سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Wednesday, February 13, 2019

عناق المطر/moonlight

February 13, 2019 0
عناق المطر/moonlight
عناقي الثاني عشر

فريدة أنت ،.!!
لا تشبهين احدا"،!!
تشبهين كل الجمال الذي بلون الارض،!!
تشبهين اشياء لا يمكن ان ترى،!!
تشبهين الاحلام والرؤى،!!
مقتبس
****

توقف المطر منذ الساعات الاولى للصباح وقد بدت السماء صافية والغيوم قد اختفت، يبدو ان اليوم سيكون جميلا" هذا ما قالته لنفسها ايلينا وهي تقف امام نافذتها تراقب حبيبها يتجول في حديقة المنزل وقد اقترب من ذلك الباب الحديدي القديم وكما توقعت انه باب القبو ، فتحه ودخل ولا تدري لم.
-- صباح الخير فيكي القت التحية ايلينا وهي تدخل المطبخ لتعد القهوة لكنها وجدتها جاهزة .
-- لقد اعدها اليكس قالت فيكي وهي تحمل حقيبتها وملفات القضأيا التي كلفت بدراستها ، وتابعت اخبري اليكس ساكون قبل موعد العشاء ، اقتربت من ايلينا
ومنحتها عناقا صغيرا" وهي تعتذر لعدم  مساعدتها بتحضير العشاء للضيف .
خرجت مع فيكي للحديقة في حين الاخرى استقلت سيارتها
بطريقها لعملها ، بقيت ايلينا تقف امام الباب تنتظر اليكس الذي كان يقترب منها مبتسما" وهو يحمل بيده بضعة زجاجات رجحت ايلينا ان يكون نبيذ معتق سيقدمه لضيفه السري.
اقترب منها ومنحها قبلة على خدها بينما هي احتضنته وقالت
--صباح الخير حبيبي، لم يجيبها بل منحها ابتسامة صغيره ودخل للمنزل وهو يشيرلها ان تلحق به، ما ان دخلا
سويا  حتى وضع ما بيده على المنضدة واحتضنها بقوة
-- الان استطيع ان ارد تحيتك حبيبتي ، صباح الخير
حلوتي ، قال ذلك وهو يشدد من عناقه لها وكانه لم يرها منذ دهر.
خجلها وتوترها واضطرابها هو ما يجعله يتعلق بها اكثر ويقسم بنفسه ان يمنحها كل الحب الذي تحمله ثنأيا قلبه بل ويزيد ، هي ذلك الحلم الذي تمناه منذ كان شابا صغيرا" عندما قصت عليه والدته قصة حب والده لها، وطريقة تقدمه لطلب الزواج بها ، ورغم مرور السنين على وفاة والدته لم يفكر بالزواج ثانية ، احتراما ووفاءا" لحبهما ، ولقناعته بانه حصل على ما يرد معها فلن يستطيع منح أي منهن ولو قدرا" ضئيلا" من الحب ، فكانا مثالا للزوجين الذين طالما حلم بان يجسد قصتهما مع من تستحق قلبه.
-- هل أنت جاهزة حبيبتي ، سالها قد تفاجات
-- جاهزة لماذا اليكس ؟ اجابته
-- للتسوق ، سنذهب لشراء مستلزمات العشاء هيا بسرعة بدلي ثيابك قال وهو ينظر لما ترتديه .
نظرت لنفسها وضحكت
-- هل أنت جاد اليكس ؟ سألته وهي تتفقد حالها
-- اجل ايلينا جاد اجابها بجدية وتابع ، الا ترين بان
سروالك ضيق بعض الشيء يكاد يفصل جسدك للاخرين.
-- اليكس ، هل تغار ؟ سألته وهي تكتم ضحكتها بالكاد ، لكنه اجابها بثقة
-- ايلينا بدلي ملابسك والحق بي ، سأنتظرك بالسيارة
تركها وخرج وهي تبتسم لتصرفه غير المتوقع ولكنها رضخت لطلبه فأخر ما تبتغيه غضبه او حنقه عليها.
****
اشتريا كل ما يلزمهما وما طلبته ايلينا لتحضير ما قررته من اصناف مميزة لضيفه المميز كما اخبرها ، ثم اصطحبها لمطعم صغير لتناول الافطار سويا واحتساء
فنجان من القهوة قبل ان يعيدها للمنزل ويذهب لمتابعة اعماله ، لكنه بمنتصف الطريق قرر اهداها ثوبا ترتديه هذه الليلة وحسب ذوقه الخاص فسالها
-- ما هو مقاسك ايلينا؟
-- ولماذا تسأل  اليكس قالت وقد فاجأها سؤاله
-- فقط قولي ارجوك .
-- اليكس لا اريد شيئا" لو سمحت ردت وقد بدت عصبية بعض الشيء.
لم يعطيها فرصة لتفهم شيئا" بل مد يده لعنقها وابعد قميصها قليلا ليقرا الرقم الموجود ، ثم سحب يده وقال:
--على ما يبدو يجب ان احصل على ما اريد بيدي ، ابتسم وهو يساعدها بحمل الاكياس ليضعها بالمطبخ ، ودعها بعد منحها قبلة صغيرة على جبيتها وعناقا" دافئا" اسعدها
واسكتها.
اتصلت بصديقتها بالسكن الجامعي للاعتذار عن الحضور ليومين لانشغالها بامور عائلية كما قالت ، ولتطلب منها ارساله المحاضرات التي فاتتها لبريدها الالكتروني .
كانت قد انهت كل الترتيبات الضرورية بالمنزل والاطباق الرئيسية التي شدد على تواجدها اليكس وكانت تتصرف فعلا وكأنها سيدة المنزل .
خلال تحضيرها لكوب من الشاي في تمام الساعة الرابعة خطر ببالها الاتصال بوالدتها ولكنها ترددت ، لن تخبر احد عن طلب اليكس الا عندما تشعر بضرورة
ذلك ، فما زالت تشعر ببعض الخوف والتردد رغم أيمانها المطلق بحبه لها وحبها له.
اطفات النار ولم تتابع تحضير الشاي وصعدت للاعلى لتحصل
عل حمام دافئ يعيد اليها النشاط والحيوية .
****
-- ايلينا ، ايلينا ، حبيبتي أين أنت دخل  اليكس وهو ينادي حبيبته التي لم ولن تسمعه لوجودها بحوض الاستحمام وقد استلقت به لتنعم بحمامها الذي وضعت به بعض العطور الفواحة واغلقت الباب.
كان بطريقة للاعلى لكن الروائح التي تاتيه من المطبخ جعلته يعود ثانية الى هناك ويتفقد كل ما حضرته زوجته المستقبلية.
-- أنت لن تكوني محامية فقط ايلينا ولكنك ستكوني طاهية ممتازة وزوجة رائعة قال لنفسه ذلك وصعد ينادي دون رد منها ، فتح باب غرفتها بعد ان طرقه عدة مرات
-- ايلينا حبيبتي هل أنت بالحمام سال وهو يستدير للخلف ليجدها قد خرجت وقد لفت شعرها بمنشفة و تحاول ربط حزام مازر الحمام فشهقت عندما راته وقد وضعت  يدها على قلبها.
-- اليكس ماذا تفعل هنا ، ياالهي لقد اخفتني .
-- ابحث عنك حلوتي ، اجابها وهو يقترب الى ان وقف
امامها مباشرة ابتسم وهو يزيل المنشفة عن راسها وتابع
-- الى متى ساقول لك الا تخفي شعرك او تربطيه ، وان تتركية ينسدل على كتفيك.
-- اخرج من هنا اليكس قالت بحدة مصطنعة وقد فهمها هو فرد وهو يبتعد عنها وقد امسك مقبض الباب وقال:
-- ساخرج لانني وعدت ان احميك من نفسي قبل الاخرين ، قبل ان يغلق الباب قتحه بسرعه وتابع:
-- بالمناسبة رائحتك منعشة ، خطت بسرعة واغلقت الباب وهي تضحك ولا تدري لم.
دقائق معدودة كانت فقط قبل ان يعود وهي مازالت
بلباس الحمام طرق الباب ودخل قبل ان تاذن له ، وضع ما
يحمله بيده على سريرها وقال دون ان ينظر اليها
-- ارتدي هذا على العشاء ايلينا.
خرج واغلق الباب وهو يتنفس بسرعة ويلوم نفسه على لم يجدر به ابدا ان يتصرف بهذه الطريقة الصبيانة والتي لا تنم الا عن تهور صاحبها
فتحت الصندوق الاحمر الذي وضعه اليكس على سريرها فوجدت بداخله ثوبا" حريريا ارجواني اللون ، دون تردد
ارتدته وقد انساب على جسدها الممشوق وكانه فصل
خصيصا "لها.
-- ياالهي!! اليكس حبيبي كم أنت رائع قالت لنفسها
وهي تتمعن بما ترتديه امام المرأة .
اكملت زينتها وتصفيف شعرها وغادرت غرفتها لتبدا بتجهيز مائدة الطعام قبل وصول الضيف المنتظر.
*****
التفت للوراء على وقع خطاها وقد وضع يده اليمنى بجيب
سرواله ، ابدى اعجابه بهذه المرأة التي دون شك اصبحت منذ تلك الليلة الماطرة امراته هو وحده.
--كم أنت جميلة ،  قال وهو يمد يده لها لتقترب منه ، وتابع جذابة ، وهي تبتسم بخجل وتوتر ، ورائعة.
-- ارجوك اليكس يكفي هذا ، يكفيني ما انا به,
قالت وقد احمرت وجنتيها ، لم يستمع لما تقوله بل
شدها من يدها لتلتصق به ويمنح نفسه ويمنحها عناقا" تاق له كثيرا".
ابتعدا عن بعضهما بعد سماع جرس الباب وقد أيقن ان هذا هو ضيفه المميز.
-- أنتظري هنا ايلينا ، انا سافتح الباب  قال وهو يتجه لمدخل المنزل.
-- واخيرا" عدت ، كم اشتقت لك يا رجل احتضن الرجلان بعضهما وقد بدا فعلا اشتياقهما لبعضهما .
-- نعم واخير اليكس ، اقسم بانني اشتقت لك أيضا "
اجابه الضيف وهو يتقدم معه للامام الى ان وصل حيث
تقف ايلينا التي بقيت صامته ولم يصدر عنها سوى
ابتسامة رقيقة وهي تومئ برأسها للضيف.
-- اليكس هذه زوجتك ؟ ساله وهو ينظر اليها باعجاب جعل
اليكس يضربه على كتفه وهو يجيبه.
-- احترم نفسك ولا تنظر اليها بهذه الطريقة قال له ذلك وقد انفجرا ضحكا".
-- دعني اقدم لك ايلينا حبيبتي وخطيبتي قال اليكس ذلك وهو يحتضن كتفي ايلينا التي لم تبدي أية ممانعة، وتابع قبل ان تتفوه بكلمة
-- وهذا صديقي واخي دانيال الذي عاد مؤخرا" من الولأيات المتحدة الامريكية بعد ان حصل على شهادة الدكتوراة بالجراحة الباطنية .
تفاجات ايلينا ولكنها تمالكت نفسها هذا هو اذا دانيال، ان فيكي محقة ، كم هو وسيم، انيق ، فعلا انه جميل
ولكن ، تذكرت انها لم ترحب به
-- اهلا دكتور قالت بخجل ، تفضل ، ابتعدت قليلا فاسحة
المجال له ليدخل ، لكنه قدم باقة الورد التي احضرها معه اليها وابقى بيده صندوق الشوكولاته وقال
-- وهذا لفيكي ، أين هي صغيرتي ؟
ضحكت ايلينا واجابته ،
-- انها بالطريق لن تتاخر.
بينما كانا يتحدثان بالمكتب ويحتسيان القهوة التي قدمتها ايلينا دخلت فيكي مسرعة وصعدت مباشرة الى
غرفتها لتبدل ملابسها قبل بدا العشاء.
دخلت المطبخ فيكي تبحث عن ايلينا التي حضرت كل
ما يلزم دون مساعدة احد فاحتضنتها من الخلف وهي تشكرها على قيامها بهذه دون تذمر .
-- هل وصل ضيف اخي ، سالتها وهي تحاول سرقة بعض قطع من سلطة الخضار المشوية التي تعشقها.
-- بلا وصل وهو واليكس بغرفة المكتب اجابتها ايلينا
وكانت على وشك اخبارها من هو لولا دخول اليكس الذي نظر لايلينا بمعنى ان تصمت.
-- لم تاخرت فيكي سالها وقد لاحظت حدته معها.
-- اسفة اخي الاستاذ ديفيد طلب تقرير عن القضأيا التي
أنتهت الشهر الماضي .
-- حسنا" هيا تعالي لترحبي بالضيف ، غمز ايلينا لتلحق بهما.
-- دانيال ، أنت دانيال صحيح؟ صرخت فيكي وهي تجري لعناقه وقد اغرورقت عينيها بالدموع دون ارادة منها,
-- ياالهي !! فيكي هذه أنت ، تلك الطفلة الصغيرة ، التي كنت احضر لها الحلوى ، احتضنها وحملها وهو يدور بها وقد
تعلقت بعنقه وهمست باذنه
-- لقد اشتقت لك كثيرا ، كثيرا.
انزلها ارضا وهو يمسح دموعها واجابها
--وانا أيضا عزيزتي اشتقت لك كثيرا ، حتى انني
احضرت لك  الهدية التي تفضلينها ، ولكن دعيني اراك جيدا" ، نظر لاليكس وقال :
-- أنت لم تخبرني بان صغيرتنا اصبحت شابة بل امراة مثيرة هكذا.
-- دانيال ، نهره اليكس بمرح احترم نفسك هذه شقيقتي.
تناولوا الطعام وسط ذكرياتهم التي مضى عليها عشرة سنوات على الاقل وكان يسرد عليهم ما جرى معه خلال دراسته , وسبب عدم عودته الذي فاجئ فيكي فصمتت
للحظات عندما  قال :
-- ولكنني لم استطع الاستمرار معها فانهيت الخطوبة
وعدت .
-- هل احببتها سالته فيكي وسط دهشة اليكس والجميع.
-- اكتشفت انني لا استطيع الحب ثانية , فقد احببت مرة واحدة ، اجابها وهو ينظر لعينيها اللتان قرا بهما الف سؤال ،  لكنه تابع ولكن ،
-- ولكن ماذا؟ عادت لسؤاله
-- فيكي ، قال اليكس وتابع هل هذا استجواب ، لا
تقومي بدور المحامي الان .
تنبهت لنفسها وصمتت وهو يتابعها دون ان تلحظ ذلك .
***
استلقت على سريرها فيكي وهي لا تصدق بانه عاد بعد كل تلك السنوات ولم يتزوج ، ولكن ذلك الاسى بصوته عندما قال انه لا يستطيع ان يحب ثانية ، من عنى ؟
كاد راسها ينفجر من كثرة التفكير ولكنه دانيال ولن يهنئ
لها بال ان لم تعرف كل ما يخصه، واقسمت لنفسها
بانه لن يكون لامراة غيرها ، حتى لو اعترض شقيقها
على ذلك لن يهمها ، طرقت باب غرفتها ودخلت قائلة
-- ايلينا الم تنامي بعد ؟
اعتدلت بجلستها على سريرها وطلبت منها الاقتراب
-- تعالي فيكي ، لم تستطيعي النوم اليس كذلك،
-- لا اصدق ايلينا بالامس كنا نتحدث عنه، هل كان يسمعني قالت وهي تضحك
-- لماذا أنت قلقة سالتها ايلينا التي تخفي عنها قلقها هي الاخرى , ان كان دانيال مرتبط هنا باحداهن سيكون وقع
ذلك على فيكي مدمر للغأية.
****
تابعت ايلينا حضور دروسها الجامعية التي كانت تجد صعوبة كبيرة في فهم بعضها ولكنها قررت الاستمرار لتحصل على شهادتها وتصبح محامية لتحقق حلمها وحلم والدي الراحل.
لم تعطي اليكس جواب على طلبه الزواج منها فهي تؤمن بان الاصول ان يذهب لوالدتها ويطلب يدها ،
ولكنها لا تستطيع قول ذلك له وبعد مضي اسبوعين وعدم اعادة طلبه اعتقدت انه تراجع او شعر بالتسرع وهذا لا يهم حاليا فهي تعيش اجمل مرحلة في حياتها.
انها تحب رجلا رائعا بكل المقأييس الملموسة والمحسوسة ، ولكن ما يغضبها منه اصرارها على نقلها من جامعتها بعد الامتحانات ، واجبارها على العيش بمنزله رغم عدم ارتباطهم رسميا".
****
اخذ دانيال بالتردد على المنزل باستمرار حتى انه بدا وكانه احد ساكنيه ولكن فيكي كانت قد اصيبت بخيبة امل بعد تلك الليلة لاعتقادها بان ذلك الوسيم لن يفكر بامراة سوى حبيبته التي ستموت ان لم تعلم من هي ؟
كانت تجلس بمكتب شقيقها تراجع احدى قضأيا الارث التي وكلها اليها السيد ديفيد عندما سمحت جرس الباب  يقرع عدة مرات ، وضعت ملف القضية من يديها وخرجت
للصالة لتتجه لفتح الباب ففوجئت بدانيال يقف وهو يحمل بعض علب الحلويات التي كانت تحبها وتطلبها منه
فابتسمت بحزن ورحبت به وهي تبتعد عن الباب ليدخل .
-- اهلا دانيال او هل يجب ان اقول دكتور ؟
-- لا تكوني سخيفة فيكي اجابها وهو يقدم  علب الحلوى لها ويقول:
-- تفضلي يا فتاتنا الجميلة ، هذا ما تحبينه اليس كذلك.
-- شكرا قالت وهي تكاد تنفجر من الغضب ، مازال يعتبرها طفلة ويطلق ذلك اللقب الذي تكرهه.
-- هل اليكس موجود سالها وهو يجول بعينه بحثا " عنه
-- لم يعد بعد ، اليوم سيحضر ايلينا من الجامعة لذا فهو يتاخر بالعودة اجابته وتابعت هل تحب القهوة؟
-- اجل شكرا رد وهو يشعر بانه فيكي ليست طبيعية ,
منذ عاد وهي تتعامل معه بحذر ،.
كان يتاملها من بعيد وهي تحضر القهوة ابتسم وهو يحدث لنفسه ، لو انك تعلمي يا فيكي كم احببتك ومازلت ، وكم اود ان اجد الجراءة لاصارحك بهذا ، لقد اصبحت امراة ناضجة ولكنني اشتقت لطفولتك البريئة.
-- تفضل ، قالت وقد اخرجته من تلك الذكريات الا انه
اجابها دون وعي :
-- شكرا حبيبتي ، نظرا لبعضهما للحظات دون ان يتفوه أي منهما بكلمة واحدة .
-- دانيال ماذا قلت؟ سالته فيكي وقد شعرت بان الارض
تدور بها ، اغمضت عينيها وتمالكت نفسها وجلست على المقعد المجاور له .
-- هل أنت بخير فيكي سالها بصوت يهتز قلقا" وخوفا .
-- اجل بخير اجابته وصمتت
وقد ادارت وجهها للناحية الاخرى وهي تلعن غباءها  انه اخطا التعبير فحبيبتي قد تقال لأي كان.
بدت افضل حالا"  و لم تعيد سؤاله وهو لم يجيبها على تساؤلها السابق .
كان الوقت قد تاخر كثيرا ودانيال مازال معها ، اليكس
وايلينا لم يعودان وهذه اول مره يتاخرا دون ان يتصلا بها ،
فتح الباب وقد كان ثنائي الغرام بحالة هيام واضحة على وجهيهما
-- دانيال أنت هنا ؟ قال اليكس وتابع جيد انك اتيت
وقف خلف ايلينا واحاط خصرها بكلتا يديه وقال موجها حديثه لدانيال وفيكي :
-- الن تباركا لنا ؟ لقد طلبت يد ايلينا للزواج  ووالدتها وافقت على ذلك ، طبع قبلة على خدها وتابع ، حفل الزفاف سيكون اخر الشهر الحالي ،،
صرخت فيكي فرحة بما سمعته ثم ركضت لاحتضان شقيقها ومباركة له
-- اليكس حبيبي واخيرا ستتزوج وستنجب لي اطفالا
العب معهم ، من فرط سعادنتها دمعت عيناها فتعلقت بعنقه و بدوره  احتضنها و طبع قبلة على جبينها وقال:
-- لن تكتمل سعادتي الا حينما ازفك لعريسك الذي يستحقك والذي سيكون لك الحامي والحبيب.
-- اليكس انا سعيدة جدا" اخي ، قالت وهي توجه حديثها لايلينا ، انا احبك يا ايلينا لانك منحتي اليكس هذه السعادة ، ارجوك الا تجعليه يشعر بالحزن ابدا"
عانقتها ايلينا وهي تمسح دموعي فيكي التي سالت على
وجهها  وقالت :
-- كيف ساحزنه يا فيكي وهو حياتي وعمري وهوائي
الذي اتنفسه، كيف يا فيكي وهو حبيبي واخي وابي ورجل حياتي .
بكتا وضحكتا سويا" ، كم هو محظوظ اليكس ليحظى
بامراتين كل منهما تسعى لاسعاده ، وقف للحظات يتابع فتاتاه تصعدان درجات السلم ودانيال يتابعه بصمت ، وقد تيقن ان الوقت لا بد وانه مناسب
-- اليكس هل لي بكلمة بالمكتب قال ذلك بينما الاخر مازال يتابعهن بنظراته الى ان اختفين من امامه.
-- ها ، نعم ماذا قلت؟
-- تعال معي للمكتب لو سمحت قال ذلك دانيال وهو يسحبه  ليدخلا معا"
-- ماذا تريد دانيال هيا بسرعة.
-- كيف علمت بانك تحب ايلينا؟
ابتسم وهو يقف خلف نافذة المكتب ومن ثم نظر اليه واجابه
-- عندما وجدت نفسي فيها وبنفس اللحظه فقدت نفسي معها ، بها انا قويا للغأية وامامها انا ضعيف جدا ، فشعرت بانني اريدها هي ، لا شيء اخر ، فقط هي ، تقدم من دانيال وجلس بقربه وقال:
-- هل تعلم دانيال عندما تدرك بانك تعطي الجميع بعضا"
من وقتك ولكنك  على استعداد ان تعطي المرأة التي تريد  العمر كله تلك اللحظة تعلم انها هي حبيبتك .
نهض دانيال ووقف امامه وبكل ثقه قال:
-- اليكس ، اريد ان اتزوج فيكي، هي بالنسبة لي كما قلت الان تمامالقد عدت من اجلها و لم ارتبط باحد بسببها قبل ان تسالني  ساقول لك ، انا احبها منذ كانت طفلة ،
منذ غادرت قبل عشر سنوات وهي تصاحب منامي وصحوي ،
انا ، انا
-- انا موافق  قال اليكس ومازال يجلس على مقعده
صمت دانيال ثم أنتبه ان اليكس اجابه :
-- حقا" اليكس أنت موافق حقا"
ضحك بصوت عال وقال :
-- اجل يا صديق عمري ، كيف لا اوافق على رجل مثلك يا دانيال ، كنت اشعر بانك تحبها ولكنني أنتظرت لان تعترف بنفسك ، ولكن قبل ان يتم جملته قطعه دانيال
-- ولكن ماذا ؟ هل تراجعت بكلامك يا صديقي؟
ابتسم اليكس ومازال يجلس على مقعده وهو ينظر لصديقة المرتبك واجابه
-- هل فيكي تعلم ؟
ساد الصمت للحظات قبل ان تبادره فيكي بسؤالها
-- اعلم عن ماذا؟


Tuesday, February 12, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 12, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل التاسع - بقلمي منى سليمان

* صفعة * 

رحل الليل بظلامه وسطعت شمس يوم جديد ولكن هل تحمل المزيد من المفاجآت أم سيل من الدموع؟ 
في التاسعة صباحاً استيقظت نادين ثم تركت فراشها في عُجالة لتذهب إلى الجامعة وتنفذ خطتها الشيطانية... دلفت إلى الحمام وأنعشت جسدها تحت المياه، وكانت تبتسم بين تارة وأخرى وهي تتخيل حالة وعد بعدما تفجر مفاجأتها... بعد مرور عدة دقائق خرجت من الحمام وارتدت ثيابها ثم غادرت وبداخلها شعور باللذة ناتج عن الانتصار كما اعتقدت 

********

في ذات الوقت كانت وعد تتناول طعام الإفطار برفقة سوسن فلاحظت الأخيرة شرودها وابتسمت بخبث ثم هتفت بجدية مصطنعة

- الجميل سرحان في إيه؟ 

فاقت وعد من شرودها ثم ابتسمت لسوسن ووقفت عن مقعدها وهي تقول

- مش سرحانة بس أتأخرت ولازم أمشي
- طيب كملي أكلك ولا عايزه الدكتور يزعل

ارتبكت وعد بشدة وهتفت بصوت مرتعش: أ أنا شبعت خلاص 

وقفت سوسن عن مقعدها واقتربت منها فودعتها وعد بقبلة على وجنتها ثم غادرت إلى الجامعة وهي لا تعلم ما ينتظرها فكل ما كانت تفكر به أنها ستلتقي اليوم بأمير 

**********

في فيلا أمير... 
انتهى من ارتداء ثيابه ثم نثر عطره الاخاذ ووقف يطالع هيئته أمام المرآة... كان يشعر بسعادة لا يعرف سببها فقط يعرف أنه على وشك رؤيتها في الجامعة بالرغم من رفض عقله لما يشعر به، لكنه لم يهتم له واستمع فقط إلى نبضات قلبه التي تتسارع في وجودها... ترك غرفته ومر بطريقه على غرفة والدته كعادة كل يوم، وما أن دلف إلى الغرفة ابتسمت سلوى لرؤيتها البريق الذي يسكن عينيه... اقترب منها وطبع قبلة على ظاهر يدها ثم تحدث قائلاً 

- الحلو مبتسم ليه؟ 
- أصل في واحد صاحبنا الفرحة هتنط من عينه

رفع أحد حاجبيه واصطنع عدم الفهم ثم أشار بسبابته إلى صدره وهتف بجدية مصطنعة

- الكلام ده عليا؟!!! 
- أمال عليا 
- يا ست الكل اللي في دماغك أوهام
- بكرة نشوف الأوهام في دماغ مين فينا

كاد أن يجيبها، لكن قاطعه دخول أمل إلى الغرفة: بتعملوا إيه يا عصافير؟! 

- ولا حاجة بصبح على ماما قبل ما أروح الجامعة، تعالي هاتي بوسة علشان أنزل

قال كلماته وهو يشير إلى وجنته فاقتربت منه وطبعت قبلة رقيقة عليها، فغادر الغرفة وأتجه إلى سيارته وابتسم حينما تذكر كلمات والدته 

*********

في منزل حسام.... 
انتهت حنين من ارتداء ثيابها ثم نظرت إلى نفسها في المرآة وتحدثت قائلة

- مش هغير رأيي وهاخد العربية

أخذت نفساً عميقاً ثم دلفت إلى المطبخ لتتناول طعام الأفطار قبل أن تغادر إلى مغامرتها، وبمجرد أن غادر حسام دلفت إلى غرفته وأخذت مفتاح السيارة ثم غادرت المنزل لتبدأ المغامرة الفريدة من نوعها

*******

في منزل أمجد... 
انتهى من ارتداء ثيابه ثم دلف إلى الشرفة وجلس على أحد المقاعد ليشرب قهوته.. وبعد مرور عدة دقائق غادر الشقة وانطلق بسيارته متجهاً إلى الجامعة لرغبته في مشاكسة أمير بالرغم من تحذيرات الأخير له، لكنه لم يهتم وقاد سيارته إلى الجامعة 

*******

في ذات اللحظة وصلت نادين إلى الجامعة ودلفت إليها بالبطاقة الشخصية المثبت بها أنها طبيبة.... أوقفت سيارتها داخل أسوار الجامعة ثم ترجلت منها واتجهت صوب غرفة المحاضرات ووقفت أمامها في انتظار وعد ونظرات الخبث تنطلق بسعادة من عينيها

******

بالطريق....
كانت حنين تقود سيارتها للمرة الأولى وهي تشعر بالخوف، لكنها قررت تحدي نفسها... قادت  بسرعة أشبه بسرعة السلحفاة ما جعل العديد من السائقين يقذفونها بأقذر السباب فلم تهتم لأي واحد منهم ومضت بذات السرعة، وبعد مرور عدة دقائق قررت أن تزيد سرعتها لشعورها الشديد بالثقة في النفس، لكن ما حدث كان كارثة بكل المقاييس... شعرت بالخوف وقررت إيقاف السيارة وبدلاً أن تضغط بقدمها على الفرامل ارتبكت وزادت سرعتها أكثر فاصطدمت بالسيارة التي تسير أمامها، فزفر أمجد بضيق وترجل من سيارته ثم اقترب منها فترجلت هي الأخرى وهتفت ببرود

- مش تفتح يا أخ؟! 
- أنتي ما بتشوفيش ولا إيه، انتي اللي خبطيني والعربية باظت

رفعت كتفيها بلامبالاة وهتفت ببرود: محدش قالك تمشي قدامي 

- هو كان شارع أبوكي وأنا معرفش

ما أن وصلت كلماته إلى مسامعها غضبت بشدة فضيقت بين حاجبيها وأشهرت سبابتها في وجهه ثم هتفت بحدة وصوت عال

- أحترم نفسك يا بتاع أنت وأتكلم كويس وبعدين أنا كاتبه ورا السائق تحت التمرين 
- على أساس أني مركب عين في قفايا ولا أنا اللي ماشي وراكي أصلاً، وبعدين أنا بتاع والله أنتي اللي 

قاطعته قائلة بحزم: لو سمحت ما تشتمش وأتكلم كويس

شعر أمجد برغبة ملحة في الفتك بها لكنه لم يفعل فهو لا يقوى على ضرب فتاة فمسح وجهه بكف يده ثم رمقها بنظرة غيظ وتركها وعاد إلى سيارته دون أن يتفوه ولو بكلمة، وما أن دلف إلى سيارته تفاجأ بها تطرق بخفة على زجاج سيارته فزفر بضيق وتمتم في نفسه

- الصبر من عندك يارب 

ترجل من السيارة وعقد ذراعيه أمام صدره ثم هتف بغيظ: أفندم

- أنا مش عارفه أسوق العربية 
- والمطلوب يعني؟ 
- سوقهالي

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق لكنها لم تهتم وتابعت قائلة بصوت أقرب إلى الرجاء 

- أرجوك ساعدني أنا أصلاً مش معايا رخصة

قالت كلماتها الأخيرة وهي تبكي فشعر بالشفقة عليها وقرر مساعدتها 

- أتفضلي أركبي على ما أركن عربيتي

حركت رأسها كإشارة بالموافقة ثم دلفت إلى السيارة وجلست في انتظاره، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد إليها ودلف إلى السيارة ثم نظر إليها وهتف متسائلاً 

- إزاي تركبي مع واحد ما تعرفيهوش وكمان تديله عربيتك؟ 
- أصل شاكلك سمارت قصدي مش متشرد يعني

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه خلفتها البلاهة التي تحدثت بها فحرك رأسه يميناً ويساراً وتحدث بصوت يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس 

- مجنونة
- ربنا يسامحك

اندهش بشدة ونظر إليها قائلاً: ودانك سالكه بزيادة

- الله أكبر في عينك

قهقه بأعلى طبقات صوته ثم أدار محرك السيارة وهتف متسائلاً: على فين؟ 

- كلية طب القصر العيني
- غريبة
- هي إيه دي؟ 
- أصلي رايح هناك
- بصرة

ابتسم لها وهو ينظر إلى عينيها فارتبكت بشدة وهتفت بصوت مرتعش

- م مش يلا بينا

لم يجيبها لكنه انطلق بالسيارة وخيم الصمت عليهما حتى وصل إلى الجامعة، وما أن أوقف السيارة نظر إليها وأعطاها المفتاح ثم تحدث محذراً 

- إياكي تاني مرة تعمليها

رفعت كتفيها بلامبالاة وهتفت متسائلة: هي إيه؟!!! 

- لا تسوقي العربية قبل ما تتعلمي وتاخدي رخصة، ولا تركبي مع حد ما تعرفيهوش، مفهوم؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم وأجابته: مفهوم 

ترجل من السيارة وابتعد قليلاً فتابعته بعينيها حتى اختفى عن نظرها ثم تنفست بعمق وأغلقت السيارة، وما أن دلفت إلى الداخل أخرجت هاتفها وأجرت اتصالاً بوعد

- وصلتي؟ 
- اه أنا في الجامعة، أنتي فين؟ 
- أنا على البوابة و

توقفت وعد عن إكمال كلماتها حينما ضغط أمير على تنبيه السيارة فالتفتت إليه وهي تشعر بالخجل كعادتها ثم أكملت حديثها قائلة

- خلاص يا حنين أقفلي أنا جيالك

أنهت المكالمة، وابتلعت ريقها بصعوبة حينما ترجل أمير واقترب منها قائلاً 

- مش تاخدي بالك كنت هخبطك تاني
- آسفة بس كنت خايفة أتأخر وكمان كنت بكلم صحبتي

ابتسم لها ابتسامته الساحرة وتابع قائلاً: إذا كان الدكتور لسه جاي وواقف قدامك أهوه

ارتبكت بشدة واصطبغت وجنتيها بالحمرة التي يعشق أمير رؤيتها ثم ابتعدت من أمامه دون أن تجيبه فمرر يده بين خصلات شعره وعاد إلى سيارته

*********

تقابلت وعد مع حنين فقصت الأخيرة عليها تفاصيل المغامرة العجيبة التي قامت بها فضحكت وعد عدة مرات على جنون صديقتها.. وما أن اقتربت وعد من قاعة المحاضرات لمعت عينيّ نادين بانتصار ثم اقتربت منها وهتف بصوت عال

- الكلية لمت وبقت للخدامات

جخظت عينيّ وعد وهمت أن تتخطاها لكن نادين لم تسمح بذلك فقبضت يدها بعنف على معصم وعد وتابعت بحدة

- لما ستك تكلمك يا خدامة يبقى تقفي وتسمعيها

تجمع العديد من الطلاب حول الشجار، فأسرت نادين ابتسامة النصر وهتفت

- الدكتورة العظيمة شغاله جرسرنة في محل ويا حرام طول اليوم بتلف على الطرابيزات بالصينية وتقول شاي ولا قهوة يا بيه

لم تستطع حنين أن تتحمل وقاحة نادين أكثر من ذلك فجذبها من خصلات شعرها ما جعل الطلاب يصفقون على ما فعلته بل وهمت الفتيات لمواساة وعد التي كانت تبكي بغزارة

- سيبي شعري يا حيوانة تلاقيكي خدامة زيها
- أحنا خدامات يا أم أربعة وأربعين 

قالت حنين كلماتها وهي تجذب نادين بعنف متجاهلة الصرخات التي كانت تطلقها تلك البلهاء... وفي تلك اللحظة كان أمير يقترب برفقة أمجد وجحظت أعينهم من هول ما رأوا... ركض أمير باتجاه الشجار بينما اقترب أمجد من حنين وأمسك بها قبل أن تفتك بنادين أكثر من ذلك،  بينما شعر أمير بغصة في قلبه حينما رأى دموع وعد تنساب بغزارة فاقترب من نادين وتحدث بحدة قائلاً 

- إيه اللي جابك هنا؟ 
- جيت أفضحها وأعرف كل الناس أنها خدامة

لم يستطع أمير أن يتحمل أكثر من ذلك فصفع نادين على وجنتها بكل الغضب الكائن بداخله ما جعل أمجد يحرر جسد حنين ويقترب من أمير قبل أن يفتك بها

- مش عايز أشوف وشك في الجامعة، وعد أحسن وأنضف منك ألف مرة

لم تستوعب نادين ما فعله أمير فقد كانت تضع كفها على موضع الصفعة، لكنها بمجرد أن استمعت إلى كلماته اشتغلت نيران الغضب بداخلها فتحدثت بحدة قائلة

- ليك حق تدافع عنها يا دكتور يا عظيم ما أنت صايع معاها وهي أصلاً واحدة رخيصة وماشية على حل شعرها معاك ومع غيرك

كاد أمير أن يفتك بها لكن سبقته حنين حينما قفزت فوق نادين لتسقطها أرضاً ثم جلست فوقها وسددت لها العديد من اللكمات فأسرع أمجد بتفريقهن لكن حنين لم تستلم وأخذت تركل بقدمها في جسد نادين.... أما أمير فوقف مذهولاً مما سمع ومن نظرات الجميع الموجهة صوبه وصوب وعد فما كان منه إلا أنه هتف بأعلى طبقات صوته

- وعد تبقى خطيبتي وأشتغلت في المطعم بإذن مني علشان تسلي وقتها في الأجازة، ومش كدة وبس كتب كتابنا الأسبوع الجاي والكل معزوم إلا أنتي

قال كلماته الأخيرة وهو يشير بسبايته إلى نادين التي جحظت عينيها من هول ما سمعت، ولم تقل صدمة وعد وحنين عن صدمتها، أما أمجد فابتسم بخبث لكنه شعر بالسعادة لأجل ابن خالته الذي وجد الحب بعد طول انتظار.... لم تستطع نادين أن تتحمل أكثر من ذلك فغادرت وهي تبكي بغزارة بينما اقترب أمير من وعد وهتف بحزم

- ما تعيطيش

لم تستطع أن تقف أمامه ولو لدقيقة فركضت مبتعدة وهي تبكي بحرقة فركضت حنين خلفها وكذلك أمجد وأمير فسبقتهم جميعاً ودلفت إلى سيارة أجرة.... زفر أمير بضيق ثم اتجه صوب سيارته وانطلق بسرعة جنونية على أمل اللحاق بها، أما حنين فوقفت تبكي على حال صديقتها فاقترب منها أمجد وتحدث بهدوء قائلاً 

- ما تقلقيش أكيد روحت البيت 

نظرت إليه بعين دامعة ثم تركته واقتربت من سيارتها وقبل أن تدلف إليها سبقها وأخذ مفتاح السيارة ثم أشار إليها بالركوب على المقعد الأخر وهتف

- هوصلك

حركت رأسها بالموافقة ثم دلفت إلى السيارة فانطلق بها إلى منزل سوسن بعد أن أعطته العنوان

********

كانت سوسن تجلس في غرفتها وتتلو آيات القرآن حينما طرق أمير باب الشقة بحدة.... أنهت القراءة ثم أزالت نظارتها الطبية وهتفت بخوف

- أستر يارب

اقتربت من باب الشقة وفتحته لتتفاجأ برؤية أمير فشعرت باهتزاز الأرض تحت قدميها وقالت بصوت مرتعش يحمل الخوف بطياته

- و وعد جرالها حاجة؟ 

ابتلع ريقته بصعوبة ثم هتف متسائلاً: هي وعد ما جتش هنا؟ 

- وعد نزلت من بدري راحت الجامعة، هو في إيه؟ 

شعر أمير بالإحراج الشديد لكنه بالرغم من ذلك قص على سوسن كل ما حدث فبكت عيناها رغماً عنها وتحدثت بصوت غلبه البكاء 

- غلبانة وملهاش حظ في الدنيا، يا تري يا بنتي روحتي فين؟ 
- أوعدك أني هلاقيها
- وحياة أغلى حاجة عندك رجعهالي 

كاد أمير أن يتحدث لكن قاطعه دخول حنين وأمجد إلى الشقة وانفجرت حنين باكية حينما علمت بعدم وصول وعد 

*******

مرت ساعة كاملة قضاها الجميع في انتظار قدوم وعد لكنها لم تأتي... لم تتوقف حنين عن البكاء ولو لدقيقة وكذلك سوسن فافترب أمجد من أمير وهتف بصوت خفيض

- هنفضل قاعدين كده، تعالى ندور عليها
- خليك أنت هنا معاهم وأنا هنزل أدور 

ترك أمير مقعده وتقدم من سوسن وحنين ثم ثنى ركبتيه وجلس أمام سوسن وهو يقول

- هروح أدور عليها ومش هرجع غير وهي معايا
- ربنا يباركلك يا ابني

شرع أن يتحدث لكن سبقته حنين وهتفت بصوت غلبه البكاء: وعد لما بتكون مضايقة بتروح لجدتها

وقف أمير واستشعر الأمل من جديد، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادر إلى العنوان الذي حصل عليه من حنين وشعر بغصة في قلبه لوجود وعد في ذلك المكان

********

في ذات اللحظة وصلت نادين إلى منزل صديقتها باكينام، وما أن رأتها الأخيرة بتلك الحالة وضعت يدها على ثغرها ثم هتفت متسائلة

- إيه ده، مين عمل فيكي كده؟ 
- كله من ورا نصيحتك

قالتها بحدة ثم دلفت إلى الداخل وأراحت جسدها على أقرب مقعد قابلها نظراً لشعورها الشديد بالتعب فلوت باكينام شفتيها بضجر ولحقت بها لتسألها عن ما حدث 

*******

قاد أمير سيارته بجنون على أمل أن يجدها في المكان الذي ذكرته حنين... وكلما تذكر دموعها ونظرة الانكسار التي رآها داخل عينيها كان يزيد سرعته أكثر وأكثر حتى أنه كاد أن يتسبب في أكثر من حادث، لكنه لم يهتم لأحد ومضى في طريقه... وبعد مرور عدة دقائق وصل إلى وجهته فأوقف سيارته خارج المقابر ودلف إلى الداخل ثم أخذ يبحث عن مقبرة أسرة وعد وهو يشعر بالأسى على الحالة التي أوصلتها إلى الحديث مع الأموات... وبعد ما يقل عن دقيقة وقعت عينيه على حارس المقابر فاقترب منه وسأله إن كانت جاءت إلى هنا فأخبره أنها جاءت منذ عدة دقائق ومازالت بالداخل فسرت السعادة داخل أوردته ثم أعطى الحارس مبلغ من المال قبل أن يذهب إليها... اقترب من المقبرة بهدوء على عكس نبضات قلبه المتسارعة حتى وقف أمام الباب لكنه لم يدخل إليها حينما استمع إلى صوت وعد تتحدث إلى جدتها الراحلة 

- ياريتك خدتيني معاكي يوم ما مشيتي، ليه سبتيني في الدنيا القاسية دي، بابا رماني وماما لا حول لها ولا قوة، أنا مش عايزه أعيش خديني معاكي يارب خدني من الدنيا القاسية دي

لم يستطع أمير أن يتحمل أكثر من ذلك فدلف إلى الداخل بهدوء حتى لا يفزعها، وما أن استقر خلفها تحدث بنبرة صوت هادئة تحمل الحنان بطياتها

- وعد

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف