سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Monday, November 18, 2019

ناي أنثى/ تركية سودين

November 18, 2019 0
ناي أنثى/ تركية سودين

يا مباركة اليد أفيقي، اشفي ذاك المتيم من لوعة التفريق، يا عطر انفاسها من مسك و عنبر ،يا حمرة الشفاه والخد من شقيق شبابها مشيبها على حد سواء لم يزدها ذاك ألا جمال كالعقيق ،يتمنا الدهر منك يا جميلة أطفأ ما في عينيك من البريق ، يا مليحة المحاسن والخلال ياعذبة الثنايا وعذوبة الريق أسكنك الله في فردوس خلده سقاك الكوثر والرحيق.

للقرأة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا

Tuesday, October 8, 2019

أحببتك بعين قلبي/ صفا غنيم

October 08, 2019 0
أحببتك بعين قلبي/ صفا غنيم

دماء على ثوب أبيض/نسمة أبوالنصر

October 08, 2019 0
دماء على ثوب أبيض/نسمة أبوالنصر

قمر الدم/ هشام الحمراوي

October 08, 2019 0
قمر الدم/ هشام الحمراوي

كتبت أحبك/ محمود أبو زيد

October 08, 2019 0
كتبت أحبك/ محمود أبو زيد

Tuesday, July 30, 2019

جوري / منى سليمان

July 30, 2019 0
جوري / منى سليمان

جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان  

* دموع الفرح * 

مضت الأيام والأسابيع والأشهر على الجميع، سيطر الربيع على فصول البعض منهم والخريف على فصول البعض الأخر... 
* انتهت أمتحانات نهاية العام الدراسي وتخطى أدم عامه الرابع بذات التقدير المرتفع بالرغم من انشغاله الدائم بالعرض المسرحي فتقبلت فاطمة حلمه وقررت مساندته بعد أن أوفى بوعده لها... 
* تخطت جوري عامها الثالث بنجاح باهر ما أسعد قلب أحلام التي مازالت تُحارب مرضها ومازالت تخضع للعلاج الإشعاعي... 
* كانت سعادة لمياء عارمة حينما حصلت على تقدير فاق العامين المنصرفين ما أسعد والديها فبالرغم من انشغالها بنجاح كتابيها إلا أنها حافظت على نجاحها الدراسي... 
* ازداد العشق الساكن بقلب عماد تجاه لمياء وشرع عدة مرات في البوح بمشاعره لكن صوت الماضي منعه في كل مرة فكان دائم الصراع بين عشقه وماضيه...
* رسبت فاتن كعادة كل عام فهي لم تدوام في الامتحانات نظراً لارتباطها بالعديد من الأعمال الفنية بعد أن سطع أسمها في عالم السينما والتلفاز ولكن بالرغم من مرور كل هذا الوقت لم تعود علاقتها كالسابق مع والدتها فكثيراً ما تجنبتها سهيلة بل وطلبت منها الاحتفاظ بعقد الزواج تحسباً لأي أمر طارئ، كما عينت لابنتها حارساً شخصياً لازمها أينما ذهبت لينقل جميع تحركاتها...

*****

تململت بكسل حينما داعبتها أسعة الشمس ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى فتحت عينيها والابتسامة تلازم شفتيها... أخذت تداعب خصلات شعرها بيدها وبداخلها شعور بالسعادة فبعد عدة ساعات سترتدى خاتم خطبتها الذي نُقش عليه حروف أسم من عشقته منذ نعومة أظافرها... تركت فراشها ومضت بخطوات هادئة نحو شرفتها لتتأمل الطبيعة الخلابة ولكن وقعت عينيها على حبيبها فلوحت إليه بيدها ليبادلها بقبلة أرسلها إليها عبر الهواء ثم أخرج هاتفه من جيب سرواله وتحدث إليها

- صباح الخير

قالت برقة فخفق قلبه نابضاً بأسمها ثم بادلها بتحية الصباح وشاكسها كعادته لتنطلق من بين شفتيها أعلى الضحكات فعض أدم شفتاه بهيام وهتف

- ما ينفعش أطلع أخد حضن كده على السريع وأنزل؟ 

أبعدت جوري الهاتف عن أذنها ووجهت نظراتها إليه ثم قالت بحدة: أحترم نفسك

انفجر أدم ضاحكاً وقهقه بأعلى طبقات صوته فشاركته الضحك ثم أنهت المكالمة دون أن تودعه ودلفت إلى الداخل وخلال دقائق قليلة توضأت وصلت فرضها ثم أبدلت ثيابها وفتحت بابها لتجد أدم يقف في انتظارها مستنداً بجسده على الحائط فزمت شفتيها بغضب وشرعت أن تتخطاه لكنه لم يسمح بذلك بل أدخلها ثم لحق بها وأغلق باب الغرفة فتعالت شهقاتها وقالت بصوت مرتعش

- أفتح الباب وبطل جنان
- بتقفلي السكة في وشي يا بت أنتي
- أنت اللي عصبتني
- طيب أنا هخليكي تحرمي تعمليها تاني

اقترب منها فتراجعت بدورها إلى الخلف والخوف يظهر بوضوح على قسمات وجهها فأسر أدم ابتسامته وتابع مازحاً 

- ناس ما تجيش غير بالعين الحمراء صحيح، المرة دي سماح المرة الجاية ما أضمنش، يلا أمشي من قدامي

حركت رأسها بالموافقة وتخطته لتغادر إلا أنه سبقها وقبض على معصمها ثم جذبها نحوه وقربها منها فكادت أن تتحدث لكنه سبقها ورفع يدها إلى شفتيه طابعاً على باطن كفها قبلة عميقة ثم قال بصوت دافئ غلفه العشق

- مبروك يا عمري
- الله يبارك فيك

قالتها بخجل ثم سحبت يدها وغادرت الغرفة على عُجالة فرفع أدم أحد حاجبيه وتمتم بغيظ

- وراكي لحد ما تبطلي كسوف

*****

بمنزل أحمد... 
اجتمعت الأسرة على مائدة الإفطار وتناولوا الطعام في أجواء ساحرة سُرقت من الزمن... أطعم أدم طفلته بيده وكذلك فعل أحمد مع زوجته فزفرت لمياء بضيق وأسندت يدها أسفل وجنتها فابتسم شقيقها سعد وأطعمها هو الأخر ليدللها فتناولت ما بيده بسعادة، ولم تقل سعادة فاطمة وأحلام عن الجميع فغداً سيعود الفرح ليعم المكان... وما هي إلا دقائق حتى طلب أحمد منهم الاستماع إليه فتوقفوا عن تناول الطعام وانتبهوا إليه

- طبعاً كلكم عارفين أن بكرة خطوبة ابن أخويا على بنت أخويا، بس في مفاجأة تانية حابين ناخد فيها رأي العروسة بما أننا كلنا متجمعين
- خير يا عمي؟ 

تساءلت جوري باهتمام فابتسم أدم وراقب ملامح وجهها ليرى رد فعلها حينما تعلم بالمفاجأة فأجابها أحمد

- أدم طلب مني ومن فاطمة وأحلام أنكم تكتبوا الكتاب بكرة والدخلة بعد ما يخلص الجامعة يعني بعد سنة

جحظت عينيها ووضعت يدها على ثغرها لتكتم صرخة السعادة التي كانت على وشك الانطلاق فتابع أحمد مازحاً 

- كده رد العروسة وصل وشكلنا هنقول مبروك 

تلألأت الدموع داخل مقلتي جوري وتركت مقعدها ثم اقتربت من عمها وعانقته فبادلها العناق لتتذوق بين أحضانه الحنان الأبوي الذي تحتاج إليه، وبمجرد أن ابتعدت عنه عانقت فاطمة ثم فعلت المثل مع والدتها فقالت الأخيرة

- مبروك يا بنت عمري، أدم راجل وهيحافظ عليكي ويصونك العمر كله
- الله يبارك فيكي يا ماما ويخليكي ليا 

طال العناق لدقائق قطعها أدم حينما اقترب من أحلام وهتف مازحاً: إيه يا لولي هو أنا مليش نصيب في حضن ولا إيه؟ 

ابتسمت أحلام وكذلك جوري التي ابتعدت عن والدتها وأخذت تزيل الدموع عن وجنتيها فوضع أدم كفيها بين كفيه وتابع بصوت دافئ

- من النهارده مفيش دموع، عايزك تضحكي وبس 
- ربنا يخليك ليا وتفضل سندي وأماني العمر كله

راقبوا جميعاً سعادة أدم وجوري باهتمام عدا لمياء التي شردت في المشاكس خاصتها فقد زاد شعورها بالاشتياق إليه نظراً لانشغاله عنها، فمنذ ما يقارب الخمس أيام لم يتحدث إليها ولم يراسلها، لكنها فاقت من شرودها على صوت باب المنزل فتركت مقعدها واتجهت صوب الباب وفتحته لعدم وجود الخادمة، وما أن فتحت الباب جحظت عينيها وهي تكاد لا تصدق ما تراه فأتسعت ابتسامته وسألها بجدية مصطنعة

- عمي أحمد موجود؟ 
- أنت بتعمل إيه هنا؟ 

ضيق عماد بين حاجبيه واصطنع الغضب قائلاً: ما تقوليلي أمشي أحسن

كادت أن تتحدث لكن سبقها والدها حينما اقترب من باب المنزل ورحب بعماد فعلمت لمياء أنه كان ينتظر حضوره، ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى أنضم عماد إلى مائدة الإفطار بعد أن تعرف إلى سعد ورحب به الجميع فمالت جوري على أذن لمياء وتساءلت

- هو إيه النظام؟ 
- معرفش
- عليا برضو
- والله ما أعرف حاجة، زيي زيك و

توقفت عن إكمال كلماتها عندما جلس عماد على المقعد المجاور لها وبدأ في تناول الطعام بعد أن أصر أحمد عليه فاستغل انشغال الجميع وردد بصوت خفيض

- وحشتيني

اصطنعت الغضب ولم تعيره أي اهتمام فتابع: عارف أنك زعلانه علشان بعدت بس كمان شوية هحكيلك كل حاجة

- كل يا عماد أنت مش غريب

قالها أحمد فحرك عماد راسه بامتنان وتناول الطعام في جو أسرى دائماً ما يبعث الطمأنينة إلى قلبه

******

دلفت إلى القصر كالإعصار ثم صعدت الدرج واتجهت صوب غرفة والدتها لتجدها بالشرفة تتناول فنجان قهوتها... اقتربت منها وشرار الغضب ينبعث من عينيها ثم قالت بحدة 

- لحد أمتى التور اللي تحت ده هيفضل ماشي ورايا ومراقبني، وأزاي يضرب شادي؟  

لم تتفوه سهيلة ولو بكلمة بل أشعلت سيجارتها وأخذت تنفس دخانها في الهواء ما زاد غضب فاتن فتابعت

- مامي أنا بكلمك على فكرة
- كنتي رايحه مع شادي البيت تعملي إيه؟ لو فاكرة أن سليم هيعمل اللي عمله تاني ويخلصك من مصيبة تانية تبقي غبية و

قاطعتها فاتن قائلة: شادي صديق مش أكتر 

وقفت سهيلة عن مقعدها ونفست دخان سيجارتها في وجه فاتن ثم تحدثت ببرود قائلة

- شادي سمعته في الوسط معروفه، فبلاش تلفي وتدوري وتقولي صديق لأني عارفة ومتأكدة أنتي كنتي رايحه معاه ليه واطلعي بره أوضتي علشان مش عايزه أتصرف معاكي تصرف ما يعجبكبش

أدارت فاتن جسدها لتغادر والغضب يتملك كل ذرة في كيانها فأوقفتها سهيلة قائلة: علاقتك بشادي تنتهي النهارده، الوسط مليان ممثلات من سنك وممثلين سمعتهم نضيفة بلاش تروحي عند الزبالة وتقفي

صرت فاتن على أسنانها وغادرت الغرفة دون أن تتفوه ولو بكلمة ودلفت إلى غرفتها ثك اتجهت مُباشرةً صوب خزانتها وأخرجت عقد زواجها القديم لتمزقه عل لعنته تنتهي لكنها تذكرت حديث والدتها حينما طلبت منها الاحتفاظ به تحسباً لأي طارئ فأعادته إلى حيث كان ثم جلست على حافة فراشها وتمتمت في نفسها

- كان يوم أسود لما طاوعتك يا هشام الزفت

****

أعدت ماجدة أكواب الشاي ثم وضعتها على الصينية وطلبت من الخادمة حملها والتوجه نحو غرفة الجلوس حيث يجلس أحمد برفقة عماد وسعد وأدم... أثناء مرور الخادمة أشارت لها جوري فاقتربت منها وتساءلت

- محتاجة حاجة يا ست جوري؟ 
- أيوه، بصي لما تدخلي حاولي أسمعي بيقولوا إيه ووأنتي خارجة ما تقفليش الباب علشان نسمع
- حاضر

ابتعدت الخادمة وأكملت طريقها فوقفت لمياء عن مقعدها ووكزت جوري في كتفها ثم هتفت بغيظ

- أنتي أتهبلتي يا بت أنتي، عايزه أم محمد تتسنط على بابا
- على أساس مش هتموتي وتعرفي العمدة هنا بيعمل إيه؟ 
- عمدة إيه، هي العزبة فيها عمدة وأنا معرفش؟! 
- ياختتتتتتتتتتتي

قالتها جوري بغيظ فضحكت لمياء بجنون ثم استردت أنفاسها وقالت: خلاص فهمت قصدك عماد 

- الحمد لله طلعتي بتفهمي 

ما أن توقفت جوري عن الحديث اقتربت الخادمة منها وهتفت: لما دخلت سكتوا

لوت جوري ثغرها بضجر وسألتها: طيب سيبتي الباب مفتوح؟ 

- لا، الأستاذ سعد قام قفل ورايا لما سبته مفتوح شوية
- يادي الحظ، متشكرين يا أم محمد

انصرفت الخادمة وعادت إلى المطبخ لتُساعد ماجدة في تحضير طعام الغداء فجلست جوري إلى جوار لمياء عاقدة ذراعيها أمام صدرها فرفعت لمياء كلا حاجبيها باندهاش وهتفت

- اللي يشوف كده يقول بيخطبوكي جوه وأنا معرفش
- الصراحة قلبي حاسس أنه بيخطبك أنتي
- لا يا شيخة وإيه الثقة دي، أعرفه من سبع شهور وعمره ما قالي معجب حتى، هيجي النهارده فجأة كده يخطبني ده إيه الذكاء ده
- يا عبيطة مش لازم يقول معجب كفاية تصرفاته وتصرفاته بتقول أنه بيعشقك أسأليني أنا

كم تمنت لمياء أن يتحقق كل ما قالته جوري فقد فاض عشقها لعماد وتخطى جميع الحواجز والحدود ولم تفق من شرودها إلا عندما انتبهت إلى خروج أدم من الغرفة ثم اقترب من جوري وتساءل

- إيه يا عمري مالك؟ 
- مفيش 
- أمال بعتالي رسالة عايزاك ضروري ليه؟! 

سألها باندهاش فقررت استعمال سلاحها الأنثوي علها تحصل منه على المعلومات التي تحتاج إليها فأجابته بدلال لم يعتاد عليه

- وحشتني إيه ما ينفعش توحشني؟ 

غمز لها أدم بمشاكسة وتحدث مازحاً: ينفع طبعاً بس هاتي من الأخر وقولي عايزه إيه

- مفقوصه صح؟ 
- أوي
- من الأخر كده عايزه اعرف في إيه بيحصل جوه

رفع أدم كتفيه بلا مبالاة وتحدث بصوت رجولي: عمي عازم أستاذ عماد على كتب الكتاب بس

لوت جوري ثغرها بضجر فأسر أدم ضحكته بصعوبة ثم ضربها بخفة على مقدمة رأسها وتابع

- طلعتي حشريه شكلي هغير رأيي
- طيب أعملها كده وأنا أقتلك 
- أموت أنا في الشرس، هدخل عند عمي وإياكي تبعتي رسايل تاني

لم ينتظر ردها وعاد إلى الغرفة فعادت لتجلس إلى جوار لمياء والفضول يتأكلها، وبعد مرور ما يقارب نصف الساعة غادر أحمد الغرفة برفقة عماد وأدم ثم اقترب من جوري ولمياء وقال

- يلا يا بنات أخرجوا غيروا جو وخدوا عماد يتفرج على العزبة وأنا وسعد ورانا مشوار على ما ترجعوا نكون خلصنا

لم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت جوري برفقة أدم وسارت لمياء برفقة عماد فتحدث بصوت خفيض يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس

- وحشتيني أوي
- ماشي 
- إيه ماشي دي؟ 
- عايزني أقول إيه يعني؟! 

تساءلت بغضب ملحوظ فعلم أنه غيابه عنها ضايقها، لكنه كان الحل الأمثل ليحسم أمره ويُنهي الصراع بين عشقه لها وماضيه فكاد أن يجيبها إلا أنها لم تترك له فرصة وسبقته لتسير إلى جوار جوري فابتسم على فعلتها وسار هو الأخر إلى جوار أدم إلى أن وصلوا أمام المجرى المائي الذي يتعانق مع الأراضي الزراعية فبدا المكان ساحراً 

- هاخد جوري كده نصايه ونرجع

قالها أدم ثم مضى برفقة جوري فاقتربت لمياء من المياه وأخذت تتأمل أشعة الشمس الساقطة بداخلها فتنفس عماد بعمق ثم لحق بها ووقف خلفها علها تنظر إليه ولكن دون جدوى فوقف أمامها وتساءل

- هتفضلي زعلانة كده كتير؟ 
- أنا مش زعلانة 
- أمال متعصبة ليه؟ 
- مش متعصبة

لم يستطع أسر ابتسامته ما زاد غضب لمياء فتابعت بحدة: وكمان ليك عين تضحك و

قاطعها قائلاً بدون أي تردد أو تفكير: بحبك يا لمياء

أتسع ثغرها وأخذت ترمش عدة مرات وهي تكاد تصدق ما سمعته ثم تمالكت أنفاسها وسألته: أنت قولت إيه؟ 

- ما قولتش حاجة
- عمااااااد 

لم يستطع كبح لجام نفسه فانفجر ضاحكاً وقهقه بأعلى طبقات صوته فتضاربت المشاعر بداخلها بين السعادة لما قاله منذ لحظات والغضب لسماعها صوت ضحكاته فأردفت بحزم

- بطل ضحك لو سمحت بدل ما أسيبك وأمشي

توقف عن الضحك ثم نظر مُباشرةً إلى عينيها وتحدث بصوت دافئ غلفه العشق

- تمشي تروحي فين؟ أنا بقالي ٣٠ سنة بدور عليكي

تسارعت نبضاتها فشعرت أن قلبها على وشك مغادرة الضلوع فوضعت يدها حيث يسكن القلب علها تُهدى من دقاته لكن ذلك لم يحدث فقد أكمل حديثه العذب قائلاً 

- لا حبيت قبلك ولا هحب بعدك، واليومين اللي بعدت فيهم كنت بحاول أهرب من حبك بس ما عرفتش، أنتي محفوره جوه قلبي وعشقك بيغذي كل شراييني، مش عارف إزاي وأمتى سرقتيني من نفسي بس اللي عارفه أن حبك كان دوايا ودواء لكل جروحي

تلألأت الدموع داخل مقلتيها تأثراً بحديثه العذب فاقترب منها خطوة واحدة كانت كفيلة بكسر الحواجز بينهما ثم تابع بنبرة صوت هادئة

- أنا قبلك كنت ضايع ولقيت نفسي لما لاقيتك، جوايا شرخ كبير أوي وذكريات كلها مرار وألم بس هنسى كل ده جمبك وفي حضنك، يمكن في يوم أقدر أحكيلك وممكن لا بس عايزك تفضلي جمبي وما تبعديش أبداً وأوعدك هحافظ عليكي وأحطك جوه قلبي

لم تتفوه ولو بكلمة واحدة فقد كانت كالمغيبة لا تسمع ولا ترى سواه فبادلته نظراته ودموع الفرح تتساقط من مقلتيها فابتسم لها وأكمل حديثه قائلاً 

- ما تعيطيش، مش عايز حاجة من الدنيا دي كلها غير أني أشوف فرحة عيونك

اختلطت دموعها بابتسامتها الساحرة التي جعلته أسيراً داخل عشقها فتابع بصوت دافئ

- أنا كلمت عمي أحمد أمبارح وطلبت ميعاد علشان أتقدم ليكي والنهارده جيت وطلبت أيدك منه بس لأني وحيد محدش جه معايا، تقبلي تتجوزيني وتشاركيني حياتي بحلوها ومرها، وتبقي ليا حبيبة وصديقة وزوجة وأم وأخت؟ 

عادت لتبكي من جديد فقد لامست كلماته مشاعرها فأردف مازحاً: ده عرض جواز على فكرة، هفتكر دموعك رفض وأنا بقالي ساعة بقنع عمي أحمد أني أتقدملك بنفسي بعد ما وافق مبدئياً هو وسعد، ها قولتي إيه نروح نجيب الشبكة وبدل الفرح يبقوا أتنين ولا أخد بعضي وأرجع الدار أشوفلي

قاطعته قائلة: بحبك يا مجنون


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Monday, July 29, 2019

جوري/ منى سليمان

July 29, 2019 0
جوري/ منى سليمان
جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء

الفصل الثامن عشر - بقلمي منى سليمان  

* حنين *  

ركضت سهيلة باتجاه غرفة فاتن ثم اقتربت منها وأخذت تضرب برفق على وجنتها علها تفيق فتململت بكسل وخلال لحظات قليلة استعادت وعيها بعد أن نثرت مساعدتها القليل من العطر بالقرب من أنفها فاعتدلت بصعوبة وهي تشعر بثقل جسدها ثم ساعدتها سهيلة على النهوض عن الأرض وتساءلت بقلق

- حاسه بإيه؟ 

لم تستطع فاتن أن تجيبها لشعورها الشديد بالتعب والإرهاق فأراحت جسدها إلى الخلف قليلاً لكنها شعرت برغبة ملحة في التقيؤ فوضعت يدها على ثغرها وركضت باتجاه الحمام ما زاد قلقل سهيلة فطلبت من مساعدة فاتن إخبار المخرج بإلغاء التصوير ثم انتظرت حتى انتهت فاتن واصطحبتها إلى الخارج وخلال لحظات انطلقت بسيارتها إلى المشفى الذي يمتلكه أحد أصدقائها من خارج الوسط الفني، بينما أسندت فاتن رأسها على شباك السيارة لشعورها الشديد بالنعاس 

*****

بالجامعة... 
انتهت جوري من أداء امتحانها ووقفت تُراجع بعض الإجابات مع زميلاتها وبمجرد أن انتهت وجدت أدم يستند بجسده على سيارته ويقف في انتظارها فاقتربت منه والسعادة تظهر بوضوح على قسمات وجهها فردد مازحاً كعادته

- أنا خايفة يا أدم، حاسة مش هعرف أحل يا أدم، ودلوقتي السعادة هتنط من عينيكي
- ما كل اللي ذاكرته جه في الامتحان لازم أفرح
- ماشي، كل القلق يهون علشان عيونك يا جميل

أشار بيده فدلفت إلى سيارة وما هي إلا لحظة واحدة حتى ركب إلى جوارها وأدار محرك السيارة فسبقته قائلة

- إيه رأيك أجي بكرة الكلية عندك وأستناك لحد ما تخلص امتحانك و

قاطعها قائلاً: إياكي تقربي من باب الكلية عندي، أنتي عايزاني ارتكب جريمة قتل ولا إيه؟ 

وضعت يديها في منتصف خصرها وهتفت بغيظ: يا سلام، خايف حد يعاكسني ولا خايف أجي ألاقي البنات بيعاكسوك ما أنت صورتك منوره في إعلانات المسرحية في كل حتة و

توقفت عن إكمال كلماتها وتطاير شرار الغضب من عينيها حينما هندم ياقة قميصه ورفع رأسه بشموخ ليُزيد غيرتها فصرت على أسنانها وتابعت

- أنت غتت وغلس ورخم، وهنزل وأسيبك

همت أن تفتح باب السيارة لكنه سبقها وأغلق جميع الأبواب من خلال الزر الرئيسي الموجود إلى جواره فأدارت وجهها إليه وأردفت بغيظ

- تسمح تفتح الباب
- لا ما أسمحشي

قالها بطريقة موسيقية ثم غمز لها بمشاكسة ما زاد غضبها، وقبل أن تنفجر في وجهه سبقها وقال بنبرة صوت هادئة

- بحبك يا مجنونة، ولو حواليا ألف واحدة مش هشوف غيرك
- طيب لو مليون؟ 

لم يفهم مقصدها في البداية لكنه وصل إلى ما ترمي إليه فكاد أن ينفجر ضاحكاً ومع ذلك تمسك بجديته وأجابها

- ولو عشرة مليون حتى مش هشوف واحدة غيرك
- بجد يا أدم؟ 
- بجد يا قلب أدم

تنهدت براحة فانطلق عائداً إلى المنزل لتحصل على قسط من الراحة ويتابع هو دروسه قبل امتحانه الأول

*****

في ذات اللحظة توقف عماد على مقربة من شارع المعز على أمل تناول فنجان قهوته برفقة لمياء فوجدها تغفو كالملاك على المقعد المجاور له... تأملها للحظات وقلبه يخفق بطريقة كان قد نسيها ولكن حال بينهما بعد الخصلات الساقطة على وجهها وشفتيها فتمنى أن يزيلها ومع ذلك لم يستطع لمسها خوفاً من غضبها فناداها بصوته العذب عدة مرات حتى استيقظت وفتحت عينيها 

- سوري نمت من تعبي، وصلنا؟ 

تساءلت وهي تدور بعينيها في المكان، وقبل أن يجيبها تابعت: شكل القهوة وحشتك

- شوية، بس شكلك تعبانه خلينا نروح
- لا خلينا شوية، المكان هنا مريح فعلاً وهشرب معاك قهوة يمكن أصحصح عندي بكرة عملي 

نفذ رغبتها على الفور وأكمل طريقه إلى المقهى وخلال لحظات قليلة وصل إلى وجهته وترجل من السيارة ثم اتجه صوب بابها وفتحه فاندهشت من رقة معاملته دون أن تعلق ثم مضت برفقته وجلست على المقعد المقابل له فسألها بحماس 

- إحساسك إيه وأنتي شايفه أول كتابين ليكي؟ 
- فرحة بجد ما تتوصفش، خصوصاً أنهم هيكونوا أول وأخر كتب ليا

اندهش بشدة وظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهه فتابعت: مفيش وقت أكتب، دراستي صعبة والدراسة مش زي أي جامعة ده غير الدراسة في المستشفيات والتكليف

- بس ده ما يمنعش أنك تكتبي، خصصي ساعة في اليوم لقلمك أو على الأكل ٣ ساعات في الأسبوع
- هحاول، ممكن لما أسافر أبقى

قاطعها متسائلاً: هتسافري فين؟ 

- العزبة، إحنا بنيجي القاهرة أيام الدراسة بس

شعر عماد بحزن عميق فلم يتخيل يوماً أن تبتعد، وكيف سيمر يومه دون أن يراها ولو خلسة من خلال شرفتها فشرد بشدة لدرجة أنسته الزمان والمكان ولم يفق من شروده إلا عندما وضع النادل فنجان القهوة أمامه ثم انصرف فتساءل بحزن 

- هتسمحيلي أكلمك لما تسافري؟ 

خفق قلبها بسعادة وأجابته برقة: طبعاً وقبل المعرض بيوم هكون موجودة، عارف إحنا عايشين في العزبة بس علشان أرضنا، بعد وفاة عمي أبو أدم وعمي أبو جوري، بابا كان لازم يراعي كل الأراضي دي فكان الحل أننا كلنا نسيب القاهرة ونروح هناك، العزبة جميلة جداً أتمنى في يوم تيجي وتقضي يوم فيها

كان يستمع إليها باهتمام وبدأت تصف له المكان والطبيعة لدرجة جعلته يرسم لوحة فنية داخل رأسه، وبمجرد أن توقفت عن الحديث ارتشف قطرات قهوته وهتف

- أكيد في يوم هاجي وتوريني كل ده بنفسك، تقدوي تقولي هتبقي المرشدة السياحية بتاعتي

قال كلماته الأخيرة هامساً ليشاكسها فابتسمت على فعلته ثم تحدثت بجدية مصطنعة

- مفيش مانع بس ما ترجعش في كلامك
- أنا عمري ما رجعت في كلامي، يلا علشان تلحقي تنامي شوية عيونك كلها نوم

حركت رأسها بالموافقة ومضت برفقته فانطلق عائداً إلى المنزل وبداخله شعوراً قوياً بالحنين إليها بالرغم من وجودها إلى جواره

****

وصلت سهيلة وابنتها إلى المشفى واتجهت مُباشرةً إلى غرفة صاحب المشفى فأدخلتها الممرضة على الفور بناءاً على تعليماته فقد تحدثت إليه سهيلة وهي بالطريق لينتظر وصولها... رحب بسهيلة ثم اصطحب فاتن إلى غرفة الكشف المجاورة لغرفته وبدأ في معاينتها لتتبدل ملامحه وتساوره الشكوك فقرر إجراء بعض التحاليل ليقطع الشك باليقين

- طمني يا سليم؟ 
- ما تقلقيش هي مرتاحه على السرير جوه علشان الدوخه وكلها عشر دقايق وتطلع نتيجة التحليل اللي طلبته و

قاطعته متسائلة بقلق: تحليل ليه؟ 

- مفيش حاجة عايز أطمن عليها، ممكن تهدي شوية علشان ما توتريش البنت

حركت رأسها بالموافقة وهدأت قليلاً، وخلال دقائق قليلة طرقت الممرضة باب الغرفة واقتربت منه ثم أعطته نتيجة التحاليل لتتأكد شكوكه فرفع رأسه عن الأوراق وقال بارتباك

- سهيلة التحاليل اللي قدامي بتقول أن أن يعني فاتن، والله ما عارف أقولك إيه

خفق قلبها بسرعة جنونية فاختطفت الأوراق من يده بعد أن قدمها إليها فجحظت عينيها وهي تكاد لا تصدق ما تراه، فترك سليم مقعده واقترب منها قائلاً 

- ممكن تهدي شوية يمكن

قاطعته قائلة: يمكن إيه يا سليم، بنتي أنا حامل من غير جواز طيب أزاي، هقول لفريد إيه هقوله كان معاك حق وأنا فشلت في تربيتها

- وليه تفكري كده مش يمكن متجوزه، أهدي وأدخلي أتكلمي معاها
- ولو طلعت مش متجوزه هعمل أنا إيه وقتها؟! 
- هنلاقي حل، أتكلمي معاها الأول وأي مشكلة في الدنيا ليها حل وأنا جمبك ومستحيل أتخلى عنك

حركت رأسها لأعلى وأسفل ثم وقفت عن مقعدها وغادرت إلى الغرفة المجاورة حيث ترقد فاتن ثم اقتربت منها وأعطتها نتيجة التحاليل فقرأت فاتن النتيجة ووضعت يدها على ثغرها من هول الصدمة، وقبل أن تتفوه ولو بكلمة، قالت سهيلة بغضب ملحوظ

- أنا عايزه أعرف كل حاجة حالا

قصت فاتن على والدتها كل ما حدث بداية من لقائها بالثري العربي في إحدى الحفلات الفنية، حتى طلاقها منه فتعالت شهقات سهيلة وهي تكاد لا تصدق ما سمعته فتابعت فاتن

- أنا آسفة
- آسفة بعد إيه والمصيبة اللي في بطنك هنعمل فيها إيه، هقول لفريد إيه هقوله كان عندك حق وأنا غلطت في تربية بنتي، بنتي أنا تتجوز جواز متعة ليه ناقصك إيه ده إحنا عندنا جبل فلوس، وكمان ما عملتيش حسابك وحامل
- والله أخدت حبوب بس غصب عني نسيت قرصين و

قاطعتها سهيلة قائلة بحدة: أنتي تخرسي خالص، ما فكرتيش لما تتجوزي هتعملي إيه، هتقولي كنت متجوزة متعة والعقد أهوه

- ما أنتي أتجوزتي عرفي وخطفتيه من مراته كمان

قالتها فاتن بجرأة فلم تشعر سهيلة بنفسها إلا وهي تصفعها على وجنتها بكل الغضب الكائن بداخلها فوضعت فاتن يدها على موضع الصفعة وهي تكاد لا تصدق ما حدث فهتفت سهيلة بحدة

- أنتي تخرسي، أنا أتجوزت عند مأذون لا بورقة ولا بعقد وقبل أبوكي محدش لمسني ولو أتجوزت ألف مرة بعده مش هتجوز جوازه زي اللي أتجوزتيها

غادرت سهيلة الغرفة مغلقة الباب خلفها بعنف فانتفض جسد فاتن وللمرة الأولى تشعر بالضياع فانفجرت دموعها كالشلال، بينما بالغرفة المجاورة جلست سهيلة على المقعد المقابل لسليم والصدمة تظهر بوضوح على قسمات وجهها فلم يستطع سؤالها عن ما حدث بالداخل وفضل الانتظار حتى تهدأ قليلاً فنظرت إليه وقالت بصوت أقرب إلى الرجاء 

- سليم أنا طالبة منك خدمة وأعتبرها خدمة العمر كله وأي حاجة تطلبها أنا تحت أمرك
- قولي يا سهيلة اللي أنتي عايزاه من غير مقدمات إحنا نعرف بعض من و إحنا أطفال يعني مفيش بينا حساسيات

لم يكن أمام سهيلة خيار أخر فلن تسمح بولادة هذا الطفل وضياع مستقبل ابنتها من ناحية، ومن ناحية أخرى لن تترك فريد ينتصر عليها فقد تحقق كل ما قاله وضاعت فاتن بسبب الدلال الزائد والحرية المفرطة فتحدثت بدون أي تردد أو تفكير

- عايزاك تنزل اللي في بطنها وترجعها بنت زي ما كانت

ابتلع سليم ريقه بصعوبة فقد توقع طلبها الأول لكن الثاني كان مفاجأة له فلم يفعل ما طلبته منذ أن تخرج من كلية الطب ومع ذلك حرك رأسه بالموافقة وردد 

- كل اللي أنتي عايزاه هعمله بس أديني كام يوم أرتب أموري، أنتي عارفه هنا مستشفى كبيرة وعمليات من النوع ده مستحيل تتم جواها وده خوف عليكي وعلى فاتن قبل ما يكون عليا، لو الصحافة شمت خبر هتبقى فضيحة 
- عندك حق، خد وقتك وخلينا على تليفون

وقفت عن مقعدها واتجهت صوب الغرفة الأخرى ثم اصطحبت فاتن إلى السيارة وبمجرد أن دلفت إليها أخرجت هاتفها من حقيبتها واتصلت بأحد الصحفيين ثم طلبت منه نشر خبر تعرض فاتن لوعكة صحية بسبب تناولها طعاماً فاسداً حتى لا يشك أحد بشيء فقد رآها الكثيرين داخل موقع التصوير وهي في حالة إعياء شديدة، وبمجرد أن أنهت المكالمة انطلقت إلى القصر وبداخلها بركان نشط على وشك الانفجار وإلقاء حممه هنا وهناك

*****

مضت عدة أيام هادئة وانشغل الجميع في امتحانات منتصف العام الدراسي عدا عماد الذي لم يشعر سوى بالحنين لرؤية لمياء فمنذ ما يقارب السبع أيام لم يراها ولو خلسة نظراً لانشغالها ولم يتحدث إليها حتى لا يسرق من وقتها ولو دقيقة قد تُفيدها في الدراسة.... 
على عكس عماد جاء أدم فقد كان دائم التواجد إلى جوار جوري وساندها كلما شعرت بالخوف من الامتحانات وكان ينتظرها خارج الجامعة حتى تنتهي ليطمئن عليها.... 
شعرت لمياء أيضاً بالحنين لرؤية عماد ومع ذلك فضلت دراستها علها تتوقف عن التفكير فيه ولكن هيهات فما يربطها به لم يعد شعوراً غامضاً إنه عشق تسلل خلسة إلى قلبها وأصبح يغذي جميع شرايينه فقررت إجراء الاتصال لتستمع إلى صوته وتخمد نيران الاشتياق... على الجانب الأخر كان منكباً على حاسوبه الشخصي يراجع بعض الأعمال الأدبية استعداداً لطباعتها فصدح صوت رنين هاتفه وأجاب دون أن ينظر إلى رقم المتصل نظراً لانشغاله فجاءه صوتها العذب متسائلة

- أزيك؟ 

رفع رأسه عن الحاسوب وأبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد أنها تتحدث إليه ثم أعاده على الفور وهتف بدون أي تردد أو تفكير

- وحشتيني

أخذت ترمش عدة مرات وهي تكاد لا تصدق ما سمعته فارتبكت بشدة واكتست وجنتيها بحمرة الخجل فتابع مغيراً مجرى الحديث

- عامله إيه في الامتحانات؟ 
- كو كويسه

ظهر على شفتيه شبه ابتسامة فقد تسببت كلمته لها بالارتباك فتنحنح قائلاً: يعني هنجيب تقدير ولا عمي أحمد هيقول الكتابة شغلتك؟ 

- هجيب تقدير بأمر الله، أدعيلي أنت بس 
- ربنا يوفقك

تنهدت براحة وبدأت تتحدث إليه وكأنها افتقدته لعام كامل ما جعل الربيع يسري بداخله فقد ارتوى عطشه لسماع صوتها وتمنى أن يراها ولو لدقيقة لتشبع عينيه أيضاً من رؤيتها فقاطع حديثها قائلاً 

- ينفع أشوفك دقايق عايز أديلك حاجة
- أنا في البيت ممكن أقابلك بعد دقيقة في أول البلكونة شمال

قالتها مازحة فابتسم على جنونها وترك مقعده على الفور ثم اتجه صوب الشرفة ليجدها تقف في انتظاره فأبعد الهاتف عن أذنه وأنهى المكالمة ثم بدأ يطالعها بنظرات أصدق من الكلام فخجلت بشدة وتابعت بصوت مرتعش

- آسفة لو عطلتك
- بالعكس أنا مبسوط أني شوفتك وسمعت صوتك

مد يده في جيب سرواله وأخرج منها قلادة ذهبية يتدلى منها آية الكرسي ثم قدمها إليها فاندهشت بشدة وتابعت

- إيه دي؟ 
- دي كانت هدية من أغلى ست عاشت في قلبي

لوت لمياء ثغرها بضجر وتساءلت: والدتك؟ 

- جدتي، قبل ما تموت أدتهالي وقالتلي خليها معاك علشان تحفظك وأنا عايزك تخليها معاكي علشان تحفظك

خفق قلبها بسعادة فقد تأكدت بالدليل القاطع أنه يبادلها نفس المشاعر والأحاسيس ومع ذلك قررت رفض ما قدمه إليها فتحدثت بخجل

- بس أنا مش هقدر

قاطعها قائلاً: مش هقبل أي اعتراض، اعتبريها هدية مؤقتة وهبقى أخدها منك بعد خمس سنين

- أشمعنى خمس سنين؟ 
- فاضلك سنتين ونص دراسة وسنتين تكليف وأمتياز والنص سنة الزيادة أوفر خاص ليكي

غمز لها بمشاكسة فأتسعت ابتسامتها ومدت يدها لتأخذ القلادة لكنه لم يضعها بداخلها بل وضع كفه أسفل كفها ووضع القلادة باليد الأخرى ثم طوى يدها برفق وتابع وهو ينظر مُباشرةً إلى عينيها

- خدي بالك من نفسك وما تبعديش خليكي دايماً قريبة

سحبت كفها من بين كفيه فقد زاد خجلها لدرجة جعلتها تفقد السيطرة على نبضات قلبها وشعرت باهتزاز الأرض تحت قدميها فابتعدت خطوات قليلة إلى الوراء وقالت بارتباك

- ها أذاكر أروح أقصد ها أروح أذاكر، باي

ركضت إلى الداخل فحال الحائط بينهما لكن عماد لم يغضب بل تنفس براحة وعاد إلى الداخل والسعادة تملأ قلبه ثم جلس على مقعده وبدأ يتذكر ابتسامتها ولمعة عينيها ليقاطعه ذلك الصوت الذي دائماً ما يُفسد لحظاته 

- هتخونك

وضع يديه على أذنيه عل الصوت يتوقف ثم فتح عينيه وردد بحدة: مش هتخوني، مش زيهم

*****

ترجلت من سيارتها وهي لا ترى تحت قدميها فقد كان الظلام حالكاً ثم اتجهت صوب الطرف الأخر من السيارة وطلبت من فاتن النزول فنفذت رغبة والدتها ثم مضت برفقتها إلى داخل منزل من طابق واحد ثم دلفت إلى الداخل ورأت سليم الذي رحب بوالدتها ثم اقترب منها وسألها

- جاهزة يا فاتن؟ 

لم تكن تفهم أي شيء فلم تتحدث معها سهيلة طوال الأيام المنصرفة ولو كلمة حتى أنها لم تشاركها الطعام أو الجلوس بغرفة واحدة فتساءلت

- جاهزة لإيه؟ 

اندهش سليم ونظر إلى سهيلة ففهمت ما يرمي إليه وقالت: ما قولتلهاش حاجة ولا طيقاها أصلاً و

قاطعها سليم قائلاً: سهيلة ده مش وقته إحنا هنا علشان نحل المشكلة مش نعاتب وكلها دقايق والدكتور اللي هيعمل العمليتين على وصول بس نسمع رأي فاتن الأول

أدار وجهه ونظر إلى فاتن ثم أخبرها عن السبب الذي جاءت لأجله فوافقت على الفور لتتخلص من كل ما فعلت، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصل الطبيب ومساعده فلحق بهم سليم ليتابع سير العملية وبمجرد أن انتهى الطبيب من مهمته غادر سليم واقترب من سهيلة التي بدا الخوف واضحاً على قسمات وجهها 

- طمني
- كله تمام، أطمني

تنفست بعمق ثم جلست على أحد المقاعد لتلتقط أنفاسها وتمتمت في نفسها

- عمرك ما هتنتصر عليا يا فريد، بالعكس هنعلى أنا وبنتي أكتر وأكتر


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف