجعيلي

قالها معتصم فصرت رمزية على أسنانها وقالت بحدة: حبك برص، هو واحد واطي زيك يعرف الحب ده أنا ما صدقت خلصت منك ومن السجن اللي كنت عايشه فيه

- طيب أديني فرصة أخيرة وهعوضك اللي فات و

قاطعته قائلة: والله العظيم لو ما بطلت تطاردني لكون عملالك محضر في القسم 

شرع معتصم أن يدافع عن نفسه إلا أن محمود سبقه وأشار إلى رجال الأمن بالشركة وطلب منهم إلقائه بالخارج، وبمجرد أن اختفى تماماً عن نظرها أردفت بغضب ملحوظ

- إنسان مريض بجد
- ما تضايقيش نفسك ولو أتعرضلك بعد كده أنا هقف في وشه
- متشكره أوي، بعد إذنك
- هخلي السواق يوصلك وبعدين يرجعلي وقبل ما تعترضي هقولك مش هقبل بالاعتراض 

ودعته بابتسامة رقيقة مثلها ثم غادرت فتابعها بعينيه حتى اختفت تماماً ثم ردد في نفسه 

- اللي يطلق واحدة زي دي لازم يندم لأنه أكبر حمار 

*******

مضى ما بقى من اليوم بدون أحداث ومضى الليل كذلك فسطعت الشمس من جديد حاملة معها مفاجأت ومشاكسات والكثير من المشاعر.... 
في الثامنة ترك حسام فراشه فلم يتذوق طعم النوم طوال الليل فكل ما كان يفكر به هو الجميلة التي ألقى بها وسط نيران الخطر والآن لا يتحمل ذلك... توجه صوب الشرفة وأجرى اتصالاً بهاتفها فأجابت برقة قائلة 

- صباح الخير 
- صباح النور، عامله إيه؟ 
- الحمد لله، كمان ساعة هروح الشغل والساعة تلاته هستأذن وأروحله

زفر بضيق ثم مسح وجهه بكف يده فأردفت: روحت فين؟ 

- معاكي، أوعي تنسي تلبسي الساعة و

قاطعته قائلة: أنا مبخرجش من غيرها ويمكن لما المهمة تخلص أخليها معايا

- ومين قالك أصلاً أنك لو رجعتيها هاخدها دي هتفضل معاكي للأبد
- ماشي، يلا أقفل علشان ما تتأخرش على شغلك وأنا كمان مش عايزه أتأخر
- أمل

انطلق أسمها من بين شفتيه بنبرة صوت دافئة فابتسمت بسعادة وهتفت برقة 

- نعم
- خدي بالك من نفسك
- حاضر، مع السلامة

ودعها وأنهى المكالمة ثم دلف إلى الحمام وأنعش جسده تحت المياه الباردة علها تخمد النيران المشتعلة بقلبه، بينما أنهت أمل المكالمة واحتضنت الهاتف ثم أخذت تدور حول نفسها في سعادة حتى اصطدمت بالفراش وسقطت فوقه على ظهرها فشردت في الهمجي الذي لا تشعر بالأمان إلا في حضرته 

******

في العاشرة تململت وعد في الفراش واستيقظت عندما صدع صوت رنين جرس الشقة، انتظرت أن تفتح سوسن لكن ذلك لم يحدث فتركت فراشها بصعوبة واتجهت صوب باب الشقة، وما أن فتحته تعالت شهقاتها حينما وجدت أمير وبيده علبة ضخمة بيضاء اللون وييوسطها شريط من الستان الأحمر فابتسم على هيئتها وقال بمشاكسة

- هو وأنتي صاحيه من النوم كمان بتبقي حلوة؟ 

أسرت ابتسامتها ورسمت الجمود على قسمات وجهها وبدلاً أن تجيبه هتفت بجدية مصطنعة 

- وبعدين في لعب العيال ده، مش أتفقنا تسيبني أذاكر علشان امتحاني أخر الأسبوع
- طلعت عيل ومقدرتش استحمل ما أشوفكيش وكمان جايبلك هدية مش هتقوليلي أتفضل؟ 

لم ينتظر ردها وتقدم إلى الأمام ليدلف إلى الداخل لكنها سبقته ووضعت يدها على صدره مانعة إياه من الدخول ثم هتفت بغيظ

- محدش موجود غيري
- ما أنا جوزك يجوز عادي
- لا أنت قليل الأدب ومش هتقعد بأدبك

قالتها بطريقة تمثيلية فلم يستطع أن يأسر ضحكاته التي صدع صوتها في المكان فشاركته الضحك ثم استردت أنفاسها وتابعت

- هات الهدية وأمشي 
- ظهرتي على حقيقتك وكل همك الهدية

مدت يدها واختطفت الصندوق ثم دلفت إلى الداخل لتضعه على المنضدة وترى ما بداخله فاستغل الفرصة ولحق بها إلى الداخل ثم أغلق الباب ليشاكسها فأتسع صغرها وهتفت بطريقة طفولية أسرة للقلوب

- عيب كده على فكرة
- هستنى تشوفي الهدية وهمشي على طول
- ماشي

أزالت الشريط الأحمر ووضعته على المنضدة ثم فتحت الصندوق ووضعت يديها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق فاقترب منها أكثر حتى استقر أمامها ثم أحاط كتفيها بذراعيه وقال بسعادة

- دي هدية بسيطة علشان مش هتبقي فاضية تشتريه وأنا مش عايز أي حاجة تعطل فرحتنا

تعلقت أعينهم لدقائق قطعها عندما طبع قبلة حانية على جبينها وأخرى على باطن يدها ثم ابتعد عنها ليغادر فلحقت به وقبل أن يغادر استجمعت شجاعتها وتحدثت بخجل قائلة

- أنا بحبك 

أتسعت ابتسامته وخفق قلبه بسعادة فلم تخبره من قبل أنها تحبه والآن قالتها بدون أي تردد أو تفكير فلم يشعر بنفسه إلا وهو يقترب من شفتيها ثم سرق منها قبلة بث فيها عشقه وما أن ابتعد عنها همس بحنان وصوت دافئ غلفه العشق

- وأنا بعشقك

قالها ثم غادر فأغلقت وعد باب الشقة ووقفت خلفه واضعة يدها على قلبها علها تهدى من دقاته ولم تنتبه لنادين التي كانت تختبئ لتراقب ما يدور بينهما فصرت على أسنانها وقالت بغضب

- أصبر عليا يا أمير وأنتي كمان يا خدامة أصبري عليا

بالداخل... 
عادت وعد إلى الصندوق وأخرجت منه فستان الزفاف الذي انتقاه أمير لها ثم ركضت باتجاه غرفتها وأسرعت في ارتدائه ثم وقفت تطالع هيئتها أمام المرآة فبدت ساحرة 

*******

بحديقة سجن النساء ساعدت إحدى السجينات منيرة لتجلس على أحد المقاعد بعد أن أصيبت بشلل تام في يد وصعوبة في الحركة كما أنها لم تعد تقوى على الحديث إلا بصعوبة بالإضافة إلى ثقل قدميها، ولكن ما أن أصدر القاضي الحكم عليها بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً تم ترحيلها من المشفى إلى السجن لتقضي عقوبتها كما سقطت عنها قضية الزنا بموت المدعي... كم تمنت أن يعود بها الزمن إلى الوراء لتغير كل ما فعلته إلا أن أمنتيها مستحيلة فما فعلته أكبر من أن يعطيها الزمان فرصة لتصلحه... فاقت من شرودها ومن ذكرياتها الأليمة عندما اقتربت منها إحدى العاملات بالسجن وقالت بغلظة

- ليكي زيارة

ساعدت منيرة على النهوض ثم اصطحبتها إلى غرفة الزيارة وهناك كانت تجلس رمزية في انتظارها وبمجرد أن جلست منيرة هتفت رمزية متسائلة 

- خير؟!!! المحامي بتاعك كل شوية يقول أنك عايزاني، إيه لسه في حاجة عايزه تسرقيها مني غير بيتي وجوزي وابني وبنتي؟ 

ابتلعت منيرة ريقها وقالت بصعوبة: سسسااام حيييني

- أسامحك؟!!! معتقدش أني ممكن أسامحك، عارفه لو ابني لسه في حضني ويحيى ما قتلوش بسببك كان ممكن أسامحكم لكن أنتوا قتلتوه وأخدتي بنتي من حضني ورمتيها في الأوضة بأيدك وقولتلها اعتبري أمك ماتت ورجعتي بصتيله وقولتيله بالحرف أرمي الزبالة دي بره، فاكره دم ابني اللي سال على رجلي وأنتي نايمة عريانه على سريري وبتبصيلي بانتصار وتضحكي وجايه بعد ده كله تقوليلي أسامحك، يوم القيامة هقف أنا وأنتي ويحيى قدام ربنا وهطلب حقي وحق بنتي وابني منك ومنه

- أرررجووووكي ساااام

قاطعتها قائلة: ربنا هو اللي بيسامح، ربنا يسامحك ويزيح الذنوب عن كتفك لأن ذنوبك كتير أوي، أنتي زيك زي الشياطين بالظبط

ارتدت رمزية نظارتها الطبية ثم حملت حقيبتها وغادرت  فانفجرت دموع منيرة كالشلال وظلت تبكي وتبكي حتى انقطع صوت بكائها وصعدت روحها إلى من سيحاسبها على كل ما فعلت بنفسها وبولديها وبيحيى وبرمزية وطفلها التي كانت سبباً في رحيله قبل أن يولد

******

في الثالثة عصراً حملت أمل حقيبتها لتغادر إلى موعد عادل، لكنها من أن غادرت مقر الجريدة تفاجأت بحسام ينتظرها بالخارج... خفق قلبها بسعادة بالرغم من شعورها بالخوف فاقتربت منه وقالت بارتباك

- جيت ليه، ممكن حد يشوفنا؟ 
- جيت أشوفك وأطمنك أني جمبك
- أنا بجد متشكرة ليك أوي وبأمر الله النهارده هعمل المستحيل علشان أكشفه

ودعته بابتسامة ثم اتجهت صوب سيارتها وانطلقت بها فتبعها بسيارته والخوف يتملكه... بعد مرور عدة دقائق أوقفت سيارتها أسفل عقار فخم ثم دلفت إليه بعد أن أطمئنت لوجود حسام بينما ترجل هو من سيارته وأنضم إلى شاحنة الحراسة الأشبه بمركز معلومات متنقل يسجل كل خطوات أمل وحديثها مع عادل صوت وصورة... في ذات اللحظة استقلت أمل المصعد إلى الطابق الأخير وتقدمت من باب الشقة بخطوات هادئة على عكس نبضات قلبها المتسارعة ثم استجمعت شجاعتها وضغطت زر الجرس... أسرع عادل وفتح باب الشقة، وبمجرد أن دلفت أغلق الباب ثم أحاط ظهرها بذراعه وقربها منه بشدة وهتف

- الشقة نورت
- هو هو أنت عايش هنا يا دودي؟ 
- لا عندي فيلا، لكن الشقة دي محدش بيدخلها غيري وأديكي نورتيها 

مال على شفتيها ليقتطف قبلة إلا أنه تراجعت قليلاً إلى الخلف وهتف بدلال مصطنع 

- مش على طول كده يا دودي خليني أخد عليك الأول
- اللي تأمري بيه هعمله، لو تعرفي أنا بحبك قد إيه كنتي تعشقيني أنا بقالي أكتر من سنة بحلم أكون معاكي لوحدي

خفق قلبها بسرعة وأخذ صدرها يعلو ويهبط من شدة الخوف فغيرت مجرى الحديث قائلة 

- قولي صحيح الحراسة مش تحت ليه؟ 
- لا محدش يعرف أني بره الفيلا، أوضتي فيها باب سري بيوصل لسلم ومنه على البدروم ومن البدروم بخرج من غير ما حد يعرف دخلت أمتى ولا خرجت أمتى
- ده أنت خطير أوي على كده
- ولسه هوريكي مواهبي كلها في الأوضة

اصطنعت الخجل لتخبئ خوفها ثم تركته ودلفت إلى المطبخ مدعية العطش فلحق بها وأحاط خصرها من الخلف بذراعيه وأردف بوقاحة

- أنتي حلوة أوي

حررت جسدها بصعوبة وأعطته كوب العصير خاصته بعد أن وضعت به قطرات المخدر فشربه بالكامل ثم اصطحبها إلى غرفة النوم وقام بخلع ثيابه وبدأ يقترب منها شيئاً فشيئاً لكنه ما أن استقر أمامها شعر بالتعب والإرهاق فساعدته في الوصول إلى الفراش وبقت جالسة إلى جواره حتى فقد وعيه فصفعته على وجنته بكل الغضب الكائن بداخلها ما أخمد النيران بقلب حسام الذي غادر سيارة المراقبة وصعد إليها بعد أن فشلت جميع محاولات زملائه في منعه... طرق الباب بعنف فتركت غرفة النوم واتجهت صوب باب الشقة وبمجرد أن فتحته جذبها إلى صدره فتمسكت به وانفجرت دموعها كالشلال فاندهش زملائه الذين راقبوا كل ما يحدث من خلال الكاميرا المعلقة بثياب أمل... بعد مرور عدة دقائق ابتعدت عنه والخجل يكسو وجنتيها فمرر يده بين خصلات شعره وقال بارتباك

- لازم ندور على شيء يدينه في تجارة الأعضاء 

حركت رأسها بالموافقة ثم بدأت تبحث عن أي شيء فساعدها حسام في ذلك، وبعد مرور ما يقارب الساعة مطت شفتيها بصجر وهتفت بحزن

- مش لاقيه حاجة
- ولا أنا بس الدور ده كله ليه وأنا حاسس أن حجم الشقة أصغر
- مش فاهمه
- يعني في جزء من الشقة مش موجود 

بدأ في إنزال جميع الصور المعلقة على الجدران بحثاً عن باب سري إلا أنه لم يجد شيئاً فنظرت أمل إلى المرآة الكبيرة الموجودة بغرفة النوم وقالت 

- أنا عمري ما شفت مراية من الحيطة للحيطة 
- عندك حق

اقترب من المرآة وأخذ يتحسسها بيده فوجد زر صغير في نهايتها وبمجرد أن ضغط عليه تحركت وكأنها بوابة لممر طويل فدلف إلى الداخل ووجد نفسه يقف بين جبل من الأموال بالإضافة إلى أوراق تبثت تورطه في تجارة الأعضاء كما وجد صور لنساء عاريات ورسائل تهديد لهن بغرض الإبتزاز وجعلهن يعملن بالدعارة وبالإضافة إلى كل ذلك وجد كمية من مخدر البانجو وكمية ليست بالقليلة من مادة الهيروين فأعطى الإشارة لرجاله وطلب منهم اقتحام المنزل


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف