جوري ( الوردة الحمراء ) - الحكاية الثانية لثلاثية قدر النساء
الفصل الأول - بقلمي منى سليمان
* مشاعر *
بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ على خير
مواعيد النشر من السبت إلى الأربعاء الساعة ٥ عصراً
يقولون القدر يُرسل لنا في العمر حبيب ليكون العشق الأول والأخير، والحب الحقيقي فقط هو الذي يتخطى كل الصعاب..... فهل يتخطى عشقهم الصعاب، أم للقدر رأي آخر؟؟؟.....
****
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة انطلق صوت آلة التنبيه فاستيقظت فاطمة وغادرت فراشها لتذهب إلى غرفة ابنها الوحيد لكنها توقفت لتشاهد تساقط زخات المطر... اقتربت من شباك غرفتها وتذكرت زوجها الراحل فقد كان عاشقاً للمطر بقدر عشقه لها فارتسمت ابتسامتة على ثغرها ثم تنهدت باشتياق وغادرت وفي أقل من دقيقة تقدمت من صغيرها فاستيقظ على صوتها ومع ذلك لم يستطع فتح عينيه كعادته فقالت بصوت دافئ
- أدم يا حبيبي يللا أصحي أتاخرنا لسه قدامنا الطريق طويل لحد المطار
اعتدل أدم في جلسته ثم مط شفتيه بضجر وقال بغيظ: أنا مش قادر أقوم يا ماما عايز أنام روحي أنتي لوحدك
جلست فاطمة على حافة فراشه ثم أزالت الغطاء عن جسده وتحدثت بحدة مصطنعة
- يا ابني قوم ربنا يهديك هنتأخر وعمك أحمد تحت مستني في العربية
اعتدل في جلسته ثم فرك جبينه بأطراف أنامله وبعد دقائق قليلة من التفكير سألها ببراءة
- هما هيجوا يعيشوا معانا في العزبة ليه هما مالهمش بيت يعني ؟
- ما هو ده بيتهم برضو والعزبة دي بتاعت باباك وأعمامك، أنا وباباك أتجوزنا وعيشنا مع أختي أحلام وعمك أنور في البيت ده علشان يراعوا العزبة، وكان عمك أحمد وماجدة وقتها عايشين في القاهرة وبيجوا زيارة كل فترة وكان معاهم سعد عمر سنتين تقريباً، بس لما حملت فيك خالتك أحلام سافرت مع عمك السعودية وبقالهم حوالي عشر سنين هناك، قالوا هيجوا كل سنة شهر واحد بس وما جوش من ساعة ما خالتك ولدت جوري وأهي جوري دلوقتي عندها تقريباً تسع سنين
قالت فاطمة كلماتها وهي تساعد طفلها على إبدال ثيابه، لكنه لم يتوقف عن التساؤل فكانت تبتسم على براءته تارة، وتعقد بين حاحبيها لفضوله تارة أخرى، وبمجرد أن انتهت من مساعدته اعتلى الفراش وتابع
- طيب هما ليهم بيت في القاهرة زينا؟
- أيوه يا لمض العمارة كلها بتاعت باباك وعمامك الاثنين وكل واحد ليه شقه وباقي الشقق اتباعت من سنين
- طيب ليه ما نروحش نعيش هناك زي الاول، أحسن من العزبة؟
رفعت فاطمة أحد حاجبيها ورمقت أدم بنظرة اندهاش وتساءلت في نفسها متى كبر صغيري وأصبح كثير السؤال؟، ابتسمت بسعادة ثم اقتربت منه وضمته إلى صدرها قائلة بحنان
- لما تكبر وتبقي راجل وتقدر تاخد بالك مني هنرجع نعيش هناك
- طيب هيرجعوا ليه بقي؟
- علشان عمك أتوفى ومش هينفع يعيشوا لوحدهم
ابتعد الصغير عن صدر والدته ثم اعتلى الفراش مرة أخرى وأخذ يقفز فوقه وهو يردد بسعادة
- أكيدجوري هتيجي معاها، صح؟
ابتسمت فاطمة على حال طفلها ثم قررت مشاكسته فأجابته بمشاكسة: لا يا حبيبي خالتك هتسيبها في الشارع قبل ماتيجي
جحطت عينيه وهو يكاد لا يصدق ما سمعه فاختفت نظرة السعادة التي كانت تسكن مقلتيه منذ لحظات وحل مكانها نظرة حزن تبعها سؤال نابع عن خيبة أمله
- ليه هترميها؟ دي في الصور حلوة أوي وكنت هقولك جوزيهالي لما أكبر
انفجرت فاطمة ضاحكة حينما وصلت كلمات طفلها البرئ إلى مسامعها، ثم جذبيته إلى صدرها وطبعت قبلة على خصلات شعره وأخبرته أن حديثها مجرد دعابة فبادلها العناق بعد أن أخبرها بمقدار حبه لها فشددت في احتضانه ثم ابتعدت وغادرت الغرفة لتبدل ثيابها.. وبعد مرور عدة دقائق غادر أدم برفقة والدته وعمه إلى مطار القاهرة لاستقبال أحلام وابنتها جوري...
في ذلك الوقت كان أدم يبلغ من العمر عشر سنوات وجوري تسع، توفي والد أدم منذ ما يقارب السبع سنوات في حادث سير بينما توفي والد جوري منذ شهرين جراء هبوط مفاجئ بالدورة الدموية ودُفن بالسعودية فقررت زوجته العودة لتبقى بالقرب من شقيقتها
*****
بالطائرة...
جلست الصغيرة على المقعد المجاور لوالدتها وهي تشعر بالخوف فربتت أحلام على كفها الصغير لتطمئنها فبادلتها جوري بابتسامتها الأسرة للقلوب وتساءلت ببراءة
- ماما هو أدم هيلعب معايا؟
مسدت أحلام بباطن كفها على خصلات شعر طفلتها وأجابتها بحنان: طبعا يا قلبي هيلعب معاكي ولمياء وسعد ولاد عمك أحمد كمان هيلعبوا معاكي
- وهنفضل هناك على طول؟
- أه يا روحي هنعيش معاهم على طول
- طيب
قالتها الصغيرة ثم أسندت رأسها على ذراع والدتها وغفت في أقل من دقيقة فتأملتها أحلام لدقائق وهي تشعر بالحسرة لرحيل حبيبها وسندها في الحياة كما حدث مع شقيقتها فاطمة
****
بعد مرور ساعتين وصل أدم إلى مطار القاهرة وجلس إلى جوار ووالدته في انتظار الطفلة التي طالما تمنى رؤيتها... وما هي إلا دقائق حتى رآها تقترب فابتسم وترك مقعده ثم تقدم منها وتحدث ببراءة
- أنتي أحلى من الصورة
- أنت أكيد أدم، أنا بشوف صورتك كل يوم
ابتسمت أحلام واقتربت من أدم وضمته إلى صدرها ثم ابتعدت عنه وألقت بجسدها في صدر شقيقتها وانهمرت دموع كل واحدة منهن كالشلال فتحدث أحمد بثبات بالرغم من رغبته هو الأخر في البكاء
- وبعدين معاكم كده العيال هتخاف
- أزيك يا أحمد؟
- أنا بخير، مصر نورت ومن النهارده جوري بنتي وزي ما ربيت أدم هربيها
تمسك أحمد بثباته وهو يتحدث بالرغم من الألم الساكن بداخله فقد رحل شقيقيه بدون وداع وترك كل واحد منهما أسرته لذلك أقسم أن يرعى أدم وجوري كما يرعى أولاده
*****
غادروا جميعاً مطار القاهرة الدولي واستقلوا السيارة عائدين إلى العزبة الخاصة بالعائلة فجلس أدم إلى جوار جوري وتبادلا أطراف الحديث لدقائق
- من النهارده هتفضلي معايا على طول وهنلعب سوا وهتروحي المدرسة معايا كمان
- ماشي، أنا معايا شيكولاته تاخد؟
- لا كليها أنتي كلها
بدأت جوري في تناول الحلوى فمالت أحلام على شقيقتها وقالت بصوت خفيض
- ابنك طالع شقي زي أبوه الله يرحمه، ربنا يخليهولك
- ويخليلك جوري وأعملي حسابك أنا حجزت
- وأنا موافقة
****
في صباح اليوم التالي استيفظت جوري على صوت الحمام الواقف على شباك غرفتها فتركت فراشها واتجهت صوب الشباك وأخذت تتأمل جمال الطبيعة، وما أن تساقطت الأمطار تركت غرفتها واتجهت صوب حديقة البيت وأخذت تدور حول نفسها في سعادة... رآها أدم من شباك غرفته، فترك غرفته هو الأخر وهبط الدرج وخلال لحظات غادر المنزل كالإعصار وجذبها من يدها ثم. أدخلها إلى المنزل ووضع عليها الغطاء الذي أحضره من غرفته حتى لا تصاب بالزكام
- أنتي يا مجنونة تتعبي
- مش مهم، أنا بحب المطر أوووووي
- أطلعي غيري هدومك علشان أوديكي بيت عمي، ماما وخالتي هناك
- حاضر
صعدت الصغيرة الدرج واتجهت صوب غرفتها وهي مبللة بالكامل فأبدلت ثيابها وعاد إلى أدم ثم مضت معه إلى منزل العم أحمد، وهناك قابلت لمياء ابنة عمها وشقيقها الأكبر سعد
- أنا جوري
- وأنا لمياء
- ممكن نبقى أصحاب؟
- لا نبقى أخوات
- ماشي موافقة، تعالي نلعب
مضت جوري برفقة لمياء تاركة أدم فتابعها بعينيه حتى اختفت تماماً... فبالرغم من عمره الذي لا يتعدى العشر سنوات، إلا أنه شعر بالمسئولية تجاه وردته الحمراء التي تمنى رؤيتها منذ سنوات
***
في القاهرة....
تحديداً داخل أحد القصور الفخمة، تململت فاتن صاحبة الثلاثة عشر عاماً في فراشها بكسل ثم اعتدلت في جلستها وضغطت الزر الموضوع إلى جوار فراشها... وخلال دقائق قليلة دخلت الخادمة وكادت أن تتحدث، لكن سبقتها فاتن وسألتها بحدة وصوت عال
- أنتي يا زفتة أتاخرتي ليه؟!!
- أنا كنت
قاطعتها فاتن عندما رفعت كفها في الهواء لتأمرها بالتوقف وثم تحدثت بحدة
- أخرسي وما تقرفنيش على الصبح، وغوري جهزيلي الحمام وخلي الشوفير يجهز العربية علشان رايحه النادي
- والمدرسة؟
- وانتي مال أهلك، غوري أعملي اللي قولت عليه جتك القرف
غادرت الخادمة وهي تكتم دموعها بصعوبة ثم أتجهت صوب الحمام وجهزت ما أمرت به تلك الطفلة المتعجرفة، وبمجرد أن انتهت، دلفت إلى المطبخ وانفجرت دموعها كالشلال، فربتت الخادمة الأخرى على كتفها وقالت بحنان
- معلش عيله ومش فاهمه
- كل يوم إهانة وقرف
- زي أمها بالظبط، بس الأستاذ فريد طيب مش زيهم خالص
- أنا هسيب الشغل
- أعقلي عندك بيت مفتوح، وأنا هكلم الاستاذ فريد يعقلها لكن تسيبي الشغل مستحيل
حركت الخادمة رأسها كإشارة بالموافقة ثم مسحت دموعها وغادرت المطبخ متجهة إلى الخارج لتطلب من السائق تجهيز السيارة
***
بعد مرور عدة أيام التحقت جوري بالمدرسة التي يرتادها أدم وكذلك لمياء وسعد وتحمل أدم مسئولية وردته الحمراء منذ اليوم الأول، فأصبح يخشى عليها من نسمات الهواء وكان يحميها من نظرات الجميع.... ضُرب لأجلها عدة مرات وتشاجر بسببها أيضاً عدة مرات فلم يكن يسمح لأي صبي بالاقتراب منها وكأنها ملكيته الخاصة والوردة الوحيدة في بستان قلبه...
بمرور الأيام والسنوات لم تتبدل مشاعر أدم بل زاد ارتباطه بجوري فأصبحت تشعر في قربه فقط بالأمان...
****
يا أجمل زهرة في بستان قلبي...
لا تتهميني بالجنون يا كل عمري...
فحبيبكِ من النسمة الملامسة لخصلاتكِ يغار...
وعلى استعداد تام لقتل أحدهم وقد اخلف الدمار...
ردد أدم تلك الكلمات في نفسه وهو ينظر إلى الصبية الفاتنة التي لم تتحدث إليه طوال الطريق فأمر السائق بالتوقف ثم نظر إليها وقال بهدوء
- تعالي ننزل شوية نتمشى
- لا
قالتها دون أن تنظر إليه ثم تابعت: أطلع يا عمو مجدي على البيت
كاد السائق أن ينطلق ولكن سبقه أدم عندما قال امراً: ما تتحركش يا عم مجدي
نظر إلى مُدللته الغاضبة ودون أن يشعر لمس أطراف أصابعها بأطرافه فنظرت إليه بغضب بعد أن سحبت يدها إلى الخلف فابتسم على فعلتها وأردف
- أنزلي بقى بلاش رخامة
ترجلت من السيارة وأغلقت الباب خلفها بعنف فحرك رأسه يميناً ويساراً على جنونها ثم لحق بها بعد أن طلب من السائق الانصراف، وجلس إلى جوارها دون أن يتفوه ولو بكلمة فقط جلس يراقب ملامحها التي عشقها على مدار السنوات الماضية، كم يعشق براءتها واحتفاظها بطفولتها، كم يذوب عشقاً في غضبها وجنونها وأفعالها الغير متوقعة دائماً... بدأ يتذكر كيف مرت السنوات سريعاً وكيف نضجت الوردة الحمراء وأصبحت فتاة ساحرة يتمناها الجميع، وضع يده أسفل ذقنها وأدار وجهها إليه وقبل أن تُبعد يده كعادتها سبقها ورمقها بنظرة عشق لم ترى مثلها في عينيه من قبل، فلم تكبر جوري فقط بل كبر العشق الساكن بقلبه وقلبها، لكن منعها الخجل من الاعتراف بذلك فقررت أسر مشاعرها وفضّلت الانتظار حتى يصارحها بمشاعره
- جوري
- نعم
- هو أنا قولتلك قبل كده إني بحبك
ما أن وصل اعتراف الحب إلى مسامعها، اتسعت ابتسامتها وتسارع نبض قلبها فرحاً فشعرت بربيع عشق يسري بين ثنايا قلبها... ولم تقل سعادة أدم عن سعادتها، ومع ذلك قرر مشاكستها فهتف بصوت رجولي
- هاه يا بنت الناس قولتلك ولا لا؟
ابتسمت الجميلة مرة أخرى ثم استردت أنفاسها وقررت مبادلته المشاكسة، فوضعت يديها في منتصف خصرها وتحدثت بطريقة طفولية
- لو سمحت ما تتكلمش معايا، أنا أصلاً مش طيقاك
- أهون عليكي؟
- اه تهون عادي، لما تزعقلي قدام أصحابي يبقى تهون وكمان كنت هتضرب زميلي
قالت كلماتها بغضب ملحوظ فتنحنح قائلاً: خلاص ما تزعليش، بس أنا قولتلك قبل كده ما تتكلميش مع ولاد، بنات وبس
- يا سلااااااام ما أنت بتكلم بنات ولا حلال ليك وحرام عليا
- بت أنتي ما تعصبتيش، أنتي بتاعتي أنا وبس
رفعت أحد حاجبيها بغضب فعلم أن قطته الشرسة على وشك إخراج مخالبها فقرر امتصاص غضبها وتابع بصوت دافئ
- أنتي حبيبتي أنا وبس
نست جوري غضبها وتجددت ابتسامتها الساحرة فبادلها بغمزة من عينه اليسرى وعاد ليشاكسها
- ما قولتيش، قولتلك قبل كده أني بحبك ولا لا؟
- اه طبعا قولتلي قبل كده كتيرررررررر
رفع أدم أحد حاجبيه واصطنع عدم الفهم ثم تساءل بجدية مصطنعة
- أمتى ده، دي تلاكيك بقي أنتي ما صدقتي ولا إيه؟
شعرت جوري بالخجل ومع ذلك قررت تحدي نفسها فاستجمعت شجاعتها وأجابته بذات المشاكسة
- واتلكك ليه؟!! أصلاً كلك على بعضك كده بتاعي وملكي أنا بس ومكتوب على اسمي من يوم ما جيت الدنيا، ولا جنابك ليك رأي تاني؟
بدأت كلماتها مازحة وانتهت غاضبة فابتسم ادم على برائتها ثم اقترب منها وضمها إلى صدره بحنان، وظلا هكذا لعدة دقائق تبادلا خلالها نبضات العشق ثم أبعدها عنه ونظر إلى عينيها قائلاً بصوت دافئ
- أوعدك تكوني أول وأخر واحده تدخل قلبي
- وأنا أوعدك أدخل وأقفل ورايا الباب ب100 مفتاح ومليون ترباس وأحط باب حديد مصفح وأكهربه كمان
ابتسم من جديد على جنونها ثم ضربها بخفة على رأسها فتأوهت كمشاكسة له، لكنه لم يهتم وتحدث بجدية
- يللا يا لمضه نروح زمانهم مجهزين الغداء
- أدم أوعدني ما تسبنيش أبدا مهما كانت الظروف، بكرة تروح الجامعة وتحب واحدة تانية وتنسانى
- أقسم بالله هبله، قومي يا بت بدل ما أحدفك بطوبة في دماغك
مطت مُدللته شفتيها بضجر ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وعبست بشده فأسر ضحكته بصعوبة ثم أردف مازحاً
- لو فضلتي زعلانه هصالحك، خافي مني
قالها ثم غمز لها فخجلت بشدة وسيطرت حمرة الخجل على وجنتيها فما كان منه إلا إنه جذبها مرة أخرى إلى صدره وهمس في أذنها
- أوعدك عمري ما أسيبك مهما كانت الظروف
****
في القاهرة....
دلفت فاتن إلى غرفتها وجلست على المقعد أمام المرآة لتضع الكثير والكثير من مساحيق التجميل كعادتها قبل الانطلاق للسهر برفقة صديقاتها ولكن قاطعها صوت رنين هاتفها فزفرت بضيق وأجابت قائلة
- وبعدين يا ميدو، قولتلك ما تتصلش تاني
- تونا أنا بحبك
- وأنا ما بحبكش ولا أنت من مستوايا أصلاً، أنت يادوب حتة مدرس في المدرسة اللي كنت فيها، أنا حالياً في الجامعة الأمريكية ومعتقدش أني هبص ورايا فياريت تنساني وكفاية تلات سنين بتجري ورايا الصراحة زهقت وممكن أخلي دادي يزعلك
- بس أنا بحبك
- دي مشكلتك مش مشكلتي، باي
قالت كلماتها الأخيرة ببرودها المعتاد وعجرفتها التي لازمتها طيلة سنوات عمرها العشرون ثم ضغطت زر إنهاء المكالمة وعادت لتكمل زينتها
***
في الريف.....
مضت جوري برفقة أدم وتشابكت أيديهما، وما هي إلا دقائق حتى عادا إلى المنزل وكانت فاطمة في انتظارهما فاقتربت منها جوري وطبعت قبلة رقيقة على وجنتها
- وحشتيني يا طمطم
- وأنتي كمان وحشتيني يا عين طمطم بس كان لازم أسافر وأجهز لأدم الشقة وجبتله العربية اللي واقفه بره علشان يسافر براحته
اقترب أدم من والدته وطبع على يدها قبلة حانية ثم عانقها وقال بهدوء
- ربنا يخليكي ليا يا ست الكل
- بكرة هتسافر علشان الجامعة وتنسانا يا باشمهندس
- انتوا إيه حكايتكم النهارده، كل واحدة تقولي هتسافر وتنساني
ما أن وصلت كلماته إلى مسامع فاطمة، اندهشت ثم وجهت نظراتها إلى جوري فابتسمت الاخيرة ببلاهة ثم صعدت الدرج بسرعة لم تعتادها من قبل، حتى أنها كادت أن تسقط عدة مرات فضحك أدم بجنون ثم تحدث مازحة
- كسفتي البونية يا طمطم
- بتحبها يا واد؟
- بحبها أووووووي
- خد شهادتك وهجوزهالك
- هاخد شهادتي وجوزيهالي وما تنسيش الوعد اللي وعدتهولي
زفرت فاطمة بضيق ثم قالت بغيظ: مفيش فايدة فيك
- يا أمي أنا دخلت هندسة علشان أريحك، لكن أنا نفسي أبقى ممثل
- ماشي يا أدم خلص الجامعة وبعدها ربنا يسهلها
- أحبك يا فطوم
طبع قبلة على وجنة والدته ثم تركها وصعد الدرج وهو يطلق صفيراً عالياً فتابعته فاطمة بعينيها حتى اختفى تماماً فتمتمت في نفسها
- ربنا يهديك يا ابن بطني وتبطل موال التمثيل
ممنوع النقل أو الاقتباس، الرواية مسجلة بالملكية الفكرية التابعة لوزارة الثقافة... دائرة حقوق المؤلف
No comments:
Post a Comment