طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء
الفصل الحادي والعشرون - بقلمي منى سليمان
* مكالمة *
خلع أمجد قفازيه ثم ابتعد عن حنين وقام بتطهير يديه وما أن فرغ عاد إليها وحملها ثم اتجه صوب غرفة مكتبه وأراح جسدها على الأريكة الجلدية... أخذ يضرب بخفة علها تفيق ولكن دون جدوى فابتعد عنها وعاد حاملاً زجاجة العطر خاصته ثم نثر القليل منها على يده وقربها إلى أنفها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى تململت وهي تضع يدها على رأسها... فتحت عينيها بفزع حينما تذكرت ما رأته قبل فقدانها للوعي فانتفضت عن الاريكة ثم ألقت بجسدها في صدر أمجد وتمسكت به وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالخوف، كم تمنى أن يحرر ضحكاته الأسيرة إلا أنه لم يفعل ذلك حتى لا يغضبها فحاوطها بكلتا يديه وشدد في احتضانها ليهدئ من سرعة نبضاتها ويشعرها بالأمان... وبمجرد أن سكنت بين أحضانه وتوقف جسدها عن الارتجاف الناتج عن الخوف، أبعدها عنها قليلاً ونظر إلى عينيها قائلاً
- لما أنتوا مش قد المشارح بتدخلوها ليه؟
مطت شفتيها بغيظ ووكزته في كتفه ثم هتفت بحدة: أنت رخم بجد
ابتعدت عنه وحملت حقيبتها لتغادر فقرر مشاكستها حينما قال بجدية مصطنعة
- هتخرجي أزاي وفي جثتين قدام الباب؟
ازداد شعورها بالخوف فأدارت جسدها وركضت باتجاهه ثم اختبأت خلفه وجسدها يرتجف من جديد فكتم ضحكته بصعوبة ثم أدار جسده إليها وهتف بجدية
- هغير هدومي وأروحك خليكي هنا لحد ما أرجع
حركت رأسها بالموافقة وهي مازالت ممسكة بثابه فجاهد ليبتعد عنها إلا أنها تمسكت بثيابه أكثر وأكثر فرفع أحد حاجبيه ثم نظر إليها وتابع قائلاً
- يا بنتي سيبي هدومي خليني أروح أغير
- لا ما تسيبنيش أنا خايفة أوي
- يعني هغير قدام يعني؟!!!
- لا عيب
- خلاص سبيني
حررت ثيابه مرغمة فابتعد عنها وغادر المكان قبل أن تمسك به مرة أخرى وما أن دلف إلى غرفته الخاصة، أطلق العنان لضحاته فصدع صوته في أرجاء المكان ثم استرد أنفاسه وأبدل ثيابه... وخلال دقائق قليلة عاد إليها واصطحبها إلى الخارج وهي ممسكة بيده وذراعه بكلتا يديها وظلت هكذا حتى وصلت أمام سيارته فحررت يده ودلفت إلى السيارة دون أن تتفوه ولو بكلمة
- حنين أنتي كويسة؟
حركت رأسها كإشارة بنعم فأدار محرك السيارة وانطلق إلى مطعم فخم يطل على نهر النيل ليعوضها ما حدث إليها
*******
دفع أمير ثمن مشتريات وعد ثم غادر المتجر واصطحبها إلى السيارة وهو يبحث بعينيه عن الشاب الذي كان يلاحقها منذ قليل وتنهد براحة حينما لم يجده فدلف إلى السيارة وأدار محركها ليذهب إلى منزل وعد إلا أنه توقف عندما رأى الشاب من خلال مرآة السيارة يختبىء خلف أحد أعمدة الإنارة فجحظت عينيه بعدم تصديق
- أمير، أمير، أميرررر
فاق أمير من صدمته على صوتها فنظر إليها بعد أن خبئ القلق وقال بهدوء مصطنع
- معاكي
- بقولك يلا علشان ما تتأخرش أكتر من كده
انطلق بسيارته وهو يراقب المرآة الجانبية فرأى الشاب يلاحقهم ما زرع الخوف داخل قلبه، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى أوقف السيارة أسفل منزلها فكادت أن تترجل إلا أنه سبقها وقبض على يدها فأدارت جسدها إليه وتساءلت بقلق
- في حاجة؟
- وعد من اللحظة دي مفيش خروج لوحدك، أول ما هوصل المستشفى هبعتلك العربية التانية بالسواق أنا كده كده نادراً لما بحتاج ليهم
- ليه كل ده؟
- ريحيني يا وعد واوعديني أنك مش هتخرجي من البيت غير وأنا معاكي أو السواق وكمان أكون عارف أنتي رايحة فين وراجعه الساعة كام
ابتلعت ريقها بصعوبة فقد كانت نظراته لا تنذر بالخير فحركت رأسها كإشارة بالموافقة ثم ودعته ودلفت إلى العقار فانتظر أسفله حتى لوحت إليه من الشرفة ثم انطلق إلى عمله وهو يفكر في كل ما حدث
********
في ذات الوقت وصل أمجد إلى وجهته فترجل من السيارة واقترب من باب حنين وفتحه فلم تستطع قدميها أن تحملها فقالت بهدوء لم تعتاد عليه
- مش عارفه أقف
كاد أن ينفجر ضاحكاً لكنه تماسك أمامها ثم مد لها يده وقال بصعوبة: اسندي عليا يا شابه
صرت على أسنانها ورمقته بنظرة نارية ما جعله يفقد السيطرة على ضحكاته التي انقلتت منه لا إرادياً فضربته على يده الممدودة إليها وهتفت بحدة وصوت عال
- أنت معندكش دم على فكرة
- شكلك مسخرة يا حنين، مش قادر
علا صوت ضحكاته أكثر فأكثر فأنضمت إليه وضحكت على جنونها، وما أن استردت أنفاسها نظرت إليه وقالت مازحة
- كان نفسي اتفرج عليك وأعيش مغامرة بس شكلي أتسليت على نفسي
- معلش الحق عليا أنا علشان طاوعتك، يلا يا قمر أنزلي
وضعت كفها بداخل يده وترجلت من السيارة ثم مضت معه إلى الداخل وهو مازال يشاكسها
******
كان حسام يقود سيارته وهو يراقب أمل في صمت فقد غفت على المقعد كطفلة صغيرة أصابها التعب فغفت بمكانها... بعد مرور عدة دقائق أوقف السيارة حينما رأى أشارة المرور باللون الأحمر فاستيقظت أمل وأخذت تفرك عينيها كالأطفال فأسر ابتسامته وقال مازحاً
- صح النوم
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها ثم حررت خصلات شعرها المعقودة فوق رأسها فتلاعب به الهواء وحركه يميناً ويساراً ولامس بعضه وجه حسام فأبعدته إلى الطرف الأخر وقالت برقة
- سوري، ما بحبش أفكه علشان كده بس عندي صداع رهيب
- سلامتك، تحبي نروح أي كافيه وأجبلك قهوة
- لا هروح أنام أحسن
- زي ما تحبي
بعد مرور عشرون دقيقة وصل حسام إلى وجهته فأوقف سيارته داخل أسوار فيلا أمير... طلبت أمل منه الدخول إلا أنه اعتذر منها ليذهب إلى عمله فشكرته ثم ودعته وغادرت إلى الداخل فانطلق عائداً إلى مقر البحث الجنائي لكنه انتبه إلى مفتاح سيارتها الذي سقط من يدها عندما استسلمت إلى النوم منذ قليل فاخذه ثم وضعه في جيبه بعد أن لاحت أمامه فكرة قد تخلصه من عذاب الضمير
*******
بالداخل...
صعدت أمل مُباشرةً إلى غرفة والدتها ثم اقتربت منها وطبعت قبلة على يدها فربتت سلوى على ظهرها وتساءلت بقلق
- طمنيني عملتي إيه؟
- هنبدأ الخطة بعد يومين بأمر الله
- أنا خايفة عليكي يا أمل وفي نفس الوقت عايزاكي تكشفي المجرمين دول، ربنا يسترها معاكي يا بنتي
- أهي الدعوة دي هتخليني أعمل المستحيل بأمر الله
استمرت الثرثرة بين أمل ووالدتها ساعة كاملة ثم غادرت إلى غرفتها وأراحت جسدها على الفراش لتحصل على قسط من النوم لكنها لم تستطع فكلما أغمضت عينيها، تذكرت ما هي مقبلة عليه فتركت الفراش ودلفت إلى الحمام لتتوضأ وتصلي ركعتين لله لييسر لها الأمر
******
في التاسعة والنصف مساءاً خرجت نادين من إحدى غرف العمليات بعد أن سلبت أحدهم أعضائه وقتلته بيديها... نظفت يديها جيداً ثم أبدلت ثيابها لتغادر بعد أن حصلت على مبلغ كبير من المال نظير عملها المحرم... وما أن وصلت أمام سيارتها رأت إبراهيم يقترب من المكان بسيارته فلوت شفتيها بضجر ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها ووقفت في انتظاره
- يا مساء الورد والفل والياسمين على عيون أجمل دكتورة في بحري وقبلي
- أنا زعلانه يا إبراهيم وزعلانه أوي كمان، كام يوم فاتوا وما جبتهاش
- والله غصب عني في واحد ملازمها ليل نهار بس في أول فرصة هجبهالك
ودعته ودلفت إلى سيارتها وهي تشعر ببركان غضب يسري بداخلها فقد تكهنت أن الشخص الذي تحدث عنه هو أمير فأخذت تضرب المقود بيدها مراراً وتكراراً ثم قالت بغضب
- فيها إيه أحسن مني يا أمير؟!!!
ظلت تتساءل وتتساءل ولكن ما من مجيب فانطلقت عائدة إلى منزلها ونيران الغضب تشتعل بداخلها
*******
بالمشفى...
دلف أمجد إلى غرفة أمير بدون سابق إنذار كما اعتاد دائماً لكن أمير لم يعنفه كعادته فاندهش بشدة وتساءل
- أنت تعبان ولا إيه؟
لم يجيبه أمير ولو بكلمة فقد كان يفكر في ما حدث صباحاً مع طفلته الرقيقة... جلس أمجد على المقعد المقابل له وكرر سؤاله بقلق فأراح أمير ظهره على المقعد وقص عليه كل ما حدث فتسرب الخوف أيضاً إلى قلب أمجد وتحدث قائلاً
- هي حاجة تقلق جداً
- أنا خايف يا أمجد، لو حصلها حاجة مش هعيش دقيقة بعدها، كنت فاكر أحساسي بيها مجرد إعجاب أوقات فكرت أنه شفقة بس أنا بحبها وبحبها بجنون كمان
تسرب القلق الساكن داخل قلب أمير إلى أمجد فربت على كتفه ثم وقف عن مقعده وقال: بلاش التشاؤم ده، وما تقلقش أنا هتصرف
- هتعمل إيه؟
- هتشوف حالاً
أخرج هاتفه من جيب بنطاله ثم أجرى اتصالاً بحسام وأخبره بما قاله أمير فانتفض عن مقعده وقال بحدة
- أمير متأكد من الكلام ده؟
- خد كلمه بنفسك
أبعد أمجد الهاتف عن أذنه وأعطاه لأمير فأخذه وتردد في التحدث إلى حسام لكنه نسى كل شيء وتذكر وعد فتحدث إليه وأكد له كل كلمة قالها أمجد فشعر حسام بالقلق على وعد متناسياً كل ما حدث فهتف بثبات
- طيب ما تقلقش أنا هتصرف وهتابع الموضوع بنفسي
- بجد مش عارف أشكرك أزاي
- وعد أختي وزيها زي حنين بالظبط فأكيد مفيش داعي للشكر وخوفي عليها خوف أخ على أخته
أنهى أمير المكالمة ثم أعاد الهاتف إلى أمجد بينما ترك حسام غرفة مكتبه واتجه صوب مكتب أحد زملائه وطلب منه مراقبة منزل وعد دون أن يشعر أحد بوجوده كما طلب منه حمايتها والتدخل أن شعر بالقلق عليها في أي وقت وإخباره بكل صغيرة وكبيرة في هذا الشأن... وما أن عاد إلى مكتبه وجد العسكري في انتظاره فهتف متسائلاً
- خلصت؟
- كله تمام يا حسام باشا والعربية بقت زي الفل
- ممتاز، هكتبلك العنوان اللي هتوصلها فيه
أعطاه حسام عنوان منزل أمل فقد قام بتصليح السيارة ليكفر عن ما فعله معها وبمجرد أن انصرف العسكري جلس على مقعده وأخذ يفكر في وعد والخطر المحيط بها فتسرب الشك إلى قلبه وردد في نفسه
- معقول منيرة تكون عايزه تخلص منها
جحظت عينيه بصدمة ثم كور قبضة يده وضرب بها على سطح المكتب متوعداً لتلك الحرباء
*******
بعد مرور ما يقارب الساعة تململت أمل في الفراش حينما استمعت إلى صوت طرق على باب غرفتها ففتحت عينيها بصعوبة ثم اعتدلت في جلستها وهي تشعر بألم حاد يكاد أن يفتك برأسها... وما أن تجدد صوت الطرق على باب الغرفة سمحت للطارق بالدخول فدلفت الخادمة حاملة باقة من الزهور بيد وباليد الأخرى ظرف ثم اقتربت من أمل وأعطتها ما بيديها فاندهشت بشدة وتساءلت
- إيه دول؟
- في واحد لابس لبس ميري جه من شواية سايق عربية حضرتك وطلب مني أوصلك دول
- عربيتي أنا؟
تساءلت ببلاهة فأكدت لها الخادمة ما سمعته ثم انصرفت إلى عملها ففتحت الظرف ووجدت بداخله مفتاح سيارتها ورسالة فابتسمت حينما علمت أن كل ذلك من فعل الهمجي الذي تخلى أخيراً عن تصرفاته الطائشة وتحول في نظرها إلى كائن تستطيع الاقتراب منه دون أن تتعرض لأنيابه الحادة المتمثلة في لسانه اللازع
"إلى الصحفية العظيمة أمل أحمد نور الدين..
جنابك لما نمتي المفتاح وقع في عربيتي فقولت أعمل معاكي حركة جدعنه وأصلحلك العربية وده تكفير عن اللي عملته معاكي يوم كتب الكتاب وفي الاجتماع، والورد كمان اعتذار واعتقد كده خالصين، في كمان في الظرف شريحة متسجل عليها أرقام خاصة فقط بالعملية اللي هنبدأ فيها منهم رقمي ورقم اللواء نجدت وبعض القيادات اللي ممكن تلجأي ليهم لو حصل أي طارئ.. أما الرقم اللي في الأخرررررر خالص فده رقمي العادي اللي مع كل الناس فمفيش مشكلة أزود الناس دول صحفية أسمها أمل"
ابتسمت أمل أثر مزحته الأخيرة ثم أمسكت هاتفها وأجرت اتصالاً بهاتفه... في ذات اللحظة كان حسام يجوب غرفة مكتبه ذهاباً وإياباً وهو يفكر في الخطر المحيط بوعد، وما أن صدع صوت رنين هاتفه فاق من شروده وأجاب بصوت رجولي حاد
- مين معايا؟
أبعدت أمل الهاتف عن أذنها ومطت شفتيها بضجر ثم تمتمت في نفسها: أعوذ بالله شكل الحالة رجعتله والشرير اللي جواه رجع
كرر سؤاله بعصبية ملحوظة فأجابته بغضب: أنا اللي بتكلم، كنت متصله أشكرك على العربية والورد بس واضح أن الوقت مش مناسب، مع السلا
قاطعها قائلاً بهدوء: أسف في مشكلة في الشغل عصبتني شوية
- ماشي، عموماً أنا متشكرة جداً وعايزه أعرف العربية أتكلفت كام علشان
قاطعها مرة أخرى لكن تلك المرة لم يتحدث بهدوء كالمرة السابقة بل هتف بحدة وصوت عال
- هو أنا هاخد منك تمن الهدية ولا إيه؟
ابتلعت ريقها حينما استشعرت استيقاظ الوحش الساكن بداخله فهتفت بصوت مرتعش
- مش مش مش قصدي بس يعني أنا
قاطعها للمرة الثالثة قائلاً بحزم: خلاص يا أمل بلاش كلام كتير في الموضوع ده، يلا أقفلي علشان عندي شغل
ودعته وأنهت المكالمة ثم ألقت بالهاتف إلى جوارها ورددت بخفوت: يا ساتر عامل زي البوتاجاز اللي من غير جلدة فجأة بيهب في وش الواحد
*******
رحل الليل بظلامة وسطعت الشمس لتنير الكون ومع أول ضوء لأشعتها استقرت سيارة تابعة للشرطة أسفل عقار وعد لتراقب ما يحدث... كان الشاب الذي يراقب وعد نائماً داخل سيارته فلاحظه أحد الضباط وأخذ الأرقام الخاصة بالسيارة ثم أرسلها إلى حسام فطلب من زميل له داخل إدارة المرور بالكشف عن بيانات مالكها...
في التاسعة صباحاً أوقف أمير سيارته أمام العقار وبمجرد أن ركبت وعد انطلق إلى الجامعة فلحق بهم الشاب كما تحركت خلفهم سيارة الحراسة بعد أن تأكدوا من شكوكهم... وما أن وصل أمير إلى الجامعة ترجل من السيارة وانتظر حضور حنين ليذهب إلى عمله بالمشفى
- يا أمير روح شغلك وحنين خلاص على وصول
- لا هفضل معاكي لحد ما حنين تيجي وهوصلكم لحد القاعة كمان
جحظت عينيها بعدم تصديق وكادت أن تعترض لكنه سبقها وأردف قائلاً: معلش استحمليني اليومين دول
بالخارج ترجل الشاب من سيارته ثم ذهب لشراء الطعام وخلال دقائق قليلة عاد إلى السيارة وجلس بداخلها في انتظار وعد كعادة كل يوم عله يحقق هدفه وتسنح له الفرصة لاختطافها... بلغ ضباط الحراسة كل ما حدث إلى حسام فقرر استخراج مذكرة رسمية للمراقبة ومتابعة المتهم إلى أن يتم القبض عليه واستجوابه، ولم تمض سوى ساعة واحدة حتى حصل على إذن من النيابة بمراقبة الهدف وإحضاره بمجرد إثبات التهمة الموجهة إليه ثم انطلق بسيارته إلى الجامعة حيث ينتظره أمير بالداخل
*******
في ذات الوقت كانت أمل تجوب مركز تجاري فخم بحثاً عن هدية
تعادل ثمن بطارية السيارة لكي تقدمها إلى الهمجي الذي أشعل غضبها بكلماته أثناء مكالمتهم الأولى والتي تتمنى أن تكون الأخيرة... وقعت عينيها على ساعة فخمة وباهظة الثمن من أشهر الماركات فقررت شرائها والذهاب إلى مكتبه بعد انتهاء عملها لتعطيه إياها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت المتجر وبيدها علبة فخمة بداخلها الساعة ثم اتجهت صوب سيارتها وهي تردد في نفسها
- أهو الساعة قدام البطارية وميبقاش الهمجي ده عملي جميله
دلفت إلى السيارة ثم انطلقت لتذهب إلى عملها وطوال الطريق ظلت تفكر في الهمجي غريب الأطوار الذي يعاملها بلطف تارة وبهمجية تارة أخرى
*******
داخل أسوار الجامعة جلس أمير على أحد المقاعد واضعاً رأسه بين كفيه فربت حسام على كتفه وقال بهدوء
- مش هتيجي غير كده، مستحيل نقبض عليه علشان راكن عربيته قدام الجامعة لازم نقبض عليه وهو متلبس
- مش هقدر يا حسام أفرض عمل فيها حاجة
- هيعمل إيه وإحنا هنفضل وراها، قولت إيه؟
حرك أمير رأسه مرغماً كإشارة بالموافقة ثم أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بهاتف وعد فأجابت قائلة
- كنت لسه هكلمك
- خلصتي المحاضرة؟
- أيوه وهروح على طول بلاش تيجي تاخدني
أغمض عينيه بأسى ثم أخبرها أن لديه عمل هام منعه من العودة لاصطحابها وطلب منها العودة بمفردها إلى المنزل فامتثلت إلى رغبته وغادرت برفقة حنين، بينما ركب هو سيارة حسام حتى لا يشك الشاب بشيء فهو يعرف جيداً سيارة أمير.... أوقفت حنين إحدى سيارات الأجرة وركبتها لتعود إلى المنزل بينما وقفت وعد في انتظار الحافلة، فأدار الشاب محرك السيارة وانتظر حتى استقلت الحافلة ولحق بها فتبعهم حسام بسيارة وكذلك سيارة المراقبة الخاصة بالشرطة... بعد مرور ما يقارب نصف الساعة ترجلت وعد من الحافلة ومضت إلى المنزل سيراً على الأقدام فلحق بها الشاب بعد أن ترجل هو الأخر من سيارته وانتظر حتى مرت من شارع لا يوجد به سواهم ثم اقترب منها بشده وكمم فمها بيده واستعد لوضع القطنة المبللة بالمخدر باليد الأخرى فحاولت التملص منه ولكن دون جدوى فظن أن خطته سارت على ما يرام إلا أنه تفاجأ بحسام يصوب فوهة سلاحة صوب رأسه وتجمع حوله العديد من الضباط فحررها ورفع يديه لأعلى باستسلام، بينما اقتربت وعد من أمانها والملاذ الوحيد إليها حتى استقرت أمامه وألقت بجسدها في صدره فحاوطها أمير بكلتا يديه وشعر بغصة في قلبه حينما رأى الخوف الساكن داخل مقلتيها والدموع التي تنساب بغزارة على وجنتيها
معادنا بكرة بأمر الرحمن مع أولى المفاجأت 😉😉
#طريقي بقرك منى_سليمان
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
No comments:
Post a Comment