سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Sunday, February 3, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 03, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثاني - بقلمي منى سليمان
  
* أمل * 

غفت وعد لمدة ساعتين ثم استيقظت على صوت أحدهم يقترب منها... شعرت بالخوف وأسرعت في حمل حقيبتها والاختباء داخل مدخل أحد العقارات... كان شعورها بالفزع يفوق قدرتها على التحمل فخرت قواها وجلست أرضاً وهي تبكي بغزارة... ظلت على تلك الحالة حتى غفت وهي تحتضن حقيبتها وكأنها مصدر الأمان بالنسبة لها، ومع أول ضوء لأشعة الشمس تململت وهي تعتقد أن ما حدث كان مجرد كابوس، لكنها ما أن فتحت عينيها علمت أنها حقيقة وحقيقة مؤلمة تتذوق مرارتها بالفعل، فتح أحدهم باب العقار واندهش لرؤية وعد فاقترب منها وتساءل بحدة

- أنتي بتعملي إيه هنا؟ 

ابتلعت ريقها بصعوبة ثم تمالكت نفسها وقالت بصوت مرتعش: أ أنا أنا 

قاطعها حينما قبض على معصمها وهتف: أنتي شكلك بت شمال، كنتي عند أي كلب في العمارة؟ 

جحظت عينيها في عدم تصديق فابتسم بسخرية وتابع: أكيد كنتي في شقة العيل اللي اسمه وليد، والله لأفضحكم وأنضف العمارة من وساختكم

- أنا معملتش حاجة، معملتش حاجة

قالتها وهي تبكي بغزارة فشعر الرجل أنها على وشك السقوط أرضاً فحرر معصمها وقال محذراً 

- لو شفتك في العمارة تاني ولا حتى لمحتك في الشارع هسلمك لبوليس الأداب

ما أن وصلت كلماته الأخيرة إلى مسامعها، رمقته بنظرة عتاب ممزوجة بالحزن ثم قالت بصوت كساه الألم 

- حاضر

حملت حقيبتها وغادرة العقار لتمضي من جديد إلى المجهول وبداخلها جرح عميق لظن الرجل بها وظلت هكذا حتى شعرت بالجوع يلتهم أمعائها فوضعت يدها في جيب بنطالها وأخرجت ما بقى معها من نقود ثم اتجهت صوب متجر صغير وابتاعت زجاجة مياه ورغيف خبز ثم أعطت النقود للبائع واتجهت صوب محطة الأتوبيس..... جلست على أحد المقاعد وتناولت رغيف الخبز الفارغ ثم ارتشفت القليل من قطرات المياه لتروي ظمئها... تسللت دمعة من عينها على الحالة التي وصلت إليها، لكنها سرعان ما أزالتها حينما رأت أحدهم يتاملها من رأسها حتى أخمص قدميها فخبأت عينيها عنه ثم أخرجت المصحف الذي لا يفارقها منذ الطفولة وبدأت تقرأ آياته لكي تشعر بالسكينة التي تحتاج إليها

********

في منزل حنين..... 
أوقف حسام سيارته أمام منزله ثم ترجل منها ونظر باتجاه شرفة وعد عله يراها، لكنه وجد الشرفة مغلقة فدلف إلى العقار وصعد مُباشرةً إلى شقته ثم اتجه إلى غرفة حنين ودلف إليها وهو يغني بسعادة لنجاح شقيقته... تململت حنين بكسل ثم وضعت الوسادة على رأسها لتتجاهل صوته وتكمل نومها لكنه لم يستسلم.. اقترب منها وأزال الوسادة ثم أخذ يداعب وجهها بيده وهو يغني بسعادة

- وحياة قلبي وأفراحه، وهناه مالمسا لصباحه، ما لقيت فرحان في الدنيا زي الفرحان بنجاح أخته

ابتسمت على حنان شقيقتها وعلى الفرحة التي تسكن عينيه فاعتدلت في جلستها وهي تفرك عينيها كالأطفال فاقترب منها وطبع قبلة على مقدمة رأسها ثم جلس إلى جوارها وقال بصوت دافئ

- مبروك يا دكتورة وأسف علشان مقدرتش أرجع أمبارح ونمتي من غير ما أشوفك
- الله يبارك فيك يا حضرة الظابط، واعتذارك مقبول
- قوليلي عايزه هدية إيه؟ 

قالها وهو يحك مقدمة رأسه بأنامله واصطنع الضجر فابتسمت على فعلته وهتفت بسعادة 

- عايزه هدية صغيرة قد كده أهوه

قالتها وهي تضم إصبعها السبابة على الإبهام فابتسم لها وهتف بحنان اعتاد عليه

- طلباتك أوامر 
- عايزه عربية 

رفع أحد حاحبيه بعدم تصديق ثم رمقها بنظرة غيظ فكتمت ضحكتها بصعوبة وأرفت قائلة

- علشان خاطري والنبي والنبي و

قاطعها قائلاً بغيظ: خلاص يا زنانه بكرة هجيبلك أحلى عربية

- ربنا يخليك ليا، بجد من بعد وفاة ماما وبابا أنت بقيت كل حاجة ليا في الدنيا

ألقت بجسدها في صدره فحاوطها بحنان وشدد في احتضانها فتذوقت الحنان الذي لا تشعر به إلا وهي بين أحضان الرجل الوحيد الذي تعتمد عليه وتشعر معه بالأمان... وبعد مرور دقائق من الصمت تذكر وعد فأبعد حنين عن صدره وهتف متسائلاً 

- وعد هتدخل طب معاكي؟ 

ما أن وصل أسم وعد إلى مسامعها، مطت شفتيها بضجر وتلألأت الدموع داخل عينيها فضيق حسام بين حاجبيه في اندهاش وتساءل

- في إيه؟ 
- وعد سابت البيت 

انتفض حسام عن الفراش وظهرت الصدمة بوضوح على قسمات وجهه وهتف بصوت غلفه القلق

- يعني إيه سابت البيت؟ 

تجمعت الدموع داخل مقلتيها أكثر وأكثر وهي تقص عليه ما حدث فتبدلت قسمات وجهه واشتعل غضباً ثم كور قبضته وضرب بها كف يده الأخر وهو يتمتم

- ربنا ينتقم منه ومن العقربة مراته
- ربنا ياخدهم
- طيب أطمنتي عليها؟ 
- اتصلت كتير ما ردتش

شعر حسام بالقلق عليها فأخرج هاتفه من جيب بنطاله ليتحدث إليها... في تلك اللحظة كانت وعد مازالت تقرأ آيات الله، وما أن صدع صوت رنين هاتفها، توقفت عن تلاوة القرآن ثم ضغطت زر الإيجاب وكادت أن تتحدث لكن سبقها حسام وهتف بقلق متسائلاً 

- أنتي فين؟ 

لم تستطع أن تجيبه ولو بكلمة، لكن تحدثت دموعها التي اقترنت بشهقات عالية كانت بمثابة خنجر طُعن في قلبه... أغمض عينيه بأسى على حالها وكرر سؤاله عله يحصل على جواب لكن دموعها كانت الجواب الوحيد الذي حصل عليه في المرتين.. وبعد مرور دقائق من الانتظار هدأت قليلاً وقصت عليه ما حدث فشعر بجمرة نار تتسلل إلى قلبه واشتعل غضباً، لكنه لم يظهر لها ذلك بل تحدث بهدوء مصطنع قائلاً 

- طيب ما تتحركيش من مكانك، نص ساعة وهبقى عندك

أنهى المكالمة وقص على حنين ما حدث معها فانفجرت دموعها كالشلال على حال صديقتها ورفيقة دربها 

- نامت في الشارع
- مش وقته دلوقتي يا حنين، أنا هروح أجيبها وأجي
- أنا هاجي معاك
- طيب يلا ألبسي على ما أغير هدوم الشغل

بعد مرور عدة دقائق انطلق بسيارته مصطحباً شقيقته التي كانت تبكي بغزارة... لم يستطع منعها من البكاء لشعوره الشديد بالغضب فلم يتخيل من قبل أن يكون مصير تلك البريئة النوم على أرصفة الشوارع

*********

في عقار فخم.... 
استيقظ أمجد وتململ في فراشه بكسل حينما صدع صوت رنين هاتفه... زفر بضيق واعتدل في جلسته وهو يتثاءب ثم أمسك هاتفه وضغط زر الإيجاب

- خير؟ 
- في قتيل في شقة في المعادي 

لوى أمجد شفتيه بضجر وهتف بغيظ: هي الناس دي ما بيحللهاش القتل غير وأنا نايم

- معلش أبقى أديهم المواعيد اللي يقتلوا فيها 

انفجر الضابط ضاحكاً فجز أمجد على أسنانه وهتف بحدة: أنت بتهزر!!!! 

- وهعملك إيه يعني، أخلص علشان الجثة أتنقلت للمشرحة والنيابة مستعجلة على التقرير
- حاضر 

أنهى أمجد المكالمة ثم نظر إلى الهاتف وتمتم في نفسه: أنا هقدم استقالتي وارتاح 

ترك فراشه بصعوبة ودلف إلى الحمام.... وما هي إلا دقائق حتى ارتدى ثيابه وغادر إلى عمله في مشرحة زينهم، لكنه شعر برغبة ملحة في النوم فقرر الاتصال بصديقه حتى لا يغفو أثناء القيادة

*********

بالطريق.... 
صدع صوت رنين هاتف حسام فصف السيارة على جانب الطريق اعتقاداً منه أن المتصل وعد، لكنه اندهش حينما رأى أسم المتصل "أمجد" فضغط زر الإيجاب وهتف

- إيه مصحيك بدري كده؟ 
- البركة فيكوا
- إحنا مين؟ 
- المباحث الجنائية مصحياني من النوم علشان جثة

قالها بطريقة تمثيلية فابتسم حسام بالرغم من شعوره بالغضب وهتف مازحاً 

- حد قالك تشتغل في مشرحة 
- منه لله محمود راح يتجوز وسابني في القرف لوحدي والبهوات التانين ما صدقوا سافروا مؤتمر ثورة التشريح 
- معلش بكرة يرجعوا، أنا مضطر أقفل علشان رايح مشوار 
- والشغل؟ 
- أنا لسه راجع من ساعة ووأخد باقي اليوم أجازة 
- ماشي مش هعطلك، سلام

أنهى حسام المكالمة وأعاد تشغيل محرك السيارة ثم انطلق بها وهو يفكر في الحالة التي وصلت إليها وعد، ولكن قاطع شروده صوت بكاء شقيقته 

- حنين بلاش تخلي وعد تشوفك كده
- بجد صعبانه عليا أوي 
- ما تخافيش أنا مستحيل أتخلى عنها، كفاية عياط بقى
- حاضر

قالتها ثم مسحت دموعها وأخذت تتابع الطريق في صمت بينما زاد حسام من سرعته ليصل إليها في أقرب وقت... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى وصل إلى وجهته فأوقف السيارة وترجل منها وفعلت حنين المثل ثم اقتربت من وعد وعانقتها فانهمرت دموع كل واحدة منهن فهتف حسام بصوت غلفه الألم

- وبعدين معاكم، كفاية عياط وأركبوا العربية 

ابتعدت وعد عن حنين ثم نظرت إلى حسام بعينيّ ذبلت من كثرة البكاء  وتساءلت 

- هنروح فين؟ 
- هتيجي تعيشي معايا أنا وحنين
- لا أنا مستحيل أرجع البيت ده تاني
- وأنا مستحيل أسيبك في الشارع

قالها بحزم جعل وعد تبكي من جديد فزفر بضيق على فعلته وأردف بحنان وصوت دافئ قائلاً 

- أسف أني انفعلت عليكي بس بجد مستحيل أسيبك في الشارع
- وأنا مش هقدر أرجع البيت ده 
- طيب تعالوا نفطر وبعدين ربنا يحلها من عنده

قالتها حنين فرحب حسام بينما اعترضت وعد في البداية ولكن مع إصرار حسام حركت رأسها بالموافقة وهمت أن تحمل حقيبتها، لكنه سبقها وحملها عنها ثم نظر إليها وهتف مازحاً 

-أنا مش مالي عينك ولا إيه؟ 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على جانب ثغرها وهتفت برقة: بجد مش عارفه أشكركم أزاي، أنتوا أهلي اللي طلعت بيهم من الدنيا

- طيب كفاية كلام ويلا نفطر

مضت وعد إلى السيارة وجلست بالمقعد الخلفي ثم أسندت رأسها على زجاج السيارة وشردت بالطريق فتأملها حسام من مرآة السيارة بين تارة وأخرى وشعر بالغضب لرؤيتها تتألم داخلياً بتلك الطريقة وأخذ يفكر في طريقة تقنعها بالبقاء معهم

*********

بعد مرور عدة دقائق أوقف حسام السيارة أمام مطعم فخم فترجلوا جميعاً منها ودلفوا إلى الداخل... وما أن جلسوا نظر إلى وعد وهتف متسائلاً 

- تفطري إيه؟ 
- أي حاجة مش فارقة

استشعرت حنين الحزن المصاحب لنبرة صوت وعد فقررت تلطيف الأجواء وقالت مازحة 

- يا سلام اشمعنى ما سألتنيش هاكل إيه وسألت وعد

كاد أن يجيبها لكن سبقته وعد حينما هتفت: حقك عليا ما تزعليش بسببي 

قالتها بنبرة صوت تحمل الخجل والانكسار، فشعر بالأسى على حالها بينما انتفضت حنين عن مقعدها واتجهت صوب الحمام لتطلق العنان لدموعها الحبيسة، أما بالخارج نظر حسام إلى وعد وتحدث بحنان قائلاً 

- مش عايزه تيجي تعيشي معانا ليه؟ 
- مش هقدر أدخل البيت ده تاني ولا هقدر أشوفها أو أشوفه تاني
- طيب هتعيشي فين وإزاي؟ 
- هدور على شغل مع الدراسة 
- طيب وهتعيشي فين؟ 
- مش عارفه 

شرع أن يتحدث، لكن قاطعته عودة حنين التي كانت تظهر عليها السعادة فاندهش بشدة لكنه لم يعلق، بينما جلست حنين على مقعدها وهتفت بسعادة 

- أنا لقيت حل مناسب
- الإلهام جالك في الحمام؟ 

قالها مازحاً فوكزته حنين في صدره وهتفت بغضب: بطل هزار

- حاضر، يلا قولي الحل 
- إيه رأيكم وعد تعيش مع طنط سوسن؟!!! 

حرك حسام رأسه بالموافقة وفعلت وعد المثل ثم شردت بشدة وعادت بذاكرتها إلى ثلاث أعوام مضت وتذكرت صديقتها نور التي اختطفها الموت في حادث أليم نجت منه والدتها فقط، وتذكرت أيضاً ما فعلته زوجة أبيها مع سوسن حينما رغبت في استمرار التواصل معها

- وعد يا وعد

فاقت وعد من شرودها وهتفت بهدوء: معاكي

- سرحتي في إيه؟ 
- افتكرت اللي عملته منيرة في طنط سوسن 
- هي عملت إيه؟ 

تساءل حسام فلوت حنين شفتيها بضجر وهتفت بعيظ: طردتها لما جت تطمن على وعد وقالت مش ناقصة قرف

- والله ما في قرف في الدنيا غيرها
- ربنا ينتقم منها 

قالتها وعد بصوت غلفه الألم ثم أمسكت هاتفها وبحثت عن رقم سوسن، ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى وجدت الرقم وضغطت زر الاتصال.... في ذلك الوقت كانت سوسن تصلي فرضها ولم تستطع الإيجاب فمطت وعد شفتيها بضجر وهتفت بحزن

- ما ردتش عليا، وبصراحة ليها حق من يوم ما نور ماتت وأنا مسألتش عنها و

توقفت وعد عن إكمال كلماتها حينما صدع صوت رنين هاتفها، وتسارعت نبضات قلبها حينما وجدت المتصل "سوسن"... أغمضت عينيها ودعت الله أن تمد لها سوسن يد العون ثم ضغطت زر الإيجاب وتابعت بهدوء 

- أنا عارفه أني مقصرة في حقك بس غصب عني
- عارفه يا حبيبتي، عامله إيه؟ 
- مش كويسة خالص
- مالك يا وعد؟!! 
- ممكن أجيلك دلوقتي؟ 
- طبعاً، تعالي وما تتأخريش هستناكي
- حاضر 

أنهت وعد المكالمة وتنفست بعمق وهي تردد بصوت خفيض: الحمد لله

شعر حسام بالسعادة حينما رأى ابتسامة خفيفة ترتسم على ثغر وعد ودعا الله أن تدوم ابتسامتها إلى ما لا نهاية.... وما هي إلا دقائق حتى فرغوا من تناول الطعام وغادروا المكان متجهين إلى شقة سوسن وبداخلهم أمل جديد 

*********

في ذات الوقت وصل أمجد إلى مقر الطب الشرعي ليباشر عمله، لكنه قبل أن يدلف إلى الداخل صدع صوت رنين هاتفه فأجاب المكالمة قائلاً 

- أنا نهاري فل أكيييييد
- يا بكاش 
- وحشاني جداً جداً جداً 
- لو وحشاك كنت جيت تشوفني، مختفي فين بقالك أسبوع؟ 

زفر أمجد بضيق وهتف بغيظ: زميلي أتجوز وواخد أجازة والباقين سافروا مؤتمر والجثث كلها عليا

قال كلماته الأخيرة بطريقة تمثيلية جعلت سلوى تضحك بأعلى طبقات صوتها بينما مط أمجد شفتيه بضجر وهتف بغيظ

- إضحكي إضحكي 
- أنت مصيبة ماشية في الأرض، الله يكون في عون الجثث يا دكتور المشرحة، اوعى تكون بتقولهم نكت وأنت بتشرح
- ربنا يسامحك

قالها بغضب وصوت غلفه الغيظ فأسرت سلوى ضحكتها حتى لا تغضبه أكثر وهتفت بجدية مصطنعة

- هستناك على الغداء وهعملك كل الأكل اللي بتحبه
- هو ده الكلام ولا بلاش
- ما تتأخرش 
- أنا مقدرش أتأخر عليكي يا قلبي، ربنا يخليكي ليا
- ويخليك ليا يا حبيبي

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة أنهى أمجد المكالمة ودلف إلى الداخل ليتابع عمله كطبيب شرعي بينما تركت سلوى غرفتها واتجهت صوب المطبخ لتعد له الطعام الذي يعشقه كما وعدته 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة.. دائرة حقوق المؤلف

Saturday, February 2, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 02, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان

طريقي بقربك

الفصل الأول 

* دموع *

الأم هي الحنان ومن فقدها فقد حنان الكون... والأب هو السند والأمان ومن فقده فقد أمانه وأصبح بلا سند... 
والطلاق دوامة يسقط الأبناء بداخلها، لم يعد هناك بيت دافئ وأسرة تجتمع كل مساء على مائدة الطعام، يبقى فقط ضياع لا يعيشه سواهم... 
أنا وعد الفتاة الرقيقة صاحبة الملامح البريئة وأشبه والدتي إلى حد كبير، استيقظت ذات يوم لأجد حياتي سراب بعد طلاق والدي.. بكيت وبكيت ولكن لم يسمعني أحد.. أخذوني من بين أحضان أمي وأغلقوا باب غرفتي بعد أن تركوني بداخلها.. وبعد مرور سنوات وسنوات من العذاب الذي لا ينتهي أتساءل ما ذَنبي.. بأي حق تركتوني أواجه عالمي.. ذنبي الوحيد أبي الذي سقط من قلبي قبل نظري وأمي التي لا حول لها ولا قوة.. ذنبي عالم ملوث ومليء بالوجوه الملونة والابتسامات الذائفة.. لن أدع أحدهم يكسرني بعد اليوم، سأمضي في طريقي وحدي لأهزم قدري وأنفذ الوعد الذي قطعته على نفسي.. 
لن انحني لأحد.. 
لن أبكي لفراق أحد..

*******

في عقار فخم بمنطقة راقية.... 
كانت وعد تجوب غرفتها ذهاباً وإياباً وهي تشعر بالتوتر، فاليوم موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة.... كانت تطالع الانترنت بين تارة وأخرى وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالتوتر، وظلت هكذا حتى وقعت عينيها على النتيجة... وضعت يدها على ثغرها لتكتم صرختها فقد كُتب اسمها وإلى جواره رقم لم تحلم به يوماً فقد حصلت على ٩٩%.... أخذت تدور حول نفسها في سعادة فقد تحقق الحلم الذي طالما تمنته وهو الالتحاق بكلية الطب.... وبمجرد أن توقفت عن الدوران أرسلت لوالدتها رسالة نصية تخبرها بالنجاح ثم غادرت غرفتها وركضت بإتجاه غرفة والدها ودلفت إليها وهي تردد بسعادة

- جبت ٩٩% يا بابا، جبت ٩٩% يا بابا

لوت زوجة أبيها شفتيها بضجر ووقفت أمامها قبل أن تقترب من يحيى وهتفت بحدة وصوت عال

- إيه الدوشة دي يا بنت رمزية
- نجحت وجبت ٩٩% وهدخل كلية طب

قالتها بسعادة وهي تقفز كالأطفال فابتسم والداها على الفرحة التي تسكن عينيها، لكن تلك النظرة لم تدوم طويلاً... قبضت زوجته يدها على معصم وعد بغل ثم صفعتها على وجنتها باليد الأخرى 

- كلية إيه وزفت إيه، أنتي من بكرة هتقعدي في البيت تخدميني وتخدمي أخواتك، كفاية عليكي الثانوية العامة، مش كده يا يحيي؟ 

نظر يحيي إلى الأرض ولم يستطع أن يتفوه ولو بكلمة، فزوجته أنجبت له ولدين وكلما أغضبها كانت تترك المنزل وتحرمه منهما، ولكونه رجل شرقي كان يفضل الولدين على ابنته التي أذاقتها زوجته منيرة أشد أنواع العذاب... تساقطت الدموع من عينيّ وعد وتمنت أن ينصفهاأبيها ولو لمرة واحدة لكنه لم يفعل كعادته، فابتسمت زوجته بانتصار وأردفت قائلة

- أظن كده الرد وصل، غوري على أوضتك وكمان شوية تدخلي تنضفي الخضار وتعملي غداء بكرة على بيات، قال طب قال بلا دلع بنات ماسخ 
- أنا مش هقعد في البيت، أنا عايزه أكمل تعليمي
- أنتي بتتحديني يا بت رمزية

قالتها وهي تجذب وعد من خصلات شعرها فتأوهت بشدة، وما هي إلا دقيقة واحدة حتى حررت وعد جسدها وهتفت بحدة لم تختبرها من قبل

- كفاية ذل، من يوم ما ضحكتي على بابا وسرقتيه من ماما وأنتي معيشاني في جحيم، جوعتيني وذلتيني وأبسط حقوقي سرقتيها، بس لحد كده وكفاية 

توقفت عن إكمال كلماتها حينما اقتربت منها زوجة أبيها وهمت أن تصفعها، لكن سبقتها وعد وأمسكت يدها ثم أردفت قائلة

- من النهارده مش هسمحلك تمدي أيدك عليا 

نفضت منيرة يد وعد وهتفت بنبرة صوت تحمل الغل الكائن بداخلها 

-قدام عشر دقايق تتلمي فيهم هدومك وتطلعي بره بيتي يا بنت رمزية 

نظرت إلى والدها عله يعترض ولو لمرة واحدة منذ سبع سنوات إلا أنه لم يفعل، فابتسمت بسخرية ثم مسحت دموعها وغادرت الغرفة عائدة إلى غرفتها وهي تشعر بالألم والخذلان الذي اعتادت عليه

*********

دلفت إلى حجرتها وأحضرت حقيبة لتجمع أشيائها... كانت تبكي بغزارة على حالها ولا تعلم لمن تلجأ ومع ذلك قررت أن لا تستسلم لتلك الظالمة... بعد مرور عدة دقائق انتهت وأغلقت حقيبتها ثم غادرت الغرفة لتودع شقيقيها... اقتربت منهما لتطبع قبلة على رأس كل واحد منهم، لكن زوجة أبيها كانت الأسرع... وقفت أمامها وأشارت بيدها إلى باب الشقة فابتسمت وعد بسخرية وهتفت بشموخ

- أنا خارجة من نفسي وهسيبلك الجنة أشبعي بيها بس هيجي يوم وربنا ينتقم منك، وزي ما أمي رجعت بيتها من سبع سنين لقيتك في حضن أبويا، هيجي يوم ترجعي تلاقيه في حضن واحدة تانية ويبقى مصيرك الشارع زي ما عملتي فيا وفي أمي

مضت دون أن تودع والدها أو تنظر إليه فقد سقط من نظرها إلى الأبد... اتجهت صوب الشقة المقابلة لشقة والدها وطرقت بابها ففتحت صديقتها ورفيقة دربها حنين 

- مبروك يا وعد لسه شايفه النتيجة و

توقفت حنين عن إكمال كلماتها حينما انتبهت إلى الحقيبة التي تحملها وعد، وانتبهت كذلك للدموع التي تسكن مقلتيها فتساءلت بصوت مرتعش

- مالك يا وعد، وإيه الشنطة دي؟ 

قصت وعد كل ما حدث لها على صديقتها فحزنت الأخيرة بشدة وبكت رغماً عنها 

- طيب هتروحي فين دلوقتي؟ 
- هروح لماما 
- طيب خليكي معايا وعيشي معانا

ابتسمت وعد بالرغم من الحسرة التي تملأ قلبها وهتفت بصوت غلبه الحزن وغلفه الألم

- معلش يا حنين مش عايزه أحملكم فوق طاقتكم
- ما تقوليش كده يا وعد كلنا بنحبك
- لو ضاقت بيا هرجع
- طيب أستني دقيقة 

دلفت حنين وعادت بعد أقل من دقيقة حاملة بعض جنيهات وقدمتها إلى وعد... خجلت وعد في البداية لكن لم يكن لديها خيار أخر فهي لا تحمل المال الكافي لإيصالها إلى منزل والدتها فأخذت المال وهتفت بخجل

- انا متشكرة أوي يا حنين
- ما تقوليش كده أحنا أخوات وبأمر الله هندخل كلية الطب مع بعض
- أشوف وشك بخير
- طمنيني عليكي لما توصلي

بادرت حنين بعناق وعد فشددت الأخيرة في احتضانها ثم مضت إلى وجهتها عل الحظ يحالفها ويساعدها زوج أمها 

*********

بعد مرور ساعتين وصلت أسفل العقار الذي تسكنه والدتها، لكنها ترددت في الدخول خوفاً من زوج والدتها الذي لم تقابله من قبل وظلت هكذا لعدة دقائق ثم أخذت قرارها بالدخول فمسحت دموعها ودلفت إلى الداخل ثم استقلت المصعد إلى شقة والدتها... طرقت باب الشفة بخفة حتى لا تُفرع أحد فقد تخطت الساعة العاشرة مساءاً.... لم تمض سوى دقيقة واحدة حتى فتح زوج والدتها ورمقها بنظرة اندهاش لرؤية حقيبة ثيابها فابتلعت ريقها بصعوبة وهتفت متسائلة 

- أنا وعد، ماما موجودة؟ 
- موجودة بس خير يعني؟ 
- ممكن أشوفها 
- هي نايمة دلوقتي، أبقي تعالي الصبح وأنا بره 

استيقظت رمزية وذهبت باتجاه باب الشقة، وما أن وقعت عينيها على وعد اقتربت منها وضمتها إلى صدرها فانفجرت باكية وهتفت بصعوبة

- بابا ومراته طردوني من البيت 

أتسع فاه رمزية بينما زفر زوجها بضيق وأغلق باب الشقة بحدة فانتفض بدن وعد وابتعدت عن صدر والدتها ثم كفكفت دموعها وبدأت تقص عليهما ما حدث... زفر زوج رمزية مراراً وتكراراً بينما شعرت أمها بحسرة في قلبها 

- طيب ما تعيطيش وأدخلي أرتاحي جوه و

قاطعها زوجها قائلاً بحدة وصوت عال: تدخل فين؟!!!! 

- أمال هتروح فين يا محمد؟ 
- وأنا مالي هو أنا كنت خلفتها ونستها، إذا كان أبوها رماها هقعدها أنا 

اقتربت رمزية من زوجها وركعت أمامه علها تستعطف قلبه، لكنه تمسك بقراره... اقترب من وعد وقبض يده على معصمها ثم ألقى بها بالخارج وما أن أغلق باب الشقة، نظر إلى رمزية وتحدث محذراً 

- إياكي تفكري تدخليها ولا تديها مليم من فلوسي، لما أتجوزتك على مراتي قولتلك أني مش عايز عيال ولا غم في البيت ده وأنتي قبلتي، صح؟ 

قال كلمته الأخيرة بحدة وصوت عال فسرت رعشة خوف في بدن رمزية جعلتها تحرك رأسها كإشارة بنعم فرفع محمد أحد حاجبيه وأردف قائلاً 

- يبقى أدخلي كملي نوم بدل ما تحصليها وترجعي الشارع اللي جبتك منه 

امتثلت لرغبته ودلفت إلى حجرة النوم وهي تبكي على حالها وحال ابنتها التي غادرت منذ لحظات إلى مصير مجهول 

********

غادرت وعد العقار وهي تبكي بغزارة ولا تعلم لمن تلجأ... وبعد مرور عدة دقائق من التفكير استقلت الحافلة وقررت الذهاب إلى منزل عمها عله يساعدها.... كانت شاردة بشدة وأخذت تفكر فيما سيلحق بها إن لم تجد منه الترحاب... أغمضت عينيها بأسى وتساقطت دموعها وتساءلت في نفسها ما الذنب الذي اقترفته لتتحول حياتي إلى جحيم... كنت طفلة أبلغ من العمر عشر سنوات حينما تفرقت عائلتي... عادت أمي من عملها مبكراً لشعورها بالإرهاق فقد كانت تحمل جنياً في أحشائها... مرت بطريقها على مدرستي لتأخذني معها إلى المنزل حتى لا ترهق أبي، فقد كان الزوج والحبيب والسند بالنسبة لها... وبمجرد أن عدنا إلى المنزل سمعنا صوت والدي، تهللت أساريري وكدت أركض باتجاه غرفته، لكنها منعتني وطلبت مني الاغتسال بالأول... ركضت صوب الحمام بينما دلفت أمي إلى غرفتها لتطمئن على والدي الذي لا يعود إلى البيت قبل أذان المغرب ما جعلها تشعر بالقلق عليه، لكنها بمجرد أن اقتربت من باب الغرفة شعرت باهتزاز الأرض قدميها فقد استمعت إلى صوت أبي برفقة إحداهن... قبضت يدها على مقبض الباب وأدارته ثم دلفت إلى الغرفة لتتفاجأ برؤية والدي عاري الجسد وإلى جواره صديقتها العزيزة التي دائماً تخبرها أنها بمثابة الأخت... لم تستطع أن تتفوه ولو بكلمة، بينما جحظت عينيّ والدي وأسرع في ارتداء ثيابه على عكس صديقتها التي ابتسمت بانتصار وهي تدثر جسدها بالغطاء.... اقترب والدي من أمي وكاد أن يتحدث لكنها باغتته بصفعة على وجنته تحولت فيما بعد إلى عدة صفعات أنهال بها والدي على وجهها وجسدها متناسياً حملها فسقطت مغشياً عليها وسالت الدماء على قدميها معلنة عن موت شقيقي قبل أن يُولد... راقبت ما حدث في صمت فقد كنت طفلة لا تعي أي شيء مما حدث واليوم أقسم أن ذلك اليوم كان نهاية حياتي وبداية عذابي....
 عادت وعد إلى أرض الواقع حينما انتبهت إلى صوت السائق يخبرها بأن تلك المحطة هي ما سألت عنها وقت الركوب، فتركت مقعدها وترجلت من الحافلة ومضت إلى منزل عمها أو بالأحرى إلى الملجأ الأخير بالنسبة إليها... دلفت إلى العقار وصعدت إلى شقة عمها.. ضغطت زر جرس باب الشقة وهي تشعر بخجل شديد فقد تخطت الساعة الحادية عشر والنصف مساءاً.. وما هي إلا دقائق حتى فتح ابن عمها الذي يصغرها بثلاث سنوات باب الشقة واندهش بشدة لرؤيتها بتلك الحالة فحمل عنها الحقيبة وأدخلها إلى الشقة ثم رمقها بنظرة تساؤل فهمتها جيداً فهتفت بصوت غلفه الحزن

- عمي موجود؟ 

كاد أن يجيبها، لكن قاطعه صوت والده حينما هتف متسائلاً: في إيه يا وعد؟ 

شرعت أن تجيبه ولكن سبقتها زوجة عمها وهتفت بحدة: في بنت محترمة تفضل بره بيتها لحد دلوقتي

- أنا مليش بيت أصلاً 
- يعني إيه؟ 

قالها عمها باندهاش فنظرت إليه بعينيّ ذبلت من كثرة البكاء وقصت عليهم كل ما حدث معها فلوت زوجة عمها شفتيها بضجر وهتفت بحدة

- طب إيه اللي عايزه تدخليه
- أنا من حقي أكمل تعليمي، مش كده يا عمي؟ 

شرع عمها أن يجيبها، لكن سبقته زوجته حينما رمقته بنظرة نارية وهتفت بغيظ

- ياسين عايزاك في كلمتين 

تركت مقعدها ودلفت إلى غرفتها فلحق ياسين بها وهو لا يعرف كيف يتصرف، وما أن أغلق باب الغرفة، انفجرت زوجته في وجهه كالبركان الثائر

- بقولك إيه البت دي ملناش دعوة بيها، طب إيه اللي عايزه تدخله، ده ابنك بيعدي السنة بالعافية وبنتك بقالها سنتين بتسقط في الثانوية 
- بس البنت مبقلهاش مكان وما ينفعش أسيبها في الشارع

جزت زوجته على أسنانها وتطاير شرار الغضب من عينيها فقالت بحدة 

- إذا كان أبوها وأمها رموها هنشيل همها إحنا، وبعدين أحنا يادوب فاتحين البيت بالعافية ومش حمل مصاريف 
- بس

قاطعته قائلة بحدة وصوت عال: لا بس ولا ما بسش أبوها على قلبه فلوس بالكوم ورماها في الشارع جايه لموظف مرتبه ما بيكفهوش لنص الشهر

اتجهت صوب باب الغرفة وفتحته وتابعت بأعلى طبقات صوتها قائلة 

- إحنا مش ناقصين قرف، وبعدين أخوك الكل عارف فضحته مع عشيقته اللي كانت ماشيه معاه في الحرام والست أمها سارقه واحد من مراته وأكيد البت اللي بره طالعه زيهم 

وصلت كلماتها إلى مسامع وعد فانهمرت دموعها من جديد، اقترب منها ابن عمها وربت على كتفها بحنان فكفكفت دموعها وابتسمت له بالرغم من الألم الذي بعتصر قلبها... وما هي إلا دقيقة واحدة حتى حملت حقيبتها وغادرت المكان فخرجت زوجة عمها وهي تبتسم بانتصار فهتف ابنها بغيظ

- حرام عليكم 
- أخرس يا فاشل وغور على أوضتك، عايزها تقعد علشان تعقدكم وتفقع مرارتي، جتك خيبه 


**********

جلست وعد على الدرج وبداخلها ألم يعتصر قلبها وظلت تبكي وتبكي حتى جفت الدموع داخل عينيها فوقفت عن الدرج وحملت حقيبتخا ثم مضت وهي لا تعلم أي باب تطرق... فقد أُغلقت جميع الأبواب التي طرقتها في وجهها... والآن تغدو وحيدة... غريبة... شريدة ... تسألت في نفسها هل هي نهاية الطريق أم أنها البداية... تبا لقدر جعلها هكذا... تمضي ولا تعلم إلى أين تذهب أو إلى أي باب تلجأ.... هربت دمعة من عينها وتساقطت واحدة تلو الأخرى وظلت تمضي وتمضي حتى أصابها التعب فجلست على أحد الأرصفة وأجلست حقيبتها إلى جوارها، فقد أصبحت رفيقهتا الوحيدة في هذا الليل الدامس... وما هي إلا دقائق حتى أستندت على الحقيبة وغفت بالطريق كمن لا أمل له، ولا بيت له، ولا حياة له

Monday, January 28, 2019

عناق المطر/moonlight

January 28, 2019 0
عناق المطر/moonlight


العناق التاسع

ينتظر الانسان شيئا مبهما غريبا في داخله ،.
وفجأة تلتمع شرارة في العيون ،،
يصاب القلب بسهم خفي،،
وتتوق الروح الى الانفلات من المجهول

****

كانت تحدق دون أن تفهم  على وشك أن تقول شيئاً ما عندما التقت عيناها بعيني اليكس ،  وادركت من الطريقة التي بادرها بها النظر انه صادق بما قاله ويعنيه تماما، لذا جاهدت لتكبت ارتباكها وخجلها  تمتمت:
-- يفضل ان نأوي للنوم ، فأنا اشعر بالتعب،
نهضت واقفة لتتجهه لغرفتها فأمسكها من كتفيها قائلاً:
--أتعديني بأن تكوني هنا عندما أستيقظ صباحاً؟
ارتجفت بداخلها لقرب انفاس الحارة من خدها لكنها اغمضت
عينيها لثواني معدودات  ،  وبصوت خافت تابعت:
-- لا تحاول اغوائي اليكس ،  ابتعد عنها مبتسما"  واغلق باب غرفته بسرعة .
بعد ذهابه  وقفت للحظة واعترفت لنفسها  بإن هذا الرجل يغريها للتقرب منه اكثر والبقاء بجانبه وبعدم التفكير مستقبلا  بالرحيل، لانه يستحق ذلك .
استلقت  ايلينا على السرير المريح وهي تخاطب نفسها  انه ﺷﻌﻮﺭ ﺭﺍﺋﻊ ﻋﻨﺪﻣ ﺗﺸﻌﺮ بأنك ﻣﺤﺘ لشخص،  وفي اللحظة نفسها وقبل ان تبحث ﻋﻨـْه ، تجده امامك، يبتسم لك، ويقول لك  احسست انك تريدني.
وقد عادت بذاكرتها لأحداث اليوم منذ وصوله الى هذه  اللحظة كم يبذل جهدا في مراعاتها والاهتمام بها، اخذت تقنع نفسها بأنه لربما سيمنحها القدر ما تستحقه بعد ما عنته طيلة سنوات مضت ـ هي نعمة  من الله، حين بعث هذا الشخص ليكون لها.
****
استيقظت من نومها وهي لا تدري كيف نامت بهدوء ولم تراودها كوابيسها بل كانت مبتسمة لعلمها ان لا ضرورة لقلقها من المجهول الان .
وعندما نتهت من ارتداء ملابسها قررت ترك  شعرها ينسدل على ظهرها وكتفيها ووضعت بعضا من احمر الشفاه الوردي واكملت زينتها برش بعض رذاذ عطرها الخاص .
-- كوبا من القهوة  لو سمحت ، قالت وهي تتجه نحوه ، كان قابعاً في زاوية المقهى ينظر بإتجاهها ، كم هو وسيم وأنيق ورائحة عطره تملئ المكان .
ما أن وصلت للطاولة حتى نهض وقد عدل سترته الجلدية ومد يده
مصافحا ورافعا أياها قبلها بحب وهو ينظر لوجهها ابتسمت له بخجل
-- صباح الخير اليكس قالت وهي تجلس امامه
-- صباح الجمال اجابها مبتسما بثقة ومتابعا حديثه
-- هل نمت جيدا حبيبتي
-- اجل نمت جيدا اليكس قالت ممتعضة من مكره وتابعت
--يكفي هذا اليكس قد يسمعك احدهم.
-- شعرك رائع اليوم ايلينا قال ذلك وهو يتناول كوب القهوة واضعا إياه امامها ويتابع
-- تبدين جميلة اكثر من ذي قبل حبيبتي
-- شكرا ، اجابته بإبتسامه  لطيفة  بينما هي ترتشف قهوتها
اشار لاحدهم من بعيد ليقترب منها شاب صغير يحمل باقة من
الازهار المختلفة الالوان .
-- أنت تحبين الازهار ايلينا اليس كذلك؟ قال اليكس
وهو يقدمها لها ، ردت ايلينا :
-- ما اجملها شكرا لك اليكس  صمتت لثوان وتابعت هل احضر حقيبتي  لنغادر ؟
نظر اليها بتمعن  ثم تابع :
-- نعم  ايلينا،  هيا بنا  ، واكمل برقته المعهوده معها
-- في الواقع بقدر ما تتمتعين بجمالاً خارجياً رائعاً ، لديك جمالا داخليا يقتلني مرة بعد مرة ، خفق قلبها بسرعة وهي تحدق به ، هل فعلا يظنها كذلك؟ شعرت بركبتيها ستخونانها لكنها سرعان ما فكرت  عليها ان تبدو متماسكة كي لا يعلم مدى وقع كلماته عليها.
-- نسيت ان اخبرك بأننا هذه الليلة ننتظر ضيوف على العشاء قال ذلك وهو يغلق لها باب السيارة ليستدير للناحية الاخرى
ويصعد ليجلس وراء المقود  ، نظر بنصف عين ليغيظها وتابع:
--  ايلينا حبيبتي اكيد ستكوني بجانبي باستقبالهم هل انا محق؟ وبصوتها الرقيق وابتسامتها الجميلة أجابته :
 --طبعا وبجدية اضافت وهل هنالك خيار اخر سيدي.
-- ايلينا ، صرخت فيكي وهي تفتح لهما الباب وتحتضنها ، اشتقت لك عزيزتي ، لقد تأخرتي ، بالواقع لم اتوقع ان اشتاق لك  قالت ذلك وهي تضحك معها بصوت عال تنبهت لنفسها فتابعت :
-- هيا ايلينا ساعديني لتحضير المائدة فضيوفنا على وشك الوصول.
*****
مضت بضعة ساعات انهمكت خلالها كل من ايلينا وفيكي بالاشراف  على تحضير العشاء لضيوفهما إنتابها لإستغراب من سعادة الاخوين بضيوفهما فغزاها شعور بالفضول لتعرف من هؤلاء المحظوظين؟
كانت ايلينا تقف بالمطبخ عندما سمعت جرس الباب يُقرع معلنا عن وصول الضيوف فخرجت من المطبخ لتجد اليكس قد فتح الباب وهو يقول :
-- واخيرا سامر ، كم اشتقت لك يا رجل ،
-- مضى وقتا طويلا اليس كذلك اجابه سامر وهو يشير لرفيقته بالدخول معرفا إياه
-- هذا هو اليكس ابن خالتي ، ونظر لاليكس قائلا
-- وهذه بيسان  خطيبتي وحبيبتي
-- واخيرا وصلت ..صرخت من بعيد فيكي وجرت مسرعة
لتحتضن سامر ابن خالتها وتقبله على مرآى من بيسان التي حاولت ألا تظهر غيرتها على سامرها.
وقفت بعيدة عن الجميع بعض الشيء تتابع ما يجري وهي لا تفهم سر هذه السعادة التي عمت المنزل فجأة.
التفت حوله اليكس ولمح حبيبته فعاد للوراء و امسك بيدها  واقتربا قليلا ليواجها سامر وخطيبته التي  بدت كعارضات الازياء بجمالها الآخاذ وطولها الفارع وجسدها الممشوق
-- ايلينا ، حبيبتي قال اليكس وهو يعلم كيف تبدو محبوبته الرقيقة والخجولة
-- حقا!! قال سامر  وتابع اخيرا وجدت المرأة التي كنت تبحث عنها ، لا اصدق يا ابن خالتي انك وقعت بالحب
-- اصمت.. نهره اليكس وهو يتابع تقديم سامر لها، هذا
سامر ابن خالتي  والده فلسطيني لكنه مقيم بالقاهرة ، وهذه
بيسان حبيبته منذ الطفولة وخطيبته أيضا فلسطينية مقيمة بالقاهرة مع عائلتها.
-- تشرفت بمعرفتكم قالت ايلينا بخجل وعادت خطوة للوراء لتدعوا الجميع لمائدة العشاء
--كان العشاء هذه الليلة لذيذا  قالت بيسان وهي تنظر لفيكي وايلينا.
****
فترة العشاء مرت من دون توتر لأن اليكس  حرص على جعل الجو عائلي بين الاربعة ، شعر بالإمتنان لحبيبته ايلينا التي قامت بجهد كبير مع شقيقته التي تحب المطبخ والطهو.
إنتقل الجميع لصالة الجلوس حيث مدفاة الحطب ودفء الاجواء فيها وتساعدت الفتيات بنقل الاطباق والاواني للمطبخ  وتحضير الشاي للجميع وكانت ايلينا قد حضرت بعض فطائر الخوخ
والتفاح ، فثرثرت ببشاشة فيكي قائلة :
هيا يا جماعة تذوقوا فطائر ايلينا فقد مدحها كثيرا" اليكس.
بوجه مشرق  ردت ايلينا
-- فطائري مميزة ـخذي هذه القضمة واخبريني ما رأيك!!

مع حديث اليكس الحيوي مع سامر وبيسان كانت هي تتابعهم  بصمت ، تمالكت نفسها لبعض الوقت كي لا تسأل  ولكن بدا ان الجميع مشغول بالحديث والتعرف على العروس الجديدة فقالت وهي تقف :
--  عذرا منكم سأخلد للنوم لو لم يكن لديكم مانع ،
فسألتها فيكي :
-- الا ترغبين بشراب الشوكولاته الساخنة معنا  ، ردت
-- لا شكرا ، ارجو المعذرة وهي توجهه نظرها للضيوف
تمنت للجميع  ليلة سعيدة ثم صعدت  الى غرفتها ، كان يعلم اليكس بإنها  شعرت بالاحراج بينهما،
-- عن إذنكم قال اليكس وهو يلحق بها للاعلى وسط دهشة شقيقته وضيوفه الذين ابتسما وتابعها الحديث مع فيكي.
 التفتت للخلف على وقع خطى  خلفها فوجدته يقف بوسط الرواق المؤدي لغرف النوم ينظر اليها ، اقترب منها وقال
-- لماذا غادرتي ايلينا هل هنالك ما يزعجك؟
-- لا بالطبع عزيزي اجابته بإبتسامة بدت حزينة له وتابعت ولكني فضلت الانسحاب لتكونوا مرتاحين سويا ، وانا لم التقي اقرباءك سوى اليوم ، وبالتأكيد يود ابن خالتك وخطيبته ان يرتاحا أيضا".
ضحك وهو يمسك يدها واجابها
-- ولكنك وعدتيني ان تكوني بجانبي عند استقبالهم وهذا للعلم يشمل الوقت كاملا وليس العشاء اليس كذلك حبيبتي؟
ابتسمت وهي تحاول سحب يدها لتدخل الغرفة قائلة
--اليكس لا تكن مخادعا، دعني ارجوك اريد ان ارتاح ، أنت تعلم بان اليوم كان حافلا بالاحداث ،
-- ايلينا بدلي ثيابك باخرى تكون مريحة وتعالي تابعي السهرة معنا ، مسح على شعرها وتابع بدون اعذار انا أنتظرك بالاسفل.
تركها وعاد لضيوفه وبقيت تنظر الى ان اختفى وهي لا تدري ما هو السر الذي يجعلها تنصاع لاوامره دون نقاش.
-- مساء الخير قالت ايلينا وهي تتجه للمقعد المقابل لاليكس وسامر لتشارك الفتيات الحديث الذي كان يتطرق لاحداث سياسية حدثت وتحدث في منطقة الشرق الاوسط ،وسط استغراب فيكي عن سبب  بقاء سامر بمصر رغم كل ما جرى مؤخرا  وتردي الاوضاع الاقتصادية والامنية هناك.
-- رغم كل ما يحدث اجابت بيسان تبقى مصر هي بلدنا التي عشنا طفولتنا فيها ، اهلنا فيها ، اجدادنا فيها ، حتى لو لم تكن ارضنا الام ، لكنها عزيزة علينا.
ضحكت فيكي وقالت كنوع من السخرية
-- ولكن كما علمت هي أيضا السبب بهجرة والدك لمدة طويلة ليمنحكم هوية بواسطتها ها أنت تتنقلين بحرية اليس كذلك عزيزتي؟
-- بلا هو كذلك اجابتها بيسان بحزن ، وقد يكون لديهم اسبابهم ، هذه الامور لها من يفهم بها اكثر منا .
-- ماذا تقصدي فيكي ؟سألت ايلينا التي إنتبهت اخيرا لما يدار بينهم قبل ان تهم بالاجابة فيكي كان سامر يرد
-- ما تقصده فيكي كون عائلة بيسان كما هي عائلتي من اللاجئين الفلسطينين الذين سكنوا مصر لم يكن يحق لاحد منهم الاستمتاع بكامل الحقوق المعطاة لابناء الشعب المصري رغم ان جدتيها من اصول مصرية ، مما اضطر والدها للهجرة الى استراليا لمتابعة ابحاثه والحصول على جنسيتها لمساعدتهمعلى حمل هوية تساعدهم بالتنقل  ، لان معظم الدول العربية بالتحديد لا تستقبل الفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر فلسطينية للدخول الى اراضيها الا بموافقات امنية ولفترة قصيرة ومحددة.
-- يا الهي قالت ايلينا وهي تنظر لبيسان التي بدت حزينة ، وتابعت كيف ذلك؟ ولماذا؟
نظرت لهما وتذكرت ما وقع قبل وفاة والدها ببضعة سنوات وبحماس قصت عليهما تلك الحادثة التي  وقف بسببها والدها بالمحكمة مدافعا عن عائلة فلسطينية كادت ان تفقد جنسيتها البريطانية بسبب النفوذ الصهيوني ولكن عناده الإيرلندي لم يسمح له بالتخلي عنهم الى ان تم منحهم الجنسية وهم الان يعيشون في مدينة يورك، منذ ذلك الوقت رغم صغر سنها وقتذاك اخذت تتابع الاحداث التي تخص هذا الشعب المظلوم وكم تمنت ان تصبح محامية علها يوما ما تقدم شيئا ما يساعد احدهم.
دون ان تدرك ما يدور  نهضت بيسان ومنحتها عناقا وقد اغرورقت عيناها بالدموع ومنحتها قبلة على وجنتها .
-- هذا يكفي قال اليكس دعونا نمضي بعض الوقت المرح ، ابتسم
سامر  واجابه:
-- معك حق ان تحب هذه الفتاة التي يصعب الحصول على مثلها ، أنت محظوظ فعلا ، يكفي انها إيرلندية اليس كذلك؟
****
قرب منتصف الليل نهض الجميع لغرفهم حيث شارك سامر اليكس غرفته ليمنح غرفة الزوار لحبيبته وهذا ما فاجئ فيكي :
-- لما لا تشارك خطيبتك الغرفة ،و ستنام مع اليكس الستم مرتبطين سألته.
-- غبية فيكي أنت، اجابها اليكس ، هل نسيت انهم مسلمون عزيزتي وهذا لا يجوز حسب دينهم الا بعد الزواج،  هل فهمتي الان؟
ضحكت ايلينا للطريقة التي تحدث بها اليكس مع شقيقته وكأنها  طفلة صغيرة .
اومأت برأسها وتابعت طريقها الى غرفتها غير مقتنعة بالاسباب ولكن هذا لا يعنيها .
-- ايلينا !! نادها اليكس وهي تهم بفتح باب غرفتها
فتوقفت بإنتظار وصوله عندما اقترب منها ونظر في عينيها الجميلتين قائلا:
-- هكذا تتركيني قبل ان تتمني ليلة سعيدة لي يا لك من قاسيه القلب.
-- ليلة سعيدة اليكس اجابته وقد احمرت وجنتيها خجلا لاقترابه منها واحتضانه لها برقة
-- وليلتك سعيدة حبيبتي ، شكرا لك على ما قمت به ، كنت مفعمة بالطيبة عزيزتي ايلينا ، كنت رائعة، لا تقلقي.
-- تصبح على خير قالتها بتوتر  وهي ترفع نظرها اليه واذا بشعور
غريب يتملكها ، فقالت وهي صادقه معه:
-- انا لست قلقة ابدا اليكس،
تراجع قليلا، وعندما نوت التراجع هي أيضا كان الاوان قد فات بادرها بعناق صغير وقال :
-- أنت رائعة حلوتي
كان عناقا مختصرا ، فتراجع الاثنان ، وهما يحدقان في بعضهما البعض  ولم تشعر بنفسها الا وهي تتقدم نحوه واذا بها بين ذراعيه حيث لطالما تمنت ان تكون، لم تستطع ان تمنع نفسها من ان تحيطه بذراعيها وعندما احتضنها ، اقتربت منه اكثر وشعرت به يدفن رأسه في عنقها  وشعرها ، كان الحب يملأها بالاشواق وهي تلامس بيديها الرقيقتين، كتفيه العريضتين ، عانقها مره اخرى ،وهو يتمتم :
--أنت رقيقة للغاية
شعرت بالبهجة لكلماته ولقربه منها ، تراجع لينظر بعينيها
فما كان منها الا ان ابتسمت ،
اه يا حبيبي ،. قالت لنفسها والبهجة تغمرها ، قبل دعوتها
الصامته فانحنى ليعانقها مرة اخرى فشعرت بيدية تضمانها بقوة ، تأوهت مبتهجة وعانقته وجذبته اليها ،  بات عناقه اكثر عنفا ، شعرت اكثر  بيديه تلامسان شعرها فابتسمت وقلبها يخفق ، كل ما يهمها الان انها تحبه،  عندئذ شدها الى صدره وهو يتمتم   وملامسا وجهها ،
--  اه يا ايلينا  ،
شعرت ببهجه فائقة وتسارعت خفقات قلبها، ارادت ان تعبر عن حبها له  فهي تحبه كثيرا وقد ازداد حبها له مع الأيام،
--  اليكس ،  بصوت اجش قالت ، هي تشعر بالخجل فجأة
-- ايلينا ؟ استجاب لصوتها الصامت :
-- انا ، ثم ابتسمت وهي تقول  اظنني بحاجة الى بعض الوقت، لا يجوز ذلك  ، وعلى الفور  تمنت لو انها لم تقل هذا ، لان اليكس نظر
في عينيها ، والى شعرها الاسود وخصلاته المحيطة بوجهها فتجمد وحول نظراته عنها ، متأوها، سألته بارتباك بالغ
--  مالذي قلته لك ؟
لكنه تركها  دافنا وجهه بين يديه ، وهو يتمتم بغضب
-- قلت انك ستكونين معي امنة،  تابع بصوت منخفض وهو يصر على اسنانه، لا تقولي شيئا ايلينا  فقط ادخلي غرفتك الان .
دخلت الغرفة واغلقت الباب وراءها وهي تبتسم ، وتحاول السيطرة على خفقات قلبها التي باتت تفضحها .
****
في غرفتها وعلى سريرها ،اغمضت عينيها تحاول ان تجعل تنفسها طبيعيا ،شعرت بالبرد و ارتجفت اوصالها لكن عقلها اقنعها ان الامر لا يتسحق هذا القلق ،حاولت النوم واخذ شعورها بالبرد يخف غفت دون ان تعي .
*****
استيقظت صباحا وهي تشعر بالبرد ، نظرت لجسدها الذي كان مكشوفا دون غطاء فتذكرت تململها طيلة الليل ولا تدري كيف غفت  .
ابتلعت ريقها  وتذكرته كم  هي تحبه ، سمعت صوت فيرونكا عند الباب كانت تحمل صينية الشاي طرقت الباب بلطف ودخلت
-- مازلت نائمة ايلينا هيا انهضي من فراشك يا كسولة
قالت وهي تبتسم :
--  اه ، انا ، اسفة، بقيت مستلقية فاقتربت منها فيكي
وجلست  بجانبها وقالت:
-- هيا ضيوفنا استيقظوا مبكرا وخرجوا للحديقة ، يجب ان نعد الافطار بسرعة ، لا تتاخري
فتحت فيكي الباب وقبل ان تغلقه كانت ايلينا تسمع
صوت حبيبها  فأخذ نبضها يتسارع واحمر وجهها فقررت ان تنهض بسرعة وردت :
-- حسنا فيكي دعيني ابدل ملابسي والحق بك،  نهضت من السرير ورتبته جيدا .
طرقات خفيفة سمعتها وهي تتجه للحمام  وبينما كانت تحاول رفع شعرها للاعلى فتحت الباب ، وقال معتذرا  ،
--اسف ، ابتسم لها واحتضنها بنعومة وتابع قائلا
-- صباح الخير .. كيف اصبحت حبيبتي اليوم؟
-- صباح الخير اجابته واردفت ارجوك اليكس دعك من هذا الان ، هيا اذهب لضيوفك،
-- تعالي معي قال وهو ينظر اليها وقد نسيت انها مازالت بملابس النوم .
اخذت نفسا وهي ترتجف، لا تريده ان يذهب ، لكنها ابتعدت عنه وهربت مسرعة نحو الحمام و رأسها يدور ، كانت تعلم انها وقعت بالفخ ولا مناص من الاعتراف بذلك .

ساعاتنا في الحب لها اجنحة ، ولها في الفراق مخالب.