جوري/ منى سليمان - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Sunday, July 14, 2019

جوري/ منى سليمان

جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل السادس - بقلمي منى سليمان 

* اتصال *    

استعادت لمياء توازنها وارتدت مُسرعة إلى الخلف هي تشعر بالإحراج فابتسم سامح على هيئتها وقال مازحاً 

- ما يقع إلا الشاطر يا دكتورة 

ازداد شعورها بالإحراج وهمت أن تعتذر منه لتغادر لكن سبقها عماد عندما تحدث بحدة وصوت عالِ

- أنا ماشي يا سامح، أشوفك بعدين
- تمشي فين بس ده أنا ما صدقت شوفتك
- أنا

بتر عماد كلماته بعد أن قاطعته لمياء قائلة: معلش لازم أمشي، بعد إذنكم

لم تنتظر الرد وغادرت على عُجالة فتابعها عماد بعينيه حتى اختفت تماماً بينما راقب سامح صديقه في صمت ثم وكزه في كتفه وهتف مازحاً 

- يا ابني قولي بس إيه النظام وانا أطبطك
- أنا مش فايقلك وورايا شغل، سلام

ما أن غادر عماد لمعت أعين سامح بخبث وتمتم في نفسه: أقطع دراعي لو ما كان في حاجة 

****

بعيادة الطبيب... 
ترقرقت الدموع داخل مقلتيّ جوري بعد أن سمعت ما والدتها مُقبلة عليه... جاهدت بشتى الطرق أن تأسر دموعها ولكن دون جدوى فخانتها دمعة وسالت برفق على وجنتها سرعان ما مسحتها ووقفت عن مقعدها قائلة بثبات مصطنع

- هنزل أشوف أدم على ما تخلصوا

غادرت دون أن تلتفت خلفها وهبطت الدرج وهي تكتم صرختها، وظلت على تلك الحالة حتى وصلت إلى سيارة أدم الذي ترجل من السيارة واقترب منها وهو يشعر بالقلق على هيئتها، وقبل أن يتحدث سبقته وألقت بجسدها في صدره فغمرها بذراعيه وحنانه متناسياً الزمان والمكان، وظلت جوري على تلك الحالة لعدة دقائق قطعتها حينما فطنت إلى وجودها بين أحضانه بالطريق فابتعدت والخجل يكسو وجنتيها ما جعل ابتسامة ماكرة ترتسم على ثغره وتحدث بمشاكسة

- ياما نفسي تنسي خجلك وأنتي في حضني ولو لمرة واحدة
- بطل قلة أدب

قالتها بغيظ وهي تزيل الدموع عن وجنتيها فسألها بصوت دافئ: مالك يا عمري؟ 

- حسيت أني بتخنق لما سمعت الدكتور بيشرح لماما هتتعالج أزاي، خوفت تشوف دموعي فبعدت علشان ماأزودش وجعها
- عندك حق، ما ينفعش نزود وجعها وننهار قدامها
- ربنا يشفيها ويعفو عنها
- يارب يا قلبي، تعالي نشرب أي حاجة في الكافيه ده على ما يخلصوا 

حركت رأسها بالموافقة ومضت معه إلى حيث أشار بسبابته فحاول الإمساك بكفها لتتشابك أيديهما لكنها أبعدت يدها وقالت بغيظ

- بس يا أدم إحنا في الشارع
- عندك حق يا عم جعفر
- أنت رخم على فكرة

قالتها بنبرة صوت تحمل الغضب بطياتها ثم سبقته بخطوة فضرب أحد كفيه بالأخر وتمتم في نفسها

- دي الشاويش عطيه كمان، مش هم جعفر بس

****

استقل عماد سيارته والأفكار تتخبط في رأسه وكأنه في صراع داخلي مع النفس بالرغم من عدم معرفته بسبب غضبه المفاجئ... أدار محرك السيارة وانطلق بها لكنه توقف على بعد أمتار قليلة عندما رأى لمياء تقف بالطريق... ترجل من السيارة بعد أن وضع نظارته الشمسية واقترب منها قائلاً بغيظ

- مستنيه حد ولا إيه؟ 
- طالبة عربية بس شكل اللوكيشن معلق وكل شوية يقولي جاي وما بيجيش

استطاعت كلماتها قطع الشك الذي تسرب إلى قلبه قبل عقله فتنفس بعمق ثم تحدث بهدوء 

- لو تحبي أنا ممكن أوصلك 
- ميرسي بس مش هينفع
- ليه؟

سألها بدون أي تردد أو تفكير فاندهشت بشدة دون أن تُظهر له ذلك ثم أجابته بخجل

- مش هينفع بجد

وجهت نظراتها خلفه ثم عادت لتنظر إليه وتابعت: بعد إذنك العربية جت، باي 

لوحت مودعة بطريقتها الطفولية فابتسم بخفوت ثم أدار جسده وقال قبل أن تدلف إلى السيارة 

- ما تتسيش تفكري وتردي عليا
- أكيد طبعاً 

ركبت وأمرت السائق بالانطلاق فعاد عماد إلى سيارته وانطلق هو الأخر إلى دار النشر ليتابع عمله

****

في ذات الوقت تململت فاتن في فراشها وخلال دقائق قليلة استيقظت وهي تشعر بصداع حاد كعادتها، فقد أصبت دائمة السهر والعودة إلى المنزل مع الساعات الأولى للصباح... اعتدلت في جلستها بصعوبة ثم ضغطت زر الجرس الموضوع إلى جوارها فتركت الخادمة ما تفعله وركضت مُسرعة إلى غرفة فاتن حتى لا تصطدم بلسانها السليط

- تحت أمرك يا هانم
- ماما لسه في هنا ولا خرجت؟ 
- لا الهانم الكبيرة ما رجعتش امبارح

اندهشت فاتن بشدة ثم أشارت بيدها إلى الخادمة لتغادر... تركت فراشها وبدأت تبحث عن هاتفها حتى وجدته فأجرت اتصالاً بوالدتها... في ذات اللحظة كانت سهيلة قابعة بين أحضان محسن منصور مقدم البرامج الأشهر بمصر والوطن العربي، وما أن صدح صوت رنين هاتفها ابتعدت عنه وأجاب قائلة

- صباح الخير يا روحي
- صباح النور، أنتي فين؟ مش قولتي مفيش شغل today
- ماجي تعبانه ومفيش حد معاهم فاضطريت أفضل معاها

استشعرت فاتن الكذب في كلمات والدتها التي لم تهتم لمرض أحدهم يوماً، ومع ذلك لم تظهر لها ذلك وتحدثت بهدوء مصطنع

- سلميلي عليها
- هتنزلي؟ 
- ممكن أروح أشوف داد وممكن أخرج مع الشلة، لسه مش عارفه

بعد مرور عدة دقائق أنهت فاتن المكالمة ثم دلفت إلى الحمام لتنعم بحمام دافئ... بينما على الطرف الأخر وقفت سهيلة على الفراش لترتدي ثيابها فاندهش محسن من فعلتها وتساءل

- بتلبسي ورايحه فين؟ 
- هروح، وكفاية أوي اللي حصل لحد دلوقتي
- سهيلة أنا بحبك
- بتحبني يبقى تعلن للكل جوازنا

أكملت ارتداء ثيابها ثم حملت حقيبتها وهمت أن تغادر الغرفة إلا أنه سبقها ووقف أمامها قائلاً 

- إحنا متفقين من أول يوم أن جوازنا هيفضل سر لحد ما ظروفي تتحسن وأعلنه بنفسي
- وأنا زهقت، عايشه معاك زي الحرامية ومراتك واخده كل حقوقها وزيادة، يا تعلن جوازنا يا نطلق 

ضيق محسن بين حاجبيه وتطاير شرار الغضب من عينيه فشعرت أنه على وشك الفتك بها وتابعت بنبرة صوت تحمل الدلال بطياتها

- أنا بحبك يا محسن، وخربت ببتي وأطلقت علشانك

رمقها محسن بنظرة اندهاش فطوقت عنقه بذراعيها وأردفت: أيوه سبت فريد علشانك، لأن من أول مرة شوفتك وأنا بحبك وأنت محستش بحبي ده غير من شهرين بس، ولما فكرت تتجوزني أتجوزنا في السر، يرضيك كده؟ 

قالت كلماتها الأخيرة بصوت يحمل الغضب والدلال فأحاط خضرها بذراعه وقربها منه بشدة ثم تأمل انعكاس صورته داخل مقلتيها وأجابها قائلاً 

- طبعاً ما يرضنيش ولو كنت أعرف أنك بتحبيني زي ما بحبك كنت جيت من زمان، بس أرجوكي أديني فرصة ألاقي الوقت المناسب وأعلن جوازنا
- دايماً بتغلبني في الكلام
- يلا تعالي نقعد سوا شوية قبل ما تمشي

حركت رأسها بالموافقة وابتسامة ماكرة ترتسم على ثغرها ثم مضت برفقته إلى الفراش وهي تتمتم في نفسها

- وغلاوتك عندي بكرة الصبح خبر جوازنا هيبقى سيرة على كل لسان 

*****

في المساء اجتمعت أسرة جوري على مائدة الطعام في أجواء ساحرة ملأتها مشاكسات أدم لكل واحدة منهن عله يخفف من حدة التوتر الذي ملأ أرجاء المكان، فغداً ستخضع أحلام للجراحة بعد أن صمم الطبيب على إجرائها في أسرع وقت... وبعد أن فرغوا من تناول الطعام بدأت لمياء في إفراغ محتويات السفرة بمساعدة جوري التي نظرت إليها وتساءلت

- أنتي مخبيه عني حاجة، صح؟ 

حركت لمياء رأسها لأعلى وأسفل لتؤكد ما قالته جوري فتابعت: كده من أمتى بنخبي حاجة على بعض؟! 

- والله مستنيه ندخل الأوضة وأحكيلك لأني محتارة
- خلاص تعالي نعمل الشاي وندخل نقعد جوه، أهو حاجة تنسيني اللي هيحصل بكرة

قالت جوري كلماتها الأخيرة بحزن ملحوظ فربتت لمياء على كتفها وقالت برقة

- هتخف بأمر الله وتبقى زي الفل، وما تقلقيش أنا جبتلك المحاضرات اللي فاتتك النهارده وبكرة كمان هجبلك وأجي على المستشفى، لو مكنش سيكشن عملي كنت فوته وجيت من أول اليوم
- لا روحي جامعتك وهاتي محاضراتي وبعدين تعالي بدل ما نتعطل، إحنا الأتنين، يلا نخلص علشان نقعد و

توقفت جوري عن إكمال كلماتها عندما رأت أدم يقف خلف لمياء، فرفع أحد حاجبيه وتحدث بشك

- سكتي يعني أول ما قربت، بتقولوا إيه؟ 
- بنقول كلام بنات تحب تسمع؟ 

قالتها لمياء ثم غمزت لجوري بمشاكسة فضربها أدم بخفة على رأسها وأجاب سؤالها بغيظ

- لا مش عايز أسمع، أنا هدخل ارتاح شوية

انصرف أدم بعد أن طبع قبلة على جبين حبيبته، وبعد مرور عدة دقائق جلست لمياء إلى جوار جوري على الفراش وقصت عليها كل ما حدث معها بالأمس والمفاجأة التي وجدتها في الصباح، فوضعت جوري يدها على ثغرها لتكتم صرختها وبمجرد أن استردت أنفاسها تساءلت ببلاهة

- عماد القاضي بجد ولا أنتي، أتجننتي؟ 
- لا هو بجد، وأنا برضو يوم الحادثة أقول وشه مش غريب بس من الخضه معرفتش أميز، المهم قوليلي أعمل إيه
- تقبلي طبعاااااااااااً
- وبابا؟ 

عقدت جوري بين حاجبيها قائلة: ماله عمي؟ 

- ممكن يرفض وأكيد مش هعمل كده من وراه
- بالعكس، أولاً عمي مثقف جداً، ثانياً هو نفسه بيرسم من سنين وعمره ما منعك تكتبي يبقى فين المشكلة؟! 

القت لمياء جسدها على الفراش وأخذت تنظر إلى سقف الغرفة فوكزتها جوري في قدمها بعنف وأردفت

- ما تقولي فين المشكلة؟ 
- مش عارفه خايفه 
- عموماً عمي جاي بكرة علشان عملية ماما، انتظري يومين تلاته وفاتحيه
- يكون أستاذ عماد زهق ومش بعيد يقولي لا
- خلاص اتصلي بيه فهميه

اعتدلت لمياء في جلستها وهتفت باندهاش: أنتي أتجننتي، أكلم مين؟ 

- عماد القاضي
- يا سلااااااام!! 
- والله عادي فهميه بس أنك محتاجة كام يوم، أسبوع بالكتير وتردي عليه
- لا أتحرج
- أنا قولتلك رأيي وأنتي حرة، هروح أنام ساعة وأقوم أسهر مع ماما، اوعي تنامي هنسهر كلنا سوا

غادرت جوري إلى غرفتها فبقت لمياء في مكانها وأخذت تفكر في كل ما قالته ابنة عمها ووقعت في حيرة من أمرها هل تُجري الاتصال أم تنتظر موافقة أبيها؟... وبقت على تلك الحالة لعدة دقائق قطعتها عندما أخذت قرارها وأجرت الاتصال... 
على الجانب الأخر كان عماد يتقلب في فراشه يميناً ويساراً وتطارده الكوابيس كعادة كل مساء، ولم يُخرجه من تلك الحالة سوى صوت رنين هاتفه فانتفض جسده عن الفراش وهو يتصبب عرقاً... كان كالمغيب لا يعرف ولا يعي مكان وجوده وخلال دقيقة واحدة استرد وعيه بالكامل وأحضر هاتفه ليجيب المكالمة ولكن انقطع صوت رنينه فمسح وجهه بكف يده ثم ترك الفراش ودلف إلى الحمام لينعش جسده تحت المياه، وبمجرد أن فرغ تناول الدواء الخاص به ثم جلس على حافة الفراش وأعاد الاتصال بالرقم... 
تسارعت نبضات قلب لمياء عندما صدح صوت رنين هاتفها فأغمضت عينيها وتنفست بعمق ثم ضغطت زر الإيجاب وقالت بصوت مرتعش

- السلام عليكم
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- أستاذ عماد معايا؟ 
- أيوه أتفضلي
- أنا لمياء

لوى عماد ثغره وشعر برغبة ملحة في الفتك بها ثم تمتم في نفسه: بالسرعة دي أتصلتي

فاق من شروده عندما استمع إلى صوتها: حضرتك معايا؟ 

- نعم عايزه إيه؟ 

قالها بنبرة تعالي فترقرت الدموع داخل مقلتيها ثم استجمعت شجاعتها وقالت بثبات

- آسفة أني بتصل في وقت متأخر بس حضرتك قولت أتصل عادي، عموماً أنا كنت متصله علشان أطلب من حضرتك مهلة أسبوع أخد إذن بابا لأني مقدرش أعمل حاجة من غير موافقته، كمان بابا مش عايش في القاهرة، بس خلاص أنا صرفت نظر عن الموضوع كله وشكراً على الفرصة وآسفة على الإزعاج، بعد إذنك

لم تنتظر رده وأنهت المكالمة فزفر عماد بضيق ندماً على طريقته معها فأعاد الاتصال بها لكنها لم تجيب فقد كانت تبكي لشعورها بالإهانة، فكرر الاتصال عدة مرات ولكن دون جدوى ما جعله يلقي بالهاتف على الفراش وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة أنهاها بصرخة هزت أركان المكان

- كفااااااية بقى
*****

انتظرت سهيلة حتى صعدت فاتن إلى غرفتها ثم دلفت إلى حجرة المكتب الخاصة بزوجها السابق فريد، وبدأت تبحث عن رقم أحد الصحفيين لدى جريدة صفراء تختص فقط بكشف المستور والأخبار المفبركة... ارتسمت على شفتيها ابتسامة ماكرة ثم أخرجت هاتف أخر قامت بشرائه وهي في طريقها إلى المتزل، وهلال دقيقة واحدة أجرت الاتصال فأجاب الصحفي 

- الو
- حضرتك أستاذ إبراهيم سعد؟ 
- أتفضلي مين معايا؟ 
- مش هينفع أقولك أسمي بس عندي خبر هيقلب الوسط الفني والإعلامي 

لمعت عينيّ إبراهيم فرحاً فسألها عن أي خبر تتحدث فأجابته وهي تأسر ابتسامة النصر بصعوبة

- محسن منصور أتجوز سهيلة خاطر من شهرين عند مأذون بس الجوازة في السر حتى بنتها ما تعرفش

وقف إبراهيم عن مقعده وأحضر ورقة وقلم ليدون ما قالته وبمجرد أن انتهى أكمل حديثه قائلاً 

- أنتي متأكدة من الكلام ده؟ 
- أيوه طبعاً وتقدر تتأكد بنفسك وتصورهم سوا كمان، هما بعد يومين هيسافروا سوا العين السخنة تلات أيام وهينزلوا في قرية بيلا روزا، زي ما تقول كده شهر عسل قصير والمايه تكدب الغطاس

كاد أن يسألها مِن أين جاءت بتلك المعلومات إلا أنها سبقته وأنهت المكالمة لتصدح ضحكتها الشيطانية بكل أرجاء المكان، وبمجرد أن تمالكت أنفاسها رفعت أحد حاجبيها بتفاخر وتمتمت في نفسها بسعادة

- أنا زي الفريك محبش شريك ولو مراته عندها دم هتخلع وتسيبهولي

*****

مع الساعات الأولى الصباح غادرت أحلام إلى المشفى برفقة ابنتها وشقيقتها وأدم الذي رفض الذهاب إلى الجامعة ليبقى إلى جوار طفلته فاليوم ستمر بتجربة لم تعيشها من قبل... ودعتهم لمياء وعادت إلى غرفتها لتبدل ثيابها لكي تذهب إلى الجامعة... 
في ذات اللحظة كان عماد يمارس رياضة الركض كعادة كل صباح وبمجرد أن انتهى أجرى اتصالاً بهاتفها لكنها تجاهلت ذلك كما فعلت طوال الليل ولم تجيب، زفر بضيق وقرر العودة إلى منزله ليذهب إلى الجامعة عله يصلح ما فعله.... 
بعد مرور ما يقارب نصف الساعة انتهت لمياء من إبدال ثيابها ثم غادرت الشقة واستقلت المصعد هبوطاً، لكنها بمجرد أن وصلت إلى الطابق الأرضي تذكرت أن حافظة نقودها خالية فضربت جبهتها بكف يدها وقالت بغيظ

- يخرببت الزهايمر

عادت إلى المصعد وحاولت فتحه ولكن دون جدوى فنادت حارس العقار وسألته عن السبب فأخبرها أن عمال الصيانة يعملون على سطح العقار لتحسين خدمة المصعد فضربت قدمها بالأرض كالأطفال وتحدثت بغضب

- يادي الحظ المهبب، هطلع العاشر على رجلي وأنا أصلاً متأخرة

زفرت بضيق وبدأت رحلة الصعود إلى الطابق العاشر، لكنها بمجرد أن وصلت إلى الطابق الخامس خارت قواها وجلست على إحدى درجات السلم لتلتقط أنفاسها وبقت جالسة لدقائق قليلة، وما أن أخذت قرارها لتكمل صعودها تفاجأت برؤية أخر شخص قد تتوقع وجوده أمامها، فأتسع ثغرها وهي تكاد تصدق ما تراه وقالت بدون أي تفكير

- أنت بتعمل إيه هنا؟ 

لم يجيبها ولو بكلمة واكتفى برسم ابتسامة على شفتيه فعضت هي على شفاها السفلى بغيظ ورددت بخفوت

- هو يوم أسود من أوله


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

No comments:

Post a Comment