طريقي بقربك/منى سليمان - سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Tuesday, February 5, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان


طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الثالث - بقلمي منى سليمان

* حنان *  

كانت وعد تتابع الطريق بعينيها وهي تأسر دموعها بصعوبة... أغمضت عينيها بأسى حينما تذكرت طفولتها والأيام السعيدة التي قضتها في بيتها بين أمها وأبيها... تذكرت والدها وهو يطعمها بيديه حتى لا ترهق والدتها، فقد كان حلمه وأمله في الحياة أن تنجب له صبي يرث أسمه وأمواله واليوم تخلى عنها خوفاً على الولدين اللذان أنجبتهما زوجته اللعوب التي دمرت أسرة بالكامل.. تذكرت كذلك والدتها التي غفت هي الأخرى على الأرصفة بعد طلاقها وظلت هكذا حتى شعر إمام مسجد بالشفقة عليها فتركها تقضي الليل داخل مصلى السيدات... فتحت عينيها وقررت نسيان الماضي لتبدأ حياتها من جديد وأقسمت أن تسير في الطريق الذي اختارته مهما كلفها الأمر، وظلت تفكر وتفكر حتى قاطع شرودها صوت حسام

- وعد يا وعد

نظرت إليه عبر المرآة الداخلية للسيارة وقالت برقة: معاك

- بكلمك وأنتي مش هنا خالص
- معلش سرحت شوية 
- طول ما أنا عايش مش هخليكي تشيلي هم أي حاجة في الدنيا 

ابتسمت إليه بالرغم من شعورها الشديد بالانكسار فبادلها الابتسامة بأخرى جعلت الأمل يسري داخلها من جديد فتأملت حنين الموقف ثم رددت بخفوت

- مبقاش حنين لو مش بيحبها، أكيد بيحبها باين أوي وربنا و

توقفت عن إكمال كلماتها حينما قاطعها حسام قائلاً: ما تعلي صوتك خليني أسمع

- لا بكلم نفسي وأنا لما أكلم نفسي محبش حد يسمع

ضربها بخفة على رأسها فتأوهت بمشاكسة، لكنه لم يهتم وأكمل قيادة السيارة وهو يفكر في الجميلة الجالسة على المقعد الخلفي 

********

في ذات الوقت كانت سوسن تجلس على فراش ابنتها الراحلة وتحتضن صورتها... سقطت دمعة من عينها وهي تتذكر الحادث الذي أودى بحياة زوجها وابنتها الوحيدة التي أنجبتها بعد عدة سنوات من الزواج... مسحت دموعها ثم أبعدت الصورة ونظرت إليها 

- شفتي يا نور ربنا عارف أني زعلانة ومضايقة علشان كده بعتلي وعد، وحشتيني أوي يا نور وحشتيني يا بنت عمري 

قالت كلماتها بصوت غلفه الألم وكسته الحسرة ثم ضمت الصورة إلى صدرها من جديد فتجدد بكائها

*********

في منزل والد وعد.... 
دلفت منيرة إلى غرفة وعد وأخذت تجمع كل ما يوجد بالغرفة لتلقي به في سلة القمامة... في ذات اللحظة استيقظ يحيى ثم ترك فراشه وذهب إلى غرفة ولديه لكنه اندهش بشدة من رؤية زوجته التي كانت تفرغ محتويات الغرفة فهتف متسائلاً 

- أنتي بتعملي إيه؟ 
- بفضي الأوضة وهشتري صالون وأحطه فيها، عندك اعتراض؟ 

قالت منيرة كلماتها الأخيرة بحدة فحرك يحيى رأيه يميناً ويساراً كإشارة بالنفي فابتسمت بانتصار وأردفت قائلة

- روح حضر الفطار لولادك وأكلهم على ما ألم الزبالة دي، وأعمل حسابك هننزل العصر نجيب الصالون

اقتربت منه وأسندت يدها على كتفه وأخذت تمرر ظاهر كف يدها الأخرى على وجهه ثم تابعت برقة مصطنعة

- وبالمرة يا يويو هنعدي على الصايغ نجيب الأسورة اللي كان نفسي فيها 

لم تترك له أي فرصة للاعتراض فانصرف يحيى دون أن يتفوه ولو بكلمة فشعرت منيرة بلذة الانتصار وأكملت افراغ الغرفة وهي تغني بأعلى طبقات صوتها احتفالاً برحيل وعد واستمرار سيطرتها على زوجها ضعيف الشخصية 

***********

في منزل والدة وعد... 
استيقظ زوجها ولم يجدها إلى جواره، فترك فراشه وأخذ يبحث عنها حتى رآها تبكي في الشرفة... زفر بضيق واشتعل غضباً فاقترب منها كالثور الهائج ثم قبض يده على معصمها 

- قولت ألف مرة مش عايز نكد في البيت ده
- غصب عني دي بنتي
- لو صعبانه عليكي حصليها 

قالها ثم نفض معصمها بعنف لتسقط على الأرض، فرمقها بنظرة نارية وهتف بحدة

- لو الموضوع ده أتكرر تاني هتحصليها وترجعي للشارع اللي جبتك منه يا حلوة، يلا حضريلي الفطار

حركت رأسها بالموافقة ثم نهضت عن الأرض وهمت أن تتخطاه لتذهب إلى المطبخ، لكنه جذبها إلى صدره وانهال على شفتيها بقبلات عنيفة كانت كعقاب لها، وبمجرد أن تركها ركضت إلى المطبخ وهي تمسح الدماء التي سالت من شفتيها ثم جلست على أحد المقاعد وانفجرت دموعها على حالها وحال ابنتها التي تعيش نفس المصير 

*********

في مكان أخر... 
استيقظ أمير نشيطاً كعادة كل يوم... ترك فراشه ودلف إلى الحمام ليتوضأ ويصلي فرضه، وبعد مرور عدة دقائق فرغ من صلاته واتجه صوب حافظة ثيابه لينتقي الأفضل... انتهى من ارتداء ثيابه ونثر عطره المميز ثم غادر الغرفة متجهاً إلى غرفته والدته ليطمئن عليها قبل ذهابه... طرق بابها بخفة ثم دلف إلى الحجرة، اقترب منها وطبع قبلة على مقدمة رأسها 

- صباح الخير يا ست الكل
- صباح النور، مش هتفطر برضو؟ 
- معلش معنديش وقت هشرب فنجان قهوة وأمشي
- هترجع على الغداء؟ 

ابتسم لها ثم طبع قبلة على ظاهر يدها وأجابها بصوت دافئ غلفه الحنان

- بأمر الله 
- ربنا يحفظك لشبابك ويرزقك ببنت الحلال علشان قلبي يطمن

رفع أحد حاجبيه ورمقها بنظرة تعرفها جيداً فتابعت: هفضل أدعيها لحد ما تتجوز و

قاطعها قائلاً بمشاكسة: لحد ما تتجوز يا أول فرحتي وقلبي يطمن أنك في أيد بنت ناس تحافظ عليك وتبطلك أكل المطاعم

اصطنعت الغضب حينما قلد طريقتها في الحديث فانفجر ضاحكاً ثم استرد أنفاسه وأردف

- والله حفظت يا أمي، بس ريحي قلبك وطمنيه حياتي لشغلي وبس
- روح يا أمير يارب تتكعبل في بنت تقع فيها من أول نظرة
- وأدعي تكون شبهك بالمرة 

قالها ثم طبع قبلة على وجنتها وترك الغرفة فانتظرت حتى أغلف الباب وقالت بغيظ

- والله لأقوم أصلي ركعتين وأدعي تتكعبل فيها، أنت والجحش التاني اللي مش عايز يتجوز

********

في ذات اللحظة أوقف حسام سيارته أسفل العقار الذي تسكنه سوسن... ترجل من السيارة وحمل حقيبة وعد التي ترجلت وبداخلها شعور بالأمل... بعد أقل من دقيقة استقلوا المصعد إلى شقة سوسن، وما أن توقف أمسكت حنين يد وعد لترسل إليها الطمأنينةُ فابتسمت الأخيرة ثم غادرت المصعد وطرقت باب الشقة.... فتحت سوسن الباب وابتسمت بسعادة لرؤية حنين ووعد... عانقت وعد في البداية ثم عانقت حنين التي كانت على اتصال دائم معها ثم دلفوا جميعاً إلى الداخل ورحبت سوسن بوجودهم فهي تعيش بمفردها منذ وفاة أعز الناس إليها

- وحشتيني أوي يا وعد
- وحضرتك كمان يا طنط وحشتيني
- مالك يا حبيبتي؟ 

نظرت وعد إلى حسام فأرسل إليها رسالة طمأنينة جعلتها تقص على سوسن ما حدث معها، غضبت سوسن بشدة لكنها لم تندهش فهي تعلم زوجة أبيها جيداً وتعلم كذلك الغل الذي يسكن قلبها... اقتربت من وعد وعانقتها مرة أخرى ثم هتفت بحنان

- خلاص من النهارده ده بيتك وكل مصاريفك عليا

شعرت وعد بالسعادة والإحراج في آن واحد، فابتعدت عن صدر سوسن وهتفت بخجل 

- أنا متشكرة أوي يا طنط بس 

قاطعتها سوسن قائلة بحنان: قوليلي يا ماما 

ابتسمت وعد وحركت رأسها بالموافقة بينما نظر حسام إلى حنين وغمز لها بسعادة ثم همس بصوت خفيض

- اقتراحك في محله يا قردة

رفعت حنين رأسها بشموخ فابتسم على فعلتها ثم نظر إلى وعد ليتابع حديثها وتبدلت ملامحه حينما سمعها تقول

- أنا هشتغل وأصرف على نفسي

كاد أن يعترض، لكن سبقته سوسن: كلام إيه اللي بتقوليه ده يا وعد؟!!! 

- علشان خاطري يا ماما سوسن
- أزاي تشتغلي وأنتي هتقدمي في طب؟ 
- هشتغل في الأجازة وأول شهرين في الدراسة، وعلشان خاطري وافقي أنا عمر ما حد سمعني ولا أهتم أنا عايزه إيه 

قالت وعد كلماتها الاخيرة بنبرة صوت محملة بالألم فربتت سوسن على كتفها وهتفت بحنان 

- خلاص يا حبيبتي أعملي اللي يريحك المهم ما تزعليش نفسك 
- ربنا يخليكي ليا 

*********

بعد مرور عدة دقائق غادر حسام برفقة حنين ودلفت وعد لتستريح داخل غرفة نور... اقتربت من صورة صديقتها الراحلة وأخذت تتحسسها بظاهر أناملها ثم هتفت بصوت غلفته الدموع

- تصدقي يا نور الدنيا دي غريبة أوي، انتي تموتي وطنط سوسن هتتجنن عليكي وأنا عايشه وما حدش عايزني، ياريتك أنتي اللي عايشه وأنا اللي موت

انهمرت دموعها بغزارة على وجنتيها، وشعرت بجمرة تتسلل داخل قلبها... اقتربت من الفراش وألقت بحسدها عليه وظلت تبكي حتى استسلمت إلى النوم فقد كانت تشعر بالتعب إثر الليلة التي قضتها على أحد الأرصفة 

**********

في ذات الوقت أوقف أمير سيارته وترجل منها ثم دلف إلى المشفى الذي يمتلكه... اقترب من المصعد ليستقله إلى حجرة مكتبه، لكنه توقف حينما رأى شجار بالمكان المخصص لاستقبال حالات الطوارئ... اتجه صوب الشجار واشتعل غضباً حينما استمع إلى صوت موظف الاستقبال وهو يقول بحدة 

- يا ستي هنا مستشفى استثماري مش تكيه، معكيش فلوس يبقى روحي أي مستشفى جامعي
- ربنا ينتقم منكم بنتي بتموت
- يلا من هنا بدل

قاطعه أمير قائلاً بحدة لم يعتادها من قبل: ولا كلمة زيادة

جحظت عينيّ الشاب من الحدة التي غلفت نبرات صوت أمير ثم ابتلع ريقه بصعوبة وهم أن يتحدث، لكن سبقه أمير وهتف بحزم

- طلع الحجة بنفسك لأوضة الكشف وخلي دكتور حسين يكشف على البنت وبعدها حصلني على المكتب 

حرك الشاب رأسه بالموافقة فرمقه أمير بنظرة نارية، ثم اتجه صوب السيدة وتحدث بهدوء قائلاً 

- ما تقلقيش أنا هتكفل بمصاريف علاجها
- ربنا يسعدك دي حفيدتي اللي فضلالي من ريحة أبني

ابتسم لها ابتسامة هادئة ثم أدار جسده وذهب صوب المصعد ليستقله وهو في قمة غضبه

**********

بعد مرور عدة دقائق طرق موظف الاستقبال باب مكتب أمير، ودلف إليه وهو يشعر بالخوف من النظرة التي رمقها به منذ قليل... اقترب منه ليدافع عما فعله منذ لحظات، لكن سبقه أمير حينما هتف بحدة

- أنا قولت ألف مرة أي حالة توصل الطوارئ تدخل حتى لو مفيش معاها فلوس، صح؟ 

قال كلمته الاخيرة بانفعال جعل الشاب يحرك رأسه بنعم، فضرب أمير سطح المكتب بيده وأردف بغضب متسائلاً 

- ولما هو حصل، إيه اللي حصل تحت ده؟ خلاص مفيش رحمة 
- يا دكتور دي أوامر الدكتورة نادين 

رفع أمير أحد حاجبيه باندهاش واشتعل غضباً فترك مقعده وتقدم من الشاب قائلاً بحدة

- هي المستشفى دي ملكي ولا ملك دكتورة نادين؟ 
- ملك حضرتك
- يبقى كلام مين اللي يمشي؟ 
- أكيد كلام حضرتك بس من يومين أتخانقت مع مريض في الطوارئ وبلغتتا ما ندخلش متشردين 

جحظت عينيّ أمير وشعر برغبة في الفتك بهذا الشاب وبتلك النادين، لكنه لم يفعل وهتف بغضب

- مش معنى أن دكتورة نادين مديرة قسم الطوارئ يبقى من حقها تلغي قراراتي
- هي دايما بتهددنا أنها بنت عم حضرتك علشان كده بنفذ أوامرها

أدار أمير جسده وزفر بضيق ثم تنفس بعمق وهتف دون أن ينظر إلى الشاب

- أندهلي دكتورة نادين وأرجع شغلك وده أخر إنذار ليك
- متشكر وأوعد حضرتك أني مش هغلط تاني

قالها الشاب ثم غادر المكان متجهاً إلى مكتب نادين وأخبرها بأن أمير ينتظرها في مكتبه... أمرت الشاب بالانصراف ثم أخرجت مرآة صغيرة من حقيبتها وأخذت تطالع هيئتها قبل أن تذهب إليه 

**********

في ذات اللحظة دلفت سوسن إلى غرفة ابنتها نور وابتسمت حينما رأت وعد تغفو على الفراش... اقتربت منها وجلست على حافة الفراش وأخذت تتأملها في صمت وهي تشعر بسعادة بالغة، فمنذ وفاة أسرتها تعيش بمفردها ويزورها شقيقها وزوجته بين الحين وآخر لعمله خارج البلاد، واليوم انتهت عزلتها فقد أصبح لها شريكاً في البيت سيقاسمها الصباح والمساء وكذلك تناول الطعام الذي زهدته منذ الحادث الأليم.... ابتسمت بسعادة ثم غادرت الغرفة على أطراف أصابعها حتى لا توقظها واتجهت صوب المطبخ لتعد طعام الغداء 

**********

في المشفى... 
دلفت نادين إلى مكتب أمير وابتسامة سعادة ترتسم على وجهها... اقتربت منه وهي تتمايل بدلال مصطنع ثم جلست على حافة مكتبه قائلة بسعادة

- طلبتني يا أمير؟ 

جز أمير على أسنانه وتطاير الشرار من عينيه، فابتلعت ريقها بصعوبة وابتعدت عنه ثم جلست على المقعد المقابل له وأردفت قائلة

- هو أنا مزعلاك في حاجة؟ 

ضرب أمير بيده على سطح المكتب فانتفض بدن نادين، فهي تعلم طباعه جيداً، وبالرغم من تحليه بصفات حميدة جعلتها تقع في غرامه إلا أنها تعلمه جيداً عندما يغضب... ترك مقعده واقترب منها قائلاً بحدة

- مش معنى أنك بنت عمي ومديرة قسم الطوارئ، ده يديلك الحق تلغي قراراتي
- أنا أنا معملتش

قاطعها قائلاً بحدة: كدابة وطلبتي منهم ما يدخلوش متشردين

- أنا فعلاً عملت كده بس ده قرار لصالح المستشفى 
- لما نطرد الناس في الشارع يبقى في مصلحة المستشفى؟!!! 
- أيوه طبعاً دي أكبر مستشفى استثماري في البلد ودخول الأشكال دي هيخلي الناس تقرف مننا و

لم يستطع تحمل المزيد فرفع كف يده في الهواء مانعاً إياها من المتابعة فعضت على شفاها السفلى وانتظرت توبيخه لها كما يفعل دائماً 

- دكتورة نادين ده أخر تحذير ليكي
- دكتورة؟!!! أنا بنت عمك
- إحنا هنا في شغل مش في البيت وأظن كلامي واضح
- واضح يا ميرو

رفع أمير أحد حاجبيه فتابعت قائلة: قصدي واضح يا أمير

رفع كلا حاجبيه فعلمت ما يقصده وأردفت: قصدي واضح يا دكتور أمير

- أتفضلي على شغلك

غادرت نادين المكان وهي تشعر ببركان غضب يسري بداخلها، فهي تعلم تمام المعرفة أنه لا يبادلها نفس المشاعر واليوم تأكدت من ذلك، وما أن دلفت إلى حجرة مكتبها، جزت على أسنانها وهتفت بحدة

- أنا هخليك تحبني وتركع تحت رجليا وبكرة نشوف يا دكتور مين هيجري ورا مين

*********

غادر أمير مكتبه ليتابع سير العمل ويطمئن على مرضاه، لكنه توقف حينما رأى السيدة العجوز... اقترب منها فقابلته بابتسامة وهتفت بحنان

- ربنا يبارك فيك يا أبني
- حفيدة حضرتك عامله إيه؟ 
- الحمد لله الدكتور قالي أطمن وطلعت تعمل أشعة

شعر أمير بالرضا لرؤيته السعادة داخل عينيها وكاد أن يعتذر منها، لكنها سبقته وهتفت بحنان

- ربنا يسعدك ويباركلك في مراتك وأولادك 

ابتسم لها ابتسامة جعلتها تتابع كلماتها: شكلك مش متجوز 

- مين هترضى بدكتور بيفطر ويتغدى في المطعم اللي جمب المستشفى وليل نهار بره البيت؟ 
- هتلاقيها وهتعيش أجمل حياة على قد طيبة قلبك 
- ما أظنش في واحدة ترضى بيا بس هعيش على الأمل اللي أخدته منك، هروح أشوف شغلي 

ابتعد أمير ليمر على مرضاه وابتسم مراراً وتكراراً على كلمات تلك السيدة الطيبة وتساءل في نفسه 
"أحقاً سيأتي يوم أجد فيه تلك الفتاة، لقد انقضت سنوات عمري الثمانية والعشرون دون أن أقع في الحب فهل سيأتي يوم وتسرق قلبي إحداهن"
عاد إلى أرض الواقع حينما وصل أمام غرفة إحدى مرضاه، فطرق بابها ودلف إليها ليتابع عمله 

*********

بعد مرور خمس ساعات تململت وعد في فراشها وهي تشعر بالإرهاق... فتحت عينيها واعتدلت في جلستها ثم وضعت رأسها بين كفيها فقد كانت تشعر بألم يكاد أن يفتك برأسها ناتج عن البكاء الذي رافقها طوال الأربع والعشرون ساعة الماضية... تحاملت على نفسها وتركت الفراش ثم أبدلت ثيابها وغادرت الغرفة... أخذت تبحث عن سوسن حتى رأتها تجلس على سجادة الصلاة وتتلو آيات القرآن... اقتربت منها وجلست إلى جوارها فابتسمت سوسن وأنهت قرأتها ثم تأملت وعد وشعرت بغصة في قلبها لرؤية أثر الدموع يحاوط عينيها.... أخذت تمسح بيدها على وجهها وخصلات شعرها فابتسمت لها وعد وأسندت رأسها على صدر سوسن فحاوطتها بحنان وهتفت بصوت دافئ

- ربنا يخليكي ليا وتملي عليا البيت
- وربنا يخليكي ليا 
- قوليلي يا ماما 
- ربنا يخليكي ليا يا ماما 

شعرت سوسن بالسعادة تسري بداخلها من جديد فشددت في احتضانها وتمنت أن تدوم سعادتها إلى ما لا نهاية، أما وعد فأغمضت عينيها وتساءلت في نفسها هل انتهى العذاب، أم مازال القدر يخبأ لها صفعة جديدة ستقلب موازين حياتها من جديد؟ 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة.. دائرة حقوق المؤلف

No comments:

Post a Comment