سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Sunday, March 3, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

March 03, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الحادي والعشرون - بقلمي منى سليمان

* مكالمة *

خلع أمجد قفازيه ثم ابتعد عن حنين وقام بتطهير يديه وما أن فرغ عاد إليها وحملها ثم اتجه صوب غرفة مكتبه وأراح جسدها على الأريكة الجلدية... أخذ يضرب بخفة علها تفيق ولكن دون جدوى فابتعد عنها وعاد حاملاً زجاجة العطر خاصته ثم نثر القليل منها على يده وقربها إلى أنفها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى تململت وهي تضع يدها على رأسها... فتحت عينيها بفزع حينما تذكرت ما رأته قبل فقدانها للوعي فانتفضت عن الاريكة ثم ألقت بجسدها في صدر أمجد وتمسكت به وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالخوف، كم تمنى أن يحرر ضحكاته الأسيرة إلا أنه لم يفعل ذلك حتى لا يغضبها فحاوطها بكلتا يديه وشدد في احتضانها ليهدئ من سرعة نبضاتها ويشعرها بالأمان... وبمجرد أن سكنت بين أحضانه وتوقف جسدها عن الارتجاف الناتج عن الخوف، أبعدها عنها قليلاً ونظر إلى عينيها قائلاً 

- لما أنتوا مش قد المشارح بتدخلوها ليه؟ 

مطت شفتيها بغيظ ووكزته في كتفه ثم هتفت بحدة: أنت رخم بجد 

ابتعدت عنه وحملت حقيبتها لتغادر فقرر مشاكستها حينما قال بجدية مصطنعة 

- هتخرجي أزاي وفي جثتين قدام الباب؟ 

ازداد شعورها بالخوف فأدارت جسدها وركضت باتجاهه ثم اختبأت خلفه وجسدها يرتجف من جديد فكتم ضحكته بصعوبة ثم أدار جسده إليها وهتف بجدية 

- هغير هدومي وأروحك خليكي هنا لحد ما أرجع

حركت رأسها بالموافقة وهي مازالت ممسكة بثابه فجاهد ليبتعد عنها إلا أنها تمسكت بثيابه أكثر وأكثر فرفع أحد حاجبيه ثم نظر إليها وتابع قائلاً 

- يا بنتي سيبي هدومي خليني أروح أغير 
- لا ما تسيبنيش أنا خايفة أوي
- يعني هغير قدام يعني؟!!! 
- لا عيب
- خلاص سبيني 

حررت ثيابه مرغمة فابتعد عنها وغادر المكان قبل أن تمسك به مرة أخرى وما أن دلف إلى غرفته الخاصة، أطلق العنان لضحاته فصدع صوته في أرجاء المكان ثم استرد أنفاسه وأبدل ثيابه... وخلال دقائق قليلة عاد إليها واصطحبها إلى الخارج وهي ممسكة بيده وذراعه بكلتا يديها وظلت هكذا حتى وصلت أمام سيارته فحررت يده ودلفت إلى السيارة دون أن تتفوه ولو بكلمة

- حنين أنتي كويسة؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم فأدار محرك السيارة وانطلق إلى مطعم فخم يطل على نهر النيل ليعوضها ما حدث إليها 

*******

دفع أمير ثمن مشتريات وعد ثم غادر المتجر واصطحبها إلى السيارة وهو يبحث بعينيه عن الشاب الذي كان يلاحقها منذ قليل وتنهد براحة حينما لم يجده فدلف إلى السيارة وأدار محركها ليذهب إلى منزل وعد إلا أنه توقف عندما رأى الشاب من خلال مرآة السيارة يختبىء خلف أحد أعمدة الإنارة فجحظت عينيه بعدم تصديق 

- أمير، أمير، أميرررر

فاق أمير من صدمته على صوتها فنظر إليها بعد أن خبئ القلق وقال بهدوء مصطنع

- معاكي
- بقولك يلا علشان ما تتأخرش أكتر من كده

انطلق بسيارته وهو يراقب المرآة الجانبية فرأى الشاب يلاحقهم ما زرع الخوف داخل قلبه، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى أوقف السيارة أسفل منزلها فكادت أن تترجل إلا أنه سبقها وقبض على يدها فأدارت جسدها إليه وتساءلت بقلق

- في حاجة؟ 
- وعد من اللحظة دي مفيش خروج لوحدك، أول ما هوصل المستشفى هبعتلك العربية التانية بالسواق أنا كده كده نادراً لما بحتاج ليهم
- ليه كل ده؟ 
- ريحيني يا وعد واوعديني أنك مش هتخرجي من البيت غير وأنا معاكي أو السواق وكمان أكون عارف أنتي رايحة فين وراجعه الساعة كام

ابتلعت ريقها بصعوبة فقد كانت نظراته لا تنذر بالخير فحركت رأسها كإشارة بالموافقة ثم ودعته ودلفت إلى العقار فانتظر أسفله حتى لوحت إليه من الشرفة ثم انطلق إلى عمله وهو يفكر في كل ما حدث

********

في ذات الوقت وصل أمجد إلى وجهته فترجل من السيارة واقترب من باب حنين وفتحه فلم تستطع قدميها أن تحملها فقالت بهدوء لم تعتاد عليه

- مش عارفه أقف

كاد أن ينفجر ضاحكاً لكنه تماسك أمامها ثم مد لها يده وقال بصعوبة: اسندي عليا يا شابه 

صرت على أسنانها ورمقته بنظرة نارية ما جعله يفقد السيطرة على ضحكاته التي انقلتت منه لا إرادياً فضربته على يده الممدودة إليها وهتفت بحدة وصوت عال

- أنت معندكش دم على فكرة
- شكلك مسخرة يا حنين، مش قادر 

علا صوت ضحكاته أكثر فأكثر فأنضمت إليه وضحكت على جنونها، وما أن استردت أنفاسها نظرت إليه وقالت مازحة

- كان نفسي اتفرج عليك وأعيش مغامرة بس شكلي أتسليت على نفسي
- معلش الحق عليا أنا علشان طاوعتك، يلا يا قمر أنزلي

وضعت كفها بداخل يده وترجلت من السيارة ثم مضت معه إلى الداخل وهو مازال يشاكسها 

******

كان حسام يقود سيارته وهو يراقب أمل في صمت فقد غفت على المقعد كطفلة صغيرة أصابها التعب فغفت بمكانها... بعد مرور عدة دقائق أوقف السيارة حينما رأى أشارة المرور باللون الأحمر فاستيقظت أمل وأخذت تفرك عينيها كالأطفال فأسر ابتسامته وقال مازحاً 

- صح النوم

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها ثم حررت خصلات شعرها المعقودة فوق رأسها فتلاعب به الهواء وحركه يميناً ويساراً ولامس بعضه وجه حسام فأبعدته إلى الطرف الأخر وقالت برقة

- سوري، ما بحبش أفكه علشان كده بس عندي صداع رهيب
- سلامتك، تحبي نروح أي كافيه وأجبلك قهوة
- لا هروح أنام أحسن 
- زي ما تحبي 

بعد مرور عشرون دقيقة وصل حسام إلى وجهته فأوقف سيارته داخل أسوار فيلا أمير... طلبت أمل منه الدخول إلا أنه اعتذر منها ليذهب إلى عمله فشكرته ثم ودعته وغادرت إلى الداخل فانطلق عائداً إلى مقر البحث الجنائي لكنه انتبه إلى مفتاح سيارتها الذي سقط من يدها عندما استسلمت إلى النوم منذ قليل فاخذه ثم وضعه في جيبه بعد أن لاحت أمامه فكرة قد تخلصه من عذاب الضمير 

*******

بالداخل... 
صعدت أمل مُباشرةً إلى غرفة والدتها ثم اقتربت منها وطبعت قبلة على يدها فربتت سلوى على ظهرها وتساءلت بقلق

- طمنيني عملتي إيه؟ 
- هنبدأ الخطة بعد يومين بأمر الله
- أنا خايفة عليكي يا أمل وفي نفس الوقت عايزاكي تكشفي المجرمين دول، ربنا يسترها معاكي يا بنتي 
- أهي الدعوة دي هتخليني أعمل المستحيل بأمر الله

استمرت الثرثرة بين أمل ووالدتها ساعة كاملة ثم غادرت إلى غرفتها وأراحت جسدها على الفراش لتحصل على قسط من النوم لكنها لم تستطع فكلما أغمضت عينيها، تذكرت ما هي مقبلة عليه فتركت الفراش ودلفت إلى الحمام لتتوضأ وتصلي ركعتين لله لييسر لها الأمر 

******

في التاسعة والنصف مساءاً خرجت نادين من إحدى غرف العمليات بعد أن سلبت أحدهم أعضائه وقتلته بيديها... نظفت يديها جيداً ثم أبدلت ثيابها لتغادر بعد أن حصلت على مبلغ كبير من المال نظير عملها المحرم... وما أن وصلت أمام سيارتها رأت إبراهيم يقترب من المكان بسيارته فلوت شفتيها بضجر ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها ووقفت في انتظاره 

- يا مساء الورد والفل والياسمين على عيون أجمل دكتورة في بحري وقبلي
- أنا زعلانه يا إبراهيم وزعلانه أوي كمان، كام يوم فاتوا وما جبتهاش
- والله غصب عني في واحد ملازمها ليل نهار بس في أول فرصة هجبهالك

ودعته ودلفت إلى سيارتها وهي تشعر ببركان غضب يسري بداخلها فقد تكهنت أن الشخص الذي تحدث عنه هو أمير فأخذت تضرب المقود بيدها مراراً وتكراراً ثم قالت بغضب

- فيها إيه أحسن مني يا أمير؟!!! 

ظلت تتساءل وتتساءل ولكن ما من مجيب فانطلقت عائدة إلى منزلها ونيران الغضب تشتعل بداخلها

*******

بالمشفى... 
دلف أمجد إلى غرفة أمير بدون سابق إنذار كما اعتاد دائماً لكن أمير لم يعنفه كعادته فاندهش بشدة وتساءل 

- أنت تعبان ولا إيه؟ 

لم يجيبه أمير ولو بكلمة فقد كان يفكر في ما حدث صباحاً مع طفلته الرقيقة... جلس أمجد على المقعد المقابل له وكرر سؤاله بقلق فأراح أمير ظهره على المقعد وقص عليه كل ما حدث فتسرب الخوف أيضاً إلى قلب أمجد وتحدث قائلاً 

- هي حاجة تقلق جداً 
- أنا خايف يا أمجد، لو حصلها حاجة مش هعيش دقيقة بعدها، كنت فاكر أحساسي بيها مجرد إعجاب  أوقات فكرت أنه شفقة بس أنا بحبها وبحبها بجنون كمان 

تسرب القلق الساكن داخل قلب أمير إلى أمجد فربت على كتفه ثم وقف عن مقعده وقال: بلاش التشاؤم ده، وما تقلقش أنا هتصرف

- هتعمل إيه؟ 
- هتشوف حالاً

أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم أجرى اتصالاً بحسام وأخبره بما قاله أمير فانتفض عن مقعده وقال بحدة 

- أمير متأكد من الكلام ده؟ 
- خد كلمه بنفسك

أبعد أمجد الهاتف عن أذنه وأعطاه لأمير فأخذه وتردد في التحدث إلى حسام لكنه نسى كل شيء وتذكر وعد فتحدث إليه وأكد له كل كلمة قالها أمجد فشعر حسام بالقلق على وعد متناسياً كل ما حدث فهتف بثبات

- طيب ما تقلقش أنا هتصرف وهتابع الموضوع بنفسي
- بجد مش عارف أشكرك أزاي
- وعد أختي وزيها زي حنين بالظبط فأكيد مفيش داعي للشكر وخوفي عليها خوف أخ على أخته

أنهى أمير المكالمة ثم أعاد الهاتف إلى أمجد بينما ترك حسام غرفة مكتبه واتجه صوب مكتب أحد زملائه وطلب منه مراقبة منزل وعد دون أن يشعر أحد بوجوده كما طلب منه حمايتها والتدخل أن شعر بالقلق عليها في أي وقت وإخباره بكل صغيرة وكبيرة في هذا الشأن... وما أن عاد إلى مكتبه وجد العسكري في انتظاره فهتف متسائلاً 

- خلصت؟ 
- كله تمام يا حسام باشا والعربية بقت زي الفل
- ممتاز، هكتبلك العنوان اللي هتوصلها فيه 

أعطاه حسام عنوان منزل أمل فقد قام بتصليح السيارة ليكفر عن ما فعله معها وبمجرد أن انصرف العسكري جلس على مقعده وأخذ يفكر في وعد والخطر المحيط بها فتسرب الشك إلى قلبه وردد في نفسه

- معقول منيرة تكون عايزه تخلص منها

جحظت عينيه بصدمة ثم كور قبضة يده وضرب بها على سطح المكتب متوعداً لتلك الحرباء

*******

بعد مرور ما يقارب الساعة تململت أمل في الفراش حينما استمعت إلى صوت طرق على باب غرفتها ففتحت عينيها بصعوبة ثم اعتدلت في جلستها وهي تشعر بألم حاد يكاد أن يفتك برأسها... وما أن تجدد صوت الطرق على باب الغرفة سمحت للطارق بالدخول فدلفت الخادمة حاملة باقة من الزهور بيد وباليد الأخرى ظرف ثم اقتربت من أمل وأعطتها ما بيديها فاندهشت بشدة وتساءلت

- إيه دول؟ 
- في واحد لابس لبس ميري جه من شواية سايق عربية حضرتك وطلب مني أوصلك دول
- عربيتي أنا؟ 

تساءلت ببلاهة فأكدت لها الخادمة ما سمعته ثم انصرفت إلى عملها ففتحت الظرف ووجدت بداخله مفتاح سيارتها ورسالة فابتسمت حينما علمت أن كل ذلك من فعل الهمجي الذي تخلى أخيراً عن تصرفاته الطائشة وتحول في نظرها إلى كائن تستطيع الاقتراب منه دون أن تتعرض لأنيابه الحادة المتمثلة في لسانه اللازع

"إلى الصحفية العظيمة أمل أحمد نور الدين.. 
جنابك لما نمتي المفتاح وقع في عربيتي فقولت أعمل معاكي حركة جدعنه وأصلحلك العربية وده تكفير عن اللي عملته معاكي يوم كتب الكتاب وفي الاجتماع، والورد كمان اعتذار واعتقد كده خالصين، في كمان في الظرف شريحة متسجل عليها أرقام خاصة فقط بالعملية اللي هنبدأ فيها منهم رقمي ورقم اللواء نجدت وبعض القيادات اللي ممكن تلجأي ليهم لو حصل أي طارئ.. أما الرقم اللي في الأخرررررر خالص فده رقمي العادي اللي مع كل الناس فمفيش مشكلة أزود الناس دول صحفية أسمها أمل"

ابتسمت أمل أثر مزحته الأخيرة ثم أمسكت هاتفها وأجرت اتصالاً بهاتفه...  في ذات اللحظة كان حسام يجوب غرفة مكتبه ذهاباً وإياباً وهو يفكر في الخطر المحيط بوعد، وما أن صدع صوت رنين هاتفه فاق من شروده وأجاب بصوت رجولي حاد 

- مين معايا؟ 

أبعدت أمل الهاتف عن أذنها ومطت شفتيها بضجر ثم تمتمت في نفسها: أعوذ بالله شكل الحالة رجعتله والشرير اللي جواه رجع 

كرر سؤاله بعصبية ملحوظة فأجابته بغضب: أنا اللي بتكلم، كنت متصله أشكرك على العربية والورد بس واضح أن الوقت مش مناسب، مع السلا

قاطعها قائلاً بهدوء: أسف في مشكلة في الشغل عصبتني شوية 

- ماشي، عموماً أنا متشكرة جداً وعايزه أعرف العربية أتكلفت كام علشان

قاطعها مرة أخرى لكن تلك المرة لم يتحدث بهدوء كالمرة السابقة بل هتف بحدة وصوت عال

- هو أنا هاخد منك تمن الهدية ولا إيه؟ 

ابتلعت ريقها حينما استشعرت استيقاظ الوحش الساكن بداخله فهتفت بصوت مرتعش

- مش مش مش قصدي بس يعني أنا 

قاطعها للمرة الثالثة قائلاً بحزم: خلاص يا أمل بلاش كلام كتير في الموضوع ده، يلا أقفلي علشان عندي شغل

ودعته وأنهت المكالمة ثم ألقت بالهاتف إلى جوارها ورددت بخفوت: يا ساتر عامل زي البوتاجاز اللي من غير جلدة فجأة بيهب في وش الواحد 

*******

رحل الليل بظلامة وسطعت الشمس لتنير الكون ومع أول ضوء لأشعتها استقرت سيارة تابعة للشرطة أسفل عقار وعد لتراقب ما يحدث... كان الشاب الذي يراقب وعد نائماً داخل سيارته فلاحظه أحد الضباط وأخذ الأرقام الخاصة بالسيارة ثم أرسلها إلى حسام فطلب من زميل له داخل إدارة المرور بالكشف عن بيانات مالكها... 
في التاسعة صباحاً أوقف أمير سيارته أمام العقار وبمجرد أن ركبت وعد انطلق إلى الجامعة فلحق بهم الشاب كما تحركت خلفهم سيارة الحراسة بعد أن تأكدوا من شكوكهم... وما أن وصل أمير إلى الجامعة ترجل من السيارة وانتظر حضور حنين ليذهب إلى عمله بالمشفى

- يا أمير روح شغلك وحنين خلاص على وصول
- لا هفضل معاكي لحد ما حنين تيجي وهوصلكم لحد القاعة كمان

جحظت عينيها بعدم تصديق وكادت أن تعترض لكنه سبقها وأردف قائلاً: معلش استحمليني اليومين دول

بالخارج ترجل الشاب من سيارته ثم ذهب لشراء الطعام وخلال دقائق قليلة عاد إلى السيارة وجلس بداخلها في انتظار وعد كعادة كل يوم عله يحقق هدفه وتسنح له الفرصة لاختطافها... بلغ ضباط الحراسة كل ما حدث إلى حسام فقرر استخراج مذكرة رسمية للمراقبة ومتابعة المتهم إلى أن يتم القبض عليه واستجوابه، ولم تمض سوى ساعة واحدة حتى حصل على إذن من النيابة بمراقبة الهدف وإحضاره بمجرد إثبات التهمة الموجهة إليه ثم انطلق بسيارته إلى الجامعة حيث ينتظره أمير بالداخل

*******

في ذات الوقت كانت أمل تجوب مركز تجاري فخم بحثاً عن هدية 
تعادل ثمن بطارية السيارة لكي تقدمها إلى الهمجي الذي أشعل غضبها بكلماته أثناء مكالمتهم الأولى والتي تتمنى أن تكون الأخيرة... وقعت عينيها على ساعة فخمة وباهظة الثمن من أشهر الماركات فقررت شرائها والذهاب إلى مكتبه بعد انتهاء عملها لتعطيه إياها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت المتجر وبيدها علبة فخمة بداخلها الساعة ثم اتجهت صوب سيارتها وهي تردد في نفسها

- أهو الساعة قدام البطارية وميبقاش الهمجي ده عملي جميله 

دلفت إلى السيارة ثم انطلقت لتذهب إلى عملها وطوال الطريق ظلت تفكر في الهمجي غريب الأطوار الذي يعاملها بلطف تارة وبهمجية تارة أخرى

*******

داخل أسوار الجامعة جلس أمير على أحد المقاعد واضعاً رأسه بين كفيه فربت حسام على كتفه وقال بهدوء 

- مش هتيجي غير كده، مستحيل نقبض عليه علشان راكن عربيته قدام الجامعة لازم نقبض عليه وهو متلبس 
- مش هقدر يا حسام أفرض عمل فيها حاجة 
- هيعمل إيه وإحنا هنفضل وراها، قولت إيه؟ 

حرك أمير رأسه مرغماً كإشارة بالموافقة ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بهاتف وعد فأجابت قائلة 

- كنت لسه هكلمك
- خلصتي المحاضرة؟ 
- أيوه وهروح على طول بلاش تيجي تاخدني

أغمض عينيه بأسى ثم أخبرها أن لديه عمل هام منعه من العودة لاصطحابها وطلب منها العودة بمفردها إلى المنزل فامتثلت إلى رغبته وغادرت برفقة حنين، بينما ركب هو سيارة حسام حتى لا يشك الشاب بشيء فهو يعرف جيداً سيارة أمير.... أوقفت حنين إحدى سيارات الأجرة وركبتها لتعود إلى المنزل بينما وقفت وعد في انتظار الحافلة، فأدار الشاب محرك السيارة وانتظر حتى استقلت الحافلة ولحق بها فتبعهم حسام بسيارة وكذلك سيارة المراقبة الخاصة بالشرطة... بعد مرور ما يقارب نصف الساعة ترجلت وعد من الحافلة ومضت إلى المنزل سيراً على الأقدام فلحق بها الشاب بعد أن ترجل هو الأخر من سيارته وانتظر حتى مرت من شارع لا يوجد به سواهم ثم اقترب منها بشده وكمم فمها بيده واستعد لوضع القطنة المبللة بالمخدر باليد الأخرى فحاولت التملص منه ولكن دون جدوى فظن أن خطته سارت على ما يرام إلا أنه تفاجأ بحسام يصوب فوهة سلاحة صوب رأسه وتجمع حوله العديد من الضباط فحررها ورفع يديه لأعلى باستسلام، بينما اقتربت وعد من أمانها والملاذ الوحيد إليها حتى استقرت أمامه وألقت بجسدها في صدره فحاوطها أمير بكلتا يديه وشعر بغصة في قلبه حينما رأى الخوف الساكن داخل مقلتيها والدموع التي تنساب بغزارة على وجنتيها 

معادنا بكرة بأمر الرحمن مع أولى المفاجأت 😉😉 
#طريقي بقرك منى_سليمان

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

طريقي بقربك/منى سليمان

March 03, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
--ايلينا لقد اتفقنا حبيبتي لا شيء يستحق العجلة، نحنا معا الان، وأنت لن تستطيعين الهرب مني قال ذلك وهو يديرها نحوه ويحملها بين يديها ليضعها على السرير الذي بدا لها كريش النعام بنعومته.
تمسكت بعنقه عندما هم بالابتعاد عنها و قالت بهمس وهي تتنفس بسرعة ونبضات قلبها تتسارع
--لا اليكس عاجلا ام اجلا سيكتمل هذا الزواج لمَ التأخير.
ابتسم وهو يرفع خصلات شعرها عن وجهها ليرى احمرار وجنتيها ويطبع قبلة على تلك الشفاه التي كانت ترتعش .
--ان كان هذا ما تريدينه فلا مانع لدي ، ضربته على كتفه وهمت بالابتعاد لكنه ثبتها بيديه وتابع حبيبتي دخول الحمام ليس كالخروج منه أنت عرضت وانا قبلت فما رأيك الان؟
****
استيقظ صباحا ليجدها مازلت تتخذ ذراعه وسادة لها ، اغمض عينيه لدقائق يتذكر ليلة البارحة التي كانت اجمل مما تخيل ، واخيرا اصبحت المرأة التي حلم بها وتمناها ملكه وسيدة حياته،  كم هي رقيقة ، جذابة، مثيرة بآن واحد ، لا بد وانه اكثر رجل محظوظ بالعالم ليحظى بمثل هذه المرأة.
تململت قليلا قبل ان تفتح عينيها لتجد تلك العينان اللتان استحوذتا على فكرها لاشهر طويلة تحدقان بها .
--هل تستيقظي دائما بهذا الجمال حبيبتي؟
--أنت فقط تراني هكذا  قبل أن تكمل جملتها كان قد وضع أصبعه على شفتيها مانعا أياها من التلفظ بأي كلمة وأمال بجسده نحوها ليطبع قبلة عميقة طالت بعض الشيء وهي تحيط عنقه بذراعيها .
-- يا الهي كم أنا أحبك يا ايلينا همس بإذنها بعد أن ابتعد قليلا
--وأنا أحبك أكثر مما تتصور أجابته وهي تغمر وجهها بصدره  بينما أصابعة تعبث بشعرها وشفتيه تتذوقان رحيق شفتيها ثانية.
****
أخذ على عاتقه أن يكون هو الدليل السياحي لها في الجزيرة التي تمنت زيارتها ، لذا قام بأستئجار سيارة من الفندق الذي يقيمان به ليزورا معالم الجزيرة وحدهما.
أنطلقا مبكراً بعد أن تناولا الافطار على عجالة من أمرهما ، وبدأ بسرد ما يعرفه عن الجزيرة بعد أن أستطاع الحصول على بعض المعلومات المهمة عن الجزيرة التي تعدّ من أهمّ الجزر من النواحي التاريخيّة والحضارية، والخامسة بين جزر البحر الأبيض المتوسط من حيث المساحة، حيث تطلّ على الجهة الجنوبية على بحر إيجة، حيث تمتاز بشكلها المستطيل، وكان قد أسماها العرب بجزيرة إقريطش، وأطلق عليها الأتراك اسم جزيرة جزيت.
كان يشرح لها ما يعرفه عن تاريخ الجزيرة بينما هي تتابع مشاهدة تضاريس الجزيرة و أعداد السواح الذين يزورنها بهذا الوقت من السنة
لما تتميز به من طقس جميل ولطيف محبب لجميع.
--يا ألهي كم هي جميلة هذه الجزيرة اليكس قالت وهي تتابع الطريق التي سار بها ليصل جبل بسيلوريتس الذي يعتبر أعلى قمة بالجزيرة.
-- أنها مميزة حبيبتي هذه الجزيرة كانت ولا زالت ملتقى لحضارات عريقة لقربها من القارات الثلاث، اسيا وأفريقيا وأوروبا أجابها وهو سعيد لسعادة حبيبته التي تستحق كل ما يقدمه لها من حب ورعاية.
تناولا وجبة سريعة قبل أن يتركا الجبل عائدين الى وادي  ساماريا الذي يعتبر أجمل حديقة وطنية بأوروبا .
--حبيبتي دعينا نرتاح هنا قليلا ونتناول القهوة قال اليكس وهو يمسك بيدها ليجلسا على أحدى الارائك الصخرية التي أمتلئت بها الحديقة , لم تمانع بل جلست وهي تشعر بالتعب بعد مضي أكثر من سبع ساعات منذ مغارتهم الفندق.
--اليكس!! لا أدري كيف سأرد لك كل ما تقوم به من أجلي، هم بالرد عليها لكنها أشارت له بالصمت لتكمل حديثها، أنت نعمة من الله أرسلها لي ليعوضني عن كل دقيقة حزن عشتها.
أمتلأت مقلتيها بالدموع فصمتت وهي تنظر للبعيد ، أقترب منها وأحتضن كتفيها وأجابها بصوت خافت وهادئ
--حبيبتي لا تقولي شيء وتفكري بشيء سوى سعادتنا معا، فكري بما جمعنا فقط سيدة باترسون.
أحاطت خصره بكلتا يديها وأسندت رأسها لصدره وصمتت وهي تتأمل هذه اللوحة التي أبدع الخالق بصنعها.
نهضت وأمسكت بيده وطلبت من أحد المارة أن يأخد لهما بضعة صور بأوضاع مختلفة  لتكون ذكرى لهما معا"
*****
عندما وصلا الفندق كانت الساعة تشير للعاشرة مساءاًوقد نال منهما التعب ، فلم يقويا على فعل شيء سوى أخذ حمام ساخن والايواء للنوم بسرعة البرق.
إستيقظت ايلينا ظهرا ومازال زوجها يغط بنوم عميق فأستندت على ذراعها تراقبه وهي تبتسم وتشكر الرب على ما اجمل هدية منحها أياها ، من يصدق أنها قبل عدة أشهر كانت فتاة معدمة ، حزينة ، وحيدة، لا  صديق ولا حبيب لها، وها هي الأن تنعم بحب اعظم رجل بالعالم ، وعائلة طيبة ، لو أمضت ما تبقى لها من حياة بالصلاة لما شكرت الله على نعمه التي منحها اياها.
تململ بفراشه قبل أن يفتح عينيه فمالت قليلا عليه وهمست
--صباح الخير حبيبي الكسول.
--صباح الخير حلوتي، وهل هنالك أجمل من هذا الصباح ؟
****

تناولا وجبة الافطار في مطعم الفندق ومن ثم غادرا متوجهين للاسواق الشعبية والخاصة بالسياح ، توقفا قبل غروب الشمس أمام أحد المقاهي التي تطل على شواطئ الجزيرة وقد بدا المنظر خلاب ، فطلبا فنجاني قهوة مع بعض الفطائر المحلاة .
--أنظر هناك اليكس قالت ايلينا وهي تتابع  أختفاء الشمس وراء الجبال ببطيء شديد
--انه لمنظر رومانسي اليس كذلك عزيزتي !!أجابها اليكس وهو يتناول فنجاني القهوة ليضعهما على المنضدة .
-- فعلا هو كذلك، أرتشفت قليلا من قهوتها ونظرت اليه وكأنها تحثه على موافقتها للتوجه للشاطئ.
أغمض عينيه مبتسما وقبل أن تهم بقول ما فكرت به نهض من مكانه وهو يمد لها يده لتمسك بها وتقف بجانبه
--هيا حبيبتي سنقترب من الشاطئ فالجو رائع جدا.
عانقته مبتسمة وشاكره له مبادرته التي أحبتها جدا.
--هل لديك رغبه بالسباحة هنا ، سألها وهو يتلتفت حوله ليجد المكان يكاد يخلى من الناس الا بعض الاشخاص على بعد لا يقل عن خمسمائة متر على الأقل.
تنهدت وهي تتأبط ذراعه بيأس أجابته
--كنت أود ذلك ولكني أولا أخاف من البحر وثانيا لم أحضر معي ملابس للسباحة حبيبي.
أمسك كفها وسار بسرعة باتجاه احد المحال القريبة من الشاطئ ليشتري لها ما تحتاجه ليسبحا سوياً .
استقبلتهم صاحبة المحل وهي ترحب بهم ، لكنها سرعان ما أعتذرت منهما لتجيب على إتصال هاتفي وتطلب من شاب كان يقف بجانبها لمساعدتهما.
خرجا من المتجر بسرعة وكان الغضب باد على وجه اليكس الذي لم يعجبه ما قام به الشاب أمام ايلينا.
--ماذا هناك اليكس؟ هيا أخبرني
--سنبحث بمكان أخر هيا بنا أجابها وهو عاقد الجبين
توقفت وأدارت وجهه اليها قائلة
--اليكس ملابس السباحة كلها مكونة من قطعتين وكل النساء ترتديها على الشاطئ فما الخطأ بذلك؟
نظر اليها وكأنه لا يصدق ما يسمعه الأن، لم يجيبها بل امسك بيدها بيد انها افلتتها وسارت مبتعدة عنه وبحالة عصبية لم يسبق له أن رأها بها.
دخلا لمتجر أخر ولحسن الحظ السيدة التي أستقبلتهما تفهمت ما يريده اليكس فعرضت عدة موديلات وألوان من الملابس المكونة من قطعة وحدة  فأختار ما أعجبه هو .
--تفضلي حبيبتي قال وهو يحتضن كتفها ولكن لم تصدر أي ردة فعل مشجعة إلا أنها أخذت الكيس ودخلت لأحدى غرف تبديل الملابس لترتديها وضحكت وهي تتذكر وجه اليكس عندما فتح البائع الكيس واخرج ملابس السباحة وأخذ يريها أياها كل قطعة على حدى، توقعت أن يصفعه على وجهه لكنه تماسك وخرج بسرعة وهو يشتم بكلمات لم تصدق ان اليكس يستخدمها.
ارتدت قميصا خاصا بالبحر وتوجهت بسرعة للشاطئ وهي تتظاهر بالغضب من تصرفاته المتملكة وغيرته الشديدة التي بدات تكتشفها، لحق بها على مهل .
--تعالي من هنا قال وهو يتجه لمكان بعيد عن الناس تخفيه بضعة صخور
--اليكس انت غير معقول اولا تتشاجر من البائع وتشتمه ثم تحضرني الى هنا ، هل تعلم ! لم يعد لي رغبة بالسباحة قالت وهي تعني ذلك بالفعل.
إحتضنها وشدها لصدره وهو يتكئ على أحدى الصخور بينما راحت أصابعة تتخلل خصلات شعرها ليبعدها عن كتفها وقال وهو يهمس بإذنها
--ماذا أفعل إن كنت أغار عليك من نسمة الهواء ، ولأني أحبك لا أحب أن يراك أحداً سواي  بهذه الملابس .
تنهدت وهو تنظر لعينيه التي لا تخفي ما يشعر به وأجابته
--ولكني لم أتوقع أن تكون من هؤلاء الرجال
--اي رجال تعني ؟سألها
--أعني الغيورين، المتملكين ردت وهي تحاول أن تبتعد عنه
--معك حق أنا غيور ، متملك، عاشق حد النخاع، هل لديك أي اعتراض؟
ضحكت دون وعي منها وهي تضع رأسها على صدره وتحيط بيديها خصره وتقول بصوت يرتعش
--لا ابداً، لطالما رغبت برجل يحبني ويغار علي مثلك
لم يدركا أن الليل قد حل وهما يقفان خلف الصخور ويمضيا وقتاً حميماً إلا بعد أن تنبه اليكس أن السكون قد حل بالمكان ولكنه أصر أن يسبح معها تحت ضوء القمر بعيداً عن أعين المتطفلين والمتلصصين.
****
مضى أسبوعان على زواجهما وقد أستمتعا بكل لحظة امضياها سوياً ولم تكن ترغب أيلينا بالعودة لروتين حياتها السابقة ولكن الفصل الدراسي على وشك البدأ وعليها متابعة حلمها وحلم والدها بأن تكون محامية .

Friday, March 1, 2019

ناصية الخيال/أسماء قبلة

March 01, 2019 0
ناصية الخيال/أسماء قبلة

ونعتقد أننا نشكل بالكلمات جمل ...بينما هي من تشكلنا ...، نمسك القلم ونحن نفكر كيف ومن أين سنبدأ ....فتغشى ارواحنا والافئدة سكرات لا نفيق منها إلا وقد تراكمت كلمات رسمت تفصيلا عن ما يختلج بالقلب وكانها رسما تخطيطيا له .

للقراءة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا

Wednesday, February 27, 2019

طريقي بقربك/ منى سليمان

February 27, 2019 0
طريقي بقربك/ منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان

* اعتراف *

أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً 

- أبقى خد بالك يا أخ

تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة

- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج

توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود

- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!

شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها

- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه 

نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع 

- همجي
*******

كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة 

- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟ 
- لا هنزل هنا شكراً 

ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة

- قاعد لوحدك ليه؟ 

التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل

- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟! 

تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟ 

- ممكن أي عصير فريش

أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل

- بتهربي مني ليه؟ 
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه

قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً 

- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى 
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت

ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً 

- أنتي لسه زعلانة؟ 

حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه

- أصل أنا يعني يعني يعني يعني

قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟ 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت

- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي

كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل

- خلصتي؟ 

حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن…
[6:52 PM, 2/27/2019] Mona Soliman: طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل العشرون - بقلمي منى سليمان

* لقاء صحفي *  

بقى حسام واقفاً في مكانه والصدمة مازالت تسيطر على قسمات وجهه، اندهش الجميع من فعلته فترك اللواء مقعده ثم اقترب منه وتساءل بقلق

- مالك يا حسام، أنت تعبان ولا إيه؟ 

ابتلع حسام ريقه مرة أخرى بعد أن فاق من شرودة ثم أدى التحية الرسمية وأجاب قائلاً 

- أنا تمام يا فندم
- طيب أقعد علشان نبدأ الاجتماع

تحرك حسام نحو المقعد المقابل لأمل وجلس عليه فتقابلت أعينهم في نظرة قطعتها حينما أشاحت ببصرها عنه لتستمع إلى باقي حديث اللواء... وبعد مرور ساعة كاملة رفع اللواء رأسه عن الأوراق ثم نظر إلى حسام قائلاً 

- حسام جهز نفسك من بكرة هتستلم طقم حراسة الهدف علشان تكون قريب دايماً من أمل وهي بتتفذ المهمة و

توقف عن إكمال كلماته حينما قاطعته أمل قائلة: بعد إذن خضرتك هو ما ينفعش أي ظابط تاني يكون معايا؟ 

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامع حسام، صر على أسنانه لكن غضبه كان ناتجاً عن الجدار الذي بناه بيده بينهما فأجابها بهدوء 

- أنا اللي عملت أغلب التحريات ووضعت الخطة يا آنسة

رفعت أمل أحد حاجبيها ثم وجهت نظرها إلى اللواء ضاربة عرض الحائط بكلمات حسام وكررت سؤالها وكأنه لم يجيبها فاستشعر اللواء شرار الغضب المتبادل بين أمل وحسام فما كان منه إلا أنه طلب من الجميع المغادرة ثم قال بجدية وصوت رجولي حاد

- أنا حقيقي مش عارف إيه المشكلة اللي بينكم بس من فضلكم تركنوا أي خلاف على جمب لحد ما نخلص من المهمة، قولتي إيه؟ 

وجه سؤاله إلى أمل فرمقت حسام بنظرة اشمئزاز وأجابت السؤال ببرود وهي تنظر مُباشرةً إلى عينيّ الهمجي

- هستحمل وأمري لله

مط حسام شفتيه بضجر فسأله اللواء عن رأيه هو الأخر فتمسك بتنفيذ المهمة مهما كلفة الأمر فوقف اللواء عن مقعده وهتف بحزم 

- طالما أنتوا الأتنين قررتوا تكملوا، يبقى هسيبكم مع بعض علشان تنهوا الحرب اللي بينكم

لم يترك فرصة للاعتراض فغادر غرفة الاجتماعات وأغلق بابها بالمفتاح حتى لا يترك أحد منهم المكان فزفر حسام بضيق ثم ترك مقعده واتجه صوب الشباك ليستنشق الهواء فقد كان يشعر بالاختناق بينما أمسكت أمل هاتفها وبدأت تتصفح الانترنت حتى لا تصاب بالتوتر لوجودها مع هذا الهمجي في مكان مغلق

******

بالجامعة... 
انتهت محاضرة وعد الأولى وجلست في انتظار بدء محاضرتها الثانية التي سيقوم أمير بتدريسها... كان شعورها بالتوتر يفوق طاقتها فحملت حقيبتها لتغادر بالرغم من محاولات حنين في منعها إلا أنها خجلت أن يجمعها بأمير المكان فيكفيها النظرات التي رمقها بها الجميع منذ دخولها إلى قاعة المحاضرات... اتجهت صوب الباب لتغادر لكنها، اصطدمت بصدر أمير الذي كان على وشك الدخول فسقطت الكتب التي كانت بحوزتها وكادت أن تسقط هي الأخرى إلا أنها تمسكت بيده لتستعيد توازنها فتعالت همسات الفتيات ما جعل حمرة الخجل ترتسم على وجنتيها فابتسم لها وقال مازحاً 

- كنتي مكسوفة تحضري محاضرتي أهو ربنا وقعك في حضني

كم تمنت أن تنشق الأرض بها، لكنها لم تجد منه مهرب فجمعت الكتب المبعثرة على الارض وعادت لتجلس إلى جوار حنين فابتسم على جنونها ثم دلف إلى القاعة وبدأ المحاضرة 

********

بغرفة الاجتماعات... 
ازداد شعور حسام بالاختناق لاستمراها في تجاهله فابتعد عن الشباك ثم اقترب منها ما جعل نبضاتها تتسارع خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك بل اصطنعت عدم الاهتمام وأكملت العبث بهاتفها، وما أن استقر أمامها انتظر أن ترفع بصرها إليه لكنها لم تفعل فزفر بضيق ثم اختطف الهاتف من يدها فضيقت بين حاجبيها وكادت أن تعنفه فسبقها وقال بهدوء 

- أنا أسف

رمقته بنظرة نارية اعتقاداً منها أن اعتذاره ناتج عن تبدل مظهرها فتنحنح قليلاً ثم تابع قائلاً 

- دي أول مرة أكلم بنت بالطريقة دي و

قاطعته قائلة ببرود: بنت؟!!! يا حرام شكل نظرك ضعيف خالص أمبارح كنت شايفني أخ و today بقيت بنت

فهم جيداً السخرية المصاحبة لنبرة صوتها فشعر بغصة في قلبه حينما رآها تحاول التماسك لكي لا تظهر الدموع الحبيسة داخل عينيها فسحب مقعداً وجلس على مقربة منها ثم نظر إليها وهتف بصوته الدافئ الذي اعتاد الجميع عليه

- للمرة التانية بقولك أسف، يمكن في يوم أقدر احكيلك ليه عملت معاكي كده ويمكن مقدرش بس اللي أقدر عليه دلوقتي أني اعتذرلك مرة وأتنين وعشرة لحد ما أشوف نظرة تانية في عيونك غير نظرة الغضب والدموع

لم تستطع ان تأسر دموعها أكثر من ذلك فقد كانت تشعر بالإهانة بالرغم من كل ما قاله... ازداد شعوره بالاختناق حينما رأى دموعها تنساب بغزارة على وجنتيها فتابع بهدوء 

- خلاص بقى ما تعيطيش وعلشان أكفر عن ذنبي هعتذر عن المهمة وهسيبها لأي زميل علشان ما تبقيش مضطرة تشوفيني و

قاطعته قائلة بصوت غلبه البكاء: لا خليك أهو أنت طلعت همجي، يمكن التاني يطلع متشرد أكتر منك وأنا مش هستحمل

قالت كلمتها الأخيرة بصعوبة فقد ازداد بكائها وتعالت شهقاتها فشعر بالجرح الذي سببه لها ثم مد يده وأعطاها منديلاً فأخذته بعنف ومسحت دموعها في ذات اللحظة التي عاد فيها اللواء إلى الغرفة واندهش بشدة لرؤية احمرار عينيها لكنه لم يعلق بل تساءل بهدوء 

- هاه إيه الأخبار يا سيادة الرائد؟ 
- تمام يا فندم، المشكلة أتحلت وجاهزين للشغل

بمجرد أن توقف عن الحديث نظر إلى أمل فقالت برقة: وأنا كمان جاهزة 

- ممتاز جداً يبقى نتوكل على الله بعد بكرة نبعت حسام يستلم شغله وبعدها بيوم نحطك في طريقه

*******

بالمحاضرة... 
كان أمير يشاكس وعد بنظراته طوال المحاضرة فكانت تبتسم تارة وتعبس تارة أخرى عله يتوقف عن جنونه لكن ذلك لم يحدث... كان يتعمد المرور من بين سلالم القاعة ليمر إلى جوارها فغمز لها عدة مرات بمشاكسة ما جعلهم محط أنظار الجميع... وما أن انتهت المحاضرة انصرف الطلاب فوقف أمير في انتطار وعد بالخارج فغادرت القاعة برفقة حنين التي تفاجأت بوجود أمجد بالخارج فخفق قلبها بسعادة واقتربت منه حتى استقرت أمامه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها فقاطع أمير سحر اللحظة حينما قال مازحاً 

- أنا حاسس أن الكلية قلبت كازينو على أيدك يا مشرحجي

ضحكوا على كلماته عدا وعد فقد رفعت أحد حاجبيها وقالت بجدية مصطنعة

- فعلاً الكلية بقت كازينو والمحاضرة قلبت سينما

اصطنع أ مير عدم الفهم ولم يعلق ثم مضى إلى السيارة برفقتها بينما ذهبت حنين برفقة أمجد... وما أن دلفت وعد إلى السيارة مطت شفتيها بضجر فابتسم لها أمير وتحدث بهدوء قائلاً 

- أنا أسف ووعد مني مش هعمل كده تاني

عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بغيظ: كل اللي في المحاضرة كانوا بيتفرجوا علينا

- يتفرجوا وإيه المشكلة، مراتي وأنا حر فيها
- بس أنا بتكسف

قالتها ببراءة وطريقة طفولية أسرة للقلوب فحرر إحدى يديها ثم رفع كفها إلى شفتيه وطبع على باطنه قبلة عميقة كانت كزلزال ضرب كل ذرة في كيانها

*******

في ذات اللحظة انطلق أمجد بسيارته لكي يذهب إلى مطعم فخم ويتناول طعام الغداء برفقتها ولكن طرأت لدى حنين فكرة جنونية فابتسمت بسعادة وقالت وهي تنظر إليه

- هو أنا ممكن أطلب منك طلب غريب شوية؟ 

أوقف السيارة على جانب الطريق ليستمع إليها بعد أن حرك رأسه كإشارة بنعم فقالت بثبات طلبها الغريب والفريد من نوعه فمط أمجد شفتيه بضحر وكاد أن يعترض لكنها سبقته واستخدمت الدلال المصاحب لصوتها لاقناعه فاستسلم إليها وقاد السيارة مرة أخرى إلى مقر عمره فقد طلبت منه الذهاب إلى المشرحة لتراقبه بشغف وهو يمارس عمله الصعب والشاق

******

بمقر إدارة البحث الجنائي... 
انتهى الاجتماع الذي يضم اللواء وحسام بالإضافة إلى أمل التي غادرت مُباشرةً لتذهب إلى الجريدة... تابعها حسام بعينيه من شباك مكتبه فقد غادرت دون أن تودعه بالرغم من اعتذراه... اندهش حينما ترجلت من السيارة وفتحت الجزء الأمامي منها فعلم أن هناك خطباً ما أصاب سيارتها، غادر مكتبه في عُجالة وهبط الدرج حتى لا يقف في انتظار المصعد، وما أن اقترب منها لوى شفتيه بضجر حينما رأى تجمع العديد من الضبّاط حولها بحجة المساعدة فوقف خلفها وقال بصوت رجولي حاد

- واقفين كده ليه؟ 

انفضوا جميعاً من حولها وعاد كل واحد منهم إلى عمله فسرت رعشة خوف في بدنها حينما استشعرت هيبته التي يخشاها الكثيرين لكنها فاقت من شرودها عندما أردف متسائلاً 

- في حاجة في العربية؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم دون أن تتحدث فدلف إلى السيارة وحاول تشغيل محركها لكن ذلك يحدث فترجل منها وهتف وهو ينظر مُباشرةً إلى عينيها

- البطارية محتاجة صدمة علشان تتحرك بس اعتقد لازم تتغير 
- طيب أنا هعمل إيه دلوقتي؟ 

تساءلت ببراءة فشعر أنه يقف أمام طفلة صغيرة بالرغم من أنوثتها فأشار إليها لتنتظر دقيقة ثم ابتعد وعاد بعد دقائق قليلة برفقة أحدهم وأعطاه مفتاح سيارته ومفتاح سيارة أمل بعد أن طلب منه سحبها إلى أقرب محطة بنزين ليعاينها المختص، وبمجرد أن انصرف العسكري تحدثت برقة قائلة

- شكراً على فكرة
- العفو على فكرة

قالها مقلداً طريقتها فقد كانت تتحدث إليه بنبرة صوت تحمل القليل من الغضب فارتسمت على شفتيها ابتسامة ساحرة فبادلها بصوته الرجولي قائلاً 

- اتفضلي في مكتبي لحد ما يرجع وبالمرة نتكلم في المهمة
- شكلي كده مش هروح الجريدة النهارده كمان
- ولا يهمك هخلي اللواء نجدت يتصرف في الموضوع ده

حركت رأسها بالموافقة بالرغم من شعورها بالخجل من البقاء معه في مكان واحد إلا أن نظرات الجميع المصوبة نحوها جعلتها تذهب معه فقد شعرت أن نظراته تختلف عنهم... اقترب من المصعد ليطلبه لكنها أخبرته أنها مصابة برهاب المصاعد وفي كثير من الأوقات تشعر بالاختناق بداخله فصعد معها الدرج إلى أن وصل إلى الطابق الثالث حيث يوحد مكتبه فطلب منها الدخول ثم ذهب إلى غرفة اللواء... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد إليها وهتف متسائلاً 

- تحبي تشربي إيه؟ 
- شكراً مش عايزه 
- مستحيل لازم تشربي حاجة
- ممكن أخد كابتشينو لاتيه

أسر ابتسامته بصعوبة وقال مازحاً: لا هنا إدارة خناشير والخناشير أمثالي ما بيشربوش المشروبات النايتي دي

- نايتي؟!! 

رفع أحد حاجبيه بشموخ وأجابها: طبعاً إحنا رجالة أوي على فكرة 

قالها بطريقة تمثيلية لم تصمد أمل أمامها فانفجرت ضاحكة بأعلى طبقات صوتها فاكتفى بابتسامة وتابع

- هنا يا شاي يا قهوة يا نسكافيه بلاك زي اللي بنشوفه في شغلنا وممكن نعملك استثناء واجبلك حاجة ساقعة
- وأنا موافقة بحاجة ساقعة

رفع سماعة الهاتف وطلب فنجان قهوة له ومشروب غازي بنكهة التفاح الأخضر لها، فراقبته بصمت حتى أنهى المكالمة ثم نظرت إليه وقالت بجدية مصطنعة

- مش المفروض أن أنا زعلانة منك؟ 
- المفروض أني اعتذرت 
- طيب أنا لسه زعلانه على فكرة 

رفع كلا حاجبيه حينما فهم ما ترمي إليه وتحدث قائلاً: طيب ما نقصر السكة وتقولي اللي بتلمحي ليه

عضت على شفاها السفلى لشعورها بالتوتر فابتسم على فعلتها ما جعل قلبها يخفق بقوة فقد زادته البسمة هيبة ووقاراً فهتفت بدون تفكير

- طلعت بتضحك زي الناس سبحان الله

رمقها بنظرة نارية محملة بالغيظ فبادلته بابتسامة رقيقة وتابعت قائلة 

- أنا هسامحك بشرط 
- اللي هو؟ 
- بما أن عربيتي عطلانة وأنت عامل معايا واجب وعازمني على حاجة فريدة من نوعها في الإدارة ولسه

قاطعها قائلاً: قولي عايزة إيه من غير مقدمات يا أستاذة

- عايزه استغل الوقت وأعمل معاك لقاء صحفي وقبل ما ترفض لو مش هتوافق هسيبك تشرب القهوة والحاجة الساقعة لوحدك وأقوم أدور على أي ظابط أعمل معاه لقاء، قولت إيه؟ 

اندهش بشدة من طريقتها فقد اعتقد أنها فتاة رقيقة ودموعها قريبة لكنه استشعر القوة المصاحبة لنبرة صوتها ما زاد إعجابه بها فحرك رأسه بالموافقة

- بجد موافق؟ 
- ولو ما بدأتيش حالا هغير رأيي
- يس

قالتها بجنون فأسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يقلل من حماسها، وفي أقل من دقيقة أخرجت من حقيبتها مُسجل صوت خاص بعملها وملحق به ميكروفون، وارتدت كذلك نظراتها الطبية لتسجل الملاحظات خلال اللقاء ولم تكتفي بذلك بل رفعت شعرها لأعلى كما اعتادت دائماً وما أن نظرت إليه لتبدأ المحاورة تفاجأت به يسلط نظراته عليها فتساءلت

- في حاجة؟ 
- حاسس دي استعدادات حرب مش لقاء صحفي
- كل واحد أدرى بشغله 
- عندك حق بس خلينا نتفق الحوار ده مش هينزل غير بعد ما نخلص من المهمة 

أكدت له ذلك ثم بدأت في سؤاله الأسئلة المعتادة.. ما أسمه، كم يبلغ من العمر، حالته الاجتماعية، منذ متى يعمل بإدارة البحث الجنائي، أغرب القضايا التي قابلها... ظلت تسأل وهو يجيب حتى سألته إن كان أصيب من قبل فأجابها بهدوء 

- ٣ مرات
- بجد؟!! 

قالتها باندهاش كطفلة شقية على وشك خوض مغامرة سمعية فحرك رأسه ليؤكد لها ما سمعته ثم تابع حديثه قائلاً 

- أخدت رصاصة في كتفي في اقتحام وكر تجار مخدرات و

قاطعته قائلة بانبهار: واوووو كمل 

- ورصاصة في نفس الكتف من ست سنين في عملية القبض عن سفاح الجيزة وأصعبهم كانت رصاصة في صدري اخترقت واقي الرصاص من أربع سنين وكانت حالتي خطيرة 
- حسيت إيه وقتها؟ 

أراح ظهره على المقعد وتذكر دموع حنين ووعد حينما استرد وعيه فتنهد بحرقة وأجابها 

- حسيت لأول مرة أني خايف من الموت بس مش علشاني، علشان حنين ملهاش حد في الدنيا دي غيري، خوفت أموت وأسيبها وحيدة

رفع حسام بصره إلى عينيّ أمل واندهش لرؤية الدموع تتلألأ داخل مقلتيها بعد أن تأثرت بكلماته فقرر تلطيف الأجواء وهتف مازحاً 

- أنا شايف أني كده كفرت عن ذنبي وأكتر من كده صراحة هيبقى استغلال صحفي

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وكادت أن تتحدث لكن قاطعها صوت طرق على باب غرفة المكتب فأذن حسام للطارق بالدخول 

- العربية ما اشتغلتش بصدمة البطارية 

تقدم العسكري من حسام وأعطاه المفتاحين ثم تابع: محتاجة بطارية جديدة

- طيب أتفضل أنت 

ما أن انصرف العكسري وقفت أمل عن مقعدها وهي تشعر بالحزن لأجل سيارتها ثم نظرت إلى حسام وقالت برقة

- أنا متشكرة جداً لمساعدتك، همشي دلوقتي وهبعت السواق بتاع أمير يسحبها لحد الميكانيكي 
- هتروحي أزاي؟ 
- هطلب عربية
- هتركبي عربية لوحدك بالفستان ده؟!! 
- أمال هعمل إيه؟ 
- هوصلك 

جحظت عينيها في عدم تصديق ثم ابتلعت ريقها وتساءلت بصوت مرتعش

- طب و وشغلك؟ 
- عادي هوصلك وأرجع

لم يترك لها فرصة أخرى للاعتراض فحمل مفتاح سيارته وأعطاها مفتاح سيارتها ثم مضى برفقتها فحاولت إقناعه بشتى الطرق لكي يتركها تغادر بمفردها إلا أنه لم يسمح بذلك فدلفت إلى سيارته وفي أقل من دقيقة انطلق إلى فيلا أمير

********

في ذات الوقت أوقف أمير سيارته أسفل منزل وعد فترجلت بعد أن ودعته ليذهب إلى المشفى... ما أن دلفت إلى العقار تذكرت نفاذ الطعام الخاص بقطتها فقررت الذهاب إلى المتجر الخاص ببيع طعام القطط لشراء المزيد... مضت وهي تفكر في المشاكس الذي تزوجت به فلم تنتبه إلى الشاب الذي كان يسير خلفها وينتظر اللحظة المناسبة لاختطافها، وبمجرد أن مرت من شارع لا يوجد به غيرهم تقدم منها ليخدرها إلا أنه توقف حينما مرت سيارة إلى جوارها فاندهشت بشدة لرؤية أمير فترجل من السيارة ورمق الشاب بنظرة نارية بعد أن لاحظ ملاحقته لوعد ثم تقدم منها وتساءل بقلق

- أنتي كويسة؟ 
- اه، في حاجة؟ وإيه رجعك؟ 

تابع أمير ابتعاد الشاب حتى اختفى تماماً لكنه لم يشعر بالارتياح فتابعت وعد وهي تشعر بالقلق

- أمير أنت كويس؟ 
- ما طلعتيش ليه؟ 
- كوكي أكلها خلص فكنت رايحة السوبر ماركت أو محل القطط أجيبلها
- بعد كده لما تحتاجي حاجة قوليلي وياريت ما تخرجيش لوحدك تاني، بعد ما سيبتك لقيت تليفونك واقع فلفيت ورجعت أديهولك لقيتك ماشيه وواحد ماشي وراكي زي ضلك

تسارعت نبضاتها خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك فقالت ببراءة: أنا آسفة 

- خلاص محصلش حاجة، أركبي هنجيب الأكل وبعدها هوصلك

دلفت إلى السيارة دون أن تتفوه بالمزيد فقد كانت تشعر بالخوف من ملاحقة أحدهم لها، بينما قاد أمير السيارة وهو يشعر بالقلق عليها لكنه نفض الفكرة من رأسه حتى لا ينتقل القلق إليها

********

أمام مبنى الطب الشرعي أوقف أمجد سيارته وهو يشعر بالغضب فقد تمنى قضاء أوقات رومانسية معها ولكن تبخرت جميع أحلامه ووجد نفسه في أخر مكان تمنى الوجود به... ترجلت حنين وبداخلها القليل من الخوف إلا أنها رسمت الثبات على وجهها ومضت معه إلى الداخل لتشاهده وهو يقوم بعمله... بعد مرور عدة دقائق ارتدت الرداء الأبيض الخاص بالأطباء ولحقت به إلى الداخل فأخرج مساعده جثة من ثلاجة الموتى ووضعها على طاولة التشريح ثم غادر ليبدأ أمجد عمله... أمسك المشرط الخاص بالتشريح وفتح جرح عميق من الحلق إلى نهاية البطن فشعرت حنين بالغثيان حينما رأت طول الجرح، وما هي إلا دقائق حتى أبعد الجلد ليظهر القفص الصدري وبداخله أعضاء الجسم فسقطت حنين بعد أن فقدت وعيها وارتطم جسدها بالأرض فجحطت عينيّ أمجد ثم اقترب منها وقال بخوف

- حنين


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف