سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

سحر الأبجدية للنشر و التوزيع الالكتروني

مدونة سحر الأبجدية للنشر والتوزيع الالكترونى

Wednesday, February 13, 2019

عناق المطر/moonlight

February 13, 2019 0
عناق المطر/moonlight
عناقي الثاني عشر

فريدة أنت ،.!!
لا تشبهين احدا"،!!
تشبهين كل الجمال الذي بلون الارض،!!
تشبهين اشياء لا يمكن ان ترى،!!
تشبهين الاحلام والرؤى،!!
مقتبس
****

توقف المطر منذ الساعات الاولى للصباح وقد بدت السماء صافية والغيوم قد اختفت، يبدو ان اليوم سيكون جميلا" هذا ما قالته لنفسها ايلينا وهي تقف امام نافذتها تراقب حبيبها يتجول في حديقة المنزل وقد اقترب من ذلك الباب الحديدي القديم وكما توقعت انه باب القبو ، فتحه ودخل ولا تدري لم.
-- صباح الخير فيكي القت التحية ايلينا وهي تدخل المطبخ لتعد القهوة لكنها وجدتها جاهزة .
-- لقد اعدها اليكس قالت فيكي وهي تحمل حقيبتها وملفات القضأيا التي كلفت بدراستها ، وتابعت اخبري اليكس ساكون قبل موعد العشاء ، اقتربت من ايلينا
ومنحتها عناقا صغيرا" وهي تعتذر لعدم  مساعدتها بتحضير العشاء للضيف .
خرجت مع فيكي للحديقة في حين الاخرى استقلت سيارتها
بطريقها لعملها ، بقيت ايلينا تقف امام الباب تنتظر اليكس الذي كان يقترب منها مبتسما" وهو يحمل بيده بضعة زجاجات رجحت ايلينا ان يكون نبيذ معتق سيقدمه لضيفه السري.
اقترب منها ومنحها قبلة على خدها بينما هي احتضنته وقالت
--صباح الخير حبيبي، لم يجيبها بل منحها ابتسامة صغيره ودخل للمنزل وهو يشيرلها ان تلحق به، ما ان دخلا
سويا  حتى وضع ما بيده على المنضدة واحتضنها بقوة
-- الان استطيع ان ارد تحيتك حبيبتي ، صباح الخير
حلوتي ، قال ذلك وهو يشدد من عناقه لها وكانه لم يرها منذ دهر.
خجلها وتوترها واضطرابها هو ما يجعله يتعلق بها اكثر ويقسم بنفسه ان يمنحها كل الحب الذي تحمله ثنأيا قلبه بل ويزيد ، هي ذلك الحلم الذي تمناه منذ كان شابا صغيرا" عندما قصت عليه والدته قصة حب والده لها، وطريقة تقدمه لطلب الزواج بها ، ورغم مرور السنين على وفاة والدته لم يفكر بالزواج ثانية ، احتراما ووفاءا" لحبهما ، ولقناعته بانه حصل على ما يرد معها فلن يستطيع منح أي منهن ولو قدرا" ضئيلا" من الحب ، فكانا مثالا للزوجين الذين طالما حلم بان يجسد قصتهما مع من تستحق قلبه.
-- هل أنت جاهزة حبيبتي ، سالها قد تفاجات
-- جاهزة لماذا اليكس ؟ اجابته
-- للتسوق ، سنذهب لشراء مستلزمات العشاء هيا بسرعة بدلي ثيابك قال وهو ينظر لما ترتديه .
نظرت لنفسها وضحكت
-- هل أنت جاد اليكس ؟ سألته وهي تتفقد حالها
-- اجل ايلينا جاد اجابها بجدية وتابع ، الا ترين بان
سروالك ضيق بعض الشيء يكاد يفصل جسدك للاخرين.
-- اليكس ، هل تغار ؟ سألته وهي تكتم ضحكتها بالكاد ، لكنه اجابها بثقة
-- ايلينا بدلي ملابسك والحق بي ، سأنتظرك بالسيارة
تركها وخرج وهي تبتسم لتصرفه غير المتوقع ولكنها رضخت لطلبه فأخر ما تبتغيه غضبه او حنقه عليها.
****
اشتريا كل ما يلزمهما وما طلبته ايلينا لتحضير ما قررته من اصناف مميزة لضيفه المميز كما اخبرها ، ثم اصطحبها لمطعم صغير لتناول الافطار سويا واحتساء
فنجان من القهوة قبل ان يعيدها للمنزل ويذهب لمتابعة اعماله ، لكنه بمنتصف الطريق قرر اهداها ثوبا ترتديه هذه الليلة وحسب ذوقه الخاص فسالها
-- ما هو مقاسك ايلينا؟
-- ولماذا تسأل  اليكس قالت وقد فاجأها سؤاله
-- فقط قولي ارجوك .
-- اليكس لا اريد شيئا" لو سمحت ردت وقد بدت عصبية بعض الشيء.
لم يعطيها فرصة لتفهم شيئا" بل مد يده لعنقها وابعد قميصها قليلا ليقرا الرقم الموجود ، ثم سحب يده وقال:
--على ما يبدو يجب ان احصل على ما اريد بيدي ، ابتسم وهو يساعدها بحمل الاكياس ليضعها بالمطبخ ، ودعها بعد منحها قبلة صغيرة على جبيتها وعناقا" دافئا" اسعدها
واسكتها.
اتصلت بصديقتها بالسكن الجامعي للاعتذار عن الحضور ليومين لانشغالها بامور عائلية كما قالت ، ولتطلب منها ارساله المحاضرات التي فاتتها لبريدها الالكتروني .
كانت قد انهت كل الترتيبات الضرورية بالمنزل والاطباق الرئيسية التي شدد على تواجدها اليكس وكانت تتصرف فعلا وكأنها سيدة المنزل .
خلال تحضيرها لكوب من الشاي في تمام الساعة الرابعة خطر ببالها الاتصال بوالدتها ولكنها ترددت ، لن تخبر احد عن طلب اليكس الا عندما تشعر بضرورة
ذلك ، فما زالت تشعر ببعض الخوف والتردد رغم أيمانها المطلق بحبه لها وحبها له.
اطفات النار ولم تتابع تحضير الشاي وصعدت للاعلى لتحصل
عل حمام دافئ يعيد اليها النشاط والحيوية .
****
-- ايلينا ، ايلينا ، حبيبتي أين أنت دخل  اليكس وهو ينادي حبيبته التي لم ولن تسمعه لوجودها بحوض الاستحمام وقد استلقت به لتنعم بحمامها الذي وضعت به بعض العطور الفواحة واغلقت الباب.
كان بطريقة للاعلى لكن الروائح التي تاتيه من المطبخ جعلته يعود ثانية الى هناك ويتفقد كل ما حضرته زوجته المستقبلية.
-- أنت لن تكوني محامية فقط ايلينا ولكنك ستكوني طاهية ممتازة وزوجة رائعة قال لنفسه ذلك وصعد ينادي دون رد منها ، فتح باب غرفتها بعد ان طرقه عدة مرات
-- ايلينا حبيبتي هل أنت بالحمام سال وهو يستدير للخلف ليجدها قد خرجت وقد لفت شعرها بمنشفة و تحاول ربط حزام مازر الحمام فشهقت عندما راته وقد وضعت  يدها على قلبها.
-- اليكس ماذا تفعل هنا ، ياالهي لقد اخفتني .
-- ابحث عنك حلوتي ، اجابها وهو يقترب الى ان وقف
امامها مباشرة ابتسم وهو يزيل المنشفة عن راسها وتابع
-- الى متى ساقول لك الا تخفي شعرك او تربطيه ، وان تتركية ينسدل على كتفيك.
-- اخرج من هنا اليكس قالت بحدة مصطنعة وقد فهمها هو فرد وهو يبتعد عنها وقد امسك مقبض الباب وقال:
-- ساخرج لانني وعدت ان احميك من نفسي قبل الاخرين ، قبل ان يغلق الباب قتحه بسرعه وتابع:
-- بالمناسبة رائحتك منعشة ، خطت بسرعة واغلقت الباب وهي تضحك ولا تدري لم.
دقائق معدودة كانت فقط قبل ان يعود وهي مازالت
بلباس الحمام طرق الباب ودخل قبل ان تاذن له ، وضع ما
يحمله بيده على سريرها وقال دون ان ينظر اليها
-- ارتدي هذا على العشاء ايلينا.
خرج واغلق الباب وهو يتنفس بسرعة ويلوم نفسه على لم يجدر به ابدا ان يتصرف بهذه الطريقة الصبيانة والتي لا تنم الا عن تهور صاحبها
فتحت الصندوق الاحمر الذي وضعه اليكس على سريرها فوجدت بداخله ثوبا" حريريا ارجواني اللون ، دون تردد
ارتدته وقد انساب على جسدها الممشوق وكانه فصل
خصيصا "لها.
-- ياالهي!! اليكس حبيبي كم أنت رائع قالت لنفسها
وهي تتمعن بما ترتديه امام المرأة .
اكملت زينتها وتصفيف شعرها وغادرت غرفتها لتبدا بتجهيز مائدة الطعام قبل وصول الضيف المنتظر.
*****
التفت للوراء على وقع خطاها وقد وضع يده اليمنى بجيب
سرواله ، ابدى اعجابه بهذه المرأة التي دون شك اصبحت منذ تلك الليلة الماطرة امراته هو وحده.
--كم أنت جميلة ،  قال وهو يمد يده لها لتقترب منه ، وتابع جذابة ، وهي تبتسم بخجل وتوتر ، ورائعة.
-- ارجوك اليكس يكفي هذا ، يكفيني ما انا به,
قالت وقد احمرت وجنتيها ، لم يستمع لما تقوله بل
شدها من يدها لتلتصق به ويمنح نفسه ويمنحها عناقا" تاق له كثيرا".
ابتعدا عن بعضهما بعد سماع جرس الباب وقد أيقن ان هذا هو ضيفه المميز.
-- أنتظري هنا ايلينا ، انا سافتح الباب  قال وهو يتجه لمدخل المنزل.
-- واخيرا" عدت ، كم اشتقت لك يا رجل احتضن الرجلان بعضهما وقد بدا فعلا اشتياقهما لبعضهما .
-- نعم واخير اليكس ، اقسم بانني اشتقت لك أيضا "
اجابه الضيف وهو يتقدم معه للامام الى ان وصل حيث
تقف ايلينا التي بقيت صامته ولم يصدر عنها سوى
ابتسامة رقيقة وهي تومئ برأسها للضيف.
-- اليكس هذه زوجتك ؟ ساله وهو ينظر اليها باعجاب جعل
اليكس يضربه على كتفه وهو يجيبه.
-- احترم نفسك ولا تنظر اليها بهذه الطريقة قال له ذلك وقد انفجرا ضحكا".
-- دعني اقدم لك ايلينا حبيبتي وخطيبتي قال اليكس ذلك وهو يحتضن كتفي ايلينا التي لم تبدي أية ممانعة، وتابع قبل ان تتفوه بكلمة
-- وهذا صديقي واخي دانيال الذي عاد مؤخرا" من الولأيات المتحدة الامريكية بعد ان حصل على شهادة الدكتوراة بالجراحة الباطنية .
تفاجات ايلينا ولكنها تمالكت نفسها هذا هو اذا دانيال، ان فيكي محقة ، كم هو وسيم، انيق ، فعلا انه جميل
ولكن ، تذكرت انها لم ترحب به
-- اهلا دكتور قالت بخجل ، تفضل ، ابتعدت قليلا فاسحة
المجال له ليدخل ، لكنه قدم باقة الورد التي احضرها معه اليها وابقى بيده صندوق الشوكولاته وقال
-- وهذا لفيكي ، أين هي صغيرتي ؟
ضحكت ايلينا واجابته ،
-- انها بالطريق لن تتاخر.
بينما كانا يتحدثان بالمكتب ويحتسيان القهوة التي قدمتها ايلينا دخلت فيكي مسرعة وصعدت مباشرة الى
غرفتها لتبدل ملابسها قبل بدا العشاء.
دخلت المطبخ فيكي تبحث عن ايلينا التي حضرت كل
ما يلزم دون مساعدة احد فاحتضنتها من الخلف وهي تشكرها على قيامها بهذه دون تذمر .
-- هل وصل ضيف اخي ، سالتها وهي تحاول سرقة بعض قطع من سلطة الخضار المشوية التي تعشقها.
-- بلا وصل وهو واليكس بغرفة المكتب اجابتها ايلينا
وكانت على وشك اخبارها من هو لولا دخول اليكس الذي نظر لايلينا بمعنى ان تصمت.
-- لم تاخرت فيكي سالها وقد لاحظت حدته معها.
-- اسفة اخي الاستاذ ديفيد طلب تقرير عن القضأيا التي
أنتهت الشهر الماضي .
-- حسنا" هيا تعالي لترحبي بالضيف ، غمز ايلينا لتلحق بهما.
-- دانيال ، أنت دانيال صحيح؟ صرخت فيكي وهي تجري لعناقه وقد اغرورقت عينيها بالدموع دون ارادة منها,
-- ياالهي !! فيكي هذه أنت ، تلك الطفلة الصغيرة ، التي كنت احضر لها الحلوى ، احتضنها وحملها وهو يدور بها وقد
تعلقت بعنقه وهمست باذنه
-- لقد اشتقت لك كثيرا ، كثيرا.
انزلها ارضا وهو يمسح دموعها واجابها
--وانا أيضا عزيزتي اشتقت لك كثيرا ، حتى انني
احضرت لك  الهدية التي تفضلينها ، ولكن دعيني اراك جيدا" ، نظر لاليكس وقال :
-- أنت لم تخبرني بان صغيرتنا اصبحت شابة بل امراة مثيرة هكذا.
-- دانيال ، نهره اليكس بمرح احترم نفسك هذه شقيقتي.
تناولوا الطعام وسط ذكرياتهم التي مضى عليها عشرة سنوات على الاقل وكان يسرد عليهم ما جرى معه خلال دراسته , وسبب عدم عودته الذي فاجئ فيكي فصمتت
للحظات عندما  قال :
-- ولكنني لم استطع الاستمرار معها فانهيت الخطوبة
وعدت .
-- هل احببتها سالته فيكي وسط دهشة اليكس والجميع.
-- اكتشفت انني لا استطيع الحب ثانية , فقد احببت مرة واحدة ، اجابها وهو ينظر لعينيها اللتان قرا بهما الف سؤال ،  لكنه تابع ولكن ،
-- ولكن ماذا؟ عادت لسؤاله
-- فيكي ، قال اليكس وتابع هل هذا استجواب ، لا
تقومي بدور المحامي الان .
تنبهت لنفسها وصمتت وهو يتابعها دون ان تلحظ ذلك .
***
استلقت على سريرها فيكي وهي لا تصدق بانه عاد بعد كل تلك السنوات ولم يتزوج ، ولكن ذلك الاسى بصوته عندما قال انه لا يستطيع ان يحب ثانية ، من عنى ؟
كاد راسها ينفجر من كثرة التفكير ولكنه دانيال ولن يهنئ
لها بال ان لم تعرف كل ما يخصه، واقسمت لنفسها
بانه لن يكون لامراة غيرها ، حتى لو اعترض شقيقها
على ذلك لن يهمها ، طرقت باب غرفتها ودخلت قائلة
-- ايلينا الم تنامي بعد ؟
اعتدلت بجلستها على سريرها وطلبت منها الاقتراب
-- تعالي فيكي ، لم تستطيعي النوم اليس كذلك،
-- لا اصدق ايلينا بالامس كنا نتحدث عنه، هل كان يسمعني قالت وهي تضحك
-- لماذا أنت قلقة سالتها ايلينا التي تخفي عنها قلقها هي الاخرى , ان كان دانيال مرتبط هنا باحداهن سيكون وقع
ذلك على فيكي مدمر للغأية.
****
تابعت ايلينا حضور دروسها الجامعية التي كانت تجد صعوبة كبيرة في فهم بعضها ولكنها قررت الاستمرار لتحصل على شهادتها وتصبح محامية لتحقق حلمها وحلم والدي الراحل.
لم تعطي اليكس جواب على طلبه الزواج منها فهي تؤمن بان الاصول ان يذهب لوالدتها ويطلب يدها ،
ولكنها لا تستطيع قول ذلك له وبعد مضي اسبوعين وعدم اعادة طلبه اعتقدت انه تراجع او شعر بالتسرع وهذا لا يهم حاليا فهي تعيش اجمل مرحلة في حياتها.
انها تحب رجلا رائعا بكل المقأييس الملموسة والمحسوسة ، ولكن ما يغضبها منه اصرارها على نقلها من جامعتها بعد الامتحانات ، واجبارها على العيش بمنزله رغم عدم ارتباطهم رسميا".
****
اخذ دانيال بالتردد على المنزل باستمرار حتى انه بدا وكانه احد ساكنيه ولكن فيكي كانت قد اصيبت بخيبة امل بعد تلك الليلة لاعتقادها بان ذلك الوسيم لن يفكر بامراة سوى حبيبته التي ستموت ان لم تعلم من هي ؟
كانت تجلس بمكتب شقيقها تراجع احدى قضأيا الارث التي وكلها اليها السيد ديفيد عندما سمحت جرس الباب  يقرع عدة مرات ، وضعت ملف القضية من يديها وخرجت
للصالة لتتجه لفتح الباب ففوجئت بدانيال يقف وهو يحمل بعض علب الحلويات التي كانت تحبها وتطلبها منه
فابتسمت بحزن ورحبت به وهي تبتعد عن الباب ليدخل .
-- اهلا دانيال او هل يجب ان اقول دكتور ؟
-- لا تكوني سخيفة فيكي اجابها وهو يقدم  علب الحلوى لها ويقول:
-- تفضلي يا فتاتنا الجميلة ، هذا ما تحبينه اليس كذلك.
-- شكرا قالت وهي تكاد تنفجر من الغضب ، مازال يعتبرها طفلة ويطلق ذلك اللقب الذي تكرهه.
-- هل اليكس موجود سالها وهو يجول بعينه بحثا " عنه
-- لم يعد بعد ، اليوم سيحضر ايلينا من الجامعة لذا فهو يتاخر بالعودة اجابته وتابعت هل تحب القهوة؟
-- اجل شكرا رد وهو يشعر بانه فيكي ليست طبيعية ,
منذ عاد وهي تتعامل معه بحذر ،.
كان يتاملها من بعيد وهي تحضر القهوة ابتسم وهو يحدث لنفسه ، لو انك تعلمي يا فيكي كم احببتك ومازلت ، وكم اود ان اجد الجراءة لاصارحك بهذا ، لقد اصبحت امراة ناضجة ولكنني اشتقت لطفولتك البريئة.
-- تفضل ، قالت وقد اخرجته من تلك الذكريات الا انه
اجابها دون وعي :
-- شكرا حبيبتي ، نظرا لبعضهما للحظات دون ان يتفوه أي منهما بكلمة واحدة .
-- دانيال ماذا قلت؟ سالته فيكي وقد شعرت بان الارض
تدور بها ، اغمضت عينيها وتمالكت نفسها وجلست على المقعد المجاور له .
-- هل أنت بخير فيكي سالها بصوت يهتز قلقا" وخوفا .
-- اجل بخير اجابته وصمتت
وقد ادارت وجهها للناحية الاخرى وهي تلعن غباءها  انه اخطا التعبير فحبيبتي قد تقال لأي كان.
بدت افضل حالا"  و لم تعيد سؤاله وهو لم يجيبها على تساؤلها السابق .
كان الوقت قد تاخر كثيرا ودانيال مازال معها ، اليكس
وايلينا لم يعودان وهذه اول مره يتاخرا دون ان يتصلا بها ،
فتح الباب وقد كان ثنائي الغرام بحالة هيام واضحة على وجهيهما
-- دانيال أنت هنا ؟ قال اليكس وتابع جيد انك اتيت
وقف خلف ايلينا واحاط خصرها بكلتا يديه وقال موجها حديثه لدانيال وفيكي :
-- الن تباركا لنا ؟ لقد طلبت يد ايلينا للزواج  ووالدتها وافقت على ذلك ، طبع قبلة على خدها وتابع ، حفل الزفاف سيكون اخر الشهر الحالي ،،
صرخت فيكي فرحة بما سمعته ثم ركضت لاحتضان شقيقها ومباركة له
-- اليكس حبيبي واخيرا ستتزوج وستنجب لي اطفالا
العب معهم ، من فرط سعادنتها دمعت عيناها فتعلقت بعنقه و بدوره  احتضنها و طبع قبلة على جبينها وقال:
-- لن تكتمل سعادتي الا حينما ازفك لعريسك الذي يستحقك والذي سيكون لك الحامي والحبيب.
-- اليكس انا سعيدة جدا" اخي ، قالت وهي توجه حديثها لايلينا ، انا احبك يا ايلينا لانك منحتي اليكس هذه السعادة ، ارجوك الا تجعليه يشعر بالحزن ابدا"
عانقتها ايلينا وهي تمسح دموعي فيكي التي سالت على
وجهها  وقالت :
-- كيف ساحزنه يا فيكي وهو حياتي وعمري وهوائي
الذي اتنفسه، كيف يا فيكي وهو حبيبي واخي وابي ورجل حياتي .
بكتا وضحكتا سويا" ، كم هو محظوظ اليكس ليحظى
بامراتين كل منهما تسعى لاسعاده ، وقف للحظات يتابع فتاتاه تصعدان درجات السلم ودانيال يتابعه بصمت ، وقد تيقن ان الوقت لا بد وانه مناسب
-- اليكس هل لي بكلمة بالمكتب قال ذلك بينما الاخر مازال يتابعهن بنظراته الى ان اختفين من امامه.
-- ها ، نعم ماذا قلت؟
-- تعال معي للمكتب لو سمحت قال ذلك دانيال وهو يسحبه  ليدخلا معا"
-- ماذا تريد دانيال هيا بسرعة.
-- كيف علمت بانك تحب ايلينا؟
ابتسم وهو يقف خلف نافذة المكتب ومن ثم نظر اليه واجابه
-- عندما وجدت نفسي فيها وبنفس اللحظه فقدت نفسي معها ، بها انا قويا للغأية وامامها انا ضعيف جدا ، فشعرت بانني اريدها هي ، لا شيء اخر ، فقط هي ، تقدم من دانيال وجلس بقربه وقال:
-- هل تعلم دانيال عندما تدرك بانك تعطي الجميع بعضا"
من وقتك ولكنك  على استعداد ان تعطي المرأة التي تريد  العمر كله تلك اللحظة تعلم انها هي حبيبتك .
نهض دانيال ووقف امامه وبكل ثقه قال:
-- اليكس ، اريد ان اتزوج فيكي، هي بالنسبة لي كما قلت الان تمامالقد عدت من اجلها و لم ارتبط باحد بسببها قبل ان تسالني  ساقول لك ، انا احبها منذ كانت طفلة ،
منذ غادرت قبل عشر سنوات وهي تصاحب منامي وصحوي ،
انا ، انا
-- انا موافق  قال اليكس ومازال يجلس على مقعده
صمت دانيال ثم أنتبه ان اليكس اجابه :
-- حقا" اليكس أنت موافق حقا"
ضحك بصوت عال وقال :
-- اجل يا صديق عمري ، كيف لا اوافق على رجل مثلك يا دانيال ، كنت اشعر بانك تحبها ولكنني أنتظرت لان تعترف بنفسك ، ولكن قبل ان يتم جملته قطعه دانيال
-- ولكن ماذا ؟ هل تراجعت بكلامك يا صديقي؟
ابتسم اليكس ومازال يجلس على مقعده وهو ينظر لصديقة المرتبك واجابه
-- هل فيكي تعلم ؟
ساد الصمت للحظات قبل ان تبادره فيكي بسؤالها
-- اعلم عن ماذا؟


Tuesday, February 12, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 12, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل التاسع - بقلمي منى سليمان

* صفعة * 

رحل الليل بظلامه وسطعت شمس يوم جديد ولكن هل تحمل المزيد من المفاجآت أم سيل من الدموع؟ 
في التاسعة صباحاً استيقظت نادين ثم تركت فراشها في عُجالة لتذهب إلى الجامعة وتنفذ خطتها الشيطانية... دلفت إلى الحمام وأنعشت جسدها تحت المياه، وكانت تبتسم بين تارة وأخرى وهي تتخيل حالة وعد بعدما تفجر مفاجأتها... بعد مرور عدة دقائق خرجت من الحمام وارتدت ثيابها ثم غادرت وبداخلها شعور باللذة ناتج عن الانتصار كما اعتقدت 

********

في ذات الوقت كانت وعد تتناول طعام الإفطار برفقة سوسن فلاحظت الأخيرة شرودها وابتسمت بخبث ثم هتفت بجدية مصطنعة

- الجميل سرحان في إيه؟ 

فاقت وعد من شرودها ثم ابتسمت لسوسن ووقفت عن مقعدها وهي تقول

- مش سرحانة بس أتأخرت ولازم أمشي
- طيب كملي أكلك ولا عايزه الدكتور يزعل

ارتبكت وعد بشدة وهتفت بصوت مرتعش: أ أنا شبعت خلاص 

وقفت سوسن عن مقعدها واقتربت منها فودعتها وعد بقبلة على وجنتها ثم غادرت إلى الجامعة وهي لا تعلم ما ينتظرها فكل ما كانت تفكر به أنها ستلتقي اليوم بأمير 

**********

في فيلا أمير... 
انتهى من ارتداء ثيابه ثم نثر عطره الاخاذ ووقف يطالع هيئته أمام المرآة... كان يشعر بسعادة لا يعرف سببها فقط يعرف أنه على وشك رؤيتها في الجامعة بالرغم من رفض عقله لما يشعر به، لكنه لم يهتم له واستمع فقط إلى نبضات قلبه التي تتسارع في وجودها... ترك غرفته ومر بطريقه على غرفة والدته كعادة كل يوم، وما أن دلف إلى الغرفة ابتسمت سلوى لرؤيتها البريق الذي يسكن عينيه... اقترب منها وطبع قبلة على ظاهر يدها ثم تحدث قائلاً 

- الحلو مبتسم ليه؟ 
- أصل في واحد صاحبنا الفرحة هتنط من عينه

رفع أحد حاجبيه واصطنع عدم الفهم ثم أشار بسبابته إلى صدره وهتف بجدية مصطنعة

- الكلام ده عليا؟!!! 
- أمال عليا 
- يا ست الكل اللي في دماغك أوهام
- بكرة نشوف الأوهام في دماغ مين فينا

كاد أن يجيبها، لكن قاطعه دخول أمل إلى الغرفة: بتعملوا إيه يا عصافير؟! 

- ولا حاجة بصبح على ماما قبل ما أروح الجامعة، تعالي هاتي بوسة علشان أنزل

قال كلماته وهو يشير إلى وجنته فاقتربت منه وطبعت قبلة رقيقة عليها، فغادر الغرفة وأتجه إلى سيارته وابتسم حينما تذكر كلمات والدته 

*********

في منزل حسام.... 
انتهت حنين من ارتداء ثيابها ثم نظرت إلى نفسها في المرآة وتحدثت قائلة

- مش هغير رأيي وهاخد العربية

أخذت نفساً عميقاً ثم دلفت إلى المطبخ لتتناول طعام الأفطار قبل أن تغادر إلى مغامرتها، وبمجرد أن غادر حسام دلفت إلى غرفته وأخذت مفتاح السيارة ثم غادرت المنزل لتبدأ المغامرة الفريدة من نوعها

*******

في منزل أمجد... 
انتهى من ارتداء ثيابه ثم دلف إلى الشرفة وجلس على أحد المقاعد ليشرب قهوته.. وبعد مرور عدة دقائق غادر الشقة وانطلق بسيارته متجهاً إلى الجامعة لرغبته في مشاكسة أمير بالرغم من تحذيرات الأخير له، لكنه لم يهتم وقاد سيارته إلى الجامعة 

*******

في ذات اللحظة وصلت نادين إلى الجامعة ودلفت إليها بالبطاقة الشخصية المثبت بها أنها طبيبة.... أوقفت سيارتها داخل أسوار الجامعة ثم ترجلت منها واتجهت صوب غرفة المحاضرات ووقفت أمامها في انتظار وعد ونظرات الخبث تنطلق بسعادة من عينيها

******

بالطريق....
كانت حنين تقود سيارتها للمرة الأولى وهي تشعر بالخوف، لكنها قررت تحدي نفسها... قادت  بسرعة أشبه بسرعة السلحفاة ما جعل العديد من السائقين يقذفونها بأقذر السباب فلم تهتم لأي واحد منهم ومضت بذات السرعة، وبعد مرور عدة دقائق قررت أن تزيد سرعتها لشعورها الشديد بالثقة في النفس، لكن ما حدث كان كارثة بكل المقاييس... شعرت بالخوف وقررت إيقاف السيارة وبدلاً أن تضغط بقدمها على الفرامل ارتبكت وزادت سرعتها أكثر فاصطدمت بالسيارة التي تسير أمامها، فزفر أمجد بضيق وترجل من سيارته ثم اقترب منها فترجلت هي الأخرى وهتفت ببرود

- مش تفتح يا أخ؟! 
- أنتي ما بتشوفيش ولا إيه، انتي اللي خبطيني والعربية باظت

رفعت كتفيها بلامبالاة وهتفت ببرود: محدش قالك تمشي قدامي 

- هو كان شارع أبوكي وأنا معرفش

ما أن وصلت كلماته إلى مسامعها غضبت بشدة فضيقت بين حاجبيها وأشهرت سبابتها في وجهه ثم هتفت بحدة وصوت عال

- أحترم نفسك يا بتاع أنت وأتكلم كويس وبعدين أنا كاتبه ورا السائق تحت التمرين 
- على أساس أني مركب عين في قفايا ولا أنا اللي ماشي وراكي أصلاً، وبعدين أنا بتاع والله أنتي اللي 

قاطعته قائلة بحزم: لو سمحت ما تشتمش وأتكلم كويس

شعر أمجد برغبة ملحة في الفتك بها لكنه لم يفعل فهو لا يقوى على ضرب فتاة فمسح وجهه بكف يده ثم رمقها بنظرة غيظ وتركها وعاد إلى سيارته دون أن يتفوه ولو بكلمة، وما أن دلف إلى سيارته تفاجأ بها تطرق بخفة على زجاج سيارته فزفر بضيق وتمتم في نفسه

- الصبر من عندك يارب 

ترجل من السيارة وعقد ذراعيه أمام صدره ثم هتف بغيظ: أفندم

- أنا مش عارفه أسوق العربية 
- والمطلوب يعني؟ 
- سوقهالي

رفع أحد حاجبيه بعدم تصديق لكنها لم تهتم وتابعت قائلة بصوت أقرب إلى الرجاء 

- أرجوك ساعدني أنا أصلاً مش معايا رخصة

قالت كلماتها الأخيرة وهي تبكي فشعر بالشفقة عليها وقرر مساعدتها 

- أتفضلي أركبي على ما أركن عربيتي

حركت رأسها كإشارة بالموافقة ثم دلفت إلى السيارة وجلست في انتظاره، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى عاد إليها ودلف إلى السيارة ثم نظر إليها وهتف متسائلاً 

- إزاي تركبي مع واحد ما تعرفيهوش وكمان تديله عربيتك؟ 
- أصل شاكلك سمارت قصدي مش متشرد يعني

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه خلفتها البلاهة التي تحدثت بها فحرك رأسه يميناً ويساراً وتحدث بصوت يكاد أن يكون أقرب إلى الهمس 

- مجنونة
- ربنا يسامحك

اندهش بشدة ونظر إليها قائلاً: ودانك سالكه بزيادة

- الله أكبر في عينك

قهقه بأعلى طبقات صوته ثم أدار محرك السيارة وهتف متسائلاً: على فين؟ 

- كلية طب القصر العيني
- غريبة
- هي إيه دي؟ 
- أصلي رايح هناك
- بصرة

ابتسم لها وهو ينظر إلى عينيها فارتبكت بشدة وهتفت بصوت مرتعش

- م مش يلا بينا

لم يجيبها لكنه انطلق بالسيارة وخيم الصمت عليهما حتى وصل إلى الجامعة، وما أن أوقف السيارة نظر إليها وأعطاها المفتاح ثم تحدث محذراً 

- إياكي تاني مرة تعمليها

رفعت كتفيها بلامبالاة وهتفت متسائلة: هي إيه؟!!! 

- لا تسوقي العربية قبل ما تتعلمي وتاخدي رخصة، ولا تركبي مع حد ما تعرفيهوش، مفهوم؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم وأجابته: مفهوم 

ترجل من السيارة وابتعد قليلاً فتابعته بعينيها حتى اختفى عن نظرها ثم تنفست بعمق وأغلقت السيارة، وما أن دلفت إلى الداخل أخرجت هاتفها وأجرت اتصالاً بوعد

- وصلتي؟ 
- اه أنا في الجامعة، أنتي فين؟ 
- أنا على البوابة و

توقفت وعد عن إكمال كلماتها حينما ضغط أمير على تنبيه السيارة فالتفتت إليه وهي تشعر بالخجل كعادتها ثم أكملت حديثها قائلة

- خلاص يا حنين أقفلي أنا جيالك

أنهت المكالمة، وابتلعت ريقها بصعوبة حينما ترجل أمير واقترب منها قائلاً 

- مش تاخدي بالك كنت هخبطك تاني
- آسفة بس كنت خايفة أتأخر وكمان كنت بكلم صحبتي

ابتسم لها ابتسامته الساحرة وتابع قائلاً: إذا كان الدكتور لسه جاي وواقف قدامك أهوه

ارتبكت بشدة واصطبغت وجنتيها بالحمرة التي يعشق أمير رؤيتها ثم ابتعدت من أمامه دون أن تجيبه فمرر يده بين خصلات شعره وعاد إلى سيارته

*********

تقابلت وعد مع حنين فقصت الأخيرة عليها تفاصيل المغامرة العجيبة التي قامت بها فضحكت وعد عدة مرات على جنون صديقتها.. وما أن اقتربت وعد من قاعة المحاضرات لمعت عينيّ نادين بانتصار ثم اقتربت منها وهتف بصوت عال

- الكلية لمت وبقت للخدامات

جخظت عينيّ وعد وهمت أن تتخطاها لكن نادين لم تسمح بذلك فقبضت يدها بعنف على معصم وعد وتابعت بحدة

- لما ستك تكلمك يا خدامة يبقى تقفي وتسمعيها

تجمع العديد من الطلاب حول الشجار، فأسرت نادين ابتسامة النصر وهتفت

- الدكتورة العظيمة شغاله جرسرنة في محل ويا حرام طول اليوم بتلف على الطرابيزات بالصينية وتقول شاي ولا قهوة يا بيه

لم تستطع حنين أن تتحمل وقاحة نادين أكثر من ذلك فجذبها من خصلات شعرها ما جعل الطلاب يصفقون على ما فعلته بل وهمت الفتيات لمواساة وعد التي كانت تبكي بغزارة

- سيبي شعري يا حيوانة تلاقيكي خدامة زيها
- أحنا خدامات يا أم أربعة وأربعين 

قالت حنين كلماتها وهي تجذب نادين بعنف متجاهلة الصرخات التي كانت تطلقها تلك البلهاء... وفي تلك اللحظة كان أمير يقترب برفقة أمجد وجحظت أعينهم من هول ما رأوا... ركض أمير باتجاه الشجار بينما اقترب أمجد من حنين وأمسك بها قبل أن تفتك بنادين أكثر من ذلك،  بينما شعر أمير بغصة في قلبه حينما رأى دموع وعد تنساب بغزارة فاقترب من نادين وتحدث بحدة قائلاً 

- إيه اللي جابك هنا؟ 
- جيت أفضحها وأعرف كل الناس أنها خدامة

لم يستطع أمير أن يتحمل أكثر من ذلك فصفع نادين على وجنتها بكل الغضب الكائن بداخله ما جعل أمجد يحرر جسد حنين ويقترب من أمير قبل أن يفتك بها

- مش عايز أشوف وشك في الجامعة، وعد أحسن وأنضف منك ألف مرة

لم تستوعب نادين ما فعله أمير فقد كانت تضع كفها على موضع الصفعة، لكنها بمجرد أن استمعت إلى كلماته اشتغلت نيران الغضب بداخلها فتحدثت بحدة قائلة

- ليك حق تدافع عنها يا دكتور يا عظيم ما أنت صايع معاها وهي أصلاً واحدة رخيصة وماشية على حل شعرها معاك ومع غيرك

كاد أمير أن يفتك بها لكن سبقته حنين حينما قفزت فوق نادين لتسقطها أرضاً ثم جلست فوقها وسددت لها العديد من اللكمات فأسرع أمجد بتفريقهن لكن حنين لم تستلم وأخذت تركل بقدمها في جسد نادين.... أما أمير فوقف مذهولاً مما سمع ومن نظرات الجميع الموجهة صوبه وصوب وعد فما كان منه إلا أنه هتف بأعلى طبقات صوته

- وعد تبقى خطيبتي وأشتغلت في المطعم بإذن مني علشان تسلي وقتها في الأجازة، ومش كدة وبس كتب كتابنا الأسبوع الجاي والكل معزوم إلا أنتي

قال كلماته الأخيرة وهو يشير بسبايته إلى نادين التي جحظت عينيها من هول ما سمعت، ولم تقل صدمة وعد وحنين عن صدمتها، أما أمجد فابتسم بخبث لكنه شعر بالسعادة لأجل ابن خالته الذي وجد الحب بعد طول انتظار.... لم تستطع نادين أن تتحمل أكثر من ذلك فغادرت وهي تبكي بغزارة بينما اقترب أمير من وعد وهتف بحزم

- ما تعيطيش

لم تستطع أن تقف أمامه ولو لدقيقة فركضت مبتعدة وهي تبكي بحرقة فركضت حنين خلفها وكذلك أمجد وأمير فسبقتهم جميعاً ودلفت إلى سيارة أجرة.... زفر أمير بضيق ثم اتجه صوب سيارته وانطلق بسرعة جنونية على أمل اللحاق بها، أما حنين فوقفت تبكي على حال صديقتها فاقترب منها أمجد وتحدث بهدوء قائلاً 

- ما تقلقيش أكيد روحت البيت 

نظرت إليه بعين دامعة ثم تركته واقتربت من سيارتها وقبل أن تدلف إليها سبقها وأخذ مفتاح السيارة ثم أشار إليها بالركوب على المقعد الأخر وهتف

- هوصلك

حركت رأسها بالموافقة ثم دلفت إلى السيارة فانطلق بها إلى منزل سوسن بعد أن أعطته العنوان

********

كانت سوسن تجلس في غرفتها وتتلو آيات القرآن حينما طرق أمير باب الشقة بحدة.... أنهت القراءة ثم أزالت نظارتها الطبية وهتفت بخوف

- أستر يارب

اقتربت من باب الشقة وفتحته لتتفاجأ برؤية أمير فشعرت باهتزاز الأرض تحت قدميها وقالت بصوت مرتعش يحمل الخوف بطياته

- و وعد جرالها حاجة؟ 

ابتلع ريقته بصعوبة ثم هتف متسائلاً: هي وعد ما جتش هنا؟ 

- وعد نزلت من بدري راحت الجامعة، هو في إيه؟ 

شعر أمير بالإحراج الشديد لكنه بالرغم من ذلك قص على سوسن كل ما حدث فبكت عيناها رغماً عنها وتحدثت بصوت غلبه البكاء 

- غلبانة وملهاش حظ في الدنيا، يا تري يا بنتي روحتي فين؟ 
- أوعدك أني هلاقيها
- وحياة أغلى حاجة عندك رجعهالي 

كاد أمير أن يتحدث لكن قاطعه دخول حنين وأمجد إلى الشقة وانفجرت حنين باكية حينما علمت بعدم وصول وعد 

*******

مرت ساعة كاملة قضاها الجميع في انتظار قدوم وعد لكنها لم تأتي... لم تتوقف حنين عن البكاء ولو لدقيقة وكذلك سوسن فافترب أمجد من أمير وهتف بصوت خفيض

- هنفضل قاعدين كده، تعالى ندور عليها
- خليك أنت هنا معاهم وأنا هنزل أدور 

ترك أمير مقعده وتقدم من سوسن وحنين ثم ثنى ركبتيه وجلس أمام سوسن وهو يقول

- هروح أدور عليها ومش هرجع غير وهي معايا
- ربنا يباركلك يا ابني

شرع أن يتحدث لكن سبقته حنين وهتفت بصوت غلبه البكاء: وعد لما بتكون مضايقة بتروح لجدتها

وقف أمير واستشعر الأمل من جديد، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادر إلى العنوان الذي حصل عليه من حنين وشعر بغصة في قلبه لوجود وعد في ذلك المكان

********

في ذات اللحظة وصلت نادين إلى منزل صديقتها باكينام، وما أن رأتها الأخيرة بتلك الحالة وضعت يدها على ثغرها ثم هتفت متسائلة

- إيه ده، مين عمل فيكي كده؟ 
- كله من ورا نصيحتك

قالتها بحدة ثم دلفت إلى الداخل وأراحت جسدها على أقرب مقعد قابلها نظراً لشعورها الشديد بالتعب فلوت باكينام شفتيها بضجر ولحقت بها لتسألها عن ما حدث 

*******

قاد أمير سيارته بجنون على أمل أن يجدها في المكان الذي ذكرته حنين... وكلما تذكر دموعها ونظرة الانكسار التي رآها داخل عينيها كان يزيد سرعته أكثر وأكثر حتى أنه كاد أن يتسبب في أكثر من حادث، لكنه لم يهتم لأحد ومضى في طريقه... وبعد مرور عدة دقائق وصل إلى وجهته فأوقف سيارته خارج المقابر ودلف إلى الداخل ثم أخذ يبحث عن مقبرة أسرة وعد وهو يشعر بالأسى على الحالة التي أوصلتها إلى الحديث مع الأموات... وبعد ما يقل عن دقيقة وقعت عينيه على حارس المقابر فاقترب منه وسأله إن كانت جاءت إلى هنا فأخبره أنها جاءت منذ عدة دقائق ومازالت بالداخل فسرت السعادة داخل أوردته ثم أعطى الحارس مبلغ من المال قبل أن يذهب إليها... اقترب من المقبرة بهدوء على عكس نبضات قلبه المتسارعة حتى وقف أمام الباب لكنه لم يدخل إليها حينما استمع إلى صوت وعد تتحدث إلى جدتها الراحلة 

- ياريتك خدتيني معاكي يوم ما مشيتي، ليه سبتيني في الدنيا القاسية دي، بابا رماني وماما لا حول لها ولا قوة، أنا مش عايزه أعيش خديني معاكي يارب خدني من الدنيا القاسية دي

لم يستطع أمير أن يتحمل أكثر من ذلك فدلف إلى الداخل بهدوء حتى لا يفزعها، وما أن استقر خلفها تحدث بنبرة صوت هادئة تحمل الحنان بطياتها

- وعد

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Monday, February 11, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 11, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان
طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل الثامن - بقلمي منى سليمان

* خطة شيطانية * 

في منزل سوسن.... 
جلس أمير على المقعد المقابل لوعد وبدأ في تناول الطعام وكان يختلس النظر إليها بين تارة وأخرى وهو يشعر بالانجذاب نحوها بصورة غريبة لم يختبرها طول سنوات عمره فلم تستحوذ امرأةٌ من قبل على نظراته أو تفكيره... ابتسم مراراً وتكراراً على الحمرة التي لازمت وجنتيها طوال الوقت لكنها لم ترى أي من تلك النظرات فلم تنظر إليه ولو لمرة، ولم تتناول الطعام أيضاً، كانت تقلب الشوكة في الصحن كعادتها فقرر مشاكستها بعد أن شعر برغبة ملحة في رؤية عينيها وسماع صوتها الرقيق 

- هي وعد على طول ما بتاكلش كده؟ 

وجه كلماته إلى سوسن ثم انتقل بنظراته إلى وعد فتقابلت أعينهم في نظرة قطعتها سوسن حينما هتفت

- هي على طول أكلها قليل وأوقات كلامها كمان
- ليه كده يا آنسة؟ 

قالها وهو ينظر إلى وعد فارتبكت بشدة وتحدثت بصوت مرتعش قائلة 

- باكل على قد طاقتي 
- بس أنتي جسمك ضعيف جداً، هكتبلك فيتامين وياريت تنتظمي فيه
- حاضر

قالتها ثم بدأت تتناول طعامها حتى تتجنب كلماته ونظراته التي تسبب لها الارتباك فارتسمت ابتسامة خبث على شفتي سوسن التي راقبت ما يحدث في صمت حتى لا تزيد خجل الجميلة الجالسة إلى جوارها

**********

في فيلا أمير... 
عادت أمل من عملها وهي تشعر بالسعادة تسري بداخلها... صعدت إلى غرفة والدتها لكي تطمئن عليها لكنها ما أن فتحت باب الغرفة تفاجأت برؤية نادين تبكي فلوت شفتيها بضجر ثم اقتربت منها وهتف بغيظ

- خير؟!! 

مسحت نادين دموعها المصطنعة ثم نظرت إلى أمل وأجابتها قائلة بحزن مصطنع

- شفتي يا أمل، أمير زعقلي وكان هيرضبني علشان الخدامة اللي ماشي معاها

جحظت عينيّ أمل من وقاحة ما تفوهت به تلك النادين، فهي تعرف شقيقها جيداً وتعرف أيضاً طباع تلك المتعجرفة، فزفرت بضيق ثم تحدثت بحدة قائلة

- كفاية كدب بقى، أمير مستحيل يعمل حاجة غلط ولا إيه رأيك يا ماما؟ 
- عندك حق يا بنتي أكيد في سوء تفاهم، هي من ساعة ما جت بتعيط ومش فاهمه منها حاجة غير زعقلها علشان واحدة 
- دموع التماسيح

قالتها أمل بصوت خفيض وصل إلى مسامع نادين فجزت على أسنانها دون أن تظهر غضبها، بينما تركت أمل الغرفة وأسرعت في الاتصال بشقيقها حتى يأتي ويوضح حقيقة ما حدث... في ذات اللحظة انتهى أمير من تناول الطعام فترك مقعده وتوجه صوب الحمام، لكنه توقف حينما صدع صوت رنبن هاتفه فأجاب قائلاً 

- خير يا أمل، ماما كويسة؟ 
- أيوه كويسة

قالتها بضجر اندهش له فتابع قائلاً: مالك؟ 

- الزفته نادين هنا وعماله تعيط وتكدب زي عادتها

اشتعل أمير غضباً وهتف بحدة متسائلاً: قالت إيه؟ 

- عماله تقول كلام متخلف زيها وأنك يعني 

قاطعها قائلاً بحدة: قالت إيه يا أمل؟ 

ارتبكت أمل بشدة لمعرفتها الجيدة بتصرف شقيقها حينما يغضب فهتفت بصوت مرتعش يحمل الخوف بطياته

- عماله تقول لماما أنك ماشي مع خدامة وزعقت للكتكوتة علشانها

جحظت عينيه واشتعل غضباً وشعر برغبة في الفتك بتلك الحقيرة ثم زفر بضيق ومسح وجهه بكف يده قائلاً بهدوء مصطنع

- أنا جاي الفيلا حالاً، ما تخليهاش تمشي
- حاضر

أنهى المكالمة ثم اتجه صوب الحمام وغسل يديه وغسل وجهه كذلك لشعورة بحرارة تخرج منه ناتجة عن الغضب... بعد مرور عدة دقائق استطاع بصعوبة السيطرة على قسمات وجهه فغادر الحمام وأتجه إلى حيث تجلس سوسن ثم وقف أمامها وتحدث بهدوء قائلاً 

- أنا متشكر جداً على الغداء الجميل ده، بس لازم أمشي حالاً
- بسرعة كده؟ 

ابتسم لها ثم أجابها قائلاً: عندي شغل مهم ومبحبش أخلي المرضى ينتظروا لازم كل واحد ياخد حقه وبزيادة كمان

قال كلماته الأخيرة وهو يتوعد لنادين فقالت سوسن بحنان وصوت دافئ

- ربنا يقويك يا ابني ومتشكرة على مساعدتك لوعد
- العفو يا أمي ده واجبي، بعد إذنك
- وصلي الدكتور يا وعد 

مضت وعد ولحق بها أمير إلى باب الشقة ففتحته ثم نظرت إليه وهتفت برقة

- أنا متشكرة أوي لحضرتك 
- مفيش داعي للشكر، خلي بالك من نفسك وما تخرجيش تاني من غير فطار مفهوم؟

حركت رأسها كإشارة بالموافقة فتابع بهدوء: بعد إذنك 

ودعها بابتسامة وغادر إلى سيارته وبداخله بركان على وشك الانفجار في وجه نادين... وما أن دلف إلى السيارة، انطلق بسرعة جنونية وهو يتمتم 

- أصبري عليا يا نادين زفت الطين 

**********

اقتربت وعد من سوسن وجلست إلى جوارها دون أن تتفوه ولو بكلمة فقد كانت شاردة فيما حدث معها وفي الطبيب المشاكس الذي عاملها معاملة الأميرات... تأملتها سوسن بسعادة فقد استشعرت شرار الإعجاب المتبادل بينهما ثم ربتت على كتف وعد فأعادتها إلى أرض الواقع وهتفت بحنان

- ربنا يسعدك يا حبيبتي
- ليه بتقولي كده؟!! 
- بدعيلك بالسعادة ممنوع ولا إيه يا بنت أنتي؟ 

قالتها بطريقة تمثيلية فابتسمت لها وعد وخبأت جسدها في صدر سوسن فحاوطتها بحنان وأخذت تمسد بحنان على خصلات شعرها وهي تقول

- ربنا يجعل كل أيامك سعادة يا بنتي

*******

بعد مرور عدة دقائق ليست بالقليلة وصل أمير إلى وجهته، فأوقف سيارته وترجل منها... دلف إلى الفيلا والغضب يتملكه ثم صعد الدرج بسرعة جنونية واتجه مُباشرةً صوب غرفة والدته... طرق الباب ودلف دون أن ينتظر الإذن بالدخول واقترب من نادين كالإعصار ثم قبض يده على معصمها وجذبها بعنف فكادت أن تسقط أرضاً لكنه لم يهتم وهتف بحدة وصوت عال

- أنتي ما بتحسيش ولا ما بتفهميش، مين سمحلك تتحشري في حياتي
- بالراحة يا أمير 

قالتها سلوى لكنه لم ينتبه لكلماتها وأكمل تعنيفه لتلك الحمقاء ضاربًا عرض الحائط بدموعها التي كانت تهبط بغزارة فهو يعلم جيداً أن دموعها مصطنعة كصوتها و كلماتها وتصرفاتها

- أنا كنت خايفة عليك للخدامة تضحك 

قاطعها قائلاً بحدة وهو مازال يقبض على معصمها: أخرسي ولا كلمة 

- كفاية يا أمير أيدها هتتكسر في أيدك

قالتها سلوى بصوت أقرب إلى الرجاء فنفض أمير يد تلك الحمقاء بغل ثم أشهر سبابتها في وجهها وهتف محذراً

- أخر مرة تسمحي لنفسك تدخلي في حياتي أو تقولي الكلمة دي على وعد
- أنت كمان خايف على مشاعرها

قالتها نادين بتحدي فازداد غضب أمير وشعر برغبة ملحة في الفتك بها، لكنه لم يفعل بل قال بصوت رجولي حاد

- وعد طالبة عندي في كلية طب ولأخر مرة هقولك بالذوق ملكيش دعوة بيها أحسنلك

قال كلماته الأخيرة بغضب لم يختبره يوماً فنظرت سلوى إلى أمل وأشارت إليها لكي تتدخل فاقتربت من نادين وهتفت يغيظ 

- تعالي معايا 

نفضت نادين يدها وتحدثت بحدة قائلة: أوعي أنا همشي 

- مع ألف سلامة 

قالها أمير ثم غادر إلى غرفته فانفجرت أمل ضاحكة ما جعل نادين ترمقها بنظرة نارية قبل أن تغادر... وبمجرد أن غادرت الغرفة نظرت سلوى إلى ابنتها وهتفت بسعادة

- أنا عمري ما شفت أمير عصبي كده، شكله مهتم بالبنت
- أيوه يا ماما أنا حسيت أنه عايز يقتل نادين 
- نفسي أفرح بيه وبيكي قبل ما أموت

ما أن وصلت كلماتها الأخيرة إلى مسامع أمل، اقتربت منها وطبعت قبلة على ظاهر يدها وأخرى على مقدمة رأسها ثم قالت

- ربنا يخليكي لينا يا ست الكل
- ويخليكوا ليا، هروح أشوف أمير 

نهضت سلوى عن فراشها ثم غادرت الغرفة متجهة إلى غرفة أمير وبداخلها أمل يخبرها أن ابنها سقط أسيراً في عشق الفتاة التي لا تعرف عنها شيئاً فدعت الله أن تتأكد شكوكها

**********

في غرفة أمير... 
كان يجلس على المقعد الخشبي الموضوع في شرفة غرفته حينما دلفت سلوى.. ترك مقعده وتقدم منها ثم طبع قبلة على ظاهر يدها وتحدث بحنان قائلاً 

- أسف يا ست الكل، دي أول مرة أعلي صوتي في وجودك

ابتسمت له وربتت على كتفه ثم مضت معه إلى الشرفة وجلست على المقعد المقابل له، فرأى في عينيها نظرة يعرفها جيداً فتابع قائلاً 

- مفيش حاجة من اللي في دماغك، أنا هحكيلك كل اللي حصل

بدأ يقض عليها تفاصيل ما حدث منذ رؤيته الأولى لوعد حتى ما حدث معها اليوم، فابتسمت سلوى بسعادة لشعورها بصدق ظنونها لكنها لم تظهر له ذلك وهتفت بمشاكسة 

- طيب حلوة؟
- هي إيه اللي حلوة؟ 
- المكرونة بالبشاميل اللي أكلتها عندهم 

ارتسمت ابتسامة ساحرة على ثغره ثم غمز لوالدته ليبادلها المشاكسة وأجابها قائلاً 

- حلوة أوي
- يعني راحت عليا خلاص
- أنتي الحلو كله يا ست الكل يا 

توقف عن إكمال كلماته حينما صدع صوت رنين هاتفه فدلف إلى الداخل وأحضره ثم ضغط زر الإيحاب وهتف مازحاً 

- أزيك يا مشرحجي؟ 

جز أمجد على أسنانه وهتف بغيظ: كويس يا حبيب نادين زفت ال

قاطعه أمير قائلاً بحدة: ما تجيبش سيرتها كنت هموتها من شوية 

- هببت إيه بقرة عيلة صلطح بابا؟ 
- لما تيجي هحكيلك
- هو أنا قولت أن أنا جاي؟ 
- لا بس أنا عايزك تيجي وما تتأخرش سلام

أنهى أمير المكالمة دون أن يعطيه فرصة للاعتراض فأبعد أمجد الهاتف عن أذنه وهتف باندهاش

- ماله ده، ربنا يشفي

قالها ثم غادر مقر عمله ودلف إلى سيارته متجهاً إلى فيلا أمير ليعرف تفاصيل المعركة الشرسة التي كادت أن تنهي حياة نادين "زفت الطين" كما لقبها

**********

بمقر إدارة البحث الجنائي... 
ترك حسام مكتبه وتوجه صوب غرفة مكتب اللواء نجدت... طرق الباب ودلف إلى الداخل، وبعد أن ألقى عليه التحية الرسمية تحدث قائلاً 

- تحت أمرك يا فندم
- قررنا نبدأ في تفاصيل الخطة طالما مش قادرين نمسك عليه حاجة 

شعر حسام بالسعادة فقد استغرق وضع الخطة شهر كامل بعد أن انتهت التحريات التي كُلف بها هو وزملائه 

- ده أسعد خبر في حياتي، ولو الخطة مشيت زي ما وضعناها هنمسك أكبر شبكة تجارة أعضاء في البلد

انتقل الحماس الذي صاحب صوت حسام وقسمات وجهه إلى اللواء فترك مقعده وتقدم منه ثم ربت على كتفه وتحدث بسعادة قائلاً 

- بتفكرني بنفسي يا حضرة الظابط
- ده شرف ليا يا فندم
- طيب يلا على شغلك وجهز نفسك الاجتماع بعد أسبوع وهتحضره معانا بالنيابة عن زملائك لأن في مفاجأة ليك
- تمام يا فندم

قالها وهو يؤدي التحية الرسمية ثم انصرف إلى عمله وهو يشعر بالفخر لما قاله اللواء منذ دقائق 

*********

في منزل حسام... 
اتجهت حنين إلى الحاسوب لتكمل دروس القيادة على تطبيق (اليوتيوب) بعد أن أنهت المكالمة مع وعد وقصت عليها الأخيرة كل ما حدث معها.... فتحت الحاسوب وأكملت متابعت الفيديوهات وهي عازمة بداخلها على قيادة السيارة بالصباح مهما كلفها الأمر، فقد انتظرت شهرين كاملين ليعلمها شقيقها إلا أنه كان دائم الانشغال... وبعد مرور ساعة كاملة أغلقت الحاسوب وتحدثت قائلة 

- ياهوه خلاص كده أتعلمت وبكرة المحاضرة متأخرة هنزل بعد حسام وأخد العرررررربية، أيوه بقى

*********

في فيلا أمير.... 
دلف أمجد إلى الفيلا وهو يدندن بكلمات أغنية تعشقها سلوي... ابتسمت له فاقترب منها وطبع قبلة على ظاهر يدها فربتت على كتفه وتحدثت بحنان قائلة

- وحشتني يا بكاش
- وأنتي وحشتيني جداً جداً جداً، فين أمير وأمل؟ 
- أمل طلعت تنام وأمير في أوضته
- طيب هطلع أشوفه وأرجعلك 

طبع قبلة على مقدمة رأسها ثم صعد الدرج إلى غرفة أمير... طرق الباب ثم دلف إلى الداخل فترك أمير فراشه وتقدم منه قائلاً 

- أتأخرت ليه؟
- ما أتأخرتش، أنت اللي شكلك مستعجل

قالها ثم جلس على الأريكة فجلس أمير إلى جواره وبدأ يقص عليه ما حدث معه... كان أمجد يبتسم بين تارة وأخرى، وما أن توقف أمير عن الكلام تنهد بهيام ثم هتف مازحاً

- مش قولتلك من شهرين الجردل طب 

رفع أمير أحد حاجبيه لكن أمجد لم يهتم وأكمل مزاحه فما كان من أمير إلا أنه ضربه بقوة على رأسه فتأوه قائلاً 

- بتضربني ليه؟ 
- علشان تبطل هزار 
- يا حبيبي أنا مش بهزر أنا بتكلم بجد، أنت طبيت عقبالي يارب
- تصدق أنا غلطان علشان بحكيلك

قال أمير كلماته بغيظ وغضب ملحوظ فأسر أمجد ابتسامته وهندم من ياقة قميصه وهو يقول

- فهمني إيه يخليك تنقلها المستشفى وكمان تشيلها ما ممكن كنت شاورت لأي ممرض في الطوارئ يدخلها وكنت طلعت شوفت شغلك

ابتلع أمير ريقه بصعوبة ولم يستطع أن يجيبه فابتسم أمجد بخبث وتابع قائلاً 

- ومش كده وبس ده أنت وصلتها وكمان أتغديت عندها، ده أنت ما بترضاش تاكل الأكل اللي بطبخه

رفع أمير أحد حاجبيه ونظر إليه بنصف عين قائلاً باشمئزاز: جتك القرف هو اللي بتعكه اسمه أكل أصلاً 

- مش موضوعنا على فكرة و

قاطعه قائلاً بهدوء مصطنع: أنا مش مهتم بيها، يمكن لفتت انتباهي ده أولاً، ثانياً البنت عمرها ١٨ سنة يعني أنا أكبر منها بكتير أوي أتهد بقى

قال كلماته الأخيرة بحدة ثم وقف عن الأريكة ودلف إلى الشرفة فابتسم أمجد وهتف بصوت خفيض

- والله الجردل طب 

نهض هو الأخر عن الأريكة ولحق بأمير في محاولة منه للحصول على اعتراف 

**********

في ذات الوقت كانت نادين تجوب الشوارع بسيارتها وهي تشعر بغضب شديد.... كانت النيران المشتعلة بداخلها تفوق طاقتها الاحتمالية فأخذت تضرب المقود بغل مراراً وتكراراً وأقسمت ألا تستسلم... أوقفت السيارة على جانب الطريق ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها وأجرت اتصالاً بصديقتها فأجابتها قائلة

- ديدي فينك؟ 
- مش وقته يا باكي أنتي فين؟ 
- في الكافية، مالك؟ 
- لما أجي هحكيلك، باي

أنهت المكالمة ثم أدارت محرك السيارة وانطلقت بها... وبعد مرور عدة دقائق أوقفتها وترجلت منها ثم دلفت إلى الداخل واقتربت من باكينام وهي تقول

- ألحقيني يا باكي
- مالك، إيه حصل؟ 
- أمير هيضيع مني
- يا خبر أحكيلي

بدأت نادين تقص على صديقتها تفاصيل الكارثة التي ظهرت أمامها من العدم، وما أن انتهت نظرت إليها باكينام باندهاش وهتفت ببرود

- أنا مش فاهمه إيه اللي مزعلك
- بقولك بيحب خدامة وبيدافع عنها ويقول طالبة عندي
- وأنتي أزاي أصلاً تقارني نفسك بواحدة زي دي
- هي أكيد مش من مستوايا بس لو شوفتيه وهو بيدافع عنها ويزعقلي تقولي بيموت فيها

قالتها نادين وهي تبكي فربتت باكينام على كتفها علها تتوقف عن البكاء ولكن دون جدوى، وبعد مرور عدة دقائق قضتها باكينام في التفكير هتفت بسعادة

- لقيت خطة هتخلي أمير يبعد عنها

مسحت نادين دموعها ثم نظرت إلى صديقتها وهتفت متسائلة: بجد

- أيوه، أنا هقولك تعملي إيه بالظبط

بدأن تقص عليها تفاصيل الخطة الشيطانية التي تدور برأسها فلمعت عينيّ نادين بسعادة، وما أن توقفت باكينام عن الحديث نظرت إليها وتابعت قائلة 

- صدقيني بعدها مش هيبص في وشها لا هو ولا غيره واحتمال الجربوعة دي تختفي بعدها كمان
- أيوه صح يا باكي مش عارفه الموضوع ده غاب عني إزاي، ميرسي يا روحي

بعد مرور عدة دقائق من الثرثرة والضحك غادرت نادين إلى منزلها وهي عازمة على تنفيذ خطة صديقتها مهما كلفها الأمر 

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف

Sunday, February 10, 2019

طريقي بقربك/منى سليمان

February 10, 2019 0
طريقي بقربك/منى سليمان

طريقي بقربك - الحكاية الأولى لثلاثية قدر النساء

الفصل السابع - بقلمي منى سليمان 

* صدفة *

جحظت عينيّ وعد وتسارعت نبضات قلبها، بينما ارتسمت ابتسامة على ثغر أمير ثم خبأها قبل أن تلتفت إليه... لم تستطع أن تنظر إليه فقد كان شعورها بالإحراج يفوق طاقتها فشعرت باهتزاز الأرض تحت قدميها... استمع أمير إلى صوت أنفاسها المضطربة فضيق بين حاجبيه وتقدم منها ثم وقف أمامها وهتف متسائلاً

- أنا زعلتك في حاجة؟  

حركت رأسها يميناً ويساراً بالنفي فابتسم لها وأردف قائلاً:  طيب مش عايزه تردي عليا ليه؟ 

ارتبكت بشدة ووجهت نظراتها إلى الأرض وهي تقول: مفيش حاجة، ممكن أمشي؟ 

قالت كلماتها الأخيرة بطريقة طفولية فابتسم مرة أخرى على براءتها وأجابها قائلاً 

- أكيد ممكن 

تنحى جانباً فرفعت رأسها لتتقابل عينيها البندقية بزرقاوية عينيه وساد الصمت بينهما لدقائق قطعتها وعد حينما غادرت فمرر يده بين خصلات شعره ثم حمل حقيبته ليغادر إلى المشفى وهو يقول

- فينك يا أمجد كان زمانك بتغني الجردل طب، يا خوفي ليكون طب

*********

اتجهت وعد صوب الحمام وهي مازالت تشعر بالخجل والارتباك، وما أن دلفت إليه اصطدمت بصدر حنين فاندهشت الأخيرة لرؤيتها شاحبة فهتفت متسائلة

- مالك يا وعد؟ 
- مفيش عندي صداع وعايزة أروح
- مش هتحضري المحاضرة الجاية؟ 
- معلش أحضريها أنتي وأنا هروح أرتاح
- وعد أنتي كويسة؟ 

حركت رأسها كإشارة بنعم ثم غادرت وهي تشعر برغبة في البقاء بمفردها... ذهبت في نزهة سيراً على الأقدام وكانت تبتسم بين تارة وأخرى على الصدفة العجيبة التي جمعتها بالطبيب المشاكس... وبعد مرور عدة دقائق قضتها في التفكير، شعرت بدوار جعلها لا تنتبه إلى سيارة أمير التي كادت أن تصطدم بها فتعالت شهقاتها وسقطت مغشياً عليها.... ترجل أمير واتجه صوبها ثم أسند رأسها على قدمه وأخذ يضرب برفق على وجنتها علها تفيق إلا أن ذلك لم يحدث، فحملها ووضعها داخل سيارته وانطلق إلى المشفى بسرعة جنونية لم يعتادها من قبل... أوقف سيارته أمام المشفى ثم ترجل منها وحملها مرة أخرى ودلف إلى الداخل فاندهش الجميع من رؤيته هكذا... لم يهتم لنظرات كل من حوله وأكمل طريقه إلى إحدى غرف الطوارئ فجحظت عينيّ نادين حينما رأته يحمل فتاة وشرعت أن تتحدث لكنه سبقها وقال بعد أن وضع وعد على السرير

- مش عايز حد هنا

غادرت نادين وبداخلها بركان ثائر وتبعها العاملون فبدأ أمير في معاينة وعد... تفقد مؤشراتها الحيوية فوجد هبوط حاد في دورتها الدموية، فأسرع بتركيب محاليل لتستعيد وعيها.... أحضر مقعداً وجلس في انتظار استردادها للوعي، وبالفعل بعد مرور عدة دقائق تململت في الفراش وفتحت عينيها لتتقابل بعينيه فتسارعت نبضات قلبها بعد أن رأت نفسها ممدة أمامه وشرعت أن تعتدل في جلستها لكنه منعها وهتف بصوت رجولي

- مفيش حركة غير لما المحلول يخلص، مفهوم؟ 

لم تجيبه فكرر سؤاله مرة أخرى فتحدثت بصوت مرتعش قائلة: حاضر

جلس على المقعد مرة أخرى وأسر ابتسامته حينما وقعت عينيه على حمرة وجنتيها المعهودة فقرر تلطيف الأجواء  

- أخر مرة أكلتي كان أمتى؟ 
- لما رجعت من الكلية أمبارح العصر أكلت وقعدت ذاكرت شوية وبعدين نمت وصحيت النهارده متأخر فمأكلتش

رفع أحد حاجبيه ثم عقد ذراعيه أمام صدره وهو يقول بحدة مصطنعة

- في إنسان طبيعي لا يتعشى ولا يفطر

لم تحتمل نبرة صوته الحادة فتلألأت الدموع داخل مقلتيها ما جعله يقف عن مقعده قائلاً بصوت دافئ غلفه الحنان

- مكنش قصدي، ما تعيطيش

تسللت دمعة من عينها وسالت برفق على وجنتها وهي تعتدل في جلستها لتغادر، وهمت أن تنزع المحلول عن يدها إلا أنه سبقها وقبض يده برفق على يدها فشعرت أنها على وشك الإغماء مرة أخرى فترك يدها وتنحنح قائلاً 

- أسف بس مش هسيبك تمشي قبل ما المحلول يخلص
- أنا عايزة أروح
- هوصلك بس لما أتاكد أن ضغطك تمام ونبضات قلبك منتظمة وياريت بلاش اعتراض

امتثلت لرغبته وصمتت تماماً عن الكلام، لكنها اندهشت بشدة حينما تركها وغادر الغرفة.... وبعد مرور عدة دقائق عاد حاملاً صينية الطعام ووضعها أمامها ثم هتف بهدوء 

- يلا كلي

ابتلعت ريقها بصعوبة وهتفت بصوت مرتعش: د ده ده ليا أنا؟ 

سحب المقعد وجلس عليه ثم وضع قدماً فوق الأخرى وهو يقول بجدية مصطنعة

- أنتي حالياً المريضة بتاعتي وأنا بحب أدلع المرضى بتوعي، شعاري دايماً دلعهم يرجعوا

لم تصمد أمام كلماته الأخيرة فانفجرت ضاحكة وأنضم إليها، وبعد مرور دقائق قليلة توقفت عن الضحك ووجهت نظراتها إلى الأرض، فترك مقعده وجلس إلى جوارها على الفراش ثم تحدث بحنان قائلاً 

- ممكن تاكلي علشان ضغطك يتظبط ولا عجبتك المستشفى وحابه تفضلي فيها
- أنا بجد مش جعانة خالص و

قاطعها قائلاً: أنا مش هخرجك من المستشفى غير لما تاكلي، يلا

اندهشت بشدة من إصراره ونظرت إليه ثم رفعت أحد حاجبيها فبادلها رفعة الحاجب بأخري وهتف بحزم

- يلا كلي

بدأت في تناول الطعام دون أن تنظر إليه فعاد ليجلس على مقعده بينما تحدثت هي في نفسها قائلة

- شكله عباسية خالص

ضحكت لا إرادياً فاندهش بشدة وهتف في نفسه: شكلها أتجننت خالص

********

بالخارح كانت نادين تجوب الممر المؤدي إلى غرفة الطوارئ وهي تشعر بغضب وغيرة لم تختبرهما يوماً... كانت تقضم أظافرها بأسنانها وهي تتحدث إلى نفسها

- خلاص مش قادرة بقاله ساعة قاعد مع البت اللي جابها، هموووت 

ظلت على تلك الحالة لعدة دقائق أخرى ثم قررت الدخول إلى الغرفة مهما كلفها الأمر.... توجهت صوب الغرفة وفتحت بابها، وما أن وقعت عينيها على وعد شعرت أنها قابلتها من قبل، لكن قاطع شرودها صوت أمير

- قولتلك ألف مرة ما تدخليش من غير إذن 
- كنت جاية أطمن عليك وعلى الآنسة 

تذكرتها وعد وشعرت بخجل شديد فخبأت عينيها عنها إلا أنه لم يكن كافياً فقد تذكرتها نادين وتعالت شهقاتها 

- مش دي الخدامة اللي دلقت 

قاطعها أمير قائلاً بحدة وصوت عال: أخرسي يا نادين واطلعي بره

- تبقى هي، بتطردني علشان خدامة 

تلألأت الدموع داخل عينيّ وعد لكنها أبت أن تنزل أمام تلك المتعجرفة، بينما اقتراب أمير من نادين وقبض يده بغل على معصمها فتأوهت بشدة لكنه لم يهتم وتحدث بحدة قائلاً 

- اسمها الدكتورة وعد ولو سمعت كلمة زيادة مش هيحصلك كويس

تسارعت نبضات قلبها خوفاً فحركت رأسها كإشارة بنعم فما كان منه إلا أنه نفض يدها بغل وتابع

- أطلعي بره علشان الدكتورة تعبانة 

غادرت الغرفة كالإعصار فأغلق الباب ثم اقترب من وعد وشعر بالسعادة لأنها لم تبكي كعادتها... أزالت المحلول عن يدها ثم نظرت إليه وهتفت برقة 

- لو سمحت سيبني أمشي
- هوصلك ومش عايز اعتراض

حملت حقيبتها وأخبرته بموافقتها ثم مضت معه إلى السيارة ودلفت إليها وهي تشعر بالإحراج من وجودها إلى جواره فاسندت رأسها على زجاج السيارة لتهرب بعينيها بعيداً عنه

*********

في مقر جريدة الغد.... 
تركت أمل مكتب نائب رئيس التحرير بعد أن انتهى الاجتماع واتجهت صوب مكتبها، وما أن دلفت إليه انتبهت إلى صوت رنين هاتفها... وجدت الاتصال من رقم خاص ومع ذلك ضغطت زر الإيجاب 

- السلام عليكم
- وعليكم السلام، مع حضرتك مساعد اللواء نجدت من إدارة البحث الجنائي 

جحظت عينيها وكادت أن تصرخ، لكنها وضعت يدها على فاها فاندهش الشاب وأردف قائلاً 

- حضرتك معايا؟

ابتلعت ريقها بصعوبة وهتفت بارتباك: مع حضرتك

- هننتظر حضرتك زي النهارده الساعة ١٠ في مقر الإدارة 
- هكون موجودة بأمر الله

أنهت المكالمة وهي لا تصدق ما سمعته فجلست على مقعدها وهتفت بسعادة

- مش مصدقة بجد كنت بدأت أفقد الأمل مع أن أسمي أمل 

ارتسمت ابتسامة على شفتيها وشعرت بسعادة لم تختبرها يوماً وتمنت أن يمر الأسبوع سريعاً لتذهب حسب الموعد

***********

بالسيارة... 
كانت وعد تتابع الطريق بعينيها وكان أمير يختلس النظر إليها بين تارة وأخرى، شعر برغبة ملحة في سماع صوتها دون أن يعرف سبب ذلك، فقطع الصمت الذي خيم عليهما حينما تحدث قائلاً 

- تعرفي أنك فاجئتيني النهارده

نظرت إليه بعدم تصديق وهتفت باندهاش وهي تشير إلى نفسها قائلة 

- أنا؟!!!!! 
- اه أنتي، توقعت أنك تعيطي لما نادين أتكلمت بوقاحة

ما أن وصلت كلماته إلى مسامعها شعرت بالسعادة لتمسكها بكبريائها أمامه، وشعرت أيضاً بالحزن حينما تذكرت كلمة "خادمة"، لكنها لم تظهر له حزنها فرفعت أحد حاجبيها قائلة 

- وحضرتك كمان فاجئتتي

اندهش بشدة لما قالته فأوقف السيارة على جانب الطريق ثم رفع أحد حاجبيه ونظر إليها بعدم تصديق 

- أنا؟!!! 

قالها مقلداً طريقتها فأسرت ابتسامتها وحركت رأسها كإشارة بنعم، فابتسم لها وأردف قائلاً 

- عملتلك إيه؟؟ 
- اتفاجئت أن حضرتك تزعل المدام بتاعك علشاني مرتين و

قاطعها قائلاً بحدة: نادين زفت الطين تبقى مراتي أنا؟!!! 

كادت أن تتفجر ضاحكة على اللقب الفريد الذي قاله فجاهدت بشتى الطرق حتى تأسر ضحكاتها ثم تحدثت بهدوء قائلة

- هي مش المدام؟
- لا لا لا لا 
- آسفة أفتكرتها كده
- يبقى ما تفكريش أحسن

قالها بجدية مصطنعة صاحبتها ابتسامة ارتسمت على شفتيه، ثم أدار محرك السيارة وانطلق بها.... وبعد مرور عدة دقائق انتبهت وعد إلى صوت رنين هاتفها، فأجابت قائلة

- ماما وحشتيني 
- أنتي كمان وحشتيني، عامله إيه؟ 
- أنا بخير، وأنتي؟ 
- بخير طول ما أنتي بخير

ثرثرت لعدة دقائق مع والدتها دون أن تنتبه لعينيّ أمير، فقد كان يراقب لمعة عينيها وابتسامة شفتيها من مرآة السيارة... وبعد مرور دقائق قليلة هتفت بسعادة

- أنا مبسوطة أوي علشان بتكلميني
- حبيبتي أنا مليش غيرك 
- ربنا يخليكي ليا، أبقي كلميني كل يوم 
- حاضر، مع السلامة 

ودعتها رمزية ثم أنهت المكالمة وبكت على حالها، بينما على الجانب الأخر شردت وعد في عالمها الخاص، لكن أعادها صوت أمير إلى أرض الواقع

- أدخل يمين ولا شمال؟ 
- أول يمين في تاتي شمال تاتي عمارة على طول

قالت كلماتها دون أن تنظر إليه فابتسم على خجلها وكاد أن يتحدث، لكن قاطعه صوت رنين هاتفها فأجابت قائلة

- الو
- خلصتي محاضراتك يا قلبي ؟

قالتها سوسن بحنان فأجابتها وعد قائلة: أنا دقيقتين وهبقى في البيت يا ماما

- طيب هحضر الغداء 
- ماشي

اندهش أمير بشدة فقد كانت تتحدث إلى والدتها بطريقة مختلفه عن هذه المرة فضيق بين حاجبيه وهتف في نفسه

- إيه المجانين دول

********

بعد مرور عدة دقائق أوقق أمير سيارته أسفل العقار الذي تسكنه وعد... اندهش بشدة وتساءل في نفسه كيف تسكن في هذا العقار الفخم وهي تعمل نادلة في مطعم... تسرب الشك إلى قلبه وظن أنها تكذب لشعورها بالخجل فقرر التأكد حتى لا يتركها في الشارع بمفردها.. ترجل من السيارة بعد أن ترجلت هي واقترب منها قائلاً 

- هوصلك لحد باب الشقة

ارتبكت بشدة وظهر ذلك بوضوح على قسمات وجهها فتحدثت بصوت مرتعش قائلة

- بس بس يعني 

قاطعها قائلاً بجدية: بلاش اعتراض ويلا قدامي 

امثلت لرغبته ومضت وهي تشعر بالإحراج، فكيف لها أن تعود إلى البيت برفقة رجل، لكنها لم تستطع الاعتراض أمام إصراره... صعدت إلى الطابق الثاني ثم توقفت أمام باب الشقة وأشارت بسبابتها وهي تقول

- ها هي دي ال 

قاطعها قائلاً: طيب يلا خبطي 

- طيب خلاص أنا وصلت، حضرتك أمشي

رفع أحد حاجبيه واصطنع الغضب ثم هتف بصوته الرجولي: بتطرديني؟ 

حركت سبابتها يميناً ويساراً عدة مرات لتأكد نفي ما فكر به ثم تحدثت بنبرة صوت تحمل الخجل بطياتها

- مش قصدي والله، بس مش عايزه أتعب حضرتك
- أنا مش تعبان

قالها وهو يقترب من باب الشقة ثم ضغط زر الجرس... في الداخل خرجت سوسن من المطبخ واتجهت صوت الباب وفتحته فابتسم لها أمير وتنحنح قائلاً 

- مساء الخير
- مساء النور 

قالتها ثم انتبهت إلى وقوف وعد خلفه فشعرت بالقلق عليها وتابعت متسائلة 

- مالك يا وعد؟ 

شرعت أن تجيبها، لكن سبقها أمير حينما هتف: أنا الدكتور أمير

قاطعته قائلة بخوف: دكتور!!!! مالك يا قلبي؟ 

قالتها وهي تفتح ذراعيها إلى وعد فاقتربت منها وخبأت جسدها في صدر سوسن ثم تحدثت قائلة

- أنا كويسة، تعبت بس شوية ودكتور أمير ساعدني

ربتت سوسن على ظهر وعد وطبعت قبلة على خصلات شعرها ثم نظرت إلى أمير بامتنان

- ربنا يكرمك، أنا مليش في الدنيا غير وعد
- ده واجبي يا أمي، بعد إذنكم

استعد للمغادرة لكن أوقفه صوت سوسن: والله ما يحصل أبداً لازم تتغدى معانا

- بس 

قاطعته قائلة بصوت أقرب إلى الرجاء: يرضيك تكسر بخاطري 

حرك رأسه يميناً ويساراً كإشارة بالنفي ثم ارتسمت ابتسامة على ثغره فبادلته بأخرى وتابعت قائلة

- يبقى أتفضل

تنحت سوسن جانباً فدلف إلى الداخل وجلس على أقرب مقعد قابله، بينما دلفت وعد إلى غرفتها وأغلقت بابها ثم وقفت خلفه واضعة يدها على قلبها لتهدئ من نبضاته المتسارعة.... ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى غادرت الغرفة بعد أن أبدلت ثيابها، وتوجهت صوب المطبخ لتساعد سوسن، لكن الاخيرة نظرت إليها وهتفت

- خليكي مرتاحة وأنا هجهز كل حاجة 
- لا طبعاً هساعدك
- وبعدين يا وعد، اسمعي كلامي وارتاحي ولا أقولك أخرجي للضيف خليه يدخل يغسل أيديه

توردت وجنتي وعد وشعرت بحرارة تخرج منهما فأسرت سوسن ابتسامتها وتابعت قائلة 

- يلا يا بنتي 
- ح حاضر

غادرت المكان واقتربت من أمير على استحياء ثم وجهت نظراتها إلى الأرض وهتفت بصوت خفيض

- أتفضل أغسل أيديك

وصلت كلماتها إلى مسامعه لكنه قرر مشاكستها فترك مقعده ووقف أمامها ثم تحدث بجدية مصطنعة

- قولي تاني علشان ما سمعتش

ارتبكت بشدة وتراجعت خطوة إلى الوراء ثم أعادت خصلات شعرها خلف أذنها وكررت كلماتها بصوت مسموع، فخبئ ابتسامته ومضى معها إلى الحمام

*********

في ذات اللحظة  أوقفت نادين سيارتها داخل أسوار فيلا أمير، ثم ترجلت منها وهي عازمة على إخبار سلوى بما فعله معها بسبب تلك الخادمة كما أطلقت عليها... دلفت إلى الداخل وسألت الخادمة عن مكان سلوى فأخبرتها أنها بالغرفة فلم تتردد ولو لدقيقة وصعدت الدرج ثم اقتربت من الغرفة وطرقت بابها فأتاها صوت سلوى سامحاً لها بالدخول... استحضرت الدموع ثم أدارت مقبض الباب ودلفت إلى الداخل وهي تبكي وتنتحب فاندهشت سلوى وهتف بقلق

- في إيه؟ 
- أمير يا طنط زعقلي وكان عايز يضربني علشان الخدامة اللي ماشي معاها

جحظت عينيّ سلوى من هول ما سمعت ثم وضعت يدها على ثغرها لتكتم شهقاتها بينما ابتسمت نادين بخبث ولمعت عينيها بانتصار ثم رددت في نفسها

- لما نشوف أنا ولا الخدامة يا سيادة جراح القلب

ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة.. دائرة حقوق المؤلف

ذكرايات لا تموت/خولة بلال

February 10, 2019 0
ذكرايات لا تموت/خولة بلال