سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Sunday, March 3, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

March 03, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
--ايلينا لقد اتفقنا حبيبتي لا شيء يستحق العجلة، نحنا معا الان، وأنت لن تستطيعين الهرب مني قال ذلك وهو يديرها نحوه ويحملها بين يديها ليضعها على السرير الذي بدا لها كريش النعام بنعومته.
تمسكت بعنقه عندما هم بالابتعاد عنها و قالت بهمس وهي تتنفس بسرعة ونبضات قلبها تتسارع
--لا اليكس عاجلا ام اجلا سيكتمل هذا الزواج لمَ التأخير.
ابتسم وهو يرفع خصلات شعرها عن وجهها ليرى احمرار وجنتيها ويطبع قبلة على تلك الشفاه التي كانت ترتعش .
--ان كان هذا ما تريدينه فلا مانع لدي ، ضربته على كتفه وهمت بالابتعاد لكنه ثبتها بيديه وتابع حبيبتي دخول الحمام ليس كالخروج منه أنت عرضت وانا قبلت فما رأيك الان؟
****
استيقظ صباحا ليجدها مازلت تتخذ ذراعه وسادة لها ، اغمض عينيه لدقائق يتذكر ليلة البارحة التي كانت اجمل مما تخيل ، واخيرا اصبحت المرأة التي حلم بها وتمناها ملكه وسيدة حياته،  كم هي رقيقة ، جذابة، مثيرة بآن واحد ، لا بد وانه اكثر رجل محظوظ بالعالم ليحظى بمثل هذه المرأة.
تململت قليلا قبل ان تفتح عينيها لتجد تلك العينان اللتان استحوذتا على فكرها لاشهر طويلة تحدقان بها .
--هل تستيقظي دائما بهذا الجمال حبيبتي؟
--أنت فقط تراني هكذا  قبل أن تكمل جملتها كان قد وضع أصبعه على شفتيها مانعا أياها من التلفظ بأي كلمة وأمال بجسده نحوها ليطبع قبلة عميقة طالت بعض الشيء وهي تحيط عنقه بذراعيها .
-- يا الهي كم أنا أحبك يا ايلينا همس بإذنها بعد أن ابتعد قليلا
--وأنا أحبك أكثر مما تتصور أجابته وهي تغمر وجهها بصدره  بينما أصابعة تعبث بشعرها وشفتيه تتذوقان رحيق شفتيها ثانية.
****
أخذ على عاتقه أن يكون هو الدليل السياحي لها في الجزيرة التي تمنت زيارتها ، لذا قام بأستئجار سيارة من الفندق الذي يقيمان به ليزورا معالم الجزيرة وحدهما.
أنطلقا مبكراً بعد أن تناولا الافطار على عجالة من أمرهما ، وبدأ بسرد ما يعرفه عن الجزيرة بعد أن أستطاع الحصول على بعض المعلومات المهمة عن الجزيرة التي تعدّ من أهمّ الجزر من النواحي التاريخيّة والحضارية، والخامسة بين جزر البحر الأبيض المتوسط من حيث المساحة، حيث تطلّ على الجهة الجنوبية على بحر إيجة، حيث تمتاز بشكلها المستطيل، وكان قد أسماها العرب بجزيرة إقريطش، وأطلق عليها الأتراك اسم جزيرة جزيت.
كان يشرح لها ما يعرفه عن تاريخ الجزيرة بينما هي تتابع مشاهدة تضاريس الجزيرة و أعداد السواح الذين يزورنها بهذا الوقت من السنة
لما تتميز به من طقس جميل ولطيف محبب لجميع.
--يا ألهي كم هي جميلة هذه الجزيرة اليكس قالت وهي تتابع الطريق التي سار بها ليصل جبل بسيلوريتس الذي يعتبر أعلى قمة بالجزيرة.
-- أنها مميزة حبيبتي هذه الجزيرة كانت ولا زالت ملتقى لحضارات عريقة لقربها من القارات الثلاث، اسيا وأفريقيا وأوروبا أجابها وهو سعيد لسعادة حبيبته التي تستحق كل ما يقدمه لها من حب ورعاية.
تناولا وجبة سريعة قبل أن يتركا الجبل عائدين الى وادي  ساماريا الذي يعتبر أجمل حديقة وطنية بأوروبا .
--حبيبتي دعينا نرتاح هنا قليلا ونتناول القهوة قال اليكس وهو يمسك بيدها ليجلسا على أحدى الارائك الصخرية التي أمتلئت بها الحديقة , لم تمانع بل جلست وهي تشعر بالتعب بعد مضي أكثر من سبع ساعات منذ مغارتهم الفندق.
--اليكس!! لا أدري كيف سأرد لك كل ما تقوم به من أجلي، هم بالرد عليها لكنها أشارت له بالصمت لتكمل حديثها، أنت نعمة من الله أرسلها لي ليعوضني عن كل دقيقة حزن عشتها.
أمتلأت مقلتيها بالدموع فصمتت وهي تنظر للبعيد ، أقترب منها وأحتضن كتفيها وأجابها بصوت خافت وهادئ
--حبيبتي لا تقولي شيء وتفكري بشيء سوى سعادتنا معا، فكري بما جمعنا فقط سيدة باترسون.
أحاطت خصره بكلتا يديها وأسندت رأسها لصدره وصمتت وهي تتأمل هذه اللوحة التي أبدع الخالق بصنعها.
نهضت وأمسكت بيده وطلبت من أحد المارة أن يأخد لهما بضعة صور بأوضاع مختلفة  لتكون ذكرى لهما معا"
*****
عندما وصلا الفندق كانت الساعة تشير للعاشرة مساءاًوقد نال منهما التعب ، فلم يقويا على فعل شيء سوى أخذ حمام ساخن والايواء للنوم بسرعة البرق.
إستيقظت ايلينا ظهرا ومازال زوجها يغط بنوم عميق فأستندت على ذراعها تراقبه وهي تبتسم وتشكر الرب على ما اجمل هدية منحها أياها ، من يصدق أنها قبل عدة أشهر كانت فتاة معدمة ، حزينة ، وحيدة، لا  صديق ولا حبيب لها، وها هي الأن تنعم بحب اعظم رجل بالعالم ، وعائلة طيبة ، لو أمضت ما تبقى لها من حياة بالصلاة لما شكرت الله على نعمه التي منحها اياها.
تململ بفراشه قبل أن يفتح عينيه فمالت قليلا عليه وهمست
--صباح الخير حبيبي الكسول.
--صباح الخير حلوتي، وهل هنالك أجمل من هذا الصباح ؟
****

تناولا وجبة الافطار في مطعم الفندق ومن ثم غادرا متوجهين للاسواق الشعبية والخاصة بالسياح ، توقفا قبل غروب الشمس أمام أحد المقاهي التي تطل على شواطئ الجزيرة وقد بدا المنظر خلاب ، فطلبا فنجاني قهوة مع بعض الفطائر المحلاة .
--أنظر هناك اليكس قالت ايلينا وهي تتابع  أختفاء الشمس وراء الجبال ببطيء شديد
--انه لمنظر رومانسي اليس كذلك عزيزتي !!أجابها اليكس وهو يتناول فنجاني القهوة ليضعهما على المنضدة .
-- فعلا هو كذلك، أرتشفت قليلا من قهوتها ونظرت اليه وكأنها تحثه على موافقتها للتوجه للشاطئ.
أغمض عينيه مبتسما وقبل أن تهم بقول ما فكرت به نهض من مكانه وهو يمد لها يده لتمسك بها وتقف بجانبه
--هيا حبيبتي سنقترب من الشاطئ فالجو رائع جدا.
عانقته مبتسمة وشاكره له مبادرته التي أحبتها جدا.
--هل لديك رغبه بالسباحة هنا ، سألها وهو يتلتفت حوله ليجد المكان يكاد يخلى من الناس الا بعض الاشخاص على بعد لا يقل عن خمسمائة متر على الأقل.
تنهدت وهي تتأبط ذراعه بيأس أجابته
--كنت أود ذلك ولكني أولا أخاف من البحر وثانيا لم أحضر معي ملابس للسباحة حبيبي.
أمسك كفها وسار بسرعة باتجاه احد المحال القريبة من الشاطئ ليشتري لها ما تحتاجه ليسبحا سوياً .
استقبلتهم صاحبة المحل وهي ترحب بهم ، لكنها سرعان ما أعتذرت منهما لتجيب على إتصال هاتفي وتطلب من شاب كان يقف بجانبها لمساعدتهما.
خرجا من المتجر بسرعة وكان الغضب باد على وجه اليكس الذي لم يعجبه ما قام به الشاب أمام ايلينا.
--ماذا هناك اليكس؟ هيا أخبرني
--سنبحث بمكان أخر هيا بنا أجابها وهو عاقد الجبين
توقفت وأدارت وجهه اليها قائلة
--اليكس ملابس السباحة كلها مكونة من قطعتين وكل النساء ترتديها على الشاطئ فما الخطأ بذلك؟
نظر اليها وكأنه لا يصدق ما يسمعه الأن، لم يجيبها بل امسك بيدها بيد انها افلتتها وسارت مبتعدة عنه وبحالة عصبية لم يسبق له أن رأها بها.
دخلا لمتجر أخر ولحسن الحظ السيدة التي أستقبلتهما تفهمت ما يريده اليكس فعرضت عدة موديلات وألوان من الملابس المكونة من قطعة وحدة  فأختار ما أعجبه هو .
--تفضلي حبيبتي قال وهو يحتضن كتفها ولكن لم تصدر أي ردة فعل مشجعة إلا أنها أخذت الكيس ودخلت لأحدى غرف تبديل الملابس لترتديها وضحكت وهي تتذكر وجه اليكس عندما فتح البائع الكيس واخرج ملابس السباحة وأخذ يريها أياها كل قطعة على حدى، توقعت أن يصفعه على وجهه لكنه تماسك وخرج بسرعة وهو يشتم بكلمات لم تصدق ان اليكس يستخدمها.
ارتدت قميصا خاصا بالبحر وتوجهت بسرعة للشاطئ وهي تتظاهر بالغضب من تصرفاته المتملكة وغيرته الشديدة التي بدات تكتشفها، لحق بها على مهل .
--تعالي من هنا قال وهو يتجه لمكان بعيد عن الناس تخفيه بضعة صخور
--اليكس انت غير معقول اولا تتشاجر من البائع وتشتمه ثم تحضرني الى هنا ، هل تعلم ! لم يعد لي رغبة بالسباحة قالت وهي تعني ذلك بالفعل.
إحتضنها وشدها لصدره وهو يتكئ على أحدى الصخور بينما راحت أصابعة تتخلل خصلات شعرها ليبعدها عن كتفها وقال وهو يهمس بإذنها
--ماذا أفعل إن كنت أغار عليك من نسمة الهواء ، ولأني أحبك لا أحب أن يراك أحداً سواي  بهذه الملابس .
تنهدت وهو تنظر لعينيه التي لا تخفي ما يشعر به وأجابته
--ولكني لم أتوقع أن تكون من هؤلاء الرجال
--اي رجال تعني ؟سألها
--أعني الغيورين، المتملكين ردت وهي تحاول أن تبتعد عنه
--معك حق أنا غيور ، متملك، عاشق حد النخاع، هل لديك أي اعتراض؟
ضحكت دون وعي منها وهي تضع رأسها على صدره وتحيط بيديها خصره وتقول بصوت يرتعش
--لا ابداً، لطالما رغبت برجل يحبني ويغار علي مثلك
لم يدركا أن الليل قد حل وهما يقفان خلف الصخور ويمضيا وقتاً حميماً إلا بعد أن تنبه اليكس أن السكون قد حل بالمكان ولكنه أصر أن يسبح معها تحت ضوء القمر بعيداً عن أعين المتطفلين والمتلصصين.
****
مضى أسبوعان على زواجهما وقد أستمتعا بكل لحظة امضياها سوياً ولم تكن ترغب أيلينا بالعودة لروتين حياتها السابقة ولكن الفصل الدراسي على وشك البدأ وعليها متابعة حلمها وحلم والدها بأن تكون محامية .

Friday, March 1, 2019

ناصية الخيال/أسماء قبلة

March 01, 2019 0
ناصية الخيال/أسماء قبلة

ونعتقد أننا نشكل بالكلمات جمل ...بينما هي من تشكلنا ...، نمسك القلم ونحن نفكر كيف ومن أين سنبدأ ....فتغشى ارواحنا والافئدة سكرات لا نفيق منها إلا وقد تراكمت كلمات رسمت تفصيلا عن ما يختلج بالقلب وكانها رسما تخطيطيا له .

للقراءة إضغط هنا
للتحميل إضغط هنا

Wednesday, February 27, 2019

طريقي بقربك/ منى سليمان

February 27, 2019 0
طريقي بقربك/ منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان

* اعتراف *

أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً 

- أبقى خد بالك يا أخ

تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة

- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج

توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود

- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!

شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها

- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه 

نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع 

- همجي
*******

كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة 

- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟ 
- لا هنزل هنا شكراً 

ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة

- قاعد لوحدك ليه؟ 

التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل

- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟! 

تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟ 

- ممكن أي عصير فريش

أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل

- بتهربي مني ليه؟ 
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه

قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً 

- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى 
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت

ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً 

- أنتي لسه زعلانة؟ 

حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه

- أصل أنا يعني يعني يعني يعني

قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟ 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت

- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي

كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل

- خلصتي؟ 

حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن…
[6:52 PM, 2/27/2019] Mona Soliman: طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل العشرون - بقلمي منى سليمان

* لقاء صحفي *  

بقى حسام واقفاً في مكانه والصدمة مازالت تسيطر على قسمات وجهه، اندهش الجميع من فعلته فترك اللواء مقعده ثم اقترب منه وتساءل بقلق

- مالك يا حسام، أنت تعبان ولا إيه؟ 

ابتلع حسام ريقه مرة أخرى بعد أن فاق من شرودة ثم أدى التحية الرسمية وأجاب قائلاً 

- أنا تمام يا فندم
- طيب أقعد علشان نبدأ الاجتماع

تحرك حسام نحو المقعد المقابل لأمل وجلس عليه فتقابلت أعينهم في نظرة قطعتها حينما أشاحت ببصرها عنه لتستمع إلى باقي حديث اللواء... وبعد مرور ساعة كاملة رفع اللواء رأسه عن الأوراق ثم نظر إلى حسام قائلاً 

- حسام جهز نفسك من بكرة هتستلم طقم حراسة الهدف علشان تكون قريب دايماً من أمل وهي بتتفذ المهمة و

توقف عن إكمال كلماته حينما قاطعته أمل قائلة: بعد إذن خضرتك هو ما ينفعش أي ظابط تاني يكون معايا؟ 

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامع حسام، صر على أسنانه لكن غضبه كان ناتجاً عن الجدار الذي بناه بيده بينهما فأجابها بهدوء 

- أنا اللي عملت أغلب التحريات ووضعت الخطة يا آنسة

رفعت أمل أحد حاجبيها ثم وجهت نظرها إلى اللواء ضاربة عرض الحائط بكلمات حسام وكررت سؤالها وكأنه لم يجيبها فاستشعر اللواء شرار الغضب المتبادل بين أمل وحسام فما كان منه إلا أنه طلب من الجميع المغادرة ثم قال بجدية وصوت رجولي حاد

- أنا حقيقي مش عارف إيه المشكلة اللي بينكم بس من فضلكم تركنوا أي خلاف على جمب لحد ما نخلص من المهمة، قولتي إيه؟ 

وجه سؤاله إلى أمل فرمقت حسام بنظرة اشمئزاز وأجابت السؤال ببرود وهي تنظر مُباشرةً إلى عينيّ الهمجي

- هستحمل وأمري لله

مط حسام شفتيه بضجر فسأله اللواء عن رأيه هو الأخر فتمسك بتنفيذ المهمة مهما كلفة الأمر فوقف اللواء عن مقعده وهتف بحزم 

- طالما أنتوا الأتنين قررتوا تكملوا، يبقى هسيبكم مع بعض علشان تنهوا الحرب اللي بينكم

لم يترك فرصة للاعتراض فغادر غرفة الاجتماعات وأغلق بابها بالمفتاح حتى لا يترك أحد منهم المكان فزفر حسام بضيق ثم ترك مقعده واتجه صوب الشباك ليستنشق الهواء فقد كان يشعر بالاختناق بينما أمسكت أمل هاتفها وبدأت تتصفح الانترنت حتى لا تصاب بالتوتر لوجودها مع هذا الهمجي في مكان مغلق

******

بالجامعة... 
انتهت محاضرة وعد الأولى وجلست في انتظار بدء محاضرتها الثانية التي سيقوم أمير بتدريسها... كان شعورها بالتوتر يفوق طاقتها فحملت حقيبتها لتغادر بالرغم من محاولات حنين في منعها إلا أنها خجلت أن يجمعها بأمير المكان فيكفيها النظرات التي رمقها بها الجميع منذ دخولها إلى قاعة المحاضرات... اتجهت صوب الباب لتغادر لكنها، اصطدمت بصدر أمير الذي كان على وشك الدخول فسقطت الكتب التي كانت بحوزتها وكادت أن تسقط هي الأخرى إلا أنها تمسكت بيده لتستعيد توازنها فتعالت همسات الفتيات ما جعل حمرة الخجل ترتسم على وجنتيها فابتسم لها وقال مازحاً 

- كنتي مكسوفة تحضري محاضرتي أهو ربنا وقعك في حضني

كم تمنت أن تنشق الأرض بها، لكنها لم تجد منه مهرب فجمعت الكتب المبعثرة على الارض وعادت لتجلس إلى جوار حنين فابتسم على جنونها ثم دلف إلى القاعة وبدأ المحاضرة 

********

بغرفة الاجتماعات... 
ازداد شعور حسام بالاختناق لاستمراها في تجاهله فابتعد عن الشباك ثم اقترب منها ما جعل نبضاتها تتسارع خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك بل اصطنعت عدم الاهتمام وأكملت العبث بهاتفها، وما أن استقر أمامها انتظر أن ترفع بصرها إليه لكنها لم تفعل فزفر بضيق ثم اختطف الهاتف من يدها فضيقت بين حاجبيها وكادت أن تعنفه فسبقها وقال بهدوء 

- أنا أسف

رمقته بنظرة نارية اعتقاداً منها أن اعتذاره ناتج عن تبدل مظهرها فتنحنح قليلاً ثم تابع قائلاً 

- دي أول مرة أكلم بنت بالطريقة دي و

قاطعته قائلة ببرود: بنت؟!!! يا حرام شكل نظرك ضعيف خالص أمبارح كنت شايفني أخ و today بقيت بنت

فهم جيداً السخرية المصاحبة لنبرة صوتها فشعر بغصة في قلبه حينما رآها تحاول التماسك لكي لا تظهر الدموع الحبيسة داخل عينيها فسحب مقعداً وجلس على مقربة منها ثم نظر إليها وهتف بصوته الدافئ الذي اعتاد الجميع عليه

- للمرة التانية بقولك أسف، يمكن في يوم أقدر احكيلك ليه عملت معاكي كده ويمكن مقدرش بس اللي أقدر عليه دلوقتي أني اعتذرلك مرة وأتنين وعشرة لحد ما أشوف نظرة تانية في عيونك غير نظرة الغضب والدموع

لم تستطع ان تأسر دموعها أكثر من ذلك فقد كانت تشعر بالإهانة بالرغم من كل ما قاله... ازداد شعوره بالاختناق حينما رأى دموعها تنساب بغزارة على وجنتيها فتابع بهدوء 

- خلاص بقى ما تعيطيش وعلشان أكفر عن ذنبي هعتذر عن المهمة وهسيبها لأي زميل علشان ما تبقيش مضطرة تشوفيني و

قاطعته قائلة بصوت غلبه البكاء: لا خليك أهو أنت طلعت همجي، يمكن التاني يطلع متشرد أكتر منك وأنا مش هستحمل

قالت كلمتها الأخيرة بصعوبة فقد ازداد بكائها وتعالت شهقاتها فشعر بالجرح الذي سببه لها ثم مد يده وأعطاها منديلاً فأخذته بعنف ومسحت دموعها في ذات اللحظة التي عاد فيها اللواء إلى الغرفة واندهش بشدة لرؤية احمرار عينيها لكنه لم يعلق بل تساءل بهدوء 

- هاه إيه الأخبار يا سيادة الرائد؟ 
- تمام يا فندم، المشكلة أتحلت وجاهزين للشغل

بمجرد أن توقف عن الحديث نظر إلى أمل فقالت برقة: وأنا كمان جاهزة 

- ممتاز جداً يبقى نتوكل على الله بعد بكرة نبعت حسام يستلم شغله وبعدها بيوم نحطك في طريقه

*******

بالمحاضرة... 
كان أمير يشاكس وعد بنظراته طوال المحاضرة فكانت تبتسم تارة وتعبس تارة أخرى عله يتوقف عن جنونه لكن ذلك لم يحدث... كان يتعمد المرور من بين سلالم القاعة ليمر إلى جوارها فغمز لها عدة مرات بمشاكسة ما جعلهم محط أنظار الجميع... وما أن انتهت المحاضرة انصرف الطلاب فوقف أمير في انتطار وعد بالخارج فغادرت القاعة برفقة حنين التي تفاجأت بوجود أمجد بالخارج فخفق قلبها بسعادة واقتربت منه حتى استقرت أمامه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها فقاطع أمير سحر اللحظة حينما قال مازحاً 

- أنا حاسس أن الكلية قلبت كازينو على أيدك يا مشرحجي

ضحكوا على كلماته عدا وعد فقد رفعت أحد حاجبيها وقالت بجدية مصطنعة

- فعلاً الكلية بقت كازينو والمحاضرة قلبت سينما

اصطنع أ مير عدم الفهم ولم يعلق ثم مضى إلى السيارة برفقتها بينما ذهبت حنين برفقة أمجد... وما أن دلفت وعد إلى السيارة مطت شفتيها بضجر فابتسم لها أمير وتحدث بهدوء قائلاً 

- أنا أسف ووعد مني مش هعمل كده تاني

عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بغيظ: كل اللي في المحاضرة كانوا بيتفرجوا علينا

- يتفرجوا وإيه المشكلة، مراتي وأنا حر فيها
- بس أنا بتكسف

قالتها ببراءة وطريقة طفولية أسرة للقلوب فحرر إحدى يديها ثم رفع كفها إلى شفتيه وطبع على باطنه قبلة عميقة كانت كزلزال ضرب كل ذرة في كيانها

*******

في ذات اللحظة انطلق أمجد بسيارته لكي يذهب إلى مطعم فخم ويتناول طعام الغداء برفقتها ولكن طرأت لدى حنين فكرة جنونية فابتسمت بسعادة وقالت وهي تنظر إليه

- هو أنا ممكن أطلب منك طلب غريب شوية؟ 

أوقف السيارة على جانب الطريق ليستمع إليها بعد أن حرك رأسه كإشارة بنعم فقالت بثبات طلبها الغريب والفريد من نوعه فمط أمجد شفتيه بضحر وكاد أن يعترض لكنها سبقته واستخدمت الدلال المصاحب لصوتها لاقناعه فاستسلم إليها وقاد السيارة مرة أخرى إلى مقر عمره فقد طلبت منه الذهاب إلى المشرحة لتراقبه بشغف وهو يمارس عمله الصعب والشاق

******

بمقر إدارة البحث الجنائي... 
انتهى الاجتماع الذي يضم اللواء وحسام بالإضافة إلى أمل التي غادرت مُباشرةً لتذهب إلى الجريدة... تابعها حسام بعينيه من شباك مكتبه فقد غادرت دون أن تودعه بالرغم من اعتذراه... اندهش حينما ترجلت من السيارة وفتحت الجزء الأمامي منها فعلم أن هناك خطباً ما أصاب سيارتها، غادر مكتبه في عُجالة وهبط الدرج حتى لا يقف في انتظار المصعد، وما أن اقترب منها لوى شفتيه بضجر حينما رأى تجمع العديد من الضبّاط حولها بحجة المساعدة فوقف خلفها وقال بصوت رجولي حاد

- واقفين كده ليه؟ 

انفضوا جميعاً من حولها وعاد كل واحد منهم إلى عمله فسرت رعشة خوف في بدنها حينما استشعرت هيبته التي يخشاها الكثيرين لكنها فاقت من شرودها عندما أردف متسائلاً 

- في حاجة في العربية؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم دون أن تتحدث فدلف إلى السيارة وحاول تشغيل محركها لكن ذلك يحدث فترجل منها وهتف وهو ينظر مُباشرةً إلى عينيها

- البطارية محتاجة صدمة علشان تتحرك بس اعتقد لازم تتغير 
- طيب أنا هعمل إيه دلوقتي؟ 

تساءلت ببراءة فشعر أنه يقف أمام طفلة صغيرة بالرغم من أنوثتها فأشار إليها لتنتظر دقيقة ثم ابتعد وعاد بعد دقائق قليلة برفقة أحدهم وأعطاه مفتاح سيارته ومفتاح سيارة أمل بعد أن طلب منه سحبها إلى أقرب محطة بنزين ليعاينها المختص، وبمجرد أن انصرف العسكري تحدثت برقة قائلة

- شكراً على فكرة
- العفو على فكرة

قالها مقلداً طريقتها فقد كانت تتحدث إليه بنبرة صوت تحمل القليل من الغضب فارتسمت على شفتيها ابتسامة ساحرة فبادلها بصوته الرجولي قائلاً 

- اتفضلي في مكتبي لحد ما يرجع وبالمرة نتكلم في المهمة
- شكلي كده مش هروح الجريدة النهارده كمان
- ولا يهمك هخلي اللواء نجدت يتصرف في الموضوع ده

حركت رأسها بالموافقة بالرغم من شعورها بالخجل من البقاء معه في مكان واحد إلا أن نظرات الجميع المصوبة نحوها جعلتها تذهب معه فقد شعرت أن نظراته تختلف عنهم... اقترب من المصعد ليطلبه لكنها أخبرته أنها مصابة برهاب المصاعد وفي كثير من الأوقات تشعر بالاختناق بداخله فصعد معها الدرج إلى أن وصل إلى الطابق الثالث حيث يوحد مكتبه فطلب منها الدخول ثم ذهب إلى غرفة اللواء... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد إليها وهتف متسائلاً 

- تحبي تشربي إيه؟ 
- شكراً مش عايزه 
- مستحيل لازم تشربي حاجة
- ممكن أخد كابتشينو لاتيه

أسر ابتسامته بصعوبة وقال مازحاً: لا هنا إدارة خناشير والخناشير أمثالي ما بيشربوش المشروبات النايتي دي

- نايتي؟!! 

رفع أحد حاجبيه بشموخ وأجابها: طبعاً إحنا رجالة أوي على فكرة 

قالها بطريقة تمثيلية لم تصمد أمل أمامها فانفجرت ضاحكة بأعلى طبقات صوتها فاكتفى بابتسامة وتابع

- هنا يا شاي يا قهوة يا نسكافيه بلاك زي اللي بنشوفه في شغلنا وممكن نعملك استثناء واجبلك حاجة ساقعة
- وأنا موافقة بحاجة ساقعة

رفع سماعة الهاتف وطلب فنجان قهوة له ومشروب غازي بنكهة التفاح الأخضر لها، فراقبته بصمت حتى أنهى المكالمة ثم نظرت إليه وقالت بجدية مصطنعة

- مش المفروض أن أنا زعلانة منك؟ 
- المفروض أني اعتذرت 
- طيب أنا لسه زعلانه على فكرة 

رفع كلا حاجبيه حينما فهم ما ترمي إليه وتحدث قائلاً: طيب ما نقصر السكة وتقولي اللي بتلمحي ليه

عضت على شفاها السفلى لشعورها بالتوتر فابتسم على فعلتها ما جعل قلبها يخفق بقوة فقد زادته البسمة هيبة ووقاراً فهتفت بدون تفكير

- طلعت بتضحك زي الناس سبحان الله

رمقها بنظرة نارية محملة بالغيظ فبادلته بابتسامة رقيقة وتابعت قائلة 

- أنا هسامحك بشرط 
- اللي هو؟ 
- بما أن عربيتي عطلانة وأنت عامل معايا واجب وعازمني على حاجة فريدة من نوعها في الإدارة ولسه

قاطعها قائلاً: قولي عايزة إيه من غير مقدمات يا أستاذة

- عايزه استغل الوقت وأعمل معاك لقاء صحفي وقبل ما ترفض لو مش هتوافق هسيبك تشرب القهوة والحاجة الساقعة لوحدك وأقوم أدور على أي ظابط أعمل معاه لقاء، قولت إيه؟ 

اندهش بشدة من طريقتها فقد اعتقد أنها فتاة رقيقة ودموعها قريبة لكنه استشعر القوة المصاحبة لنبرة صوتها ما زاد إعجابه بها فحرك رأسه بالموافقة

- بجد موافق؟ 
- ولو ما بدأتيش حالا هغير رأيي
- يس

قالتها بجنون فأسر ابتسامته بصعوبة حتى لا يقلل من حماسها، وفي أقل من دقيقة أخرجت من حقيبتها مُسجل صوت خاص بعملها وملحق به ميكروفون، وارتدت كذلك نظراتها الطبية لتسجل الملاحظات خلال اللقاء ولم تكتفي بذلك بل رفعت شعرها لأعلى كما اعتادت دائماً وما أن نظرت إليه لتبدأ المحاورة تفاجأت به يسلط نظراته عليها فتساءلت

- في حاجة؟ 
- حاسس دي استعدادات حرب مش لقاء صحفي
- كل واحد أدرى بشغله 
- عندك حق بس خلينا نتفق الحوار ده مش هينزل غير بعد ما نخلص من المهمة 

أكدت له ذلك ثم بدأت في سؤاله الأسئلة المعتادة.. ما أسمه، كم يبلغ من العمر، حالته الاجتماعية، منذ متى يعمل بإدارة البحث الجنائي، أغرب القضايا التي قابلها... ظلت تسأل وهو يجيب حتى سألته إن كان أصيب من قبل فأجابها بهدوء 

- ٣ مرات
- بجد؟!! 

قالتها باندهاش كطفلة شقية على وشك خوض مغامرة سمعية فحرك رأسه ليؤكد لها ما سمعته ثم تابع حديثه قائلاً 

- أخدت رصاصة في كتفي في اقتحام وكر تجار مخدرات و

قاطعته قائلة بانبهار: واوووو كمل 

- ورصاصة في نفس الكتف من ست سنين في عملية القبض عن سفاح الجيزة وأصعبهم كانت رصاصة في صدري اخترقت واقي الرصاص من أربع سنين وكانت حالتي خطيرة 
- حسيت إيه وقتها؟ 

أراح ظهره على المقعد وتذكر دموع حنين ووعد حينما استرد وعيه فتنهد بحرقة وأجابها 

- حسيت لأول مرة أني خايف من الموت بس مش علشاني، علشان حنين ملهاش حد في الدنيا دي غيري، خوفت أموت وأسيبها وحيدة

رفع حسام بصره إلى عينيّ أمل واندهش لرؤية الدموع تتلألأ داخل مقلتيها بعد أن تأثرت بكلماته فقرر تلطيف الأجواء وهتف مازحاً 

- أنا شايف أني كده كفرت عن ذنبي وأكتر من كده صراحة هيبقى استغلال صحفي

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وكادت أن تتحدث لكن قاطعها صوت طرق على باب غرفة المكتب فأذن حسام للطارق بالدخول 

- العربية ما اشتغلتش بصدمة البطارية 

تقدم العسكري من حسام وأعطاه المفتاحين ثم تابع: محتاجة بطارية جديدة

- طيب أتفضل أنت 

ما أن انصرف العكسري وقفت أمل عن مقعدها وهي تشعر بالحزن لأجل سيارتها ثم نظرت إلى حسام وقالت برقة

- أنا متشكرة جداً لمساعدتك، همشي دلوقتي وهبعت السواق بتاع أمير يسحبها لحد الميكانيكي 
- هتروحي أزاي؟ 
- هطلب عربية
- هتركبي عربية لوحدك بالفستان ده؟!! 
- أمال هعمل إيه؟ 
- هوصلك 

جحظت عينيها في عدم تصديق ثم ابتلعت ريقها وتساءلت بصوت مرتعش

- طب و وشغلك؟ 
- عادي هوصلك وأرجع

لم يترك لها فرصة أخرى للاعتراض فحمل مفتاح سيارته وأعطاها مفتاح سيارتها ثم مضى برفقتها فحاولت إقناعه بشتى الطرق لكي يتركها تغادر بمفردها إلا أنه لم يسمح بذلك فدلفت إلى سيارته وفي أقل من دقيقة انطلق إلى فيلا أمير

********

في ذات الوقت أوقف أمير سيارته أسفل منزل وعد فترجلت بعد أن ودعته ليذهب إلى المشفى... ما أن دلفت إلى العقار تذكرت نفاذ الطعام الخاص بقطتها فقررت الذهاب إلى المتجر الخاص ببيع طعام القطط لشراء المزيد... مضت وهي تفكر في المشاكس الذي تزوجت به فلم تنتبه إلى الشاب الذي كان يسير خلفها وينتظر اللحظة المناسبة لاختطافها، وبمجرد أن مرت من شارع لا يوجد به غيرهم تقدم منها ليخدرها إلا أنه توقف حينما مرت سيارة إلى جوارها فاندهشت بشدة لرؤية أمير فترجل من السيارة ورمق الشاب بنظرة نارية بعد أن لاحظ ملاحقته لوعد ثم تقدم منها وتساءل بقلق

- أنتي كويسة؟ 
- اه، في حاجة؟ وإيه رجعك؟ 

تابع أمير ابتعاد الشاب حتى اختفى تماماً لكنه لم يشعر بالارتياح فتابعت وعد وهي تشعر بالقلق

- أمير أنت كويس؟ 
- ما طلعتيش ليه؟ 
- كوكي أكلها خلص فكنت رايحة السوبر ماركت أو محل القطط أجيبلها
- بعد كده لما تحتاجي حاجة قوليلي وياريت ما تخرجيش لوحدك تاني، بعد ما سيبتك لقيت تليفونك واقع فلفيت ورجعت أديهولك لقيتك ماشيه وواحد ماشي وراكي زي ضلك

تسارعت نبضاتها خوفاً إلا أنها لم تظهر له ذلك فقالت ببراءة: أنا آسفة 

- خلاص محصلش حاجة، أركبي هنجيب الأكل وبعدها هوصلك

دلفت إلى السيارة دون أن تتفوه بالمزيد فقد كانت تشعر بالخوف من ملاحقة أحدهم لها، بينما قاد أمير السيارة وهو يشعر بالقلق عليها لكنه نفض الفكرة من رأسه حتى لا ينتقل القلق إليها

********

أمام مبنى الطب الشرعي أوقف أمجد سيارته وهو يشعر بالغضب فقد تمنى قضاء أوقات رومانسية معها ولكن تبخرت جميع أحلامه ووجد نفسه في أخر مكان تمنى الوجود به... ترجلت حنين وبداخلها القليل من الخوف إلا أنها رسمت الثبات على وجهها ومضت معه إلى الداخل لتشاهده وهو يقوم بعمله... بعد مرور عدة دقائق ارتدت الرداء الأبيض الخاص بالأطباء ولحقت به إلى الداخل فأخرج مساعده جثة من ثلاجة الموتى ووضعها على طاولة التشريح ثم غادر ليبدأ أمجد عمله... أمسك المشرط الخاص بالتشريح وفتح جرح عميق من الحلق إلى نهاية البطن فشعرت حنين بالغثيان حينما رأت طول الجرح، وما هي إلا دقائق حتى أبعد الجلد ليظهر القفص الصدري وبداخله أعضاء الجسم فسقطت حنين بعد أن فقدت وعيها وارتطم جسدها بالأرض فجحطت عينيّ أمجد ثم اقترب منها وقال بخوف

- حنين


ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Tuesday, February 26, 2019

طريقي بقربك/مني سليمان

February 26, 2019 0
طريقي بقربك/مني سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل التاسع عشر - بقلمي منى سليمان

* اعتراف *

أرجعت أمل نظارتها الطبية إلى الخلف ثم ابتعدت خطوة واحدة إلى الوراء دون أن تتحدث إليه ولكن التوى كاحلها وكادت أن تسقط على ظهرها فتقدم حسام منها وحاوط خصرها بذراعه مانعاً إياها من السقوط ثم قربها إليه ونظر إلى عينيها قائلاً 

- أبقى خد بالك يا أخ

تحدث معها بصيغة المذكر ليشعل غضبها فأبعدت يده عن خصرها ثم أشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بحدة

- أنت بني أدم مريض على فكرة
- أحترمي ج

توقف عن إكمال كلماته ثم تأملها من رأسها حتى أخمض قدميها وتابع ببرود

- قصدي أحترم نفسك يا أخ
- أنت بجد إنسان همجي ومعندكش أي فكرة عن التعامل مع البنات

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق ثم حك ذقنه بإبهامه وقال بذات البرود: هي فين البنت أصلاً؟!!

شعرت بالإهانة فرفعت كفها في الهواء لتصفعه بكل الغضب الكائن بداخلها إلا أنه سبقها وقبض يده على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وأردف بعد أن اقترب بشدة من أذنها

- مش الرائد حسام الدين سليمان اللي واحد زيك يمد أيده عليه 

نفض يدها بغل فكادت أن تسقط لكنه لم يهتم لها وابتعد ليجلس على أحد المقاعد، فاستندت بيدها على المنضدة وجلست على المقعد المقابل له وبداخلها رغبة ملحة في الفتك به فتفادى نظراتها النارية بمراجعة الملف الموضوع أمامه بينما زفرت أمل بضيق وقالت بصوت مسموع 

- همجي
*******

كانت تتابع الطريق وهي تفكر في ما ستقوله بعد قليل، شعرت بالتوتر وشعرت كذلك بالسعادة فهي على وشك لقائه وظلت شاردة حتى أعادها صوت السائق إلى أرض الواقع فقالت برقة 

- آسفة سرحت
- بقول لحضرتك باب المول ده ولا التاني؟ 
- لا هنزل هنا شكراً 

ترجلت من السيارة ثم دلفت إلى مركز تجاري ضخم واتجهت صوب إحدى المطاعم وهناك رأت أمجد يجلس في انتظارها... راقبته عبر الزجاج وهو ينظر إلى ساعة يده ثم استجمعت شجاعتها ودلفت إلى الداخل حتى استقرت خلفه وهتفت مازحة

- قاعد لوحدك ليه؟ 

التفت إليها وابتسامة ساحرة ترتسم على ثغره فجلست على المقعد المقابل له وكادت أن تتابع كلماتها إلا أنه سبقها وقال بهدوء لم يعتاده من قبل

- تعرفي أنك وحشتيني
- بجد؟! 

تساءلت ببراءة فغمز لها وأجابها: بجد، قوليلي تشربي إيه؟ 

- ممكن أي عصير فريش

أشار إلى النادل وطلب منه إحضار كوب عصير لها وفنجان قهوة له، وبمجرد أن ابتعد نظر أمجد إلى حنين وتساءل

- بتهربي مني ليه؟ 
- بهرب منك أزاي وأنا قاعده قدامك اهوه

قالتها بثبات فرفع أحد حاجبيه بعدم تصديق... عضت على شفاها السفلى ووجهت نظراتها إلى الأرض فابتسم على فعلتها وقال مازحاً 

- لما بتتكسفي بحس أنك مش حنين المجنونة اللي أعرفها
- بطل رخامة بقى 
- مش هبطل غير لما أعرف ليه بقالك يومين مطنشاني مع أني يوم العزومة صالحتك واعتذرت

ازداد شعورها بالخجل لكنها استجمعت شجاعتها ونظرت إلى عينيه وقبل أن تجيبه سبقها وأردف متسائلاً 

- أنتي لسه زعلانة؟ 

حركت رأسها كإشارة بالنفي ثم أرجعت خصلات شعرها خلف أذنها وقالت دون أن تنظر إليه

- أصل أنا يعني يعني يعني يعني

قاطعها قائلاً: أنتي علقتي ولا أيه؟ 

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها أثر مزحته ثم حركت رأسها مرة أخرى بالنفي وتابعت

- حسام لو عرف أني بكلمك وبقابلك زي دلوقتي كده هيزعل مني أوي، هو طول عمره مديني حريتي لأنه بيثق فيا بس مش معنى كده أني أكلمك وأقابلك وكمان أنت صاحبه وكده عيب أوي

كان يستمع إليها وهو يسند يده أسفل وجنته وما أن توقفت عن الحديث أرجع ظهره إلى الخلف قليلاً وتساءل

- خلصتي؟ 

حركت رأسها لأعلى وأسفل بنعم فتأمل عينيها لدقائق صمت فيها الكلام وتحدثت لغة العيون فشعر كل منهم بالغرق في بحور الأخر لكن الصمت لم يدوم فقد قطعه أمجد حينما هتف بصوت دافئ غلفه الحنان 

- أولاً كل كلمة قولتيها دلوقتي تخليني أحترمك جداً، ثانياً أنا كمان مستحيل أعرفك من ورا أخوكي علشان كده هطلب أيدك منه ووقتها نقدر نتعرف على بعض أكتر، قولتي إيه؟ 

جحظت عينيها بعدم تصديق ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم الصرخة التي كانت على وشك الانطلاق من بين شفتيها فأسر ابتسامته بصعوبة وكرر سؤاله مرة أخرى فأجابته قائلة

- حسام مش هيوافق
- أفهم من كده أنك موافقة بس المشكلة في حسام 
- أ أ أنا ما ما قولتش أني موافقة 

قاطعها قائلاً: مش مهم تقولي على فكرة لأن عيونك قالوا كل حاجة، أنا مش عارف أزاي وأمتى أتعلقت بيكي بس الحاجة الوحيدة اللي عارفها أني عايز أفضل معاكي على طول

- حسام بجد مش هيوافق على الأقل لحد ما أخلص الكلية لأن ابن عمي أتقدملي من كام شهر وحسام قاله لسه بدري أوي 
- سيبي حسام عليا ولو على دراستك اللي صبرني ٢٨ سنة من غير جواز يصبرني كام سنة كمان، المهم هنكون مع بعض

أتسعت ابتسامتها فشعر بالربيع يسري بداخله، ربيع مختلف الألوان يحمل السعادة بلون والعشق بلون ونبضات القلب وهمساته بلون... ربيع لا يعرف المستحيل، يتخطى كل الحواجز ليجمع قلبين في قلب واحد ينبض فقط بأسم كليهما 

*******

بمقر إدارة البحث الجنائي... 
اجتمعت قيادات الإدارة داخل غرفة الاجتماعات لمناقشة تفاصيل الخطة التي وُضعت من أجل الإيقاع بواحدة من أكبر شبكات تجارة الأعضاء... رحبوا جميعاً بوجود أمل وأثنى الكتير منهم على المجهود الرائع الذي بذلته من أجل جمع المعلومات فتذوقت طعم نجاحها 

- الملفات اللي قدامكم بتدين أسماء لدكاترة في كلية طب عين شمس ومتورطين في القضية وكتير منهم مسكنا دليل إدانته بس مش هنقدر نتحرك غير لما نجيب الراس الكبيرة اللي هو وزير الصحة ومعالي رئيس الوزراء أطلع على ملف القضية من خلال وزير الداخلية شخصياً حرصاً على الكتمان

ارتدى اللواء نظارته الطبية ثم فتح الملف الموضوع أمامه وتابع وهو مازال ينظر إلى الأوراق

- من مراقبة الإيميل اللي تم من خلاله إرسال المستندات ليكي توصلنا لأنه يخص أحد أفراد طقم الحراسة الخاص بوزير الصحة والسؤال ليه أرسل ليكي أنتي بالذات قال أنك قابلتي وزير الصحة في كذا مؤتمر صحفي

رفع اللواء رأسه عن الأوراق وسأل أمل عن صحة ما قاله فحركت رأسها كإشارة لتأكيد المعلومات التي وصلت إليه فأردف

- اللي وصلنا أنك لفتي نظر الوزير في كذا مؤتمر واللي عرفناه أنه ليه في سكة الدعارة كمان من الأخر عجبتيه 

ما أن وصلت كلمات اللواء الأخيرة إلى مسامع حسام مط شفتيه بضجر بينما ابتلعت أمل ريقها بصعوبة ثم أرجعت نظارتها الطبية إلى الخلف وتساءلت 

- معجب بيا أنا؟ 
- ده اللي أكده فرد الحراسة في اعترافاته وبناءاً عليه وضعنا خطة وهنبدأ في تتفيذها من بكرة و

قاطع حسام كلمات اللواء حينما وقف عن مقعده وقال بحدة: خطة إيه اللي تنفذها سعادتك، مواصفات البنت اللي في الخطة ملهاش أي علاقة بالأخ اللي جمب حضرتك

اندهش الجميع من كلمات حسام فكاد اللواء أن يعنفه لكن سبقته أمل ووقفت هي الأخرى عن مقعدها ثم تقدمت من حسام وأشهرت سبابتها في وجهه وهتفت بصوت عال لم تعتاده من قبل

- قسماً بالله لو ما أحترمت نفسك بالذوق لأخليك تحترمها بالعافية
- الكلام ده ليا أنا؟ 

وكزته أمل بظاهر يدها في كتفه وأجابته: اه ليك يا خفيف

جز حسام على أسنانه واشتعل غضباً أثر كلماتها والضربة التي سددتها إلى كتفه فقبض يده بعنف على معصمها وسط اندهاش الجميع فأبت أمل أن تتأوه بالرغم من شعورها بالألم فضرب اللواء بيده على سطح المكتب وقال بحدة

- رائد حسام 

انتبه حسام إلى الغضب المصاحب لصوت رئيسه المباشر فنفض يدها وهتف بعد أن أدى التحية الرسمية 

- أسف سعادتك بس الأخ ده لا يصلح للمهمة

لم تستطع أمل أن تتحمل وقاحته فمدت يدها لتصفعه لكنه سبقها كالمرة السابقة ومنعها من ذلك بعد أن قبض على معصمها مرة أخرى فتحول الاجتماع إلى معركة لا يعلم سببها سوى حسام فقد كان ينتقم من زواج وعد وأمير من خلال شقيقته أو بالأحرى ينفس عن غضبه بإغضابها... وقف اللواء عن مقعده وتقدم منهما ثم قام بتفريق أيديهم ونظر إلى حسام قائلاً 

- ده هيكون أخر تحذير يا حسام وبعد كده هحولك للتأديب

ابتلع حسام ريقه بصعوبة ثم نظر إلى أمل ليرمقها بنظراته الحادة والغاضبة إلا أنه شعر بغصة في قلبه حينما رأى الدموع الحبيسة داخل مقلتيها، بينما اعتذر اللواء وطلب منها الجلوس ليشرح باقي الخطة 

- إحنا هنساعدك بطريقتنا تقابلي الوزير وتقربي منه لحد ما توصلي لبيته وتجبيلنا أي دليل يدينه ومعاكي مهلة أربعة وعشرين ساعة تفكري فيهم هل هتقدري على ده ولا لا وبأمر الله بكرة في اجتماع في نفس المعاد علشان نعرف قرارك 

لم تمض سوى دقائق قليله حتى انتهى الاجتماع وغادرت أمل لتذهب إلى عملها بينما عاد حسام إلى مكتبه وتابعها من الشباك حتى انطلقت بسيارتها فزفر بضيق ثم جلس على مقعده وردد في نفسه 

- أول مرة أعامل بنت كده، أكيد هي ملهاش ذنب في غضبي بس حظها أني فقدت السيطرة على أعصابي لما تيجي بكرة هعتذرلها وأمري لله

*******

بعد مرور عدة ساعات... 
كانت وعد تتابع عملها بالمشفى حينما شعرت برغبة في رؤية أمير فهي لم تراه منذ أن وصلت... تركت مقعدها وغادرت الغرفة ثم اتجهت صوب غرفة مكتبه ودلفت إليها بدون سابق إنذار لتفاجئه لكنها عبست بشدة حينما لم تجدة فتراجعت بظهرها إلى الخلف لتغادر إلا أنها اصطدمت بجسد تميز رائحته جيداً... التفتت إليه وابتسامة ساحرة تزين شفتيها وتصاحبها حمرة خجل تلون وجنتيها... تقدم منها فتراجعت بدورها إلى الخلف، وبمجرد أن أغلق الباب اقترب منها حتى وقف أمامها وتساءل بصوت دافئ

- مالك؟ 
- ما مفيش، كككنت جاية أشوفك لو محتاج حاجة م مش أنا المساعدة بتاعتك

قالت كلماتها بصوت مرتعش وارتباك ملحوظ فعلم أنها تكذب ما جعل ابتسامة ساحرة ترتسم على شفتيه لتزين ثغره ثم نظر مُباشرةً إلى عينيها وهتف متسائلاً 

- وحشتك في الساعتين دول، صح؟ 

خفق قلبها بسرعة وازدادت حمرة الخجل خاصتها فكانت الجواب لسؤاله... لم يشعر بنفسه إلا وهو يجذبها بين أحضانه ثم حاوطها بحنان فتمسكت به لتشعر بالدفء الذي لم تشعر به إلا عندما يغمرها بحنانه، وظلا هكذا حتى طبع قبلة على مقدمة رأسها وأردف

- ربنا يخليكي ليا
*******

أمام مقر إدارة البحث الجنائي أوقف أمجد سيارته ثم ترجل منها ودلف إلى الداخل عازماً النية على التحدث إلى حسام بشأن التقدم لخطبة حنين... صعد مُباشرةً إلى مكتب حسام بعد أن رحب بوجوده العديد من الضباط بوجوده، ثم دلف إلى الداخل بدون سابق إنذار ليشاكس حسام لكن الأخير كان شارداً في لمعة الدموع الحبيسة داخل عينيّ أمل فاندهاش أمجد بشدة من رؤيته هكذا ثم ضرب بيده على سطح المكتب 

- حسام

انتفض حسام عن مقعده ثم رمقه بنظرة نارية وقال بغيظ: في حد يدخل كده؟ 

رفع أمجد كلا حاجبيه باندهاش ثم جلس على أحد المقاعد وأجابه ببرود

- من يوم ما بقينا أصحاب بدخل كده، في إيييييه؟  من يوم كتب كتاب وعد وأمير وأنا متأكد أن في حاجة

ابتلع حسام ريقه بصعوبة وشعر بالإحراج لافتضاح أمره فكرر أمجد كلماته وسؤاله وزاد عليهم سؤال جعل حسام يتمنى أن تنشق الارض به
فقد سأله إن كانت وعد هي الفتاة التي يعشقها فأجاب قائلاً 

- إي إيه يا أمجد الكلام الفارغ ده، وعد طول عمرها زي حنين و

قاطعه أمجد: أهو عصبيتك وتوترك بيقولوا أنها هي

زفر حسام بضيق ثم اتجه صوب شباك الغرفة وأسند يده على الحائط وبدأ يقص على صديقه كل شيء فشعر أمجد بالشفقة على حاله ثم ترك مقعده واقترب منه إلى أن وقف إلى جواره وهتف

- لازم تنسى يا حسام، وعد خلاص أتكتبت لأمير وكل شيء قسمة ونصيب
- عارف يا أمجد وبحاول أتعود 
- أمال مضايق ليه؟ 

رفع حسام كلا حاجبيه وتردد في الاعتراف بفعلته مع أمل فهي ابنة خالته ومن المؤكد أنه سيلومه لأجلها ولكن مع إصرار أمجد جلس حسام على الأريكة الجلدية وبدأ يقص عليه ما فعله مع أمل في لقائهم الأول وما حدث منذ قليل فانتفض أمجد عن الأريكة وقال بحدة وصوت عال

- نهارك أسود يا حسام، أنت اللي عمرك ما غلطت في واحدة تيجي تغلط في أمل، أمل يا حسام دي أغلب من الغلب
- أنا مش عارف عملت كده أزاي بس أنا عارف أني غلطت في حقها

جز أمجد على أسنانه ثم اتجه مرة أخرى صوب الشباك وأخرج هاتفه ليتحدث إلى أمل ويطمئن عليها فجاءه صوتها باكية

- الو 

شعر أمجد بالأسى عليها فتساءل بصوت دافئ: بتعيطي ليه؟ 

ما أن وصل سؤاله إلى مسامع حسام شعر بغصة في قلبه فهو يعلم جيداً أنه جرحها في أنوثتها بالرغم من كونها فتاة جميلة بل صارخة الجمال فتنهد بحرقة ثم تابع باقي الحديث

- خلاص بقى يا أمول، أنا هاجي أتغدى معاكم وأفرفشك

بعد مرور عدة دقائق أنهى المكالمة وعاد ليعاتب حسام بينما كفكفت أمل دموعها وقادت سيارتها إلى مركز تجاري ضخم بعد أن أقسمت أن تعطي لهذا الهمجي درساً لن ينساه... 
بينما بمكتب حسام وقف أمجد عن مقعده بعد أن أنهى حديثه فأوقفه حسام حينما هتف متسائلاً 

- رايح فين؟ 
- هروح أطمن على أمل بجد مش هرتاح إلا لو شوفتها
- بكرة هعتذرلها قدام كل الموجودين، بس قولي أنت كنت جاي ليه؟ 

ضرب أمجد جبينه بباطن يده فقد نسى تماماً ما جاء لأجله لكنه شعر بتوتر الأجواء فقال بهدوء 

- هقولك بس خليها مرة تانية تكون أعصابك أهدى، يلا سلام

صافح حسام ثم غادر إلى سيارته، وبمجرد أن دلف إليها أجرى اتصالاً بهاتف حنين فتسارعت نبضات قلبها خوفاً إلا أنها استجمعت شجاعتها وأجابت قائلة

- الو 
- أنا لسه نازل من عند حسام بس مقدرتش أكلمه في حاجة لأن عنده مشكلة في الشغل بس بإذن الله هكلمه في أقرب فرصة
- ماشي 

قالتها بطريقة طفولية أسرة للقلوب فارتسمت على شفتيه ابتسامة تمنى أن تراها لتعلم كم هو يريدها إلى جواره، فبالرغم من أنه لم يقابلها إلا منذ عدة أيام إلا أنها أصبحت تشغل تفكيره في كل ساعة وكل دقيقة 

********

مضت الساعات واستيقظت الشمس لتنشر أشعتها الذهبية على الكون حاملة معها مفاجأت ومشاكسات وصوت ضحكات وكذلك نبضات تتسارع لتخبر صاحبها أن قلبه عاشق.... 
في الثامنة والنصف أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد فدلفت وركبت إلى جواره وصدرها يعلو ويهبط من شدة شعورها بالتوتر فاندهش أمير وتساءل بقلق

- مالك؟ 
- متوترة شوية دي أول مرة نروح الجامعة بعد المشكلة وخايفة من

قاطعها قائلاً بحنان وصوت دافئ غلفه العشق: طول ما أنا جمبك مش هسمح للخوف يعرف لقلبك طريق

استطاعت كلماته أن تهدئ من خوفها لكنها تسببت في تسارع نبضاتها فالحنان المصاحب لصوته جعلها تشعر نحوه بالانجذاب فغمز لها وتابع

- بقول نروح الجامعة بدل ما نتأخر، ولا إيه رأيك؟ 
- نروح طبعاً 

قالتها بصوت مرتعش فأسر ابتسامته بصعوبة حينما علم أن وجوده يسبب لها الارتباك ثم أدار محرك السيارة وانطلق بها إلى الجامعة

*******

في ذات الوقت وصلت حنين إلى الجامعة فترجلت من إحدى سيارات الأجرة ثم أدارت جسدها لتدلف إلى الداخل إلا أنها توقفت حينما رأت أمجد يستند على سيارته ويقف في انتظارها... خفق قلبها بسعادة فاقتربت منه شيئاً فشيئاً حتى استقرت أمامه... تأمل البريق الساكن داخل عينيها لعدة دقائق لم يتحدث فيها أحد وما أن فاق من سحر نظرتها ابتسم لها وقال بهدوء 

- وحشتيني

أتسعت ابتسامتها الساحرة وخجلت أن تجيبه فتابع بذات الهدوء: مضايقة علشان جيت؟ 

حركت رأسها يميناً ويساراً كإشارة بالنفي فتساءل: أمال مش عايزه تردي عليا ليه؟ 

- مفيش حاجة 

خيم الصمت من جديد وتبادلا نظرات كانت أصدق من الكلام ولكن قاطعهما صوت سيارة أمير فخجلت حنين بشدة وكادت أن تبتعد إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت أمير يقول

- أركبي يا حنين

دلفت إلى السيارة دون أن تودع أمجد فصر على أسنانه وشرع أن يتحدث لكن سبقه أمير وقال بصوت خفيض بعد أن ترجل من السيارة واقترب من ابن خالته

- لم نفسك واقف تسبلها قدام باب الجامعة
- أعوذ بالله منك دايماً سادد نفسي 

عاد أمير إلى السيارة وهو يحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونه ثم قاد السيارة إلى الداخل فلوح أمجد بيده إلى حنين ثم تنهد براحة وغادر إلى عمله

********

في العاشرة إلا عشر دقائق ترجلت من سيارتها وهي تشعر بأنها أميرة في هذا الثوب الأسود القصير الذي أظهر رشاقتها بوضوح... كان شعرها يتطاير مع كل خطوة تخطوها ما جعلها محط أنظار الكثيرين فاستقبلها أحدهم بابتسامة وأخر بغمزة وغيره أطلق صفيراً ليعبر عن جمالها، فبالرغم من ارتدائها لنظارتها الشمسية إلا أن سحر عينيها اخترق قلوب الكثيرين... لم تهتم لأحد وأكملت طريقها إلى غرفة الاجتماعات حيث يجلس الجميع في انتظارها، وبمجرد أن فتح أحد الضبّاط باب الغرفة دلفت إلى الداخل ليقطع صوت كعب حذائها الصمت الذي ساد المكان فرفع الجميع بصرهم إليها واندهشوا من تبدلها التام فألقت عليهم التحية وكادت أن تجلس على مقعدها إلا أنها توقفت حينما استمعت إلى صوت حسام يقف خلفها

- أسف على التأخير

التفتت إليه وابتسامة ماكرة ترتسم على ثغرها فبادلها بأخرى وقال بترحاب وهي مازالت تضع نظارتها الشمسية

- أهلاً بحضرتك نورتي

نظر حسام إلى اللواء ورمقه بنظرة تساؤل عن هوية المرأة الساحرة التي تقف أمامه فقال اللواء وهو يأسر ضحكته بصعوبة

- الآنسة أمل، معرفتهاش ولا إيه؟ 

جحظت عينيّ حسام بعدم تصديق وأتسع ثغره من هول الصدمة فأزالت أمل نظارتها ورمقته بنظرة انتصار ثم مضت دون أن تعيره أي اهتمام وجلست على مقعدها فبقى حسام واقفاً في مكانه وهو لا يستوعب أي شيء 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Monday, February 25, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 25, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء 

الفصل الثامن عشر - بقلمي منى سليمان

* لقاء *

أنهى أمجد كتابة تقرير التشريح ثم حمل جاكيت حلته وغادر في عُجالة... دلف إلى سيارته وأدار محركها لكنه لم ينطلق بها بل أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً بحسام فأجاب الأخير قائلاً 

- خلصت التقرير؟ 
- مفيش أزيك الأول؟ 
- أزيك؟ 
- كويس يا أخويا والتقرير بعته عالإيميل، قولي جاي العزومة؟ 

أغمض حسام عينيه بأسى وحاول التماسك حتى لا يشك فيه أمجد فقال بثبات وصوته الرجولي المعتاد

- للأسف عندي شغل بس حنين معاهم 

شعر أمجد بالسعادة لعدم حضور حسام إلى العزيمة إلا أنه لم يظهر ذلك بل اصطنع الغضب قائلاً 

- خسارة كان نفسي أشوفك
- معلش تتعوض، هقفل سلام

أنهى حسام المكالمة وعاد ليتابع عمله بينما فرك أمجد كفيه ببعضهم البعض ولم تمض سوى دقيقة واحدة حتى انطلق بالسيارة إلى متجر الزهور القريب من فيلا أمير وانتقى باقة فخمة من الزهور الحمراء لكنها لم تكن لسلوى كما اعتاد بل كانت هدية بسيطة لحنين ليعتذر عما فعله معها وعن تأخيره كذلك

*******

في ذات اللحظة وقفت وعد عن مقعدها لتغادر إلى غرفة أمل... لحق بها أمير ليذهب إلى حيث تجلس والدته، إلا أنها ما أن غادرت الشرفة تعثرت قدمها وكادت أن تسقط أرضاً فأسرع أمير وحاوط خصرها بذراعه ثم قربها إليه بشدة حتى أصبح لا يفصل بينهما شيئاً... توقع أن تبتعد عنه لكنه اندهش حينما سكنت بين أحضانه فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق ثم اقترب من شفتيها ليسرق قبلته الأولى فقاطعه صوت طرق على باب الجناح... ابتعدت عنه وحمرة الخجل تلون وجنتيها فأسر ابتسامته ثم اتجه صوب الباب وفتحه فقالت الخادمة 

- تليفون الآنسة بيرن والحاجة قالتلي أطلعه ليها
- شكراً 

قالها أمير بعد أن أخذ منها الهاتف ثم أغلق الباب وعاد إلى طفلته الرقيقة لكنها لم تستطع النظر إلى عينيه فوضع يده أسفل ذقنها ورفع رأسها لتتقابل أعينهم في نظرة قطعها صوت رنين هاتفها فقالت برقة

- ممكن أرد؟

أعطاها الهاتف فتلامست أيديهم دون قصد ولم تستطع الإمساك بالهاتف فسقط أرضاً وانقطع رنينه فهتف أمير بهدوء 

- أنا أسف أني خليتك مرتبكة ده
- مفيش حاجة 
- طيب أنا هنزل لماما وطنط سوسن وأنتي أتكلمي براحتك 
- ماشي

ودعها بغمزة من عينه اليسرى جعلت قلبها يخفق بسعادة ثم تنهدت براحة وأخذت هاتفها لتتحدث إلى والدتها

*******

أوقف أمجد سيارته داخل أسوار الفيلا ثم ترجل منها وحمل باقة الزهور ودلف إلى الداخل... اقترب من سلوى وطبع قبلة على ظاهر يدها وفعل المثل مع سوسن بينما وكز أمير في قدمه وتساءل بصوت خفيض

- فين حنين؟ 
- الله يخرب بيتك، رجلك عامله زي القطر 
- بطل رخامة وقول 

توقف أمجد عن إكمال كلماته حينما رأى المشاكسة الجميلة تهبط الدرج برفقة أمل... ارتسمت ابتسامة على شفتيه وأخذ يقترب منها شيئاً فشيئاً حتى وقف أمامها ومد يده ليعطيها الباقة فتنهدت أمل بهيام وسرقتها منه فصر أمجد على أسنانه وهم أن يسترد ما أخذته المشاكسة الأخرى إلا أنها سبقته وركضت مبتعدة فركض خلفها ما اشعل غيرة حنين دون أن تعرف السبب فجلست إلى جوار سوسن واضعة يدها أسفل وجنتها، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد أمجد حاملاً الباقة بيد وممسكاً يد أمل بيده الأخرى فتركت حنين مقعدها وقالت دون أن تعيره أي اهتمام

- بعد أذنكم هروح الحمام

وقف أمير عن مقعده ومضى معها ليرشدها إلى وجهتها ثم صعد الدرج إلى جناحه ليطمئن على وعد، لكنه ما اقترب من باب غرفة النوم رآها ترتدي نظارته الطبية وتطالع هيئتها في المرآة فاقترب منها على أطراف أصابعه حتى استقر خلفها وحاوط كتفيها بيديه فتعالت شهقاتها وأدارت جسدها إليه وهي تقول بارتباك

- أنا ككك كنت 

قاطعها قائلاً بجدية مصطنعة: بقى أسيبك في أوضتي تقومي تاخدي حاجتي وكمان تلبسيها

خجلت من فعلتها ووجهت نظراتها إلى الأرض فأسر ابتسامته وتابع بذات الجدية 

- عمري ما توقعت كده منك
- أنا آسفة

قالتها ببراءة فلم يشعر بنفسه إلا وهو يحاوطها بحنان فأزداد خجلها لكنها سكنت بين أحضانه لشعورها بالدفء والحنان، وظلت هكذا حتى أبعدها عنه ونظر إلى عينيها قائلاً بهدوء 

- أنا بهزر على فكرة، أنا وبيتي وشغلي ونضارتي ملكك أنتي

ابتسمت برقة فبادلها بقبلة حانية طبعها على جبينها ثم أمسك يدها واصطحبها إلى مائدة الطعام

*******

اجتمعوا على مائدة الطعام ولاحظ أمجد تبدل قسمات وجه حنين فاختلس النظر إليها لكنها تجنبت نظراته فاندهش بشدة وقرر مشاكستها قائلاً 

- حنين ممكن المعلقة الزيادة اللي قدامك؟ 

أعطت الملعقة إلى سلوى لتوصلها دون أن تنظر إليه فازداد اندهاشه وكاد أن يتحدث مرة أخرى لكن قاطعه دخول نادين برفقة والدتها فأردف بغيظ

- أعوذ بالله، إيه اللي جاب المصيبتين دول هنا؟ 

ما أن تقابلت عينيّ أمير بعينيّ نادين صر على أسنانه بينما تبدلت قسمات وجه وعد فربت على يدها وقال بهدوء مصطنع 

- وعد أنا جمبك

نظرت إليه بامتنان فغمز لها بمشاكسة ثم ترك مقعده ورحب بزوجة عمه الراحل وفعلت سلوى المثل بينما لم يعير أحد منهم أي اهتمام بوجود نادين فاشتلعت خيرية غضباً لكنها تمسكت بهدوئها ثم نظرت إلى وعد وتساءلت

- دي بقى العروسة؟ 

كاد أمير أن يجيبها لكن سبقه أمجد حينما قال ببرود: اه العروسة ومش أي عروسة دي مراة الغالي

لوت نادين ثغرها بينما اقتربت خيرية من وعد وعانقتها ثم ابتعدت عنها وقالت بسعادة مصطنعة 

- مبروك 
- الله يبارك في حضرتك
- يا خواتي على الأدب اللي بينقط من شفايفك، تعالي يا نادين باركي للعروسة

اقتربت نادين من وعد وهي تتمايل بدلال، وما أن استقرت أمامها مدت يدها لتصافحها لكن وعد لم تهتم واكتفت بابتسامة زائفة فشعرت نادين برغبة ملحة في الفتك بها إلا أنها تمسكت بهدوئها حتى لا يشك بها أحد... جلست خيرية على المقعد المجاور لأمل، بينما جلست نادين إلى جوار حنين فقالت الأخيرة في نفسها

- جيتي لقضاكي يا شابه

تناولوا الطعام في صمت تام بينما انتظرت حنين اللحظة المناسبة لتنتقم من نادين وبالفعل جاءتها الفرصة حينما وضعت الخادمة أمامها صحن شوربة ساخنة فأسقطت الطبق عن المائدة وانسكب بالكامل على قدمي نادين فضرخت بأعلى طبقات صوتها وهمت أن تبوخ حنين لكنها سبقتها وهتفت ببرود

- سوري يا طنط مكنش قصدي

وجهت نظراتها صوب سلوى وأردفت متسائلة: معندكيش مرهم تسلخات يا طنط سلوى لطنط نادين؟ 

جزت نادين على أسنانها واقتربت من حنين لتصفعها على وجنتها، لكنها توقفت بنظرة من والدتها التي وقفت عن قعدها ونظرت إلى حنين قائلة 

- ما تتعبيش نفسك يا حبيبتي، إحنا هنروح يلا يا نادين

لم تمض سوى دقائق قليلة حتى دلفت نادين إلى سيارتها وهي تتألم فانطلقت بالسيارة إلى أقرب صيدلية لتشتري مرهم حروق 

********

في فيلا أمير... 
أكملوا تناول الطعام وهم يأسرون ضحكاتهم ولكن بمجرد أن تقابلت أعين حنين بعينيّ صديقتها وعد، فقدت الأخيرة سيطرتها وانطلقت من بين شفتيها ضحكة عالية فانفجروا جميعاً ضاحكين وتناولوا الطعام في أجواء ساحرة سُرقت من الزمن... بعد انتهاء الطعام صعدت أمل إلى غرفتها لتكمل مقالتها بينما مضت سوسن برفقة سلوى إلى جناج أمير لتعاينه سوسن، أما وعد فمضت برفقة أمير إلى الحديقة وجلست معه على الأرجوحة فأخذ يحركها بقدمه وهو يتحدث إليها فبقت حنين بمفرها مع أمجد لكنها لم تشاكسه ولم تتحدث إليه كعادتها فرفع كلا حاجبيه وتساءل بقلق

- أنتي تعبانه؟ 

ضيقت بين حاجبيها ثم وقفت عن مقعدها لتغادر إلا أنه سبقها وقبض على معصمها ثم جذبها بخفة فجلست إلى جواره على الأريكة وقالت بغيظ

- لو سمحت سيب أيدي
- لو سمحت؟!!! 

قالها باندهاش فحركت رأسها لتؤكد ما سمعته وتابعت: اه وسيب أيدي بقى

- بت أنتي لو مجنونة فلازم تعرفي أني أجن منك، ماااالك؟!!! 
- مفيش حاجة 
- لو ما قولتيش حالاً مالك 

انتقل بنظراته إلى شفتيها وأردف: مش هبقى مسؤول عن اللي هيحصل

ابتلعت ريقها بصعوبة وجاهدت لتسحب يدها لكنه لم يسمح بذلك وكرر كلماته بصوت أكثر جدية فعضت على شفاها السفلى وأشاحت بعينيها عنه ثم استجمعت شجاعتها وقالت بغيرة ملحوظة

- م م مفيش حاجة، ساكته علشان تهزر براحتك مع أمل 

ما أن وصلت كلماتها إلى مسامعه، ابتسم ببلاهة فصغيرته تغار والغيرة تعني أنها تكن له مشاعر فتساءل بدون أي تفكير 

- حنين أنتي غيرانة من أمل؟ 

تسارعت نبضات قلبها وحاولت سحب يدها إلا أنه تمسك بها أكثر وتابع بصوت دافئ

- أنا أسف مكنش قصدي أضايقك، أمل أختي الصغيرة فاهمة يعني إيه أختي؟ 

حركت رأسها بنعم فابتسم لها بسعادة ثم حرر يدها لكنه لاحظ العلامة التي خلفتها قبضته فأمسك يدها مرة أخرى وطبع على ظاهرها قبلة رقيقة أحيت النبضات بقلب حنين إلا أنها فاقت من سحر اللحظة حينما استمعت إلى صوت سوسن تقترب برفقة سلوى فابتعدت عن أمجد قليلاً وأرجعت خصلات شعرها خلف أذنها فتأملها لدقائق ثم تركهن حينما صدع صوت رنين هاتفه

*******

العشق يا صغيرتي هو وجودكِ أمامي وأنتِ غير موجودة... فقد سكنتِ القلب وأصبح ينبض بعشقكِ... وسكنتِ العيون فأصبحت لا ترى سوى طيفكِ... فأخبريني بأي لعنة أصبتيني وعن الدواء أبعديني، فأنا أتنفس لعنة عشقكِ ومنها لا تداويني.. 
مر يومين هادئين بدون أحداث جديدة وفي صباح اليوم الثالث أوقف أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد، وما هي إلا دقائق حتى اقتربت منه وركبت إلى جواره... استقبلها بابتسامته الساحرة فبادلته بصوتها العذب

- صباح الخير
- صباح الورد لعيونك

غمز لها بمشاكسة ثم انطلق بسيارته إلى المشفى فاليوم ستستلم عملها كمساعدة له لكن أمير طلب منها الاهتمام كذلك بدروسها فستعمل معه يومي الجمعة والسبت فقط لتهتم بالجامعة باقي أيام الأسبوع

********

في ذات اللحظة أخرج شاب في مقتبل العشرينات هاتفه من جيب بنطاله وأجرى اتصالاً فابتعد إبراهيم عن أحضان عشيقته منيرة بصعوبة حينما صدع صوت رنين الهاتف ثم أحضره وأجاب قائلاً 

- إيه الأخبار؟ 
- الراجل بيوصلها دايماً و

قاطعه قائلاً: يعني معرفتش تجبها علشان غبي، أقفل وقدامك يومين كمان والبنت تبقى عندى

لم ينتظر رده وأنهى المكالمة فتركت منيرة الفراش ثم حاوطت خصره من الخلف بذراعيها وقالت

- كده أجيلك بدري وبدل ما تفضل معايا تسيبني وتتكلم في التليفون وكمان تتعصب

أدار جسده إليها وحاوط خصرها بذراعه ثم تملك شفتيها في قبلة طويلة لكنه ابتعد عنها بصعوبة وقال بهدوء 

- خلاص ما بقتش قادر أبعد عنك، سبيني أخلص عليه ومن بيع أعضائه هيطلع مبلغ كبير أوي هنعيش بيه كويس، وأنا معايا في البنك مليون وربع ده غير اللي هتورثيه منه بعد ما يغور في داهية

كادت أن تتحدث إلا أنه سبقها ومرر يده على جسدها ثم تابع: قدامك أسبوع بحاله تفكري وتقوليلي رأيك علشان دلوقتي ورانا حاجة تانية أهم

حملها بين ذراعيه واتجه بها صوب الفراش ليقضي معها نزواته الشيطانية ورغباته المحرمة فاستسلمت له كما تفعل دائماً ونست معه الزمان والمكان حتى أنها شعرت برغبة ملحة في التخلص من يحيى لتبقى مع إبراهيم إلى الأبد فما تجده معه لم تجده مع يحيى يوماً 

*******

وصل أمير إلى المشي ودلف إليها برفقة وعد فشعرت بالسعادة لأنها ستبدأ عمل يناسب الحلم الذي لازمها طوال سنوات حياتها... مضت معه إلى المصعد وصدرها يعلو ويهبط كطفلة صغيرة اصطحبها أبيها لشراء لعبة عاشت سنوات عمرها القليلة تتمناها، وما أن استقر المصعد بالطابق الثالث اصطحبها أمير إلى الغرفة المجاورة لغرفة مكتبه ثم فتح بابها وأشار إليها بالدخول فدلفت وهي لا تصدق ما تراه... اقتربت من مكتبها وتحسسته بأناملها وابتسمت حينما رأت صورة تجمعها بأمير موضوعة على سطحه فنظرت إليه وقالت برقة

- بجد مش عارفه أقولك إيه، أنا متشكرة ليك أوي 

ضيق بين حاجبيه واصطنع الغضب ثم اقترب منها حتى استقر أمامها فتأمل انعكاس صورته داخل عينيها لدقائق، وبمجرد أن فاق من سحر عينيها هتف بصوت دافئ

- مفيش بينا شكر ده أولاً، ثانياً أنتي مراتي والمستشفى كلها تحت أمرك وصاحبها كمان فوق البيعه 

قال كلماته الأخيرة كمشاكسة لها ثم غمز لها وتابع: ولا صاحبها مش عاجبك؟ 

توردت وجنتيها خجلاً فشعر بالربيع يسري بداخله ثم جذبها إلى صدره وحاوطها بحنان فتمسكت به كغريق وجد بر الأمان بعد طول انتظار، وما أن ابتعد عنها نظر إليها قائلاً بجدية مصطنعة 

- يلا على شغلك وأي غلطة كده ولا كده رفض على طول، أنا دكتور حمش أوي 

ودعها بغمزة من عينه اليسرى ثم غادر المكان بالرغم من رغبته في البقاء معها إلى الأبد فابتسمت بسعادة ثم جلست على مقعدها ورددت بصوت خفيض

- ألف حمد وشكر ليك يارب

*******

أوقف أمجد سيارته بالقرب من منزل حنين وابتسم حينما رآها تجلس بالشرفة وتتابع دروسها... تأملها لدقائق وهو لا يعرف سبب انجذابه إليها فقط يشعر برغبة ملحة في البقاء معها وفي مشاكستها كذلك ليتعرف أكثر وأكثر على جنونها... تنهد براحة ثم أمسك هاتفه وأجرى اتصالاً بهاتفها بل وراقب الابتسامة التي ارتسمت على شفتيها بعد أن قرأت أسم المتصل إلا أنه عبس عندما وضعت الهاتف على المنضدة الموضوعة أمامها ولم تجيبه فرفع أحد حاجبيه باندهاش وأعاد الاتصال بها فتنفست بعمق وأجابت 

- الو 
- ما بترديش ليه؟ 

تثاءبت ثم أجابته بصوت غلبه النعاس المصطنع: كنت نايمة 

رفع كلا حاجبيه بعدم تصديق ثم أبعد الهاتف عن أذنه ونظر إليه قائلاً بصوت خفيض

- يا كدابة

أعاد الهاتف واستمع إلى صوتها تقول: الو الووووو

قاطعها قائلاً بغيظ: معاكي، مش شايفة أن هدومك مفتوحة شوية على المذاكرة في البلكونة 

جحظت عينيها وأخذت تنظر حولها لكنها لم تجده فتساءلت: أنت شايفني؟ 

- أنا بقالي نص ساعة تحت بيتك، صح النوم يا أبلة حنين

عضت على شفاها السفلى فقد شعرت بالإحراج وعادت لتبحث بعينيها عن سيارته فلم تجدها 

- أنا مش شايفه عربيتك تحت
- جاي بالعربية التانية في عربية حمراء كشافها منور 

قاطعته قائلة: شوفتك، أنا آسفه 

- بتهربي مني ليه؟ 
- مش عارفه
- طيب ينفع تنزلي؟ 

لم تجيبه لكنها حركت رأسها كإشارة بالنفي فحزن بشدة إلا أنه لم يظهر لها ذلك وتابع بهدوء

- طيب خليكي معايا عالفون بقالي يومين بحاول أتصل وأنتي ما بترديش، أنا زعلتك في حاجة؟ 
- لا
- أمال بتهربي مني ليه؟ 
- مش عارفه 

قالتها بارتباك ملحوظ فأغمض عينيه بأسى وشعر بغصة في قلبه بعد أن فهم أنها لا تبادله نفس المشاعر ففتح عينيه وهتف بصوت كساه الحزن 

- أسف لو ضايقتك بوجودي بس أوعدك أني مش هتقل عليكي أكتر من كده لأن دي هتكون أخر مرة اتصل بيكي بس لو أحتاجتيني في أي وقت هسيب الدنيا كلها وأجيلك مع السلامة

كاد أن يبعد الهاتف عن أذنه لينهي المكالمة إلا أنه توقف حينما استمع إلى صوت بكائها فاردف متسائلاً 

- بتعيطي ليه؟ 
- مش عارفه

ابتسم على براءتها ثم هتف بمشاكسة: دي تالت مش عارفه تقوليها، الرابعة هتلاقيني بخبط على باب الشقة

اختلطت دموعها بابتسامة ساحرة جعلت نبضاته تتسارع في سعادة فكاد أن يتحدث إلا أنها سبقته وبكت من جديد ثم قالت بصوت غلبه البكاء 

- ما تمشيش
- مش همشي بس ما تعيطيش، بنفع أشوفك بكرة؟ 
- ينفع
- يبقى هشوفك بكرة 

ظل يتحدث إليها ويشاكسها لكي يرى ابتسامتها ويستمع إلى صوت ضحكاتها وبعد ما يقارب الساعتين ودعها وغادر إلى عمله على أمل اللقاء غداً

*******

في صباح اليوم التالي استيقظت أمل مع أول ضوء لأشعة الشمس، تركت فراشها ودلفت إلى الحمام ثم توضأت وصلت فرضها... وما أن فرغت، صلت ركعتين لله ودعته كثيراً لكي يحقق لها ما تمنت.... في التاسعة إلا عشر دقائق حملت حقيبتها وغادرت ثم اتجهت إلى غرفة والدتها ودلفت إليها... ودعتها بقبلة على ظاهر يدها وانصرفت إلى سيارتها ثم انطلقت بها إلى مقر إدارة البحث الجنائي...
في التاسعة والنصف وصلت إلى وجهتها فأوقفت سيارتها ثم ترجلت منها ودلفت إلى الداخل فاصطحبها أحد رجال الأمن إلى غرفة الاجتماعات وقبل أن تدلف إليها قال بصوت رجولي

- لسه نص ساعة على الاجتماع تقدري تبقي هنا وهما على وصول
- شكراً 

قالتها بهدوء بالرغم من شعورها بالتوتر ثم دلفت إلى القاعة وتركت بابها مفتوحاً لكي لا تشعر بالاختناق... وقفت تطالع المقاعد الخالية وصدرها يعلو ويهبط فشعرت بالخوف لما هي مقبلة عليه فطالبها صوت بالمغادرة وأخذت تتراجع إلى الخلف حتى اصطدمت بصدر صلب فأدارت جسدها وجحظت عينيها في عدم تصديق بينما اندهش حسام بشدة وقال في ذات اللحظة التي تحدثت فيها أمل

- أنت                                        - أنتِ 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف