Friday, March 1, 2019
Wednesday, February 27, 2019
طريقي بقربك/ منى سليمان
سحر الابجدية
February 27, 2019
0
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان
* اعتراف *
أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً
- أبقى خد بالك يا أخ
تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة
- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج
توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود
- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات
رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!
شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها
- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه
نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع
- همجي
*******
كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة
- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟
- لا هنزل هنا شكراً
ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة
- قاعد لوحدك ليه؟
التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل
- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟!
تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟
- ممكن أي عصير فريش
أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل
- بتهربي مني ليه؟
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه
قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً
- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت
ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً
- أنتي لسه زعلانة؟
حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه
- أصل أنا يعني يعني يعني يعني
قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت
- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي
كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل
- خلصتي؟
حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن…
[6:52 PM, 2/27/2019] Mona Soliman: طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل العشرون - بقلمي منى سليمان
* لقاء صحفي *
بقى حسام واقفاً في مكانه والصدمة مازالت تسيطر على قسمات وجهه، اندهش الجميع من فعلته فترك اللواء مقعده ثم اقترب منه وتساءل بقلق
- مالك يا حسام، أنت تعبان ولا إيه؟
ابتلع حسام ريقه مرة أخرى بعد أن فاق من شرودة ثم أدى التحية الرسمية وأجاب قائلاً
- أنا تمام يا فندم
- طيب أقعد علشان نبدأ الاجتماع
تحرك حسام نحو المقعد المقابل لأمل وجلس عليه فتقابلت أعينهم في نظرة قطعتها حينما أشاحت ببصرها عنه لتستمع إلى باقي حديث اللواء... وبعد مرور ساعة كاملة رفع اللواء رأسه عن الأوراق ثم نظر إلى حسام قائلاً
- حسام جهز نفسك من بكرة هتستلم طقم حراسة الهدف علشان تكون قريب دايماً من أمل وهي بتتفذ المهمة و
توقف عن إكمال كلماته حينما قاطعته أمل قائلة: بعد إذن خضرتك هو ما ينفعش أي ظابط تاني يكون معايا؟
ما أن وصلت كلماتها إلى مسامع حسام، صر على أسنانه لكن غضبه كان ناتجاً عن الجدار الذي بناه بيده بينهما فأجابها بهدوء
- أنا اللي عملت أغلب التحريات ووضعت الخطة يا آنسة
رفعت أمل أحد حاجبيها ثم وجهت نظرها إلى اللواء ضاربة عرض الحائط بكلمات حسام وكررت سؤالها وكأنه لم يجيبها فاستشعر اللواء شرار الغضب المتبادل بين أمل وحسام فما كان منه إلا أنه طلب من الجميع المغادرة ثم قال بجدية وصوت رجولي حاد
- أنا حقيقي مش عارف إيه المشكلة اللي بينكم بس من فضلكم تركنوا أي خلاف على جمب لحد ما نخلص من المهمة، قولتي إيه؟
وجه سؤاله إلى أمل فرمقت حسام بنظرة اشمئزاز وأجابت السؤال ببرود وهي تنظر مُباشرةً إلى عينيّ الهمجي
- هستحمل وأمري لله
مط حسام شفتيه بضجر فسأله اللواء عن رأيه هو الأخر فتمسك بتنفيذ المهمة مهما كلفة الأمر فوقف اللواء عن مقعده وهتف بحزم
- طالما أنتوا الأتنين قررتوا تكملوا، يبقى هسيبكم مع بعض علشان تنهوا الحرب اللي بينكم
لم يترك فرصة للاعتراض فغادر غرفة الاجتماعات وأغلق بابها بالمفتاح حتى لا يترك أحد منهم المكان فزفر حسام بضيق ثم ترك مقعده واتجه صوب الشباك ليستنشق الهواء فقد كان يشعر بالاختناق بينما أمسكت أمل هاتفها وبدأت تتصفح الانترنت حتى لا تصاب بالتوتر لوجودها مع هذا الهمجي في مكان مغلق
******
بالجامعة...
انتهت محاضرة وعد الأولى وجلست في انتظار بدء محاضرتها الثانية التي سيقوم أمير بتدريسها... كان شعورها بالتوتر يفوق طاقتها فحملت حقيبتها لتغادر بالرغم من محاولات حنين في منعها إلا أنها خجلت أن يجمعها بأمير المكان فيكفيها النظرات التي رمقها بها الجميع منذ دخولها إلى قاعة المحاضرات... اتجهت صوب الباب لتغادر لكنها، اصطدمت بصدر أمير الذي كان على وشك الدخول فسقطت الكتب التي كانت بحوزتها وكادت أن تسقط هي الأخرى إلا أنها تمسكت بيده لتستعيد توازنها فتعالت همسات الفتيات ما جعل حمرة الخجل ترتسم على وجنتيها فابتسم لها وقال مازحاً
- كنتي مكسوفة تحضري محاضرتي أهو ربنا وقعك في حضني
كم تمنت أن تنشق الأرض بها، لكنها لم تجد منه مهرب فجمعت الكتب المبعثرة على الارض وعادت لتجلس إلى جوار حنين فابتسم على جنونها ثم دلف إلى القاعة وبدأ المحاضرة
********
بغرفة الاجتماعات...
ازداد شعور حسام بالاختناق لاستمراها في تجاهله فابتعد عن الشباك ثم اقترب منها ما جعل نبضاتها تتسارع خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك بل اصطنعت عدم الاهتمام وأكملت العبث بهاتفها، وما أن استقر أمامها انتظر أن ترفع بصرها إليه لكنها لم تفعل فزفر بضيق ثم اختطف الهاتف من يدها فضيقت بين حاجبيها وكادت أن تعنفه فسبقها وقال بهدوء
- أنا أسف
رمقته بنظرة نارية اعتقاداً منها أن اعتذاره ناتج عن تبدل مظهرها فتنحنح قليلاً ثم تابع قائلاً
- دي أول مرة أكلم بنت بالطريقة دي و
قاطعته قائلة ببرود: بنت؟!!! يا حرام شكل نظرك ضعيف خالص أمبارح كنت شايفني أخ و today بقيت بنت
فهم جيداً السخرية المصاحبة لنبرة صوتها فشعر بغصة في قلبه حينما رآها تحاول التماسك لكي لا تظهر الدموع الحبيسة داخل عينيها فسحب مقعداً وجلس على مقربة منها ثم نظر إليها وهتف بصوته الدافئ الذي اعتاد الجميع عليه
- للمرة التانية بقولك أسف، يمكن في يوم أقدر احكيلك ليه عملت معاكي كده ويمكن مقدرش بس اللي أقدر عليه دلوقتي أني اعتذرلك مرة وأتنين وعشرة لحد ما أشوف نظرة تانية في عيونك غير نظرة الغضب والدموع
لم تستطع ان تأسر دموعها أكثر من ذلك فقد كانت تشعر بالإهانة بالرغم من كل ما قاله... ازداد شعوره بالاختناق حينما رأى دموعها تنساب بغزارة على وجنتيها فتابع بهدوء
- خلاص بقى ما تعيطيش وعلشان أكفر عن ذنبي هعتذر عن المهمة وهسيبها لأي زميل علشان ما تبقيش مضطرة تشوفيني و
قاطعته قائلة بصوت غلبه البكاء: لا خليك أهو أنت طلعت همجي، يمكن التاني يطلع متشرد أكتر منك وأنا مش هستحمل
قالت كلمتها الأخيرة بصعوبة فقد ازداد بكائها وتعالت شهقاتها فشعر بالجرح الذي سببه لها ثم مد يده وأعطاها منديلاً فأخذته بعنف ومسحت دموعها في ذات اللحظة التي عاد فيها اللواء إلى الغرفة واندهش بشدة لرؤية احمرار عينيها لكنه لم يعلق بل تساءل بهدوء
- هاه إيه الأخبار يا سيادة الرائد؟
- تمام يا فندم، المشكلة أتحلت وجاهزين للشغل
بمجرد أن توقف عن الحديث نظر إلى أمل فقالت برقة: وأنا كمان جاهزة
- ممتاز جداً يبقى نتوكل على الله بعد بكرة نبعت حسام يستلم شغله وبعدها بيوم نحطك في طريقه
*******
بالمحاضرة...
كان أمير يشاكس وعد بنظراته طوال المحاضرة فكانت تبتسم تارة وتعبس تارة أخرى عله يتوقف عن جنونه لكن ذلك لم يحدث... كان يتعمد المرور من بين سلالم القاعة ليمر إلى جوارها فغمز لها عدة مرات بمشاكسة ما جعلهم محط أنظار الجميع... وما أن انتهت المحاضرة انصرف الطلاب فوقف أمير في انتطار وعد بالخارج فغادرت القاعة برفقة حنين التي تفاجأت بوجود أمجد بالخارج فخفق قلبها بسعادة واقتربت منه حتى استقرت أمامه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها فقاطع أمير سحر اللحظة حينما قال مازحاً
- أنا حاسس أن الكلية قلبت كازينو على أيدك يا مشرحجي
ضحكوا على كلماته عدا وعد فقد رفعت أحد حاجبيها وقالت بجدية مصطنعة
- فعلاً الكلية بقت كازينو والمحاضرة قلبت سينما
اصطنع أ مير عدم الفهم ولم يعلق ثم مضى إلى السيارة برفقتها بينما ذهبت حنين برفقة أمجد... وما أن دلفت وعد إلى السيارة مطت شفتيها بضجر فابتسم لها أمير وتحدث بهدوء قائلاً
- أنا أسف ووعد مني مش هعمل كده تاني
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بغيظ: كل اللي في المحاضرة كانوا بيتفرجوا علينا
- يتفرجوا وإيه المشكلة، مراتي وأنا حر فيها
- بس أنا بتكسف
قالتها ببراءة وطريقة طفولية أسرة للقلوب فحرر إحدى يديها ثم رفع كفها إلى شفتيه وطبع على باطنه قبلة عميقة كانت كزلزال ضرب كل ذرة في كيانها
*******
في ذات اللحظة انطلق أمجد بسيارته لكي يذهب إلى مطعم فخم ويتناول طعام الغداء برفقتها ولكن طرأت لدى حنين فكرة جنونية فابتسمت بسعادة وقالت وهي تنظر إليه
- هو أنا ممكن أطلب منك طلب غريب شوية؟
أوقف السيارة على جانب الطريق ليستمع إليها بعد أن حرك رأسه كإشارة بنعم فقالت بثبات طلبها الغريب والفريد من نوعه فمط أمجد شفتيه بضحر وكاد أن يعترض لكنها سبقته واستخدمت الدلال المصاحب لصوتها لاقناعه فاستسلم إليها وقاد السيارة مرة أخرى إلى مقر عمره فقد طلبت منه الذهاب إلى المشرحة لتراقبه بشغف وهو يمارس عمله الصعب والشاق
******
بمقر إدارة البحث الجنائي...
انتهى الاجتماع الذي يضم اللواء وحسام بالإضافة إلى أمل التي غادرت مُباشرةً لتذهب إلى الجريدة... تابعها حسام بعينيه من شباك مكتبه فقد غادرت دون أن تودعه بالرغم من اعتذراه... اندهش حينما ترجلت من السيارة وفتحت الجزء الأمامي منها فعلم أن هناك خطباً ما أصاب سيارتها، غادر مكتبه في عُجالة وهبط الدرج حتى لا يقف في انتظار المصعد، وما أن اقترب منها لوى شفتيه بضجر حينما رأى تجمع العديد من الضبّاط حولها بحجة المساعدة فوقف خلفها وقال بصوت رجولي حاد
- واقفين كده ليه؟
انفضوا جميعاً من حولها وعاد كل واحد منهم إلى عمله فسرت رعشة خوف في بدنها حينما استشعرت هيبته التي يخشاها الكثيرين لكنها فاقت من شرودها عندما أردف متسائلاً
- في حاجة في العربية؟
حركت رأسها كإشارة بنعم دون أن تتحدث فدلف إلى السيارة وحاول تشغيل محركها لكن ذلك يحدث فترجل منها وهتف وهو ينظر مُباشرةً إلى عينيها
- البطارية محتاجة صدمة علشان تتحرك بس اعتقد لازم تتغير
- طيب أنا هعمل إيه دلوقتي؟
تساءلت ببراءة فشعر أنه يقف أمام طفلة صغيرة بالرغم من أنوثتها فأشار إليها لتنتظر دقيقة ثم ابتعد وعاد بعد دقائق قليلة برفقة أحدهم وأعطاه مفتاح سيارته ومفتاح سيارة أمل بعد أن طلب منه سحبها إلى أقرب محطة بنزين ليعاينها المختص، وبمجرد أن انصرف العسكري تحدثت برقة قائلة
- شكراً على فكرة
- العفو على فكرة
قالها مقلداً طريقتها فقد كانت تتحدث إليه بنبرة صوت تحمل القليل من الغضب فارتسمت على شفتيها ابتسامة ساحرة فبادلها بصوته الرجولي قائلاً
- اتفضلي في مكتبي لحد ما يرجع وبالمرة نتكلم في المهمة
- شكلي كده مش هروح الجريدة النهارده كمان
- ولا يهمك هخلي اللواء نجدت يتصرف في الموضوع ده
حركت رأسها بالموافقة بالرغم من شعورها بالخجل من البقاء معه في مكان واحد إلا أن نظرات الجميع المصوبة نحوها جعلتها تذهب معه فقد شعرت أن نظراته تختلف عنهم... اقترب من المصعد ليطلبه لكنها أخبرته أنها مصابة برهاب المصاعد وفي كثير من الأوقات تشعر بالاختناق بداخله فصعد معها الدرج إلى أن وصل إلى الطابق الثالث حيث يوحد مكتبه فطلب منها الدخول ثم ذهب إلى غرفة اللواء... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد إليها وهتف متسائلاً
- تحبي تشربي إيه؟
- شكراً مش عايزه
- مستحيل لازم تشربي حاجة
- ممكن أخد كابتشينو لاتيه
أسر ابتسامته بصعوبة وقال مازحاً: لا هنا إدارة خناشير والخناشير أمثالي ما بيشربوش المشروبات النايتي دي
- نايتي؟!!
رفع أحد حاجبيه بشموخ وأجابها: طبعاً إحنا رجالة أوي على فكرة
قالها بطريقة تمثيلية لم تصمد أمل أمامها فانفجرت ضاحكة بأعلى طبقات صوتها فاكتفى بابتسامة وتابع
- هنا يا شاي يا قهوة يا نسكافيه بلاك زي اللي بنشوفه في شغلنا وممكن نعملك استثناء واجبلك حاجة ساقعة
- وأنا موافقة بحاجة ساقعة
رفع سماعة الهاتف وطلب فنجان قهوة له ومشروب غازي بنكهة التفاح الأخضر لها، فراقبته بصمت حتى أنهى المكالمة ثم نظرت إليه وقالت بجدية مصطنعة
- مش المفروض أن أنا زعلانة منك؟
- المفروض أني اعتذرت
- طيب أنا لسه زعلانه على فكرة
رفع كلا حاجبيه حينما فهم ما ترمي إليه وتحدث قائلاً: طيب ما نقصر السكة وتقولي اللي بتلمحي ليه
عضت على شفاها السفلى لشعورها بالتوتر فابتسم على فعلتها ما جعل قلبها يخفق بقوة فقد زادته البسمة هيبة ووقاراً فهتفت بدون تفكير
- طلعت بتضحك زي الناس سبحان الله
رمقها بنظرة نارية محملة بالغيظ فبادلته بابتسامة رقيقة وتابعت قائلة
- أنا هسامحك بشرط
- اللي هو؟
- بما أن عربيتي عطلانة وأنت عامل معايا واجب وعازمني على حاجة فريدة من نوعها في الإدارة ولسه
قاطعها قائلاً: قولي عايزة إيه من غير مقدمات يا أستاذة
- عايزه استغل الوقت وأعمل معاك لقاء صحفي وقبل ما ترفض لو مش هتوافق هسيبك تشرب القهوة والحاجة الساقعة لوحدك وأقوم أدور على أي ظابط أعمل معاه لقاء، قولت إيه؟
اندهش بشدة من طريقتها فقد اعتقد أنها فتاة رقيقة ودموعها قريبة لكنه استشعر القوة المصاحبة لنبرة صوتها ما زاد إعجابه بها فحرك رأسه بالموافقة
- بجد موافق؟
- ولو ما بدأتيش حالا هغير رأيي
- يس
قالتها بجنون فأسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يقلل من حماسها، وفي أقل من دقيقة أخرجت من حقيبتها مُسجل صوت خاص بعملها وملحق به ميكروفون، وارتدت كذلك نظراتها الطبية لتسجل الملاحظات خلال اللقاء ولم تكتفي بذلك بل رفعت شعرها لأعلى كما اعتادت دائماً وما أن نظرت إليه لتبدأ المحاورة تفاجأت به يسلط نظراته عليها فتساءلت
- في حاجة؟
- حاسس دي استعدادات حرب مش لقاء صحفي
- كل واحد أدرى بشغله
- عندك حق بس خلينا نتفق الحوار ده مش هينزل غير بعد ما نخلص من المهمة
أكدت له ذلك ثم بدأت في سؤاله الأسئلة المعتادة.. ما أسمه، كم يبلغ من العمر، حالته الاجتماعية، منذ متى يعمل بإدارة البحث الجنائي، أغرب القضايا التي قابلها... ظلت تسأل وهو يجيب حتى سألته إن كان أصيب من قبل فأجابها بهدوء
- ٣ مرات
- بجد؟!!
قالتها باندهاش كطفلة شقية على وشك خوض مغامرة سمعية فحرك رأسه ليؤكد لها ما سمعته ثم تابع حديثه قائلاً
- أخدت رصاصة في كتفي في اقتحام وكر تجار مخدرات و
قاطعته قائلة بانبهار: واوووو كمل
- ورصاصة في نفس الكتف من ست سنين في عملية القبض عن سفاح الجيزة وأصعبهم كانت رصاصة في صدري اخترقت واقي الرصاص من أربع سنين وكانت حالتي خطيرة
- حسيت إيه وقتها؟
أراح ظهره على المقعد وتذكر دموع حنين ووعد حينما استرد وعيه فتنهد بحرقة وأجابها
- حسيت لأول مرة أني خايف من الموت بس مش علشاني، علشان حنين ملهاش حد في الدنيا دي غيري، خوفت أموت وأسيبها وحيدة
رفع حسام بصره إلى عينيّ أمل واندهش لرؤية الدموع تتلألأ داخل مقلتيها بعد أن تأثرت بكلماته فقرر تلطيف الأجواء وهتف مازحاً
- أنا شايف أني كده كفرت عن ذنبي وأكتر من كده صراحة هيبقى استغلال صحفي
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وكادت أن تتحدث لكن قاطعها صوت طرق على باب غرفة المكتب فأذن حسام للطارق بالدخول
- العربية ما اشتغلتش بصدمة البطارية
تقدم العسكري من حسام وأعطاه المفتاحين ثم تابع: محتاجة بطارية جديدة
- طيب أتفضل أنت
ما أن انصرف العكسري وقفت أمل عن مقعدها وهي تشعر بالحزن لأجل سيارتها ثم نظرت إلى حسام وقالت برقة
- أنا متشكرة جداً لمساعدتك، همشي دلوقتي وهبعت السواق بتاع أمير يسحبها لحد الميكانيكي
- هتروحي أزاي؟
- هطلب عربية
- هتركبي عربية لوحدك بالفستان ده؟!!
- أمال هعمل إيه؟
- هوصلك
جحظت عينيها في عدم تصديق ثم ابتلعت ريقها وتساءلت بصوت مرتعش
- طب و وشغلك؟
- عادي هوصلك وأرجع
لم يترك لها فرصة أخرى للاعتراض فحمل مفتاح سيارته وأعطاها مفتاح سيارتها ثم مضى برفقتها فحاولت إقناعه بشتى الطرق لكي يتركها تغادر بمفردها إلا أنه لم يسمح بذلك فدلفت إلى سيارته وفي أقل من دقيقة انطلق إلى فيلا أمير
********
في ذات الوقت أوقف أمير سيارته أسفل منزل وعد فترجلت بعد أن ودعته ليذهب إلى المشفى... ما أن دلفت إلى العقار تذكرت نفاذ الطعام الخاص بقطتها فقررت الذهاب إلى المتجر الخاص ببيع طعام القطط لشراء المزيد... مضت وهي تفكر في المشاكس الذي تزوجت به فلم تنتبه إلى الشاب الذي كان يسير خلفها وينتظر اللحظة المناسبة لاختطافها، وبمجرد أن مرت من شارع لا يوجد به غيرهم تقدم منها ليخدرها إلا أنه توقف حينما مرت سيارة إلى جوارها فاندهشت بشدة لرؤية أمير فترجل من السيارة ورمق الشاب بنظرة نارية بعد أن لاحظ ملاحقته لوعد ثم تقدم منها وتساءل بقلق
- أنتي كويسة؟
- اه، في حاجة؟ وإيه رجعك؟
تابع أمير ابتعاد الشاب حتى اختفى تماماً لكنه لم يشعر بالارتياح فتابعت وعد وهي تشعر بالقلق
- أمير أنت كويس؟
- ما طلعتيش ليه؟
- كوكي أكلها خلص فكنت رايحة السوبر ماركت أو محل القطط أجيبلها
- بعد كده لما تحتاجي حاجة قوليلي وياريت ما تخرجيش لوحدك تاني، بعد ما سيبتك لقيت تليفونك واقع فلفيت ورجعت أديهولك لقيتك ماشيه وواحد ماشي وراكي زي ضلك
تسارعت نبضاتها خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك فقالت ببراءة: أنا آسفة
- خلاص محصلش حاجة، أركبي هنجيب الأكل وبعدها هوصلك
دلفت إلى السيارة دون أن تتفوه بالمزيد فقد كانت تشعر بالخوف من ملاحقة أحدهم لها، بينما قاد أمير السيارة وهو يشعر بالقلق عليها لكنه نفض الفكرة من رأسه حتى لا ينتقل القلق إليها
********
أمام مبنى الطب الشرعي أوقف أمجد سيارته وهو يشعر بالغضب فقد تمنى قضاء أوقات رومانسية معها ولكن تبخرت جميع أحلامه ووجد نفسه في أخر مكان تمنى الوجود به... ترجلت حنين وبداخلها القليل من الخوف إلا أنها رسمت الثبات على وجهها ومضت معه إلى الداخل لتشاهده وهو يقوم بعمله... بعد مرور عدة دقائق ارتدت الرداء الأبيض الخاص بالأطباء ولحقت به إلى الداخل فأخرج مساعده جثة من ثلاجة الموتى ووضعها على طاولة التشريح ثم غادر ليبدأ أمجد عمله... أمسك المشرط الخاص بالتشريح وفتح جرح عميق من الحلق إلى نهاية البطن فشعرت حنين بالغثيان حينما رأت طول الجرح، وما هي إلا دقائق حتى أبعد الجلد ليظهر القفص الصدري وبداخله أعضاء الجسم فسقطت حنين بعد أن فقدت وعيها وارتطم جسدها بالأرض فجحطت عينيّ أمجد ثم اقترب منها وقال بخوف
- حنين
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
Tuesday, February 26, 2019
طريقي بقربك/مني سليمان
سحر الابجدية
February 26, 2019
0
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان
* اعتراف *
أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً
- أبقى خد بالك يا أخ
تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة
- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج
توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود
- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات
رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!
شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها
- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه
نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع
- همجي
*******
كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة
- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟
- لا هنزل هنا شكراً
ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة
- قاعد لوحدك ليه؟
التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل
- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟!
تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟
- ممكن أي عصير فريش
أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل
- بتهربي مني ليه؟
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه
قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً
- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت
ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً
- أنتي لسه زعلانة؟
حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه
- أصل أنا يعني يعني يعني يعني
قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت
- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي
كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل
- خلصتي؟
حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن الصمت لم يدوم فقد قطعه أمجد حينما هتف بصوت دافئ غلفه الحنان
- أولاً كل كلمة قولتيها دلوقتي تخليني أحترمك جداً، ثانياً أنا كمان مستحيل أعرفك من ورا أخوكي علشان كده هطلب أيدك منه ووقتها نقدر نتعرف على بعض أكتر، قولتي إيه؟
جحظت عينيها بعدم تصديق ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم الصرخة التي كانت على وشك الانطلاق من بين شفتيها فأسر ابتسامته بصعوبة وكرر سؤاله مرة أخرى فأجابته قائلة
- حسام مش هيوافق
- أفهم من كده أنك موافقة بس المشكلة في حسام
- أ أ أنا ما ما قولتش أني موافقة
قاطعها قائلاً: مش مهم تقولي على فكرة لأن عيونك قالوا كل حاجة، أنا مش عارف أزاي وأمتى أتعلقت بيكي بس الحاجة الوحيدة اللي عارفها أني عايز أفضل معاكي على طول
- حسام بجد مش هيوافق على الأقل لحد ما أخلص الكلية لأن ابن عمي أتقدملي من كام شهر وحسام قاله لسه بدري أوي
- سيبي حسام عليا ولو على دراستك اللي صبرني ٢٨ سنة من غير جواز يصبرني كام سنة كمان، المهم هنكون مع بعض
أتسعت ابتسامتها فشعر بالربيع يسري بداخله، ربيع مختلف الألوان يحمل السعادة بلون والعشق بلون ونبضات القلب وهمساته بلون... ربيع لا يعرف المستحيل، يتخطى كل الحواجز ليجمع قلبين في قلب واحد ينبض فقط بأسم كليهما
*******
بمقر إدارة البحث الجنائي...
اجتمعت قيادات الإدارة داخل غرفة الاجتماعات لمناقشة تفاصيل الخطة التي وُضعت من أجل الإيقاع بواحدة من أكبر شبكات تجارة الأعضاء... رحبوا جميعاً بوجود أمل وأثنى الكتير منهم على المجهود الرائع الذي بذلته من أجل جمع المعلومات فتذوقت طعم نجاحها
- الملفات اللي قدامكم بتدين أسماء لدكاترة في كلية طب عين شمس ومتورطين في القضية وكتير منهم مسكنا دليل إدانته بس مش هنقدر نتحرك غير لما نجيب الراس الكبيرة اللي هو وزير الصحة ومعالي رئيس الوزراء أطلع على ملف القضية من خلال وزير الداخلية شخصياً حرصاً على الكتمان
ارتدى اللواء نظارته الطبية ثم فتح الملف الموضوع أمامه وتابع وهو مازال ينظر إلى الأوراق
- من مراقبة الإيميل اللي تم من خلاله إرسال المستندات ليكي توصلنا لأنه يخص أحد أفراد طقم الحراسة الخاص بوزير الصحة والسؤال ليه أرسل ليكي أنتي بالذات قال أنك قابلتي وزير الصحة في كذا مؤتمر صحفي
رفع اللواء رأسه عن الأوراق وسأل أمل عن صحة ما قاله فحركت رأسها كإشارة لتأكيد المعلومات التي وصلت إليه فأردف
- اللي وصلنا أنك لفتي نظر الوزير في كذا مؤتمر واللي عرفناه أنه ليه في سكة الدعارة كمان من الأخر عجبتيه
ما أن وصلت كلمات اللواء الأخيرة إلى مسامع حسام مط شفتيه بضجر بينما ابتلعت أمل ريقها بصعوبة ثم أرجعت نظارتها الطبية إلى الخلف وتساءلت
- معجب بيا أنا؟
- ده اللي أكده فرد الحراسة في اعترافاته وبناءاً عليه وضعنا خطة وهنبدأ في تتفيذها من بكرة و
قاطع حسام كلمات اللواء حينما وقف عن مقعده وقال بحدة: خطة إيه اللي تنفذها سعادتك، مواصفات البنت اللي في الخطة ملهاش أي علاقة بالأخ اللي جمب حضرتك
اندهش الجميع من كلمات حسام فكاد اللواء أن يعنفه لكن سبقته أمل ووقفت هي الأخرى عن مقعدها ثم تقدمت من حسام وأشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بصوت عال لم تعتاده من قبل
- قسماً بالله لو ما أحترمت نفسك بالذوق لأخليك تحترمها بالعافية
- الكلام ده ليا أنا؟
وكزته أمل بظاهر يدها في كتفه وأجابته: اه ليك يا خفيف
جز حسام على أسنانه واشتعل غضباً أثر كلماتها والضربة التي سددتها إلى كتفه فقبض يده بعنف على معصمها وسط اندهاش الجميع فأبت أمل أن تتأوه بالرغم من شعورها بالألم فضرب اللواء بيده على سطح المكتب وقال بحدة
- رائد حسام
انتبه حسام إلى الغضب المصاحب لصوت رئيسه المباشر فنفض يدها وهتف بعد أن أدى التحية الرسمية
- أسف سعادتك بس الأخ ده لا يصلح للمهمة
لم تستطع أمل أن تتحمل وقاحته فمدت يدها لتصفعه لكنه سبقها كالمرة السابقة ومنعها من ذلك بعد أن قبض على معصمها مرة أخرى فتحول الاجتماع إلى معركة لا يعلم سببها سوى حسام فقد كان ينتقم من زواج وعد وأمير من خلال شقيقته أو بالأحرى ينفس عن غضبه بإغضابها... وقف اللواء عن مقعده وتقدم منهما ثم قام بتفريق أيديهم ونظر إلى حسام قائلاً
- ده هيكون أخر تحذير يا حسام وبعد كده هحولك للتأديب
ابتلع حسام ريقه بصعوبة ثم نظر إلى أمل ليرمقها بنظراته الحادة والغاضبة إلا أنه شعر بغصة في قلبه حينما رأى الدموع الحبيسة داخل مقلتيها، بينما اعتذر اللواء وطلب منها الجلوس ليشرح باقي الخطة
- إحنا هنساعدك بطريقتنا تقابلي الوزير وتقربي منه لحد ما توصلي لبيته وتجبيلنا أي دليل يدينه ومعاكي مهلة أربعة وعشرين ساعة تفكري فيهم هل هتقدري على ده ولا لا وبأمر الله بكرة في اجتماع في نفس المعاد علشان نعرف قرارك
لم تمض سوى دقائق قليله حتى انتهى الاجتماع وغادرت أمل لتذهب إلى عملها بينما عاد حسام إلى مكتبه وتابعها من الشباك حتى انطلقت بسيارتها فزفر بضيق ثم جلس على مقعده وردد في نفسه
- أول مرة أعامل بنت كده، أكيد هي ملهاش ذنب في غضبي بس حظها أني فقدت السيطرة على أعصابي لما تيجي بكرة هعتذرلها وأمري لله
*******
بعد مرور عدة ساعات...
كانت وعد تتابع عملها بالمشفى حينما شعرت برغبة في رؤية أمير فهي لم تراه منذ أن وصلت... تركت مقعدها وغادرت الغرفة ثم اتجهت صوب غرفة مكتبه ودلفت إليها بدون سابق إنذار لتفاجئه لكنها عبست بشدة حينما لم تجدة فتراجعت بظهرها إلى الخلف لتغادر إلا أنها اصطدمت بجسد تميز رائحته جيداً... التفتت إليه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها وتصاحبها حمرة خجل تلون وجنتيها... تقدم منها فتراجعت بدورها إلى الخلف، وبمجرد أن أغلق الباب اقترب منها حتى وقف أمامها وتساءل بصوت دافئ
- مالك؟
- ما مفيش، كككنت جاية أشوفك لو محتاج حاجة م مش أنا المساعدة بتاعتك
قالت كلماتها بصوت مرتعش وارتباك ملحوظ فعلم أنها تكذب ما جعل ابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيه لتزين ثغره ثم نظر مُباشرةً إلى عينيها وهتف متسائلاً
- وحشتك في الساعتين دول، صح؟
خفق قلبها بسرعة وازدادت حمرة الخجل خاصتها فكانت الجواب لسؤاله... لم يشعر بنفسه إلا وهو يجذبها بين أحضانه ثم حاوطها بحنان فتمسكت به لتشعر بالدفء الذي لم تشعر به إلا عندما يغمرها بحنانه، وظلا هكذا حتى طبع قبلة على مقدمة رأسها وأردف
- ربنا يخليكي ليا
*******
أمام مقر إدارة البحث الجنائي أوقف أمجد سيارته ثم ترجل منها ودلف إلى الداخل عازماً النية على التحدث إلى حسام بشأن التقدم لخطبة حنين... صعد مُباشرةً إلى مكتب حسام بعد أن رحب بوجوده العديد من الضباط بوجوده، ثم دلف إلى الداخل بدون سابق إنذار ليشاكس حسام لكن الأخير كان شارداً في لمعة الدموع الحبيسة داخل عينيّ أمل فاندهاش أمجد بشدة من رؤيته هكذا ثم ضرب بيده على سطح المكتب
- حسام
انتفض حسام عن مقعده ثم رمقه بنظرة نارية وقال بغيظ: في حد يدخل كده؟
رفع أمجد كلا حاجبيه باندهاش ثم جلس على أحد المقاعد وأجابه ببرود
- من يوم ما بقينا أصحاب بدخل كده، في إيييييه؟ من يوم كتب كتاب وعد وأمير وأنا متأكد أن في حاجة
ابتلع حسام ريقه بصعوبة وشعر بالإحراج لافتضاح أمره فكرر أمجد كلماته وسؤاله وزاد عليهم سؤال جعل حسام يتمنى أن تنشق الارض به
فقد سأله إن كانت وعد هي الفتاة التي يعشقها فأجاب قائلاً
- إي إيه يا أمجد الكلام الفارغ ده، وعد طول عمرها زي حنين و
قاطعه أمجد: أهو عصبيتك وتوترك بيقولوا أنها هي
زفر حسام بضيق ثم اتجه صوب شباك الغرفة وأسند يده على الحائط وبدأ يقص على صديقه كل شيء فشعر أمجد بالشفقة على حاله ثم ترك مقعده واقترب منه إلى أن وقف إلى جواره وهتف
- لازم تنسى يا حسام، وعد خلاص أتكتبت لأمير وكل شيء قسمة ونصيب
- عارف يا أمجد وبحاول أتعود
- أمال مضايق ليه؟
رفع حسام كلا حاجبيه وتردد في الاعتراف بفعلته مع أمل فهي ابنة خالته ومن المؤكد أنه سيلومه لأجلها ولكن مع إصرار أمجد جلس حسام على الأريكة الجلدية وبدأ يقص عليه ما فعله مع أمل في لقائهم الأول وما حدث منذ قليل فانتفض أمجد عن الأريكة وقال بحدة وصوت عال
- نهارك أسود يا حسام، أنت اللي عمرك ما غلطت في واحدة تيجي تغلط في أمل، أمل يا حسام دي أغلب من الغلب
- أنا مش عارف عملت كده أزاي بس أنا عارف أني غلطت في حقها
جز أمجد على أسنانه ثم اتجه مرة أخرى صوب الشباك وأخرج هاتفه ليتحدث إلى أمل ويطمئن عليها فجاءه صوتها باكية
- الو
شعر أمجد بالأسى عليها فتساءل بصوت دافئ: بتعيطي ليه؟
ما أن وصل سؤاله إلى مسامع حسام شعر بغصة في قلبه فهو يعلم جيداً أنه جرحها في أنوثتها بالرغم من كونها فتاة جميلة بل صارخة الجمال فتنهد بحرقة ثم تابع باقي الحديث
- خلاص بقى يا أمول، أنا هاجي أتغدى معاكم وأفرفشك
بعد مرور عدة دقائق أنهى المكالمة وعاد ليعاتب حسام بينما كفكفت أمل دموعها وقادت سيارتها إلى مركز تجاري ضخم بعد أن أقسمت أن تعطي لهذا الهمجي درساً لن ينساه...
بينما بمكتب حسام وقف أمجد عن مقعده بعد أن أنهى حديثه فأوقفه حسام حينما هتف متسائلاً
- رايح فين؟
- هروح أطمن على أمل بجد مش هرتاح إلا لو شوفتها
- بكرة هعتذرلها قدام كل الموجودين، بس قولي أنت كنت جاي ليه؟
ضرب أمجد جبينه بباطن يده فقد نسى تماماً ما جاء لأجله لكنه شعر بتوتر الأجواء فقال بهدوء
- هقولك بس خليها مرة تانية تكون أعصابك أهدى، يلا سلام
صافح حسام ثم غادر إلى سيارته، وبمجرد أن دلف إليها أجرى اتصالاً بهاتف حنين فتسارعت نبضات قلبها خوفاً إلا أنها استجمعت شجاعتها وأجابت قائلة
- الو
- أنا لسه نازل من عند حسام بس مقدرتش أكلمه في حاجة لأن عنده مشكلة في الشغل بس بإذن الله هكلمه في أقرب فرصة
- ماشي
قالتها بطريقة طفولية أسرة للقلوب فارتسمت على شفتيه ابتسامة تمنى أن تراها لتعلم كم هو يريدها إلى جواره، فبالرغم من أنه لم يقابلها إلا منذ عدة أيام إلا أنها أصبحت تشغل تفكيره في كل ساعة وكل دقيقة
********
مضت الساعات واستيقظت الشمس لتنشر أشعتها الذهبية على الكون حاملة معها مفاجأت ومشاكسات وصوت ضحكات وكذلك نبضات تتسارع لتخبر صاحبها أن قلبه عاشق....
في الثامنة والنصف أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد فدلفت وركبت إلى جواره وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالتوتر فاندهش أمير وتساءل بقلق
- مالك؟
- متوترة شوية دي أول مرة نروح الجامعة بعد المشكلة وخايفة من
قاطعها قائلاً بحنان وصوت دافئ غلفه العشق: طول ما أنا جمبك مش هسمح للخوف يعرف لقلبك طريق
استطاعت كلماته أن تهدئ من خوفها لكنها تسببت في تسارع نبضاتها فالحنان المصاحب لصوته جعلها تشعر نحوه بالانجذاب فغمز لها وتابع
- بقول نروح الجامعة بدل ما نتأخر، ولا إيه رأيك؟
- نروح طبعاً
قالتها بصوت مرتعش فأسر ابتسامته بصعوبة حينما علم أن وجوده يسبب لها الارتباك ثم أدار محرك السيارة وانطلق بها إلى الجامعة
*******
في ذات الوقت وصلت حنين إلى الجامعة فترجلت من إحدى سيارات الأجرة ثم أدارت جسدها لتدلف إلى الداخل إلا أنها توقفت حينما رأت أمجد يستند على سيارته ويقف في انتظارها... خفق قلبها بسعادة فاقتربت منه شيئاً فشيئاً حتى استقرت أمامه... تأمل البريق الساكن داخل عينيها لعدة دقائق لم يتحدث فيها أحد وما أن فاق من سحر نظرتها ابتسم لها وقال بهدوء
- وحشتيني
أتسعت ابتسامتها الساحرة وخجلت أن تجيبه فتابع بذات الهدوء: مضايقة علشان جيت؟
حركت رأسها يميناً ويساراً كإشارة بالنفي فتساءل: أمال مش عايزه تردي عليا ليه؟
- مفيش حاجة
خيم الصمت من جديد وتبادلا نظرات كانت أصدق من الكلام ولكن قاطعهما صوت سيارة أمير فخجلت حنين بشدة وكادت أن تبتعد إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت أمير يقول
- أركبي يا حنين
دلفت إلى السيارة دون أن تودع أمجد فصر على أسنانه وشرع أن يتحدث لكن سبقه أمير وقال بصوت خفيض بعد أن ترجل من السيارة واقترب من ابن خالته
- لم نفسك واقف تسبلها قدام باب الجامعة
- أعوذ بالله منك دايماً سادد نفسي
عاد أمير إلى السيارة وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونه ثم قاد السيارة إلى الداخل فلوح أمجد بيده إلى حنين ثم تنهد براحة وغادر إلى عمله
********
في العاشرة إلا عشر دقائق ترجلت من سيارتها وهي تشعر بأنها أميرة في هذا الثوب الأسود القصير الذي أظهر رشاقتها بوضوح... كان شعرها يتطاير مع كل خطوة تخطوها ما جعلها محط أنظار الكثيرين فاستقبلها أحدهم بابتسامة وأخر بغمزة وغيره أطلق صفيراً ليعبر عن جمالها، فبالرغم من ارتدائها لنظارتها الشمسية إلا أن سحر عينيها اخترق قلوب الكثيرين... لم تهتم لأحد وأكملت طريقها إلى غرفة الاجتماعات حيث يجلس الجميع في انتظارها، وبمجرد أن فتح أحد الضبّاط باب الغرفة دلفت إلى الداخل ليقطع صوت كعب حذائها الصمت الذي ساد المكان فرفع الجميع بصرهم إليها واندهشوا من تبدلها التام فألقت عليهم التحية وكادت أن تجلس على مقعدها إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت حسام يقف خلفها
- أسف على التأخير
التفتت إليه وابتسامة ماكرة ترتسم على ثغرها فبادلها بأخرى وقال بترحاب وهي مازالت تضع نظارتها الشمسية
- أهلاً بحضرتك نورتي
نظر حسام إلى اللواء ورمقه بنظرة تساؤل عن هوية المرأة الساحرة التي تقف أمامه فقال اللواء وهو يأسر ضحكته بصعوبة
- الآنسة أمل، معرفتهاش ولا إيه؟
جحظت عينيّ حسام بعدم تصديق وأتسع ثغره من هول الصدمة فأزالت أمل نظارتها ورمقته بنظرة انتصار ثم مضت دون أن تعيره أي اهتمام وجلست على مقعدها فبقى حسام واقفاً في مكانه وهو لا يستوعب أي شيء
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
Monday, February 25, 2019
طريقي بقربك/منى سليمان
سحر الابجدية
February 25, 2019
0
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل الثامن عشر - بقلمي منى سليمان
* لقاء *
أنهى أمجد كتابة تقرير التشريح ثم حمل جاكيت حلته وغادر في عُجالة... دلف إلى سيارته وأدار محركها لكنه لم ينطلق بها بل أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بحسام فأجاب الأخير قائلاً
- خلصت التقرير؟
- مفيش أزيك الأول؟
- أزيك؟
- كويس يا أخويا والتقرير بعته عالإيميل، قولي جاي العزومة؟
أغمض حسام عينيه بأسى وحاول التماسك حتى لا يشك فيه أمجد فقال بثبات وصوته الرجولي المعتاد
- للأسف عندي شغل بس حنين معاهم
شعر أمجد بالسعادة لعدم حضور حسام إلى العزيمة إلا أنه لم يظهر ذلك بل اصطنع الغضب قائلاً
- خسارة كان نفسي أشوفك
- معلش تتعوض، هقفل سلام
أنهى حسام المكالمة وعاد ليتابع عمله بينما فرك أمجد كفيه ببعضهم البعض ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى انطلق بالسيارة إلى متجر الزهور القريب من فيلا أمير وانتقى باقة فخمة من الزهور الحمراء لكنها لم تكن لسلوى كما اعتاد بل كانت هدية بسيطة لحنين ليعتذر عما فعله معها وعن تأخيره كذلك
*******
في ذات اللحظة وقفت وعد عن مقعدها لتغادر إلى غرفة أمل... لحق بها أمير ليذهب إلى حيث تجلس والدته، إلا أنها ما أن غادرت الشرفة تعثرت قدمها وكادت أن تسقط أرضاً فأسرع أمير وحاوط خصرها بذراعه ثم قربها إليه بشدة حتى أصبح لا يفصل بينهما شيئاً... توقع أن تبتعد عنه لكنه اندهش حينما سكنت بين أحضانه فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق ثم اقترب من شفتيها ليسرق قبلته الأولى فقاطعه صوت طرق على باب الجناح... ابتعدت عنه وحمرة الخجل تلون وجنتيها فأسر ابتسامته ثم اتجه صوب الباب وفتحه فقالت الخادمة
- تليفون الآنسة بيرن والحاجة قالتلي أطلعه ليها
- شكراً
قالها أمير بعد أن أخذ منها الهاتف ثم أغلق الباب وعاد إلى طفلته الرقيقة لكنها لم تستطع النظر إلى عينيه فوضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها لتتقابل أعينهم في نظرة قطعها صوت رنين هاتفها فقالت برقة
- ممكن أرد؟
أعطاها الهاتف فتلامست أيديهم دون قصد ولم تستطع الإمساك بالهاتف فسقط أرضاً وانقطع رنينه فهتف أمير بهدوء
- أنا أسف أني خليتك مرتبكة ده
- مفيش حاجة
- طيب أنا هنزل لماما وطنط سوسن وأنتي أتكلمي براحتك
- ماشي
ودعها بغمزة من عينه اليسرى جعلت قلبها يخفق بسعادة ثم تنهدت براحة وأخذت هاتفها لتتحدث إلى والدتها
*******
أوقف أمجد سيارته داخل أسوار الفيلا ثم ترجل منها وحمل باقة الزهور ودلف إلى الداخل... اقترب من سلوى وطبع قبلة على ظاهر يدها وفعل المثل مع سوسن بينما وكز أمير في قدمه وتساءل بصوت خفيض
- فين حنين؟
- الله يخرب بيتك، رجلك عامله زي القطر
- بطل رخامة وقول
توقف أمجد عن إكمال كلماته حينما رأى المشاكسة الجميلة تهبط الدرج برفقة أمل... ارتسمت ابتسامة على شفتيه وأخذ يقترب منها شيئاً فشيئاً حتى وقف أمامها ومد يده ليعطيها الباقة فتنهدت أمل بهيام وسرقتها منه فصر أمجد على أسنانه وهم أن يسترد ما أخذته المشاكسة الأخرى إلا أنها سبقته وركضت مبتعدة فركض خلفها ما اشعل غيرة حنين دون أن تعرف السبب فجلست إلى جوار سوسن واضعة يدها أسفل وجنتها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد أمجد حاملاً الباقة بيد وممسكاً يد أمل بيده الأخرى فتركت حنين مقعدها وقالت دون أن تعيره أي اهتمام
- بعد أذنكم هروح الحمام
وقف أمير عن مقعده ومضى معها ليرشدها إلى وجهتها ثم صعد الدرج إلى جناحه ليطمئن على وعد، لكنه ما اقترب من باب غرفة النوم رآها ترتدي نظارته الطبية وتطالع هيئتها في المرآة فاقترب منها على أطراف أصابعه حتى استقر خلفها وحاوط كتفيها بيديه فتعالت شهقاتها وأدارت جسدها إليه وهي تقول بارتباك
- أنا ككك كنت
قاطعها قائلاً بجدية مصطنعة: بقى أسيبك في أوضتي تقومي تاخدي حاجتي وكمان تلبسيها
خجلت من فعلتها ووجهت نظراتها إلى الأرض فأسر ابتسامته وتابع بذات الجدية
- عمري ما توقعت كده منك
- أنا آسفة
قالتها ببراءة فلم يشعر بنفسه إلا وهو يحاوطها بحنان فأزداد خجلها لكنها سكنت بين أحضانه لشعورها بالدفء والحنان، وظلت هكذا حتى أبعدها عنه ونظر إلى عينيها قائلاً بهدوء
- أنا بهزر على فكرة، أنا وبيتي وشغلي ونضارتي ملكك أنتي
ابتسمت برقة فبادلها بقبلة حانية طبعها على جبينها ثم أمسك يدها واصطحبها إلى مائدة الطعام
*******
اجتمعوا على مائدة الطعام ولاحظ أمجد تبدل قسمات وجه حنين فاختلس النظر إليها لكنها تجنبت نظراته فاندهش بشدة وقرر مشاكستها قائلاً
- حنين ممكن المعلقة الزيادة اللي قدامك؟
أعطت الملعقة إلى سلوى لتوصلها دون أن تنظر إليه فازداد اندهاشه وكاد أن يتحدث مرة أخرى لكن قاطعه دخول نادين برفقة والدتها فأردف بغيظ
- أعوذ بالله، إيه اللي جاب المصيبتين دول هنا؟
ما أن تقابلت عينيّ أمير بعينيّ نادين صر على أسنانه بينما تبدلت قسمات وجه وعد فربت على يدها وقال بهدوء مصطنع
- وعد أنا جمبك
نظرت إليه بامتنان فغمز لها بمشاكسة ثم ترك مقعده ورحب بزوجة عمه الراحل وفعلت سلوى المثل بينما لم يعير أحد منهم أي اهتمام بوجود نادين فاشتلعت خيرية غضباً لكنها تمسكت بهدوئها ثم نظرت إلى وعد وتساءلت
- دي بقى العروسة؟
كاد أمير أن يجيبها لكن سبقه أمجد حينما قال ببرود: اه العروسة ومش أي عروسة دي مراة الغالي
لوت نادين ثغرها بينما اقتربت خيرية من وعد وعانقتها ثم ابتعدت عنها وقالت بسعادة مصطنعة
- مبروك
- الله يبارك في حضرتك
- يا خواتي على الأدب اللي بينقط من شفايفك، تعالي يا نادين باركي للعروسة
اقتربت نادين من وعد وهي تتمايل بدلال، وما أن استقرت أمامها مدت يدها لتصافحها لكن وعد لم تهتم واكتفت بابتسامة زائفة فشعرت نادين برغبة ملحة في الفتك بها إلا أنها تمسكت بهدوئها حتى لا يشك بها أحد... جلست خيرية على المقعد المجاور لأمل، بينما جلست نادين إلى جوار حنين فقالت الأخيرة في نفسها
- جيتي لقضاكي يا شابه
تناولوا الطعام في صمت تام بينما انتظرت حنين اللحظة المناسبة لتنتقم من نادين وبالفعل جاءتها الفرصة حينما وضعت الخادمة أمامها صحن شوربة ساخنة فأسقطت الطبق عن المائدة وانسكب بالكامل على قدمي نادين فضرخت بأعلى طبقات صوتها وهمت أن تبوخ حنين لكنها سبقتها وهتفت ببرود
- سوري يا طنط مكنش قصدي
وجهت نظراتها صوب سلوى وأردفت متسائلة: معندكيش مرهم تسلخات يا طنط سلوى لطنط نادين؟
جزت نادين على أسنانها واقتربت من حنين لتصفعها على وجنتها، لكنها توقفت بنظرة من والدتها التي وقفت عن قعدها ونظرت إلى حنين قائلة
- ما تتعبيش نفسك يا حبيبتي، إحنا هنروح يلا يا نادين
لم تمض سوى دقائق قليلة حتى دلفت نادين إلى سيارتها وهي تتألم فانطلقت بالسيارة إلى أقرب صيدلية لتشتري مرهم حروق
********
في فيلا أمير...
أكملوا تناول الطعام وهم يأسرون ضحكاتهم ولكن بمجرد أن تقابلت أعين حنين بعينيّ صديقتها وعد، فقدت الأخيرة سيطرتها وانطلقت من بين شفتيها ضحكة عالية فانفجروا جميعاً ضاحكين وتناولوا الطعام في أجواء ساحرة سُرقت من الزمن... بعد انتهاء الطعام صعدت أمل إلى غرفتها لتكمل مقالتها بينما مضت سوسن برفقة سلوى إلى جناج أمير لتعاينه سوسن، أما وعد فمضت برفقة أمير إلى الحديقة وجلست معه على الأرجوحة فأخذ يحركها بقدمه وهو يتحدث إليها فبقت حنين بمفرها مع أمجد لكنها لم تشاكسه ولم تتحدث إليه كعادتها فرفع كلا حاجبيه وتساءل بقلق
- أنتي تعبانه؟
ضيقت بين حاجبيها ثم وقفت عن مقعدها لتغادر إلا أنه سبقها وقبض على معصمها ثم جذبها بخفة فجلست إلى جواره على الأريكة وقالت بغيظ
- لو سمحت سيب أيدي
- لو سمحت؟!!!
قالها باندهاش فحركت رأسها لتؤكد ما سمعته وتابعت: اه وسيب أيدي بقى
- بت أنتي لو مجنونة فلازم تعرفي أني أجن منك، ماااالك؟!!!
- مفيش حاجة
- لو ما قولتيش حالاً مالك
انتقل بنظراته إلى شفتيها وأردف: مش هبقى مسؤول عن اللي هيحصل
ابتلعت ريقها بصعوبة وجاهدت لتسحب يدها لكنه لم يسمح بذلك وكرر كلماته بصوت أكثر جدية فعضت على شفاها السفلى وأشاحت بعينيها عنه ثم استجمعت شجاعتها وقالت بغيرة ملحوظة
- م م مفيش حاجة، ساكته علشان تهزر براحتك مع أمل
ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ابتسم ببلاهة فصغيرته تغار والغيرة تعني أنها تكن له مشاعر فتساءل بدون أي تفكير
- حنين أنتي غيرانة من أمل؟
تسارعت نبضات قلبها وحاولت سحب يدها إلا أنه تمسك بها أكثر وتابع بصوت دافئ
- أنا أسف مكنش قصدي أضايقك، أمل أختي الصغيرة فاهمة يعني إيه أختي؟
حركت رأسها بنعم فابتسم لها بسعادة ثم حرر يدها لكنه لاحظ العلامة التي خلفتها قبضته فأمسك يدها مرة أخرى وطبع على ظاهرها قبلة رقيقة أحيت النبضات بقلب حنين إلا أنها فاقت من سحر اللحظة حينما استمعت إلى صوت سوسن تقترب برفقة سلوى فابتعدت عن أمجد قليلاً وأرجعت خصلات شعرها خلف أذنها فتأملها لدقائق ثم تركهن حينما صدع صوت رنين هاتفه
*******
العشق يا صغيرتي هو وجودكِ أمامي وأنتِ غير موجودة... فقد سكنتِ القلب وأصبح ينبض بعشقكِ... وسكنتِ العيون فأصبحت لا ترى سوى طيفكِ... فأخبريني بأي لعنة أصبتيني وعن الدواء أبعديني، فأنا أتنفس لعنة عشقكِ ومنها لا تداويني..
مر يومين هادئين بدون أحداث جديدة وفي صباح اليوم الثالث أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد، وما هي إلا دقائق حتى اقتربت منه وركبت إلى جواره... استقبلها بابتسامته الساحرة فبادلته بصوتها العذب
- صباح الخير
- صباح الورد لعيونك
غمز لها بمشاكسة ثم انطلق بسيارته إلى المشفى فاليوم ستستلم عملها كمساعدة له لكن أمير طلب منها الاهتمام كذلك بدروسها فستعمل معه يومي الجمعة والسبت فقط لتهتم بالجامعة باقي أيام الأسبوع
********
في ذات اللحظة أخرج شاب في مقتبل العشرينات هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً فابتعد إبراهيم عن أحضان عشيقته منيرة بصعوبة حينما صدع صوت رنين الهاتف ثم أحضره وأجاب قائلاً
- إيه الأخبار؟
- الراجل بيوصلها دايماً و
قاطعه قائلاً: يعني معرفتش تجبها علشان غبي، أقفل وقدامك يومين كمان والبنت تبقى عندى
لم ينتظر رده وأنهى المكالمة فتركت منيرة الفراش ثم حاوطت خصره من الخلف بذراعيها وقالت
- كده أجيلك بدري وبدل ما تفضل معايا تسيبني وتتكلم في التليفون وكمان تتعصب
أدار جسده إليها وحاوط خصرها بذراعه ثم تملك شفتيها في قبلة طويلة لكنه ابتعد عنها بصعوبة وقال بهدوء
- خلاص ما بقتش قادر أبعد عنك، سبيني أخلص عليه ومن بيع أعضائه هيطلع مبلغ كبير أوي هنعيش بيه كويس، وأنا معايا في البنك مليون وربع ده غير اللي هتورثيه منه بعد ما يغور في داهية
كادت أن تتحدث إلا أنه سبقها ومرر يده على جسدها ثم تابع: قدامك أسبوع بحاله تفكري وتقوليلي رأيك علشان دلوقتي ورانا حاجة تانية أهم
حملها بين ذراعيه واتجه بها صوب الفراش ليقضي معها نزواته الشيطانية ورغباته المحرمة فاستسلمت له كما تفعل دائماً ونست معه الزمان والمكان حتى أنها شعرت برغبة ملحة في التخلص من يحيى لتبقى مع إبراهيم إلى الأبد فما تجده معه لم تجده مع يحيى يوماً
*******
وصل أمير إلى المشي ودلف إليها برفقة وعد فشعرت بالسعادة لأنها ستبدأ عمل يناسب الحلم الذي لازمها طوال سنوات حياتها... مضت معه إلى المصعد وصدرها يعلو ويهبط كطفلة صغيرة اصطحبها أبيها لشراء لعبة عاشت سنوات عمرها القليلة تتمناها، وما أن استقر المصعد بالطابق الثالث اصطحبها أمير إلى الغرفة المجاورة لغرفة مكتبه ثم فتح بابها وأشار إليها بالدخول فدلفت وهي لا تصدق ما تراه... اقتربت من مكتبها وتحسسته بأناملها وابتسمت حينما رأت صورة تجمعها بأمير موضوعة على سطحه فنظرت إليه وقالت برقة
- بجد مش عارفه أقولك إيه، أنا متشكرة ليك أوي
ضيق بين حاجبيه واصطنع الغضب ثم اقترب منها حتى استقر أمامها فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق، وبمجرد أن فاق من سحر عينيها هتف بصوت دافئ
- مفيش بينا شكر ده أولاً، ثانياً أنتي مراتي والمستشفى كلها تحت أمرك وصاحبها كمان فوق البيعه
قال كلماته الأخيرة كمشاكسة لها ثم غمز لها وتابع: ولا صاحبها مش عاجبك؟
توردت وجنتيها خجلاً فشعر بالربيع يسري بداخله ثم جذبها إلى صدره وحاوطها بحنان فتمسكت به كغريق وجد بر الأمان بعد طول انتظار، وما أن ابتعد عنها نظر إليها قائلاً بجدية مصطنعة
- يلا على شغلك وأي غلطة كده ولا كده رفض على طول، أنا دكتور حمش أوي
ودعها بغمزة من عينه اليسرى ثم غادر المكان بالرغم من رغبته في البقاء معها إلى الأبد فابتسمت بسعادة ثم جلست على مقعدها ورددت بصوت خفيض
- ألف حمد وشكر ليك يارب
*******
أوقف أمجد سيارته بالقرب من منزل حنين وابتسم حينما رآها تجلس بالشرفة وتتابع دروسها... تأملها لدقائق وهو لا يعرف سبب انجذابه إليها فقط يشعر برغبة ملحة في البقاء معها وفي مشاكستها كذلك ليتعرف أكثر وأكثر على جنونها... تنهد براحة ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتفها بل وراقب الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها بعد أن قرأت أسم المتصل إلا أنه عبس عندما وضعت الهاتف على المنضدة الموضوعة أمامها ولم تجيبه فرفع أحد حاجبيه باندهاش وأعاد الاتصال بها فتنفست بعمق وأجابت
- الو
- ما بترديش ليه؟
تثاءبت ثم أجابته بصوت غلبه النعاس المصطنع: كنت نايمة
رفع كلا حاجبيه بعدم تصديق ثم أبعد الهاتف عن أذنه ونظر إليه قائلاً بصوت خفيض
- يا كدابة
أعاد الهاتف واستمع إلى صوتها تقول: الو الووووو
قاطعها قائلاً بغيظ: معاكي، مش شايفة أن هدومك مفتوحة شوية على المذاكرة في البلكونة
جحظت عينيها وأخذت تنظر حولها لكنها لم تجده فتساءلت: أنت شايفني؟
- أنا بقالي نص ساعة تحت بيتك، صح النوم يا أبلة حنين
عضت على شفاها السفلى فقد شعرت بالإحراج وعادت لتبحث بعينيها عن سيارته فلم تجدها
- أنا مش شايفه عربيتك تحت
- جاي بالعربية التانية في عربية حمراء كشافها منور
قاطعته قائلة: شوفتك، أنا آسفه
- بتهربي مني ليه؟
- مش عارفه
- طيب ينفع تنزلي؟
لم تجيبه لكنها حركت رأسها كإشارة بالنفي فحزن بشدة إلا أنه لم يظهر لها ذلك وتابع بهدوء
- طيب خليكي معايا عالفون بقالي يومين بحاول أتصل وأنتي ما بترديش، أنا زعلتك في حاجة؟
- لا
- أمال بتهربي مني ليه؟
- مش عارفه
قالتها بارتباك ملحوظ فأغمض عينيه بأسى وشعر بغصة في قلبه بعد أن فهم أنها لا تبادله نفس المشاعر ففتح عينيه وهتف بصوت كساه الحزن
- أسف لو ضايقتك بوجودي بس أوعدك أني مش هتقل عليكي أكتر من كده لأن دي هتكون أخر مرة اتصل بيكي بس لو أحتاجتيني في أي وقت هسيب الدنيا كلها وأجيلك مع السلامة
كاد أن يبعد الهاتف عن أذنه لينهي المكالمة إلا أنه توقف حينما استمع إلى صوت بكائها فاردف متسائلاً
- بتعيطي ليه؟
- مش عارفه
ابتسم على براءتها ثم هتف بمشاكسة: دي تالت مش عارفه تقوليها، الرابعة هتلاقيني بخبط على باب الشقة
اختلطت دموعها بابتسامة ساحرة جعلت نبضاته تتسارع في سعادة فكاد أن يتحدث إلا أنها سبقته وبكت من جديد ثم قالت بصوت غلبه البكاء
- ما تمشيش
- مش همشي بس ما تعيطيش، بنفع أشوفك بكرة؟
- ينفع
- يبقى هشوفك بكرة
ظل يتحدث إليها ويشاكسها لكي يرى ابتسامتها ويستمع إلى صوت ضحكاتها وبعد ما يقارب الساعتين ودعها وغادر إلى عمله على أمل اللقاء غداً
*******
في صباح اليوم التالي استيقظت أمل مع أول ضوء لأشعة الشمس، تركت فراشها ودلفت إلى الحمام ثم توضأت وصلت فرضها... وما أن فرغت، صلت ركعتين لله ودعته كثيراً لكي يحقق لها ما تمنت.... في التاسعة إلا عشر دقائق حملت حقيبتها وغادرت ثم اتجهت إلى غرفة والدتها ودلفت إليها... ودعتها بقبلة على ظاهر يدها وانصرفت إلى سيارتها ثم انطلقت بها إلى مقر إدارة البحث الجنائي...
في التاسعة والنصف وصلت إلى وجهتها فأوقفت سيارتها ثم ترجلت منها ودلفت إلى الداخل فاصطحبها أحد رجال الأمن إلى غرفة الاجتماعات وقبل أن تدلف إليها قال بصوت رجولي
- لسه نص ساعة على الاجتماع تقدري تبقي هنا وهما على وصول
- شكراً
قالتها بهدوء بالرغم من شعورها بالتوتر ثم دلفت إلى القاعة وتركت بابها مفتوحاً لكي لا تشعر بالاختناق... وقفت تطالع المقاعد الخالية وصدرها يعلو ويهبط فشعرت بالخوف لما هي مقبلة عليه فطالبها صوت بالمغادرة وأخذت تتراجع إلى الخلف حتى اصطدمت بصدر صلب فأدارت جسدها وجحظت عينيها في عدم تصديق بينما اندهش حسام بشدة وقال في ذات اللحظة التي تحدثت فيها أمل
- أنت - أنتِ
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
طريقي بقربك/منى سليمان
سحر الابجدية
February 25, 2019
0
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل السابع عشر - بقلمي منى سليمان
* عزيمة *
ركضت نادين باتجاه غرفة والدتها ثم دلفت إليها كالإعصار...اقتربت منها وهي تصرخ منادية بأسم أمير كمن فقد عقله فانتفضت خيرية عن نومتها وجحظت عينيها في خوف ثم ابتلعت ريقها بصعوبة وتساءلت
- في إيه؟
- أمير أتجوز الخدامة
تعالت شهقات خيرية بينما جلست نادين على حافة الفراش وانفجرت دموعها كالشلال فصرت والدتها على أسنانها وقالت بغضب
- كله منك يا خايبة، سنين بتجري وراه ومش عارفة تاخدي معاه حق ولا باطل
لم تتفوه نادين ولو بكلمة وأكملت البكاء لساعة كاملة قضتها خيرية في التفكير علها تجد مخرج من المصيبة التي سقطت فوق رأسها ورأس ابنتها وظلت هكذا حتى لمعت عينيها بسعادة وأردفت
- أنا عندي حل
توقفت نادين عن البكاء وقالت: قولي
قصت والدتها عليها تفاصيل الخطة الشيطانية التي تفكر بها فمسحت نادين الدموع الساقطة على وجنتيها وظهرت لمعة سعادة داخل عينيها ثم تركت الغرفة وعادت إلى غرفتها... أمسكت هاتفها وأجرت اتصالاً هاتفياً بأحدهم لكنه لم يجيب فقد تخطت الساعة الثانية والنصف صباحاً فأنهت الاتصال ووضعت الهاتف إلى جوارها ثم رددت في نفسها
- بكرة هكلمه وأكيد هيوافق
********
في ذات اللحظة خرج أمجد من الحمام بعد أن أنعش جسده تحت المياة... ارتدى ثيابه في عُجالة ثم أراح جسده على الفراش وأجرى اتصالاً بهاتف حنين إلا أنها نفذت ما توعدت به ولم تجيب المكالمة فأبعد الهاتف عن أذنه وكتب لها رسالة نصية من كلمة واحدة
(حنين)
صدع صوت رنين هاتفها معلناً عن وصول رسالة فرفعت وعد أحد حاجبيها وتساءلت بخبث
- ده نفس الرقم اللي اتصل من دقيقة وما ردتيش؟
- عادي تلاقيه حد بيعاكس
قالتها حنين وهي تخبئ عينيها عن وعد فابتسمت الأخيرة وقالت بجدية مصطنعة
- كوكي شكلها جعانة هقوم أحطلها أكل، أوعي تنامي
- لا هستناكي
انتظرت حنين حتى غادرت وعد ثم أمسكت هاتفها وقرأت الرسالة لكنها تمسكت بقرارها ولم تبادله برسالة بالرغم من رغبتها في التحدث إليه...
على الجانب الأخر كان أمجد يسند يده أسفل وجنته في انتظار رسالتها، وما أن طال الانتظار أرسل إليها رسالة من كلمتين
(وحشتني رخامتك)
قرأتها حنين ثم ضيقت بين حاجبيها وكتبت له (أنا رخمة؟!!)
صدع صوت رنين هاتفه معلناً عن وصول رسالة فقرأها وابتسم بسعادة حينما نجح في استفزازها لكي ترد على رسائله فضغط زر الاتصال...
على الجانب الأخر كانت حنين تتحدث إلى نفسها وهي تشعر بالغيظ وبمجرد أن صدع صوت رنين هاتفها ضغطت زر الإيجاب وقبل أن يتحدث سبقته وقالت بغضب
- أنا رخمة؟
أسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يزيد غضبها ثم استرد أنفاسه وأجابها بجدية وصوت دافئ غلفه الحنان
- أجمل رخمة شافتها عيوني
ابتسمت ببلاهة ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها ولم تتفوه ولو بكلمة فتنهد بهيام وتابع
- حنين
- نعم
- زعلانه مني؟
رفعت بصرها إلى سقف الغرفة وأجابته بطريقة طفولية: شوية
- طيب تسمحيلي أصلح غلطتي وأعزمك بكرة على أي حاجة تحبيها
- لا
قالتها بدلال فعلم أنها تشاكسه فكرر كلماته بنبرة صوت هادئة جعلت نبضاتها تتسارع فتابع
- وافقي بقى
- خلاص الصبح هشوف ظروفي وأرد عليك
- وعد؟
- وعد
قالتها برقة لم تعتادها من قبل ثم ودعته وأنهت المكالمة وقبل أن تضع الهاتف على الفراش دلفت وعد إلى الغرفة وقالت بخبث
- ده مين بقى اللي هتشوفيه بكرة؟
- أنتي كنتي واقفه بتسمعي، صح؟
حركت وعد رأسها كإشارة بالموافقة وهي تأسر ابتسامتها بصعوبة فقذفتها حنين بالوسادة ثم قالت بغضب
- رخمة
أمسكت وعد بالوسادة ثم اقتربت من حنين وأخذت تضربها فعلّا صوت ضحكاتهن وما أن شعرت وعد بالإرهاق، ألقت بجسدها على الفراش وقالت بسعادة
- الفرحة اللي حسيت بيها النهارده هي أول فرحة أحس بيها من سبع سنين
- ربنا يسعدك
اعتدلت وعد في جلستها ثم نظرت إلى حنين وهتفت: أحكيلي بقى
بدأت حنين تقص عليها كل ما حدث معها، بدأت بلقائهم الأول حينما اصطدمت سيارتها بسيارته وانتهت بتفاصيل المكالمة ثم تنهدت بهيام وألقت بجسدها على الفراش فوكزتها وعد في كتفها وتحدثت بجدية قائلة
- لو حسام عرف أنك بتكلمي صاحبه من وراه هيولع فيكي
- عارفه
قالتها بنبرة صوت هادئة وهي تداعب خصلات شعرها بيدها فرفعت وعد أحد حاجبيها وقالت في نفسها
- البت أتجننت أكتر ما هي مجنونة
*******
وما الحب إلا نظرة تتبعها ابتسامة فكلمة ثم نبضات قلب ليخبر صاحبه أنه لم يعد ملكاً له بعد الآن فقد سُرق من بين الضلوه بعد أن سقط أسيراً في بحور الغرام....
في التاسعة والنصف صباحاً تململ أمير في الفراش وقبل أن يفتح عينيه، ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه فقد قضى ليلته برفقة وعد التي سكنت أحلامه... فتح عينيه وهو مازال راقداً على ظهره ثم نظر إلى سقف الغرفة وأخذ يتذكر اللحظات التي جمعته بها وتذكرها أيضاً وهي تتمايل بين أحضانه... اعتدل في جلسته قليلاً ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتفها فاستيقظت على صوت رنين الهاتف وأجابت بصوت غلبه النعاس دون أن تفتح عينيها
- الو
تسارعت نبضاته في سعادة ثم تنفس بعمق وهتف: أسف أني صحيتك
ما أن وصل صوته العذب إلى مسامعها فتحت عينيها واعتدلت في جلستها ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت برقة
- عادي ولا يهمك، صباح الخير
- صباح كل حاجة لعيونك
خجلت بشدة لكنها لم تظهر له ذلك بل تحدثت إليه بثبات فبادلها بكلمات غزل وأضاف إلى الكلمات صوت ضحكاته الرجولية فشعرت وعد بربيع عشق يسري بداخلها، وبعد مرور عدة دقائق من الثرثرة تنحنح قائلاً
- ماما بالليل قالتلي أنها هتتصل بطنط سوسن وتعزمكم عندنا النهارده
- بجد؟
تساءلت بطريقة تشبه طريقة الأطفال فابتسم بسعادة وأكد لها ما سمعته ثم تابع
- الساعة واحدة هكون عندكم
- ما تتعبش نفسك هنيجي لوحدنا
- التعب ملوش مكان بينا، من النهارده أنتي مراتي وملزومه مني وكل خطوة بره البيت هكون معاكي يعني من الأخر مفيش خروج بره البيت لوحدك، أنا راجل حمش فخافي مني
خفق قلبها بسعادة وقررت مشاكسته قائلة: يعني هتسيب شغلك وتفضل معايا علشان أنت راجل حمش؟
- لا هاخدك معايا الشغل
- مش فاهمة
- لما نتقابل هتفهمي، سلام
ودعته وأنهت المكالمة وبداخلها شعوراً غريباً لم تستطع أن تحدده، بينما ترك أمير فراشه ثم دلف إلى الحمام وتوضأ ليصلي فرضه، وما أن فرغ رفع كفيه لأعلى ودعا الله كثيراً... وبعد مرور عدة دقائق ترك غرفته واتجه صوب غرفة والدته ليطمئن عليها فقابلته بابتسامة ساحرة... اقترب منها وبادلها البسمة بقبلة رقيقة طبعها على ظاهر يدها ثم جلس إلى جوارها وقال بحنان
- صباح الخير يا عمري
- صباح النور يا عريس، عقبال يارب ما أصبح عليك يوم صبحيتك
رفع أحد حاجبيه باندهاش فتابعت: عارفه لسه بدري بس أعمل إيه نفسي الحق أشوف عيالك قبل ما
قاطعها قائلاً: بعد الشو عنك يا ست الكل، ربنا يديكي الصحة
- كلمت وعد؟
- كلمتها وقولتلها على العزومة
- أنا هقوم اتوضى واصلي وبعدين هتصل بسوسن وأنت أعزم الواد أمجد وهخلي سوسن تعزم حنين وحسام
شرد أمير بشدة حينما وصل أسم حسام إلى مسامعه وتذكر نظرة الحزن التي رآها داخل عينيه وكذلك الحدة المصاحبة لصوته ولكن قاطعت سلوى شروده حينما تساءلت
- مالك؟
- مفيش هقوم أكلم أمجد وأسيبك تصلي
غادر إلى الحديقة وهو مازال يفكر في الحزن العميق الذي ظهر على قسمات وجه حسام ثم جلس على الأرجوحة ونفض الفكرة من رأسه حتى لا يسمح لأي شيء أن يسرق سعادته
*******
بمنزل نادين...
تركت خيرية غرفتها واتجهت صوب غرفة ابنتها لتتحدث إليها، لكنها لم تجدها فأخذت تبحث عنها حتى وجدتها تجلس بالشرفة شاردة الذهن فجلست على المقعد المقابل لها وتساءلت
- قاعده كده ليه؟
- ما نمتش طول الليل
- لا قومي نامي ساعتين علشان تقومي فايقه
نظرت نادين إليها ورفعت أحد حاجبيها باندهاش فتابعت والدتها بخبث ونظرة شيطانية
- علشان هنروح نزور بيت عمك ونبارك ونهني وكمان هرجعك شغلك
- نبارك على إيه؟!
- على جوازة أمير علشان وقت الجد محدش يشك فينا
صمتت نادين للحظات وأخذت تفكر في كلمات والدتها ثم تركت مقعدها ودلفت إلى الغرفة وبداخلها حزن عميق لضياع أمير من بين يديها، لكنها اتجهت صوب المرآة ونظرت إلى وجهها وقالت
- مبقاش نادين لو مخليتك تختفي عن وش الأرض يا خدامة
*******
في الثانية عشر إلا سبع دقائق من ظهر اليوم أنهى حسام مكالمته مع سوسن بعد أن اعتذر عن ذهابه إلى العزيمة... ألقى بالهاتف على سطح مكتبه ثم وضع راسه بين كفيه وظل هكذا حتى صدع صوت رنين هاتفه من جديد فارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وأجاب قائلاً
- كل ده نوم يا كسلانه
- أصل أنا ووعد سهرنا للصبح، هتيجي العزومة؟
أغمض عينيه بأسى وأجابها بثبات: لا اعتذرت لطنط سوسن، عندي شغل كتير
- خلاص أنا كمان مش هروح و
قاطعها قائلاً بصوت دافئ: روحي يا حنين وخليكي النهارده كمان مع وعد
- أنت مش عايزني أرجع؟
قالتها بنبرة صوت حزينة فشعر بغصة في قلبه لكنه لم يظهر لها ذلك بل قال مازحاً
- أنا مقدرش استغنى عنك يا عبيطة، ده أنتي بنتي مش أختي وبس
- ماشي
قالتها بسعادة فحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونها وبعد مرور عدة دقائق أنهى المكالمة ثم حمل سلاحه وغادر غرفة مكتبه ليباشر عمله عله يتوقف عن التفكير في الجميلة التي ظفر بها شخص أخر
********
غادرت حنين الشرفة ودلفت إلى غرفة وعد، وما أن صدع صوت رنين هاتفها عادت إلى الشرفو وأجابت قائلة
- الو
- أحلى الو دي ولا إيه؟
ضحكت بدلال على جنونه وكادت أن تجييه بذات المشاكسة لكنها توقفت حينما استمعت إلى أحدهم يقول
- الجثة جاهزة
جز أمجد على أسنانه ثم أشار إلى مساعده لكي يغادر بينما مطت حنين شفتيها ولم تتفوه ولو بكلمة فتساءل
- روحتي فين؟
- معاك بس مش عايزه أعطلك عن الجثة و
قاطعها قائلاً: تولع الجثة المهم أسمع صوتك نقول من الأول بقى، صباح الخير
- ده صباح مباشر من المشرحة يعني صباحك مشرط يا دكتور
قالتها ثم انفجرت ضاحكة فشعر برغبة ملحة في الفتك بها إلا أنه تمسك بهدوئه وتساءل
- هتيجي العزومة؟
- مش عارفه بس ممكن
قاطعها قائلاً: يبقى هتيجي سلام بقى
لم ينتظر ردها وأنهى المكالمة ثم اتجه إلى غرفة التشريح بينما أبعدت حنين الهاتف عن أذنها وابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيها ثم عادت إلى غرفة وعد لتستعد للقائه فانتقت ثوب بسيط من اللون الزهري أظهر جمالها بوضوح بينما ارتدت وعد ملابس مريحة لتتحرك براحتها
******
في الواحدة ظهراً أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد، ترجل من السيارة واستند عليها ثم تحدث إلى الجميلة خاصته وأخبرها بوجوده... لم تستطع الانتظار فتركت سوسن وحنين وهبطت الدرج لتذهب إليه، وما أن اقتربت منها خفق قلبها بسعادة فبادر برسم ابتسامة ساحرة على شفتيه... تقدم منها وأمسك يدها ليصافحها ثم فتح باب السيارة فركبت إلى جواره
- عامله إيه؟
تساءل بحنان وهو ينظر إلى عينيها فتوردت وجنتيها خجلاً وكادت أن تجيبه لكنه سبقها وأردف بجدية مصطنعة
- وبعدين مع خدودك دول؟
تسارعت نبضاتها وازداد خجلها فابتسم على براءتها وتابع: مش معقول كل كلمة أقولها ألأقي لونهم بقى كده
لم تتفوه ولو بكلمة فقد كان شعورها بالخجل يفوق طاقتها فأدارت وجهها نحو الطرف الأخر لكنه لم يستسلم فوضع يده أسفل ذقنها وأداره إليه فتقابلت أعينهم في نظرة أصدق من الكلام تبادلا خلالها كلمات بلغة العيون فأخبرته خاصتها أن هناك مشاعر له بدأت تسكن جدار قلبها، أما عينيه أخبرتها أنه سقط أسير الغرام بنظرة، وظلا هكذا حتى قاطعهما اقتراب سوسن برفقة حنين... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى انطلق إلى الفيلا...
بعد مرور ما يقارب نصف الساعة وصل إلى وجهته فترجلوا جميعاً من السيارة واستقبلتهم سلوى بترحاب شديد... تفاجأت حنين بعدم وجود أمجد فمطت شفتيها بضجر ثم مضت برفقة أمل ووعد إلى غرفة أمل... بعد مرور عدة دقائق شعر أمير بالحنين لرؤية طفلته الرقيقة فترك والدته وسوسن وصعد الدرج إلى غرفة أمل وطرق بابها ثم دلف إليها بعد أن سُمح له فقالت شقيقته مازحة
- أمير باشا في أوضتي، يا مرحباً يا مرحباً
رفع أحد حاجبيه وضربها بخفة على رأسها فتابعتهم وعد بعينيها واستشعرت خفة ظله... اقترب منها حتى استقر أمامها فرفعت بصرها إليه وقبل أن تتحدث سبقها وقال
- تعالي معايا
مد لها يده فوضعت كفها بداخله ومضت معه ثم صعدت الدرج إلى الطابق الأخير... فتح الباب ودلف إلى جناحه بعد أن أشار إليها بالدخول فدلفت وأخذت تتأمل المكان بعينيها فقد كان جناحاً كاملاً وليس فقط غرفة بل كان غرفتين نوم وحمام ومطبخ صغير بالإضافة إلى غرفة معيشة مجهزة بتلفاز ومكتبة وكذلك غرفة كبيرة لاستقبال الضيوف
- الجناح ده خاص بيا وقريب هيكون لينا إحنا الأتنين، إيه رأيك؟
- جميل
قالتها ثم اتجهت صوب مكتبة كبيرة تضم مجموعة ضخمة من كتب الطب وأخذت تمرر يدها على الكتب حتى أخرجت أحدهم وتابعت بسعادة
- الكتاب ده كان نفسي أقرأه من زمان، ممكن أخده؟
ابتسم بسعادة وحرك رأسه بالموافقة فبادلته بالابتسامة التي أسقطته
أسيراً في عشقها... احتضنت الكتاب كطفلة صغيرة ثم مضت معه إلى الشرفة وجلست على أحد المقاعد فجلس على المقعد المقابل لها وتحدث إليها فكانت تستمع إليه بإعجاب ولاحظ هو ذلك بوضوح فأمسك كفيها بين كفيه وتساءل
- قوليلي حاجة نفسك فيها أو حلم نفسك تحققيه؟
- عايزه أتخرج بسرعة علشان أبقى الدكتورة وعد
- طيب بمناسبة الدكتورة وعد، إيه رأيك تشتغلي معايا؟
- بجد؟!!!
تساءلت بطريقة طفولية أسرة للقلوب فحرك رأسه ليؤكد لها ما سمعته فلمعت عينيها فرحاً وأجابته
- موافقة طبعاً بس هشتغل إيه؟
ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيه وأجابها مازحاً: تشتغلي بدالي لو تحبي
بادلته الابتسامة بأخرى تفوق سحره فتابع: أو المساعدة بتاعتي، قولتي إيه؟
- موافقة
- أنتي من امبارح بقيتي ملزمة مني وأي حاجة تحتاجيها أو تتمنيها هجبها لحد عندك
للمرة الأولى تخلت وعد عن خجلها فنظرت مُباشرةً إلى عينيه فبادلها بنظرات عشق لم يختبرها من قبل ثم رفع كفيها إلى شفتيه واحداً تلو الأخر وطبع على ظاهر كل واحد منهم قبلة رقيقة فخجلت بشدة إلا أنها لم تظهر له ذلك وأخذت تشاكسه بكلماتها فشعر بالسعادة لاختفاء نظرة الحزن التي كان يراها دائماً داخل مقلتيها
********
بالطريق...
كانت نادين شاردة الذهن وتفكر في أمير، لكنها عادت إلى أرض الواقع وأوقفت سيارتها على جانب الطريق حينما استمعت إلى صوت رنين هاتفها، وقبل أن تجيب المكالمة نظرت إلى والدتها وقالت
- ده هو
- ممتاز ردي وقوليله اللي اتفقنا عليه علشان نخلص من البت دي
ضغطت زر الإيجاب وتحدثت إلى شخص مجهول لعدة دقائق وقصت عليه ما يدور برأسها فرحب بالفكرة قائلاً
- أنا معنديش مانع، هاتيلي بس صورة ليها والعنوان وهخلي الرجالة تجيبها ونفرغها براحتنا، ده إحنا نخدمك بعينيا يا دكتورة وحقك محفوظ
- لا دي بالذات أنا اللي هشرحها بأيدي ومتتازله كمان عن أي فلوس تطلع من ببع أعضائها، المهم أخلص منها
بعد مرور عدة دقائق أنهت المكالمة ولمعة الانتصار تظهر داخل مقلتيها فربتت والدتها على كتفها بسعادة ثم طلبت منها إكمال الطريق فانطلقت نادين بسيارتها إلى فيلا أمير لتكمل باقي الخطة
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف