سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, February 19, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 19, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الخامس عشر - بقلمي منى سليمان 

* مشاعر دافئة *

انتفضت منيرة عن الفراش وابتعدت والصدمة مازالت تسيطر على قسمات وجهها فاقترب إبراهيم منها وحاوط خصرها بذراعه ثم قربها منه بشدة وقال بهدوء 

- مش عايزانا نفضل مع بعض على طول؟ 
- عايزنا نقتل؟! 
- الموضوع مش زي ما أنتي فاهمه، أهدي كده وهحكيلك كل حاجة 

مضت معه إلى الفراش وجلست على حافته فجلس هو الأخر ثم بدأ يقص عليها تفاصيل الخطة الشيطانية التي تجول في خاطره

*******

انتهت حنين من ارتداء ثيابها وهمت أن تغادر الغرفة لكنها استمعت إلى صوت طرق على بابها... فتحت الباب وتفاجأت برؤية حسام يقف أمامها والحزن يسطير على قسمات وجهه ثم دلف إلى الداخل وأغلق الباب، وقبل أن تتحدث سبقها وقال بنبرة صوت حزينة

- مش قادر استحمل يا حنين

مطت حنين شفتيها بحزن ثم اقتربت منه وربتت على كتفه وهي تقول

- خلاص يا حسام مبقاش في أمل ولازم تفهم أن نصيبها مش معاك
- عارف بس مش قادر حاسس أني مخنوق
- خلاص أول ما يخلصوا كتب الكتاب نمشي وتعالى نخرج سوا، نروح نقعد عند النيل وبعدين نتعشى زي زمان في الحُسين، إيه رأيك؟ 

ابتسم حسام على براءة شقيقته بالرغم من بركان الغضب الكائن بداخله، ثم اقترب منها وطبع قبلة على مقدمة رأسها 

- بعد كتب الكتاب همشي وخليكي هنا النهارده، محتاج أكون لوحدي
- بس

قاطعها قائلاً بحنان: ما تقلقيش عليا بكرة هاجي أخدك وصدقيني هكون نسيت كل حاجة، يلا نخرج وأنتي زي القمر كده

تأبطت حنين في ذراع شقيقها ثم وقفت على أطراف أصابعها وطبعت على وجنته قبلة رقيقة... مضت معه إلى الخارج وما أن وقعت عينيّ أمجد عليها أتسع فاه من شدة جمالها ولكن أعاده صوت سلوى إلى أرض الواقع

- أقفل بوقك لأخوها يقتلك

قالت كلماتها بصوت خفيض فتحدث أمجد معها بذات الصوت الخفيض

- حسي بيا يحس بيكي ربنا، كل ما أقول خلاص لقتها تطفش لما تعرف أني مشرحجي على رأي ابنك يا خالتي

لم تستطع سلوى أن تأسر ضحكتها فانفجرت ضاحكة وأنضم أمجد إليها فاندهش الجميع وقال أمير بغضب مصطنع 

- بتعاكس أمي؟!! 
- وأنت مالك خالتي وأنا حر فيها
- بس يا مش

توقف أمير عن إكمال كلماته حينما رفع أمجد كلا حاجبيه في رجاء فابتسم أمير وتابع قائلاً 

- هسكت المرة دي وأمري لله

جلست حنين إلى جوار أمل فتابعها أمجد بعينيه علها تنظر إليه لكنها لم تفعل واصطنعت الانشغال بالحديث مع أمل فعلم أنها مازالت غاضبة وقرر مصالحتها حينما تسنح له الفرصة 

********

في منزل إبراهيم.... 
جحظت عينيّ منيرة في عدم تصديق فأسرع إبراهيم باحتضانها ثم طبع قبلة على عنقها وهو يقول 

- نفسي تفضلي معايا على طول وما تقلقيش على ولادك هدخلهم أحسن مدرسة داخلي في مصر، قولتي إيه؟ 

ابتعدت عنه والصدمة تسيطر على قسمات وجهها ثم ابتلعت ريقها بصعوبة وتلعثمت قائلة

- ط طيب سيبني أفكر 
- على أقل من مهلك، المهم خلينا نركز في المهم دلوقتي

قالها ثم غمز لها بوقاحة فضحكت بدلال واستسلمت لرغباته المحرمة 

*******

في منزل سوسن... 
نظر الشيخ إلى ساعة يده فتابعته وعد بعينيها وهي تفرك أناملها ببعضها البعض فأمسك أمير بكفيها بين كف يده وقال بهدوء 

- هيجي ما تقلقيش

ابتسمت له فبادلها بغمزة من عينه كانت كفيلة بإشعال حمرة وجنتيها فابتسم ورفع يدها لتستقر عن شفتيه وطبع على أطراف أصابعها قبلة رقيقة أشعلت نيران الغضب داخل قلب حسام وكاد أن يقوم عن مقعده لكن قاطعه صوت رنين الجرس، فنظر أمير إلى وعد وأردف قائلاً 

- مش قولتلك هيجي

تركت سوسن مقعدها وهمت أن تتجه صوب باب الشقة، لكن سبقتها حنين وفتحت الباب ثم صرخت بسعادة 

- طنط رمزية 

ما أن وصل الأسم إلى مسامع وعد، انتفضت عن مقعدها وركضت باتجاه باب الشقة فأفسحت لها حنين المجال لترتمي بين أحضان والدتها... عانقتها رمزية بحنان وأخذت تستنشق عبير خصلات شعرها، بينما تمسكت بها وعد وانهمرت الدموع بغزارة على وجنتيها وظلا هكذا حتى اقتربت سوسن منهما وهتفت بهدوء 

- نورتي يا رمزية 

ابتعدت وعد عن والدتها فصافحت الأخيرة سوسن بإمتنان، وما أن أدرات جسدها تفاجأت بوجود الجميع بالإضافة إلى الشيخ فقالت باندهاش

- هو في إيه؟ 
- أنا خوفت أكلمك علشان جوزك بس كنت هقولك أول ما تتصلي
- أنا مش فاهمة حاجة؟ 
- تعالي معايا يا رمزية، وحضرتك كمان يا مدام سلوى أتفضلي وأنت يا حسام 

قالتها سوسن ثم مضت إلى غرفتها وتبعتها الجميع بالإضافة إلى أمل، بينما عادت وعد لتجلس إلى جوار أمير فمال على أذنها وقال بخفوت

- أخر مرة أشوفك بتعيطي وإلا هيكون ليا تصرف تاني وده أخر تحذير

غمز لها بمشاكسة فابتسمت لها وقالت بسعادة: حاضر

- تعالي نقعد في البلكونة على ما يرجعوا

مضت وعد برفقة أمير إلى الشرفة، فاستغل أمجد الفرصة التي ظهرت إليه من العدم واقترب من حنين ثم جلس إلى جوارها وقال 

- إيه الجمال ده كله

لم تعيره أي اهتمام وهمت أن تقوم عن الأريكة، لكنه لم يسمح لها بذلك فجذبها من معصمها وأجلسها مرة أخرى ثم تابع قائلاً 

- أنا أسف مكنش قصدي أزعلك 

ارتسمت ابتسامة على شفتيها حينما شعرت بالرضا دون أن تنظر إليه فتابع قائلاً 

- مش ناوية تسوقي العربية تاني؟ 

حركت رأسها يميناً ويساراً بالنفي فرفع أحد حاجبيه في عدم تصديق وقال مازحاً 

- وده من إيه؟ 
- أصل أنا وعدت واحد كده معرفوش أني مش هسوق العربية تاني غير لما أتعلم واخد رخصة 
- اللي متعرفيهوش ده طويل كده وأبيضاني وحليوه وعيونه بني

اصطنعت حنين التفكير العميق وأخذت تفرك جبهتها بأطراف أناملها ثم نظرت إليه وهي تأسر ابتسامتها وقالت

- مش فاكره، أصله مش حد مهم أوي يعني

عقد أمجد بين حاجبيه واصطنع الغضب فارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيها وتابعت قائلة 

- خلاص خلاص هو، أنا هقوم أشوفهم بيعملوا إيه
- ممكن أكلمك بالليل؟ 
- أكييييييد

ابتسم أمجد فتابعت قائلة: لا

تركت مقعدها قبل أن يفتك بها فحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونها ثم أمسك هاتفه وأرسل لها رسالة نصية

(على فكرة هكلمك وهتردي) 

قبل أن تدلف حنين إلى غرفة سوسن صدع صوت رنين هاتفها معلناً عن وصول رسالة فدلفت إلى غرفة وعد وقرأتها ثم أرسلت إليه واحدة 

(مغرور أوي على فكرة) 

قرأها وابتسم ثم كتب لها (ده مش غرور دي ثقة) 

قرأتها ورفعت أحد حاجبيها وأرسلت (مش هرد وهدمر ثقتك) 

رفع كلا حاجبيه في عدم تصديق وكتب (هنشوف) 

ضيقت بين حاجبيها في غضب وكتبت (هنشوف) 

قرأها وابتسم بمكر ثم أعاد هاتفه إلى جيب بنطاله، بينما تركت هي الغرفة واتجهت صوب غرفة سوسن وطرقت بابها ثم دلفت إليها واستمعت إلى رمزية تقول

- عيني عليكي يا بنتي، أخرتها تتجوزي يوم ما تمي ١٨ سنة زي ما حصل مع أمك وكمان كنت هعرف بالصدفة زي الغريب

كادت سوسن أن تتحدث لكن سبقتها سلوى وقالت بهدوء وصوت دافئ

- أسمعيني يا حبيبتي وعد هتكون في عينيا وغلاوتها هتبقى من غلاوة أمل، ولو يوم أمير فكر بس يزعلها هقف في وشه مع أن ابني مفيش في أدبه وتربيته، ها قولتي إيه؟ 

مسحت رمزية دموعها بكلتا يديها ثم ربتت في يد سلوى وأجابتها بذات الهدوء قائلة 

- ربنا يريح قلبك ويباركلك في أولادك 
- طيب يلا بقى خدي بنتك في حضنك وباركيلها علشان تفرح
- أنا ما صدقت جوزي سافر علشان أجي يوم عيد ميلادها بس لقيتكم كلكم جمبها وده أكيد مفرحها
- بس وجودك عندها بالدنيا، يلا نفرح 

قالتها سوسن ثم قبضت يدها برفق على معصم رمزية وغادورا جميعاً إلى الخارج... وبعد مرور عدة دقائق اختلت رمزية بابنتها لتتحدث إليها 

********

في ذات وقت أوقف يحيى سيارته أسفل عقار وعد ثم ترجل منها وفتح الباب الخلفي لينزل منها ولديه... دلفوا جميعاً إلى العقار وصعدوا إلى شقة سوسن فتنفس يحيى بعمق ثم ضغط زر الجرس... اتجهت سوسن صوب باب الشقة وفتحته فقال يحيى 

- مساء الخير 

رمقته سوسن بنظرة اشمئزاز وأشارت إليه ليدلف إلى الداخل دون أن تتفوه ولو بكلمة فابتلع ريقه ودلف إلى الداخل... اقترب منه أمير وصافحة عدا جميع الحاضرين فنظر إلى أمير وأردف قائلاً 

- أتأخرت علشان الأولاد صمموا يجوا معايا
- أنا عايز أشوف وعد 
- وأنا كمان

قالها مصطفى وعبد الرحمن ولدي يحيى فاقتربت حنين منهما وقالت مازحة

- تعالوا يا قرود أدخلكم عندها
- بحبك أوي يا حنين

قالها عبد الرحمن ثم جذبها ليطبع قبلة على وجنتها وفعل مصطفى المثل فلوى أمجد شفتيه بضجر وقال 

- العيال صيع زي أبوهم 

مضى الولدين برفقة حنين إلى غرفة وعد التي كانت تجلس برفقة والدتها، بينما بالخارج بدأ الشيخ في إجراءات عقد القران

*******

دلفت حنين إلى الغرفة وقبل أن تتحدث تخطاها الولدين وركضا باتجاه وعد فعناقتهما بحنان وبكت عيناها رغماً عنها وهي تقول

- وحشتوني أوي
- وأنتي كمان وحشتنيا
- أوي أوي يا وعد، مش هترجعي تلعبي معانا؟ 

ابتسمت وعد على براءتهما ثم ابتعدت عنهما ومسحت دموعها ثم أجابته بهدوء 

- هاجي أكيد 
- وعد يا وعد؟ 
- وعد يا عيون وعد

تابعت رمزية ما يحدث أمامها في صمت ثم بكت حينما تذكرت جنينها الذي قتله يحيى قبل أن يولد فاقتربت منها حنين وربتت على كتفها ثم أشارت إلى مصطفى وعبد الرحمن وقالت

- سلموا على طنط مامت وعد
- إيه ده يا حنين دي هتبقى ماما؟ 
- ليه بتقول كده يا مصطفى؟ 
- وعد أختنا ومامتها يعني أمنا

ابتسمت رمزية ثم أمسكت يد مصطفى وباليد الأخرى قبضت برفق على يد عبد الرحمن وهتفت بحنان

- أنتوا حلوين أوي، ربنا يحفظكم 

ابتسم لها الولدين ببراءة فطبعت قبلة على ظاهر يد كل واحد منهم وتابعت برقة

- يلا روحوا مع حنين هتديلكم شيكولاتة 

غادر الولدين برفقو حنين فاقتربت وعد من والدتها وطبعت قبلة على مقدمة رأسها وأخرى على ظاهر يدها ثم قالت بصوت دافئ

- أنتي طيبة أوي يا ماما
- دول ملايكة ملهومش ذنب، منها لله أمهم 

********

بعد مرور عدة دقائق انتهى الشيخ من عقد القران وعلّا صوت الفرح في أرجاء المكان، وبعد أن تلقى أمير التهاني من الجميع مال يحيى على أذنه وقال 

- ممكن أشوف وعد؟ 

ارتبك أمير بشدة لأنه يعلم جيداً رأي وعد فتدخل أمجد في الحديث وهتف ببرود

- هناخد رأيها الأول
- اه فعلاً هدخل أشوف رأيها

اتجه أمير صوب غرفة وعد وطرق بابها ثم دلف إلى الداخل واقترب من منها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره... وقف أمامها وكاد أن يتحدث لكن سبقته والدة وعد حينما قالت 

- ألف مبروك يا عريس
- الله يبارك في حضرتك، وعد في عينيا
- ربنا يسعدكم، أنا لازم أمشي

ودعت رمزية ابنتها ثم غادرت فاقترب أمير من صغيرته أكثر حتى أصبح لا يفصل بينهما شيء فهبط بشفتيه إلى مقدمة رأسها وطبع عليها قبلة حانية ثم ابتعد عنها وابتسم حينما رأى حمرة وجنتيها

- مبروك يا وعد 
- الله يبارك فيك
- أنا مبسوط أوي علشان يوم جوازنا هو نفس يوم ميلادك

أخرج من جيب بنطاله علبة فخمة ثم فتحها فاندهشت بشدة وقالت 

- إيه ده؟ 
- شبكتك 
- بس أنا مش عايزه

قاطعها قائلاً بحزم: ولا كلمة زيادة 

وضع العلبة على المنضدة ثم أمسك يدها وألبسها خاتم الخطبة وطبع قبلة على ظاهر يدها، ثم ألبسها الأسوارة وطبع واحدة أخرى ولكن على باطن يدها... أحضر القلادة وألبسها إياها واقترب في محاولة منه لاقتطاف قبلة من شفتيها لكنها لم تسمح له بذلك وابتعدت عدة خطوات إلى الوراء فحك مؤخرة رأسه بأنامله وهتف بهدوء 

- أسف
- محصلش حاجة 
- فعلاً 

قالها بغيظ واضح فابتسمت بخجل دون أن تنظر إليه فاقترب منها مرة أخرى وأردف قائلاً 

- والدك كان عايز يشوفك و

توقف عن إكمال كلماته حينما رفعت بصرها إليه ورمقته بنظرة نارية 

- مش عايزه أشوفه
- بس هو جه زي ما وعدني و

قاطعته قائلة بحدة تحمل الحزن بطياتها: جه علشان يخلص مني ومن مسئوليتي، عرفت جه ليه، صحيح أمي كمان ما وقفتش جمبي بس ده غصب عنها، بعد ما طلقها ورماها نامت في الجوامع علشان ملهاش حد ولما أتجوزت جوزها كان مطلق مراته وللأسف رجعلها وبقت أمي جارية لا حول لها ولا قوة بس على الاقل بتسأل عليا وأفتكرتني يوم ميلادي لكن هو لا، لا يا أمير 

خرج أسمه من بين شفتيها بنبرة صوت حزينة ثم تسللت دمعة من عينها وسالت برفق على وجنتها فما كان منه إلا أنه جذبها إلى صدره وحاوطها بحنان 

********

بالخارج... 
ودعت رمزية الجميع وهمت أن تغادر دون أن تعير نظرات يحيى أي اهتمام... تأملها بإعجاب شديد فهي ما تزال تحتفظ بجمالها الخلاب وتساءل في نفسه كيف تركها وألمها بتلك الطريقة، لكن أعاده صوت ولديه إلى أرض الواقع واندهش بشدة حينما رأى رمزية تودعهما بحنان فابتلع ريقه وتحدث في نفسه قائلاً 

- أنا أغبى إنسان في الدنيا

********

ابتعد أمير عن وعد ثم رفع وجهها لتتقابل أعينهم في نظرة ساحرة فغمز لها بمشاكسة وهتف بحنان

- محدش هيقدر يجبرك على حاجة طوال ما أنا موجود، يلا جهزي نفسك علشان هنخرج

لم ينتظر ردها وغادر الغرفة ثم اتجه صوب يحيى وأخبره بعدم رغبة وعد في رؤيته فزادت الحسرة بقلب يحيى ثم اصطحب ولديه وغادر المكان وهو يشعر بالندم ولكن بعد فوات الأوان.... في ذات اللحظة استأذن أمير من سوسن ليصطحب وعد في نزهة فوافقت ثم طلب من أمجد أن يعيد والدته وشقيقته إلى الفيلا وقتما يشاءوا

*********

بعد مرور عدة دقائق غادرت وعد برفقة أمير فانطلق إلى مطعم فخم مطل على نهر النيل، وما هي إلا دقائق حتى أوقف سيارته وترجل منها ثم اتجه صوب بابها وفتحه... مد لها يده فوضعت كفها بداخلها وترجلت هي الأخرى فجذبها بخفة لتتأبط ذراعه ثم دلفوا سوياً إلى المكان... طالعت وعد المكان بإعجاب فشعر هو بالسعادة لرؤيته سعادتها... تناولت الطعام وسط أجواء ساحرة وتعرف كل واحد منهم بالأخر... وما أن فرغ أمير من تناول الطعام ترك مقعده وتقدم منها فتعلقت عينيها بعينيه... ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساحرة ثم مد يده وأمسك يدها ليجذبها بخفة بين أحضانه... توسط حلبة الرقص وبدأ يتمايل معها على أنغام موسيقي هادئة.... خفق قلبها بسرعة لم تعتادها من قبل وكان شعورها بالخجل يفوق طاقتها فجاهدت لتخبئ عينيها عنه لكنه لم يسمح لها بذلك.... كانت نظراته كسهام عشق أصابت قلبها قبل عينيها... نسى الزمان وأنساها معه فلم تشعر بنفسها إلا وهي تسند رأسها على كتفه ماجعل الربيع يسري بداخله وزادت البسمة التي لا تفارق شفتيه وهي إلى جواره، فكيف حاله وهي بين أحضانه... أغمض عينيه واستنشق عبير عطرها لتأخذه معها في عالم لا يوجد به سواهم لينعم كل منهم بمشاعر دافئة

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

طريقي بقربك/منى سليمان

February 19, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الرابع عشر - بقلمي منى سليمان

* عقد قران *

أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي يسكنه أمجد ثم ترجل منها واستقل المصعد إلى شقة ابن خالته ودلف إليها بالمفتاح الخاص به... اتجه صوب المطبخ وأحضر كوب من المياه ثم دلف إلى غرفة أمجد على أطراف أصابعه حتى استقر أمامه وسكب المياه فوق رأسه... انتفض أمجد عن نومته وجحظت عينيه في هلع، وما أن استرد أنفاسه وقع نظره على أمير فرمقه بنظرة غيظ وهتف وهو يستعد للركض خلفه

- اه يا ابن ال

ركض أمير بكل ما أوتي من سرعة ولحق به أمجد وهو يتعود له، لكنه لم يستطع الإمساك به فتابع بحدة 

- هات مفتاح الشقة، أنا غلطت لما أديتك نسخة
- لا 

قالها أمير ببرود ليزيد غضب أمجد فأمسك الأخير بحذائه وقذفه في رأس أمير فتأوه الأخير وهو يقول

- اه منك لله 
- أحسن كده خالصين

لوى أمير شفتيه بضجر فاقترب منه أمجد وربت على كتفه وقال بهدوء 

- تعيش وتاخد غيرها يا عريس
- منك لله، أتنيل أدخل غير هدومك علشان ننزل

ابتعد أمجد خطوات قليلة إلى الوراء وهو يفرك جبينه بأطراف أنامله عله يتذكر أمراً ثم هتف متسائلاً 

- هو أحنا اتفقنا نروح في حته وأنا ناسي؟!! 

اقترب منه أمير وضربه بخفة على رأسه وأجابه بغضب قائلاً 

- أنجز علشان نروح للمأذون نتفق معاه وهروح أشتري بدلة 
- طيب، خدام أبوك أنا 

قال أمجد كلماته الأخيرة بخفوت وهو يتجه صوب غرفته، ولكن وصلت كلماته إلى مسامع أمير فابتسم وهتف في نفسه

- أهبل أوي

********

في منزل وعد... 
غفت أمل على الفراش فتأملتها حنين في صمت ثم مالت على أذن وعد وقالت بصوت خفيض

- بت يا وعد
- إيه؟ 
- أمل دي حلوة أوووووووي، عقدتني هي بس تهتم بنفسها ولبسها وهتبقى صاروخ أرض جو عابر للقلوب

ابتسمت وعد على كلمات صديقتها المجنونة ثم تحدثت بذات الصوت الخفيض

- بتعاكسيها يا هبله
- البت قمر، أحلى من أخوها مع أن أخوها حلو أوي وأمور أوي أوي أوي و

توقفت حنين عن إكمال كلماتها حينما تقابلت عينيها بالشرار المنبعث من عينيّ وعد، فابتسمت ببلاهة وأردفت قائلة

- بهزر 
- طيب قومي نساعد ماما سوسن بدل ما أفتح دماغك

ضحكت حنين ببلاهة وفشلت جميع محاولات وعد في إسكاتها حتى لا تفيق أمل، لكن باءت جميع محاولتها بالفشل، فتململت أمل في الفراش ثم فتحت عينيها وقالت بغيظ

- حرام عليكوا سيبوني أنام ده أنا واخده أجازة بالعافية، هلاقيها منكم ولا من أخويا المجنون

شعرت وعد بالإحراج فقبضت على معصم حنين واتجهت صوب باب الغرفة وأخرجتها ثم لوحت بيدها مودعة إلى أمل وغادرت هي أخرى مغلقة الباب خلفها فابتسمت أمل وهتفت بسعادة 

- وعد دي طيبة أوي

********

مضت الدقائق والساعات في استعداد الجميع لعقد القران.... 
انتقى أمير حلة سوداء شديدة الرقي ثم اصطحبه أمجد إلى مكتب الشيخ للاتفاق على موعد عقد القران

أنهى حسام عمله في عُجالة وحصل على إذن بالانصراف ثم عاد إلى المنزل وانتقى أفخم ثيابه للذهاب إلى منزل سوسن

جهزت سلوى كل ما يلزمهم واتفقت مع متجر حلويات شهير لإرسال الحلويات إلى منزل وعد

* انتهت سوسن من تنظيف المنزل وتزيينه بمساعدة وعد وحنين ثم أبدلت ثيابها لتذهب لشراء بعض الحلويات والمستلزمات اللازمة لعقد القران ولكن أصرت وعد على الذهاب معها وكذلك حنين تاركين أمل بمفردها فقد كانت نائمة

*********

أوقف حسام سيارته أسفل عقار وعد، ترجل منها وحمل باقة الزهور من المقعد الخلفي ثم توجه صوب المدخل وصعد إلى الشقة، وقبل أن يضغط زر الجرس، تنفس بعمق وتمنى من الله ألا يظهر الحزن على قسمات وجهه ثم استجمع شجاعته وضغط زر الجرس... في تلك اللحظة استيقظت أمل وغادرت الغرفة لتبحث عن أهل المنزل لكنها لم تجد أحد فاتجهت صوب باب الشقة وفتحته.... وجد حسام نفسه يقف أمام فتاة أقل ما يقال عنها جميلة، ببضاء، رقيقة، صاحبة عيون خضراء مائلة للزرقة وشعر بني ناعم... أما هي فرأت شاب طويل مفتول العضلات وصاحب جسم رياضي، يختلط سواد شعره بخصلات بيضاء ذاته هيبه ووقار فهتفت برقة

- أقدر أساعد حضرتك في حاجة؟ 

رجع قليلاً إلى الخلف ليتأكد من رقم الشقة ثم نظر إليها وهتف متسائلاً 

- طنط سوسن موجودة؟ 
- على الأغلب لا
- طيب وعد؟ 
- على الأغلب برضو لا 

لاحت على شفتيه شبه ابتسامة ثم أكمل حديثه قائلاً: يبقى حنين على الأغلب كمان لا

- كنت لسه هقولها
- تمام هنتظرهم في العربية، بعد أذنك

قالها بصوته الرجولي ثم غادر دون أن ينتظر منها رد فأغلقت الباب واتجهت صوب الغرفة وهي تتمتم

- إيه الهيبة دي، لسه في رجالة ليهم هيبة كده

*******

بعد مرور عدة دقائق رأى حسام شقيقته تعود برفقة وعد وسوسن فترجل من السيارة حاملاً باقة الزهور ثم تقدم منهن وأعطى الباقة إلى وعد وحمل عنهن كل ما قاموا بشرائه وسبقهن إلى الشقة، وما أن طرق الباب مرة أخرى فتحت أمل ثم أفسحت له المجال ليدلف إلى الداخل بعدما رأته يحمل أشياءً كثيرةٌ فوضع ما معه على أقرب منضدة ثم نظر إليها وهتف 

- الجماعة طالعين ورايا

حركت أمل رأسها بتفهم ثم أشارت إليه ليجلس فاتجه صوب أقرب مقعد وجلس عليه، فجلست هي على المقعد المقابل له... لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى دلفت سوسن إلى الشقة برفقة وعد وحنين فاقتربت الأخيرة من حسام وطبعت قبلة على وجنته وهي تقول

- وحشتني أووووووي

ابتسم لها بهدوء وتحدث قائلاً: وأنتي كمان وحشتيني يا قردة

اندهشت أمل من فعلة حنين لكنها لم تعلق بل تابعت باقي الحديث الذي يدور بينهما 

- تحبوا أساعدكم في حاجة؟ 
- تسلم يا ابني، أرتاح على ما حضرلك حاجة تاكلها 
- بس

قاطعته سوسن قائلة بهدوء: مش هقبل بالاعتراض

- هاجي أساعدك يا أجمل طنط

قالتها حنين ثم دلفت إلى المطبخ لتساعد سوسن فنظر حسام إلى وعد وتحدث بهدوء وابتسامة مصطنعة

- مبروك يا وعد 
- الله يبارك فيك، عقبالك

ازداد اندهاش أمل حينما وصلت كلمة وعد الأخيرة إلى مسامعها فقد اعتقدت أن هناك قصة عشق تربط بينه وبين حنين، لكنها فاقت من شرودها حينما انتبهت إلى صوت وعد

- أقدملك الرائد حسام أخو حنين، ودي يا حسام أمل أخت أمير

تبدلت قسمات وجه حسام حينما وصل أسم أمير إلى مسامعه، بينما اقتربت منه أمل لتصافحه فعبس بشدة وهتف بغيظ

- ما بسلمش على ستات

أتسع فاه أمل من وقاحة كلماته ثم ابتعدت واتجهت إلى غرفة وعد وهي تتمتم

- إيه قلة الذوف دي، لسه في رجالة قلالات الذوق كده

********

في منزل يحيى... 
اهتز هاتف منيرة وهي تتناول طعام الغداء بمشاركة زوجها وطفليها... تركت مقعدها ودلفت إلى الحمام وهي تخبئ الهاتف داخل ثيابها ثم أجابت قائلة بصوت أقرب إلى الهمس

- في إيه يا إبراهيم؟ 
- وحشتيني وعايز أشوفك
- ما أنت كنت هنا أمبارح
- برضو عايز أشوفك هتيجي ولا أجيلك؟ 

صمتت منيرة للحظات ثم قالت: هجيلك أنت كمان وحشتني

- ليلتنا فل ما تتأخريش
- حاضر يا هيما

أنهت المكالمة وخبأت الهاتف في ثيابها مرة أخرى ثم عادت لتجلس على مقعدها وكأن شيئاً لم يكن فهتف يحيى متسائلاً 

- مالك؟ 
- بطني وجعاني، شكلي كده واخده برد في معدتي
- سلامتك
- أنا هنزل بالليل أكشف علشان أطمن وخلي الولاد معاك 

جحظت أعين يحيى من هول ما سمع ثم ابتلع ريقه بصعوبة وتحدث بصوت مرتعش

- م مش هينفع عندي شغل مهمة
- يعني أموت علشان شغلك، أنت مبقتش تحبني أنا هاخد ولادي وأمشي

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، انتفض عن مقعده وثنى ركبتيه وجلس راكعاً أمامها ثم أمسك كفيها بين كفيه وقال بصوت أقرب إلى الرجاء 

- أنا مقدرش أعيش من غيركم

ابتسمت منيرة بخبث ثم ربتت على كتفه وهي تقول: يبقى أسمع الكلام وما تزعلنيش

- حاضر اللي تأمري بيه هعمله
- أنا هقوم أجهز نفسي علشان أنزل وخلي بالك من الولاد ولو عايز تاخدهم المكتب معاك خدهم

قالت كلماتها ببرود ثم تركت مقعدها وتخطته لتدلف إلى غرفتها فجلس هو على المقعد ثم نظر إلى ساعة يده وجدها تشير إلى الرابعة فحزن بشدة، لكنه ابتسم حينما وجد ولديه يلعبان سوياً

*******

في منزل سوسن.... 
اجتمعوا جميعاً على مائدة الطعام، ولكن كلما رفعت أمل رأسها وجدت حسام يرمقها بنظرات نارية فلوت شفتيها بغضب ثم جذبت وعد من معصمها وهتفت بغيظ

- هو الشيء ده بيبصلي كده ليه؟ 

نظرت وعد إلى حسام واندهشت لظهور الضجر على قسمات وجهه، لكنه بمجرد أن تقابلت عينيه بعينيّ وعد، بادر برسم الابتسامة فبادلته بأخرى ثم مالت على أذن أمل وقالت بصوت خفيض

- مش عارفه شكله زعلان من حاجة لأنه مش كده خالص
- واضح 

قالتها أمل ثم تركت مقعدها وجذبت وعد بخفة من يدها وقالت بسعادة

- يلا يا عروسة مفيش وقت زمان العريس على وصول

كادت وعد أن تتحدث لكن قاطعها حسام حينما هتف بحدة: ما تسبيها تخلص أكلها

اندهش الجميع من تصرف حسام لكن تدخلت حنين لتلطيف الأجواء ووقفت هي الأخرى عن مقعدها ثم قالت بهدوء 

- لا أمل معاها حق تستعجل، يلا بينا

مضت وعد برفقة أمل بينما مالت حنين على أذن حسام وأردفت بصوت خفيض

- كده الكل هياخد باله

قالتها ثم دلفت إلى غرفة وعد فنظرت سوسن إلى حسام وابتسمت له وهي تقول

- حساك متوتر 
- شوية
- أنا عارفه أن وعد بالنسبالك زي حنين بس ما تقلقش أمير أنسان محترم
- ربنا يسعدهم، هدخل أقعد في البلكونة على ما يوصلوا

ترك مقعده واتجه صوب الشرفة كالإعصار لشعوره الشديد بالاختتاف بينما اندهشت سوسن لكنها لم تعلق وبدأت في إفراغ محتويات السفرة 

********

في منزل نادين... 
دلفت والدة نادين إلى الغرفة وجلست على حافة فراش ابنتها ثم وكزتها في كتفها عدة مرات وهي تقول

- قومي يا نادين بقينا العصر
- أنا تعبانه وعايزه أنام 
- بقولك قومي

زفرت نادين بضيق ثم اعتدلت في جلستها وقالت بحدة: نعم

- قومي غيري هدومك هنروح فيلا عمك علشان أصلح اللي خربتيه
- بجد؟ 

تساءلت نادين بفرحة فلوت والدتها شفتيها بضجر وأجابتها بغضب

- اه بجد، قومي يلا
- حاضر

غادرت والدتها الغرفة فهمت نادين أن تدلف إلى الحمام لكن قاطعها صوت رنين هاتفها، وما أن رأت أسم المتصل زفرت بضيق وهتفت بضجر

- يوه هو ده وقته، الو
- في عملية دلوقتي
- أنا مش فاضيه، شوفوا دكتور محمود
- دي كلى وهيدفع فيها ١٠٠ ألف ليكي فيهم خمسة وعشرين، قولتي إيه؟ 

ما أن وصل الرقم إلى مسامعها، لمعت عينيها بفرحة ثم أنهت المكالمة بعد أن أعطته الوعد بالمجيء، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت المنزل بعد أن شجعتها والدتها على الذهاب والعودة بالخمسة والعشرون ألف جنيهًا 

********

في منزل يحيى... 
انتهت منيرة من إبدال ثيابها ووضع الكثير من مساحيق التجميل ثم اتجهت صوب غرفة ولديها ووقفت على بابها وهي تقول

- أنا نازله واحتمال أعدي على أمي وأنا راجعه، خلي بالك من العيال

لم تنتظر رده وغادرت فزفر بضيق ثم احتضن ولديه فهتف أحدهم متسائلاً 

- هي وعد مش هتيجي؟ 

ابتعد الولد الأخر عن حضن أبيه وتساءل هو الأخر: هي راحت فين؟ 

حزن يحيى بشدة على الحالة التي وصل إليها بسبب عشقه لولديه فسيطر الحزن على قسمات وجهه فاحتضنه ولديه ثم قال أحدهم

- ما تزعلش، تعالى نروح لوعد ونسيب ماما

ابتسم يحيى على براءة أبنائه ثم أبعدهما عنه وقال بهدوء: هوديكم تشوفوا وعد بس بشرط

- قول

قالها الولدين في ذات اللحظة فأسر ابتسامته وتابع قائلاً: توعدوني ماما ما تعرفش مهما حصل

- موافق
- وأنا كمان 
- طيب يلا ألبسكم وبعدين أروح ألبس

اعتلى الطفلين الفراش وأخذا يقفزان في سعادة فابتسم يحيى واتجه صوب حافظة الثياب ليحضر ملابسهما

********

في الخامسة إلا عشر دقائق أوقف أمجد سيارته أسفل منزل وعد فترجل أمير حاملاً باقة فخمة من الزهور الحمراء وعلبة من الشيكولاتة الفاخرة ثم اتجه صوب باب السيارة الأخر وفتحه لتترجل والدته وعلى شفتيها ابتسامة ساحرة... ترجل أمجد أيضاً والشيخ الذي سيقوم بعقد القران ودلفوا جميعاً إلى العقار... وقف أمير أمام باب الشقة وهندم ثيابه ثم ضغط زر الجرس فتطاير شرار الغضب من أعين حسام بينما ابتسمت سوسن واتجهت صوب الباب لتفتحه... دلف أمير وأخذ يبحث بعينيه في المكان عن عروسه لكنه لم يجدها ودلفت سلوى خلفه لتتبادل التهاني مع سوسن ثم دلف أمجد مصطحباً الشيخ وهو يقول بسعادة

- مبروك مبروك وعقبالي يارب

اتجهوا جميعاً صوب حجرة الضيوف وهناك تقابل حسام مع أمجد فاقترب منه الأخير وهتف 

- حسام إيه اللي جابك هنا؟ 
- أنت إيه اللي جابك هنا؟ 
- أنا قريب أمير 

قالها وهو يشير بيده إلى أمير فاقترب من حسام ومد يده ليصافحه فصافحه حسام ببرود ثم أومأ برأسه مرحباً بسلوى وعاد ليجلس على مقعده وهو يضع قدك فوق الأخرى فاندهش أمجد، لكنه لم يعلق بل هتف متسائلاً 

- أمال فين العروسة؟ 
- هروح أندهلها 
- خديني معاكي

قالتها سلوى ثم مضت برفقة سوسن إلى غرفة العروس، وما أن وقعت عينيها عليها اقتربت منها وهي تشعر بسعادة لم تتذوق نكهتها منذ عدة سنوات

- بسم الله ماشاء الله، ربنا يحرسك 
- شكراً يا طنط
- لا مفيش طنط، أنا من النهارده أمك

ابتسمت وعد بخجل فربتت سلوى على كتفها ثم أمسكت يدها واتجهت بها صوب الخارج وتبعتهما أمل بينما أكملت حنين ارتداء ثيابها... وما أن وصلت وعد أمام أمير اصطبغت وجنتيها بالحمرة كعادتها فابتسم على فعلتها ثم أمسك يدها وطبع على ظاهرها قبلة كانت كفيلة بإشعال نيران الغضب داخل قلب حسام فقال بغيظ

- لما تكتب الكتاب يا عريس أبقى خد راحتك

استشعر أمير الغيرة المصاحبة لصوت حسام فنظر إلى وعد ورفع أحد حاحبيه في تسأل فهتفت وعد برقة

- ده الرائد حسام أخو حنين وبعتبره أخويا
- تشرفنا

قالها أمير فبادله حسام التحية ببرود ثم ترك المكان بحثاً عن شقيقته بينما تمسك أمير بيد وعد وجذبها بخفة لتجلس إلى جواره 

*******

في مكان آخر..... 
وصلت منيرة إلى بيت من طابق واحد لا يسكنه سوى عشيقها إبراهيم... وقفت أمام باب شقته ثم أخرجت المفتاح الذي أعطاها إياه من حقيبتها ودلفت إليها، أخذت تبحث عنه في أركان الشقة لكنها لم تجده... وما أن تراجعت بظهرها إلى الخلف، تعالت شهقاتها حينما اصطدمت بجسد صلب يقف خلفها فوضع يده على ثغرها وقال

- اشششششش ده أنا 

أزالت يده عن ثغرها ثم أدرات جسدها إليه وهتفت بحدة: خضتني

- معلش تعالي جوه وهنسيكي كل حاجة 

ضحكت بدلال فحملها واتجه صوب غرفته ثم وضعها على الفراش وابتعد ليفك أزرار قميصه، وبمجرد أن انتهى اقترب منها وتابع قائلاً 

- عايزك تفضلي معايا على طول 
- ياريت بس ده قدرنا 
- قدرنا نغيره المهم تفضلي ملكي أنا وبس 

قال كلماته وهو يمطر وجهها بقبلاته ثم توقف وأردف قائلاً:  لازم نخلص من جوزك 

- أزاي؟ 
- نقتله

جحظت عينيها وأتسع ثغرها من هول ما سمعت فحرك إبراهيم رأسه لأعلى وأسفل مؤكداً ما سمعته

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Monday, February 18, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 18, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثالث عشر - بقلمي منى سليمان

* هدية أمير *

ترك أمير مقعده وثنى ركبتيه ليجلس أمام والدته فربتت على كتفه وهي مازالت تحتفظ بابتسامة شفتيها فأمسك كفيها بين كفيه وطبع على كل واحد منهم قبلة حانية 

- مبروك يا حبيبي
- الله يبارك فيكي يا ست الكل، كنت خايف ترفضي
- مستحيل أرفض بعد الظروف اللي حكتها 
- ربنا يخليكي لينا

قالها ثم ابتعد عن والدته وأشار برأسه إلى شقيقته فتركت مقعدها ولحقت به إلى غرفته ثم أغلفت الباب وهتفت مازحة

- أوامرك يا كبير

ضربها بخفة على رأسها فتأوهت بمشاكسة لكنه لم يهتم ورفع أحد حاجبيه ثم تحدث قائلاً 

- عايز منك خدمة
- تحت أمرك 
- عايزك تيجي معايا الصبح نشتري لوعد فستان وشبكة محترمة

تنهدت أمل بهيام فابتسم على فعلتها وتابع قائلاً: قولتي إيه؟ 

- موافقة طبعاً، بس قولي بصراحة بتحبها؟ 

ابتعد عنها خطوات قليلة ثم اتجه صوب الشرفة دون أن يجيبها... لم تستسلم لهروبه فلحقت به وكررت سؤالها فنظر إليها وهتف بهدوء 

- مش عارف، خايف يكون شعوري نحيتها شفقة و

قاطعته قائلة بحدة: شفقة!!!!!! ده أنت كنت هتاكلها بعينيك وهي بتضحك وتهزر معايا

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغره ثم دلف إلى الداخل وجلس على أحد المقاعد فلحقت به علها تحصل منه على اعتراف لكنها لم تحصل منه على أي شيء فتركته وعادت إلى غرفتها لتحصل على قسط من الراحة

********

في منزل حسام.... 
كانت حنين تتناول طعام العشاء برفقة شقيقها حينما صدع صوت رنين هاتفها... تبدلت ملامحها حينما رأت أسم المتصل "وعد"، فزفر حسام بضيق وقال بهدوء 

- ردي عليها 

أجابت حنين المكالمة وثحدثت لعدة دقائق ثم أبعدت الهاتف عن أذنها وأعطته إلى حسام 

- وعد عايزه تكلمك

شعر حسام بغصة في قلبه لكنه لم يظهر ذلك بل أخذ الهاتف وتحدث بهدوء مصطنع قائلاً 

- أزيك يا وعد؟ 
- الحمد لله، أنت عامل إيه؟ 
- بخير، ألف مبروك حنين قالتلي أنك هتتجوزي
- الله يبارك فيك، كتب الكتاب بكرة ومحتجالك جمبي

أغمض عينيه وتملكه الحزن لدرجة منعته من الرد عليها فكررت كلماتها بطريقة أقرب إلى الرجاء 

- حاضر يا وعد، أنا وحنين هنكون موجودين من الصبح
- أنا متشكرة أوي، بجد أنت أعظم أخ في الدنيا 

ارتسمت ابتسامة سخرية على ثغره ثم أعاد الهاتف إلى شقيقته ودلف إلى غرفته فتابعته حنين بعينيها وشعرت بالأسى على حاله، لكن أعادها صوت وعد إلى أرض الواقع

- حنين أنتي معايا؟ 
- م معاكي
- مالك؟ 
- مفيش فرحانه علشانك، صحيح أمير عرف أن بكرة عيد ميلادك
- لا بس أكيد هيعرف لما يشوف البطاقة

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والضحك أنهت وعد المكالمة وأراحت جسدها على الفراش، بينما تركت حنين مقعدها ودلفت إلى غرفة شقيقها 

- هتنام؟ 
- اه فصلت خلاص
- زعلان؟ 
- لا، يلا أدخلي نامي علشان نصحى بدري نروح لوعد
- أكيد ربنا هيرزقك ببنت الحلال اللي تستاهلك 

جذبها حسام إلى صدره وحاوطها بحنان بالرغم من بركان الغضب الكائن بداخله فحاوطت خصره بذراعها علها تخفف الحزن الذي يشعر به

*********

في غرفة وعد... 
فرغت من صلاة ركتي استخارة ثم جلست على سجادة الصلاة لتتلو آيات الله، وما أن فرغت من القراءة انتبهت إلى صوت رنين هاتفها فاتجهت صوب الهاتف وابتسمت حينما رأت أسم المتصل

- السلام عليكم
- وعليكم السلام، بتعملي إيه؟ 
- كنت هنام

رفع أمير أحد حاجبيه وهتف بجدية مصطنعة: كنتي هتنامي من غير ما تكلميني؟ 

اندهشت من كلماته ولم تجد ما تقوله فقررت الصدمت، بينما أسر أمير  ابتسامته وتابع قائلاً 

- من النهارده مفيش نوم يا هانم من غير ما تقوليلي تصبح على خير يا سي أمير، مفهوم؟ 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على شفتيها وتسارعت نبضات قلبها في سعادة لكنها التزمت الصمت لشعورها الشديد بالخجل فأردف هو بمشاكسة

- وعد
- نعم 
- وحشتيني 

توردت وجنتيها وازداد شعورها بالخجل، ولم تجيبه ولو بكلمة لكنه لم يستسلم وكرر كلمته بنبرة صوت تحمل الحنان بطياتها فاستجمعت شجاعتها وهتفت برقة

- أنا متشكرة ليك أوي

اندهش أمير وهتف متسائلاً: بتشكريني ليه؟ 

- بشكرك على وجودك في حياتي، تصبح على خير 

قالت كلماتها بخجل ثم أنهت المكالمة دون أن تنتظر رده فابتسم على فعلتها وأبعد الهاتف عن أذنه ثم أراح جسده على الفراش وهو يفكر في رقتها وبراءتها التي لم يجدها في أي فتاة عرفها 

*********

في غرفة حنين... 
دلفت حنين إلى غرفتها حاملة كوب من الشاي ثم جلست على مقعدها لتذاكر دروسها، لكن قاطعها صوت رنين هاتفها... جحظت عينيها في عدم تصديق حينما رأت أسم المتصل في هذا الوقت المتأخر وقررت عدم الرد... 
على الجانب الأخر انتظر أمجد أن يستمع إلى صوتها إلا أنها لم تسمح له بذلك... فكرر الاتصال أكثر من عشر مرات فتمسكت بقرارها ولم تجب أي من مكالماته.... زفر بضيق وأبعد الهاتف عن أذنه ثم اقترب من فراشه وأراح جسده ليخلد إلى النوم، لكن لاحت أمامه فكرة فترك الفراش وأمسك هاتفه ثم كتب رسالة نصية وأرسلها إلى المشاكسة 

(هفضل أرن عليكي كده كتير يا دكتورة حنين؟) 

قرأتها وتسارعت نبضات قلبها بالرغم من شعورها بالسعادة... وما هي إلا دقائق حتى أرسلت إليه رسالة 

(ومن هي حنين؟!) 

ارتسمت ابتسامة على ثغر أمجد حينما قرأ رسالتها فبادلها المشاكسة بالمثل حينما كتب لها

(حنين، وآه من حنين... 
إنها جنية صغيرة.. في صورة إمرأةٌ جميلة... 
تفعل ما يحلو لها وقتما تشاء، ضاربة عرض الحائط بسيارات العباد... 
لو أوتيت من الكرم مقدار الجمال، لكنت أحادثها الأن عوضاً عن الدلال... 
أعلمتي يا حلوتي من هي حنين؟!!) 

قرأت حنين كلماته العذبة وهي تضع يدها على فاها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق من شفتيها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى استردت أنفاسها وهمت أن تراسله، لكنه سبقها وجعل صوت رنين هاتفها يصدع في أرجاء المكان فابتسمت وضغطت زر الإيجاب، وقبل أن تجيب سبقها وقال 

- رفقاً بي يا سيدتي

ابتسمت بدلال على استمراره في المشاكسة ثم استردت أنفاسها وهتفت بذات المشاكسة

- عفونا عنك يا أبا أمجد

أسر ابتسامته على مشاركتها له في المشاكسة والجنون وتابع بذات الجنون

- أخبريني يا فتاة من عفى عني سوى عيناكِ ؟

خجلت حنين من كلماته ولم تجيبه فابتسم بخفوت وأردف قائلاً: حبيت أسمع صوتك قبل ما أنام

- وسمعته؟ 

قالتها بهيام فرفع كتفيه بلا مبالاة وأجابها: ذكية ماشاء الله 

تبدلت قسمات وجهها من السعادة إلى الغضب أثر كلماته التي تحمل السخرية، فهتفت بحدة وصوت عال

- أنت رخم وغتت وغلس، أقفل

أنهت المكالمة وأغلقت الهاتف تماماً حتى لا يحادثها مرة أخرى، بينما انفجر هو ضاحكاً وقهقه بأعلى طبقات صوته، وما أن استرد أنفاسه ترك الهاتف واتجه صوب الفراش وهو يتمتم بخفوت

- مجنونة 
*********

رحل الليل بظلامه وسطعت شمس يوم جديد حاملة المزيد والمزيد من المشاعر والأمل... 
في السابعة صباحاً تململ أمير في فراشه ثم فتح عينيه ورقد على ظهره... شرد في ما حدث بالأمس وما سيحدث بعد عدة ساعات... أغمض عينيه وتنفس بعمق وعاد القلق ليتملك أفكاره من جديد، لكنه لم يسمح له بسرقة الفرحة التي سكنت قلبه... ترك فراشه ودلف إلى الحمام ثم توضأ وغادره ليصلي فرضه، وما أن فرغ رفع يديه إلى السماء ودعا الله كثيراً... وبعد مرور عدة دقائق غادر الغرفة واتجه صوب غرفة شقيقته.. اقترب منها وجلس على حافة فراشها وأخذ يداعب أنفها وعينيها بأطراف أنامله... زفرت بضيق عدة مرات اعتقاداً منها أنها مجرد ذبابة، لكنها فاقت على صوت ضحكاته فزفرت من جديد ثم اعتدلت في جلستها وهتفت بغيظ

- في إيه يا أمير؟ 
- قومي علشان نروح نشتري الحاجات اللي قولتلك عليها

مطت شفتيها بضجر حينما نظرت إلى الساعة الموضوعة إلى جوارها ووجدتها تشير إلى السابعة والنصف ثم تحدثت بغضب قائلة

- أنت أتجننت رسمي
- يلا بقى بلاش رخامة
- المحلات ما بتفتحش قبل تسعة 
- ما على ما تقومي يا قمر وتلبسي ونفطر مع ماما وتجهزي الهدوم اللي هتلبسيها بالليل

قال كلماته الأخيرة وهو ينظر إلى السقف بلامبالاة فرفعت أحد حاجبيها وهتفت مازحة

- كمل كمل شكل فيوزاتك ضربوا، هدوم إيه اللي هجهزها الساعة سبعة ونص ولسه كتب الكتاب بعد العصر؟! 

ابتسم لها بخبث ثم أجابها بمرح: هو أنا ما قولتلكيش؟ 

- لا ما قولتليش
- أصل أنا ناوي أوصلك عند وعد بعد ما نخلص وهتفضلي هناك لحد معاد كتب الكتاب 

لوت شفتيها بضجر ثم اعتلت الفراش واضعة كفيها بمنتصف خصرها وقالت بغيظ وحدة مصطنعة 

- نعم نعم نعم نعم، هروح أحرسهالك ولا إيه؟!!! 

أسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يزيد غضبها ثم قبض برفق على معصمها وجذبها بخفة لتجلس على الفراش وتحدث بهدوء قائلاً 

- علشان خاطري يا لولو 
- لولو هي وصلت للولو، خلاص موافقة 

غمز لها بمشاكسة ثم طبع قبلة على مقدمة رأسها وغادر الغرفة متجهاً إلى غرفة والدته فتنهدت أمل بهيام وتحدثت إلى نفسها 

- يارب ألاقي حد يحبني كده

******

 طرق أمير باب غرفة والدته ثم دلف إليها وابتسم حينما رآها تدعو له وهي مازالت تجلس على سجادة الصلاة... اقترب منها وجلس إلى جوارها فربتت على كتفه وهتفت بسعادة

- صباح الخير يا نور عيني
- صباح النور يا ست الكل
- صاحي بدري ليه ولا منمتش من أصله؟ 

تنحنح حينما فهم مشاكستها له فابتسمت له وتابعت قائلة بحنان وصوت دافئ

- ربنا يسعدك
- ربنا يخليكي لينا

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والضحك غادر أمير إلى غرفته ليبدل ثيابه... وبعد أن تناول طعام الإفطار اصطحب شقيقته وانطلق إلى وجهته

******

في منزل حسام... 
زفر حسام بضيق وهو مازال ممداً على الفراش، فقد جاهد طوال الليل ليغفو ولو لدقيقة لكنه لم يستطع النوم.... ترك فراشه ودلف إلى الشرفة ثم جلس على المقعد وأغمض عينيه بأسى على ضياع وعد من بين يديه.... في ذات اللحظة تركت حنين غرفتها واتجهت صوب غرفة شقيقها ثم دلفت إليها على أطراف أصابعها لتطمئن عليه، وصدمت بشدة لرؤيته يجلس على المقعد مغمض العينين... شعرت بالأسى عليه وعلى الجرح الذي سكن قلبه ثم اقتربت منه وجلست على المقعد المقابل له وقالت مازحة

- صباح الخير يا سيادة الرائد 
- صباح النور يا قلب سيادة الرائد 
- صاحي بدري ليه؟ 
- لازم أروح الشغل، هوصلك في طريقي عند وعد وعلى الظهر هستأذن وأجيلكم

قال كلماته بجدية مصطنعة ليخبئ الحزن الذي تملكه بينما لم تستطع حنين منع الحزن من الظهور على قسمات وجهها فربت على كتفها وتابع بحنان قائلاً 

- أنا كويس، يلا قومي حضري الفطار علشان نلحق وقتنا

حركت رأسها بالموافقة ثم طبعت قبلة على وجنته وغادرت إلى المطبخ 

********

في أحد المراكز التجارية... 
مضى أمير برفقة شقيقته إلى أحد المتاجر ليشتري خاتم الخطبة... عرض عليه البائع العديد والعديد من الخواتم وأطقم الذهب لكن لم يعجبه شيئاً فزفرت أمل بضيق وهتفت بغيظ

- يا أمير بقالنا ساعة بنشتري الشبكة، أختار أبوس أيدك
- مفيش حاجة عجباني

جحظت عينيّ أمل في عدم تصديق بينما نظر إليه البائع وهتف متسائلاً 

- طيب إيه التصور اللي في دماغ حضرتك؟ 
- عايز سلسلة رقيقة وتكون بالخاتم بتاعها وعايز دبلة كمان رقية وشغلها بسيط مش حابب الشغل الأوفر كل ما كان بسيط هيطلع أجمل
- تقصد حضرتك عايز حاجة هادية وما يكونش شغلها كتير
- بالظبط وفي نفس الوقت متكنش رخيصة 
- طيب أنا هفرج حضرتك على كتالوجات ولو عجبك منهم حاجة خلال ساعة واحدة هتوصل من الفرع التاني 

حرك أمير رأسه بإهتمام فابتعد البائع قليلاً ثم عاد وأعطاه ألبوم من الصور لينتقي ما يريد... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وجد ضالته فأطلقت أمل صفيراً لحسن اختياره... بعد مرور عدة دقائق غادروا المتجر وذهبوا لانتقاء الفستان... رفض أمير جميع الفساتين التي انتقيها أمل وأخذ يبحث بعينيه عن فستان يليق بالساحرة خاصته.... أتسع فاه أمل حينما أخرج فستان فخم من بين الفساتين الأخرى ثم اقتربت منه وقالت باندهاش

- واوووووو إيه الفستان التحفة ده!! 
- ذوقي عالي 
- فعلاااااااااا
- طيب يلا نحاسب علشان نروح نشتري شوز وبعدين نرجع ناخد الشبكة 

بعد مرور ما يقارب نصف الساعة دلف أمير إلى سيارته بعد أن وضع الفستان والأشياء الأخرى بالخلف، ثم انطلق صوب منزل وعد وهو يشعر بسعادة لم يتذوق نكهتها يوماً 

********

في منزل وعد.... 
دلفت حنين إلى غرفة وعد ثم خلعت حذائها وأخذت تقفز فوق الفراش في سعادة، تململت وعد في فراشها ثم فتحت عينيها ببطء وابتسمت على جنون صديقتها... علا صوت ضحكات حنين وأنضمت وعد إليها وهي لا تصدق أنها ستصبح زوجة لأمير بعد عدة ساعات 

- النهارده فرحي يا جدعان عايز كله يبقى تمام

هكذا دندندت حنين وهي تتمايل فوق الفراش فضحكت وعد بأعلى طبقات صوتها وهتفت مازحة

- دماغك ضربت أكتر ما هي
- النهارده لازم نفرح 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتي وعد ثم تلاشت سريعاً فجلست حنين إلى جوارها وأخذت تحرك كفها يميناً ويساراً أمام عينيّ وعد 

- روحتي لحد فين؟ 
- مش عايزه أشوفه 
- هو مين؟ 
- الراجل اللي أسمه بعد أسمي في البطاقة 

لم تستطع وعد أن تطلق عليه لقب أبي، فحزنت حنين لأجلها وأسرعت في احتضانها ثم هتفت بحنان وصوت دافئ

- النهارده لازم تفرحي وبس وأي حاجة تانية أرميها وراكي، ممكن؟ 
- ممكن 
- قوليلي مامتك عرفت؟ 
- لا بس أول ما تتصل هقولها خوفت أتصل وجوزها يعملها مشكلة، شفتي وصل بينا الحال لإيه

تلألأت الدموع في عينيّ وعد فمطت حنين شفتيها بضجر ثم قالت بحدة وصوت عال

- النهارده مفيش دموع، مفهوم ولا أعضك؟ 
- مفهوم يا مجنونة 

ما أن وصلت الكلمة إلى مسامع حنين، ابتعدت عن وعد واعتلت الفراش مرة أخرى وهي تضحك وتغني بأعلى طبقات صوتها فقهقهت وعد وانضمت إليها سوسن بل وشاركت حنين الرقص والغناء، وظلوا هكذا حتى قاطعهمن صوت رنين هاتف وعد فأجابت برقة قائلة 

- صباح الخير
- صباح الورد، صاحية ولا صحيتك؟ 
- لا صحيت من شوية، أستاذة حنين إزعاج هنا 

ابتسم أمير وكاد أن يتحدث لكنه انتبه إلى أمل التي تطالعه بهيام فرمقها بنظرة غيظ ثم أشار أليها لتترك السيارة وتابع حديثه قائلاً 

- أنا تحت البيت 

ارتبكت وعد بشدة ووقفت عن فراشها وهي تقول: هتطلع؟ 

- لا أمل بس هتطلع وباعتلك معاها هدية
- هدية علشاني أنا؟ 
- أمال علشاني أنا 

قالها مقلداً طريقتها في الحديث فابتسمت بخجل ولم تتحدث ولو بكلمة فأردف قائلاً 

- ممكن أشوفك قبل ما أمشي
- طيب أطلع 
- لا أمل طلعت خلاص، بصيلي من البلكونة هشوفك وأمشي

لم تتردد ولو لدقيقة فقد شعرت هي الأخرى برغبة في رؤيته، فاتجهت صوب شرفتها وفتحتها لتشاهده يستند على سيارته ويرتدي نظارة شمسية زادته وسامة وطلة رجولية... تسارعت نبضات قلبها لدرجة جعلتها تشعر أنها على وشك فقدان الوعي وتمسكت بالصمت لشعورها بهروب الكلمات من بين شفتيها... لم يختلف شعوره عنها فقد تسارعت نبضاته بمجرد أن وقعت عينيه عليها وشعر هو الأخر بنسيان الكلمات، ولكن أعادهما إلى أرض الواقع دخول أمل إلى الشرفة وهي تقول 

- ناس عماله تحب وناس طلع عينيها لف مع سي أمير 

استمع أمير إلى كلمات شقيقته عبر الهاتف وانتظر حتى رحبت وعد بها ثم تابع حديثه قائلاً 

- أنا هقفل بقى علشان مش هخلص من لسان أمل
- ماشي، خد بالك من نفسك
- وأنتي كمان خدي بالك من نفسك، ويارب هديتي تعجبك
- أكيد هتعجبني، مع السلامة 

ودعها وأنهى المكالمة ثم لوح بيده مودعاً ودلف إلى السيارة وانطلق بها... تابعته بعينيها حتى اختفى عن نظرها ثم دلفت إلى الداخل لتتفاجأ بفستان فخم فيروزي اللون ومرصع بالأحجار الكريمة موضوع فوق فراشها فوضعت يدها على فاها لتكتم شهقاتها ثم فاقت من صدمتها وهتفت في نفسها 

- أخبرني يا زماني هل اليوم نهاية دموعي وأحزاني، أم مازلت تخبئ لي صفعة جديدة تعيد الألم إلى قلبي وأوصالي؟ 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

المتيم في هواها/ صافيناز يوسف

February 18, 2019 0
المتيم في هواها/ صافيناز يوسف


في سالف الأزمان وفي الصحراء الشاسعة المترامية الاطراف الخالية الا من الرمال الحارقة والتلال المتناثرة ، شق سكون الصحراء صوت حوافر جواد جامح يقوده فارس ملثم، وعندما تخطى حدود قد صنعها الزمن بين مملكتين حتى انبثق من وراء أحد التلال القريبة مجموعة من المحاربين الاقوياء يلوحون بسيوفهم بغضب ويندفعون باتجاه الفارس مطلقين صرخات ترتجف لها قلوب  اشجع الرجال ، وقد ساءهم انتهاك هذا الفارس لحرمة أراضيهم.

للقراءة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا

Sunday, February 17, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 17, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثاني عشر - بقلمي منى سليمان 

* خيانة *

انتبهت حنين إلى صوت الجرس فتركت فراشها واتجهت صوب الباب لتفتحه.... اندهشت حينما رأت أمير يقف أمامها فابتسم لها وقبل أن يتحدث أطاح به أمجد ووقف أمامها وهو يقول

- مساء الخير 

جحظت عينيها في عدم تصديق ثم ابتلعت ريقها بصعوبة وكادت أن تجيبه لكن قاطعها أمير حينما وكز أمجد في كتفه وأبعده عن باب الشقة فضحكت على مشاكساتهم ثم استردت أنفاسها وهتفت برقة

- مساء النور
- أسف على الإزعاج بس خبطت على الباب اللي قدامك والمدام قفلت في وشي فمحتاج رقم والد وعد
- معلش هي ست تنحه أصلاً، هجيب لحضرتك الرقم 

دلفت إلى الداخل فاقترب أمير من أمجد ولوى شفتيه بضجر ثم قال بغيظ

- مش هتبطل الهبل اللي بتعمله ده

رفع أمجد كتفيه بلامبالاة وتحدث قائلاً: أنا معملتش حاجة بقولها مساء الخير 

رفع أمير أحد حاجبيه في عدم تصديق فأسر أمجد ابتسامته وتابع بجدية مصطنعة

- تفتكر أبوها طيب ولا هيطلع لمراته؟ 
- توه توه يا مشرحجي

ما أن تفوه أمير بكلماته، عادت حنين حاملة ورقة ثم اقتربت منه وأعطته إياها 

- ده رقم عمو يحيى والتاني رقمي لو مقدرتش توصله قولي وأنا هتصرف
- متشكر جداً وأسف على الإزعاج مرة تانية

قالها وهو يهم بالمغادرة بينما وقف أمجد يشاكسها بغمزاته ونظراته فعاد إليه وجذبه من معصمه ثم نظر إلى حنين وأردف قائلاً 

- أقفلي إحنا هنمشي

ابتعد أمير وهو مازال ممسكاً بمعصم أمجد فلوح الأخير إليها مودعاً فابتسمت على جنونه وهمت أن تغلق الباب، لكنها توقفت حينما عاد أمير مرة أخرى 

- معلش طلب رخم شوية
- أتفضل

تنحنح قليلاً لشعوره الشديد بالإحراج ثم تحدث قائلاً: عايز رقم وعد

- هو مش مع حضرتك؟ 

كاد أمير أن يجيبها لكن سبقه أمجد وضرب أحد كفيه بالأخر ثم هتف مازحاً 

- بسم الله ماشاء الله ذكية أوي، وهو لو معاه هيطلبه ليه؟! 

اشتعلت حنين غضباً وضيقت بين حاجبيها فابتلع أمجد ريقه وتابع قائلاً 

- بهزر
- هزار بايخ 

قالتها حنين في نفسها ثم دلفت إلى الداخل دون أن تعيره أي اهتمام وعادت بعد دقائق قليلة وأعطت أمير ورقة أخرى دونت بها رقم وعد فشكرها وغادر... أوصدت حنين باب الشقة واقتربت من باب شقة والد وعد للتشاجر مع منيرة لكنها توقف حينما استمعت إلى صوتها بالداخل

- غاروا في داهية يلا أخرج
- دي هتبقى أخر مرة أجيلك هنا، بعد كده نتقابل عندي

جحظت عينيّ حنين وأتسع فاها لكنها فاقت من صدمتها حينما انتبهت إلى صوت الباب يُفتح فركضت مُسرعة إلى الشقة ونظرت من العين الموضوعة بالباب وتابعت الموقف وهي تكتم شهقاتها ثم ابتعدت عن الباب وهتفت في نفسها

- بتخونه

********

بالأسفل... 
دلف كل من أمير وأمجد إلى السيارة فهم الأخير بالانطلاق لكن أمير طلب منه عدم التحرك ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتف والد وعد.... استغل أمجد انشغال أمير واختلس النظر إلى الورقة، وابتسم حينما تأكد من شكوكه فقد كان رقم حنين ذات الرقم الذي هاتفه منذ عدة ساعات

- مساء الخير 

قالها أمير فتحدث يحيى قائلاً: مساء النور، مين معايا؟ 

- أنا دكتور أمير أحمد نور الدين وبكلم حضرتك بخصوص بنتك وعد

تسارعت نبضات قلب يحيى خوفاً ثم هتف بصوت مرتعش: وعد جرالها حاجة؟ 

- لا الآنسة وعد كويسة، ممكن أقابل حضرتك ونتكلم بس ياريت بره البيت

اندهش يحيى بشدة وأخذه الفضول ليعرف أخبار ابنته فاعطى عنوان المكتب إلى أمير فأنهى الأخير المكالمة ونظر إلى أمجد 

- الراجل شكله ذوق، هتروح معايا ولا توصلني للعربية وتروح
- لا هروح معاك

انطلق أمجد إلى العنوان الذي حصل عليه من أمير، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصل إلى وجهته فأوقف السيارة أسفل عقاراً فخم وهتف باندهاش

- معقول أبوها مكتبه في منطقة راقية زي دي ومراته بيئة كده
- ورامي بنته كمان ربنا ينتقم منه، يلا بينا

ترجل أمير من السيارة ولحق به أمجد ثم استقلا المصعد إلى الدور التاسع حيث يوجد مكتب يحيى فأطلق أمجد صفيراً وهو يقول

- واو ده طلع محاسب قانوني يعني شوال فلوس
- منه لله هو والشيء اللي متجوزها

قالها أمير ثم دلف إلى الداخل وتقدم من مساعدة يحيى فسمحت له بالدخول... دلف إلى الداخل ولحق به أمجد ثم تقدم من والد وعد وصافحه فهتف الأخير متسائلاً 

- خير؟ 
- من غير مقدمات أنا طالب من حضرتك أيد وعد 

اندهش يحيى بشدة لكن أمير لم يهتم وبدأ يقص عليه كل ما حدث مع وعد منذ أن تركت المنزل، فشعر يحيى بغصة في قلبه فقد اعتقد طوال تلك الفترة أن ابنته تعيش مع والدتها

- يا عمي حضرتك معايا؟ 

فاق يحيى من شروده وهتف: معاك 

- حضرتك رأيك إيه؟ 
- أنا شايف أن البنت صغيرة على الجواز

جز أمير على أسنانه وكاد أن يعترض، لكن سبقه أمجد وهتف بحدة مغلفة بالغيظ

- يعني صغيرة على الجواز ومش صغيرة على الرمي في الشارع 

شعر يحيى بالخجل من نفسه ومن فعلته، وخيم الصمت لدقائق قطعها أمير حينما تساءل

- قولت إيه؟ 
- أنا موافق بس ياريت تخلي كتب الكتاب بكرة أو بعده  لأني باقي الأسبوع ما بجيش المكتب ومش عايز المدام تعرف لأنها أكيد هتعارض
- لا دكر بصحيح

قالها أمجد بصوت خفيض لكنه وصل إلى مسامع أمير فأسر ابتسامته ونظر إلى يحيى قائلاً 

- أنا هرتب كل حاجة بكرة بأمر الله بس عايز وعد من حضرتك أنك مش هتغير رأيك
- بكرة الساعة خمسة هكون موجود في بيت مدام سوسن 

لوى أمجد شفتيه بضجر وهتف بصوت خفيض: والله ما في سوسن غيرك يا عرة الرجال 

وقف أمير عن مقعده وصافح يحيى مرة أخرى ثم غادر وهو يشعر بالسعادة... وما أن دلف إلى السيارة هاتف وعد فأجابته قائلة

- السلام عليكم
- وعليكم السلام، عامله إيه دلوقتي؟

تسارعت نبضات قلبها فقد ميزت صوته جيداً... استمع أمير إلى صوت أنفاسها المضطربة فشعر بالرضا وأردف قائلاً 

- وعد أنتي كويسة؟ 
- الحمد لله 
- أخدت رقمك من حنين، أنا قابلت والدك و

قاطعته قائلة بحزن: ما تقولش والدي، أنا مليش أب

ما أن وصلت نبرات صوتها الحزينة إلى مسامعه، شعر بغصة في قلبه لكنه لم يظهر لها ذلك بل غير مجرى الحديث تماماً 

- أكلتي حاجة؟ 
- لا مش جعانه 
- طيب أنا جاي في الطريق 
- تنور، مع السلامة 

أنهت وعد المكالمة واتجهت إلى غرفة سوسن لتخبرها أن أمير سيصل بعد قليل.. بينما أنهى أمير المكالمة وشرد بشدة، لكن أعاده صوت أمجد إلى الواقع

- وصلت لحد فين؟ 
- أنا اتجننت يا أمجد، مش كده؟ 
- ليه بتقول كده؟ 

تنهد أمير ووجه نظره إلى الطريق وأجابه بهدوء قائلاً: هتجوز بنت عمرها ١٨ سنة وانا كمان كام شهر هكمل ٢٨ 

- وإيه المشكلة يا قفل، عشر سنين مش قضية 
- عارف بس خايف 
- يا عيني على الحلو لما تبهدله الأيام 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغر أمير وحرك رأسه يميناً ويساراً على جنون ابن خالته ثم أخذ يتابع الطريق في صمت 

********

بمنزل حسام... 
عاد حسام إلى المنزل واتجه مُباشرةً صوب غرفة شقيقته ليطمئن عليها... دلف إلى الغرفة بدون سابق إنذار ليفاجئها كعادته لكنه اندهش لرؤيتها تجوب الغرفة ذهاباً وإياباً وهي تتحدث إلى نفسها لدرجة جعلتها لا تنتبه لوجوده فهتف متسائلاً 

- في إيه؟ 

توقفت حنين عن الحركة وابتلعت ريقها ثم أجابته بصوت مرتعش

- ما ما ما 

قاطعها قائلاً بحزم: من غير مأمأه، قولي على طول

- شوفت راجل خارج من شقة عمو يحيى وهو مش موجود 

رفع حسام أحد حاجبيه في تسأل فأردفت قائلة: الراجل ده شوفته كذا مرة خارج من العمارة بس النهارده سمعته وهو بيقولها أخر مرة أجيلك بعد كده تيجي أنتي

قالت كلماتها بخجل ملحوظ دون أن تنظر إلى شقيقها فابتسم على براءتها واقترب منها خطوات قليلة ثم جذبها إلى صدره وقال مازحاً 

- بتتكسفي مني يا هبلة، ده أنا اللي مربيكي
- الموضوع أصلاً محرج، دي بتخونه

أبعدها عنه قليلاً ثم نظر إليها وتحدث بهدوء قائلاً: منيرة دي هتكون نهايتها سوداء 

- هتقول لعمو يحيى؟ 
- لما امسك عليها حاجة الأول، قوليلي وعد عاملة إيه؟ 

ما أن وصل سؤاله إلى مسامعها تراجعت خطوات قليلة إلى ثم عضت على شفاها السفلى فشعر حسام أن هناك خطباً ما أصاب وعد وهم أن يعيد سؤاله، لكنها سبقته وألقت مفاجأة من العيار الثقيل

- وعد هتتجوز

شعر حسام باهتزاز الأرض تحت قدميه فجلس على حافة فراشها دون أن يتفوه ولو بكلمة... شعرت حنين بالحزن من أجل شقيقها فاقتربت منه وجلست إلى جواره ثم بدأت تقض عليه كل ما حدث.... كان حزنه يفوق طاقته فظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهه، ما جعل حنين تجلس أمامه راكعة 

- ورحمة بابا وماما ما تزعلش
- كان لازم أنا اللي اعمل كده، كان لازم من أول يوم خرجت فيه أتجوزها وتيجي تعيش معانا هنا، بس قولت صغيرة وأنا اكبر منها ب١٥ سنة

سقطت دمعة من عين حنين حزناً على حال شقيقها فأسرع بإزالتها ثم أمسك وجهها بين كفيه وتابع بحنان 

- ما تعيطيش خلاص أنا مش زعلان وهروح أقف جمبها زي ما وعدتها أني هفضل دايماً جمبها كأخ وسند 

طبع قبلة على مقدمة رأس شقيقته ليخفف عنها ثم ابتسم لها ابتسامة مصطنعة وغادر إلى غرفته... ألقى بجسده على الفراش وهو بشعر بحزن يعادل الحزن الذي شعر به عندما توفى والديه وشعر كذلك بالندم لأنه لم يخبر وعد طوال تلك السنوات عن المشاعر التي تسكن قلبه

*********

في ذات الوقت أوقف أمجد سيارته أسفل عقار وعد وترجل منها ثم لحق بأمير إلى الداخل، طرق الأخير زر الجرس فتركت وعد مقعدها وفتحت الباب فأسرع برسم الابتسامة على شفتيه ثم هتف بصوت دافئ

- مساء الخير 

بادلته الابتسامة بأخرى رقيقة وبادلته التحية أيضاً ثم تنحت جانباً لتفسح لهما المجال للدخول، فدلف أمير وجلس على أحد المقاعد بينما اقترب أمجد من وعد وقال بسعادة

- مبروك يا عروسة 

خجلت بشدة وتوردت وجنتيها ثم دلفت إلى الداخل لتخبر سوسن بوصولهم، بينما شعر أمير بقليل من الغيرة فترك مقعده وجذب أمجد من معصمه بعنف 

- بتقولها إيه؟ 
- الله الله ده أحنا بنغير بقى، كنت بقولها مبروك يا عروسة
- الله يبارك فيك يا أخويا، صاحب واجب من يومك

قالها أمير بغيظ ثم جلس على المقعد فأسر أمجد ابتسامته وجلس هو الأخر... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عادت وعد برفقة سوسن 

- الشقة نورت 
- الله يحفظك، أنا قابلت أستاذ يحيى وطلب أن كتب الكتاب يكون بكرة

اندهشت سوسن بشدة بينما ابتسمت وعد بسخرية وهتفت بنبرة صوت حزينة

- طبعاً ماصدق يخلص مني خالص في أول فرصة 

نظر أمير إلى أمجد فتحدث الأخير قائلاً: لا يا عروسة ما تفهميش غلط، ده الأستاذ يحيى مكنش موافق أصلاً وقال بنتي صغيرة بس لما أنا وأمير قعدنا نزن عليه وافق

تلألأت الدموع في عينيّ وعد لكنها أبت أن تبكي أمامهم فتركت مقعدها وهتفت برقة

- بعد إذنكم

ابتعدت إلى غرفتها فتابعها أمير بعينيه حتى اختفت تماماً ثم قص على سوسن تفاصيل الأتفاق بينه وبين يحيى... وبعد مرور عدة دقائق وقف عن مقعده واستأذن من سوسن ثم اتجه صوب غرفة وعد وطرق بابها

- ممكن أدخل؟ 

مسحت دموعها بكلتا يديها ثم وقفت عن الفراش وحركت رأسها كإشارة بالموافقة فدلف إلى الداخل وتحدث قائلاً 

- في عروسة تعيط ليلة كتب كتابها
- أنا مش بعيط، دي حاجة دخلت في عيني

امسك يدها بين كفيه وقال بصوت دافئ: هعمل نفسي مصدق، بس لو شوفتك بتعبطي بعد كده هيكون ليا تصرف تاني مع عيونك الحلوين دول

تسارعت نبضات قلبها أثر لمسته وكلماته العذبه وكعادتها اصطبغت وجنتيها بالحمرة فشعر هو بالسعادة والرضا ثم تابع قائلاً 

- أنا همشي محتاجة حاجة؟ 

حركت رأسها يميناً ويساراً بالنفي فغمز لها بمشاكسة ثم غادر الغرفة ليعود إلى منزله

********

بعد مرور عدة دقائق صف أمير سيارته داخل أسوار الفيلا ثم ترجل منها ودلف إلى الداخل.... صعد مُباشرةً إلى غرفة والدته لكنه لم يجدها فذهب إلى غرفة أمل وطرق بابها ثم دلف إليها... اقترب من والدته وطبع قبلة على ظاهر يدها ثم اقترب من أمل وطبع قبلة على مقدمة فهتفت بمشاكسة

- شكل كده الغزالة رايقة على الأخر يا عريس
- شايفه بنتك بتتريق عليا أزاي

ابتسمت سلوى ثم ربتت على كتفه وهتفت بذات المشاكسة: بصراحة يا ابني الفرحة هتنط من عينيك

- كده تتفقوا عليا
- بطل هزار وقولي رجعت ليه؟ مش قولت هتبات في المستشفى 

نظرت أمل إلى شقيقها وانتظرت إجابته وهي تأسر ابتسامتها فرمقها بنظرة غيظ ثم نظر إلى والدته وهتف 

- صممت تروح بيتها

شرعت سلوى أن تتحدث، لكن سبقتها أمل وقالت مازحة: عندها حق، أكيد خافت لتاكلها

انفجرت ضاحكة فاشتعل أمير غضباً وضربها بخفة على رأسها لكنها لم تهتم وأكملت الضحك وأنضمت إليها والدتها ثم استردت أنفاسها وتحدثت بهدوء قائلة

- حاسة أن وعد وراها حكاية، مش كده؟ 
- فعلا يا أمي، أنا هحكيلكم كل حاجة 

بدأ أمير يقص على والدته وشقيقته الظروف الحرجة التي مرت بها وعد... وضعت سلوى يدها على فاها عدة مرات في عدم تصديق، بينما تلألأت الدموع في عينيّ أمل وكادت أن تبكي على حال تلك البريئة... وبعد مرور عدة دقائق انتهى أمير من سرد قصة وعد وهتف بنبرة صوت حزينة

- هي دي حكايتها
- يا قلبي يا بنتي، استحملتي كل ده وأنتي لسه صغيرة

قالتها سلوى بحزن فربتت أمير على كف يدها وهتف بهدوء: ضحية مرات أب

- ربنا ينتقم منها، واتفقت مع أبوها على إيه؟ 

ابتلع أمير ريقه بصعوبة ثم نظر إلى أمل فعلمت أنه على وشك إلقاء خبر هام فتحدثت مازحة

- شكلك كده هتقول قنبلة
- كتب الكتاب بكرة بعد صلاة العصر 

أتسع فاه أمل بينما جحظت عينيّ سلوى في عدم تصديق، لكنها فاقت من صدمتها وارتسمت ابتسامة على شفتيها 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف